الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول التمسك بالأصل إذا لم يعارضه قاطع وهو أنه لو كان حقيقة لكان المؤمن المذكور كافرًا ومؤمنًا حقيقة والمعتق عبدًا وحرًا حقيقة فيرث ولا يرث ويقبل شهادته ولا يقبل إلى غير ذلك من الفساد ولكان أكابر الصحابة كفارًا حقيقة فلم يصح (ليسوا بكافرين) لغة وقد صح بدليل تخطئة اللغوي قائله ولا تغفل عن النكتة وبهذا لا يرد أن عدم صحته شرعي لتعظيمهم فعلم أن الكل مجازًا إما المؤمن في مثل النائم فأما مجازًا وباعتبار أن العقيدة تكون ملكة أو أعطاه الشرع حكم البقاء ما لم يعارضه قاطع لحكم لا تحصى.
وثالثًا: ويصلح للمفصلين أن بقاء المعنى لو اشترط لم يكن مثل مخبر ومتكلم حقيقة
لأن أجزائه حروفٌ تنقضى شيئًا فشيئًا، ولا يجتمع في حين فكيف يبقى معناه.
وجوابه: أن الأجزاء المتعاقبة من أواخر الماضي وأوائل المستقبل عدت حالًا لا الآن المختلف في وجوده فكل مباشرة لم يتخلل بينهما ما يعد عرفًا تركا لها واقعة في الحال إذ لو اعتبر الآن لم يكن أكثر أفعال الحال مثل يضرب ويمشي من مكة إلى مدينة ويكتب القرآن أو فعل الحال مما ذكروه نحو يخير ويتكلم حالا والإجماع يبطله ولئن سلمنا فلا نم اشتراط بقاء المعنى بتمامه بل بقاء جزء منه كما في المصادر السيالة كاف.
وللقائلين بالتفصيل معنى آخر وهو أن المشروط البقاء فيما أمكن وهاهنا متعذر بخلاف ما مر فإن الكافر في الصحابة مجاز بعدم بقائه ممكنًا والمؤمن في النائم حقيقة لبقائه شرعا.
تتمة: هذا النزاع في نحو الضارب أما تسميته بنحو اسم الفاعل حقيقة في أي زمان تحقق معناه لأنه اسم من مصدر عنه الضرب مطلقًا والحكم بالأعمال وعدمه مبني عليه وما قال المنطقيون من أن صدق عنوان الموضوع في أحد الأزمنة بالفعل الحقيقي أو الفرضي أو بالإمكان كاف أمر تعارفوه لتحقيق الكلية لا تعلق له بوضع اللغة فإسناد القول بالحقيقة في الماضي إلى ابن سينا مستدلًا بما ذكر في تحقيق المحصورات سهوٌ وإلا لكان حقيقة في المستقبل أيضًا وهو خلاف الإجماع.
المبحث الثالث
في أن اسم الفاعل لا يشتق لشيء باعتبار فعل يقوم بغيره (1) خلافًا للمعتزلة (2) ولهم
(1) بل يجب بمقتضى اللغة إطلاق ذلك المشتق على الذي قام به، لأنا استقرأنا اللغة فوجدنا الأمر كذلك. انظرا المحصول للرازي (1/ 91)، نهاية السول للإسنوي (1/ 91).
(2)
اعلم أن المعتزلة لم يصرحوا بهذا الخلاف وإنما لما نفوا عن الله تعالى صفاته الذاتية كالعلم والقدرة ووافقوا على أنه عالم قادر مثلًا لكن بذاته لا بصفات زائدة عليها ألزمهم أهل السنة بأنهم قائلون =
قولان يشتق من فعل يقوم بنفسه فالله مريد بإرادة قائمة بنفسها ويشتق باعتبار ما يقوم بثالث فإنه متكلم بكلام بجسم يخلقه فيه كجبريل وهو محل النزاع ها هنا وإنما يذهبون إليه إذا ثبت الإنصاف به وامتنع القيام فلا يرد أنه لو صح لزم أن يكون الله تعالى أسود ومتحركا وغيره لخلقها، لنا الاستقراء ولهم دليلان:
1 -
صحة قاتل وضارب منع أن القتل والشرب أثر حاصل في المفعول أي عند الأشاعرة فهو الرامي. وجوابه منع أن التائير عين الأثر فإن العينية في الوجوه لا تنافي الغيرية في المفهوم المعتبرة في وضع اللغة كما يسمى إضاءة واستضاءة بالاعتبارين والموجود الضوء ليس إلا وليس هذا اختيارا لمذهبهم كما ظن.
2 -
إطلاق الخالق باعتبار الخلق الذي هو عين المخلوق لأن التكوين عين المكون عند الأشاعرة إذ لو كان غيره لكان التأثير فلو قدم كما قالت الحنفية قدم العالم لوجوب وجود المعلول عند وجود الموجد وقدرته وتعلقها والتخلف عن الموجب بط وهذا لا ينافي كون الموجد في نفسه فاعلًا بالاختبار وإن حدث كما قالت الأشاعرة احتاج إلى تأثير آخر ولزم التسلسل فهذا أيضًا الرامى إذ المعتزلة يجوزون تأخر الأثر عن التأثير قولًا بأن مقتضى التأثير بالاختيار جواز تراخي الأثر عنه لا لعلة كما أن مقتضاه بالايجاب عدم جوازه لا لعلة وجوابه من وجهين:
1 -
أن الخلق يقوم بنفسه لأنه إما جواهر تقوم بنفسها وإما أعراض تقوم بها فالكل يعد قائما بنفسه لعدم قيامه من حيث هو يغير المجموع فهو غير محل النزاع لأنه ما يقوم بثالث وتمثيله بالجسم الذي يعد قائما بنفسه مع أن بعض أجزائه وهو الصورة قائم بغيره وهو المهبولي عند من يقول بهما إنما يناسبه أو أريد بالخلق المجموع المنقسم إلى أجزائه الجواهر والأعراض انقسام الجسم إليهما لا كل من جزئياته وهو الحق لأن المشتق له هو الخلق مطلقًا لا قتل زيد وضرب عمرو ومعناه أن إسنادهما إليه خلقًا باعتبار اندراجهما تحت خلق المجموع لا من حيث هما ولكون الدليل الزاميًا خرج الجواب على مذهب الأشاعرة لأن المعتزلة قائلون بأزلية القنوات وإن المخلوق الوجودات الزائدة أو انصافها بها وهما قائمان بالغير والمنبع لا يجب كونه على وفق مذهب المستدل.
= بجواز اشتقاق اسم لمن لا يقوم به للوصف.
انظر/ حاشية الشيخ بخيت على نهاية السول (2/ 98 - 99).