الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للازم. وثانيًا: أن السواك مندوب إليه وليس بمأمور به لقوله عليه السلام "لولا أن أشق على أمتي" الحديث ولأن المندوب لا مشقة له والمأمور به فيه مشقة بالحديث لا يقال المعصية مخالفة أمر الإيجاب والمعنى أمرتهم أمر إيجاب لأن كلا منهما خلاف الظاهر قالوا أولًا المندوب طاعة إجماعًا وكل طاعة مأمور بها إذ ليست هي ما هو مرادًا لله فقد يريد العصيان بل ما أمر به قلنا الحصر ممنوع بل هي فعل المطلوب الأعم من الجازم والراجح وثانيًا ينقسم إلى أمر إيجاب وندب لغة اتفاقًا ومورد القسمة مشترك، قلنا انقسامه مرادًا به (أم ر) لا نعلم الاتفاق فيه ومرادًا به استعمال مدلوله وهو الصيغة لا يفيد فإن الانقسام قد يكون إلى الأقسام المجازية كما إلى خمسة عشر أو أكثر.
2 -
أنه ليس تكليفًا إذ لا يوجب مشقة والتكليف إلزام ما فيه كلفة خلافًا للأستاذ فإن التكليف طلب ما فيه كلفة وفعله لتحصيل الثواب سياق لأنه ربما يخالف المشتهى فالنزاع لفظي إما وجوب اعتقاد ندبيته فأمر آخر.
وللكراهة أحكام
الأول: أن النهي حقيقة فيها لأن ترك المكروه طاعة بناء على أن النهى عن الشيء أمر بضده أو مستلزم له عندهم ولأنه ينقسم إلى نهى تحريم ونهي كراهة والحق خلافه كما مر.
الثالث: إنها ليست تكليفًا إذ لا إلزام فيها أو تكليف لأن في تركه لتحصيل الثواب كله كما مر.
الثالث: أن المكروه قد يطلق على الحرام نحو نكره في الأوقات المكروهة صلاة أو كما قال الشافعي صلاة لا سبب لها وعلى ترك الأولى نحو ترك صلاة الضحى مكروه.
وللإباحة أحكام
الأول: المباح يراد فيه الجائز ويطلق أيضًا على معان أربعة:
أ- مالًا يمتنع شرعًا أي لا يحرم فيتناول غير الحرام نحو يجوز الصلاة في الدار المغصوبة فهو أعم من الأول.
ب- إلا يمتنع عقلًا وهو الممكن العام الموجب فيتناول غير الممتنع فهو أعم من الأول مطلقًا ومن الثاني من وجه لافتراقهما في جمع النقيضين وشرب قطرة من الخمر كقولهم المخلوف عليه أن امتنع عادة نحو ليتصعدن السماء انعقدت وحنت في الحال وإن حاز فإن وجب تجولًا بصعده لا ينعقد وإلا انعقدت وأمكن بره وحنثه.
ج- ما استوى الفعل والترك في عدم حرمته سواء سؤاهما الشارع بتعلق خطاب التخيير كالمباح أو العقل أو لم يتعلق به خطاب أصلًا كفعل الصبي وكل غير مكلف وهو أعم من الأول وأخص من الثاني مطلقًا ومن الثالث من وجه.
د- المشكوك فيه لاستواء الطرفين شرعًا أو عقلًا في نفس المجتهد لا في حكم الشارع ونفس الأمر أو لعدم الامتناع شرعًا أو عقلًا كذلك ويشتمل على أربعة أوجه:
1 -
ما تعارض فيه دليلان شرعيان ولا ترجيح فيخبر المفتي والمنفي كما أن للشافعى في عبد غاب أثره وانقطع خبره أعتق عن كفارة قولين الأجزاء باستصحاب وجود العبد وعدم الأجزاء باستصحاب شغل الذمة والمباح ما دل دليل واحد على إباحته لا دليلان متقابلان.
2 -
ما تعارض فيه ذلك عقلًا عنده.
3 -
ما دل عليه دليل شرعي ولم يظهر امتناع عدمه الذي في نفس الأمر عند المجتهد كما فتى الإِمام بوقوع الطلاق إذا قال لجماعة فيهم زوجته طلقتكم لمصادفة الصريح محله وقال الغزالي في النفس منه شيء أي لا أجزم بوقوعه وعدمه لا يمتنع وبينه النووي رحمه الله بأن ما يقع ما يقصد به رفع عقد النكاح.
4 -
ما لم يظهر عقلًا امتناع عدمه عنده.
الثاني: أن الإباحة حكم شرعي كسائر الأحكام فلا إباحة قبل البعثة وفيما لا دلالة شرعية عليها نعم عدم المدرك الشرعي مدرك شرعي في مباح الأصل عند البعض كما مر وهذا يشتمل على مقامين:
أ- أن الاختياريات التي يدرك العقل عدم المصلحة والمفسدة فيها ولم يتعلق خطاب فمباحة عند جميع المعتزلة لحكم العقل بعدم الحرج في الطرفين.
ب- التي لم يدرك العقل اشتمالها عليهما وعدمه فمباحة عند بعضهم لعدم الحرج في طرفيها لا عند معتزلة بغداد لعدم حكم العقل وتوقف الصبر في منهم كما مر في ثانية مسألتى التنزل وعندنا ليس شيء منها مباحًا والنزاع مبني على أن الإباحة ما عدم الحرج في طرفيه مطلقًا كمذهب البصرية أو ما حكم بعدمه عقاد فقط كالبغدادية أو شرعًا كمذهبنا.
الثالث: أن المباح ليس بمأمور به (1) خلافًا للكعبي (2) وربما يعبر عنها بأن الواجب لا يجوز تركه خلافًا له وفيه بعض تفضيل ربما يعقل عنه فلا يتحرر المبحث ولذا يسند الخلاف إلى بعض الخلاف إلى بعض الفقهاء أيضًا لا يجوز ترك مثل الحائض والمريض والمسافر الصوم مع وجوبه عليهم لتحقق السبب ولذا يجب القضاء فيحتاج إلى الجواب بأن الشيء قد لا يترتب على موجبه لمانع وبأن وجوب القضاء لتسند إلى سبب الوجوب لا وجوب الأداء كمن نام في جميع الوقت والحق أن الواجب لا يجوز تركه عندهم لكن على حسب الوجوب فبمعنى ماله نفس الوجوب أو سبب الوجوب على المذهبين لا يجوز ترك قضائه فيأثم به وقد يجوز ترك أدائه فلا يأثم به وبمعنى ما له وجوب الأداء لا يجوز ترك أدائه وقضائه فيأثم بهما فلهذا اخترنا العبارة الأولى.
لنا أن الأمر طلب فيستلزم ترجيح متعلقة وله أن كل مباح ترك حرام أو هو موقوف عليه فالسكوت ترك للقذف والسكون ترك للقتل وكل ترك حرام فهو واجب أو مقدمة له.
وقيل: الدعوى والليل في مصادمة الإجماع على أن الفعل ينقسم إلى الواجب والمباح فلا يسمعان.
وأجيب بأن الإجماع يؤول بذات الفعل جمعًا بينهما ولامتناع في كونه مباحًا لذاته واجبًا لما يستلزمه ككونه واجبًا وحرامًا باعتبارين ثم أورد على الدليل بوجهين:
1 -
أنه منع مقدمة الواجب فالسكوت مثلًا غير متعين لترك القذف لإمكان تركه بكلام آخر وأجيب بأن غايته أنه واجب غير فثبت أصل الوجوب ورد بأن المخير يكون بين أمور معينة وهذا بظاهره كلام على السند لكن لإمكان إلحاقه بأصل الدليل بالترديد، أجيب عنه بأن التعين مرادًا به الشخصي خلاف الإجماع كما في خصال الكفارة والنوعي حاصل لأنه اختياريًا إما واجب أو مندوب أو غيرهما واضطراريًا إما حركة أو سكون.
ورد بأن المعتبر تعيين الشارع حقائقها وتمييز كل منها بما يخصه كالصوم والإعتاق مثلًا لا بالأعراض العامة وأجيب بأنه حاصل لأن الشارع عين كل نوع من الفعل والفقهاء دونهما والتعبير بالأعراض العامة للاغناء عن التفصيل المعلوم لا للجهل.
(1) ونقل الشيخ سيف الدين الآمدي اتفاق الفقهاء قاطبة على ذلك. انظر / إحكام الأحكام للامدي (1/ 177).
(2)
وأتباعه من المعتزلة. انظر / إحكام الأحكام للامدي (1/ 177).