المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وضع إبراهيم إسماعيل عليهما السلام وأمه هاجر بمكة حرسها الله تعالى - فضائل مكة - الجندي

[أبو سعيد الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌الفصل الأول: نبذة مختصرة عن أشهر المصنفات التي تحدثت عن مكة المكرمة شرفها الله

- ‌وقد ورد ذكرها في القرآن العظيم في عدة مواطن:

- ‌الفصل الثانيأهمية الكتاب

- ‌الفصل الثالثالمنهج المتبع في تحقيق الكتاب

- ‌الفصل الرابعترجمة المصنف

- ‌الفصل الخامستوثيق نسبة الكتاب

- ‌أولا: ذكر من حدث بالكتاب وذكر إسناده إليه:

- ‌ثانيا: ذكر من نسب كتاب فضائل مكة لمصنفه:

- ‌ثالثا: النقولات من الكتاب:

- ‌الفصل السادسفي ترجمة شيوخ الجندي الذين روى عنهم في كتابه هذا

- ‌الفصل السابعفي ترجمة رواة الكتاب عن المصنف

- ‌الفصل الثامننماذج من النسخة الخطيةالورقة الأولى من المخطوط:

- ‌بسم الله الرحمن الرحيموصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما:

- ‌باب التسبيح والتقديس والتحميد لله عز وجل في الطواف

- ‌باب رد السلام في الطواف وتنزل الرحمة على أهله

- ‌باب فضال النظر إلى الكعبة من غير طواف ولا صلاة

- ‌باب إحصاء الطواف والصلاة خلف المقام وفضل ذلك

- ‌باب فضل الصامت الذاكر لله كثيرا في طوفه

- ‌باب الاستكثار من الطواف ومن تلاوة القرآن وفضل الركن الأسود

- ‌باب ما جاء في الحجر الأسود واستلامه والقول فيه

- ‌باب البكاء في الْمُلْتَزَمِ وهو بين الركن والمقام والباب

- ‌باب تقبيل الحجر والدعاء عنده والاستجابة عند الدعاء

- ‌باب قبور عَذَارَى بني إسماعيل وهود وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام

- ‌باب من أثر رضا الله عز وجل على جميع الأحوال وأين أهبط آدم عليه السلام

- ‌باب طواف رسل الله تعالى حول البيت إعظاما له

- ‌باب رفع الكعبة يوم القيامة إلى بيت المقدس وتوبة آدم

- ‌باب ذكر وحشة آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض ولم ير فيها إنسيا

- ‌باب فضل الصلاة في المسجد الحرام وغير ذلك

- ‌باب فضل مكة والصبر على لأوائها والمقام

- ‌باب فضل شهر رمضان بمكة على غيرها وغير ذلك

- ‌باب ما وضع بمكة من البركات في اللحم والماء وغير ذلك

- ‌باب كسوة البيت الحرام وكيف بنا إبراهيم عليه السلام

- ‌باب وضع إبراهيم إسماعيل عليهما السلام وأمه هاجر بمكة حرسها الله تعالى

- ‌باب عظم الخطيئة على صاحبها بمكة دون سائر البلدان

- ‌باب فضل الحج وثواب الله عليه وغير ذلك

- ‌باب فضل العمرة في شهر رمضان والصبر على لَأْوَاءِ مكة

- ‌باب القول في الطواف والأفاق التي فيها يستحب الطواف

- ‌باب فضل من مات بمكة وفضل مقبرة مكة

- ‌باب فضل دخول البيت ودعاء يوم عرفة وغيره

- ‌باب من أضحى نفسه لله تعالى يلبي محرما إلى أن تغرب الشمس

- ‌باب كيف كان البيت قبل هبوط آدم عليه السلام

- ‌باب فضل الركن اليماني وقد تقدم الركن الأسود

- ‌باب الطواف للذي قد قرن الحج والعمرة والسنة في ذلك

- ‌باب تذهب اللذات وتبقى التبعات إلى يوم القيامة

- ‌(ملحق)

- ‌ملحق بالأحاديث المستدركة على الناسخمما لم نجده في نسختنا الخطية

الفصل: ‌باب وضع إبراهيم إسماعيل عليهما السلام وأمه هاجر بمكة حرسها الله تعالى

‌باب وضع إبراهيم إسماعيل عليهما السلام وأمه هاجر بمكة حرسها الله تعالى

71 -

[حدثنا علي بن زياد](1) حدثنا أبو قرة، قال: ذكر زمعة بن صالح، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال:«إن إبراهيم عليه السلام جاء بإسماعيل، وأمه هاجر من الشام، حين أمر أن يضع إسماعيل عند البيت الحرام، فقدم به من الشام، فوضعه وأمه تحت شجرة مواجهة الكعبة، ثم سلم عليها، وودعهما، وخرج إلى الشام، وتركهما، فاتبعته هاجر، حتى بلغت ثنية كدي، ثم قبلته، وسلمت عليه، وقالت: الله أمرك أن تدعنا ها هنا؟ قال: نعم، قالت: إذا لا يضيعنا، فرجعت إلى ابنها، فوجدته يفحص برجليه، قد أهلكه العطش، فأدبرت تشتد إلى الصفا، فصرخت، فلم يقل لها شيئا، ثم أدبرت، حتى جاءت إلى المروة، فصرخت، فلم يقل لها شيئا، ثم رجعت إلى الصفا كذلك، حتى أكملت سبعا عند المروة، وتصرخ، كل ذلك قيل لها: ارجعي إلى الغلام، فقالت للذي يكلمها: إن كان شيئا فالآن قبل أن يموت الغلام، قال: ارجعي، فرجعت، فوجدته قد فحص برجله، فخرج من تحت عقبه عين فوارة، فجاءت فرأت الماء في البطحاء، فخشيت أن يقطع، فأخذت قدحها وقربتها، فطفقت تغرف من الماء في القربة، ويفور الماء، حتى عاد -يعني كذا كهيئة حال البئر -قال ابن عباس: لو قدر لها أن تترك العين كما هي، كانت عينا فوارة أبدا، ولكنها لما غرفت منها، غار الماء، حتى عاد كذا، فمكثت هي وإسماعيل يصطاد عليها إسماعيل من الحل، حتى جاء ناس من اليمن من جرهم، فرأوا الطير يطوف على الماء وهم ذاهبون إلى الشام، فلما رأوا الماء وجدوا عنده المرأة وابنها، قالوا: ألك هذا الماء؟ قالت نعم، قالوا: هل لك أن نسكن معك، وتتركينا أن نستقي من مائك هذا، قالت: نعم، فسكنوا معها، ورأوا أرضا كثيرة العضاة لإبلهم، ونعمهم، وإن إبراهيم عليه السلام أقبل من الشام، فوجد إسماعيل هو وأمه صالحين، فرفع هو وإسماعيل القواعد من البيت، ثم خرج إلى الشام، فمكث ما شاء الله، ثم قدم مرة أخرى، فوجد هاجر قد ماتت، ووجدا إسماعيل قد نكح امرأة من جرهم، ولم يجد أحدا يرفع به رأسا حين ماتت العجوز، ووجد إسماعيل غائبا، يصطاد لأهله، فجاء امرأته، فقال: أين صاحب هذا البيت؟ فلم تكلمه كلاما فيه خير، ولم ترفع به رأسا، قالت: ذهب في بعض حاجاته، قال لها: إذا جاء صاحبك، فقولي له: إن أباك يقرئك السلام، وإنه لم يرض لك باب بيتك فغيره، فلما جاءها إسماعيل تحدثت معه ليلا طويلا، ولم ترفع بقول إبراهيم رأسا، فقال لها: ويلك، والله إني لأجد ريح أبي قد جاء هاهنا، فقالت: والله لم أدر من أبوك قد جاء شيخ هاهنا، وقال: ويلك، فما قال لك؟ قالت: قال: إذا جاء صاحبك فقولي له: إن بابك لم يرضه أبوك، فغيره، فقال: قاتلك الله، جاء إلى هاهنا فلم تبالي به، ولم ترفع به رأسا، اذهبي فارجعي إلى أهلك، فأنت طالق، ثم تزوج أخرى، فكانت امرأة صالحة، فاستأذن إبراهيم عليه السلام سارة مرة أخرى، فأقبل حتى جاء بيت إسماعيل، فسلم، فاطلعت له امرأة إسماعيل، فقالت: مرحبا وأهلا، ادخل رحمك الله، ترجل رأسك، ونطعمك من الطعام، وتستظل، فلما استأنس إليها دخل عليها، فطبخت له لحما عندها، وأطعمته حتى شبع، ورجلت رأسه، فقالت له: اجلس رحمك الله، فإنه قد ذهب منذ أيام، ويوشك أن يأتينا، فقال: لا استطيع المكث، فقال: هل عندكم من طعام؟ قالت: لا والله إن عندنا إلا هذا اللحم، قال: التمسي ولو حبة واحدة، ادعوا لكم فيها بالبركة، فلم تجده، قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قدر لها أن تأتيه بحبة واحدة، فدعا فيها، لكانت مكة ريفا من الأرياف، ولكنها لم تجد شيئا إلا اللحم، فدعا لها أن يبارك لهم في لحمهم، ولبنهم، ومائهم، قال: فقام إبراهيم عليه السلام على الحجر قائما من غير أن يكون على دابة، فجعل لإسماعيل آية، وللناس آية، فلما ذهب إبراهيم عليه السلام وجاء إسماعيل وبكى، وقال: هاتان مرتان لا يقدر لي أن ألقاه فيهما قال ابن عباس وبنى إسماعيل وأمه قبل أن ينكح بيتا عند الشجرة، وكان يسكنه، ولم يكن يسكن الكعبة» (2).

(1) ـ ما بين المعقوفين ساقط من الأصل والمصنف لم يدرك أبا قرة وإنما يروي عنه بواسطة وقد استدركته عمن أخرجه عن المصنف كما سيأتي.

(2)

ـ في سنده زمعة بن صالح وهو ضعيف، والحديث ثابت بنحو هذا القول، من طرق أخر وانظر الحديث التالي. وعزاه الفاسي في "شفاء الغرام" (2/ 7) للمصنف. وقال: وهذا غريب جدا؛ أعني كون إسماعيل-عليه السلام-يصطاد حين نزل جرهم على أمه؛ والمعروف أنه كان إذ ذاك رضيعا. وقد أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(2343) عن المصنف، به. وأخرجه أبو الشيخ في "جزء ما رواه الزبير عن غير جابر"(72) من طريق محمد بن يوسف عن أبي قرة، به، مختصرا. وأخرجه أحمد والأزرقي والبخاري والنسائي والحاكم والبيهقي وغيره من طرق عن سعيد بن جبير -يزيد بعضهم على بعض-، بنحوه مطولا ومختصرا.

ص: 149

72 -

حدثنا محمد بن يوسف، ثنا أبو قرة قال: بلغني عن معمر، عن أيوب، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة-يزيد أحدهما على الآخر -عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال:«يا معشر الشباب سلوني، فإني أوشك أن أذهب من بين أظهركم، فأكثر الناس مسألته، فقال له رجل: أصلحك الله، أرأيت المقام أهو كما نتحدث؟ قال: وما كنتم تتحدثون فيه؟ قال: كنا نقول إن إبراهيم عليه السلام حين جاء عرضت عليه امرأة إسماعيل النزول فأبى أن ينزل فجاءت بهذا الحجر له، فقال: ليس كذلك، قال سعيد بن جبير: قال ابن عباس: إن أول ما اتخذت النساء المناطق من قِبَلِ أم إسماعيل، فاتخذت مِنْطَقًا لتخفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم عليه السلام وبابنها إسماعيل، وهي ترضعه، حتى وضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفل إبراهيم عليه السلام منطلقا، فتبعته أم إسماعيل، وقالت: يا إبراهيم، أين تذهب، وتتركنا بهذا الوادي، الذي ليس فيه أنيس، ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتف إليها، فقالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، فقالت: إذا لا يضيعنا، فانطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كان عند الثنية، لا يرونه، فاستقبل إبراهيم بوجهه، ثم دعا بهؤلاء الدعوات، ورفع يديه، فقال: إي رب! {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]، وجعلت أم إسماعيل ترضع ابنها، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء، عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يلتوي، أو نحو ذلك فانطلقت كراهية أن تنظر إليه» (1).

(1) ـ حديث صحيح: وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 654) للمصنف. وقد أخرجه عبد الرزاق (9107 - ومن طريقه البخاري (3364) - عن معمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري أيضا (3365) من طريق كثير وحده عن سعيد، به. وأخرجه أحمد والنسائي وابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهم من طرق عن سعيد بن جبير، وانظر الحديث السابق.

ص: 152

73 -

حدثنا أبو حمة محمد بن يوسف، ثنا أبو قرة، قال: ذكر ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن محمد بن الأسود، أنه أخبره أن إبراهيم عليه السلام -هو أول مَنْ نَصَبَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ، أشار له جبريل عليه السلام -إلى مواضعها. (1)

(1) ـ سنده صحيح إلى قائله: لكنه لم يذكر عمن أخذه. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 638) للمصنف. وقد أخرجه عبد الرزاق (8864) عن ابن جريج، به. وأخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"(1204/المطالب العالية)، والأزرقي في "أخبار مكة"(2/ 128)، والفاكهي في "أخبار مكة"(1516) من طرق عن ابن جريج، به. وأخرجه عبد الرزاق (8863)، والأزرقي في "أخبار مكة"(2/ 127) من طريقين أخرين عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به. ومن طريق عبد الرزاق في كلا الروايتين أخرجه أبو عروبة الحراني في "الأوائل"(22 و 23). وانظر الأثر التالي.

ص: 153

74 -

قال ابن جريج: كنت أسمع أبي يزعم: أن إبراهيم عليه السلام أول مَنْ نَصَبَ الأَنْصَابَ بالحرم. (1)

(1) ـ سنده صحيح إلى قائله: ولكنه لم يذكر عمن أخذه. وقد أخرجه عبد الرزاق (8862). وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة"(2/ 128) من طريق سعيد بن سالم، كلاهما (عبد الرزاق، وسعيد) عن ابن جريج، به. وانظر الأثر السابق.

ص: 154

75 -

حدثنا محمد بن يوسف، ثنا أبو قرة، قال: ذكر ابن جريج، عمن حدثه، عن صفوان بن سليم، عن عكرمة، عن ابن عباس-في حديثه-: أن البيت المعمور في السماء، وأنه مقابل البيت الحرام، لو سقط سقط عليه، وإن في السماء لحرماً على قدر حرم مكة. (2)

(2) ـ سنده ضعيف: لجهالة من حدث عنه ابن جريج، وقد اختلف فيه على ابن جريج، وهذا الوجه أشبه بالصواب فمن خالف أبا قرة أقل شأنا وحالا منه كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 638) للمصنف. وقد أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 49) من طريق سعيد بن سالم القداح، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 100)، والطبراني (11/رقم 12185) من طريق أبي حذيفة إسحاق بن بشر، كلاهما (سعيد بن سالم القداح، وإسحاق بن بشر) عن ابن جريج عن صفوان بن سليم عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس، يرفعه. ومن طريق الأزرقي أخرجه أبو إسحاق الهاشمي في "أماليه"(76)، والواحدي في "الوسيط"(4/ 184)، وابن الجوزي في "مثير العزم الساكن"(232). وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(1/ 658 ـ 659) من طريق الأزرقي، فقال فيه: عن إبراهيم بن محمد الأسلمي بدلا من سعيد بن سالم. قال العقيلي: ليس له أصل عن ابن جريج. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" للطبراني وابن مردويه وضعفه.

قلت: سعيد بن سالم تقدم في تخريج الحديث [112] أنه صدوق يهم وابن جريج لم يصرح بالسماع، وإسحاق بن بشر متهم. وأخرجه عبد الرزاق (8874) عن إبراهيم بن محمد الأسلمي عن صفوان عن كريب مولى ابن عباس، فذكره، مرسلا. والأسلمي متروك الحديث. ومن مرسل قتادة، أخرجه عبد الرزاق وابن جرير الطبري في "تفسيرهما". وقد صح نحوه موقوفا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ص: 154