الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع أن شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله بالنسبة لعظام الميتة يرى طهارتها، لكن على رأي جمهور أهل العلم الذين يرون نجاستها يرون أنه لا يجوز نقل مثل هذه الأعضاء التي تكون نجسة ،مثلاً الجلد ، العظام ، السن ، عظم الخنزير..إلخ.
لكن يبقى عندنا مسألة الاضطرار، فإذا اضطر الإنسان إلى مثل هذه الأشياء نقول يجوز هذا بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون ذلك بعد البحث والتقصي وهو أن يبحث عن الدواء الذي يناسبه فإذا بذل جهده في البحث والتقصي فلم يجد شيئاً طاهراً فإنه لا يجوز له أن يلجأ إلى النجس.
الشرط الثاني: أن يكون موضع ضرورة يعني أن يكون محتاجاً إليه ومضطراً إليه أما إذا كان غير مضطر فلا يجوز.
فتلخص لنا بالنسبة لنقل الأعضاء أنه ينقسم إلى أربعة أقسام:
1 -
من الإنسان نفسه إلى بدنه هذا جائز بالاتفاق.
2 -
من آدمي هذا جائز على رأي جمهور أهل العلم سواء كان ذلك الآدمي مسلماً أو كان كافراً وسواء كان حياً أو كان ميتاً.
3 -
من حيوان طاهر كحيوان البحر وبهيمة الأنعام المذكاة هذا جائز بالاتفاق.
4 -
من حيوان نجس هذا لا يجوز، لكن تأتينا مسألة الاضطرار.
المسألة الرابعة عشرة:المنظفات التي يكون في تراكيبها شيء من النجاسات كالصابون وغيره
ا التي يدخل في تراكيبه شيء من دهن الخنزير أو الكحول.
فما حكم هذه المنظفات؟
أولاً: ما يتعلق بالصابون وسائر المنظفات التي يدخل في تركيبها شيء من النجاسات، نقول: هذه النجاسات لا تخلو من أمرين:
الأمر الأول: إذا اضمحلت هذه المركبات النجسة وذابت واستهلكت بسبب خلطها بالمواد الأخرى فاستخدام مثل هذا الصابون الذي فيه مثل هذه الأشياء بنسب يسيرة من دهن الخنزير وغيره ، واضمحلت واستهلكت فهذا جائز ولا بأس به لأن هذا الدهن أصبح لا أثر له، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله قاعدة في ذلك: أن العين التي تنغمر في غيرها وتستهلك فإنه لا حكم لها.
الأمر الثاني:إذا استحالت هذه المركبات النجسة وانقلبت إلى عين أخرى، فهذه أيضاً نقول بأن الاستحالة تصير الأعيان النجسة إلى أعيان طاهرة تنقلها من العين النجسة إلى العين الطاهرة كما هو مذهب الظاهرية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. مثلاً لو كان عندنا كلب ثم بعد ذلك احترق هذا الكلب وانتقل إلى كونه رماداً ودخاناً فهذا الرماد طاهر، لأن العين النجسة استحالت وانتقلت من عين إلى عين أخرى.
والدليل على أن النجاسة تطهر بالاستحالة: أن العلماء أجمعوا على أن الخمر إذا استحالت بنفسها فإنها تنقلب من عين نجسة عند الجمهور إلى عين طاهرة، ومثل ذلك أيضاً دود الكُنُف ، وهذا الدود يخرج من النجاسات ومع ذلك يستحيل إلى حيوان طاهر.
الأمر الثالث: إذا كانت هذه التركيبات لا تزال باقية كدهن الخنزير أو دهن الميتة لا يزال باقياً لم يستحل ولم يستهلك في غيره.
فهل يجوز استعمال مثل هذا الصابون أو مثل هذا المنظف الذي دخل في تركيبه هذه النجاسة التي لا تزال باقية فيه؟
هذا موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله في حكم استعمال النجاسة على وجه لا يتعدى ، فيه رأيان لأهل العلم:
الرأي الأول: أن استعمال مثل هذا الصابون غير جائز، وهو رأي أكثر العلماء.
دليلهم:
أن الشارع أمر بالتوقي من النجاسات ،وأمر بالاستنجاء والاستجمار.
الرأي الثاني: أن استعمال مثل هذا الصابون جائز للحاجة، إذا كان على وجه لا يتعدى، يعني إذا كان لا يستعمل في الصلاة ولا في الأكل والشرب
…
الخ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
دليله:
حديث جابر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال لا هو حرام. (متفق عليه)
أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على قولهم تدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس وتطلى بها السفن مع أن دهن الميتة نجس ، ومع ذلك أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على الانتفاع به، وقال:"لا هو حرام " بالنسبة للبيع.
ثانياً: بعض أدوات التجميل التي يستخدم في تركيبها شيء من النجاسات كدهن الخنزير مثلاً،
فنقول كما تقدم:
إن كانت هذه النجاسة قد استهلكت في غيرها أو استحالت يعني انتقلت من عين إلى عين أخرى فإن هذه الأدوات طاهرة وجائزة ولا بأس باستخدامها.
وإن كانت هذه النجاسة لا تزال باقية في مثل هذه الأدوات فيأتينا الخلاف السابق: فاستخدامها في وقت الصلاة إن كانت باقية نقول بأن هذا غير جائز، وإذا كان استعمالها في غير الصلاة قلنا: أن أكثر أهل العلم على أن هذا لا يجوز ،وعلى رأي شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله أن هذا جائز لما ذكرنا من الدليل.
ثالثاً: استخدام أدوات التجميل التي فيها شيء من أجزاء الأجنة.
نقول أن استخدام هذه الأدوات محرم ولا يجوز حتى ولو استهلكت هذه الأجنة وحتى لو استحالت من عين إلى عين أخرى ولم يبقى لها أثر أو انتقلت.
والدليل على ذلك:
أن الأصل في الآدمي الحرمة،والإقدام على مثل هذا الشيء في الأصل محرم ولا يجوز
والله عز وجل يقول {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} الإسراء70.
حديث جابر رضي الله عنه " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.. ".