الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك مما يدل على ذلك حديث أنس المتقدم حين قال الرجل متى الساعة يا رسول الله فجعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم يشيرون إليه وهذا نوع من العمل.
ومثله أيضاً حديث معاوية بن الحكم حين تكلم في الصلاة فجعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم يشيرون إليه أن يسكت ويضربون بأفخاذهم.
والحنابلة نصوا على أن من رأى منكراً في أثناء الخطبة فله أن يشير إلى صاحب المنكر أن ينتهي عن منكره، وأيضاً نص الفقهاء قالوا لا بأس للإنسان أن يشرب الماء في أثناء الخطبة، وكذلك نصوا على أنه إذا لحقه نعاس له أن يتحول من مكان إلى مكان آخر لطرد النعاس وله أن يستاك إذا احتاج إليه لطرد النعاس ، وكذلك نصوا لو أن الإنسان تصدق على فقير في أثناء الخطبة أن هذا جائز ولا بأس به.
وعلى هذا نفهم أنه لا بأس على العمل على إصلاح مكبرات الصوت في أثناء الخطبة وأن هذا لا يعتبر من اللغو ، أو العمل على تسجيل الخطبة أو على العمل على نقل الخطبة إلى مكان آخر فهذا كله جائز ولا بأس به.
المسألة الثالثة: ترجمة الخطبة بعد الصلاة لمن لا يتكلم بالعربية
.
أهل العلم رحمهم الله اختلفوا في خطبة الجمعة هل يشترط أن تكون بالعربية أو أنها تصح بكل لسان؟ للعلماء رحمهم الله في ذلك ثلاثة آراء:
الرأي الأول: أنه يشترط تكون الخطبة بالعربية وهذا مذهب الإمام مالك والشافعي.
واستدلوا على ذلك:
بحديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم -قال: " صلوا كما رأيتموني أصلي"(1) .
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب بالعربية.
وقالوا أيضاً بأن الأذكار توقيفية كقراءة القرآن فهذه يتوقف فيها على النص وكما أن القرآن لا يقرأ ولا يترجم ترجمة حرفية فكذلك أيضاً الخطبة.
والرأي الثاني:أن الخطبة تصح بكل لغة، وهذا مذهب أبي حنفية رحمه الله ، واستدل على ذلك:
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الآذان باب الأذان للمسافر (1 / 162)
قول الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (1) ، يعني بلغتهم ولا يحصل البلاغ والتعليم إلا إذا كان بلغة المخاطبين.
والرأي الثالث: التفصيل في هذه المسألة أنه يشترط أن تكون الخطبة بالعربية إلا مع العجز إذا كان الخطيب لا يتكلم العربية فإنه يخطب بلسان قومه. وهذا هو المشهور من مذهب أحمد رحمه الله.
والأقرب في هذه المسألة أن يقال: ينظر إلى حال المستمعين:
1-
فإذا كان المستمعون لا يفهمون العربية فإن الخطبة تكون بلغتهم كما هو مذهب الحنفية لأن الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (2) يعني بلغتهم فإذا كان ذلك في أصل تبليغ الرسالة أنها تكون بلسان القوم المرسل إليهم ففي تفاريع الرسالة من باب أولى لأن الخطبة نوع من تبليغ الرسالة.
وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود لكي يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من مكاتبتهم بلغتهم وإقامة الحجة عليهم.
2-
أن تكون لغة المستمعين هي العربية وفيهم أناس لا يتكلمون العربية فنقول لخطبة هنا تكون بالعربية وأما غير العرب فإن الخطبة تترجم لهم فهذا طريق.
فالطريق الأول: أن الخطبة تترجم لهم بعد الصلاة فهذا جائز ولا بأس به ولا يكون هذا من قبيل المحدث بل إن هذا من قبيل تبليغ الخطبة، وتبليغ الخطبة قد لا يكون إلا بهذا الطريق كما يسلك في بعض المساجد.
الطريق الثاني: قال به بعض أهل العلم أن هؤلاء الذين لا يتكلمون العربية تترجم لهم الخطبة في أوراق ثم توزع عليهم الخطبة ويقرؤونها.
الطريق الثالث:أن الخطبة تسجل وأثناء إلقاء الإمام الخطبة أنه يوضع لهم تسجيل بلغتهم يستمعون إليه أثناء الخطبة عن طريق خلال سماعات.
(1) إبراهيم4
(2)
إبراهيم4