الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: عيوب النطق الخلط بين الأصوات
مدخل
…
الفصل الرابع: عيوب النطق الخلط بين الأصوات
أخطاء السمع
عيوب صوتية
فن تشكيل الأصوات
المقاطع الصوتية
الأصوات الساكنة وأصوات اللين
عيوب النطق
النطق السليم هو غاية ما يهدف إليه فن الإلقاء، ولذا ينبغي لمن يلقي قولا أن يتجنب عيوب النطق التي تحول دون الأداء الجيد، وهذه العيوب قد تأتي من الإهمال في إخراج بعض الحروف المتقاربة في المخرج، أو السرعة في نطقها، أو من خطأ في السمع، أو لعيب علق بالإنسان منذ طفولته، أو نتيجة عوامل مؤثرة من اضطراب نفسي أو مرض عضوي.
ودراسة عيوب النطق تعين الدارس على التخلص منها بالمران، أو تجنب أسباب حدوثها أو معالجة ما يعتريه من عيب، ذلك حتى يرد إلى صوته طبيعته النقية الخالية من العيوب التي علقت به.
ومن أهم تلك العيوب الإهمال في نطق الحروف القريبة في المخرج لدرجة الخلط بينها، وقد يأتي الخطأ من سماع الفاسد من القول، وهو ما يسمى بالخطأ السمعي، وقد تأتي عيوب النطق من اضطراب نفسي أو عضلي أو من عيوب وقتية وليست أساسية، وسنتناول هذه العيوب بالشرح حتى يتمكن الدارس والباحث من التعرف عليها والتخلص منها.
الخلط بين الأصوات
كثير ممن يتعرضون لفن الإلقاء نجدهم يحاولون نطق بعض الحروف من مخارج غير مخارجها، إما لاقتراب بعضها البعض، مثل ما يحدث في الفرق بين بعض الحروف المتشابهة، مثل الفرق بين الذال والزاي: فالذال تخرج من ظهر اللسان مع التصاقه برءوس الثنايا العليا، والزاي تخرج من رأس اللسان مع اقترابه من أصول الثنايا السفلى، ومعنى ذلك أنه يجب أن تُخْرِج طرف لسانك عند النطق بالذال بخلاف الزاي: أذ، أز، يذرؤكم، تزرعونه، الذين زعمتم، ثم الزاي فيها صفة الصفير كما سبق: وتتبين صوته إذا قلت: أز، فتسمع صوتًا يشبه صوت بعض الطيور.
وكثير ما نجد الخلط بين حروف الصفير وخاصة الفرق بين كل من الحرفين:
1-
بين الثاء والسين: هو نفس الفرق بين الذال والزاي، فالسين تخرج من مخرج الزاي وتتصف بالصفير: أس، أسأل، سال، بينما الثاء تخرج من مخرج الذال وتتصف بالهمس والرخاوة:{اثَّاقَلْتُمْ} .
2-
الفرق بين الشين والجيم: الشين والجيم يخرجان من وسط اللسان، إلا أن الفرق بينهما يكون بالهمس في الشين والجهر في الجيم، وفي الشين أيضًا صفة التفشي أي: انتشار الهواء في وسط اللسان، فلا تلصِق وسط لسانك في الحنك الأعلى بل تترك الهواء يمر بينهما وينتشر كما في نطق كلمة: أشياء، والجيم أيضًا فيها شدة
بخلاف الشين، والشدة هي: أن يحبس الصوت عند النطق بها، كما يتبين لك إذا قلت: أج، أجرموا.
3-
الفرق بين الضاد والظاء: والظاء تخرج من طرف اللسان عند التصاقه برءوس الثنايا العليا، ولذلك فإنك تخرج طرف لسانك عند النطق بها، والضاد تخرج من حافة اللسان- أي جانبه- عند التصاقه بما يحاذيه من الأضراس العليا، فالفرق بين مخرج الطاء ومخرج الضاد بعيد: أظ، الظالمين، أظلم، ظهير، أض، ولا الضالين، يضل، يضربون.
والضاد فيها أيضا صفة الاستطالة بخلاف الظاء، والاستطالة معناها: أن يمتد ضغط الحرف وصوته في المخرج كله، فالضاد يمتد صوتها عند النطق بها في حافة اللسان كلها.
فعيوب النطق قد تأتي من مجموعة الأصوات المتقاربة المخارج وهي: الذال، الثاء، الظاء، التاء، الطاء، اللام، النون، الراء، الزاي، السين، الصاد.
والخلط بين هذه الأصوات يأتي من وجه الشبه بين كل هذه الأصوات من ناحية قرب مخارجها، فمخارجها تنحصر بين أول اللسان وطرف الثنايا العليا وأصولها، وهذه الأصوات تشترك في ظواهر لُغوية وتفترق في صفات صوتية متباينة.
فمثلا: الذال، والثاء، والظاء، أصوات لثوية، نجد الذال فيها صوت رخو مجهور، ولا فرق بين الذال والثاء إلا في أن الثاء صوت مهموس، والدال صوت مجهور، والظاء صوت مجهور كالذال تماما، ولكن الظاء تختلف عن الذال في الوضع الذي يأخذه
اللسان مع كل منهما، فعند النطق بالظاء ينطبق اللسان على الحنك الأعلى آخذًا شكلا مقعرًا، كما يرجع اللسان إلى الوراء قليلا مع الظاء.
وكذلك: د، ت، ط، يحدث الخلط بينهما؛ ذلك لأن التاء صوت شديد مهموس لا فرق بينه وبين الدال، إلا أن التاء مهموسة، والدال مجهورة، والطاء صوت مجهورٌ 1، لا يفترق عن التاء في شيء، غير أن الطاء أحد أصوات الإطباق، فَوَضْع اللسان مع الطاء يختلف عن وضعه مع التاء، فاللسان مع الطاء يتخذ شكلا مقعرًا منطبقًا مع الحنك الأعلى، ويرجع إلى الوراء قليلا.
وكذلك: اللام، والراء، والنون، نجد أن وجه الشبه بينهما في النطق قريب، وسمى بعض القدماء هذه الأصوات بالأصوات الذلقية، ويرون وجه الشبه بين هذه الأصوات يتضح في قرب مخارجها، وكذلك في نسبة وضوحها الصوتي كما رأى المحدثون أنها أوضح الأصوات الساكنة في السمع، ولذا يرونهها أشبه بأصوات اللين.
فهي ليست شديدة يسمع لها انفجار، ولا هي رخوة؛ ولذا نراهم يسمونها بالأصوات المتوسطة بين بين أي بين الشدة والرخاوة 2.
واللغة العربية لها مخارجها الدقيقة التي تتميز بها، والتهاون في نطق الحروف يؤدي إلى الخلط بين الحروف المتقاربة وقد ذكر منها
1 وقد أجمع القدماء على أن الطاء صوت مجهور، وهذا يخالف ما ينطق به الآن من أنه صوت شديد مهموس.
2 انظر الأصوات اللغوية: د. إبراهيم أنيس، ص: 46-61.