الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعينه على أن يعطي لنفسه القدرة أو الاستعداد لما تحمل من نبرات ينبغي أن تؤدى بها حتى تأتي في أذن السامع وافية بالمعنى المراد.
الوقف على آخر الكلمات
الوقف على آخر الكلمات يحتاج إلى تأمل وتدبر من القارئ، فبعض الكلمات تكون صحيحة الآخر، وقد تكون متحركة أو ساكنة وبها حرف تنوين أو مد، وقد يكون في آخر الكلمات حرف علة، ولهذا ينبغي أن نتبين طبيعة الوقف على آخر الكلمات.
فمن المعروف أن الوقف على آخر الكلمات يكون بالسكون، ولكن هذا القول يحتاج مِنَّا إلى أن ننظر هل هذا السكون يكون سكونًا طبيعيًّا بسبب من الأسباب؟ كما في قوله تعالى:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} .
فالسكون هنا في آخر الكلمة عند الوقف سيكون طبيعيًّا، سواء وقفت عليه أم وصلت، ومن هنا ينبغي أن يكون الوقف وقفًا لازمًا وليس أمام القارئ إلا الوقف بالسكون.
أما إذا كان آخر الكلمة المراد الوقوف عليها متحركًا وعرضت عليه سكون الوقف؛ لأن السكون هو الأصل في الوقف، إذ يسكن الإنسان لكي يقف ويكف عن القراءة.
وبذا يكون قد كفَّ عن الإتيان بالحركة في الحرف الأخير ولذا لا ينبغي الوقف إلا بالسكون.
وإذا أردت أن تقف على الحركة، لإعطاء لون من التجانس أو النغم الصوتي، فلا يجوز لك بحال من الأحوال أن تقف بالحركة كاملة من: فتح أو كسر أو ضم أو تنوين، وإنما يجوز لك أن تأتي ببعض منها، وهو ما عرف عند علماء القراءة: الوقوف بالروم، والروم معناه في اللغة: الطلب، رام الشيء أي: طلبه.
وفي الاصطلاح: تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك التضعيف، بل إن أفضل ما قيل في ذلك: هو الإتيان ببعض الحركة، وقدَّر العلماء هذا الإتيان بأن يكون بالثلث فقط، وهذا يدل على أن الوقف يمكن مع إضعاف صوت الحركة على ألا يذهب بها كلية.
ويجوز له كذلك أن يقف على الحركة الوقف المعروف بالإشمام، وهو عبارة عن ضم الشفتين من غير صوت بعد النطق بالحرف الأخير ساكنًا، إشارة إلى الضم مع إبقاء فرجة، والإشمام في هذه الحالة يكون في المضموم من المعرب، وفي المضموم من المبني1.
وبهذا يكون أمام القارئ حين الوقف ثلاثة أوجه، يختار منها ما يتلاءم مع طبيعة الموقف، والحالة التي يجب الوقوف عليها:
إما أن يقف بالسكون المحض والروم والإشمام، وهو ما كان متحركًا في الوصل بالرفع.
ما يجوز فيه الوقف بالسكون المحض والروم، ولا يجوز فيه الإشمام، وهو ما كان متحركًا في الوصل بالجر.
ما يجوز فيه الوقف بالسكون المحض فقط، ولا يجوز فيه روم ولا إشمام، وهو هاء التأنيث وميم الجمع وما كان محركًا في الوصل بحركة عارضة، أو ما كان آخره ساكنًا في الوصل والوقف، أو ما كان
1راجع: النشر، ج: 2، ص: 120- 126. والكشف، ج: 1، ص: 122.
متحركا في الوصل بالنصب في غير المنون.
والوقوف بالروم: وهو عبارة عن إخفاء الصوت بالحركة.
وهو عند النحويين جائز في الحركات الثلاث.
وعند القراء يجوز في الضمة والكسرة، ولا يجوز في الفتحة.
وتختص الضمة بجواز الوقف عليها بالإشمام1.
الوقف على المقصور:
لا يوقف على المقصور من الأسماء إلا بالألف، منونًا كان، أو غير منون.
وفي الوقوف على المقصور المنون ثلاثة مذاهب:
1-
مذهب سيبويه: وهو الحكم عليه في الرفع والضم بأن تنوينه محذوف دون عوض، وأن الوقف فيه على الألف التي من نفس الاسم، والوقف عليه في حالة النصب يكون بإبدال تنوينه ألفًا، إجراء له مجرى الصحيح.
2-
ما ذهب إليه المازني: أن الألف الثابتة في الوقف هي بدل التنوين منصوبًا كان المقصور مرفوعًا
أو مجرورًا 2.
3-
وذهب أبو عمرو والكسائي: أن الألف الموقوف عليها في المقصور لا تكون أبدًا، إلا الألف التي هي نفس الاسم مرفوعة كانت أو مجرورة أو منصوبة.
وذكر في شرح الكافية: أن هذا المذهب أقوى من غيره، وهذا
1 انظر: شرح الكافية الشافية، ج: 4، ص: 1988، 1989.
2 انظر: الخصائص، ج: 2، ص:296.
موافق لمذهب ربيعة في حذفهم تنوين الصحيح دون بدل، والوقوف عليه بالسكون مطلقًا، ويقوي هذا المذهب الرواية بإحالة الألف وقفًا والاعتداد به رويًّا.
وكما ذكر ابن مالك في شرح الكافية، أنه لا خلاف في المقصور غير المنون، أن لفظه في الوقف كلفظه في الوصل، وأن أَلِفَه لا تحذف إلا في ضرورة 1.
الوقوف على الاسم المنقوص:
الاسم المنقوص هو: الذي آخره ياء مكسور ما قبلها نحو قاضي، إذا أردت الوقوف عليه، وكان منصوبا أبدل من تنوينه ألف، إن كان منونا.
وأثبتت ياؤه ساكنة إن لم يكن منونًا كقولك: قطعت واديًا وأحب الداعي2.
وهذا يجعلنا ننظر إلى الاسم المنقوص، إما أن يكون منونًا أو لا، فإن كان منونًا، فالأفصح الوقوف عليه رفعًا وجرًا بالحرف، فتقول: هذا قاضٍ ومرت بقاضٍ.
ويجوز أن تقف عليه بالياء، وبذلك وقف ابن كثير على: هادٍ، ووالٍ، وواقٍ من قوله تعالى:"وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادي""وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالي""وَمَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقي".
وإن كان غير منون، فالأفصح الوقوف عليه رفعًا وجرًّا بالإثبات كقوله: هذا قاضي، ومررت بالقاضي، ويجوز الوقوف عليه بالحذف، وبذلك وقف الجمهور على: المتعال، والتلاق، في قوله تعالى:{الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}
1 انظر: شرح الكافية الشافية، ج: 4، ص: 1983، 1984.
2 انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ج: 4، ص: 171، 172. والإقناع في القراءات السبع،
ج: 1،ص: 520، 521.
ابن كثير بالياء على الوجه الأفصح. وقد يعكس فيهن؛ فيحذف ياء: قاضي، ويثبت ياءها، وإذا كان المنقوص منصوبًا وجب في الوقف إثبات يائه، فإن كان منونًا أبدل من تنوينه ألف، كقوله تعالى:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} وإن كان غير منون وقف على الياء، كقوله تعالى:{كَلَاّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي} .
وذكر في شرح الكافية لابن مالك: أن الوقف بإثبات الياء على نحو: القاضي، المعرَّف مرفوعًا أو مجرورًا أجود في القياس من الوقف بحذفها1.
الوقف على المهموز:
والوقف على الكلمة المهموزة، ينبغي إدراك أن النطق بالهمزة المتحركة مخففة، أسهل من النطق بها ساكنة
مخففة، ولقد أُجمع على إبدال الهمزة الثانية نحو: أومن، وفي نحو: أُؤَذِّن، جائز فيه الإبدال والتحقيق، وكالإجماع في: أؤمن، الإجماع في: آدم، وجواز الوجهين في: أؤذن: جواز الوجهين في أَيِمَّة.
ومن ذلك يتضح أنه إذا سكن ما قبل الهمزة الساكنة ازداد النطق بها صعوبة، فمن أجل ذلك اغتفر في الوقف على ما آخره همزة بعد ساكن، مما لا يجوز في غير الهمزة من نقل الفتحة نحو: جنيت الكمأ.
ومنهم من نقل ضمه إلى ساكن بعد كسره، ومنهم من نقل كسره إلى ساكن بعد ضمه نحو: هذا ردُء مع كفئ، يريد: هذا ردء مع كفء، وبعض بني تميم يقرُّون من هذا النقل الموقع في عدم النظير
1 شرح الكافية الشافية: لجمال الدين بن عبد الله بن مالك، ج: 4، ص:1987.
إلى اتباع العين الفاء فيقولون: هذا رديء مع كفؤ، وبعضهم يبدلها مع نقل حركتها بما يجانسها فيقول: هذا ردو مع كفي، وبعضهم يبدلها بعد الإتباع فيقول: هذا ردي مع كفو.
وقد يبدلون من الهمزة حرف لين مجانسا كحركتها، ساكنا كان ما قبلها، أو متحركا فيقولون: هذا الكلو، والخبو والردو والكفو، وردتُّ بالكلي والخبي والردي والكفي، أهل الحجاز يقولون: الكلا، في الأحوال الثلاثة؛ لأن الهمزة أسكنها الوقف وما قبلها مفتوح فصارت كـ: رأس، وعلى هذا يقولون في أكمؤ: أكمو؛ لأنه كـ: جونة، وفي ممتلئ، ممتلي؛ لأنه كـ: ذيب1.
وأحوال الوقف هذه ذكرناها لكي يتخير منها القارئ ما يتناسب له من الوقف المتجانس الذي يُشْعِر بعلم القارئ، أو الذي يلقي حديثا، فإن اللغة العربية لغة موسيقية طَيِّعة تضع لكل موقف ما يناسبه، فالاختيار بين الوقف لا يكون من جانب المصادفة، ولكن يكون من جانب ما يلائم الحال، ويتفق مع المقال، ويدل على سعة وخبرة في اللغة.
الوقف على تاء التأنيث:
إذا وقفت على ما فيه تاء التأنيث، فإن كانت ساكنة لم تتغير نحو: قامت أو قعدت، وإن كانت متحركة، فإما أن تكون الكلمة جمعا بالألف والتاء أولا، فإن لم تكن، فالأفصح الوقوف بإبدالها هاء فنقول: هذه رحمة، هذه شجرة، ووقف بعض القراء بالتاء2، في قوله تعالى:
1 شرح الكافية، ج: 4، ص: 1993، 1994.
2 وقف عليها بالتاء: نافع وابن عامر وعاصم وحمزة، ووقف عليها بالهاء: ابن كثير وأبو عمرو والكسائي. راجع الإقناع، ج: 1، ص: 516، 517. والنشر، ج: 2، ص: 129، وإيضاح الوقف والابتداء، ج: 1،
ص: 301.
{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين} . وكذلك في قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّوم} قد وقف فيها أيضًا بالتاء، وسمع بعضهم يقول: يا أهل سورة البقرة بالتاء، وقد وقف الشاعر بالتاء على أمة في قوله: وكادت الحرة أن تُدعَى أمة، بالتاء المفتوحة.
وإن كانت جمعًا بالألف والتاء فالأفصح الوقوف بالتاء وبعضهم يقف بالهاء، وسمع من بعضهم: كيف بالأخوة بالهاء، والأخوات بالتاء، وكذلك على مسلمات بالهاء والتاء، ولذا نجد النحاة يذكرون في الوقف على تاء التأنيث بقولهم: وقد يعكس فيهن1.
كما ذكروا أن ليس لهاء التأنيث نصيب من إشمام ولا روم ولا تضعيف؛ فلذلك قُدِّم استثناؤها حين قصد التكلم على الوقف، وذلك لما لها من أحكام في الوقف ينبغي الرجوع إليها2.
زيادة هاء السكت:
مما عني به علماء الوقف زيادة هاء السكت، وهي تزاد في عدة مواضع:
1-
وأكثر ما تزاد بعد ياء المتكلم، نحو قوله تعالى:{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} بدلا من كتابي. وكذلك: {مَالِيَهْ} {سُلْطَانِيَهْ} .
2-
وكذلك بعد الفعل المحذوف الآخر جزمًا ووقفًا نحو قوله تعالى: {لَمْ يَتَسَنَّه} من قوله تعالى: {فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّه} لم يتسن، وقوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِه} اقتد. فقد زيدت هاء التأنيث السكت ذلك حتى يأخذ الحرف الأخير حقه في النطق.
3-
بعد ما الاستفهامية المجرورة الموضع، كما في قوله الراجز:
1 النشر، ج: 2، ص: 129، 130. وشرح قطر الندى، ص: 223، 224.
2 راجع: شرح الكافية الشافية، ج: 4، ص: 1987- 1996. وشرح ابن عقيل، ج: 4، ص: 176.
يا أسد يا لم أكلته لمهْ.
ولحاق هذه الهاء -هاء السكت- واجب في الوقف على: ما الاستفهامية المضاف إليها كقولك في: اعتداء مه، ومجيء مه؟
وإذا كانت ما الاستفهامية مجرورة بحرف، جاز أن يوقف عليها بالهاء وبدونها، والوقف بالهاء أجود في قياس العربية مثل: بمه؟ ولمه؟.
4-
ويجب لحاق هاء السكت في الوقف على ما كان من الأفعال على حرف واحد أوحرفين، أحدهما زائد كما في: قِ زيد، ولا تقِ عمرًا، الوقف: قه، ولاتقه.
ويجوز أن تلحق هذه الهاء كل محرك حركة بناء لازم نحو: كيف، تقول كيف وثم، وإن: إنه، ولاه.
ولا تلحق هذه الهاء ذا حركة عارضة كاسم: لا، والمنادى المضموم والعدد المركب.
ولا تلحق الفعل الماضي وإن كانت حركته لازمة لشبهه بالمضارع.
وقد يعطى الوصل حكم الوقف، ومن ذلك قراءة غير حمزة والكسائي لقوله تعالى:{لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} [البقرة: 259] .
وكذلك في قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَاّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: 90] .
فلقد أَلحق الهاء في الوصل في كلمة: اقتدِ، فصارت اقتده 1.
1 انظر: سراج القارئ، ص:95. ومختصر بلوغ الأمنية، ص: 128- 130. وشرح: الكافية الشافية، ج: 4، ص: 1997- 2001. وشرح: ابن عقيل، ج: 4، ص: 177، 178.
نطق الياء في آخر الكلمة:
وهي أنواع نذكر منها ياءات الإضافة، وهي عبارة عن ياء المتكلم، وهي ضمير يتصل بالاسم والفعل، والحرف.
وتكون ياء المتكلم مع الاسم مجرورة المحل نحو: نفسي، سمعي، ذكري.
ومع الفعل تكون الياء منصوبة نحو: فطرني، يحزنني، آتاني، وهي تأتي منصوبة المحل غير مضافة إلى الفعل.
ومع الحرف تكون منصوبة ومجرورة بحسب عمل الحرف نحو: عليّ، مني، لي، إني.
والياء قد تكون أصلية من الكلمات وزائدة، أصلية فتجيء لامًا من الفعل نحو: واليل إذا يسر، يوم يأت، والداع، والمناد، ودعان، ويهدين، ويؤتين.
وهذه الياءات الخلاف فيها هو بين الفتح والإسكان. وياءات الزوائد الخلاف فيها بين الحذف والإثبات، وللقراء 1 مذهبهم في ذلك فقد تكون عندهم ياءات الإضافة كما يسمونها على ثلاثة أضرب.
1-
ما أجمعوا على إسكانه، وهو الأكثر لمجيئه على الأصل نحو: إني جاعل، واشكروا لي، وإني فضلتكم، فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني، ويطعمني، ويميتني، ولي عملي.
2-
ما أجمعوا على فتحه لموجب يوجب ذلك، إما أن يكون بعدها ساكن لا تعريف أو شبهه نحو: نعمتي التي، وبلغني الكبر، وحسبي الله، ومسني السوء، ومسني الكبر، ووليي الله، وربي الله، نبأني
1 سراج القارئ: للبغدادي، ص: 132، 133.