الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذال، والثاء، والفاء والدال، والضاد، والتاء، والطاء، واللام، والنون، والراء، والزاي، والسين، والصاد.
ويأتي الخلط من تقارب مخارج هذه الحروف وصعوبة تطويع اللسان لبعضها، كما أن كثيرًا من الناس يميلون إلى السهولة في النطق، أو السرعة في الإلقاء، ولكن الإلقاء السليم يتطلب البحث عن دقة المخرج، وهذا يتطلب مجهودًا عضليًّا ويحتاج إلى مران على النطق السليم والأداء الصحيح، فالنطق السليم مهارة لا تكتسب في يسر وسهولة.
أخطاء السمع
وقد يأتي الخطأ من السمع، فالسمع أبو الملكات الكلامية -كما ذكر ابن خلدون- فهناك انقلابات صوتية ليست إلا نتيجة لأخطاء السمع، فإن الطفل يعتمد في تلقي اللغة ممن يحيطون به على حاسة السمع، ولما كانت هذه الحاسة عرضة للزلل في إدراكها للأصوات ولاسيما تلك الأصوات المتقاربة في المخارج كان من الطبيعي أن يجانب الطفل السداد فيما ينطق به محاكيًا من حوله وليس ذلك قاصرًا على الطفل إذ قد يخطئ الشخص البالغ كذلك في السمع ويخلط بعض الأصوات بأصوات أخرى قريبة منها في المخرج.
وإلى هذا السبب وهو الخطأ السمعي يرجع في معظم أمثلة ما يسمى في اللغة العربية بحالات: تعاقب الأصوات، فقد عقد القالي في كتابه: الأمالي، فصلا للكلمات التي تعاقب فيها الفاء والثاء عدّد من بينها: جدف وجدث للقبر، والحثالة والجفالة
للرديء من كل شيء، والفناء والثناء لفناء الدار، والفوم والثوم، وأورد قراءة ابن مسعود: وثومها وعدسها، واللغام واللثام لغطاء الوجه، وغير ذلك وقد حدث مثل ذلك تمامًا في اللغات المختلفة.
كما عقد القالي فصلا آخر للكلمات التي تتعاقب فيها الميم والباء مثل: قحمة وقحبة للمرأة العجوز، وأصابتنا أزمة وأزبة، وكمحته وكبحته، إذا جذبت عنانه ومهلا وبهلا.
وغير ذلك وقد ذكر أمثلة كثيرة من هذا القبيل ونحوه كل من ابن السِّكِّت في كتابه: القلب والإبدال، وأبي الطيب اللغوي في كتابه الضخم في الإبدال.
وقد عاب القدماء من اللغويين العرب هذه الأمثلة وما شابهها من المترادفات وهي في الواقع ليست من الترادف بمعناه الحديث في شيء، بل نشأت من الأخطاء السمعية لشدة تقارب هذه الأصوات وعدم وضوح الفرق بينها في السمع تمامًا 1.
تعلم الطفل اللغة:
وقد تنشأ الأخطاء السمعية نتيجة لتعلم الطفل اللغة، فنمو الطفل كما أوضح: حسبرسن، يمر بمراحل في تعلمه للكلام، هي مرحلة الصياح التي يستهل بها حياته، ثم تأتي مرحلة: البأبأة، ثم مرحلة اللغة العربية؛ وهي الفترة التي يتهيأ فيها الطفل للتقليد لمن حوله من كلمات وإشارات.
1 راجع التطور اللغوي: للدكتور رمضان عبد التواب، ص:109.
وانظر كتاب: في اللهجات العربية: د. إبراهيم أنيس، ص:166.
فمرحلة تعلم الطفل للغة مرحلة دقيقة ينبغي العناية فيها بالنطق السليم، فالطفل يقابل صعوبات عند نطقه ببعض الكلمات فينطق بعضها نطقًا خاطئًا، لعدم إدراكه الكُلي للأصوات المتشابهة وخاصة القريبة في المخرج، أو نتيجة ضعف جهاز النطق أو عدم نضجه عند الطفل.
والعيب أن يغفل الأبوان محاولة تصحيح هذا الخطأ، بل الخطأ كل الخطأ أن يُسَرَّ بعضهم من ذلك، ويحاول نطق الخطأ معه، والسلوك الطبيعي ألا يقلد الكبير الطفل الصغير في أداء مقاطعه، بل ينبغي أن ينطق أمامه نطقًا سليمًا، ويتابع ذلك حتى تتأكد الكلمة في سمع الطفل وفي وعيه وفق النطق السليم 1.
فإن عيوبًا نطقيه لدى الكبار قد تنشأ معهم منذ كانوا أطفالا حتى أصبحت أمراضًا كلامية، وقد تدفعهم إلى عدم مواجهة الناس مخافة التندر من نطقه، فبعض الطلاب الجامعيين ينطقون الجيم دالا فينطق كلمة مجرم: مدرم، وبعضهم ينطق القاف ألفًا، والراء نونًا.
ولا شك أن محاولة تصحيح هذه الأخطاء أمر ضروري يأتي ثمره بالمتابعة، والحديث لصوت مسموع يعين على صحة القول، كما أن التوجيه إلى النطق السليم له أثره، وكذلك دقة الملاحظة لما ينطقون به وإدراكهم ذلك عبر تسجيل أصواتهم، وكثرة قراءة القرآن الكريم وسماعه تعين على تصحيح النطق، فالسماع الجيد يؤدي إلى النطق الجيد.
1 انظر في علم اللغة، ص:85.
2 وأمراض الكلام: للدكتور مصطفى فهمي، ص: 22، وما بعدها.