الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن درس الأقدمون الحروف ومخارجها وأوصافها، فإن دراسة الأصوات اللغوية لاقت رواجًا عبر العصور المختلفة وحظيت اللغة العربية بجهد كبير في البحوث المتصلة بعلم الصوتيات، هذا العلم الذي يعد أصلا من أصول فن الإلقاء وركيزة يرتكز عليها.
وكثرت كتب القراءات في العصور المتأخرة وعني أصحابها برواية القراءات وسندها، ولذا نرى من الباحثين من يقول:
ورغم كثرة كتب القراءات في العصور المتأخرة وعلاجها المسهب للقراءات السبع والعشر وغيرها، نرى أنها حين تعرض لأصوات اللغة تكتفي ببضع صفحات، تصف فيها مخارج الحروف وصفاتها، في صورة مقتضبة مختصرة، لا تخلو من الغموض أو التحريف في بعض الأحيان، كما أن عناية أصحابها قد وجهت كلها إلى رواية القراءات وسندها، معتمدين على تلقين القراءات وضبطها عن طريق التلقي الشفوي، جيلا بعد جيل، حتى انتهى الأمر إلى بضعة متون صغيرة سميت بعلم التجويد يحفظها الطالب عن ظهر قلب دون فهم في غالب الأحيان، وقد التزمت هذه المتون في غالب أحوالها، نصوص سيبويه وعباراته في شرح أصوات اللغة
ووصفها1. وفي عصرنا هذا عنيت الجامعات والمعاهد بالقراءات وظهرت العديد من المؤلفات2.
1 المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي، الدكتور: رمضان عبد التواب ص: 18.
2 نذكر منها: في علوم القراءات للدكتور: سيد رزق الطويل.
- وهداية القاري إلى تجويد كلام الباري: لعبد الفتاح المرصفي.
- والعميد في علم التجويد لمحمود على بسة، شرح وتحقيق محمد الصادق قمحاوي.
الدراسات الحديثة
لقد عنيت الدراسة الحديثة بفن الإلقاء كعلم من العلوم اهتم به
العلماء، وتوالت الأبحاث النظرية والمعملية في معرفة طبيعة نطق الحرف، والمقطع والجملة، وأصبحت دراسة علم الأصوات من الدراسات التي أصبحت تخضع للتجريب والبحث عن مخارج الحروف، وتصحيح الأخطاء أمام معامل الأصوات التي أعطت تصورًا دقيقا لكل مخرج.
كما ساعد علم التشريح بنصيب وافر في معرفة أجهزة النطق معرفة علمية، وأصبحت المنطقة التي خفيت عن القدماء وهي الحنجرة واضحة أمام الدراسات الحديثة وتبين دورها في تجويد الجهر والهمس، ودور الحنجرة في إصدار بعض الأصوات دون بعض مما أضفى على هذا العلم الموضوعية، وأضحت دراسته من الدراسات التي تخضع للتجريب.
اتساع مجال فن الإلقاء
كما دخل فن الإلقاء مجالات جديدة لم تكن معروفة من قبل.
فلقد كانت الكلمة المنطوقة محدودة الطاقة، ولا تتجاوز في انتقالها حدود انتشارالصوت البشري، وما يمكن أن يصل إلى الأسماع أو ينتقل عن طريق الرواية وقد أصابها ما أصابها من تبديل أو تغيير.
وبعد أن اكتُشف مكبر الصوت ساعد إيصال الكلمة المنطوقة إلى أكبر عدد من المستمعين، وأعطى مجالا جديدا لفن الإلقاء.
وحين ظهرت الإذاعة اللاسلكية تمكن العلماء من نشر الكلمة المنطوقة من غير واسطة مادية أو محسوسة، مما أعطى لفن الإلقاء أبعادًا متعددة وعلاقات مترامية متميزة، وأصبح فن الإلقاء أداة اتصال بين الأفراد والجماعات والأمم مهما تباعدت، فلقد دعى فن الإلقاء ليقوم بدور عالمي في التفاهم بين الشعوب، واحتاج الإلقاء فيها إلى الاتصال غير المباشر حيث لا يرى الإنسان من يلقي إليه كما احتاج إلى