الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استخدام مكبر الصوت: الميكرفون
لقد دخل مكبر الصوت حياتنا في كثير من اللقاءات والندوات، وأصبح من مستلزمات فن الإلقاء عبر الإذاعة المسموعة والمرئية، واحتاج إلى نمط خاص في الإلقاء.
فالإلقاء ِأمام: الميكرفون قد غيَّر من طبيعة الإلقاء، فالجيد منه أصبح نوعا من الهمس وأضحت جهارة الصوت ليست مقياسا للجودة، فلقد كان القدماء يقولون: مما يزيد في حسن الخطابة وجلالة موقعها، جهارة الصوت، فإنه أجل أوصاف الخطباء، ولذلك قال الشاعر:
جهير الكلام جهير العطاس
…
جهير الرواء جهير النغم
وذم شاعر آخر بعض الخطباء برِقَّة الصوت وضآلته فقال:
ومن عجب الأيام أن قمت خاطبا
…
وأنت ضئيل الجسم منتفخ السحر1
فرقة الصوت وضآلته بعد أن كانت تذم قديما، صارت أمام الميكرفون ميزة من مميزات الإلقاء.
وجمال الصوت هبة من الخالق -سبحانه- تحتاج إلى الدربة والمران، حتى يأتي الصوت وقد تميز بأنه صوت رائق الجرس يتمشى مع طبيعة الإذاعة التي تقتضي المودة المتبادلة بين صوت المذيع وبين مستمعيه، ويتطلب هذا أن يكون الصوت زاخرا بأنواع المودة والمشاعر التي يكون التعبير بها في أصدق حالة بالصوت المذاع، فمكبر الصوت أكثر قدرة -دائما بالنسبة للكلام- على إبراز الجمال في الصوت الأقرب إلى
1 نقد النثر، ص:109.
الانخفاض نسبيًّا على أن يتوافر معه الوضوح والنبرة الساحرة واللين والمرونة وهي المميزات التي يهبها الله تعالى للصوت الذي يتلاءم أكثر من غيره مع مكبر الصوت وكأن الميكرفون يحتويه ويترنم به متلذذًا ليودعه الأثير جرسًا عذبًا ينساب في يسر إلى أفئدة المستمعين، فالمؤدي أمام مكبر الصوت لم يعد يحتاج إلى الصياح الذي كان يلجأ إليه الممثل والخطيب من قبل.
ومن الأشياء المنفرة التي لا ينبغي أن تكون في صوت من يلقي الخشونة والحبسة واللثغة والفأفأة وغيرها من الصفات التي عابها القدماء 1 والتي لا يصلح معها الصوت للإذاعة ولا علاج لها إلا الاتجاه نحو الطبقات العالية في الصوت، والعنف في الأداء يمكن علاجه بالتدريب على الأصوات وفنون الأداء والإلقاء.
ويجب أن تكون لغة المذيع لغة سليمة واضحة لا تشوبها لهجة محلية تحول دون الفهم والإفهام، أو تباعد بينه وبين اللغة الفصحى التي ينبغي أن يستمع إليها الناس.
والنطق الواضح يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالطريقة التي يمارسها المذيع في نطق الحروف، والنطق السليم يساعد بلا شك في تيسير الفهم للمستمع.
ودراسة أصوات اللغة من صميم العمل الإذاعي أو بعبارة أخرى من مكملات النجاح الإذاعي حتى يتمكن من النطق السليم الواضح2.
1 البيان والتبيين للجاحظ، ص: 32- 39.
2 الإذاعة وأصوات اللغة، مقال للدكتور إبراهيم أنيس، مجلة الفن الإذاعي، العدد 32 سنة 1965، ص:5.
وأخذ المذيع نفسه على النطق والتعبير بطريقة صحيحة في الحياة اليومية خير عون له على ذلك، حتى إذا وقف أمام مكبر الصوت جاءت ألفاظه ونطقه تبعًا لما اعتاد عليه.
فالممارسة على عملية النطق السليم تحتاج إلى مرونة في التنفس، وعمق يساعده على النطق بالجمل الطويلة، يتمكن معه من الوقف بيسر بين الجمل، وأن يلتقط أنفاسه بطريقة سهلة خلال فترات الصمت بين الجمل.
والحروف المتحركة تشكل جانبًا كبيرًا من موسيقى الكلام، فيجب أن يعطى كل حرف الوقت اللازم له حتى يخرج سليمًا واضحًا، فالحروف المتحركة ليست يسيرة في النطق، وهي تخرج بطريقة مضادة لعملية الزفير، فالرئتان تميلان إلى فصلهما ولكن عضلات الفم تضطرها اضطرارًا إلى الالتحام مع غيرها من الألفاظ الساكنة.
وموهبة المتحدث تظهر في قدرته على تنظيم تنفسه وسيطرته على الهواء المندفع من الرئتين حتى يصدر من الأنف أو الفم وفقًا لطبيعة الصوت، وقليل من الناس الذين يستطيعون السيطرة على تنفسهم وإخضاعه لما يتطلبه الكلام، وذلك مثل صاحب الخط الحسن، لا فرق بين عضلات يديه من الناحية التشريحية وبين غيره إلا أنه استطاع أن يخضع عضلات يديه وحركات أصابعه لما يتطلبه الخط الحسن1.
ويستلزم المتحدث أن يدرب نفسه على طبيعة المخارج، فإن لكل مجموعة من الحروف مخارجها، فمنها ما يخرج من أسفل الحلق، ومنها ما يخرج من الحلق ومنها ما يخرج من طرف اللسان.
الاعتدال والثقة لهما دور كبير في نجاح الإلقاء أمام الميكرفون
1 الكلمة المذاعة: د. طه عبد الفتاح مقلد.
فالمتحدث يحتاج إلى أن يكون معتدلا مع نفسه فالحالة المعنوية للمذيع تؤثر على صوته، ولذا يجب أن يكون معتدلا واثقًا من نفسه حين يؤدي عمله، فمكبر الصوت الإذاعي -الميكرفون- ذو حساسية وشفافية تجعل المستمع سرعان ما يكتشف اضطراب أعصاب المذيع أو المتحدث أو عدم الثقة، مما يحول دون الأداء السليم.
وقد يصرف هذا الاضطراب المستمع إلى التفكير في الطريقة التي يتكلم بها المذيع بدلا من جذب انتباهه إلى ما يقول، ومتى حدث هذا ضاع الأثر المطلوب من الكلام المذاع وضاع الهدف المرجو من عملية الاتصال.
فلا مكان على الأثير لمذيع لا يثق في نفسه وفيما يقوله للمستمعين، وإن كانت للثقة أهميتها ولكن يخشى من طغيان الشعور بالثقة والمبالغة، فطالما أدى هذا بالمذيع إلى أن يطلع على المستمعين بصوت متصايح أو أسلوب فيه التعاظم، أو أداء فيه التعالي والكبر لا ترتاح الآذان إلى سماعه ولا يستميل القلب إليه، وقد تمتد الأصابع إلى جهاز الاستقبال فتغلقه، والمقصود بالثقة أن تكون ثقة واعية محدودة بخط متوازن دقيق لا تحيد عنه، ولا تنحرف به وإنما هو سبيل إلى الأداء الجيد المتوازن، وفي إحساس واضح بهدف الرسالة التي يقوم بأدائها إلى المستمع.
الطابع الخاص يظهر واضحًا عبر الأثير، فقد اقتضت سنة الله في خلقه أن جعل لكل شخصية من الشخصيات طابعها الصوتي الخاص الذي يتميز به عن غيرها من الشخصيات، ولذا كان على الرغم من كثرة المذيعين والقارئين للقرآن العظيم فإن المستمع يمكنه أن يعرف الطابع الصوتي لكل منهم، فللمتحدثين والمذيعين شخصيات متباينة على الهواء، منهم المذيع الذي تفيض مشاعره بالإخلاص والحرارة والحيوية، ويحملك
على الاهتمام به كصديق لك مع أنك لم تعرفه ولم تره من قبل، ومنهم من يشعرك عند سماع صوته بأنه جارك الودود دخل عليك بيتك يسامرك، ومنهم من يلوذ بحالة الثقل فلا ترتاح لسماع صوته، ومنهم يشعرك بأنه الشخص الثقيل الظل، ومنهم من يشعرك صوته بأنه حسن المظهر وأنه صادق الطوية ومنهم من يتميز بالخشونة والقوة ومنهم من يتميز بالأناقة والنعومة، إلى غير ذلك من الأوصاف التي تتكون للمتحدث في ذهن المتلقي.
فالشخصيات تختلف في الأصوات كما تختلف في صفاتها الذاتية والمهنية فقد تلقى إنسانا يتكلم معك فإذا أنت قد فوجئت بصوت لا تنتظره 1، ولا تتوقع أن تكون هذه هي شخصيته.
ولقد أوضحت جانت دانبر في كتابها الحديث الإذاعي2 بأنها مارست في عالم الإذاعة التباين الواضح في أصوات الآدميين والمذيعين والمتحدثين بصورة ملموسة فلكل مذيع أوصاف تشكل شخصيته على الهواء.
وعلى كل مذيع أن يحدد لنفسه الطريقة التي تتلاءم مع صوته ويحس أنها خير طريقة يمكن أن يطلع على الناس بها، وإذا كان هناك برنامج يقدمه، عليه أن يختار الطريقة التي تلاءم شخصيته، فتصبح شخصية متميزة على الأثير لها مميزاتها الخاصة ولونها الفريد دون مبالغة تجنح بصاحبها بعيدًا عن الهدف المقصود وتضل طريقها إلى أفئدة المستمعين.
ومن هذا يتضح أن صوت الإنسان عبر مكبر الصوت يتخذ له لونًا خاصًا وشكلا خاصًا يعبر عن صاحبه، ولذا ينبغي أن ينظر المتحدث إلى طبيعة صوته وإلى شخصية هذا الصوت وما يعبر عنه ومدى ألفته للمستمع،
فإن لذلك أثره الواضح في إدراك المتلقي لما تقول.
1 على الأثير: عباس محمود العقاد، ص:134.
2 Radio talk P:34.
السلوك أمام مبكر الصوت:
ينبغي على المتحدث أن يلجأ إلى جميع الوسائل التي تهيئ له الأداء الجيد الموفق، فيجلس بثبات وصدره مفتوحًا ورأسه مرفوعة وظهره مستقيمًا وهذا يهيئ للمذيع أحسن الأوضاع لإخراج الصوت كاملا في أحسن حالاته، فالصدر المفتوح يعطي هواء كافيًا يريح في الأداء، والرأس المرفوع يجعل الفم في وضع يساعد على أن يتجه بالصوت اتجاهًا مباشرًا نحو الميكرفون، والظهر المستقيم معناه استقامة العمود الفقري، وقد دلت التجارب على أن تغير نظام فقرات الظهر يؤثر في طبيعة الصوت1.
والخبرة تجعل المتحدث يعرف كيف يختار الزاوية التي تتلاءم مع صوته أمام مكبر الصوت، وكذلك انتقاء البعد الذي يتناسب هندسيًّا مع طبيعة إلقائه، وعليه أن يضع الورق بين يديه بطريقة تساعده على الانتقال من ورقة إلى أخرى دون إحداث صوت قد يحدث أثرًا في الكلام.
وخير طريقة تسلكها أمام الميكرفون أن تتذكر دائمًا أنك أمام صديق حميم يتبادل معك النجوى والمودة، وفي نفس الوقت أمام جهاز يحصي عليك الهمس واللمس والحركة البسيطة بصوت مسموع.
مكبر الصوت أو الميكرفون هو الأداة التي تحول الذبذبات الصوتية إلى ذبذبات كهربائية مشابهة لها تمامًا ونظرية الميكرفون بسيطية وأساسها أن أي جسم معدني يتحرك في مجال مغناطيسي يتولد فيه تيار كهربائي تتوقف شدته على قوة المجال المغناطيسي وعلى سرعة حركة الجسم في هذا المجال وعلى طبيعة الجسم المهتز.
ولهذا لابد من توفر شروط لكي يكون الميكرفون صالحًا لفن الإلقاء، وتجعله صالحًا للاستخدام وهذه الشروط هي:
1 راجع: الكلمة المذاعة: طه عبد الفتاح مقلد.
ويجب أن يتجاوب الميكرفون مع الذبذبات الصوتية المتنوعة والتي تقدر من: 50 سيكل، إلى:15.000، وينبغي أن يلتقطها وفق درجة معينة.
ولذا يجب أن يكون ذا حساسية قياسية معلومة بالنسبة لمقدار معين وأن تقاس الحساسية بوضع الميكرفون أمام مصدر صوتي معلوم على مسافة معلومة.
كما يجب أن يحتمل الضغوط الصوتية المتفاوتة في شدتها بين النغمات الخافتة والنغمات العالية بدون أن يحدث فيها تشويه وبالنسبة لمسافة معينة.
وأن تكون خواصه الالتقاطية معلومة حتى يسهل استخدامه.
ويجب ألا يشوه الموجات التي يلتقطها أي: ينقلها بأمانة وصدق أي يحولها إلى موجات كهربائية مشابهة لها تمامًا.
ويجب ألا يتأثر بالظواهر الجوية.
وينبغي أن يكون سهل التركيب خفيف الوزن.
ويجب ألا يكون به اضطرابات داخلية ناشئة من تركيبه.
أنواع مكبرات الصوت:
وتتعدد أنواع المكبرات الصوتية وفقًا لتعدد أغرضاها والهدف من استخدامها وهي تنقسم إلى:
الميكرفون الشريطي أو ميكرفون السرعة، وهو متجاوب وحساس مع الذبذبات العالية.
الميكرفون الديناميكي أو ميكرفون الضغط، وهو لا يتجاوب مع الذبذبات المنخفضة بل العالية.