الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العين عند المحدثين، ومتى تزول عنه الجهالة؟.
فأجاب أحدهم قائلا: "مجهول العين هو الأعمى الذي لا عين له، وتزول عنه الجهالة إذا تعددت طرقه"!. قلت: بل الأعمى إذا تعددت طرقه يضيع!.
*من سهر الليل في غير واجب، نام النهار عن الواجب!!.
صلة الرحم حسب المزاج
!
نعم: صلة الرحم حسب المزاج، وليس حسب المنهاج!.
حقا إن هذه صلة مزعومة، ولكنها فيما بين الناس مفهومة!.
وما أعجب أخلاق بعض الناس!.
إنهم مسلمون، يصلون ويصومون، ومع ذلك يقطعون!.
يقطعون ماذا؟!.
إنهم يقطعون الرحم التي من قطعها قطعه الله!.
إنهم يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض!.
والعجيب حقا أنهم في غير ما حياء، يصنفون الأحياء والأقارب والأصدقاء؛ فيصلون من يشاءون، ويقطعون من يشاءون، وليس كما أمرهم الله تعالى!.
ثم بعد ذلك يدعون أنهم إنما يصلون الرحم لله تعالى!.
ولست أدري كيف يغيب عن أحدهم أنه قد وصل من أراد هو وصله، وليس من أراد الله وصله، وقطع من أراد هو قطعه، وليس من أراد الله قطعه!.
ثم يدعي أنه يصل الرحم، ولست أدري لماذا لم يدع والحالة هذه أنه قاطع للرحم!.
ولا أدري لماذا لا يتنبه الإنسان إلى هذا التفريق الذي لا يقدم عليه إلا صفيق!.
ومن عقوبته عند الله أنه يظل سادرا في غيه ولا يفيق!.
وكيف لا يستمر على هذه الحال المزرية؛ وقد أخبر الله تعالى أن من عقوبته له على هذه الفعلة الشائنة ما ذكره تعالى بقوله: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} "1"!!.
فاجتمعت عليهم لعنة الله، والصمم عن سماع أمر الله، والعمى عن رؤية ما ينبغي رؤيته من الحق، والعمى عن التمييز بين الحق والباطل، والخطأ والصواب، والتمييز بين صلة الرحم وقطعها؛ فهو معاقب بفعله بما يضله، ويماديه في ضلاله، عياذا بالله تعالى!.
فهل رأيت قاطعا يعترف بخطئه وقطيعته؟!. كلا، بل الحجة المكرورة بين هذا الصنف من الناس هي إلقاء اللوم على المقطوع؛ فهو ليس بسالم من شر هذا القريب الغريب، لا أولا ولا آخرا؛ فعلى الرغم من أنه مقطوع إلا أنه متهم من القاطع-قطعه الله-بالقطيعة!.
يا أيها القاطعون، على هذه الطريقة، خبتم، ورب الكعبة-ثم لا تظنوا أن الدين لعبة!.
"1" 22 - 23: محمد: 47.
يا أيها القاطعون! لا تضحكوا على أنفسكم بوصل من وصلتم لغير الله، ولا تظنوا أنكم تضحكون بهذا على الناس، ولا تظنوا أن الله يخفى عليه حقيقة أمركم!.
يا أيها القاطعون! لو استقامت دعواكم أنكم وصلتم من وصلتم لله تعالى؛ لما قطعتم من قطعتم لغير الله تعالى!.
يا أيها القاطعون! لا تظنوا أن لكم أجرا في هذه الصلة المتخيرة على غير منهج الله وشرعه!.
إن الرحم واحدة، والناس ما بين واصل لها أو قاطع!.
أما دليل المفرقين في الصلة بين رحم ورحم، فليس هو كلام الله، ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، إنما الدليل عندهم نفوسهم البغيضة، وضمائرهم المريضة!.
ومن مخططهم في وصل من يصلون وقطع من يقطعون أن يسيروا بحسب ما تمليه عليهم مصالحهم المادية؛ فإن كان يحققها الوصل وصلوا، وإن كان يحققها القطع قطعوا!.
ومن مخططهم في وصل من يصلون وقطع من يقطعون أن يسيروا بحسب ما تمليه عليهم أيضا نفسياتهم المريضة؛ فإن كان الوصل يحقق لهم إرضاء نفوسهم تلك وصلوا، وإن كان يحققه القطع قطعوا!.
فويل لمن لا يحبونه، وويل لمن لا تكون لهم عنده مصلحة مادية أو سواها!.
ولا تقل: هذا قريب!.
ولا تقل: هذا غريب!.
ويهضم على أيديهم حق كل من الفريقين من الناس: من وصلوه، ومن قطعوه!.
ومن أصولهم في سيرتهم هذه: أنهم يقربون البعيد، ويبعدون القريب، ويقدمون من حقه أن يؤخر-بحسب ميزان الله وشرعه-ويؤخرون من حقه أن يقدم بحسب ميزان الله وشرعه!.
وينام أحدهم بعد ذلك قرير العين، وكأنه ليس له أذن ولا عين!.
فينام ملء جفنيه!.
ويأكل ملء بطنه، ولا عليه!.
ويقهقه ملء شدقيه!.
ويساعده على هذه الحال من معه من النساء والرجال، ممن صنفهم رحما له؛ فشاركوه في فعلته هذه، وعدوها غنيمة ظفروا بها منه، له عليهم فيها المنة، ولا عليهم من القريب المقطوع؛ فصاروا مشتركين في إثم القطيعة لذاك الذي يجب وصله!.
ثم وقع في الفخ من ظن أنه نال الصلة من هذا القاطع، وما فطن إلى أنه في الحقيقة ما وصله، وإنما سخره لإرضاء نفسه المريضة أو لتحقيق مصالحه الشخصية، وهو غافل لا يدري!.
فيا أخي لا تغررك صلة من على هذه الشاكلة، ولا يخفى عليك أنه بمنزلة الدابة الآكلة!.
ويا أخي لا تفرح بصلة ليست لله!.
ويا أخي لا تصل ولا تقطع إلا لله!.
ويا أخي لا تنتظر من الناس جزاء ولا شكورا على الصلة لله.
ويا أخي لا تبريء نفسك من مثل هذه السيرة حملا للكلام على
نقد الآخرين، بل انقد نفسك؛ فلعلك قد وقعت في شيء من هذا،
وأنت لا تدري.
ويا أخي لا تظن أن الله غافل عما يعمل الظالمون!.
ويا أخي لا تظن أن العقوبة بعيدة!.
ويا أخي لا تمنع فضلك الرحم والقريب؛ فيمنعك الله فضله!.
ويا أخي لا تمنع رحمتك الرحم والقريب؛ فيمنعك الله رحمته!.
ويا أخي قبل أن تشارك هذا الصنف من الناس في فعلته، تذكر ما جاء في الحديث:"ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته""1".
ويا أخي أما يكفيك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته""2"!.
ويا أخي كن وصولا لكل رحمك، لعل الله يصلك ويرحمك.
ويا أخي خلص نفسك من الحقد والحسد لأي أحد من الناس!.
ويا أخي راع في صلتك للرحم درجة الحقوق عند الله، لا مصالحك، ولا حبك وبغضك.
"1"أبو داود، 4884، الأدب. بسند فيه كلام. ويؤيده حديث:"انصر أخاك ظالما أو مظلوما".
"2" البخاري، 5988، الأدب.
ويا أخي إياك أن تكون مفرقا شمل الأقارب والأسرة، بأي حجة تمليها عليك النفس الأمارة بالسوء، وأنت لا تدري!.
ويا أخي إياك أن تكون مساعدا للمفرق شمل الأقارب والأسرة، بأي حجة يمليها عليك أو على غيرك؛ فقد يقول لك: بأن هذا نصيحة، وقد يقول لك: إنه يخاف عليك، وقد يقول: إنه، وإنه
…
إلى آخر ما يمكن من الدعاوى، التي إذا ما عرضت على الشرع تتهاوى!. وما الله بغافل عما
يعمل الظالمون.
ويا أخي راجع نفسك في كل صلة، وانظر: هل هي صلة على حساب صلة أخرى؟ فإن تبين لك أنها صلة بقطيعة، أو على حساب الصلة لآخر، عن قصد، وعلى غير منهج الله؛ فاعلم أن هذه هي الصلة حسب المزاج؛ فإياك وإياها.
يا أخي: إنها، والله، إما صلة حسب المزاج، أو صلة حسب المنهاج؛ فاختر لنفسك!.
ويا أخي ضع لك برنامجا للصلة يشمل كل رحمك بقدر ما تستطيع، قبل أن يأتي يوم لا تستطيع. والله الهادي إلى سواء السبيل.
*من الظلم والاعتساف أن تطالب الناس -في المعاملة- بالصفاء الذي لم تحققه في نفسك!.
*- قلت لأحدهم في مناقشة -مازحا-: هذا لا ينطلي إلا على طلي.