الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميزان المنكوس
!
قال شاعر المسلمين: حسان بن ثابت، رضي الله عنه:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه
…
لا بارك الله -بعد العرض- في المال!
قلت: لكن، والله، قد رأينا رجالا لسان حالهم يقول:
أصون مالي بعرضي لا أسلمه
…
لا بارك الله-بعد المال -في العرض!
ولئن كانت هذه الصورة في الواقع غير متخيلة لدى كثير من العقلاء والفضلاء، لكنها، والله، وجدت لدى بعض النذلاء!.
وصنف من هؤلاء يؤثر الراحة على صيانة عرضه والوصول إلى مكارم الأخلاق، ولسان حاله يقول:
أصون راحتي بوقاحتي
…
لا بورك عرض براحتي!
أبعد الله هذه الموازين المنكوسة والأخلاق المعكوسة.
وهكذا يتبين أن لكل شيء ثمنا، حتى النذالة لها ثمن. فهذا هو ثمن رداءة الأخلاق، وهذا هو ثمن مكارم الأخلاق.
ومن طمع في مكارم الأخلاق دون أن يدفع ثمنها: من نفسه، وماله،
وراحته، وصبره، وتضحياته، فإنه يطلب مستحيلا:
لولا المشقة ساد الناس كلهمو
…
الجود يفقر والإقدام قتال!
*استشهدت مرة لطلابي - حاثا لهم على التسامي وعلو الهمة وطلب العلم- بقول الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارا
…
تعبت في مرادها الأجسام!
وقلت: ولكن يبدو أن هذه الحكمة قد انعكست هذه الأيام؛ فأصحبت:
وإذا كانت الجسوم كبارا
…
تعبت في مرادها الأحلام!
فترى الواحد من الناس يقدم خدمة جسمه على العلو بنفسه، ويسخر عقله في خدمة جسده، وخدمة هواه وشهواته، بدلا من أن يحكم عقله في هواه وشهواته!.
ولكم يكون في الناس من يصدق عليه قول الشاعر:
هم القوم لا بأس من طول ومن قصر
…
جسوم البغال وأحلام العصافير!
"وعذرا لأصحاب الوزن الثقيل، باعدهم الله عن هذه العقلية المنكوسة".