المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الشين المعجمة - لسان العرب - جـ ١٠

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الشين المعجمة

وسُوقةُ أَهوى وسُوقة حَائِلٍ: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

تَهانَفْتَ واسْتَبْكاكَ رَسْمُ المَنازِلِ،

بسُوقةِ أَهْوى أَو بِسُوقةِ حائِلِ

وسُوَيْقة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:

هَيْهاتَ مَنْزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ،

كَانَتْ مُباركةً مِنَ الأَيّام

وَسَاقَانِ: اسْمُ مَوْضِعٍ. والسُّوَق: أَرض مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

تَرْمِي ذِراعَيْه بجَثْجاثِ السُّوَقْ

وسُوقة: اسم رجل.

سوذق: السَّوْذَق والسَّوْذَنِيق والسُّوذانِق: الصَّقر، وَقِيلَ الشَّاهِينُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

وكأنِّي مُلْجِمٌ سُوذانِقاً

أجْدَلِيّاً، كَرُّه غير وَكِلْ

والسَّوْذَق والسَّوْذَنِيق، وَالسِّينُ فِيهِمَا بِالْفَتْحِ، وَرُبَّمَا قَالُوا سَيْذَنوق؛ وأَنشد النَّضْرُ بْنُ الشُّمَيْلِ:

وحادِياً كالسَّيْذَنوق الأَزْرَقِ

والسُّوذانِق، بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ النُّونِ. أَبو عَمْرٍو: السَّوْذَق الشَّاهِينُ، والسَّوْذَق السِّوار؛ وأَنشد:

تَرَى السَّوْذَقَ الوضَّاح مِنْهَا بِمِعْصَمٍ

نَبِيل، ويأبى الحَجْلُ أن يَتَقَدَّما

ابْنُ الأَعرابي: السَّوْذَقيّ النَّشِيطُ الحَذِر الْمُحْتَالُ. والسَّذَق: لَيْلَةُ الوَقود، وَجَمِيعُ ذَلِكَ فارسي معرب.

‌فصل الشين المعجمة

شبق: الشَّبَقُ: شِدَّةُ الغُلْمة وطلبُ النِّكَاحِ. يُقَالُ: رَجُلٌ شَبِقٌ وَامْرَأَةٌ شَبِقةٌ. وشَبِقَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، شَبَقاً، فَهُوَ شَبِقٌ: اشْتَدَّتْ غُلْمَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ لرَجل مُحْرِم وَطِئَ امرأَتَه قَبْلَ الإِفاضة شَبَقٌ شَدِيدٌ

، وَقَدْ يَكُونُ الشَّبَقُ فِي غَيْرِ الإِنسان؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ حِمَارًا:

لَا يَتْرُك الغَيْرةَ مِنْ عَهْدِ الشَّبَقْ

شبرق: ثَوْبٌ مُشَبْرَق وشَبْرَقٌ وشِبْراق وشُبارِق وشَبارِق وشَبارِيق: مقطَّع ممزَّق. وَقَدْ شَبْرَقَه شَبْرَقة وشِبْراقاً وشَرْبَقه شَرْبَقةً؛ الْمَصْدَرُ عَنْ كُرَاعٍ: مزَّقه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فأَدْرَكْنَه يأخُذْن بِالسَّاقِ والنَّسا،

كَمَا شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثوبَ المُقَدَّسِ

والمُقَدَّسُ: الرَّاهِبُ يَنْزِلُ مِنْ صَوْمَعتِه إِلَى بَيْتِ المَقْدِس فيمزِّق الصبيانُ ثيابَه تبرُّكاً بِهِ. اللَّيْثُ: ثَوْبٌ مُشَبْرَق أُفْسِدَ نَسْجاً وسَخافةً. وَصَارَ الثَّوْبُ شَبارِيقَ أَيْ قِطَعاً؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:

فجاءتْ كنَسجِ العَنْكَبُوت كأَنَّه،

عَلَى عَصَوَيْها، سابِريٌّ مُشَبْرَقُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ:

لَهَوْتُ بِسِرْبالِ الشَّبابِ مُلاوةً،

فأَصْبَحَ سِرْبالُ الشَّبابِ شَبارِقا

والمُشَبْرَقُ مِنَ الثِّيَابِ: الرقيقُ الرَّدِيءُ النَّسْجِ،

ص: 171

وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ مِنَ الْكَتَّانِ مِثْلُ السَّبَنِيّة مُشَبرَق. وشَبْرَقْت اللحمَ وشَرْبَقْتُه أَيْ قطَّعْته. وشَبرَقَ الْبَازِي اللَّحْمَ: نَهَسَه. وشَبْرَقَت الدابةُ فِي مَشْيها: باعَدَتْ خَطْوَها. والشِّبْراق: شِدَّة تباعُدِ مَا بَيْنَ الْقَوَائِمِ؛ قَالَ:

كأنَّها، وَهِيَ تَهادَى فِي الرُّفَقْ

مِنْ ذَرْوِها، شبْراق شَدّ ذِي عَمَقْ

وَرُوِيَ:

مِنْ جَذْبِها شِبْراق شَدٍّ ذِي مَعَقْ

وَالدَّابَّةُ يُشَبرِق فِي عَدْوِه: وَهُوَ شدَّة تَباعُد قوائِمه. والشِّبْرِقُ، بِالْكَسْرِ: نَبَاتٌ غضٌّ، وَقِيلَ: شَجَرٌ مَنْبِته نَجْدٌ وَتِهَامَةُ وثمرتُه شَاكَةٌ صَغِيرَةُ الْجِرْمِ حَمْرَاءُ مِثْلُ الدَّمِ مَنْبِتُهَا السِّباخ والقِيعان، وَاحِدَتُهُ شِبْرِقة؛ وَقَالُوا: إِذَا يَبِس الضَّرِيع فَهُوَ الشِّبْرِق، وَهُوَ نَبْتٌ كَأَظْفَارِ الهِرِّ. الْفَرَّاءُ: الشِّبْرِق نَبْتٌ وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّريعَ إِذَا يَبِسَ، وَغَيْرُهُمْ يُسَمِّيهِ الشّبْرِقَ. الزَّجَّاجُ: الشِّبْرِق جِنْسٌ مِنَ الشَّوْكِ إِذَا كَانَ رَطْبًا فَهُوَ شِبْرِق، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ الضَّريع. أَبو زَيْدٍ: الشِّبْرِق يُقَالُ لَهُ الحِلَّة، ومَنْبِتُه نَجْدٌ وَتِهَامَةُ، وَثَمَرَتُهُ حَسَكة صِغار، وَلَهَا زَهْرَةٌ حَمْرَاءُ. والشِّبْرِقةُ: الشَّيْءُ السَّخِيفُ الْقَلِيلُ مِنَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ؛ هَكَذَا حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ مؤثناً بِالْهَاءِ. وَيُقَالُ: فِي الأَرض شِبْرِقة مِنْ نَبَاتٍ وَهِيَ المُنْتَثِرة. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشِّبرِق الشَّيْءُ السخِيف مِنْ نَبْتٍ أَوْ بَقْلٍ أَو شَجَرٍ أَو عِضاهٍ، والشِّبْرِقة مِنَ الجَنَبة، وَلَيْسَ فِي الْبَقْلِ شِبْرِقة وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي الصَّيْفِ. والشِّبْرِق، بِالْكَسْرِ: نَبْتٌ وَهُوَ رَطْب الضَّريع؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فأَتْبَعْتُهم طَرْفي، وَقَدْ حالَ دُونَهم

عَوازِبُ رَمْلٍ ذِي أَلاءٍ وشِبْرِق

وَفِي حَدِيثِ

عَطَاءٍ: لَا بَأْسَ بالشِّبْرِق والضَّغابيس مَا لَمْ تَنْزِعْه مِنْ أَصله

؛ الشِّبْرِق: نَبْتٌ حِجَازِيٌّ يُؤْكَلُ وَلَهُ شَوْكٌ، وَإِذَا يَبِس سُمِّي الضَّرِيعُ؛ مَعْنَاهُ لَا بَأْسَ بِقَطْعِهِمَا مِنَ الْحَرَمِ إِذَا لَمْ يُسْتَأصَلا؛ وَمِنْهُ فِي ذِكْرِ الْمُسْتَهْزِئِينَ: فأَما العاصُ بْنُ وَائِلٍ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَلَى حِمَارٍ فَدَخَلَ فِي أَخْمَصِ رِجْلِه شِبْرِقةٌ فَهَلَكَ؛ أَبو عَمْرٍو: المُشَبْرَق الرَّقِيقُ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْمَقْطُوعُ أَيضاً مُشَبْرَق. اللِّحْيَانِيُّ: ثوبٌ شَبارِق وشَمارِق ومُشَبْرَق ومُشَمْرَق، والشِّبْرقة الْقِطْعَةُ مِنَ الثَّوْبِ، والشَّبارق أَلوان اللَّحْمِ الْمَطْبُوخَةِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ أَلحقوه بعُذافِر. وشِبْرِقٌ: اسْمٌ عَرَبِيٌّ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَقَالَ: لا أَعرفه.

شبزق: قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْمُنْذِرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْهَيْثَمِ يَقُولُ: الشَّبْزَق هَكَذَا سَمِعْتُهُ دِيوْكَدْ خَزِيدَهْ كَرْدَهْ؛ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي الأَصل فَنَقَلْتُهُ عَلَى صُورَتِهِ وأَوهمني فِيهِ «2» نُقْطَةٌ عَلَى الرَّاءِ فِي لَفْظَةِ الشَّبْرَق، فَلَسْتُ أَدري أَهي سَهْوٌ مِنَ النَّاسِخِ أَو أَن تَكُونَ اللَّفْظَةُ شَبْزَق، بالزاي، والله أعلم.

شدق: الشِّدْق: جَانِبُ الْفَمِ. ابْنُ سِيدَهْ: الشِّدْقان والشَّدْقانِ طِفْطِفَةُ الْفَمِ مِنْ بَاطِنِ الخَدَّينِ. يُقَالُ نَفْخٌ فِي شِدْقَيه. وشِدْقا الْفَرَسِ: مَشَقُّ فَمِه إِلَى مُنْتَهَى حدِّ اللِّجَامِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَشْداق وشُدوق. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لَواسعُ الأَشْداقِ،

(2). قوله [وأوهمني فيه إلخ] عبارة القاموس: الشبزق كجعفر: من يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ، وفسره أبو الهيثم بالفارسية إلخ

ص: 172

وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّق فَجَعَلَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ جُزْءًا، ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا. وشَفةٌ شَدْقاء: واسعةُ مَشَقِّ الشِّدْقَيْنِ. والأَشْدَق: الْعَرِيضُ الشِّدْق الواسعُه المائلُه، أَيَّ ذَلِكَ كَانَ. وشِدْقا الْوَادِي: نَاحِيَتَاهُ. وَرَجُلٌ أَشْدَق: وَاسِعُ الشِّدْق، والأُنثى شَدْقاء. والشَّدَق، بِالتَّحْرِيكِ: سَعة الشِّدْق، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَعة الشِّدْقَيْنِ وَقَدْ شَدِقَ شَدَقاً. وخَطِيبٌ أَشْدَق بَيِّنُ الشَّدَقِ: مُجِيد. والمُتَشَدِّق: الَّذِي يَلْوي شِدْقَه للتَّفَصُّح. وَرَجُلٌ أَشْدَق إِذَا كَانَ مُتَفَوِّهاً ذَا بيانٍ، وَرِجَالٌ شُدْقٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الأَشْدَق لأَنه كَانَ أَحدَ خُطباء الْعَرَبِ. وَيُقَالُ: هُوَ مُتَشَدِّق فِي مَنْطِقِهِ إِذَا كَانَ يَتَوَسَّعُ فِيهِ ويَتَفَيْهَق. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم:

يَفْتَتِح الْكَلَامَ ويختَتِمه بأَشْداقِه

؛ الأَشْداقُ: جَوَانِبُ الْفَمِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لرُحْبِ شِدْقيه، وَالْعَرَبُ تَمْتَدِح بِذَلِكَ، وَرَجُلٌ أَشْدَق بَيِّنُ الشَّدَق. فأَما حَدِيثُهُ الْآخَرُ:

أَبْغَضُكم إلىَّ الثّرْثارون المُتَشَدِّقون

، فَهُمُ الْمُتَوَسِّعُونَ فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاطٍ وَاحْتِرَازٍ، وَقِيلَ: أَراد بالمُتَشَدِّق المُسْتهزئ بِالنَّاسِ يَلْوي شِدْقه بِهِمْ وَعَلَيْهِمْ. وتَشَدَّق فِي كَلَامِهِ: فَتَحَ فَمَهُ وَاتَّسَعَ. والشِّداقُ مِنْ سِماتِ الإِبل: رَسْمٌ عَلَى الشِّدْق؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. والشَّدْقَم والشَّدْقَميّ: الأَشْدَق، زادُوا فِيهِ الْمِيمَ كَزِيَادَتِهِمْ لَهَا فِي فُسْحُمٍ وسُتْهُم، وَجَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي رُباعِيّاً مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الشِّدْق. وشِدقٌ شَدْقَم: عَرِيضٌ. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: حدَّثَه رَجُلٌ بِشَيْءٍ فَقَالَ: مِمَّنْ سمعتَ هَذَا؟ فَقَالَ: مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مِنَ الشَّدقَم؟

أَيِ الْوَاسِعِ الشِّدْق، وَيُوصَفُ بِهِ المِنْطِيق الْبَلِيغُ المُفَوَّه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وشَدْقَم: اسْمُ فَحْلٍ. والأَشْدق: سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.

شذق: التَّهْذِيبُ: السَّوْذَق والشَّوْذَقُ السِّوار. قَالَ أَبو تُرَابٍ: وَيُقَالُ لِلصَّقْرِ سُوذانِق وشُوذانِق. ابْنُ سِيدَهْ: الشُّوذانِق؛ عَنْ يَعْقُوبَ، والشَّيْذَقانُ لُغَةٌ فِي الشُّوذانِق؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:

كالشَّيْذَقانِ خاضِب أَظْفارَه،

قَدْ ضَرَبَتْه شَمْأَلٌ فِي يومِ طَلّ

والشَّوْذَق: لُغَةٌ فِيهِ أَيْضًا. التَّهْذِيبُ: وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب الشَّوْذقةُ والتَّزْخيف أَخذُ الإِنسانِ عَنْ صَاحِبِهِ بأَصابِعه الشيْذَقَ. قَالَ الأَزهري: أَحسب الشَّوْذَقة مُعَرَّبَةً أَصلها الشَّيْذَقُ.

شرق: شَرَقَت الشمسُ تَشْرُق شُروقاً وشَرْقاً: طَلَعَتْ، وَاسْمُ الْمَوْضِعِ المَشْرِق، وَكَانَ الْقِيَاسُ المَشْرَق وَلَكِنَّهُ أَحَدُ مَا نَدَرَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ.

يُقَالُ: شَرَقَت الشمسُ إِذَا طَلَعَتْ، وأشْرَقَت إِذَا أَضَاءَتْ، فَإِنْ أَرَادَ الطُّلُوعَ فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ

حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ

، وَإِنْ أَرَادَ الإِضاءة فَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:

حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ

، والإِضاءة مَعَ الارتفاع. وقوله تعالى: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ [الْمَشْرِقَيْنِ] فَبِئْسَ الْقَرِينُ؛ إِنَّمَا أَراد بُعْدَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَلَمَّا جُعِلا اثْنَيْنِ غَلَّب لفظَ الْمَشْرِقِ لأَنه دَالٌّ عَلَى الْوُجُودِ وَالْمَغْرِبُ دَالٌّ عَلَى الْعَدَمِ، والوجودُ لَا مَحَالَةَ أشرفُ، كَمَا يُقَالُ الْقَمَرَانِ للشمس وَالْقَمَرُ؛ قَالَ:

لَنَا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ

أَراد الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فغَلّب الْقَمَرَ لِشَرَفِ التَّذْكِيرِ، وَكَمَا قَالُوا سُنَّة العُمَرين يُرِيدُونَ أَبا بَكْرٍ وَعُمَرَ،

ص: 173

رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، فَآثَرُوا الخِفَّة. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ

وبِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ

، فَقَدْ ذَكَرَ فِي فَصْلِ الْغَيْنِ مِنْ حَرْفِ الْبَاءِ فِي تَرْجَمَةِ غَرَبَ. والشَّرْق: المَشْرِق، وَالْجَمْعُ أَشراق؛ قَالَ كُثَيِّر عَزَّةَ:

إِذَا ضَرَبُوا يَوْمًا بِهَا الْآلُ، زيَّنُوا

مَساندَ أَشْراقٍ بِهَا ومَغاربا

والتَّشْرِيقُ: الأَخذ فِي نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ. يُقَالُ: شَتّانَ بَيْن مُشَرِّقٍ ومُغرِّبٍ. وشَرَّقوا: ذَهَبُوا إِلَى الشَّرْق أَو أَتَوُا الشَّرْقَ. وَكُلُّ مَا طلَع مِنَ الْمَشْرِقِ فَقَدْ شَرَّق، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَسْتَقْبلوا القِبْلة وَلَا تَسْتَدْبروها، وَلَكِنْ شَرِّقوا أَو غَرِّبوا

؛ هَذَا أَمر لأَهل الْمَدِينَةِ وَمَنْ كَانَتْ قِبْلته عَلَى ذَلِكَ السَّمْتِ ممن هُوَ فِي جِهَةِ الشَّمَالِ وَالْجَنُوبِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَتْ قِبْلَتُهُ فِي جِهَةِ المَشْرِق أَوِ الْمَغْرِبِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَن يُشَرِّق وَلَا يُغَرِّب إِنَّمَا يَجْتَنِب ويَشْتَمِل. وَفِي الْحَدِيثِ:

أناخَتْ بِكُمُ الشُّرْق الجُونُ

، يَعْنِي الفِتَن الَّتِي تَجِيءُ مِنْ قِبَل جِهَةِ الْمَشْرِقِ جَمْعُ شارِق، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والشَّرْقيّ: الْمَوْضِعُ الذي تُشْرِق فيه الشمس مِنَ الأَرض. وأَشْرَقَت الشمسُ إشْراقاً: أضاءت وانبسطت عَلَى الأَرض، وَقِيلَ: شَرَقَت وأَشْرَقت طَلَعَتْ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ شَرَقت وأَشْرَقَت أَضاءت. وشَرِقَت، بِالْكَسْرِ: دَنَتْ لِلْغُرُوبِ. وآتِيك كلَّ شارقٍ أَيْ كلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، وَقِيلَ: الشارِقُ قَرْن الشَّمْسِ. يُقَالُ: لَا آتِيك مَا ذَرَّ شارِقٌ. التَّهْذِيبُ: وَالشَّمْسُ تُسَمَّى شَارِقًا. يُقَالُ: إِنِّي لآتِيه كلَّما ذرَّ شارِقٌ أَيْ كُلَّمَا طَلَعَ الشَّرْقُ، وَهُوَ الشَّمْسُ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: الشَّرْق الضَّوْءُ والشَّرْق الشَّمْسُ. وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه أَنه قَالَ: الشَّرْق الشَّمْسُ، بِفَتْحِ الشِّينِ، والشِّرْق الضَّوْءُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ شِقِّ الْبَابِ، وَيُقَالُ لَهُ المِشْرِيق. وأَشْرَقَ وجههُ ولونُه: أَسفَر وَأَضَاءَ وتلأْلأَ حُسْناً. والمَشْرقة: مَوْضِعُ الْقُعُودِ لِلشَّمْسِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ: مَشْرُقة ومَشْرَقة، بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وشَرْقة، بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ، ومِشْراق. وتَشَرَّقْت أَيْ جَلَسَتْ فِيهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَشْرَقة والمَشْرُقة والمَشْرِقة الْمَوْضِعُ الَّذِي تَشْرُق عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الشِّتَاءَ؛ قَالَ:

تُرِيدين الفِراقَ، وأنْتِ منِّي

بِعيشٍ مِثْل مَشْرَقة الشَّمالِ

وَيُقَالُ: اقعُد فِي الشَّرْق أَي فِي الشَّمْسِ، وَفِي الشَّرْقة والمَشْرَقة والمَشْرُقة. والمِشْرِيقُ: المَشْرِقُ، عَنِ السِّيرَافِيِّ. ومِشْرِيقُ الْبَابِ: مدْخَلُ الشَّمْسِ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ طَائِرًا يُقَالُ لَهُ القَرْقَفَنَّة يَقَعُ عَلَى مِشْرِيق بَابِ مَنْ لَا يَغار عَلَى أَهْلِهِ فَلَوْ رأَى الرِّجَالَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهَا مَا غَيَّر

؛ قِيلَ فِي المِشْرِيق: إِنَّهُ الشَّقُّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ ضِحُّ الشَّمْسِ عِنْدَ شُرُوقِهَا؛ وَفِي الرِّوَايَةِ الأُخرى فِي حَدِيثِ

وَهْبٍ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا ينكرُ عَمَل السُّوءِ عَلَى أَهْلِهِ، جاءَ طَائِرٌ يقال له الفَرْقَفَنَّة فَيَقَعُ عَلَى مِشْرِيق بَابِهِ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ أَنْكَرَ طَارَ، وَإِنْ لَمْ يُنْكر مَسَحَ بِجَنَاحَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ فَصَارَ قُنْذُعاً دَيُّوثاً.

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي السَّمَاءِ بابٌ لِلتَّوْبَةِ يُقَالُ لَهُ المِشْرِيق وَقَدْ رُدَّ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا شَرْقُه

أَي الضوءُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ شقِّ الْبَابِ.

ص: 174

وَمَكَانٌ شَرِقٌ ومُشْرِق، وشَرِقَ شَرَقاً وأَشْرَق: أَشْرَقَت عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَأَضَاءَ. وَيُقَالُ: أَشْرَقَت الأَرض إِشْرَاقًا إِذَا أَنَارَتْ بإشْراق الشَّمْسِ وضِحِّها عَلَيْهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها

. والشَّرْقة: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: الشَّرَق والشَّرْق، بِالْفَتْحِ. والشَّرْقة الشَّرِقة والشارِقُ والشَّرِيق: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: الشَّمْسُ حِينَ تَشرُق. يُقَالُ: طَلَعَتِ الشَّرَق والشَّرْق، وَفِي الصِّحَاحِ: طَلَعَ الشَّرْق وَلَا يُقَالُ غرَبت الشَّرْق وَلَا الشَّرَق. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّرَق الشَّمْسُ، والشَّرْق، بِسُكُونِ الرَّاءِ، الْمَكَانُ الَّذِي تَشْرُق فِيهِ الشَّمْسُ. يُقَالُ: آتِيكَ كُلَّ يَوْمٍ طَلْعَةَ شَرَقِه. وَفِي الْحَدِيثِ:

كأَنَّهما ظُلَّتان سَوْداوانِ بَيْنَهُمَا شَرَقٌ

؛ الشَّرَقُ: الضوءُ وَهُوَ الشَّمْسُ، والشَّرْق والشَّرْقة والشَّرَقة مَوْضِعُ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، فَأَمَّا فِي الصَّيْفِ فَلَا شَرقة لَهَا، والمَشْرِقُ مَوْقِعُهَا فِي الشِّتَاءِ عَلَى الأَرض بَعْدَ طُلُوعِهَا، وشَرْقَتُها دَفاؤُها إِلَى زَوَالِهَا. وَيُقَالُ: مَا بَيْنَ المَشْرِقَيْنِ أَي مَا بَيْنَ المَشْرِق وَالْمَغْرِبِ. وأَشْرَق الرجلُ أَي دَخَلَ فِي شروقِ الشَّمْسِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ

؛ أَي مُصْبِحين. وأَشْرَقَ القومُ: دَخَلُوا فِي وَقْتِ الشُّرُوقِ كَمَا تَقُولُ أَفْجَرُوا وأَصْبَحُوا وأَظْهَرُوا، فَأَمَّا شَرَّقُوا وغَرَّبوا فسارُوا نحوَ المَشْرِق وَالْمَغْرِبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ

، أَيْ لَحِقوهم وَقْتَ دُخُولِهِمْ فِي شُرُوقِ الشَّمْسِ وَهُوَ طُلُوعُهَا. يُقَالُ: شَرَقَت الشمسُ إِذَا طَلَعَتْ، وأَشْرَقَت أَضاءت عَلَى وَجْهِ الأَرض وصَفَتْ، وشَرِقْت إِذَا غَابَتْ. والمَشْرِقان: مَشْرِقا الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ فِي النِّدَاءِ عَلَى الباقِلَّا شَرْقُ الْغَدَاةِ طَرِيّ قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ قَطْعُ الْغَدَاةِ أَي مَا قُطِع بِالْغَدَاةِ والْتُقِط؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا فِي الباقلَّا الرَّطْب يُجْنَى مِنْ شَجَرِهِ. يُقَالُ: شَرَقْتُ الثمرةَ إِذَا قَطَعْتَهَا. وَقَالَ الفراءُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ

؛ يَقُولُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ لَيْسَتْ مِمَّا تطْلع عَلَيْهَا الشمسُ فِي وَقْتِ شُروقِها فَقَطْ أَو فِي وَقْتِ غُرُوبِهَا فَقَطْ، وَلَكِنَّهَا شَرْقِيَّة غرْبِيَّة تُصِيبها الشَّمْسُ بِالْغَدَاةِ والعشيَّة، فَهُوَ أَنْضَر لَهَا وأَجود لِزَيْتُونِهَا وزيتِها، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهل التَّفْسِيرِ؛ وَقَالَ

الْحَسَنُ: لَا شَرْقِيَّة وَلَا غَرْبِيَّة إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ شَجَرِ أَهل الدُّنْيَا

أَي هِيَ مِنْ شَجَرِ أَهل الْجَنَّةِ، قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ الأَول أَولى؛ قَالَ وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الهيثم في قول الحرث بْنِ حِلِّزة:

إِنَّهُ شارِق الشَّقِيقة، إذ جاءَت

مَعَدٌّ، لِكُلِّ حَيٍّ لِوَاءُ

قَالَ: الشَّقِيقة مَكَانٌ مَعْلُومٌ، وَقَوْلُهُ شَارِقُ الشَّقِيقة أَي مِنْ جَانِبِهَا الشَّرْقي الَّذِي يَلِي المَشْرِق فَقَالَ شَارِقٌ، وَالشَّمْسُ تَشْرُق فِيهِ، هَذَا مَفْعُولٌ فَجَعَلَهُ فَاعِلًا. وَتَقُولُ لِما يَلِي المَشْرِق مِنَ الأَكَمَةِ وَالْجَبَلِ: هَذَا شارِقُ الْجَبَلِ وشَرْقِيُّه وَهَذَا غاربُ الْجَبَلِ وغَربِيُّه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

والفُتُن الشَّارِقُ والغَرْبيّ

أَراد الفُتُنَ الَّتِي تَلِي المَشْرِق وَهُوَ الشَّرْقيُّ؛ قَالَ الأَزهري: وَإِنَّمَا جَازَ أَن يَفْعَلَهُ شَارِقًا لأَنه جَعَلَهُ ذَا شَرْقٍ كَمَا يُقَالُ سِرُّ كاتمٌ ذُو كِتْمان وَمَاءٌ دافِقٌ ذُو دَفْقٍ.

ص: 175

وشَرَّقْتُ اللَّحْمَ: شَبْرَقْته طُولًا وشَرَرْته فِي الشَّمْسِ ليجِفَّ لأَن لُحُومَ الأَضاحي كَانَتْ تُشَرَّق فِيهَا بِمِنًى؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فَغَدَا يُشَرِّقُ مَتْنَه، فَبَدا لَهُ

أُولى سَوابِقها قَرِيباً تُوزَعُ

يَعْنِي الثَّوْرَ يُشَرِّقُ مَتْنَه أَي يُظْهِرُه لِلشَّمْسِ ليجِف مَا عَلَيْهِ مِنْ نَدَى اللَّيْلِ فَبَدَا لَهُ سوابقُ الكِلابِ. تُوزَع: تُكَفّ. وتَشْريق اللَّحْمِ: تَقْطِيعُه وتقدِيدُه وبَسْطُه، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ: ثَلَاثَةُ أَيام بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لأَن لَحْمَ الأَضاحي يُشَرَّق فِيهَا لِلشَّمْسِ أَي يُشَرَّر، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: أَشْرِقْ ثَبِير كَيْمَا نُغِير؛ الإِغارةُ: الدَّفْعُ، أَي نَدْفَعُ للنَّفْر؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن الهَدْيَ وَالضَّحَايَا لَا تُنْحَر حَتَّى تَشْرُق الشمسُ أَي تَطْلُعَ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِيهِ قَوْلَانِ: يُقَالُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا يُشَرِّقون فِيهَا لُحوم الأَضاحي، وَقِيلَ: بَلْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها كلَّها أَيام تَشْرِيقٍ لِصَلَاةِ يومِ النَّحْرِ، يَقُولُ فَصَارَتْ هَذِهِ الأَيام تَبَعًا لِيَوْمِ النَّحْرِ، قَالَ: وَهَذَا أَعجب الْقَوْلَيْنِ إليَّ، قَالَ: وَكَانَ أَبو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ بالتَّشْرِيقِ إِلَى التَّكْبِيرِ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: أَشْرِق ادْخُلْ فِي الشُّرُوقِ، وثَبِيرٌ جَبَلٌ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَشْرِق ثبِير: كَيْما نُغِير: يُرِيدُ ادْخل أَيُّهَا الْجَبَلُ فِي الشُّرُوقِ وَهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ، كَمَا تَقُولُ أَجْنَب دَخَلَ فِي الْجَنُوبِ وأَشْمَلَ دَخَلَ فِي الشِّمال، كَيْمَا نُغِير أَي كَيْمَا نُدْفَعُ لِلنَّحْرِ، وَكَانُوا لَا يُفِيضون حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَخَالَفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَيُقَالُ كَيْمَا نَدْفَعُ فِي السَّيْرِ مِنْ قَوْلِكَ أَغارَ إغارةَ الثَّعْلبِ أَي أَسْرع وَدَفَعَ فِي عَدْوِه. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ ذَبَح قَبْلَ التَّشْرِيقِ فلْيُعِدْ

، أَي قَبْلَ أَن يصلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ وَيُقَالُ لِمَوْضِعِهَا المُشَرَّق. وَفِي حَدِيثِ

مَسْروق: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى مُشَرَّقِكم

يَعْنِي المُصَلَّى. وَسَأَلَ أَعرابي رَجُلًا فَقَالَ: أَين مَنْزِل المُشَرَّق؟ يَعْنِي الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ الْعِيدُ، وَيُقَالُ لِمَسْجِدِ الخَيْف المُشَرَّق وَكَذَلِكَ لِسُوقِ الطَّائِفِ. والمُشَرَّق: الْعِيدُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الصَّلَاةَ فِيهِ بَعْدَ الشَّرْقةِ أَي الشَّمْسِ، وَقِيلَ: المُشَرَّق مُصَلَّى الْعِيدِ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: مُصَلَّى الْعِيدِ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَّةَ وَلَا غَيْرِهَا، وَقِيلَ: مُصَلَّى الْعِيدَيْنِ، وَقِيلَ: المُشَرَّق الْمُصَلَّى مُطْلَقًا؛ قَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ؛ وَرَوَى

شُعْبَةُ أَنَّ سِماك بْنَ حَرْب قَالَ لَهُ يَوْمَ عِيدٍ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى المُشَرَّق

يَعْنِي الْمُصَلَّى؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الأَخطل:

وبالهَدايا إِذَا احْمَرَّتْ مَدارِعُها،

فِي يَوْمِ ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ

والتَّشْرِيق: صَلَاةُ الْعِيدِ وَإِنَّمَا أُخذ مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ لأَن ذَلِكَ وقتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا ذَبْحَ إِلَّا بَعْد التَّشْرِيق

أَي بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ شُعْبَةُ: التَّشْرِيق الصَّلَاةُ فِي الْفِطْرِ والأَضحى بالجَبّانِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: لَا جُمْعة وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ

؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

قُلْتُ لِسَعْدٍ وَهُوَ بالأَزارِق:

عَلَيْكَ بالمَحْضِ وبالمَشارق

فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ عَلَيْكَ بِالشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ فانْعَمْ بِهَا ولَذَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ المَشارِق هُنَا جَمْعُ لحمٍ مُشَرَّق، وهو هذا المَشْرُور عِنْدَ الشَّمْسِ، يُقَوِّي ذَلِكَ قولُه بِالْمَحْضِ لأَنهما مَطْعُومَانِ؛ يَقُولُ:

ص: 176

كُلِ اللَّحْمَ واشْرَب اللَّبَنَ الْمَحْضَ. والتَّشْريق: الجمالُ وإشْراقُ الْوَجْهِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي فِي بَيْتِ الْمَرَّارِ:

ويَزِينُهنَّ مَعَ الجمالِ مَلاحةٌ،

والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والفَخْرُ «3»

. والشُّرُق: الغِلْمان الرُّوقة. وأُذُنٌ شَرْقاءُ: قطِعت مِنْ أَطرافها وَلَمْ يَبِنْ مِنْهَا شَيْءٌ. ومِعْزة شَرْقاء: انْشَقَّتْ أُذُناها طُولًا وَلَمْ تَبِنْ، وَقِيلَ: الشَّرْقاءُ الشَّاةُ يُشَقُّ باطنُ أُذُنِها مِنْ جَانِبِ الأُذن شَقّاً بَائِنًا وَيُتْرَكُ وَسَطُ أُذُنِها صَحِيحًا، وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الشَّرْقاءُ الَّتِي شُقَّت أُذناها شَقَّين نَافِذَيْنِ فَصَارَتْ ثَلَاثَ قِطَعٍ مُتَفَرِّقَةٍ. وشَرَقْتُ الشَّاةَ أَشْرُقُها شَرْقاً أَي شَقَقْت أُذُنَها. وشَرِقت الشاةُ، بِالْكَسْرِ، فَهِيَ شَاةٌ شَرْقاء بيّنَة الشَّرَقِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو جَدْعاء.

الأَصمعي: الشَّرْقاء فِي الْغَنَمِ الْمَشْقُوقَةُ الأُذن بِاثْنَيْنِ كَأَنَّهُ زنَمة، وَاسْمُ السِّمَةِ الشَّرَقة، بِالتَّحْرِيكِ، شَرَقَ أُذُنَها يَشْرِقُها شَرْقاً إِذَا شَقَّها؛ والخَرْقاء: أَن يَكُونَ فِي الأُذن ثُقْبٌ مُسْتَدِيرٌ. وَشَاةٌ شَرْقاء: مَقْطُوعَةُ الأُذن. والشَّرِيقُ مِنَ النِّسَاءِ: المُفْضاة. والشَّرِقُ مِنَ اللَّحْمِ: الأَحمر الَّذِي لَا دَسَم لَهُ. والشَّرَقُ: الشَّجَا والغُصّة. والشَّرَقُ بِالْمَاءِ والرِّيق وَنَحْوِهِمَا: كالغَصَص بِالطَّعَامِ؛ وشَرِقَ شَرَقاً، فَهُوَ شَرِقٌ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ،

كنتُ كالغَصّانِ بِالْمَاءِ اعْتِصاري

اللَّيْثُ: يُقَالُ شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وَكَذَلِكَ غَصَّ بِرِيقِهِ، وَيُقَالُ: أَخذَتْه شَرْقة فَكَادَ يَمُوتُ. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرُق الغَرْقَى. قَالَ الأَزهري: والغَرَقُ أَن يَدْخُلَ الماءُ فِي الأَنف حَتَّى تَمْتَلِئَ منافذُه. والشَّرَقُ: دخولُ الْمَاءِ الحَلْقَ حَتَّى يَغَصَّ بِهِ، وَقَدْ غَرِقَ وشَرِقَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَمَّا بَلَغَ ذِكْرَ مُوسَى أَخذتْه شَرْقةٌ فركَع

أَيْ أَخذته سُعْلة مَنَعَتْهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه قرأَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذكرِ عِيسَى، عليه السلام، وأُمِّه أَخذته شَرْقةٌ فَرَكَعَ

؛ الشَّرْقة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الشّرَقِ، أَي شَرِقَ بدمعِه فعَيِيَ بِالْقِرَاءَةِ، وَقِيلَ: أَراد أَنه شَرِقَ بِرِيقِهِ فَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ وَرَكَعَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

الحَرَقُ والشَّرَقُ شهادةٌ

؛ هُوَ الَّذِي يَشْرَقُ بِالْمَاءِ فَيَمُوتُ. وَفِي حَدِيثِ

أُبَيّ: لقد اصطلح أَهل هذه الْبَلْدَةِ عَلَى أَن يُعَصِّبُوه فشَرِقَ بِذَلِكَ

أَي غَصَّ بِهِ، وَهُوَ مَجَازٌ فِيمَا نَالَهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وحَلّ بِهِ حَتَّى كأَنه شَيْءٌ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِساغتِه وابتلاعِه فغَصَّ بِهِ. وشَرِقَ الموضعُ بأَهله: امتلأَ فَضَاقَ، وشَرِقَ الجسدُ بِالطِّيبِ كَذَلِكَ؛ قَالَ المخبَّل:

والزَّعْفَرانُ عَلَى تَرائِبها

شَرِقاً بِهِ اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ

وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فَهُوَ شَرِقٌ: اخْتَلَطَ؛ قَالَ المسيَّب بْنُ عَلَسٍ:

شَرِقاً بماءِ الذَّوْبِ أَسْلَمه

للمُبْتَغِيه مَعاقل الدَّبْرِ

والتَّشْريق: الصَّبغ بِالزَّعْفَرَانِ غَيْرِ المُشْبَع وَلَا يَكُونُ بالعُصْفُر. والتَّشْريق: المُشْبَع بِالزَّعْفَرَانِ. وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فَهُوَ شَرِقٌ: اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ بِدَمٍ أَو

(3). قوله [والفخر] كذ بالأَصل، وفي شرح القاموس: والعذم، بالذال، وفسره عن الصاغاني بالعض من اللسان بالكلام

ص: 177

بِحُسْنِ لَوْنٌ أَحمر؛ قَالَ الأَعشى:

وتَشْرَقُ بالقولِ الَّذِي قَدْ أَذَعْته،

كَمَا شَرِقَت صَدْرُ القَناةِ مِنَ الدَّمِ

وَمِنْهُ حَدِيثُ

عِكْرِمَةَ: رأَيت ابْنَينِ لسالمٍ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ مُشْرَقة

أَي مُحَمَّرَةٌ. يُقَالُ شَرِقَ الشيءُ إِذَا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ، وأَشْرَقْته بالصِّبْغ إِذَا بالَغْت فِي حُمْرَتِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ

الشَّعْبِيِّ: سُئِل عَنْ رَجُلٍ لَطَمَ عينَ آخَرَ فشَرِقَت بِالدَّمِ وَلَمَّا يَذْهَبْ ضَوْءُها فَقَالَ:

لَهَا أَمْرُها، حَتَّى إِذَا مَا تَبَوَّأَتْ

بأَخْفافِها مَأْوًى، تَبَوَّأ مَضْجَعا

الضَّمِيرُ فِي لَهَا للإِبل يُهْمِلها الرَّاعِي حَتَّى إِذَا جَاءَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعجبها فَأَقَامَتْ فِيهِ مالَ الرَّاعِي إِلَى مَضْجَعِه؛ ضَرَبَهُ مَثَلًا لِلْعَيْنِ أَي لَا يُحْكَم فِيهَا بِشَيْءٍ حَتَّى تأتيَ عَلَى آخِرِ أمْرِها وما تؤول إِلَيْهِ، فَمَعْنَى شَرِقَت بِالدَّمِ أَي ظَهَرَ فِيهَا وَلَمْ يَجْرِ مِنْهَا. وصَرِيع شَرِقٌ بِدَمِهِ: مُخْتَضِب. وشَرِقَ لونُه شَرَقاً: احْمَرَّ مِنَ الخَجَلِ. والشَّرْقِيّ: صِبْغ أَحمر. وشَرِقَتْ عينُه واشْرَوْرَقَت: احْمَرَّت، وشَرِقَ الدمُ فِيهَا: ظَهَرَ. الأَصمعي: شَرِقَ الدَّمُ بِجَسَدِهِ يَشْرَقُ شَرَقاً إِذَا ظَهَرَ وَلَمْ يَسِلْ، وَقِيلَ إِذَا مَا نَشِبَ، وَكَذَلِكَ شَرِقت عينُه إِذَا بَقِي فِيهَا دمٌ؛ قَالَ: وَإِذَا اخْتَلَطَتْ كُدورةٌ بِالشَّمْسِ ثُمَّ قُلْتَ شَرِقَت جَازَ ذَلِكَ كَمَا يَشْرَق الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يَنْشَبُ فِيهِ وَيَخْتَلِطُ. يُقَالُ: شَرِقَ الرجلُ يَشْرَقُ شَرَقاً إِذَا مَا دَخَلَ الماءُ حَلْقَه فشَرِقَ أَيْ نَشِبَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ، رضي الله عنه، قَالَ فِي النَّاقَةِ المُنْكَسرة: وَلَا هِيَ بفَقِيٍّ فتشْرَق عُرُوقُهَا

أَي تَمْتَلِئَ دَمًا مِنْ مَرَضٍ يَعْرِضُ لَهَا فِي جَوْفِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُخْرِج يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ وَهُمَا مُتَفَلِّقَتان قَدْ شَرِق بَيْنَهُمَا الدَّمُ.

وشَرِقَ النَّخْلُ وأَشْرَق وأَزْهَقَ «1» لوَّنَ بِحُمْرَةٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ ظُهُورُ أَلوان البُسْر. ونَبْتٌ شَرِقٌ أَي رَيَّان؛ قَالَ الأَعشى:

يُضاحِك الشمسَ مِنْهَا كوكَبٌ شَرِقٌ،

مُؤَزَّرٌ بعَمِيم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ

وأَما مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ:

لَعَلَّكُمْ تُدْرِكون قَوْمًا يُؤَخِّرون الصَّلَاةَ إِلَى شَرَقِ المَوْتَى فصَلّوا الصلاةَ لِلْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفون ثُمَّ صَلّوا مَعَهُمْ

؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنْ يَشْرَقَ الإِنسانُ بريقِه عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ: أَراد أَنهم يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَبْقَ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا بِقَدْرِ مَا بَقِي مِنْ نَفْس هَذَا الَّذِي قَدْ شَرِق بِرِيقِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، أَراد فَوْتَ وقْتِها وَلَمْ يُقَيِّدِ الصَّلَاةَ فِي الصِّحَاحِ بِجُمُعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا،

وَسُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَلم ترَ الشمسَ إِذَا ارْتَفَعَتْ عَنِ الْحِيطَانِ وَصَارَتْ بَيْنَ الْقُبُورِ كَأَنَّهَا لُجّة؟ فَذَلِكَ شَرَقُ الْمَوْتَى

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي أَن طُلُوعَهَا وشُروقَها إِنَّمَا هُوَ تِلْكَ السَّاعَةُ لِلْمَوْتَى دُونَ الأَحياء. أَبو زَيْدٍ: تُكْرَه الصَّلَاةُ بشَرَقِ الْمَوْتَى حِينَ تصفرُّ الشَّمْسُ، وَفَعَلْتُ ذَلِكَ بشَرَقِ الْمَوْتَى: فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ: إِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا كشَرَقِ الْمَوْتَى

؛ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنه أَراد بِهِ آخِرَ النَّهَارِ لأَن الشَّمْسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنَّمَا تَلْبَث قَلِيلًا ثُمَّ تَغِيبُ فشبَّه مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِبَقَاءِ الشَّمْسِ تِلْكَ السَّاعَةَ، والآخَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ شَرِقَ الْمَيِّتُ بَرِيقِهِ إِذَا غَصَّ بِهِ، فشبَّه قِلَّةَ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الشَّرِق بِرِيقِهِ إِلَى أَن تَخْرُجَ نَفْسُهُ.

وَسُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْهُ فَقَالَ: أَلم تَرَ إِلَى الشَّمْسِ إِذَا ارْتَفَعَتْ عَنِ الْحِيطَانِ

(1). قوله [وأزهق] هكذا في الأَصل ولعله وأزهى.

ص: 178

فَصَارَتْ بَيْنَ الْقُبُورِ كَأَنَّهَا لُجّة؟ فَذَلِكَ شَرَقُ الْمَوْتَى.

يُقَالُ: شَرِقَت الشَّمْسُ شَرَقاً إِذَا ضَعُفَ ضوءُها، قَالَ: ووَجّه قولَه حِينَ ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ إِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا كشَرَقِ الْمَوْتَى إِلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحدهما أَن الشَّمْسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنَّمَا تَلْبَثُ سَاعَةً ثُمَّ تَغِيبُ فشبَّه قِلَّة مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِبَقَاءِ الشَّمْسِ تِلْكَ السَّاعَةَ مِنَ الْيَوْمِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ فِي شَرَقِ الْمَوْتَى شَرَقُ الْمَيِّتِ برِيقِه عِنْدَ خُرُوجِ نَفَسِهِ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:

وَاجْعَلُوا صلاتَكم مَعَهُمْ سُبْحَة

أَي نَافِلَةً. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: المُشَرَّق جَبَلٌ بِسُوقِ الطَّائِفِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: المُشَرَّق سُوقُ الطَّائِفِ؛ وَقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

حَتَّى كأَنِّي للحوادِثِ مَرْوَةٌ،

بصَفا المُشَرَّق، كلَّ يومٍ تُقْرَعُ

يُفَسَّر بِكِلَا ذَيْنِك، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: بِصَفَا المُشَقَّر؛ قَالَ: وَهُوَ صَفَا المُشَقَّر الَّذِي ذَكَرَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ فَقَالَ:

دُوَيْنَ الصَّفا اللَّائي يَلِينَ المُشَقَّرا

والشارِقُ: الكِلْسُ، عَنْ كُرَاعٍ. والشَّرْقُ: طَائِرٌ، وَجَمْعُهُ شُروق، وَهُوَ مِنْ سِباع الطَّيْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

قَدْ أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذُو بَرِيقِ،

بمُلْحَمٍ أَحْمَرَ سَوْذَنِيقِ،

أَجْدَلَ أَوْ شَرْقٍ مِنَ الشُّروقِ

قَالَ شِمْرٌ: أَنشدني أَعرابي فِي مَجْلِسِ ابْنِ الأَعرابي وَكَتَبَهَا ابْنُ الأَعرابي:

انْتَفِخي، يَا أَرْنَبَ القِيعان،

وأَبْشِرِي بالضَّرْبِ والهَوانِ،

أَوْ ضَرْبَةٍ مِنْ شَرْقِ شَاهِيَانِ،

أَوْ تَوِّجِي جَائِعَ غَرْثَانَ «1»

. قَالَ: الشَّرْق بَيْنَ الحِدَأَة وَالشَّاهِينِ وَلَوْنُهُ أَسود. والشارِق: صَنَمٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وعبد الشارِق: اسْمٌ وَهُوَ مِنْهُ. والشَّرِيقُ: اسْمُ صَنَمٍ أَيْضًا. والشَّرْقِيُّ: اسْمُ رَجُلٍ راوِية أَخبار. ومِشْرِيق: موضع. وشَرِيق: اسم رجل.

شربق: شَرْبَقَه شَرْبَقةً: لُغَةٌ فِي شَبْرَقه، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الْفَرَّاءُ: شَرْبَقْت الثَّوْبَ، فَهُوَ مُشَرْبَق أَي قطَّعته مِثْلُ شَبْرَقْت.

شرشق: الشِّرْشِق: طائر.

شرنق: أَبو عَمْرٍو: ثِيابٌ شَرانِقُ متخرِّقة لَا وَاحِدَ لَهَا؛ وأَنشد:

مِنْهُ وأَعلى جِلْدِه شَرانِقُ

وَيُقَالُ لسَلْخِ الحَيَّة إِذَا أَلْقَتْه شَرانِقُ وَيُقَالُ لسَلْخِ الحَيَّة إِذَا أَلْقَتْه شَرانِق.

شرقرق: اللَّيْثُ: الشِّقِرّاق والشَّقِرَّاق والشَّرَقْراق والشِّرَقْراق، لُغَتَانِ: طَائِرٌ يَكُونُ فِي أَرْضِ الحَرَم فِي مَنَابِتِ النَّخِيلِ كَقَدْرِ الهُدْهد مرقَّط بحُمْرة وَخُضْرَةٍ وبياض وسواد.

شفق: الشّفَق والشَّفَقة: الِاسْمُ مِنَ الإِشْفاق. والشَّفَق: الخِيفة. شَفِقَ شَفَقاً، فَهُوَ شَفِقٌ، وَالْجَمْعُ شَفِقُون؛ قَالَ الشَّاعِرُ إسحق بْنُ خَلَفٍ، وَقِيلَ هُوَ لِابْنِ المُعَلَّى:

تَهْوى حَياتي، وأَهْوَى مَوْتَها شَفَقاً،

والمَوْتُ أكْرَمُ نزّالٍ عَلَى الحُرَمِ

وأشْفَقْت عَلَيْهِ وأَنا مُشْفِق وشَفِيق، وَإِذَا قُلْتَ: أَشْفَقْت مِنْهُ، فَإِنَّمَا تَعْنِي حذِرْته، وأَصلهما واحد، ولا

(1). قوله [أَوْ ضَرْبَةٍ مِنْ شَرْقِ إلى آخر البيت] هكذا في الأَصل

ص: 179

يُقَالُ شَفَقْت. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: شَفَقْت وأَشْفَقْت بِمَعْنًى، وأَنكره أَهْلُ اللُّغَةِ. اللَّيْثُ: الشَّفَقُ الْخَوْفُ. تَقُولُ: أَنَا مُشْفِق عَلَيْكَ أَيْ أَخاف. والشَّفَقُ أَيْضًا الشَّفَقة وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الناصِحُ مِنْ بُلوغِ النُّصْح خَائِفًا عَلَى المَنْصوح. تَقُولُ: أَشْفَقْت عَلَيْهِ أَنْ يَنالَه مَكْرُوهٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وأشْفَق عَلَيْهِ حَذِرَ، وأشْفَق مِنْهُ جَزِع، وشَفَق لُغَةٌ. والشَّفَق والشَّفقة: الخيفةُ مِنْ شِدَّةِ النُّصْحِ. والشَّفِيق: الناصِحُ الْحَرِيصُ عَلَى صَلَاحِ الْمَنْصُوحِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ

، أَيْ كُنَّا فِي أَهْلِنَا خَائِفِينَ لِهَذَا الْيَوْمِ. وشَفِيق: بِمَعْنَى مُشْفِق مِثْلُ أَليم ووَجِيع وداعٍ «1» وسَميع. والشَّفَق والشَّفَقة: رقَّة مِنْ نُصْحٍ أَوْ حُبّ يؤدِّي إِلَى خَوْفٍ. وشَفِقْت مِنَ الأَمر شَفَقَةً: بِمَعْنَى أَشْفَقْت؛ وَأَنْشَدَ:

فإنِّي ذُو مُحافَظَةٍ لِقَوْمي،

إِذَا شَفِقَتْ عَلَى الرِّزْقِ العِيالُ

وَفِي حَدِيثِ

بِلَالٍ: وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ شَفَقاً مِنْ أَن يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ

؛ الشَّفَق والإِشْفاق: الْخَوْفُ، يُقَالُ: أَشْفَقْت أُشْفِق إِشْفَاقًا، وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ. وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ: شَفِقْت أَشْفَق شَفَقاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

الْحَسَنِ: قَالَ عُبَيْدة أَتَيْناه فازْدحَمْنا عَلَى مَدْرَجةٍ رَثّةٍ فَقَالَ: أَحسنوا مَلأَكم أَيُّها المَرْؤون وَمَا عَلَى البِناء، شَفَقاً وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ

؛ انْتَصَبَ شَفَقاً بفعل مضمر وتقديره وَمَا أُشْفِقُ عَلَى الْبِنَاءِ شَفَقاً وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ؛ وَقَوْلُهُ:

كَمَا شَفِقَت عَلَى الزَّادِ العِيالُ

أَرَادَ بَخِلت وضَنّت، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الْبَخِيلَ بِالشَّيْءِ مُشْفِق عَلَيْهِ. والشَّفَق: الرَّدِيءُ مِنَ الأَشياء وَقَلَّمَا يُجْمَعُ. وَيُقَالُ: عَطَاءٌ مُشَفَّق أَي مُقَلَّل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

مَلِك أَغرُّ مِنَ الْمُلُوكِ، تَحَلّبَت

لِلسَّائِلِينَ يَدَاهُ، غَيْرُ مُشَفِّق

وَقَدْ أَشْفَق الْعَطَاءُ. ومِلْحفة شَفَقُ النَّسْجِ: رَدِيئَةٌ. وشَفَّق المِلْحَفة: جَعَلَهَا شَفَقاً فِي النَّسْجِ. والشَّفَقُ: بَقِيَّةُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وحمرتُها فِي أَول اللَّيْلِ تُرَى فِي الْمَغْرِبِ إِلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ. والشَّفَق: النَّهَارُ أَيضاً؛ عن الزَّجَّاجِ، وَقَدْ فُسِّرَ بِهِمَا جَمِيعًا قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ

. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ الأَخيرة، فَإِذَا ذَهَبَ قِيلَ غابَ الشَّفَق، وَكَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ: الشَّفَق الْبَيَاضُ لأَن الْحُمْرَةَ تَذْهَبُ إِذَا أَظلمت، وَإِنَّمَا الشَّفَق البياضُ الَّذِي إِذَا ذَهَبَ صُلِّيَت العشاءُ الأَخيرة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصَوَابِ ذَلِكَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ كَأَنَّهُ الشَّفَق، وَكَانَ أَحمر، فَهَذَا شاهِدُ الْحُمْرَةِ. أَبُو عَمْرٍو: الشَّفَقُ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ بِالْحُمْرَةِ. «2» .... فِي السَّمَاءِ. وأَشْفَقَنْا: دَخَلْنَا فِي الشَّفَق. وأَشْفَق وشَفَّق: أَتَى بشَفَقٍ وَفِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ؛ هُوَ مِنَ الأَضداد يَقَعُ عَلَى الْحُمْرَةِ الَّتِي تُرى بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَعَلَى الْبَيَاضِ الْبَاقِي فِي الأُفُق الْغَرْبِيِّ

بَعْدَ الْحُمْرَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَبِهِ أَخذ أَبو حَنِيفَةَ. وَفِي النَّوَادِرِ: أَنَا فِي أَشْفَاقٍ مِنْ هَذَا الأَمر أَي فِي نواحٍ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ: أَنا عَروض مِنْهُ وَفِي أَعْراضٍ مِنْهُ أَيْ فِي نواحٍ.

شفشلق: الشَّفْشَلِيق والشَّمْشَلِيق: المُسِنّة. يُقَالُ: عَجُوزٌ شَفْشَلِيق وشَمْشَلِيق إذا استرخى لحمها.

(1). قوله [وداع] هكذا في الأَصل.

(2)

. كذا بياض بالأَصل.

ص: 180

اللَّيْثُ: الجَنْفَلِيق مِنَ النِّسَاءِ العظيمة، وكذلك الشَّفْشَليق.

شفلق: ابْنُ الأَعرابي: الشَّفَلَّقة لُعْبة لِلْحَاضِرَةِ وَهُوَ أَن يَكْسَعَ الإِنسان مِنْ خَلْفِه فيَصْرَعَه وَهُوَ الأَسْنُ عِنْدَ الْعَرَبِ، قَالَ: وَيُقَالُ سَاتاهُ إِذَا لَعِب مَعَهُ الشَّفَلَّقة.

شقق: الشَّقُّ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ شَقَقْت العُود شَقّاً والشَّقُّ: الصَّدْع الْبَائِنُ، وَقِيلَ: غَيْرُ الْبَائِنِ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّدْعُ عَامَّةً. وَفِي التَّهْذِيبِ: الشَّقُّ الصَّدْعُ فِي عُودٍ أَو حَائِطٍ أَوْ زُجاجة؛ شَقَّه يَشُقُّه شَقّاً فانْشَقَّ وشقَّقَه فتَشَقَّقَ؛ قَالَ:

أَلَا يَا خُبْزَ يَا ابْنةَ يَثْرُدانٍ،

أَبَى الحُلْقومُ بَعْدَكِ لَا يَنامُ

وبَرْقاً للعَصِيدة لاحَ وَهْناً،

كَمَا شَقَّقْت فِي القِدْرِ السَّناما «1»

. والشَّقُّ: الْمَوْضِعُ الْمَشْقُوقُ كأَنه سُمِّي بِالْمَصْدَرِ، وَجَمْعُهُ شُقوق. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الشَّقُّ الْمَصْدَرُ، والشِّقُّ الِاسْمُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَعرفها عَنْ غَيْرِهِ. والشِّقُّ: اسْمٌ لِمَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ، وَالْجَمْعُ الشُّقوق. وَيُقَالُ: بِيَدِ فُلَانٍ وَرِجْلِهِ شُقوق، وَلَا يُقَالُ شُقاق، إِنَّمَا الشُّقاق دَاءٌ يَكُونُ بِالدَّوَابِّ وَهُوَ يُشِقِّق يأْخذ فِي الْحَافِرِ أَوِ الرُّسغ يَكُونُ فِيهِمَا مِنْهُ صُدوع وَرُبَّمَا ارْتَفَعَ إِلَى أوْظِفَتِها. وشُقَّ الحافرُ وَالرُّسْغُ: أَصابَهُ شُقاقٌ. وَكُلُّ شَقٍّ فِي جِلْدٍ عَنْ داء شُقاق، جاؤوا بِهِ عَلَى عَامَّةِ أَبنية الأَدواء. وَفِي حَدِيثِ

قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ: أَصَابَنَا شُقاق وَنَحْنُ مُحْرمون فسأَلنا أَبا ذَرٍّ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بالشَّحْمِ

؛ هُوَ تَشَقُّقُ الْجِلْدِ وَهُوَ مِنَ الأَدواء كالسُّعال والزُّكام والسُّلاق. والشَّقُّ: وَاحِدُ الشُّقوق وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. الأَزهري: والشُّقاق تَشَقُّق الْجِلْدِ مِنْ بَرْدٍ أَو غَيْرِهِ فِي الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ. وَقَالَ الأَصمعي: الشُّقاق فِي الْيَدِ وَالرَّجْلِ مِنْ بَدَنِ الإِنس وَالْحَيَوَانِ. وشَقَقْت الشَّيْءَ فانْشَقَّ. وشَقَّ النبتُ يَشُقُّ شُقوقاً: وَذَلِكَ فِي أَول مَا تَنْفَطِر عَنْهُ الأَرض. وشقَّ نابُ الصَّبِيِّ يَشُقُّ شُقُوقًا: فِي أَوّل مَا يَظْهَرُ. وشقَّ نابُ الْبَعِيرِ يَشُقُّ شُقُوقًا: طَلَعَ، وَهُوَ لُغَةٌ فِي شَقا إِذَا فَطَرَ نابُه. وشَقَّ بَصَرُ الميِّت شَقُوقًا: شخَص وَنَظَرَ إِلَى شَيْءٍ لَا يرتدُّ إِلَيْهِ طرْفُه وَهُوَ الَّذِي حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَلَا يُقَالُ شَقَّ بَصَرَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَلم تَرَوْا إِلَى الميِّت إِذَا شَقَّ بَصَرُه

أَيِ انْفَتَحَ، وضَمُّ الشِّينِ فِيهِ غيرُ مُخْتَارٍ. والشَّقُّ: الصُّبْحُ. وشَقَّ الصبحُ يَشُقُّ شَقّاً إِذَا طَلَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَمَّا شَقَّ الفَجْران أمَرنا بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ

؛ يُقَالُ: شَقَّ الفجرُ وانْشَقَّ إِذَا طَلَعَ كَأَنَّهُ شَقَّ موضعَ طلوعِه وَخَرَجَ مِنْهُ. وانْشقَّ البرقُ وتَشَقَّقَ: انْعَقَّ، وشَقِيقة البَرْق: عَقِيقته. ورأَيت شقِيقةَ البَرْق وعَقِيقته: وَهُوَ مَا اسْتَطَارَ مِنْهُ فِي الأُفق وَانْتَشَرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، سُئِلَ عَنْ سَحَائِبَ مَرَّت وَعَنْ بَرْقِها فَقَالَ: أَخَفْواً أَمْ وَمِيضاً أَم يَشُقُّ شَقّاً؟ فَقَالُوا: بَلْ يَشُقُّ شَقّاً، فَقَالَ: جَاءَكُمُ الحَيا

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى شَقَّ البرقُ يَشُقُّ شَقّاً هُوَ الْبَرْقُ الَّذِي تَرَاهُ يَلْمَعُ مُسْتَطِيلًا إِلَى وَسَطِ السَّمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ اعْتِرَاضٌ، ويَشقّ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي انْتَصَبَ عَنْهُ الْمَصْدَرَانِ تَقْدِيرُهُ أَيَخْفِي أَمْ يُومض أَم يَشُقُّ. وشَقائِقُ النُّعْمَانِ: نَبْتٌ، وَاحِدَتُهَا شَقيقةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِحُمْرَتِهَا عَلَى التَّشْبِيهِ بشَقِيقةِ البَرْق، وقيل:

(1). قوله [ألا يا خبز إلخ] في هذين البيتين عيب الإصراف. وقوله: وبرقاً تقدم في مادة ث ر د وبرق

ص: 181

واحدهُ وجمعهُ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا أُضيف إِلَى النُّعْمَانِ لأَنه حَمَى أَرْضًا فَكَثُرَ فِيهَا ذَلِكَ. غَيْرُهُ: ونَوْرٌ أَحْمَرُ يُسَمَّى شَقائِق النُّعمان، قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ وأُضيف إِلَى النُّعْمَانِ لأَن النُّعْمَانَ بنَ الْمُنْذِرِ نَزَلَ عَلَى شَقائِقِ رَمْلٍ قَدْ أَنْبَتَتِ الشَّقِرَ الأَحمرَ، فَاسْتَحْسَنَهَا وأَمر أَن تُحْمَى، فَقِيلَ للشَّقِر شَقائِق النُّعْمَانِ بمَنْبِتِها لَا أَنها اسْمٌ للشَّقِر، وَقِيلَ: النُّعْمان اسْمُ الدَّمِ وشَقائِقُه قِطَعهُ فشُبِّهت حُمْرَتُهَا بِحُمْرَةِ الدَّمِ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الزهرةُ شَقائِقَ النُّعْمان وغلَب اسمُ الشَّقَائِقِ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ

أَبِي رَافِعٍ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجرةً تَحْمِل كُسْوة أَهلِها أَشدَّ حُمْرَةً مِنَ الشَّقائِق

؛ هُوَ هَذَا الزَّهْرُ الأَحمر الْمَعْرُوفُ، وَيُقَالُ لَهُ الشَّقِرُ وَأَصْلُهُ مِنَ الشَّقِيقة وَهِيَ الفُرْجة بَيْنَ الرِّمَالِ. قَالَ الأَزهري: والشَّقائِقُ سَحائبُ تَبَعَّجتْ بالأَمطار الغَدِقة؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

فَقُلْتُ لَهَا: مَا نُعْمُ إِلَّا كَرَوضةٍ

دَمِيثِ الرُّبى، جادَت عَلَيْهَا الشَّقائِقُ

والشَّقِيقةُ: المَطرةُ المُتَّسعة لأَن الْغَيْمَ انْشَقَّ عَنْهَا؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الدُّمَيْنة:

ولَمْح بعَيْنَيْها، كأَنَّ ومِيضَه

وَمِيضُ الحَيا تُهْدَى لِنَجْدٍ شَقائِقُهْ

وَقَالُوا: المالُ بَيْنَنَا شَقَّ وشِقَّ الأَبْلمَةِ والأُبْلُمةِ أَيِ الخُوصِة أَيْ نَحْنُ مُتَسَاوُونَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَن الخُوصةَ إِذَا أُخذت فشُقَّت طُولًا انْشَقّت بِنِصْفَيْنِ، وَهَذَا شَقِيقُ هَذَا إِذَا انْشَقَّ بِنِصْفَيْنِ، فَكُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَقِيقُ الْآخَرِ أَي أَخوه، وَمِنْهُ قِيلَ فلانٌ شَقِيقُ فلانٍ أَي أَخوه؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ وَقَدْ صغره:

يا ابنَ أُمّي، وَيَا شُقَيِّقَ نَفْسِي،

أَنتَ خَلَّيْتَني لأَمْرٍ شَدِيد

والشَّقُّ والمَشَقُّ: مَا بَيْنَ الشُّفْرَين مِنْ حَيا المرأَة. والشَّواقُّ مِنَ الطَّلْع: مَا طَالَ فَصَارَ مقدارَ الشِّبْر لأَنها تَشُقُّ الكِمامَ، واحدتُها شاقَّةٌ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُواءةَ: أَشَقَّ النخلُ طَلَعَتْ شَواقُّه. والشِّقَّةُ: الشَّظِيّةُ أَو القِطعةُ المَشْقوقةُ مِنْ لَوْحٍ أَوْ خَشَبٍ أَو غَيْرِهِ. وَيُقَالُ للإِنسان عِنْدَ الْغَضَبِ: احْتَدَّ فَطَارَتْ مِنْهُ شِقَّةٌ فِي الأَرض وشِقَّةٌ فِي السَّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: مَا كَانَ لِيُخْنِيَ بابِنه فِي شِقّة مِنْ تَمْرٍ

أَي قطعةٍ تُشَقُّ مِنْهُ؛ هكذا ذكره الزمخشري وأَبو مُوسَى بَعْدَهُ فِي الشِّينِ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهُ أَنه غَضِبَ فَطَارَتْ مِنْهُ شِقَّةٌ أَي قِطْعَةٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُ المتأَخرين بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ رضي الله عنها: فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وشِقَّة فِي الأَرض

؛ هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْغَضَبِ وَالْغَيْظِ. يُقَالُ: قَدِ انْشَقَّ فُلَانٌ مِنَ الْغَضَبِ كَأَنَّهُ امتلأَ باطنُه؛ بِهِ حَتَّى انْشَقَّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ. وشَقَّقْتُ الحطبَ وَغَيْرَهُ فتَشَقَّقَ. والشِّقُّ والشِّقَّة، بِالْكَسْرِ: نِصْفُ الشَّيْءِ إِذَا شُقَّ، الأَخيرة عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. يُقَالُ: أَخذت شِقَّ الشَّاةِ وشِقّةَ الشاةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: خُذْ هَذَا الشِّقَّ لِشِقّةِ الشاةِ. وَيُقَالُ: الْمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ شِقَّ الشَّعْرة وشَقَّ الشَّعْرَةِ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، فَإِذَا قَالُوا شَقَقْتُ عَلَيْكَ شَقّاً نَصَبُوا. قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ غَيْرَهُ. والشِّق: النَّاحِيَةُ مِنَ الْجَبَلِ. والشِّقُّ: النَّاحِيَةُ وَالْجَانِبُ مِنَ الشَّقِّ أَيضاً. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَا وَالَّذِي جَعَلَ الْجِبَالَ وَالرِّجَالَ حِفْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ خَرَقَهَا فَجَعَلَ الرِّجَالَ لِهَذِهِ وَالْجِبَالَ لِهَذَا. وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: وَجَدَنِي فِي

ص: 182

أَهل غُنَيْمةٍ بِشِقٍّ [بِشَقٍ]

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَهَذَا يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فَالْكَسْرُ مِنَ المَشَقّةِ؛ وَيُقَالُ: هُمْ بِشِقٍّ مِنَ الْعَيْشِ إِذَا كَانُوا فِي جَهْدٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ

، وأَصله مِنَ الشِّقِّ نِصْف الشَّيْءِ كأَنه قَدْ ذَهَبَ بِنِصْفِ أَنْفُسِكم حَتَّى بَلَغْتُموه، وَأَمَّا الْفَتْحُ فَمِنَ الشَّقِّ الفَصْلِ فِي الشَّيْءِ كأَنها أَرادت أَنَّهُمْ فِي مَوْضِعٍ حَرِجٍ ضَيّقٍ كالشَّقِّ فِي الْجَبَلِ، وَمِنَ الأَول:

اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرةٍ

أَيْ نصفِ تَمْرَةٍ؛ يُرِيدُ أَن لَا تَسْتَقلّوا مِنَ الصَّدَقَةِ شَيْئًا. والمُشاقَّةُ وَالشِّقَاقُ: غَلَبَةُ العداوةِ وَالْخِلَافِ، شاقَّهُ مُشاقَّةً وشِقاقاً: خالَفَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: إِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ

؛ الشِّقاقُ: العدواةُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ والخلافُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، سُمِّيَ ذَلِكَ شِقاقاً لأَن كُلَّ فَرِيقٍ مِنْ فِرْقَتَي العدواة قَصَدَ شِقًّا أَي نَاحِيَةً غَيْرَ شِقِّ صَاحِبِهِ. وشَقَّ امْرَه يَشُقُّه شَقًّا فانْشَقَّ: انْفَرَقَ وَتَبَدَّدَ اخْتِلَافًا. وشَقَّ فلانٌ الْعَصَا أَيْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وشَقَّ عَصَا الطَّاعَةِ فانْشَقَّت وَهُوَ مِنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَقَّ الخوارجُ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، فَمَعْنَاهُ أَنهم فرَّقوا جَمْعَهم وكلمتَهم، وَهُوَ مِنَ الشَّقِّ الَّذِي هُوَ الصَّدْع. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخارجيُّ يَشُقُّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ ويُشاقُّهم خِلَافًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ شَقَّهم الْعَصَا والمُشاقَّةَ وَاحِدًا، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَفْسِيرِهِمَا آنِفًا. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ انْشَقَّت عَصَاهُمَا بَعْدَ الْتِئامِها إِذا تَفَرَّق أَمْرُهم وانْشَقَّت الْعَصَا بالبَيْنِ وتَشَقَّقت؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:

وناحَ غُرابُ البَيْنِ وانْشَقَّت الْعَصَا

بِبَيْنٍ، كَمَا شَقَّ الأَدِيمَ الصَّوانِعُ

وانْشَقَّت الْعَصَا أَي تَفَرَّقَ الأَمرُ. وشَقَّ عليَّ الأَمرُ يَشقُّ شَقًّا ومَشقّة أَي ثَقُل عَلَيَّ، وَالِاسْمُ الشِّقُّ، بِالْكَسْرِ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ

قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: لَوْلَا أَن أَشُقَّ عَلَى أُمّتي لأَمَرْتُهم بالسِّواك عِنْدَ كلِّ صَلَاةٍ

؛ الْمَعْنَى لَوْلَا أَن أُثَقِّلَ عَلَى أُمتي مِنَ المَشَقّة وَهِيَ الشِّدَّةُ. والشِّقُّ: الشقيقُ الأَخُ. ابْنُ سِيدَهْ: شِقُّ الرجلِ وشَقِيقُه أَخُوهُ، وَجَمْعُ الشَّقِيقِ أَشِقَّاءُ. يُقَالُ: هُوَ أَخي وشِقِّ نَفْسِي، وَفِيهِ: النساءُ شَقائِقُ الرِّجَالِ أَي نظائرُهم وَأَمْثَالُهُمْ فِي الأَخْلاقِ والطِّباع كَأَنَّهُنَّ شُقِقْنَ مِنْهُمْ ولأَن حَوّاء خلقتْ مِنْ آدَمَ. وشَقِيقُ الرَّجُلِ: أَخوه لأُمّه وأَبيه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنتم إخوانُنا وأَشِقَّاؤنا.

والشَّقِيقةُ: دَاءٌ يأْخذ فِي نِصْفِ الرأْس وَالْوَجْهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: صُداع يأْخذ فِي نِصْفِ الرأْس وَالْوَجْهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

احْتَجَم وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ شَقِيقةٍ

؛ هُوَ نَوْعٌ مِنْ صُداعٍ يَعْرِض فِي مُقَدَّمِ الرأْس وَإِلَى أَحد جَانِبَيْهِ. والشِّقُّ والمَشَقَّةُ: الْجَهْدُ وَالْعَنَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ

؛ وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ عَلَى كَسْرِ الشِّينِ مَعْنَاهُ إِلَّا بِجَهْدِ الأَنفس، وَكَأَنَّهُ اسْمٌ وكأَن الشَّقَّ فِعْلٌ، وَقَرَأَ أَبو جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ:

إِلَّا بشَقّ الأَنفُس

، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهُمَا بِمَعْنًى؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ مِلْقَطٍ وَزَعَمَ أَنه فِي نَوَادِرِ أَبي زَيْدٍ:

والخَيْل قَدْ تَجْشَمُ أَرْبابُها الشقَّ،

وَقَدْ تَعْتَسِفُ الرَّاوِيهْ

قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَذْهَبَ فِي قَوْلِهِ إِلَى أَن الْجَهْدَ يَنْقُص مِنْ قُوَّةِ الرَّجُلِ وَنَفْسِهِ حَتَّى يَجْعَلَهُ قَدْ ذَهَبَ بِالنِّصْفِ مِنْ قُوَّتِهِ، فَيَكُونُ الْكَسْرُ عَلَى أَنه كَالنِّصْفِ. والشِّقُّ:

ص: 183

المَشَقَّة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ؛ شَاهِدُ الْكَسْرِ قَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:

وَذِي إبِلٍ يَسْعَى ويحْسِبُها لَهُ،

أَخي نَصَبٍ مِنْ شِقِّها ودُؤُوبِ

وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:

أَصْبَحَ مَسْحولٌ يُوازِي شِقّا

مَسْحولٌ: يَعْنِي بَعِيره، ويُوازي: يُقاسي. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى أَبو زَيْدٍ فِيهِ الشَّقّ، بِالْفَتْحِ، شَقَّ عَلَيْهِ يَشُقُّ شَقًّا. والشُّقَّةُ، بِالضَّمِّ: مَعْرُوفَةٌ مِنَ الثِّيَابِ السبِيبةُ الْمُسْتَطِيلَةُ، وَالْجَمْعُ شِقاقٌ وشُقَقٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: أَنه أَرسل إِلَى امرأَة بشُقَيْقةٍ

؛ الشُّقّة: جِنْسٌ مِنَ الثِّيَابِ وتصغيرُها شُقَيْقةٌ، وَقِيلَ: هي نصب ثَوْبٍ. والشُّقَّة والشِّقّةُ: السَّفَرُ الْبَعِيدُ، يُقَالُ: شُقَّةٌ شاقَّةٌ وَرُبَّمَا قَالُوهُ بِالْكَسْرِ. الأَزهري: والشُّقَّةُ بُعْدُ مَسيرٍ إِلَى الأَرض الْبَعِيدَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ

. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ:

إنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ

أَي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ. والشُّقَّةُ أَيضاً: السفرُ الطَّوِيلُ. وَفِي حَدِيثِ

زُهَير: عَلَى فَرسٍ شَقَّاءَ مَقَّاءَ

أَي طَوِيلَةٍ. والأَشَقُّ: الطويلُ مِنَ الرِّجَالِ وَالْخَيْلِ، وَالِاسْمُ الشَّققُ والأُنثى شَقَّاء؛ قَالَ جَابِرٌ أَخو بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ التَّغْلِبِيِّ:

ويومَ الكُلابِ اسْتَنْزَلَتْ أَسَلاتُنا

شُرَحْبِيلَ، إذْ آلَى أَلِيَّة مُقْسِمِ

لَيَنْتَزِعَنْ أَرماحَنا، فأَزالَه

أَبو خَنَشٍ عَنْ ظَهْرِ شَقّاءَ صِلْدِمِ

وَيُرْوَى: عَنْ سَرْج؛ يَقُولُ: حَلَفَ عَدُوُّنَا لينتزعَنْ أَرماحَنا مِنْ أَيدينا فَقَتَلْنَاهُ. أَبو عُبَيْدٍ: تَشَقَّقَ الفرسُ تَشَقُّقاً إِذَا ضمَرَ؛ وأَنشد:

وبالجِلالِ بَعْدَ ذاكَ يُعْلَيْن،

حَتَّى تَشَقَّقْنَ ولَمَّا يَشْقَيْن

واشْتِقاقُ الشَّيْءِ: بُنْيانُه مِنَ المُرتَجَل. واشِتِقاقُ الْكَلَامِ: الأَخذُ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا. واشْتِقاقُ الْحَرْفِ مِنَ الْحَرْفِ: أَخْذُه مِنْهُ. وَيُقَالُ: شَقَّقَ الكلامَ إِذَا أَخرجه أَحْسَنَ مَخْرَج. وَفِي حَدِيثِ الْبَيْعَةِ:

تَشْقِيقُ الْكَلَامِ عَلَيْكُمْ شديدٌ

أَيِ التطلُّبُ فِيهِ لِيُخْرِجَه أَحسنَ مَخْرَجٍ. واشْتَقَّ الْخَصْمَانِ وتَشاقَّا: تَلَاحَّا وأَخذا فِي الْخُصُومَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا مَعَ تَرْكِ الْقَصْدِ وَهُوَ الاشتِقاق. والشَّقَقةُ: الأَعْداءُ. واشْتَقَّ الفرسُ فِي عَدْوِه: ذَهَبَ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَفَرَسٌ أَشَقُّ وَقَدِ اشْتَقَّ فِي عَدْوِه: كأَنه يَمِيلُ فِي أَحد شِقَّيْه؛ وأَنشد:

وتَبارَيْت كَمَا يمْشِي الأَشَقّ

الأَزهري: فَرَسٌ أَشَقُّ لَهُ مَعْنَيَانِ، فالأَصمعي يَقُولُ الأَشَقُّ الطَّوِيلُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ رُؤْبَةَ يَصِفُ فَرَسًا فَقَالَ أَشَقُّ أَمَقُّ خِبَقٌّ فَجَعَلَهُ كُلَّهُ طُولًا. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الأَشَقُّ مِنَ الْخَيْلِ الواسعُ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ. والشَّقَّاءُ المَقَّاءُ مِنَ الْخَيْلِ: الْوَاسِعَةُ الأَرْفاغِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يسُبُّ أَمَةً فَقَالَ لَهَا: يَا شَقَّاء مقَّاءُ، فسأَلتْهُ عن تفسيرهما فأَشار إِلَى سَعة مَشَقِّ جَهازها. والشّقِيقةُ: قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ بَيْنَ كُلِّ حَبْلَي رَمْلٍ وَهِيَ مَكْرُمةٌ لِلنَّبَاتِ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا فَسَّرَهُ لِي أَعْرابيٌّ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي صِفَةِ الدَّهْناء وشقائِقها: وَهِيَ سَبْعَةُ أَحْبُلٍ بَيْنَ كُلِّ حَبْلَيْنِ شَقِيقةٌ

ص: 184

وعَرْضُ كُلِّ حبلٍ مِيلٌ، وَكَذَلِكَ عرضُ كلِّ شَيْءٍ شَقِيقةٌ، وَأَمَّا قَدْرُهَا فِي الطول فما بَيْنَ يَبْرين إِلَى يَنْسوعةِ القُفّ، فَهُوَ قَدْرُ خَمْسِينَ مِيلًا. والشَّقِيقةُ: الْفُرْجَةُ بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ مِنْ حِبَالِ الرَّمْلِ تُنْبِتُ الْعُشْبَ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّقِيقة لَيِّنٌ مِنْ غِلَظ الأَرض يَطُولُ مَا طَالَ الْحَبْلُ، وَقِيلَ: الشَّقِيقةُ فُرْجة فِي الرِّمَالِ تُنْبِتُ الْعُشْبَ، وَالْجَمْعُ الشَّقائِقُ؛ قَالَ شَمْعَلة بْنُ الأَخضر:

ويومَ شَقِيقة الحسَنَيْنِ لاقَتْ

بَنُو شَيْبانَ آجَالًا قِصارا

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

جِماد وشَرْقيّات رَمْلِ الشَّقائِق

والحَسَنانِ: نَقَوانِ مِنْ رَمْلِ بَنِي سَعْدٍ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَالَ لِي أَعرابي هُوَ مَا بَيْنَ الأَمِيلَينِ يَعْنِي بالأَمِيل الحبلَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَمْرٍو: فِي الأَرض الْخَامِسَةِ حيَّاتٌ كالخَطائِط بَيْنَ الشَّقائِق

؛ هِيَ قِطَعٌ غِلَاظٌ بَيْنَ حِبَالِ الرَّمْلِ، واحدتُها شَقِيقةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الرِّمَالُ نَفْسُهَا. والشَّقِيقةُ والشَّقُوقةُ: طائرٌ. والأَشَقُّ: اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَ الأَخطل:

فِي مُظْلِمٍ غَدِقِ الرَّبابِ، كأَنَّما

يَسْقِي الأَشَقَّ وعالِجاً بِدَوالي

والشِّقْشِقةُ: لَهاةُ الْبَعِيرِ وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلْعَرَبِيِّ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ كالرِّئة يُخْرِجُهَا الْبَعِيرُ مِنْ فِيهِ إِذَا هَاجَ، وَالْجَمْعُ الشَّقاشِقُ، وَمِنْهُ سُمّي الْخُطَبَاءُ شَقاشِقَ، شَبَّهوا المِكْثار بِالْبَعِيرِ الْكَثِيرِ الهَدْرِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الخُطَبِ مِنْ شقاشِق الشَّيْطَانِ

، فَجَعَلَ لِلشَّيْطَانِ شَقاشِقَ ونسبَ الخطبَ إِلَيْهِ لِما يَدْخُلُ فِيهَا مِنَ الْكَذِبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: شَبَّهَ الَّذِي يَتَفَيْهَقُ فِي كَلَامِهِ ويَسْرُده سَرْداً لَا يُبَالِي مَا قَالَ مِنْ صِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ بِالشَّيْطَانِ وإسْخاطه رَبَّهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْخَطِيبِ الجَهِرِ الصَّوْتِ الْمَاهِرِ بِالْكَلَامِ: هُوَ أَهْرَتُ الشِّقْشِقة وهَرِيتُ الشّدْق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ قَوْمًا بالخَطابة:

هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلَّامُون للجُزُرِ

قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ للشِّقْشِقة شِمْشِقةٌ، وَحَكَاهُ شَمِرٌ عَنْهُمْ أَيضاً. وشَقْشَقَ الفحلُ شَقْشَقةً: هدَر، والعصفورُ يُشَقْشِقُ فِي صَوْتِهِ، وَإِذَا قَالُوا لِلْخَطِيبِ ذو شِقْشِقةٍ قإنما يُشَبَّهُ بِالْفَحْلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

واقْنَ فَإِنِّي فَطِنٌ عالمٌ،

أَفْطَعُ مِنْ شِقْشِقةِ الهادرِ

وَقَالَ النَّضْرُ: الشِّقْشِقةُ جِلْدَةٌ فِي حَلْقِ الْجَمَلِ الْعَرَبِيِّ يَنْفُخُ فِيهَا الرِّيحَ فَتَنْتَفِخُ فَيَهْدِرُ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: الشِّقْشِقةُ الجلدةُ الْحَمْرَاءُ الَّتِي يُخْرِجُهَا الْجَمَلُ مِنْ جَوْفِهِ يَنْفُخُ فِيهَا فَتَظْهَرُ مِنْ شِدْقِه، وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلْجَمَلِ الْعَرَبِيِّ، قَالَ: كَذَا قَالَ الْهَرَوَيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ شَبَّهَ الفصيحَ المِنْطِيقَ بِالْفَحْلِ الْهَادِرِ ولِسانَه بشِقْشِقَتهِ ونسَبها إِلَى الشَّيْطَانِ لِمَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ وكونِه لَا يُبالي بِمَا قَالَ، وأَخرجه الْهَرَوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ فِي كِتَابِ أَبي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنهم أَجمعين. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي خُطْبَةٍ لَهُ: تِلْك شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ

؛ وَيُرْوَى لَهُ فِي شِعْرٍ:

لِساناً كشِقْشِقةِ الأَرْحَبيِّ،

أَو كالحُسامِ اليَماني الذَّكَرْ

وَفِي حَدِيثِ

قُسّ: فَإِذَا أَنا بالفَنِيق يُشَقْشِقُ النُّوقَ

؛

ص: 185

قِيلَ: إِنَّهُ بِمَعْنَى يُشَقِّقُ، وَلَوْ كَانَ مأْخوذاً مِنَ الشِّقْشقة لَجَازَ كأَنه يَهْدِر وَهُوَ بَيْنَهَا. وَفُلَانٌ شِقْشِقة قَوْمِهِ أَي شريفُهم وفَصِيحُهم؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كأَن أَباهم نَهْشَلٌ، أَوْ كأَنَّه

بشِقْشِقةٍ مِنْ رَهْطِ قَيْسِ بنِ عاصمِ

وأَهلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ للمُطَرْمِذ الصَّلِفِ: شَقَّاق، وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَا يَعْرِفُونَهُ. وشِقٌّ: اسْمُ كَاهِنٍ مِنْ كُهَّان الْعَرَبِ. وشَقِيقٌ أَيضاً: اسْمٌ. والشَّقِيقةُ: اسْمُ جَدَّةِ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ؛ قَالَ

ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ ذُهْل بْنِ شَيْبَانَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ يَهْجُو النُّعْمَانَ:

حَدِّثوني، بَنِي الشَّقِيقةِ، مَا يمنع

فَقْعاً بِقَرْقَرٍ أَنْ يَزولا؟

شقرق: الشِّقِرَّاقُ والشَّقِرَّاقُ: طَائِرٌ يُسَمَّى الأَخْيَلَ، وَالْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِهِ، وَرُبَّمَا قَالُوا شِرِقْراق مِثْلُ سِرِطْراط. قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَخْيَلُ الشِّقِرَّاق عِنْدَ الْعَرَبِ بِكَسْرِ الشِّينِ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أنه قَالَ: الأَخْطَب هُوَ الشَّقرَّاق بِفَتْحِ الشِّينِ. اللِّحْيَانِيُّ: شِقِرَّاق ذَكَرَهُ فِي بَابِ فِعِلَّال. اللَّيْثُ: الشِّقِرَّاق والشّرَقْراق، لُغَتَانِ، طَائِرٌ يَكُونُ فِي أَرض الحَرَم فِي مَنَابِتِ النَّخِيلِ كَقَدْرِ الْهُدْهُدِ مرقَّط بِحُمْرَةٍ وَخُضْرَةٍ وَبَيَاضٍ وَسَوَادٍ، وَاللَّهُ أَعلم.

شلق: الشِّلْقُ: شَيْءٌ عَلَى خِلْقة السَّمَكة صَغِيرٌ لَهُ رِجْلان عِنْدَ ذَنَبِهِ كرِجْل الضُّفْدَعِ لَا يُدَانُ لَهُ، يَكُونُ فِي أَنْهار الْبَصْرَةَ، وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ. ابْنُ الأَعرابي: الشِّلْقُ الأَنْكَلِيسُ مِنَ السَّمَك وَهُوَ الجِرِّيُّ والجِرِّيت، وَقِيلَ: الشِّلْق مِنْ سَمَكِ الْبَحْرَيْنِ. والشَّلْقُ: الضَّرْبُ والبَضْعُ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ. وشَلَقَه يَشْلقُه شَلْقاً: ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ أَو غَيْرِهِ. والشَّوْلَقيُّ: الَّذِي يَبِيعُ الحلاوةَ بلُغة رَبِيعَةَ، والفُرْس تسمِّيه الرسَّ مِنَ الرِّجَالِ. أَبو عَمْرٍو: الشَّلَقَةُ الرَّاضَةُ. والشِّلْقَاءُ: السِّكِّينُ عَلَى وزنِ الحِرْباء، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: الضَّبُّ المَكُونُ إِذا بَاضَتِ «2» البيضةَ قِيلَ سَرَأَت، وَبَيْضُهَا سَرْءٌ، وإِذا أَلْقَت بيضَها فهي شَلَقَةٌ.

شلمق: أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْعَجُوزِ شَمْلَق وشَلْمَق وسَمْلَق وسَلْمَق.

شمق: الشَّمَقُ: مَرَحُ الْجُنُونِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: شبْهُ مَرَحِ الْجُنُونِ، شَمِقَ شَمَقاً وشَماقةً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

كأَنَّه إِذْ راحَ مَسْلُوسُ الشَّمَقْ

وَقَدْ شَمِقَ يَشْمَقُ شَمَقاً إِذَا نَشِط. والشَّمَقُ: النَّشَاطُ. والأَشْمَق: اللُّغام المختلط بِالدَّمِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لُغام الْجَمَلِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

يَنْفُخْن مَشْكولَ اللُّغامِ أَشْمَقا

يَعْنِي جِمَالًا يَتَهادَرْنَ. والشِّمِقُّ والشَّمَقْمَقُ: الطويلُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الطويلُ الْجَسِيمُ مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: الشَّمَقْمَقُ النَّشِيطُ. وَثَوْبٌ شَمِقٌ: مُخَرَّقٌ. ومَرْوان بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّاعِرُ يُكَنَّى بأَبى الشَّمَقْمَق.

شمرق: ثَوْبٌ مُشَمْرَق وشُمارِق: كمُشَبْرق وشُبارِق؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه بَدَلٌ، وشُمارِق كشُبارِق.

شمشلق: الشَّمْشَلِيقُ والشَّفْشَلِيقُ: المُسِنّةُ. الأَزهري: الشَّمْشَلِيقُ مِنَ النِّسَاءِ السريعةُ المشي

(2). 1 قوله: والضب المكون إذا باضت، هكذا في الأَصل.

ص: 186

الصَّخَّابةُ؛ وأَنشد:

بضَرّةٍ تَشُلُّ فِي وَسِيِقها،

نَأْآجةِ العَدْوَةِ شَمْشَلِيقِها،

صَلِيبةِ الصَّيْحة صَهْصَلِيقِها

والشَّمْشَلِيقُ: الْخَفِيفُ؛ وَأَنْشَدَ لأَبي مُحِصَّةَ: «1» .

وهَبْتُه لَيْسَ بشَمْشَلِيقِ،

وَلَا دَحُوقِ العَيْنِ حَنْدَقُوقِ،

وَلَا يُبالي الجَوْرَ فِي الطَّرِيقِ

والشَّمْشَليقُ: الطَّوِيلُ السَّمِينُ:

شملق: الشَّمْلَقُ: السَّيِّئَةُ الْخُلُقِ، وَقِيلَ: هِيَ الْعَجُوزُ الهَرِمة؛ قَالَ:

أَشْكو إِلَى اللَّهِ عِيالًا دَرْدَقا،

مُقَرْقَمِينَ وعَجُوزاً شَمْلَقا

وَقِيلَ: إِنَّمَا هِيَ سَمْلَق، وَأَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ صحّفه.

شنق: الشَّنَقُ: طولُ الرأْس كأَنما يُمَدُّ صُعُداً؛ وأَنشد:

كأَنَّها كَبْداءُ تَنْزُو فِي الشَّنَقْ «2»

. وشَنَقَ البَعيرَ يَشْنِقُه ويَشْنُقُه شَنْقاً وأَشْنَقَه إِذَا جَذَبَ خِطَامَهُ وكفَّه بِزِمَامِهِ وَهُوَ رَاكِبُهُ مِنْ قِبَل رأْسِه حَتَّى يُلْزِقَ ذِفْراه بِقَادِمَةِ الرَّحْلِ، وَقِيلَ: شَنَقَه إِذَا مَدَّهُ بِالزِّمَامِ حَتَّى يَرْفَعَ رأْسه. وأَشْنَقَ البعيرُ بِنَفْسِهِ: رَفع رأْسَه، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. قَالَ ابْنُ جِنِّي: شَنَقَ البعيرَ وأَشْنَق هُوَ جَاءَتْ فِيهِ الْقَضِيَّةُ مَعْكُوسَةً مُخَالِفَةً لِلْعَادَةِ، وَذَلِكَ أَنك تَجِدُ فِيهَا فَعَلَ مُتَعَدِّيًا وأَفْعَلَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، قَالَ: وَعِلَّةُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنه جَعَلَ تعدِّي فَعَلْت وَجُمُودَ أَفْعَلْت كَالْعِوَضِ لِفَعَلْت مِنْ غَلَبَةِ أَفْعَلْت لَهَا عَلَى التَّعَدِّي نَحْوَ جَلَسَ وأَجلست، كَمَا جُعِلَ قَلْبُ الْيَاءِ وَاوًا فِي البَقْوَى والرَّعْوَى عِوَضًا لِلْوَاوِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ عَلَيْهَا، وأُنْشِدَ طلحةُ قَصِيدَةً فَمَا زَالَ شانِقاً راحلتَه حَتَّى كَتَبَتْ لَهُ، وَهُوَ التَّيْمِيُّ لَيْسَ الْخُزَاعِيَّ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ

أَيْ إن بالع فِي إشْناقِها خَرَمَ أَنْفَها. وَيُقَالُ: شَنَقَ لَهَا وأَشْنَقَ لَهَا. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَوّلَ طَالِعٍ فأَشْرَعَ ناقتَه فشَرِبَت وشَنَقَ لَهَا.

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: سأَله رَجُلٌ مُحْرِمٌ فَقَالَ عَنَّت لِي عِكْرِشةٌ فشَنَقْتُها بجَبُوبة

أَي رَمَيْتُهَا حَتَّى كَفَّت عَنِ العدوِ. والشِّناقُ حَبْلٌ يُجْذَبُ بِهِ رأْس الْبَعِيرِ والناقةِ، وَالْجَمْعُ أَشْنِقةٌ وشُنُقٌ. وشَنَقَ البعيرَ والناقةَ يَشْنِقُه شَنْقاً: شَدَّهُمَا بالشِّناق. وشَنَقَ الخلِيّةَ يَشْنِقها شَنْقاً وشَنَّقها: وَذَلِكَ أَن يَعمِد إِلَى عُودٍ فيَبْرِيه ثُمَّ يأْخذ قُرْصاً مِنْ قِرَصةِ الْعَسَلِ فيُثْبت ذَلِكَ العودَ فِي أَسفل القُرْص ثُمَّ يُقِيمُهُ فِي عرْضِ الْخَلِيَّةِ فَرُبَّمَا شَنَقَ فِي الْخَلِيَّةِ القُرْصَين وَالثَّلَاثَةَ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ هَذَا إِذَا أَرْضعت النحلُ أولادهَا، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الشَّنِيقُ. وشَنَقَ رأْسَ الدَّابَّةِ: شدَّه إِلَى أَعلى شَجَرَةٍ أَوْ وَتَدٍ مُرْتَفِعٍ حَتَّى يَمْتَدَّ عُنُقُهَا وَيَنْتَصِبَ. والشِّناقُ: الطَّوِيلُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

قَدْ قَرنَوني بامْرِئٍ شِناقِ،

شَمَرْدلٍ يابسِ عَظْمِ السّاقِ

وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ وَيَزِيدَ بْنِ المهلب:

(1). قوله [محصة] كذا بالأَصل، وفي شرح القاموس: محيصة

(2)

. قوله [كأنها كبداء تنزو إلخ] في شرح القاموس ما نصه: هكذا في اللسان وهو لرؤبة يصف صائداً، والرواية: سوّى لها كبداء

ص: 187

وَفِي الدِّرْع ضَخْم المَنْكِبَيْنِ شِناق

أَيْ طَوِيلٌ. النَّضْرُ: الشَّنَقُ الْجَيِّدُ مِنَ الأَوتار وَهُوَ السَّمْهَرِيّ الطَّوِيلُ. والشَّنَقُ: طُولُ الرأْس. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّنَقُ الطولُ. عُنُقٌ أَشْنَقُ وَفَرَسٌ أَشْنَقُ ومَشْنُوقٌ: طَوِيلُ الرأْس، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ، والأُنثى شَنْقاء وشِناق. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ الطويلِ شِناقٌ ومَشْنوقٌ؛ وأَنشد:

يَمَّمْتُه بأَسِيلِ الخَدِّ مُنْتَصبٍ،

خاظِي البَضِيع كمِثْل الجِذْع مَشْنوق

ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ شِناقٌ أَي طَوِيلَةٌ سَطْعاء، وَجَمَلٌ شِناقٌ طَوِيلٌ فِي دِقّةٍ، وَرَجُلٌ شِناقٌ وامرأَة شِناقٌ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَمِثْلُهُ ناقةٌ نِيافٌ وَجَمَلٌ نِيافٌ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. وشَنِقَ شَنَقاً وشَنَقَ: هَوِيَ شَيْئًا فَبَقِيَ كأَنه مُعلّقٌ. وقَلْبٌ شَنِقٌ: هيْمان. وَالْقَلْبُ الشَّنِقُ المِشْناقُ: الطامحُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد:

يَا مَنْ لِقَلْبٍ شَنِقٍ مِشْناق

وَرَجُلٌ شَنِقٌ: مُعَلَّقُ الْقَلْبِ حَذِرٌ؛ قَالَ الأَخطل:

وَقَدْ أَقولُ لِثُوْرٍ: هَلْ تُرَى ظُعُناً،

يَحْدو بِهِنَّ حِذارِي مُشْفِقٌ شَنِقُ؟

وشِناقُ القِربةِ: علاقتُها، وَكُلُّ خَيْطٍ عَلَّقْتَ بِهِ شَيْئًا شِناقٌ. وأَشْنَقَ الْقِرْبَةَ إشْناقاً: جَعَلَ لَهَا شِناقاً وشدَّها بِهِ وَعَلَّقَهَا، وَهُوَ خَيْطٌ يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقِرْبَةِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه بَاتَ عِنْدَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، قَالَ: فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي فحَلَّ شِناقَ الْقِرْبَةِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: شِناقُ الْقِرْبَةِ هُوَ الْخَيْطُ وَالسَّيْرُ الَّذِي تُعلّق بِهِ القربةُ عَلَى الْوَتِدِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ فِي الشِّناق إِنَّهُ الْخَيْطُ الَّذِي تُوكِئُ بِهِ فمَ الْقِرْبَةِ أَو الْمَزَادَةِ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لأَن العِصامَ الَّذِي تُعَلَّق بِهِ الْقِرْبَةُ لَا يُحَلّ إِنَّمَا يُحَلُّ الْوِكَاءُ لِيُصَبَّ الْمَاءُ، فالشِّناقُ هُوَ الْوِكَاءُ، وَإِنَّمَا حَلَّهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لَمَّا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيَتَطَهَّرَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْقِرْبَةِ. وَيُقَالُ: شَنَقَ القربةَ وأَشْنَقَها إِذَا أَوكأَها وَإِذَا عَلَّقَهَا. أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الشِّناقُ أَنْ تُغَلَّ الْيَدُ إِلَى العُنُقِ؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:

ساءَها مَا بِنَا تَبَيَّنَ في الأَيْدي،

وإشْناقُها إِلَى الأَعْناقِ

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِشْناقُ أَن تَرْفَعَ يدَه بالغُلّ إِلَى عُنُقِهِ. أَبو سَعِيدٍ: أَشْنَقْتُ الشَّيْءَ وشَنَقْتُه إِذَا علَّقته؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ قَوْسًا وَنَبْلًا:

شَنَقْت بِهَا مَعابِلَ مُرْهَفاتٍ،

مُسالاتِ الأَغِرَّة كالقِراطِ

قَالَ: شَنَقْتُ جَعَلْتُ الْوَتَرَ فِي النَّبْلِ، قَالَ: والقِراطُ شُعْلة السِّراج. والشِّناق والأَشْناقُ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ فَمَا زَادَ عَلَى العَشْر لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تَتِمَّ الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ، وَاحِدُهَا شَنَقٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بالأَشْناق الإِبلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا شِناقَ

أَي لَا يُؤْخَذُ مِنَ الشَّنَقِ حَتَّى يَتِمَّ. والشِّناقُ أَيضاً: مَا دُونَ الدِّيَةِ، وَقِيلَ: الشَّنَقُ أَن تَزِيدَ الإِبل عَلَى الْمِائَةِ خَمْسًا أَوْ سِتًّا فِي الحَمالة، قِيلَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا حَمَلَ حَمالةً زَادَ أَصحابَها لِيَقْطَعَ أَلسنتهم ولِيُنْسَبَ إِلَى الْوَفَاءِ. وأَشْناقُ الدِّيَةِ: دياتُ جِرَاحَاتٍ دُونَ التَّمَامِ، وَقِيلَ: هِيَ زِيَادَةٌ فِيهَا وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ تَعْلِيقِهَا بِالدِّيَةِ الْعُظْمَى، وَقِيلَ: الشَّنَقُ

ص: 188

مِنَ الدِّيَةِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كالخَدْش وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أشْناقٌ. والشَّنَقُ فِي الصَّدَقَةِ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. والشَّنَقُ أَيضاً: مَا دُونَ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ أَن يَسُوقَ ذُو الحَمالةِ مِائَةً مِنَ الإِبل وَهِيَ الدِّيَةُ كَامِلَةً، فَإِذَا كَانَتْ مَعَهَا دِيَاتُ جِرَاحَاتٍ لَا تَبْلُغُ الدِّيَةَ فَتِلْكَ هِيَ الأَشْناقُ كأَنها مُتَعَلِّقَةٌ بِالدِّيَةِ الْعُظْمَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

بأَشْناقِ الدِّياتِ إِلَى الكُمول

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشِّناقُ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ أَشْناقُ الدِّيَاتِ، ورَدّ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَمْ أَر أَشْناقَ الدياتِ مِنْ أَشناقِ الْفَرَائِضِ فِي شَيْءٍ لأَنّ الدِّيَاتِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَزِيدُ عَلَى حَدٍّ مِنْ عَدَدِهَا أَوْ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِهَا. وأَشْناقُ الدِّيَاتِ: اخْتِلَافُ أَجناسها نَحْوُ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ، كلُّ جِنْسٍ مِنْهَا شَنَقٌ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ لأَن الأَشْناقَ فِي الدِّيَاتِ بِمَنْزِلَةِ الأَشناقِ فِي الصَّدَقَاتِ، إِذَا كَانَ الشَّنَقُ فِي الصَّدَقَةِ مَا زَادَ عَلَى الْفَرِيضَةِ مِنَ الإِبل. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي والأَصمعي والأَثرم: كَانَ السَّيِّدُ إِذَا أَعطى الدِّيَةَ زَادَ عَلَيْهَا خَمْسًا مِنَ الإِبل لِيُبَيِّنَ بِذَلِكَ فَضْلَهُ وَكَرَمَهُ، فالشَّنَقُ مِنَ الدِّيَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّنَقِ فِي الْفَرِيضَةِ إِذَا كَانَ فِيهَا لَغْوًا، كَمَا أَنَّهُ فِي الدِّيَةِ لَغْوٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِنَّمَا تَكرُّمٌ مِنَ الْمُعْطِي. أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الشَّنَقُ فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبل شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَربع شِيَاهٍ، فَالشَّاةُ شَنَقٌ وَالشَّاتَانِ شَنَقٌ وَالثَّلَاثُ شِيَاهٍ شَنَقٌ والأَربع شِيَاهٍ شَنَقٌ، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ فَرِيضَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ

أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَن الشَّنَقَ مَا دُونَ الْفَرِيضَةِ مُطْلَقًا كَمَا دُونَ الأَربعين مِنَ الْغَنَمِ.

وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لِوَائِلِ بْنِ حُجْر: لَا خِلاطَ وَلَا وِراطَ وَلَا شِناقَ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ

لا شِناقَ

فَإِنَّ الشَّنَقَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ وَهُوَ مَا زَادَ مِنَ الإِبل عَلَى الْخَمْسِ إِلَى الْعَشْرِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ؛ يَقُولُ: لَا يُؤْخَذُ مِنَ الشَّنَقِ حَتَّى يَتِمَّ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الأَشْناقِ؛ وَقَالَ الأَخطل يَمْدَحُ رَجُلًا:

قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الديات بِهِ،

إِذَا المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوْقَه حَملا

وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:

قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الدِّيات بِهِ

يَقُولُ: يَحْتَمِلُ الدِّيَاتِ وَافِيَةً كَامِلَةً زَائِدَةً. وَقَالَ غيرُ ابْنِ الأَعرابي فِي ذَلِكَ: إِنَّ أَشْناقَ الدِّيَاتِ أَصنافُها، فدِيَةُ الخطإِ الْمَحْضِ مائةٌ مِنَ الإِبل تَحْمِلُهَا العاقلةُ أَخْماساً: عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعةً، وَهِيَ أَشْناقٌ أَيضاً كَمَا وصَفْنا، وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِ الأَخطل يَمْدَحُ رَئِيسًا يَتَحَمَّلُ الدِّيَاتِ وَمَا دُونَ الدِّيَاتِ فيُؤَدِّيها ليُصْلِحَ بَيْنَ الْعَشَائِرِ ويَحْقُنَ الدِّماء؛ وَالَّذِي وَقَعَ فِي شِعْرِ الأَخطل: ضَخْمٍ تعلَّق، بِالْخَفْضِ عَلَى النَّعْتِ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ:

وفارسٍ غَيْرُ وَقَّافٍ برايتهِ،

يومَ الكرَيهة، حَتَّى يَعْمَل الأَسَلا

والأَشْناقُ: جَمْعُ شَنَق وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن يَزِيدَ مُعْطي الحَمالةِ عَلَى الْمِائَةِ خَمْساً أَوْ نَحْوَهَا ليُعْلَم بِهِ وَفَاؤُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي بَيْتِ الأَخطل، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَن يُرِيدَ بالأَشْناق الأُرُوشَ كلَّها عَلَى مَا

ص: 189

فَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ الشَّنَقُ مَا بَيْنَ الخَمْس إِلَى الْعَشْرِ مُحالٌ، إِنَّمَا هُوَ إِلَى تِسْعٍ، فَإِذَا بَلَغَ العَشْرَ فَفِيهَا شَاتَانِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى خَمْس عَشْرةَ، وَكَانَ حقُّه أَن يَقُولَ إِلَى أَرْبَعَ عَشْرة لأَنها إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرةَ فَفِيهَا ثلاثُ شِياه. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الشَّنَقُ شَنَقاً لأَنه لَمْ يُؤْخَذْ منه شيء. وشْنَقَ إِلَى مَا يَلِيهِ مِمَّا أُخذ مِنْهُ أَي أُضِيفَ وجُمِعَ؛ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا شِناقَ أَي لَا يُشْنِقُ الرَّجُلُ غَنَمَهُ وَإِبِلَهُ إِلَى غَنَمِ غَيْرِهِ لِيُبْطِلَ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَذَلِكَ أَن يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَربعون شَاةً فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا شَاتَانِ، فَإِذَا أَشْنَقَ أَحدُهما غنمَه إِلَى غَنَمِ الْآخَرِ فَوَجَدَهَا المُصَدِّقُ فِي يَدِهِ أَخَذَ مِنْهَا شَاةً، قَالَ: وَقَوْلُهُ

لَا شِناقَ

أَيْ لَا يُشْنِقُ الرجلُ غَنَمَهُ أَوْ إِبِلَهُ إِلَى مَالِ غَيْرِهِ لِيُبْطِلَ الصَّدَقَةَ، وَقِيلَ: لَا تَشانَقُوا فَتَجْمَعُوا بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ

وَلَا خِلاطَ

؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَلِلْعَرَبِ أَلفاظ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَعْرِفْهَا أَبو عُبَيْدٍ، يَقُولُونَ إِذَا وَجَبَ عَلَى الرَّجُلِ شَاةٌ فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبل: قَدْ أَشْنَقَ الرجلُ أَي وَجَبَ عَلَيْهِ شَنَقٌ فَلَا يَزَالُ مُشْنِقاً إِلَى أَنْ تَبْلُغَ إِبِلُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَكُلُّ شَيْءٍ يؤدِّيه فِيهَا فَهِيَ أَشْناقٌ: أَربَعٌ مِنَ الْغَنَمِ فِي عِشْرِينَ إِلَى أَربع وَعِشْرِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بنتُ مَخاضٍ مُعَقَّلٍ أَيْ مُؤَدًّى لِلْعِقَالِ، فَإِذَا بَلَغَتْ إبلُه سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وأَربعين فَقَدْ أَفْرَضَ أَيْ وَجَبَتْ فِي إِبِلِهِ فَرِيضَةٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: حَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: الشَّنَقُ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ والشَّنَقُ مَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الْفَرِيضَةُ؛ يُرِيدُ مَا بَيْنَ خَمْسٍ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ، عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ أَطلق أَبو سَعِيدٍ الضريرُ لِسانَه فِي أَبي عُبَيْدٍ ونَدَّدَ بِهِ بِمَا انْتَقَده عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوّلًا إِنَّ قَوْلَهُ الشَّنَقُ مَا بَيْنَ الخَمْسِ إِلَى العَشْرِ مُحالٌ إِنَّمَا هُوَ إِلَى تِسْعٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَا بَيْنَ العَشْرِ إِلَى خَمْسَ عَشْرةَ كَانَ حَقُّهُ أَن يَقُولَ إِلَى أَربعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ بِقَوْلِهِ ثَانِيًا إِنَّ لِلْعَرَبِ أَلفاظاً لَمْ يَعْرِفْهَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَهَذِهِ مشاحَّةٌ فِي اللَّفْظِ واستخفافٌ بِالْعُلَمَاءِ، وأَبو عُبَيْدٍ، رحمه الله، لَمْ يَخْفَ عَنْهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَصَدَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فَاحْتَاجَ إِلَى تَسْمِيَتِهِمَا، وَلَا يَصِحُّ لَهُ قَوْلُ الْفَرِيضَتَيْنِ إِلَّا إِذَا سَمَّاهُمَا فَيَضْطَرُّ أَنْ يقول عشر أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَهُوَ إِذَا قَالَ تِسْعًا أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَيْسَ هُنَاكَ فَرِيضَتَانِ، وَلَيْسَ هَذَا الِانْتِقَادُ بِشَيْءٍ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا حَكَاهُ الْفَرَّاءُ عَنِ الكسائي عن بعض العرب: الشَّنَقُ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ؟ وَتَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ يُرِيدُ مَا بَيْنَ الْخَمْسِ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَكَانَ عَلَى زَعْمِ أَبِي سَعِيدٍ يَقُولُ: الشَّنَقُ إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، لأَنها إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلَمْ يَنْتَقِدْ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى الْفَرَّاءِ وَلَا عَلَى الْكِسَائِيِّ وَلَا عَلَى الْعَرَبِيِّ الْمَنْقُولِ عَنْهُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لأَنه قَصَدَ حَدَّ الْفَرِيضَتَيْنِ، وَهَذَا انْحِمال مِنْ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. والأَشْناقُ: الأُروشُ أَرْش السِنُّ وأَرْشُ المُوضِحة والعينِ الْقَائِمَةِ وَالْيَدِ الشلَّاء، لَا يَزَالُ يُقَالُ لَهُ أَرْشٌ حَتَّى يكونَ تكملَة ديةٍ كَامِلَةٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

كأَنّ الدِّياتِ، إِذَا عُلِّقَتْ

مِئُوها به، والشَّنَقُ الأَسْفَلُ

وَهُوَ مَا كَانَ دُونَ الدِّية مِنَ المَعاقِل الصِّغارِ. قَالَ الأَصمعي: الشَّنَقُ مَا دُونُ الدِّيَةِ والفَضْلةُ تَفْضُل، يَقُولُ: فَهَذِهِ الأَشْناقُ عَلَيْهِ مِثْلُ العَلائِق عَلَى الْبَعِيرِ لَا يَكْتَرِثُ بِهَا، وَإِذَا أُمِرَّت الْمَئُونَ فوقَه حَمَلها، وأُمِرَّت: شُدَّت فَوْقَهُ بمرارٍ، والمِرارُ الحَبْلُ. وَقَالَ غَيْرُهُ فِي تَفْسِيرِ بَيْتِ الْكُمَيْتِ: الشَّنَقُ شَنَقانِ:

ص: 190

الشَّنَقُ الأَسْفَلُ والشَّنَقُ الأَعلى، فالشَّنَقُ الأَسفل شاةٌ تَجِبُ فِي خَمْس مِنَ الإِبل، والشَّنَقُ الأَعلى ابنةُ مَخَاضٍ تَجِبُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبل؛ وَقَالَ آخَرُونَ: الشَّنَقُ الأَسْفلُ فِي الدِّيَاتِ عِشْرُونَ ابْنَةَ مخاضٍ، والشَّنَقُ الأَعلى عِشْرُونَ جَذَعَةً، وَلِكُلٍّ مقالٌ لأَنها كلَّها أَشْناقٌ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنَّهُ يستَخِفُّ الحمالاتِ وإعطاءَ الدِّيَاتِ، فكأَنه إِذَا غَرِمَ دِياتٍ كَثِيرَةً غَرِمَ عِشْرِينَ بَعِيرًا لِاسْتِخْفَافِهِ إِيَّاهَا. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: مِنَّا مَنْ يُشْنِقُ أَيْ يُعْطِي الأَشْناقَ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنَ الإِبل، فَإِذَا كَانَتْ مِنَ الْبَقَرِ فَهِيَ الأَوْقاص، قَالَ: ويكون يُشْنِقُ يعطي الشُّنُقَ وَهِيَ الْحِبَالُ، وَاحِدُهَا شِناقٌ، ويكون يُشْنِقُ يعطي الشَّنَقَ وَهُوَ الأَرْش؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَشْنق الرجلُ إِذَا أَخَذَ الشَّنَقَ يَعْنِي أَرْشَ الخَرْقِ فِي الثَّوْبِ. وَلَحْمٌ مُشَنَّقٌ أَيْ مُقَطَّعٌ مأْخوذ مِنْ أشْناق الدِّيَةِ. والشِّناقُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى الرَّجُلِ وَالرَّجُلَيْنِ أَوِ الثلاثةِ أشْناقٌ إِذَا تَفَرَّقَتْ أَموالهم، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: شانِقْني أَيِ اخْلِطْ مَالِي ومالَك، فَإِنَّهُ إِنْ تَفَرَّقَ وَجَبَ عَلَيْنَا شَنَقانِ، فَإِنِ اخْتَلَطَ خَفَّ عَلَيْنَا؛ فالشِّناقُ: الْمُشَارَكَةُ فِي الشَّنَقِ والشَّنَقَينِ. والمُشَنَّقُ: الْعَجِينُ الَّذِي يُقطَّع وَيُعْمَلُ بِالزَّيْتِ. ابْنُ الأَعرابي: إِذَا قُطِّع الْعَجِينُ كُتَلًا عَلَى الخِوانِ قَبْلَ أَنْ يُبْسَطَ فَهُوَ الفَرَزْدَق والمُشَنَّقُ والعَجاجير. ورجل شِنِّيقٌ: سَيءُ الخُلُق. وَبَنُو شَنوقٍ: بَطْنٌ. والشَّنِيق: الدَّعِيّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَنَا الدَّاخِلُ الْبَابَ الَّذِي لَا يَرومُه

دَنيٌّ، وَلَا يُدْعَى إِلَيْهِ شَنِيقُ

وَفِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ:

احْشُروا الطيرَ إِلَّا الشَّنْقاءَ

؛ هِيَ التي تزُقُّ فِراخَها.

شنتق: الشُّنْتُقةُ: خِرْقةٌ تَكُونُ عَلَى رأْس المرأَة تَقِي بِهَا الخِمارَ مِنَ الدُّهْن.

شندق: شَنْدَق: اسْمٌ أَعجمي معرب.

شنفلق: الشَّنْفَلِيق: الضَّخْمَةُ مِنَ النساء.

شهق: الشَّهِيقُ: أَقِبحُ الأَصوات، شَهِقَ وشَهَقَ يَشْهَقُ ويَشْهِقُ شَهِيقاً وشُهاقاً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ شُهوقاً: ردَّد الْبُكَاءَ فِي صَدْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: شَهِقَ يَشْهَقُ ارْتَفَعَ. وشَهِيقُ الْحِمَارِ: آخِرُ صَوْتِهِ، وَزَفِيرُهُ أوَّله، وَقِيلَ: شَهِيقُ الْحِمَارِ نَهيقه. وَيُقَالُ: الشَّهِيق ردُّ النفَس والزَّفِيرُ إِخْرَاجُهُ. اللَّيْثُ: الشَّهِيقُ ضِدُّ الزَّفِيرِ، وَالزَّفِيرُ إِخْرَاجُ النَّفَسِ؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي صِفَةِ أَهْلِ النَّارِ: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّفِير والشَّهِيق مِنْ أَصوات الْمَكْرُوبِينَ، قَالَ: وَالزَّفِيرُ مِنْ شَدِيدِ الأَنِين وَقَبِيحِهِ، والشَّهِيقُ الأَنِينُ الشَّدِيدُ الْمُرْتَفِعُ جِدًّا، قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّ الزَّفِيرَ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ صَوْتِ الْحِمَارِ مِنَ النَّهِيقِ، وَالشَّهِيقُ بِمَنْزِلَةِ آخِرِ صَوْتِهِ فِي الشَّهِيق، وَرُوِيَ عَنِ

الرَّبِيعِ فِي قوله لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ

، قَالَ: الزَّفِيرُ فِي الْحَلْقِ والشَّهِيق فِي الصَّدْرِ.

وَرَجُلُ ذُو شاهقٍ: شديدُ الْغَضَبِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اشْتَدَّ غَضَبُهُ: إِنَّهُ لَذُو شاهقٍ وَأَنَّهُ لَذُو صاهلٍ. وَفَحْلٌ ذُو شاهقٍ وَذُو صاهلٍ إِذَا هاجَ وصالَ فَسَمِعْتَ لَهُ صَوْتًا يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِهِ. الأَصمعي: يُقَالُ شَهَقت وشَهِقَت عَيْنُ النَّاظِرِ عَلَيْهِ إِذَا أَصابه بِعَيْنٍ؛ وَقَالَ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ:

إِذَا شَهِقت عَيْنٌ عَلَيْهِ، عَزَوْتُه

لِغَيْرِ أَبيه، أَوْ تَسَنَّيْتُ راقِيا

ص: 191

أَخبر أَنه إِذَا فَتَحَ إِنْسَانٌ عَيْنَهُ عَلَيْهِ فَخَشِيتُ أَنْ يُصِيبَهُ بِعَيْنِهِ، قُلْتُ: هُوَ هجِين لأَرُدَّ عينَ النَّاظِرِ عَنْهُ وإعجابَه بِهِ. والشَّهْقة: كَالصَّيْحَةِ، يُقَالُ: شَهَقَ فلانٌ وشَهِقَ شَهْقةً فَمَاتَ. والتَّشْهاقُ: الشَّهِيق؛ وَقَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ شَرْقيّ وَكُنْيَتُهُ أَبو الطَّمَحان:

بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عَنْ سَكِناتِه،

وطَعْنٍ كتَشْهاق العَفَا [العِفَا] هَمَّ بالنَّهْقِ

وَيُقَالُ: ضَحِكٌ تَشْهاق؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:

تَقُولُ خَوْدٌ ذاتُ طَرْفٍ بَرَّاقْ،

مَزَّاحةٌ تَقْطعُ هَمَّ المُشْتاقْ،

ذاتُ أَقاويلَ وضَحْكٍ تَشْهاقْ،

هلَّا اشتَرَيْتَ حِنْطةً بالرُّسْتاقْ،

سَمْراءَ مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ؟

والشاهِقُ: الْجَبَلُ الْمُرْتَفِعُ. وَجَبَلٌ شاهِقٌ: طَوِيلٌ عالٍ، وَقَدْ شَهَق شُهوقاً. وَكُلُّ مَا رُفِعَ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَطَالَ فَهُوَ شاهِقٌ، وَقَدْ شَهَقَ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: شَهِقَ يَشْهَقُ إِذَا تَنفَّس تنفُّساً، وَمِنْهُ الْجَبَلُ الشاهِقُ. وَجَبَلٌ شاهِقٌ: مُمْتَنِعٌ طُولًا، وَالْجَمْعُ شَوَاهِقُ. وَفِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ:

ليتَرَدَّى من رُؤوس الْجِبَالِ

أَيْ شواهِق الْجِبَالِ أي عواليها.

شهرق: الشَّهْرقُ: الْقَصَبَةُ الَّتِي يُدير حَوْلَهَا الحائكُ الغزلَ، كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ قَدِ اسْتَعْمَلَهَا الْعَرَبُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

رأَيتُ فِي جَنْبِ القَتامِ الأَبْرقا،

كفِلْكةِ الطاوِي أَدارَ الشَّهْرَقا

وَكَذَلِكَ شَهْرقُ الحائِك وَالْخَارِطِ وَالْحَفَّارِ؛ كُلُّهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.

شوق: الشَّوْقُ والاشْتياقُ: نِزاعُ النَّفْسِ إِلَى الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَشْواقٌ، شاقَ إِلَيْهِ شَوْقاً وتَشَوَّق واشتاقَ اشْتياقاً. والشَّوْقُ: حَرَكَةُ الْهَوَى. والشُّوق: العُشّاق. وَيُقَالُ: شُقْ شُقْ إِذَا أَمرته أَن يُشَوِّقَ إِنْسَانًا إِلَى الْآخِرَةِ. وَيُقَالُ: شاقَني الشيءُ يَشُوقُني، فَهُوَ شائِقٌ وَأَنَا مَشوقٌ؛ وَقَوْلُهُ:

يَا دارَ سَلمى بِدَكادِيك البُرَقْ،

صَبْراً فَقَدْ هَيَّجْتِ شَوقَ المُشْتَئِقْ

إِنَّمَا أَراد الْمُشْتَاقَ فأَبدل الأَلف هَمْزَةً، قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَمَزَ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ ضَرُورَةً، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: الْقَوْلُ عِنْدِي أَنه اضَطَرَّ إِلَى حَرَكَةِ الأَلف الَّتِي قَبْلَ الْقَافِ مِنَ المُشتاق لأَنها تُقَابِلُ لَامَ مُسْتَفْعِلُنْ، فَلَمَّا حَرَّكَهَا انْقَلَبَتْ هَمْزَةً إِلَّا أَنه اخْتَارَ لَهَا الْكَسْرَ لأَنه أَراد الْكَسْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْوَاوِ الَّتِي انْقَلَبَتِ الأَلف عَنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ مُفْتَعِلن مِنَ الشَّوْق، وَأَصْلُهُ مُشْتَوِق ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى حَرَكَةِ الأَلف حَرَّكَهَا بِمِثْلِ الْكَسْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْوَاوِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الأَلف. وشاقَني شَوْقاً وشَوَّقَنى: هَاجَنِي فَتَشوَّقْت إِذَا هَيَّجَ شَوقَك، وَيُقَالُ مِنْهُ: شاقَني حُسْنُها وذِكْرُها يَشُوقني أَيْ هُيِّجَ شَوْقي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

إِلَى ظُعُنٍ لِلْمَالِكِيَّةِ غُدْوةً،

فَيَا لَكَ مِنْ مَرْأًى أَشاقَ وأَبعدا

فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ وَجَدْنَاهُ شَائِقًا بَعِيدًا. وشاقَ الطُّنُبَ إِلَى الْوَتِدِ شَوْقاً: مدَّه إِلَيْهِ فأَوثقه به. ابن بزرج: شُقْتُ الْقِرْبَةَ أَشُوقُها نَصَبْتُها مُسْنَدة إِلَى الْحَائِطِ، فَهِيَ مَشُوقة. والشِّيقُ والشِّيَاقُ: كالنِّياط انْقَلَبَتِ الْوَاوُ فِيهَا يَاءً لِلْكَسْرَةِ. وَرَجُلٌ أَشْوَقُ: طَوِيلٌ.

ص: 192