الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كأَنه مَقْلُوبٌ عَنِ الغَوِيقِ أَو لُغَةٌ فيه.
غيق: غَيَّقَ فِي رأْيه تَغْييقاً: اخْتَلَطَ فَلَمْ يَثْبُتْ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ يَموج؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
غَيَّقْنَ، بالمكْحُولةِ السَّوَاجِي،
…
شيطانَ كلِّ مُتْرَف سَدَّاجِ
قَالَ الأَصمعي: غَيَّقْنَ مَوَّجن، وَالْمَعْنَى ضَلَّلْنَ. وغَيَّقَ ذَلِكَ الأَمر بَصَرِي: فَتَحَهُ فَجَاءَ بِهِ وَذَهَبَ وَلَمْ يَدَعْه فَيَثْبُتُ. وتَغَيَّقَ بَصَرُهُ: اسْمَهَرَّ وأَظلم. وغَيَّقَ بصرَه: عَطَفَهُ. وغَيَّقَ الشيءُ بَصَرَهُ إِذا حَيَّره، قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَذِيُّ أَوْرَادٍ يُغَيِّقْن البَصَرْ
الْمُفَضَّلُ: غَيَّقَ فُلَانٌ مَالَهُ تَغْييقاً إِذا أَفسده. وغَيَّقَ الطَّائِرُ: رَفْرَفَ عَلَى رأْسه فَلَمْ يَبْرَحْ. وغَيْقة: مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَيْقَة، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ بِلَادِ غِفَار، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيح:
فَغَيْقَةُ فالأَخْيافُ، أَخيافُ ظَبْيةٍ،
…
بِهَا مِنْ لُبَيْنَى مَخْرفٌ ومَرابِعُ
فصل الفاء
فأق: الفائِقُ: عَظْمٌ فِي الْعُنُقِ. وفَئِق فَأَقاً، فَهُوَ فَئِقٌ مفئِقٌ: اشْتَكَى فَائِقَهُ. اللَّيْثُ: الفَأَقُ دَاءٌ يأْخذ الإِنسان فِي عَظْمِ عُنُقِهِ الْمَوْصُولِ بِدِمَاغِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْعَظْمِ الفَائِقُ؛ وأَنشد:
أَو مُشْتَكِي فائِقَه مِنَ الفَأَقْ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَشْتَكِي عَظْمَ فائِقِه يَعْنِي الْعَظْمَ الَّذِي فِي مُؤَخَّرِ الرأْس يَغْمِزُ مِنْ دَاخِلِ الْحَلْقِ إِذا سَقَطَ. والفُؤَاقُ: الرِّيحُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الْمَعِدَةِ، لُغَةٌ فِي الفُوَاقِ، وَقَدْ فَأَقَ يَفْأَقُ فُؤَاقاً. وتَفَأَّق الشَّيْءُ: تَفَرَّجَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَو فَكّ حِنْوَيْ قَتَبٍ تَفَأَّقا
وإِكافٌ مُفَأَّق: مُفَرَّجٌ. ابْنُ الأَعرابي: الفائِقُ هُوَ الدُّرْدَاقِسُ. التَّهْذِيبُ: الفُؤَاقُ الْوَجَعُ، مَضْمُومٌ مَهْمُوزٌ لَا غَيْرُ، والفُوَاق بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، وَهُوَ السُّكُونُ، غير مهموز.
فتق: الفَتْق: خِلَافَ الرَّتْق. فَتَقَهُ يَفْتُقُه ويَفْتِقُه فَتْقاً: شقه؛ قال:
ترى جَوَابها بِالشَّحْمِ مَفْتُوقا
إِنما أَراد مَفْتُوقَةً فأَوقع الْوَاحِدَ مَوْقِعَ الْجَمَاعَةِ. وفَتَّقهُ تَفْتِيقاً فانْفتَقَ وتَفَتَّق. والفَتْقُ: الخَلَّةُ مِنَ الْغَيْمِ، وَالْجَمْعُ فُتُوق؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْحَذْلَمِيُّ:
إِنَّ لَهَا فِي العامِ ذِي الفُتُوقِ،
…
وزَلَلِ النيَّةِ والتَّصْفِيقِ،
رِعْيةَ ربٍّ ناصحٍ شَفِيقِ،
…
يَظَلُّ تَحْتَ الفَنَنِ الوَرِيقِ،
يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمَحْروقِ
قَوْلُهُ لَهَا يَعْنِي للإِبل، ذُو الفُتُوق: الْقَلِيلُ الْمَطَرِ، وزَلَلُ النيَّة: أَن تَزِلَّ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ لِطَلَبِ الكلإِ، والنيَّةُ: حَيْثُ يُنْوى مِنْ نَوَاحِي الْبِلَادِ، والمِحْجَنُ: شَيْءٌ يُجْذَبُ بِهِ أَغصان الشَّجَرِ لِتَقْرُبَ مِنَ الإِبل فتأْكل مِنْهَا، فإِذا سَئِمَ رَبَطَ فِي أَسفل المِحْجَن عِقَالًا ثُمَّ جَعَلَهُ فِي رُكْبَتِهِ، والمَحْروق: الَّذِي انْقَطَعَتْ حَارِقَتُهُ. وأَفْتَقَ القومُ: تَفَتَّق عَنْهُمُ الْغَيْمُ. وأَفْتَقَ
قَرْنُ الشَّمْسِ: أَصاب فَتْقاً مِنَ السَّحَابِ فَبَدَا مِنْهُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تُرِيكَ بياضَ لَبَّتِها ووَجْهاً،
…
كقَرْنِ الشَّمْسِ، أَفْتَقَ ثُمَّ زَالا
والفِتَاقُ: الشَّمْسُ حِينَ يُطْبقُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَبْدُو مِنْهَا شَيْءٌ. والفَتَقَةُ: الأَرض الَّتِي يُصِيبُ مَا حَوْلَهَا الْمَطَرُ وَلَا يُصِيبُهَا. وأَفْتَقْنا: لَمْ تُمْطَر بلادُنا ومُطِرَ غيرُنا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَحُكِيَ: خَرَجْنَا فَمَا أَفْتَقْنا حَتَّى وَرَدْنَا الْيَمَامَةَ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، فَقَدْ يَكُونُ مِنْ قَوْلِهِ أَفْتَقَ الْقَوْمُ إِذا تَفَتَّقَ عَنْهُمُ الغيم، وقد يكون قَوْلِهِمْ أَفْتَقْنا إِذا لَمْ تُمْطَر بلادُنا ومُطِر غيرُها. والفَتْقُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي لَمْ يُمْطَرُ. وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:
خَرَجَ حَتَّى أَفْتَقَ بَيْنَ الصَّدْمتين
أَي خَرَجَ مِنْ مَضيق الْوَادِي إِلى المُتَّسع. وأَفْتَقَ السحابُ إِذا انْفَرَجَ. وأَفْتَقْنا: صَادَفْنَا فَتْقاً أَي مَوْضِعًا لَمْ يُمْطَرْ وَقَدْ مُطِرَ مَا حَوْلَهُ؛ وأَنشد:
إِنَّ لَهَا فِي الْعَامِ ذِي الفُتوقِ
والفَتَقُ: الصُّبْحُ. وَصُبْحٌ فَتِيقٌ: مُشرق. التَّهْذِيبُ: والفَتْق انْفِلَاقُ الصُّبْحِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ لاحَ للسَّارِي الَّذِي كَمَّل السُّرَى،
…
عَلَى أُخْرَياتِ اللَّيْلِ، فَتْقٌ مُشَهَّرُ
والفَتِيقُ اللسانِ: الحُذَاقيّ الْفَصِيحُ. وَرَجُلٌ فَتِيقُ اللِّسَانِ، عَلَى فَعِيلٍّ: فصيحُه حَدِيدُه. ونَصْلٌ فَتِيق: حَدِيدُ الشَّفْرتين جُعِلَ لَهُ شُعْبتان كأَنَّ إِحداهما فُتِقَتْ مِنَ الأَخرى؛ وأَنشد:
فَتِيقَ الغِرَارَينِ حَشْراً سَنينَا
وَسَيْفٌ فَتِيقٌ إِذا كَانَ حَادًّا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: كنَصْل الزَّاعِبيّ فَتِيق. وفَتَقَ فُلَانٌ الْكَلَامَ وبَجَّه إِذا قوَّمه ونقَّحه. وامرأَة فُتُق، بِضَمِّ الْفَاءِ وَالتَّاءِ: مُتَفَتِّقَة بِالْكَلَامِ. والفَتَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ امرأَة فَتْقاء، وَهِيَ المُنْفَتِقةُ الْفَرْجِ خِلَافُ الرَّتْقاء. أَبو الْهَيْثَمِ: الفَتْقاءُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي صَارَ مَسْلَكاها وَاحِدًا وَهِيَ الأَتُومُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: امرأَة فُتُق لِلَّتِي تَفْتُقُ فِي الأُمور؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ليْسَت بشَوْشَاةِ الحديثِ، وَلَا
…
فُتُق مُغَالبة عَلَى الأَمْرِ
والفِتاقُ: انْفِتاقُ الْغَيْمِ عَنِ الشَّمْسِ فِي قَوْلِهِ:
وفَتَاة بَيْضاء نَاعِمَةُ الجِسْمِ
…
لَعُوب، ووَجْهُها كالفِتاق
وَقِيلَ: الفِتاقُ أَصل اللِّيف والأَبيض يشبَّه بِهِ الْوَجْهُ لِنَقَائِهِ وَصَفَائِهِ، وَقِيلَ: الفِتاقُ أَصل اللِّيفِ الأَبيض الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ. والفَتْق: انْشِقَاقُ العَصا وَوُقُوعُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وتصدُّع الْكَلِمَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ المسأَلة إِلَّا فِي حَاجَةٍ أَو فَتْق.
التَّهْذِيبُ: والفَتْق شقُّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ مِنْ قِبَل حَرْب فِي ثَغْرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ؛ وأَنشد:
وَلَا أَرى فَتْقَهُمْ فِي الدِّينِ يَرْتَتِقُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
يسأَل الرَّجُلُ فِي الجَائِحة أَو الفَتْق
أَي الْحَرْبِ يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَتَقَعُ فِيهَا الْجِرَاحَاتُ وَالدِّمَاءُ، وأَصله الشَّقُّ وَالْفَتْحُ، وَقَدْ يُرَادُ بالفَتْق نَقْضُ الْعَهْدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: اذْهَبْ فَقَدْ كَانَ فَتْقٌ بَيْنَ جُرَش.
وأَفْتَقَ الرَّجُلُ إِذا أَلحت عَلَيْهِ الفُتُوق، وَهِيَ الْآفَاتُ مِنْ جُوعٍ وَفَقْرٍ ودَيْنٍ. والفَتْقُ: علَّة
أَو نُتُوٌّ فِي مَرَاقِّ الْبَطْنِ. التَّهْذِيبُ: الفَتْقُ يُصِيبُ الإِنسان فِي مَرَاقِّ بَطْنِهُ يَنْفَتِقُ الصِّفاق الدَّاخِلُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والفَتْق، هُوَ انْفِتَاقُ المثانةِ، وَيُقَالُ: هُوَ أَن يَنْفَتِقَ الصِّفاق إِلى دَاخِلٍ، وَكَانَ الأَزهري يَقُولُ: هُوَ الفَتَق، بِفَتْحِ التَّاءِ، وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فِي الفَتَق الدِّيَةُ
؛ قَالَ الْهَرَوِيُّ: هَكَذَا أَقرأَنيه الأَزهري بِفَتْحِ التَّاءِ. وَفِي
صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم: كَانَ فِي خَاصِرَتَيْهِ انْفِتاق
أَي اتِّسَاعٌ، وَهُوَ مَحْمُودٌ فِي الرِّجَالِ مَذْمُومٌ فِي النِّسَاءِ. والفَتْق: أَن تَنْشق الْجِلْدَةُ الَّتِي بَيْنَ الخُصْية وأَسفل الْبَطْنِ فَتَقَعُ الأَمْعاء فِي الْخُصْيَةِ. والفَتَقُ: الْخِصْبُ، سمِّي بِذَلِكَ لِانْشِقَاقِ الأَرض بِالنَّبَاتِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تأْوي إِلى سَفْعاءَ كَالثَّوْبِ الخَلَقْ،
…
لَمْ تَرْجُ رِسْلًا بَعْدَ أَعوامِ الفَتَقْ
أَي بَعْدَ أَعوام الخِصْب، تَقُولُ مِنْهُ: فَتِقَ، بِالْكَسْرِ. وَعَامُ الفَتَق: عَامُ الْخِصْبِ. وَقَدْ أَفْتَقَ الْقَوْمُ إِفْتاقاً إِذا سَمِنَتْ دَوَابُّهُمْ فَتَفَتَّقَت. وتَفَتَّقَت خَوَاصِرُ الْغَنَمِ مِنَ الْبَقْلِ إِذا اتَّسَعَتْ مِنْ كَثْرَةِ الرَّعْيِ. وَبَعِيرٌ فَتِيقٌ وَنَاقَةٌ فَتِيقٌ أَي تَفَتَّقَتْ فِي الْخِصْبِ، وَقَدْ فَتِقَتْ تَفْتَقُ فَتَقاً. وَعَامٌ فَتِقٌ: خَصِيبٌ. وانْفَتَقَت الْمَاشِيَةُ وتَفَتَّقَتْ: سَمِنَتْ. وَجَمَلٌ فَتِيقٌ إِذا تَفَتَّقَ سِمَنًا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فمُطِروا حَتَّى نَبَتَ العُشْب وَسَمِنَتِ الإِبل حَتَّى تَفَتَّقَتْ
أَي انْتَفَخَتْ خَوَاصِرُهَا وَاتَّسَعَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَا رَعَتْ، فَسُمِّيَ عَامَ الفَتَقِ أَي الْخِصْبِ. الْفَرَّاءُ: أَفْتَقَ الحيُّ إِذا أَصاب إِبلهم الفَتَقُ، وَذَلِكَ إِذا انْفَتَقَتْ خَوَاصِرُهَا سِمَناً فَتَمُوتُ لِذَلِكَ وَرُبَّمَا سَلِمَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فُتُق، هُوَ بِضَمَّتَيْنِ: مَوْضِعٌ فِي طَرِيقِ تَبَالة، سَلَكَهُ قُطْبة بْنُ عَامِرٍ لَمَّا وَجَّهَهُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليُغير عَلَى خَثْعَم سَنَةَ تِسْعٍ. والفَتَقُ: داءٌ يأْخذ النَّاقَةَ بَيْنَ ضَرْعِهَا وَسُرَّتِهَا فَتَنْفَتِقُ وَذَلِكَ مِنَ السِّمَنِ. أَبو زَيْدٍ: انْفَتَقَت النَّاقَةُ انْفِتاقاً، وَهُوَ الفَتَقُ، وَهُوَ داءٌ يأْخذها مَا بَيْنَ ضَرْعِهَا وَسُرَّتِهَا، فَرُبَّمَا أَفْرَقَتْ وَرُبَّمَا مَاتَتْ وَذَلِكَ مِنَ السِّمَنِ، وَقِيلَ: الفَتَقُ انْفِتَاقُ الصِّفاق إِلى دَاخِلٍ فِي مراقِّ الْبَطْنِ وَفِيهِ الدِّيَةُ، وَقَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ: فِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ: فِيهِ الِاجْتِهَادُ مِنَ الْحَاكِمِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ الحُكُومة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْقَطِعَ اللَّحْمُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الأُنْثَيَيْنِ. وفَتَق الْخِيَاطَةَ يَفْتِقُها. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما
، قَالَ: فُتِقَتِ السماءُ بالقَطْر والأَرض بِالنَّبَاتِ، وَقَالَ الزجاج: المعنى أَن السموات كَانَتْ سَمَاءً وَاحِدَةً مُرْتَتِقةً لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَهَا اللَّهُ غَيْرَ وَاحِدَةٍ، ففَتَقَ اللَّهُ السَّمَاءَ فَجَعَلَهَا سَبْعًا وَجَعَلَ الأَرض سَبْعَ أَرضين، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنه يُرِيدُ بفَتْقِها كَوْنَ الْمَطَرِ قَوْلُهُ: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ. ابْنُ الأَعرابي: أَفْتَق القمرُ إِذا بَرَزَ بَيْنَ سَحَابَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ، وأَفْتَقَ الرَّجُلُ إِذا اسْتَاكَ بالفِتَاقِ، وَهُوَ عُرْجُونُ الكِباسَةِ، وفَتَقَ الطِّيبَ يَفْتُقه فَتْقاً: طيَّبه وَخَلَطَهُ بِعُودٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الدُّهْنُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
لَهَا فَأْرةٌ ذَفْرَاءُ كُلَّ عشيّةٍ،
…
كَمَا فَتَقَ الكافورَ بالمِسْكِ فاتِقُه
ذَكَرَ إِبلًا رَعَتِ الْعُشْبَ وزَهْرته وأَنها نَدِيَتْ جُلُودُهَا فَفَاحَتْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ. والفِتاقُ: مَا فُتِقَ بِهِ. وفَتْقُ الْمِسْكِ بِغَيْرِهِ: اسْتِخْرَاجُ رَائِحَتِهِ بِشَيْءٍ تُدْخِلُهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الفِتَاقُ أَخلاط مِنْ أَدوية مَدْقُوقَةٍ تُفْتَقُ أَي تُخْلَطُ بِدُهْنِ الزِئْبَقِ كَيْ تَفُوحَ رِيحُهُ،
والفِتاقُ: أَن تَفْتُق الْمِسْكَ بِالْعَنْبَرِ. وَيُقَالُ: الفِتاقُ ضَرْبٌ مِنَ الطِّيب، وَيُقَالُ طِيبُ الرَّائِحَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرَ:
وكأَن الأَرْيَ المَشُورَ مَعَ الخَمْرِ
…
بفِيها، يَشُوب ذَاكَ فِتاقُ
وَقَالَ آخَرُ:
علَّلَتْهُ الذَّكِيَّ والمِسْكَ طَوْراً،
…
وَمِنَ الْبان مَا يَكُونُ فِتاقا
والفِتاق: خَمِيرة ضَخْمَةٌ لَا يَلْبَثُ الْعَجِينُ إِذا جُعِلَ فِيهِ أَن يُدْرِكَ، تَقُولُ: فَتَقْتُ الْعَجِينَ إِذا جَعَلْتَ فِيهِ فِتاقاً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والفِتاقُ خَمِيرُ الْعَجِينِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والفَيْتَقُ: النَجّار، وَهُوَ فَيْعَل؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا بدَّ مِنْ جَارٍ يُجِيرُ سَبِيلَها،
…
كَمَا سَلَك السَّكِّيَّ فِي الْبَابِ فَيْتَقُ
والسَّكِّيّ: الْمِسْمَارُ. والفَيْتَقُ: الْبَوَّابُ، وَقِيلَ الحدّاد وقيل الملك؛ التَّهْذِيبُ: يُقَالُ للملِك فَيْتَق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
رأَيت المَنَايَا لَا يُغَادِرْنَ ذَا غِنًى
…
لِمالٍ، وَلَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ فَيْتَقُ
وفِتاق: اسم موضع؛ قال الحرب بْنُ حِلِّزَةَ:
فمُحَيَّاة فالصِّفَاح، فأَعناق
…
فِتَاق، فعَاذِب فالوَفَاء «2»
فرِيَاض القَطَا فأَودية الشُرْبُب،
…
فالشُّعْبَتان فالأَبْلاء
فحق: ابْنُ سِيدَهْ: الفَحْقةُ رَاحَةُ الْكَلْبِ بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. وأَفْحَقَ الشيءَ: ملأَه، وَقِيلَ؛ حاؤُه بَدَلٌ مِنْ هَاءِ أَفْهَقَ. الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانٌ يَتَفَيْحَقُ فِي كَلَامِهِ ويَتَفَيْهقُ إِذا توسَّع فِيهِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: انْفَحَقَ بِالْكَلَامِ انْفِحاقاً. وَطَرِيقٌ مُنْفَحِقٌ: وَاسِعٌ؛ وأَنشد:
والعِيسُ فَوْقَ لاحِبٍ مُعَبَّدِ،
…
غُبْرِ الحَصى مُنْفَحِقٍ عَجَرَّدِ
فرق: الفَرْقُ: خِلَافُ الْجَمْعِ، فَرَقه يَفْرُقُه فَرْقاً وفَرَّقه، وَقِيلَ: فَرَقَ لِلصَّلَاحِ فَرْقاً، وفَرَّق للإِفساد تَفْريقاً، وانْفَرَقَ الشَّيْءُ وتَفَرَّق وافْتَرقَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّق خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ
، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ مَبْسُوطًا، وَذَهَبَ أَحمد أَن مَعْنَاهُ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بِالْكُوفَةِ أَربعون شَاةً وَبِالْبَصْرَةِ أَربعون كَانَ عَلَيْهِ شَاتَانِ لِقَوْلِهِ
لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتفرِّق
، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِبَغْدَادَ عِشْرُونَ وَبِالْكُوفَةِ عِشْرُونَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ إِبل مُتَفَرِّقَةٌ فِي بلْدانٍ شَتَّى إِن جُمِعَتْ وَجَبَ فِيهَا الزَّكَاةُ، وإِن لَمْ تُجْمَعْ لَمْ تَجِبْ فِي كُلِّ بَلَدٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
البَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا
«3» ؛ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّفَرُّق الَّذِي يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِوُجُوبِهِ فَقِيلَ: هُوَ بالأَبدان، وإِليه ذَهَبَ مُعْظَمُ الأَئمة وَالْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحمد، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمَا: إِذا تَعَاقَدَا صحَّ الْبَيْعُ وإِن لَمْ يَفْتَرِقَا، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الأَول، فإِن رِوَايَةَ
ابْنِ عُمَرَ فِي تَمَامِهِ: أَنه كَانَ إِذا بَايَعَ رَجُلًا فأَراد أَن يَتِمَّ البيعُ قَامَ فَمَشَى خَطَوات حَتَّى يُفارقه
، وإِذا لَمْ يُجْعَل التَّفَرُّق شَرْطًا فِي الِانْعِقَادِ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ، فإِنه
(2). روي هذا البيت في معلقة الحرث بن حلّزة على هذه الصورة:
فالمُحَيَّاةُ، فالصفاحُ، فأعْلى
…
ذي فِتاقٍ، فعاذبٌ، فالوفاءُ
(3)
. قوله [ما لم يفترقا] كذا في الأصل، وعبارة النهاية:
ما لم يتفرقا
، وفي رواية:
ما لم يفترقا
يُعْلَم أَن الْمُشْتَرِيَ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَبُولُ الْبَيْعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ خيارُه ثابتٌ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ. والتَّفَرّقُ والافْتِراقُ سَوَاءٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ التَّفَرّق للأَبدان والافْتِراقَ فِي الْكَلَامِ؛ يُقَالُ فَرَقْت بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فافْترقَا، وفَرَّقْتُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَتَفَرّقا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: فَرِّقُوا عَنِ المَنِيَّة وَاجْعَلُوا الرأْس رأْسين
؛ يَقُولُ: إِذا اشْتَرَيْتُمُ الرَّقِيقَ أَو غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَانِ فَلَا تُغَالوا فِي الثَّمَنِ وَاشْتَرُوا بِثَمَنِ الرأْس الْوَاحِدِ رأْسين، فإِن مَاتَ الْوَاحِدُ بَقِيَ الْآخَرُ فكأَنكم قَدْ فَرَّقتم مَالَكُمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ يُفَرِّق بِالشَّكِّ وَيَجْمَعُ بِالْيَقِينِ
، يَعْنِي فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ أَن يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى أَمر قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يُعْلَم مَنِ المُصيبُ مِنْهُمْ فَكَانَ يُفَرِّق بَيْنَ الرَّجُلِ والمرأَة احْتِيَاطًا فِيهِ وَفِي أَمثاله مِنْ صُوَرِ الشَّكِّ، فإِن تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الشَّكِّ اليقينُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ فارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمِيتَتُه جَاهِلِيَّةٌ
؛ يَعْنِي أَن كُلَّ جَمَاعَةٍ عَقَدت عَقْداً يُوَافِقُ الْكِتَابَ والسنَّة فَلَا يَجُوزُ لأَحد أَن يُفَارِقَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ، فإِن خَالَفَهُمْ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ
فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ
أَي يَمُوتُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الضَّلَالِ وَالْجَهْلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ
؛ مَعْنَاهُ شَقَقْنَاهُ. والفِرْقُ: القِسْم، وَالْجَمْعُ أَفْراق. ابْنُ جِنِّي: وَقِرَاءَةُ مَنْ قرأَ
فَرَّقنا بِكُمُ الْبَحْرَ
، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، شَاذَّةٌ، مِنْ ذَلِكَ، أَي جَعَلْنَاهُ فِرَقاً وأَقساماً؛ وأَخذتُ حَقِّيَ مِنْهُ بالتَّفَارِيق. والفِرْقُ: الفِلْق مِنَ الشَّيْءِ إِذا انْفَلَقَ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
. التَّهْذِيبُ: جاءَ تَفْسِيرُ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فِي آيَةٍ أُخرى وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
؛ أَراد فانْفَرَق البحرُ فَصَارَ كَالْجِبَالِ العِظام وَصَارُوا فِي قَرَاره. وفَرَق بَيْنَ الْقَوْمِ يَفْرُق ويَفْرِق. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ
؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَرُوِيَ
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ أَنه قرأَ فافْرِقْ بَيْنَنَا
، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وفَرَّقَ بَيْنَهُمْ: كفَرَقَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَفَرَّق الْقَوْمُ تَفَرُّقاً وتَفْرِيقاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الْجَوْهَرِيُّ: فَرَقْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَفْرُق فَرْقاً وفُرْقاناً وفَرَّقْتُ الشيءَ تَفْريقاً وتَفْرِقةً فانْفَرقَ وافْتَرَقَ وتَفَرَّق، قَالَ: وفَرَقْتُ أَفْرُق بَيْنَ الْكَلَامِ وفَرَّقْتُ بَيْنَ الأَجسام، قَالَ: وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: البَيِّعان بِالْخِيَارِ مَا لَم يَتَفَرقا
بالأَبدان، لأَنه يُقَالُ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فَتَفَرَّقا. والفُرْقة: مَصْدَرُ الافْتِرَاقِ. قَالَ الأَزهري: الفُرْقة اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ مِنَ الافْتِرَاقِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: صلَّيت مَعَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُرُق
، أَي ذَهَبَ كُلٌّ مِنْكُمْ إِلى مَذْهَبٍ ومَالَ إِلى قَوْلٍ وَتَرَكْتُمُ السُّنة. وفارَقَ الشيءَ مُفَارقةً وفِرَاقاً: بايَنَهُ، وَالِاسْمُ الفُرْقة. وتَفَارق القومُ: فَارَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وفَارَقَ فُلَانٌ امرأَته مُفَارقةً وفِراقاً: بايَنَها. والفِرْقُ والفِرْقةُ والفَرِيقُ: الطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ المُتَفَرِّق. والفِرْقةُ: طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، والفَرِيقُ أَكثر مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفارِيق الْعَرَبِ
، وَهُوَ جَمْعُ أَفْراقٍ، وأَفراقٌ جَمْعُ فِرْقةٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَرِيقُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ فِرْقة مِنْهُ، والفَرِيقُ المُفارِقُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَتَجْمعُ قَوْلًا بالعِراقِ فَرِيقُهُ،
…
وَمِنْهُ بأَطْلالِ الأَرَاكِ فَرِيقُ؟
قَالَ: وأَفْرَاق جَمْعُ فِرَقٍ، وفِرَقٌ جَمْعُ فِرْقةٍ، وَمِثْلُهُ فِيقَةٌ وفِيَق وأَفْواق وأَفَاويق. والفِرْقُ: طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَقَالَ أَعرابي لِصِبْيَانٍ رَآهُمْ: هؤُلاء فِرْقُ سُوءٍ. والفَرِيقُ الطَّائِفَةُ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ أَكثر مِنَ الفِرْقِ، ونيَّة فَرِيقٌ: مُفَرَّقة؛ قَالَ:
أَحَقّاً أَن جِيرتَنَا اسْتَقَلُّوا؟
…
فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالَ فَرِيقٌ كَمَا تَقُولُ لِلْجَمَاعَةِ صَدِيق. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَشهدُ بالمَرْوَةِ يَوْمًا والصَّفَا،
…
أَنَّكَ خيرٌ مِنْ تَفارِيقِ العَصَا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْعَصَا تُكْسَرُ فَيُتَّخَذُ مِنْهَا ساجُورٌ، فإِذا كُسر السَّاجُور اتُّخِذَت مِنْهُ الأَوْتادُ: فإِذا كُسر الوَتِد اتُّخِذَتْ مِنْهُ التَّوَادِي تُصَرُّ بِهَا الأَخْلاف. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالرِّجْزُ لِغَنِيَّةِ الأَعرابية، وَقِيلَ لامرأَة قَالَتْهُمَا فِي وَلَدِهَا وَكَانَ شَدِيدَ العَرَامة مَعَ ضَعْفِ أَسْرٍ ودِقَّةٍ، وَكَانَ قَدْ وَاثَبَ فَتًى فَقَطَعَ أَنفه فأَخذت أُمه دِيَتَه، ثُمَّ وَاثَبَ آخَرَ فَقَطَعَ شَفَتَهُ فأَخذت أُمه دِيَتَهَا، فَصَلَحَتْ حَالُهَا فَقَالَتِ الْبَيْتَيْنِ تُخَاطِبُهُ بِهِمَا. والفَرْقُ: تَفْرِيقُ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ حِينَ يَتَفَرَّقان. والفَرْقُ: الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. فَرَقَ يَفْرُقُ فَرْقاً: فَصَلَ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْفارِقاتِ فَرْقاً
، قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ تُزَيِّل بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ
، أَي فَصَّلْنَاهُ وأَحكمناه، مَنْ خفَّف قَالَ بَيَّناه مِنْ فَرَقَ يَفْرُق، وَمَنْ شدَّد قَالَ أَنزلناه مُفَرَّقاً فِي أَيامٍ. التَّهْذِيبُ: قرئَ فَرَّقْناه وفَرَقْناهُ، أَنزل اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ جُمْلَةً إِلى سماءِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي عِشْرِينَ سَنَةً، فَرَّقهُ اللَّهُ فِي التَّنْزِيلِ لِيَفْهَمَهُ النَّاسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ أَحكمناه كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
فِيهَا يُفَرَّقُ كُلُّ أَمر حَكِيمٍ
؛ أَي يُفَصَّل، وقرأَه أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ مُخَفَّفًا، وَالْمَعْنَى أَحكمناه وَفَصَّلْنَاهُ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَّقْناه، بِالتَّثْقِيلِ، يَقُولُ لَمْ يَنْزِلْ فِي يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ نَزَلَ مُتَفَرِّقاً
، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيضاً فَرَقْناه مُخَفَّفَةٌ.
وفَرَقَ الشعرَ بِالْمُشْطِ يَفرُقُه ويَفْرِقُه فَرْقاً وفَرَّقه: سَرَّحه. والفَرْقُ: مَوْضِعُ المَفْرِق مِنَ الرأْس. وفَرْقُ الرأْس: مَا بَيْنَ الْجَبِينِ إِلى الدَّائِرَةِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ومَتْلَف مِثْلِ فَرْقِ الرأْس تَخْلُجُه
…
مَطَارِبٌ زَقَبٌ، أَمْيالُها فِيحُ
شَبَّهَهُ بفَرْقِ الرأْس فِي ضِيقِهِ، ومَفْرِقُه ومَفْرَقُه كَذَلِكَ: وَسَطَ رأْسه. وَفِي حَدِيثِ
صِفَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إِن انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُه فَرَقَ وإِلَّا فَلَا يَبْلُغُ شعرُه شَحْمة أُذنه إِذا هُوَ وَفَّرَه
أَي إِن صَارَ شَعَرُهُ فِرْقَيْن بِنَفْسِهِ فِي مَفْرقه تَرَكَهُ، وإِن لَمْ يَنْفَرِقْ لَمْ يَفْرِقْه؛ أَراد أَنه كَانَ لَا يَفْرُق شَعْرَهُ إِلَّا أَن يَنْفَرِق هُوَ، وهكذا كان أَول الأَمر ثُمَّ فَرَقَ. وَيُقَالُ لِلْمَاشِطَةِ: تُمَشِّطُ كَذَا وكذا فَرْقاً أَي كَذَا وَكَذَا ضَرْبًا. والمَفْرَق والمَفْرِقُ: وَسَطُ الرأْس وَهُوَ الَّذِي يُفْرَقُ فِيهِ الشَّعَرُ، وَكَذَلِكَ مَفْرَق الطَّرِيقِ. وفَرَقَ لَهُ عَنِ الشَّيْءِ: بيَّنه لَهُ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. ومَفْرِقُ الطَّرِيقِ ومَفْرَقُه: مُتَشَعَّبُه الَّذِي يَتَشَعَّب مِنْهُ طَرِيقٌ آخَرُ، وَقَوْلُهُمْ للمَفْرِق مَفَارِق كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ مَفْرِقاً فَجَمَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ. وفَرَقَ لَهُ الطَّرِيقَ أَي اتَّجَهَ لَهُ طَرِيقَانِ.
والفَرَقُ فِي النَّبَاتِ: أَن يَتَفرَّق قِطَعاً مِنْ قَوْلِهِمْ أَرض فَرِقَةٌ فِي نَبْتِهَا، فَرَق عَلَى النَّسَبِ لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ، إِذا لم تكن «4» واصبَةً مُتَّصِلَةَ النَّبَاتِ وَكَانَ مُتَفَرِّقاً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَبْتٌ فَرِقٌ صَغِيرٌ لَمْ يغطِّ الأَرض. وَرَجُلٌ أَفْرقُ: لِلَّذِي نَاصِيَتُهُ كأَنها مَفْروقة، بيِّن الفَرَق «5» ، وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ، وَجَمْعُ الفَرَق أَفْراق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَنْفُضُ عُثْنوناً كثيرَ الأَفْرَاقْ،
…
تَنْتِحُ ذِفْراهُ بِمِثْلِ الدِّرْياقْ
اللَّيْثُ: الأَفْرقُ شِبْهُ الأَفْلَج إِلَّا أَن الأَفْلَج زَعَمُوا مَا يُفَلِّجُ، والأَفْرَقُ خِلْقة. والفرقاءُ مِنَ الشاءِ: الْبَعِيدَةُ مَا بَيْنَ الْخُصْيَتَيْنِ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَفْرقُ: الأَبْلَجُ، وَقِيلَ: الْبَعِيدُ مَا بَيْنَ الأَليتين. والأَفْرَقُ الْمُتَبَاعِدُ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ. وتَيْس أَفْرَقُ: بَعِيدُ مَا بَيْنَ القَرْنَيْن. وَبَعِيرٌ أَفْرَقُ: بَعِيدُ مَا بَيْنَ المَنْسِمَيْنِ. وَدِيكٌ أَفْرَقُ: ذُو عُرْفَيْنِ لِلَّذِي عُرْفُه مَفْروق، وَذَلِكَ لِانْفِرَاجِ مَا بَيْنَهُمَا. والأَفْرَقُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي نَاصِيَتُهُ كأَنها مَفْرُوقَةٌ، بيِّن الفَرَقِ، وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ، وَمِنَ الْخَيْلِ الَّذِي إِحدى ورِكَيْهِ شَاخِصَةٌ والأُخرى مُطَمْئِنَّةٌ، وَقِيلَ: الَّذِي نَقَصَتْ إِحدى فَخِذَيْهِ عَنِ الأُخرى وَهُوَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ: هُوَ النَّاقِصُ إِحدى الْوِرْكَيْنِ؛ قَالَ:
ليسَتْ مِنِ الفُرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ
وأَنشده يَعْقُوبُ: مِنَ القِرْقِ الْبِطَاءِ، وَقَالَ: القِرْقُ الأَصل، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الأَفْرَقُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي إِحدى حَرْقَفَتَيْهِ شَاخِصَةٌ والأُخرى مُطْمَئِنَّةٌ. وَفَرَسٌ أَفْرَقُ: لَهُ خُصْيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالِاسْمُ الفَرَقُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فَرِقَ فَرَقاً. والمَفْروقان مِنَ الأَسباب: هُمَا اللَّذَانِ يَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنَفْسِهِ أَي يَكُونُ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وَحَرْفٌ سَاكِنٌ وَيَتْلُوهُ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ نَحْوَ مُسْتَفْ مِنْ مُسْتَفْعِلُنْ، وعِيلُنْ مِنْ مَفاعِيلُنْ. والفُرْقانُ: الْقُرْآنُ. وَكُلُّ مَا فُرِقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَهُوَ فُرْقان، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ
. والفُرْق أَيضاً: الفُرْقان وَنَظِيرُهُ الخُسْر والخُسْران؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
ومُشْرِكيّ كَافِرٍ بالفُرْقِ
وَفِي حَدِيثِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ:
مَا أُنزل فِي التَّوْرَاةِ وَلَا الإِنجيل وَلَا الزَّبُور وَلَا الفُرْقانِ مِثْلُها
؛ الفُرْقان: مِنْ أَسماء الْقُرْآنِ أَي أَنه فارِقٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَيُقَالُ: فَرَقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَيُقَالُ أَيضاً: فَرَقَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:
والدَّهْرُ يَفْرُقُ بَيْنَ كلِّ جماعةٍ،
…
ويَلُفّ بَيْنَ تَباعُدٍ وَتَناءِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
محمدٌ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ
أَي يَفْرُقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ بِتَصْدِيقِهِ وَتَكْذِيبِهِ. والفُرْقان: الحُجّة. والفُرْقان: النَّصْرُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ
، وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ لأَن اللَّهَ أَظْهَرَ مِنْ نَصْره مَا كَانَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. التَّهْذِيبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
، قَالَ: يَجُوزُ أَن يكونَ الفُرْقانُ الْكِتَابَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ التَّوْرَاةُ إِلا أَنه أُعِيدَ ذِكْرُهُ بِاسْمٍ غَيْرِ الأَول، وعنى به أَنه يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً
؛
(4). الضمير يعود إِلى الأَرض الفَرِقة.
(5)
. بيّن الفرق أَي الرجل الأَفرق
أَراد التَّوْرَاةَ فسَمّى جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، فُرْقاناً وَسَمَّى الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ على مُوسَى، صلى الله عليه وسلم، فُرْقاناً، وَالْمَعْنَى أَنه تَعَالَى فَرَقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَآتَيْنَا مُحَمَّدًا الفُرْقانَ، قَالَ: وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ وَاحْتَجَجْنَا لَهُ مِنَ الْكِتَابِ بِمَا احْتَجَجْنَا هُوَ الْقَوْلُ. والفَارُوقُ: مَا فَرَّقَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. وَرَجُلٌ فارُوقٌ: يُفَرِّقُ مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. والفارُوقُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، سماه الله بِهِ لتَفْريقه بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لأَنه ضَرَبَ بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِهِ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، وَقِيلَ: إِنه أَظهر الإِسلام بِمَكَّةَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْكُفْرِ والإِيمان؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ:
أَشْبَهْتَ مِنْ عُمَرَ الفارُوقِ سِيرَتَهُ،
…
فاقَ البَرِيَّةَ وأْتَمَّتْ بِهِ الأُمَمُ
وَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ شِمَاسٍ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيضاً:
إِن أَوْلى بِالْحَقِّ فِي كُلِّ حَقٍّ،
…
ثُمَّ أَحْرَى بأَن يَكُونَ حَقِيقا،
مَنْ أَبوهُ عبدُ العَزِيزِ بنُ مَرْوانَ،
…
ومَنْ كَانَ جَدُّه الفارُوقا
والفَرَقُ: مَا انْفَلَقَ مِنْ عَمُودِ الصُّبْحِ لأَنه فارَقَ سَوَادَ اللَّيْلِ، وَقَدِ انْفَرَقَ، وَعَلَى هَذَا أَضافوا فَقَالُوا أَبْين مِنْ فَرَق الصُّبْحِ، لُغَةٌ فِي فَلَق الصُّبْحِ، وَقِيلَ: الفَرَقُ الصُّبْحُ نَفْسُهُ. وانْفَرَقَ الفجرُ وانْفَلَق، قَالَ: وَهُوَ الفَرَق والفَلَقُ لِلصُّبْحِ؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذا انْشَقَّ عَنْ إِنسانه فَرَقٌ،
…
هادِيهِ فِي أُخْرَياتِ الليلِ مُنْتَصِبُ
والفارِقُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تُفارق إِلْفَها فَتَنْتَتِجُ وَحْدَهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَخذها المَخاض فَذَهَبَتْ نادَّةً فِي الأَرض، وَجَمْعُهَا فُرَّق وفَوارِق، وَقَدْ فَرَقَتْ تَفْرُق فُروقاً، وَكَذَلِكَ الأَتان؛ وأَنشد الأَصمعي لعُمارة بْنِ طَارِقٍ:
اعْجَلْ بغَرْبٍ مِثْلَ غَرْبِ طارقِ،
…
ومَنْجَنُون كالأَتان الْفَارِقِ،
مِنْ أَثْلِ ذاتِ العَرْض والمَضايقِ
قَالَ: وَكَذَلِكَ السَّحَابَةُ الْمُنْفَرِدَةُ لَا تَخَلُّفَ وَرُبَّمَا كَانَ قَبْلَهَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو مُزْنَة فارِق يَجْلُو غوارِبَها
…
تَبوُّجُ البرقِ والظلماءُ عُلْجُومُ
الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا شَبَّهُوا السَّحَابَةَ الَّتِي تَنْفَرِدُ مِنَ السَّحَابِ بِهَذِهِ النَّاقَةِ فَيُقَالُ فَارِقٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سَحَابَةٌ فارِقٌ مُنْقَطِعَةٌ مِنْ مُعْظَمِ السَّحَابِ تُشَبَّهُ بالفارِقِ مِنَ الإِبل؛ قَالَ عَبْدُ بَنِي الحَسْحاسِ يَصِفُ سَحَابًا:
لَهُ فُرَّقٌ مِنْهُ يُنَتَّجْنَ حَوْلَهُ،
…
يفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِّماثِ السَّوابيا
فَجَعَلَ لَهُ سَوَابِيَ كَسَوَابِي الإِبل اتِّسَاعًا فِي الْكَلَامِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى فُرَّاق؛ قَالَ الأَعشى:
أَخرجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلةُ الوَدْقِ
…
رَجُوسٌ، قدَّامَها فُرّاقُ
ابْنُ الأَعرابي: الفارقُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَشْتَدُّ ثُمَّ تُلْقي وَلَدَهَا مِنْ شِدَّةِ مَا يَمُرُّ بِهَا مِنَ الْوَجَعِ. وأَفْرَقَتِ النَّاقَةُ: أَخرجت وَلَدَهَا فكأَنها فارَقَتْه. وَنَاقَةٌ مُفْرق: فَارَقَهَا وَلَدُهَا، وَقِيلَ: فَارَقَهَا بِمَوْتٍ، وَالْجَمْعُ مَفارِيق. وَنَاقَةُ مُفْرِق: تَمْكُثُ سَنَتَيْنِ أَو ثَلَاثَا لَا تَلْقَح. ابْنُ
الأَعرابي: أَفْرَقْنا إِبلَنا لعام إِذا خلَّوْها فِي الْمَرْعَى والكلإِ لَمْ يُنْتِجوها وَلَمْ يُلْقِحوها. قَالَ اللَّيْثُ: وَالْمَطْعُونُ إِذا برأَ قِيلَ أَفْرَق يُفْرِقُ إِفْراقاً. قَالَ الأَزهري: وَكُلُّ عَليلٍ أَفاق مِنْ عِلَّتِهِ، فَقَدْ أَفْرَقَ. وأَفْرَقَ المريضُ والمحْموم: برأَ، وَلَا يَكُونُ إِلا مِنَ مَرَضٍ يُصِيبُ الإِنسان مَرَّةً وَاحِدَةً كالجُدَرِيّ والحَصْبة وَمَا أَشبههما. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ مُفِيقٍ مِنْ مَرَضِهِ مُفْرق فعَمّ بِذَلِكَ. قَالَ أَعرابي لِآخَرَ: مَا أَمَارُ إِفْراقِ المَوْرود؟ فَقَالَ: الرُّحَضاءُ؛ يَقُولُ: مَا عَلَامَةُ بُرْءِ الْمَحْمُومِ، فَقَالَ العَرَق. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُدّوا مَنْ أَفْرقَ مِنَ الْحَيِّ
أَي مَنْ برأَ مِنَ الطَّاعُونِ. والفِرْقُ، بِالْكَسْرِ: الْقَطِيعُ مِنَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ العظيمُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا دُونَ الْمِائَةِ مِنَ الْغَنَمِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَلَكِنَّمَا أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّهُ
…
بفِرْق يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُهْ
يَهْجُو بِهَذَا الْبَيْتِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نُميرٍ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ النُّميري يُلَقَّبُ بالحَلالِ، وَكَانَ عَيَّره بإِبله فَهَجَاهُ الرَّاعِي وعَيَّره أَنه صَاحِبُ غَنَمٍ وَمَدَحَ إِبله، يَقُولُ أَمْتَعَهُ جدُّه أَي حَظَّهُ بِالْغَنَمِ وَلَيْسَ لَهُ سِوَاهَا؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ:
وعَيَّرَني الإِبْلَ الحَلالُ، وَلَمْ يَكُنْ
…
ليَجْعَلَها لِابْنِ الخَبِيثَةِ خالقُه
والفَريقةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ. وَيُقَالُ: هِيَ الْغَنَمُ الضَّالَّةُ؛ وهَجْهَجْ: زَجْرٌ لِلسِّبَاعِ والذِّئاب، وَالنَّاعِقُ: الرَّاعِي. والفَريقُ: كالفِرْقِ. والفِرْقُ والفَريقُ مِنَ الْغَنَمِ: الضَّالَّةُ. وأَفْرَقَ فلانٌ غَنَمَهُ: أَضلَّها وأَضاعها. والفَريقةُ مِنَ الْغَنَمِ: أَن تَتَفَرَّقَ مِنْهَا قِطْعَةٌ أَو شَاةٌ أَو شَاتَانِ أَو ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَتَذْهَبَ تَحْتَ اللَّيْلِ عَنْ جَمَاعَةِ الْغَنَمِ؛ قَالَ كثيِّر:
وذِفْرى ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف،
…
أَصاب فَرِيقةَ ليلٍ فعاثَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا ذِئْبانِ عادِيانِ أَصابا فَريقة غنمٍ
؛ الفَرِيقةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَشِذّ عَنْ مُعْظَمِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْغَنَمُ الضَّالَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: سُئِلَ عَنْ مَالِهِ فَقَالَ فِرْقٌ لَنَا وذَوْدٌ
؛ الفِرْقُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي بَيْتِ كثيِّر: والخَلِيفُ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ وَصَوَابُ إِنشاده بِذِفْرَى لأَن قَبْلَهُ:
تُوالي الزِّمامَ، إِذا مَا وَنَتْ
…
ركائِبُها، واحْتُثِثْنَ احْتِثاثا
ابْنُ سِيدَهْ: والفِرْقَةُ مِنَ الإِبل، بِالْهَاءِ، مَا دُونَ الْمِائَةِ. والفَرَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْخَوْفُ. وفَرِقَ مِنْهُ، بِالْكَسْرِ، فَرَقاً: جَزِع؛ وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فَرِقَه عَلَى حَذْفِ مِنْ؛ قَالَ حِينَ مَثَّلَ نَصْبَ قَوْلِهِمْ: أَو فَرَقاً خَيْرًا مِنْ حُبّ أَي أَو أَفْرَقُكَ فَرَقاً. وفَرِقَ عَلَيْهِ: فَزِعَ وأَشفق؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ فَرِقٌ وفَرُق وفَرُوق وفَرُوقَةٌ وفَرُّوق وفَرُّوقةٌ وَفَارُوقٌ وفارُوقةٌ: فَزِعٌ شَدِيدُ الفَرَق؛ الْهَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَيْسَتْ لتأْنيث الْمَوْصُوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ إِنما هِيَ إِشعار بِمَا أُريد مِنْ تأْنيث الْغَايَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ عَجَلة تَهَبُ رَيْثاً وَرُبَّ فَرُوقةٍ يُدْعى ليْثاً؛ والفَرُوقة: الحُرْمة؛ وأَنشد:
مَا زالَ عَنْهُ حُمْقُه ومُوقُه
…
واللؤْمُ، حَتَّى انْتُهكتْ فَروقُه
وامرأَة فَرُوقة وَلَا جَمْعَ لَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ رجلٌ فَرُوقَة لِلْكَثِيرِ الْفَزِعِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بَعَثْتَ غُلَامًا مِنْ قريشٍ فَرُوقَةً،
…
وتَتْرُك ذَا الرأْي الأَصيلِ المُهَلَّبا
وَقَالَ مُوَيلك المَرْموم:
إِنِّي حَلَلْتُ، وكنتُ جِدَّ فَرُوقة،
…
بَلَدًا يمرُّ بِهِ الشجاعُ فَيَفْزَعُ
قَالَ: وَيُقَالُ لِلْمُؤَنَّثِ فَرُوقٌ أَيضاً؛ شَاهِدُهُ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
رَأَتْني مُجَلِّيها فصَدَّتْ مَخافَةً،
…
وَفِي الْخَيْلِ رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ
وَفِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ:
فَجُئِثْتُ مِنْهُ فَرَقاً
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ الْخَوْفُ وَالْجَزَعُ. يُقَالُ: فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً، وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَباللهِ تُفَرِّقُني
؟ أَي تخوِّفني. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: فَرَقْتُ الصَّبِيَّ إِذا رُعْتَه وأَفزعته؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها فَرَّقت، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، لأَن مِثْلَ هَذَا يأْتي عَلَى فَعَّلت كَثِيرًا كَقَوْلِكَ فَزّعت ورَوَّعت وخوَّفت. وفارَقَني ففَرَقْتُه أَفْرُقُه أَي كُنْتُ أَشد فَرَقاً مِنْهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ حَكَاهُ عَنْ الْكِسَائِيِّ. وَتَقُولُ: فَرِقْتُ مِنْكَ وَلَا تَقُلْ فَرِقْتُكَ. وأَفْرَقَ الرجلُ وَالطَّائِرُ وَالسَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ: سَلَحَ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
أَلا تِلْكَ الثَّعالبُ قَدْ تَوِالَتْ
…
عليَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا
لتأْكلني، فَمَرَّ لهنَّ لَحْمِي،
…
فأَفْرَقَ، مِنْ حِذَاري، أَو أَتاعا
قَالَ: وَيُرْوَى فأَذْرَقَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمُفْرِقُ: الغاوِي عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ أَو لأَنه فارَق الرُّشد، والأَول أَصح؛ قَالَ رؤْبة:
حَتَّى انْتَهَى شيطانُ كُلِّ مُفْرِق
والفَريقةُ: أَشياء تُخْلَطُ لِلنُّفَسَاءِ مِنْ بُرّ وَتَمْرٍ وحُلْبة، وَقِيلَ: هُوَ تَمْرٌ يُطْبَخُ بِحُلْبَةٍ لِلنُّفَسَاءِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
ولقدْ ورَدْتُ الْمَاءَ، لَوْنُ جِمامِهِ
…
لَوْنُ الفَرِيقَةِ صُفِّيَتْ للمُدْنَفِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ وَلَقَدْ ورَدتَ الْمَاءَ، بِفَتْحِ التَّاءِ، لأَنه يُخَاطِبُ المُرِّيّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وَصَفَ لِسَعْدٍ فِي مَرَضِهِ الفَريقةَ
؛ هي تمر يطبخ بِحُلْبَةٍ وَهُوَ طَعَامٌ يُعْمَلُ لِلنُّفَسَاءِ. والفَرُوقة: شَحْمُ الكُلْيَتَيْنِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فبتْنَا، وباتَتْ قِدْرُهُمْ ذاتَ هِزَّةٍ،
…
يُضِيءُ لَنَا شحمُ الفَرُوقةِ والكُلَى
وأَنكر شَمِرٌ الفَروقة بِمَعْنَى شَحْمِ الْكُلْيَتَيْنِ. وأَفرقوا إِبلهم: تَرَكُوهَا فِي الْمَرْعَى فَلَمْ يُنْتِجوها وَلَمْ يُلقحوها. والفَرْقُ: الكتَّان؛ قَالَ:
وأَغْلاظ النُّجوم مُعَلَّقات
…
كَحَبْلِ الفَرْقِ لَيْسَ لَهُ انتِصابُ
والفَرْق والفَرَقُ: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ لأَهل الْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: هُوَ أَربعة أَرباع، وَقِيلَ: هُوَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا؛ قَالَ خِدَاشُ بْنُ زُهَيْرٍ:
يأْخُذونَ الأَرْشَ فِي إِخْوَتِهِم،
…
فَرَقَ السَّمْن وَشَاةً فِي الغَنَمْ
وَالْجَمْعُ فُرْقان، وَهَذَا الْجَمْعُ قَدْ يَكُونُ لِلسَّاكِنِ
وَالْمُتَحَرِّكِ جَمِيعًا، مِثْلُ بَطْن وبُطْنان وحَمَل وحُمْلان؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ فِي فُرْقان
قَالَ: والصَّفُّ أَن تَحْلُبَ فِي مِحْلَبَيْنِ أَو ثَلَاثَةٍ تَصُفّ بَيْنَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يتوضأُ بالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ
، وَقَالَتْ
عَائِشَةُ: كُنْتُ أَغتسل مَعَهُ مِنْ إِناء يُقَالُ لَهُ الفَرَقُ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والمحدِّثون يَقُولُونَ الفَرْق، وَكَلَامُ الْعَرَبِ الفَرَق؛ قَالَ ذَلِكَ أَحمد بْنُ يَحْيَى وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ إِناء يأْخذ سِتَّةَ عَشَرَ مُدّاً وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَصْوُعٍ. ابْنُ الأَثير: الفَرَقُ، بِالتَّحْرِيكِ، مِكْيَالٌ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مُدّاً، وَثَلَاثَةُ آصُعٍ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ، وَقِيلَ: الفَرَق خَمْسَةُ أَقساط والقِسْط نِصْفُ صَاعٍ، فأَما الفَرْقُ، بِالسُّكُونِ، فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
مَا أَسْكَرَ مِنْهُ الفَرْقُ فالحُسْوةُ مِنْهُ حَرَامٌ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَنْ اسْتَطَاعَ أَن يَكُونَ كَصَاحِبِ فَرْقِ الأَرُزّ فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فِي كلِّ عشرةِ أَفْرُقِ عسلٍ فَرَقٌ
؛ الأَفْرُق جَمْعُ قِلَّةٍ لفَرَقٍ كجبَلٍ وأَجْبُل. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفة: بارَكَ اللَّهُ لَهُمْ فِي مَذْقِها وفِرْقِها
، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَهُوَ مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ اللَّبَنُ «6». والفُرقان والفُرْقُ: إِناء؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ:
وهي إِذا أَدَرَّها العَيْدان،
…
وسطَعَت بمُشْرِفٍ شَبْحان،
تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ فِي الفُرْقان
أَراد بالصَّفّ قَدَحَيْن، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الصَّفُّ أَن يصفَّ بَيْنَ الْقَدَحَيْنِ فيملأَهما. والفُرقان: قَدَحَانِ مُفْتَرِقَانِ، وَقَوْلُهُ بِمُشْرِفٍ شَبَحَانِ أَي بِعُنُقٍ طَوِيلٍ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ فِي الْفُرْقَانِ
قَالَ: الفُرْقان جَمْعُ الفَرْق، والفَرْق أَربعة أَرباع، وَالصَّفُّ أَن تصفَّ بَيْنَ مِحْلَبَيْنِ أَو ثَلَاثَةً مِنَ اللَّبَنِ. ابْنُ الأَعرابي: الفِرْق الْجَبَلُ والفِرْق الهَضْبة والفِرْق المَوْجة. وَيُقَالُ: وَقَّفْتُ فُلَانًا عَلَى مَفارِقِ الْحَدِيثِ أَي عَلَى وُجُوهِهِ. وَقَدْ فارَقْتُ فُلَانًا مِنْ حِسَابِي عَلَى كَذَا وَكَذَا إِذا قطعتَ الأَمر بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَلَى أَمر وَقَعَ عَلَيْهِ اتِّفَاقُكُمَا، وَكَذَلِكَ صادَرْتُه عَلَى كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: فَرَقَ لِي هَذَا الأَمرُ يَفْرُقُ فُرُوقاً إِذا تَبَيَّنَ وَوَضَحَ. والفَرِيقُ: النَّخْلَةُ يَكُونُ فِيهَا أُخرى؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والفَرُوق: مَوْضِعٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وَنَحْنُ مَنَعْنا، بالفَرُوقِ، نساءَكُمْ
…
نُطَرِّف عَنْهَا مُبْسِلاتٍ غَوَاشِيا
والفُرُوق: مَوْضِعٌ فِي دِيَارِ بَنِي سَعْدٍ؛ أَنشد رَجُلٌ مِنْهُمْ:
لَا بارَكَ اللهُ عَلَى الفُرُوقِ،
…
وَلَا سَقاها صائبَ البُرُوقِ
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: قَالَ لخَيْفان كَيْفَ تركتَ أَفارِيق الْعَرَبِ؟
هُوَ جَمْعُ أَفْراق، وأَفْراقٌ جَمْعُ فِرْق، والفِرْق والفَرِيقُ والفِرْقةُ بِمَعْنًى. وفَرَقَ لِي رأْيٌ أَي بَدَا وَظَهَرَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَقَ لِي رأْيٌ
أَي ظَهَرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرِّوَايَةُ
فُرِقَ
، عَلَى
(6). قوله [يكال به اللبن] الذي في النهاية: البرّ
مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. ومَفْروق: لَقَبُ النُّعْمَانِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ أَيضاً اسْمٌ. ومَفْرُوق: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ورَعْنُ مَفْرُوقٍ تَسامى أُرَّمُهْ
وذاتُ فِرقَيْن الَّتِي فِي شِعْرِ عَبيد بْنِ الأَبرص: هَضْبة بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ؛ وَالْبَيْتُ الَّذِي فِي شِعْرِ عَبِيدٍ هُوَ قَوْلُهُ:
فَرَاكِسٌ فَثُعَيْلَباتٌ،
…
فذاتُ فِرْقَيْنِ فالقَليبُ
وإِفْريقيَةُ: اسْمُ بِلَادٍ، وَهِيَ مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ؛ وَقَدْ جَمَعَهَا الأَحوص عَلَى أَفارِيق فَقَالَ:
أَين ابنُ حَرْبٍ ورَهْطٌ لَا أَحُسُّهُمُ؟
…
كَانُوا عَلَيْنَا حَديثاً مِنْ بَنِي الحَكَمِ
يَجْبُونَ مَا الصِّينُ تَحْوِيهِ، مَقانِبُهُمْ
…
إِلى الأَفارِيق مِنْ فُصْحٍ وَمِنْ عَجَمِ
ومُفَرِّقُ الْغَنَمِ: هُوَ الظَّرِبان إِذا فَسا بَيْنَهَا وَهِيَ مُجْتَمِعَةٌ تَفَرَّقَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي صِفَتِهِ، عليه السلام: أَن اسْمَهُ فِي الْكُتُبِ السَّالِفَةِ فَارِق لِيطا
أَي يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَأْتِي الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا فِرْقانِ مِنْ طَيْرٍ صَوافّ
أَي قطعتان.
فرزدق: الفَرَزْدَقُ: الرَّغِيفُ، وَقِيلَ: فُتات الْخُبْزِ، وَقِيلَ: قِطَع الْعَجِينِ. وَاحِدَتُهُ فَرَزْدَقَة، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ الفَرَزْدَق شُبِّهَ بِالْعَجِينِ الَّذِي يسوِّي مِنْهُ الرَّغِيفُ، وَاسْمُهُ هَمَّام، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ بَرأَزَدْه؛ قَالَ الأُموي: يُقَالُ لِلْعَجِينِ الَّذِي يُقَطَّعُ وَيُعْمَلُ بِالزَّيْتِ مُشَتَّقٌ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَاسْمُ كُلِّ قِطْعَةٍ مِنْهُ فَرَزْدَقة، وَجَمْعُهَا فَرَزْدَق. وَيُقَالُ للجَرْدَقِ الْعَظِيمِ الْحُرُوفِ: فَرَزْدَق. وَقَالَ الأَصمعي: الفَرَزْدَقُ الفَتُوت الَّذِي يُفَتّ مِنَ الْخُبْزِ الَّذِي تَشْرَبُهُ النِّسَاءُ، قَالَ: وإِذا جَمَعْتَ قُلْتَ فَرازِق لأَن الِاسْمَ إِذا كَانَ عَلَى خَمْسَةِ أَحرف كُلُّهَا أُصول حَذَفْتَ آخِرَ حَرْفٍ مِنْهُ فِي الْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ فِي التَّصْغِيرِ، وإِنما حُذِفَتِ الدَّالُ مِنْ هَذَا الِاسْمِ لأَنها مِنْ مَخْرَجِ التَّاءِ والتاءُ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ فَكَانَتْ بِالْحَذْفِ أَولى، وَالْقِيَاسُ فَرَازِد، وَكَذَلِكَ التَّصْغِيرُ فُرَيْزِقْ وفُرَيْزِدْ، وإِن شِئْتَ عوضتَ فِي الْجَمْعُ وَالتَّصْغِيرُ، فَإِنْ كَانَ فِي الِاسْمِ الَّذِي عَلَى خَمْسَةِ أَحرف حَرْفٌ وَاحِدٌ زَائِدٌ كَانَ بِالْحَذْفِ أَولى، مِثَالُ مُدَحْرِج وجَحَنْفَل قُلْتَ دُحَيْرج وجُحَيْفِل، وَالْجَمْعُ دَحارج وجَحافل، وإِن شِئْتَ عَوَّضْتَ فِي الْجَمْعِ والتصغير.
فرنق: الفُرانِقُ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ دَخِيل. والفُرانق: البَرِيدُ وَهُوَ الَّذِي يُنْذِرُ قُدَّام الأَسد، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بَرْوانَهْ بِالْفَارِسِيَّةِ «1»؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
وإِني أَذِينٌ، إِن رَجَعْتُ مُمَلَّكاً،
…
بِسَيْرٍ تَرى مِنْهُ الفُرانِقَ أَزْوَرَا
وَرُبَّمَا سَمَّوْا دَلِيلَ الْجَيْشِ فُرانِقاً. قَالَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ فِي الْمُعَرَّبِ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ، رحمه الله، فُرانِقُ البَرِيدِ فَرْوَانه، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ سَبُعٌ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيِ الأَسد كأَنه يُنْذِرُ النَّاسَ بِهِ، وَيُقَالُ: إِنه شَبِيهٌ بِابْنِ آوَى يُقَالُ لَهُ فُرانِقُ الأَسد، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ إِنه الوَعْوَعُ، ومنه فُرانِقُ البَرِيدِ.
فزرق: الفَزْرَقةُ: السُّرْعَةُ كالزَّرْفَقةِ.
(1). قوله [وهو براونه بالفارسية] في الصحاح بروانك، ومثله في القاموس ولكن نقل شارحه عن شيخه أَن الصواب ما قاله ابن الجواليقي هو ما سينقله المؤلف
فسق: الفِسْق: الْعِصْيَانُ وَالتَّرْكُ لأَمر اللَّهِ عز وجل وَالْخُرُوجُ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ. فسَق يَفْسِقُ ويَفْسُقُ فِسْقاً وفُسوقاً وفَسُقَ؛ الضَّمُّ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي فَجَر، قَالَ: رَوَاهُ عَنْهُ الأَحمر، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ الضَّمَّ، وَقِيلَ: الفُسوق الْخُرُوجُ عَنِ الدِّينِ، وَكَذَلِكَ الْمَيْلُ إِلى الْمَعْصِيَةِ كَمَا فَسَقَ إِبليسُ عَنْ أَمر رَبِّهِ. وفَسَق عَنْ أَمر رَبِّهِ أَي جَارَ وَمَالَ عَنْ طَاعَتِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَواسِقاً عَنْ أَمره جَوَائِرَا
الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ
، خَرَجَ مِنْ طَاعَةِ رَبِّهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِذا خَرَجَتِ الرُّطَبةُ مِنْ قِشْرِهَا: قَدْ فَسَقَت الرُّطَبةُ مِنْ قِشْرِهَا، وكأَن الْفَأْرَةَ إِنما سُمِّيَتْ فُويْسِقةً لِخُرُوجِهَا مِنْ جُحْرها عَلَى النَّاسِ. والفِسْقُ: الْخُرُوجُ عَنِ الأَمر. وفَسَقَ عَنْ أَمر رَبِّهِ أَي خَرَجَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِمُ اتّخَمَ عَنِ الطَّعَامِ أَي عَنْ مَأْكله. الأَزهري: عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه قَالَ: قَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ
، قَالَ: عَنْ رَدِّهِ أَمر رَبِّهِ، نَحْوُ قَوْلِ الْعَرَبِ اتّخَمَ عَنِ الطَّعَامِ أَي عَنْ أَكله الطَّعَامَ، فَلَمَّا رَدّ هَذَا الأَمر فَسَقَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلى هَذَا لأَن الفُسُوقَ مَعْنَاهُ الْخُرُوجُ. فَسَقَ عَنْ أَمر رَبِّهِ أَي خَرَجَ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَمْ يُسْمع قَطُّ فِي كَلَامِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي شِعْرِهِمْ فاسِقٌ، قَالَ: وَهَذَا عَجَبٌ وَهُوَ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ؛ وَحَكَى شَمِرٌ عَنْ قُطْرُبٍ: فَسَقَ فُلَانٌ فِي الدُّنْيَا فِسْقاً إِذا اتَّسَعَ فِيهَا وهَوَّنَ عَلَى نَفْسِهِ وَاتَّسَعَ بِرُكُوبِهِ لَهَا وَلَمْ يُضَيِّقْهَا عَلَيْهِ. وفَسَقَ فُلَانٌ مالهُ إِذا أَهلكه وأَنفقه. وَيُقَالُ: إِنه لفِسْقٌ أَي خُرُوجٌ عَنِ الْحَقِّ. أَبو الْهَيْثَمِ: وَقَدْ يَكُونُ الفُسُوق شِرْكاً وَيَكُونُ إِثماً. والفِسْقُ فِي قَوْلِهِ: أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
، رُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ أَنه الذَّبْحُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ
، أَي بِئْسَ الِاسْمُ أَن تَقُولَ لَهُ يَا يَهُودِيُّ وَيَا نَصْرَانِيُّ بَعْدَ أَن آمن أَي لا تُعَيِّرهم بَعْدَ أَن آمَنُوا، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ كلَّ لَقب يَكْرَهُهُ الإِنسان، وإِنما يَجِبُ أَن يُخَاطِبَ المؤمنُ أَخاه بأَحبّ الأَسماء إِليه؛ هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ. وَرَجُلٌ فَاسِقٌ وفِسِّيقٌ وفُسَقُ: دَائِمُ الفِسْقِ. وَيُقَالُ فِي النِّدَاءِ: يَا فُسَق وَيَا خُبَث، وللأُنثى: يَا فَسَاقِ مِثْلُ قَطامِ، يُرِيدُ يَا أَيها الفَاسِقُ وَيَا أَيها الْخَبِيثُ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ يَا فُسَقُ الخبيثُ فَيَنْعَتُونَهُ بالأَلف وَاللَّامِ. وفَسَّقَه: نَسَبَهُ إِلى الفِسْقِ. والفوَاسِقُ مِنَ النِّسَاءِ: الفواجرُ. والفُوَيْسِقةُ: الْفَأْرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سَمَّى الفأْرة فُوَيْسِقةً
تَصْغِيرُ فاسِقَةٍ لِخُرُوجِهَا مِنْ جُحْرها عَلَى النَّاسِ وإِفسادها. وَفِي حَدِيثُ
عَائِشَةَ: وسئِلَتْ عَنْ أَكل الغُراب قَالَتْ: وَمَنْ يأْكله بَعْدَ قَوْلِهِ فاسِق
، قَال الْخَطَّابِيُّ أَراد تَحْرِيمَ أَكلها بتَفْسِيقها. وَفِي الحديث:
خَمْس فَوَاسِق يُقْتَلْنَ فِي الحِلّ وَالْحَرَمِ
، قَالَ: أَصل الفِسْقِ الْخُرُوجُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالْجَوْرِ، وَبِهِ سُمِّيَ الْعَاصِي فَاسِقًا، وإِنما سُمِّيَتْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتُ فَوَاسِقَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ لِخُبْثِهِنَّ، وَقِيلَ: لِخُرُوجِهِنَّ عَنِ الْحُرْمَةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ أَي لَا حُرْمَةَ لهن بحال.
فستق: الفُسْتُق: مَعْرُوفٌ. قَالَ الأَزهري: الفُسْتُقَةُ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَهِيَ ثَمَرَةُ شَجَرَةٍ مَعْرُوفَةٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنه يَنْبُتُ بأَرض الْعَرَبِ؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبو نُخَيْلَةَ فَقَالَ وَوَصَفَ امرأَة:
دَسْتِيَّة لَمْ تأْكل المُرقَّقَا،
…
وَلَمْ تَذُقْ مِنَ البُقُول الفُسْتُقَا
سَمِعَ بِهِ فَظَنَّهُ من البقول.
فشق: الفَشَقُ، بِالتَّحْرِيكِ وَالشِّينِ مُعْجَمَةً: النَّشَاطُ، وَقِيلَ الفَشَقُ انْتِشَارُ النفْس مِنَ الحِرْص؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَذْكُرُ الْقَانِصَ:
فَبَاتَ والحِرْص مِنَ النَّفْسِ الفَشَقْ
وَيُرْوَى:
والنَّفْسُ مِنَ الحِرْص الفَشَقْ
وَقَدْ فَشِقَ بِالْكَسْرِ، فَشَقاً، فَهُوَ فَشِقٌ؛ وَقِيلَ: الفَشَقُ أَن يَتْرُكَ هَذَا وَيَأْخُذَ هَذَا رَغْبَةً فَرُبَّمَا فاتَاهُ جَمِيعًا. والفَشَقُ: المُبَاغَتَة؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
فَبَاتَ والنَّفْسُ مِنَ الحِرْصِ الفَشَقْ
وَقِيلَ: الفَشَقُ الحِرْص؛ قَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ أَنه يُبَاغِتُ الوِرْدَ لئلَّا يَفْطِنَ لَهُ الصَّيَّادُ. وفاشَقَهُ أَي بَاغَتَه. والفَشَقُ: تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ القَرْنَيْن وَتَبَاعُدُ ما بين التَّوْأَبَانيّين؛ وأَنشد:
لَهَا تَوْأَبانِيَّان لَمْ يَتَفَلْفَلا
قادِمَتا الخِلْفِ «1» أَو آخرَتاهُ. والفَشْقَاءُ مِنَ الْغَنَمِ والظِّباء: الْمُنْتَشِرَةُ القَرْنين. وَظَبْيٌ أَفْشَقُ بَيِّنُ الفَشَق: بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ. والفَشْقُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَكل فِي شِدَّةٍ. وفَشَقَ الشَّيْءَ يَفْشِقُهُ فَشْقاً: كَسَرَهُ. والفَشَقُ: العَدْوُ وَالْهَرَبُ.
فقق: فَقَّ النخلةَ: فَرَّج سَعَفَهَا لِيَصِلَ إِلى طَلْعها فيُلْقِحها. والفَقْفَقة: نُبَاح الْكَلْبِ عِنْدَ الفَرَق، وَفِي التَّهْذِيبِ: والفَقْفَقَةُ حِكَايَةُ عُوَاءَات الْكِلَابِ. والانْفِقاقُ: الانْفِراج، وَفِي الْمُحْكَمِ: الفَقُّ والانْفِقاق انفراجُ عُوَاء الْكَلْبِ، والفَقْفَقةُ حِكَايَةُ ذَلِكَ. وَرَجُلٌ فَقَاقَةٌ، بِالتَّخْفِيفِ، وفَقْفَاقة: أَحمق مُخَلَّطٌ هُذَرَة، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ فِيهَا لِتَأْنِيثِ الْمَوْصُوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ، وإِنما هِيَ أَمارة لِمَا أُريد مِنْ تَأْنِيثِ الْغَايَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. والفَقَقَة: الحَمْقى. الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ فَقْفاقٌ مُخَلَّطٌ. والفَقَاقَة والفَقْفاق: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ. والفَقْفَقَة فِي الْكَلَامِ: كالفَيْهَقَة، وَقِيلَ: هُوَ التَّخْلِيطُ فِيهِ. وفَقَقْت الشَّيْءَ إِذا فَتَحْتَهُ. وانْفَقّ الشَّيْءُ انْفِقاقاً أَي انْفَرَجَ. وَيُقَالُ: انْفَقَّت عَوَّة الْكَلْبِ أَي انْفَرَجَتْ. شَمِرٌ: رِجْلٌ فَقَاقة أَي أَحمر. وفَقْفَقَ الرجلُ إِذا افْتَقَرَ فَقْرًا مُدْقعاً.
فلق: الفَلْق: الشَّقُّ، والفَلْق مَصْدَرُ فَلَقَه يَفْلِقُه فَلْقاً شَقَّهُ، والتَّفْليقُ مِثْلُهُ، وفَلَّقَهُ فانْفَلَقَ وتَفَلَّقَ، والفِلَقُ: مَا تَفَلَّق مِنْهُ، وَاحِدَتُهَا فِلْقَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَهَا فِلْقٌ، بِطَرْحِ الْهَاءِ. الأَصمعي: الفُلُوق الشُّقُوقُ، وَاحِدُهَا فَلَقٌ، مُحَرَّكٌ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَاحِدُهَا فَلْق، قَالَ: وَهُوَ أَصوب مِنْ فَلَق. وَفِي رِجْلِهِ فُلُوق أَي شُقُوقٌ. والفِلْقةُ: الكِسْرةُ مِنَ الجَفْنة أَو مِنَ الْخُبْزِ. وَيُقَالُ: أَعطني فِلْقةَ الْجَفْنَةِ وفِلقَ الْجَفْنَةِ وَهُوَ نِصْفُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَحد شِقَّيْها إِذا انْفَلَقَتْ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مَرَقة يُسَمِّيهَا أَهل الْمَدِينَةِ الفَلِيقةَ
؛ قِيلَ: هي قدر تطبخ وَيُثْرَدُ فِيهَا فِلَقُ الْخُبْزِ وَهِيَ كِسَرهُ، وفَلَقْت الْفُسْتُقَةَ وَغَيْرَهَا فانْفَلَقَت. والفِلْق: القَضيب يُشَق بِاثْنَيْنِ فَيُعْمَلُ مِنْهُ قَوْسَانِ، فَيُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِلْقٌ. والفَلْق: الشَّقُّ. يُقَالُ: مَرَرْتُ بحَرَّةٍ فِيهَا فُلُوق أَي شُقُوقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
(1). قوله [قادمتا الخلف إِلخ] هكذا في الأَصل هنا، وعبارته كالصحاح في مادة فلل بعد أَن ساق هذا البيت: التوأَبانيان قادمتا الضرع.
يَا فَالِقَ الحَبّ والنَّوَى
أَي الَّذِي يَشُقّ حَبة الطَّعَامِ وَنَوَى التَّمْرِ للإِنبات. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبرأَ النَسَمَةَ
، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يُقْسِمُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: إِن الْبُكَاءَ فالِقٌ كبدي.
والفِلْق: القوس يشف مِنَ العودِ فِلْقة مَعَ أُخرى، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْقَوْسَيْنِ فِلْقٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنْ القِسيّ الفِلْق، وَهِيَ الَّتِي شُقَّت خَشَبَتُهَا شَقَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثُمَّ عملتْ، قَالَ: وَهِيَ الفَلِيقُ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
وفَلِيقاً مِلْء الشِّمالِ من الشَّوْحَطِ
…
تُعْطِي، وتَمْنَعُ التَّوْتِيرا
وَقَوْسٌ فِلْقٌ: وُصِفَ بِذَلِكَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وفِلْقَةُ الْقَوْسِ: قِطْعَتُهَا. وفُلاقةُ الآجُرّ: قِطْعَتُهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. يُقَالُ: كأَنه فُلاقة آجُرَّةٍ أَي قِطْعَةٌ. وفُلاق الْبَيْضَةِ: مَا تَفَلَّقَ مِنْهَا. وَصَارَ الْبَيْضُ فُلاقاً وفِلاقاً وأَفْلاقاً أَي مُتَفَلِّقاً. وفِلاقُ اللَّبَن: أَن يخثُر ويحمُض حَتَّى يتَفَلَّق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وإِن أَتاها ذُو فِلاقٍ وحَشَنْ،
…
تُعارضُ الكلبَ، إِذا الكلبُ رَشَنْ
وَجَمْعُهُ فُلُوق. وتَفَلَّق اللَّبَنُ: تَقَطَّعَ وَتَشَقَّقَ مِنْ شِدَّةِ الْحُمُوضَةِ؛ وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلَّبَنِ إِذا حُقِنَ فأَصابه حَرّ الشَّمْسِ فَتَقَطَّعَ: قَدْ تَفَلَّق وامْزَقَرَّ، وَهُوَ أَن يَصِيرَ اللَّبَنُ نَاحِيَةً، وَهُمْ يَعافون شُرْبَ اللَّبَنِ المُتَفَلِّق. وفَلَقَ اللَّهُ الحَبَّ بِالنَّبَاتِ: شَقَّهُ. والفَلْقُ: الْخَلْقُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى
. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وفالِق فِي مَعْنَى خَالِقٍ، وَكَذَلِكَ فَلَقَ الأَرضَ بِالنَّبَاتِ وَالسَّحَابِ بِالْمَطَرِ، وإِذا تأَملت الخَلْق تَبَيَّنَ لَكَ أَن أَكثره عَنِ انفِلاق، فالفَلَقُ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وفَلَقُ الصُّبْحِ مِنْ ذَلِكَ. وانْفَلَقَ الْمَكَانُ بِهِ: انْشَقَّ. وفَلَقَت النَّخْلَةُ، وَهِيَ فالِقٌ: انْشَقَّتْ عَنِ الطَّلْع وَالْكَافُورِ، وَالْجَمْعُ فُلْق. وفَلَقَ اللَّهُ الْفَجْرَ: أَبداه وأَوضحه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
فالِقُ الأَصْباح
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ خَالِقَ الأَصْباح وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ شَاقُّ الأَصباح، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى خَالِقٍ. والفَلَق، بِالتَّحْرِيكِ: مَا انفَلَقَ مِنْ عَمُودِ الصُّبْحِ، وَقِيلَ: هُوَ الصُّبْحُ بِعَيْنِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَجْرُ، وكلٌّ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الشَّقِّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الفَلَق الصُّبْحُ. يُقَالُ: هُوَ أَبين مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ وفَرَق الصُّبْحِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الفَلَق بَيَانُ الصُّبْحِ. وَيُقَالُ الفَلَقُ الخَلْق كُلُّهُ، والفَلَق بَيَانُ الْحَقِّ بَعْدَ إِشكال. وَيُقَالُ: فَلَقَ الصبحَ فالِقُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:
حَتَّى إِذا مَا انْجَلى عَنْ وَجْهه فَلَقٌ،
…
هادِيهِ فِي أُخْرَياتِ اللَّيْلِ مُنْتَصبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ:
حَتَّى إِذا مَا جَلَا عَنْ وَجْهِهِ شَفَقٌ
لأَن بَعْدَهُ:
أَغْباشَ ليلِ تِمامٍ كَانَ طارَقَهُ
…
تَطَخْطُخُ الغيمِ، حَتَّى مَا لَهُ جُوَبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَرَى الرُّؤْيَا فتأْتي مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: ضوءُه وإِنارته. والفَلْق، بِالتَّسْكِينِ: الشَّقّ. كَلَّمَنِي فُلَانٌ مِنْ فَلْق فِيهِ وفِلْق فِيهِ وَسَمِعْتُهُ مِنْ فَلْق فِيهِ وفِلْق فِيهِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي شِقِّه، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَالْفَتْحُ أَعْرَف. وَضَرَبَهُ عَلَى فَلْقِ رأْسه أَي مَفْرَقه وَوَسَطِهِ. والفَلَق
والفالِقُ: الشِّقُّ فِي الْجَبَلِ والشِّعب: الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفَلَقُ: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض بَيْنَ الرَّبْوَتَينِ؛ وأَنشد:
وبالأُدْمِ تَحْدي عَلَيْهَا الرِّحال،
…
وبالشَّوْل فِي الفَلَقِ الْعَاشِبِ
وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ بفالِق كَذَا وَكَذَا؛ يُرِيدُونَ الْمَكَانَ الْمُنْحَدِرَ بَيْنَ رَبْوَتَيْن، وَجَمْعُ الفَلَق فُلْقان مِثْلُ خَلَق وخُلْقان، وَهُوَ الفالِقُ، وَقِيلَ: الفالِق فَضَاءٌ بَيْنَ شَقِيقَتين مِنْ رَمْلٍ، وَجَمْعُهُمَا فُلْقان كحاجِرٍ وحُجْران. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو خَيْرَةَ أَو غَيْرُهُ مِنَ الأَعراب: الفالِقَةُ، بِالْهَاءِ، تَكُونُ وَسَطَ الْجِبَالِ تُنْبِتُ الشَّجَرَ وتُنْزَلُ وَيَبِيتُ بِهَا الْمَالُ فِي اللَّيْلَةِ القَرَّة، فَجَعَلَ الفالِقَ مِنْ جَلَد الأَرض، قَالَ: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مُمْكِنٌ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
فأَشرق عَلَى فَلَقٍ مِنْ أَفْلاق الحَرَّة
؛ الفَلَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: المطمئِنُّ مِنَ الأَرض بَيْنَ رَبوَتَين. والفَلَقُ: جَهَنَّمُ، وَقِيلَ: الفَلَقُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. والفَلَقُ: المَقْطَرة، وَفِي الصِّحَاحِ: الفَلَق مَقْطرةُ السَّجَّان. والفَلَقة والفَلْقة: الْخَشَبَةُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفِلْقُ والفَلِيقُ والفَلِيقَةُ والْمَفْلَقَةُ الفَيْلَقُ والفَلَقى، كُلُّهُ: الدَّاهِيَةُ والأَمر الْعَجَبُ؛ قَالَ أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيُّ:
وَقَالَتْ: إِنها الفَلَقى، فأَطْلِقْ
…
عَلَى النَّقَدِ الَّذِي مَعَكَ الصِّرارا
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: يَا لَلْفَلِيقة. وكَتِيبة فَيْلَق: شَدِيدَةٌ شُبِّهَتْ بِالدَّاهِيَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الْكَثِيرَةُ السِّلَاحِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ اسْمٌ لِلْكَتِيبَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. التَّهْذِيبُ: الفَيْلَق الْجَيْشُ الْعَظِيمُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فِي حَوْمة الفَيْلَقِ الجَأْواءِ إِذ نزلتْ
…
قَسْراً، وهَيْضَلُها الخَشْخاش إِذ نَزَلُوا
وامرأَة فَيْلَق: دَاهِيَةٌ صَخَّابَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قلتُ: تَعَلَّقْ فَيْلَقاً هَوْجَلَّا،
…
عَجَّاجةً هَجَّاجةً تَأَلَّا
وَجَاءَ بالفِلْقِ أَي بِالدَّاهِيَةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وجاءَ بعُلَقَ فُلَقَ أَي بِعَجَبٍ عَجِيبٍ. وَقَدْ أَعْلَقْت وأَفْلَقْت وافْتَلَقْت أَي جِئْتَ بعُلَق فُلَقَ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، لَا تُجْرى. وأَفْلَقَ وافْتَلَقَ بِالْعَجَبِ: أَتى بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِسُوِيدِ بْنِ كُراع العُكْليّ، وَكُرَاعٌ اسْمُ أُمه وَاسْمُ أَبيه عُمَيْر:
إِذا عَرَضَتْ داوِيَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ،
…
وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بِهَا فِلْقا
قَالَ ابْنُ الأَنباري: أَراد عَمِلْنَ بِهَا سَيْرًا عَجَبًا. والفِلْق العَجَب أَي عَمِلْنَ بِهَا دَاهِيَةً مِنْ شِدَّةِ سَيْرِهَا، والفَرْيُ: الْعَمَلُ الْجَيِّدُ الصَّحِيحُ، والإِفراء الإِفساد، وغَرَّدَ: طرَّب فِي حُدائهِ، وعَرَّد: جَبُن عَنِ السَّيْرِ؛ قَالَ الْقَالِي: رِوَايَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ غَرَّد، بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الأَعرابي عَرَّد، بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وأَنكر ابْنُ دُرَيْدٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. وَيُقَالُ: مَرَّ يَفْتَلِقُ بالعَجَب أَي يأْتي بِالْعَجَبِ. وَيُقَالُ: أَفْلَقَ فلانٌ الْيَوْمَ وَهُوَ يُفْلِقُ إِذا جَاءَ بعجَب. وَشَاعِرٌ مُفْلِقٌ: مُجِيدٌ، مِنْهُ، يَجِيءُ بِالْعَجَائِبِ فِي شِعْرِهِ. وأَفْلَقَ فِي الأَمر إِذا كَانَ حَاذِقًا بِهِ. ومرَّ يَفْتَلِقُ فِي عَدْوه أَي يأْتي بِالْعَجَبِ مِنْ شِدَّتِهِ. وقُتِلَ فُلَانٌ أَفْلَقَ قِتْلَةٍ أَي أَشدّ قِتْلَةٍ. وَمَا رأَيت سَيْرًا أَفْلَقَ مِنْ هَذَا أَي أَبعد؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
ابْنُ الأَعرابي: جَاءَ فلانٌ بالفُلْقانِ أَي بِالْكَذِبِ الصُّرَاح، وَجَاءَ فُلَانٌ بالسُّمَاق مِثْلَهُ. والفَلِيقُ: عِرْق فِي العَضُد يَجْرِي عَلَى الْعَظْمِ إِلى نُغْضِ الْكَتِفِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُطَمْئِنُ فِي جِرَانِ الْبَعِيرِ عِنْدَ مَجْرى الْحُلْقُومِ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
بِكُلِّ شَعْشَاعٍ كجِذْعِ المُزْدَرِعْ،
…
فَلِيقُهُ أَجْرَدُ كالرُّمْحِ الضَّلِعْ،
جدَّ بإلْهابٍ كتَضْرِيم الضَّرِعْ
والفَليقُ: بَاطِنُ عُنُقِ الْبَعِيرِ فِي مَوْضِعِ الْحُلْقُومِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وأَشْعَث وَرَّاد الثَّنَايا كأَنه،
…
إِذا اجْتَازَ فِي جَوْف الفَلاة، فَلِيقُ
وَقِيلَ: الفَلِيقُ ما بَيْنِ العِلْباوَيْنِ وَهُوَ أَن يَنْفَلِقَ الوَبَرُ بَيْنَ العِلْباوَيْن، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي الإِنسان. وَفِي النَّوَادِرِ: تَفَيْلَم الْغُلَامِ وتَفَيْلَقَ وتَفَلَّق وحَثِر إِذا ضَخُمَ وَسَمِنَ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ وَصِفَتِهِ:
رَجُلٌ فَيْلَقٌ
؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ الْقُتَيْبِيُّ فِي كِتَابِهِ بِالْقَافِ، وَقَالَ: لَا أَعرف الفَيْلَقَ إِلا الكَتِيبة الْعَظِيمَةَ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ جَعْلُهُ فَيْلَقاً لِعَظْمِهِ فَهُوَ وَجْهٌ إِن كَانَ مَحْفُوظًا، وإِلا فَهُوَ الفَيْلَمُ، بِالْمِيمِ، يَعْنِي الْعَظِيمُ مِنَ الرِّجَالِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والفَيْلَم والفَيْلَق الْعَظِيمُ مِنَ الرِّجَالِ، وَمِنْهُ تَفَيْلَقَ الْغُلَامِ وتَفَيْلَم بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَفِي رِوَايَةٍ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ: رأَيته فإِذا رَجُلٌ فَيْلَق أَعور؛ الفَيْلَقُ الْعَظِيمُ وأَصله الْكَتِيبَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَرَجُلٌ مِفْلاق: دَنِيءٌ رَدِيءٌ فَسْلٌ رَذْلٌ قَلِيلُ الشَّيْءِ. وَخَلِيَّتُهُ بِفالقَةِ الوَرِكةِ: وَهِيَ رَمَلَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: خَلِيَّتُهُ بفَالِق الوَرْكاءِ وَهِيَ رَمَلَةٌ. والفُلَّيْقُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: ضَرْبٌ مِنَ الخَوْخ يتَفَلَّقُ عَنْ نَواهُ، والمفَلَّق مِنْهُ الْمُجَفَّفُ. والفَيْلِقُ: الْجَيْشُ، وَالْجَمْعُ الفَيَالِقُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: وَسُئِلَ عَنْ مسأَلة فَقَالَ: مَا يَقُولُ فِيهَا هؤلاء المَفَاليقُ؟ هم الذي لَا مَالَ لَهُمْ
، الْوَاحِدُ مِفْلاق كالمَفَاليس، شَبَّهَ إِفْلاسهم مِنَ الْعِلْمِ وَعَدَمَهُ عِنْدَهُمْ بالمَفَاليس مِنَ الْمَالِ. وفَالِق: اسْمُ مَوْضِعٍ بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: والفَالِقُ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ:
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
فنق: الفَنَقُ والفُناقُ والتَّفَنُّق، كُلُّهُ: النَّعْمة فِي الْعَيْشِ. والتَّفَنُّق: التَّنَعُّم كَمَا يُفَنِّقُ الصبيَّ المُتْرَفَ أَهلُه. وتَفَنَّق الرَّجُلُ أَي تَنَعَّمَ. وفَنَّقَهُ غَيْرُهُ تَفْنِيقاً وفَانَقهُ بِمَعْنًى أَي نَعّمه؛ وَعَيْشٌ مُفانِقٌ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ الْجَوَارِي بالنَّعْمة:
زانَهُنَّ الشُّفُوف، يَنْضَحْنَ بالمِسْك،
…
وعيشٌ مُفَانِقٌ وحَرِيرُ
والمُفَنَّق: المُتْرَف؛ قَالَ:
لَا ذَنْبَ لِي كُنْتُ امْرأً مُفَنَّقاً،
…
أَغْيَدَ نَوَّامَ الضُّحى غَرَوْنَقَا
الغَرَوْنَقُ: المُنَعَّم. وَجَارِيَةٌ فُنُق ومِفْناق: جَسِيمَةٌ حَسَنَةٌ فَتِيَّة مُنَعَّمة. الأَصعمي: وامرأَة فُنُق قَلِيلَةُ اللَّحْمِ، قال شَمِرٌ: لَا أَعرفه وَلَكِنَّ الفُنُق المُنَعَّمة. وفَنَّقها: نعَّمها؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرافِقُها
قَالَ: لَا تَكُونُ دُرْمٌ مَرافقها وَهِيَ قَلِيلَةُ اللَّحْمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَاقَةٌ فُنُق إِذا كَانَتْ فَتِيَّة لَحِيمةً سَمِينَةً، وَكَذَلِكَ امرأَة فُنُق إِذا كَانَتْ عَظِيمَةً حَسْنَاءَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَضْبُورةٌ قَرْوَاءُ هِرْجابٌ فُنُقْ
وَقِيلَ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
تَنَشَّطَتْهُ كلُّ هِرْجابٍ فُنُقْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده عَلَى مَا فِي رَجَزِهِ:
تَنَشَّطَتْهُ كلُّ مُغْلاةِ الوَهَقْ،
…
مَضْبورَةٌ قَرْوَاءُ هرْجابٌ فُنُقْ،
مائِرَةُ الضَّبْعَيْنِ مِصْلابُ العُنُقْ
وَيُقَالُ: امرأَة مِفْناق أَيضاً؛ قَالَ الأَعشى:
لَعُوب غَرِيرَة مِفْناق
والفُنُق: الفَتِيّة الضَّخْمَةُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فُنُق كأَنها فَنِيقٌ أَي جَمَلٌ فَحْلٌ. والفَنِيقةُ: المرأَة المُنَعَّمة. أَبو عَمْرٍو: الفَنِيقةُ الغِرَارةُ، وَجَمْعُهَا فَنَائق؛ وأَنشد:
كأَن تَحْتَ العُلْوِ والفَنَائِقِ،
…
مِنْ طُولِهِ، رَجْماً عَلَى شَواهِقِ
وَيُقَالُ: تَفَنَّقْت فِي أَمر كَذَا أَي تَأَنَّقْتُ وتَنَطَّعْت، قَالَ: وَجَارِيَةٌ فُنُق جَسِيمَةٌ حَسَنَةُ الخَلْق، وَجَمَلٌ فُنُق وفَنِيقٌ مُكْرَم مُودَع للفِحْلَة؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسمائه، وَالْجَمْعُ فُنُق وأَفْنَاق. وَفِي حَدِيثِ
عُمَيْرِ بْنِ أَفْصَى ذِكْرُ الفَنِيق؛ هُوَ الْفَحْلُ الْمُكْرَمُ مِنَ الإِبل الَّذِي لَا يُرْكب وَلَا يُهَان لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِمْ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْجَارُودِ: كَالْفَحْلِ الفَنِيقِ
؛ وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ
لَمَّا حَاصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وَنَصَبَ المَنْجَنِيقَ:
خَطَّارة كالجَمَل الفَنِيق
وَالْجَمْعُ أَفْناق وفُنُقٌ وفِناقٌ، وَقَدْ فُنِّقَ. وَجَارِيَةٌ فُنُقٌ: مُفَنَّقة مُنَعّمة فَنَّقَها أَهلها تَفْنيقاً وفِناقاً. والفَنِيقُ: الْفَحْلُ المُقْرَم لَا يَرْكَبُ لِكَرَامَتِهِ عَلَى أَهله. والفَنِيقةُ: وِعَاءٌ أَصغر مِنَ الغِرارة، وَقِيلَ: هِيَ الغِرارةُ الصغيرة.
فنتق: قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ قُضَاعَةَ يَقُولُ فُنْتُق للفُنْدقُ، وَهُوَ الْخَانُ.
فندق: الفُنْدقُ: الْخَانُ فَارِسِيٌّ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. التَّهْذِيبُ: الفُنْدقُ حَمْل شَجَرَةٍ مُدَحْرَج كالبُنْدق يُكْسَرُ عَنْ لُبٍّ كالفُستق، قَالَ: والفُنْدقُ بِلُغَةِ أَهل الشَّامِ خَانٌ مِنْ هَذِهِ الْخَانَاتِ الَّتِي يَنْزِلُهَا النَّاسُ مِمَّا يَكُونُ فِي الطُّرُق والمَدَائن. اللَّيْثُ الفُنْدَاقُ هُوَ صَحِيفَةُ الْحِسَابِ، قَالَ الأَصمعي: أَحسبه معرباً.
فهق: الفَهْقةُ: أَول فَقْرة [فِقْرة] مِنَ الْعُنُقِ تَلِي الرأَس، وَقِيلَ: هِيَ مُرَكَّبُ الرأْس فِي الْعُنُقِ. ابْنُ الأَعرابي: الفَهْقة مَوْصِلُ الْعُنُقِ بالرأْس، وَهِيَ آخِرُ خَرَزةٍ فِي الْعُنُقِ. والفَهْقةُ: عَظْمٌ عِنْدَ فَائِقِ الرَّأْسِ مُشْرِفٌ عَلَى اللَّهاة، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فِهَاقٌ، وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَسْقُطُ عَلَى اللَّهَاةِ فَيُقَالُ فُهِقَ الصَّبِيُّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَدْ يَجَأُ الفَهْقَةَ حَتَّى تَنْدَلِقْ
أَي يَجَأُ القَفا حَتَّى تَسْقُطَ الفَهْقةُ مِنْ بَاطِنٍ. وَالْفَهْقَةُ: عَظْمٌ عِنْدَ مُرَكَّب الْعُنُقِ وَهُوَ أَول الفَقَار؛ قَالَ الْقُلَاخُ:
وتُضرَبُ الفَهْقَةُ حَتَّى تَنْدلِقْ
وفَهَقْتُ الرجلَ إِذا أَصبت فَهْقَتهُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ:
أَنشدني ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ تُوجَأُ الفَهْقةُ حَتَّى تَنْدَلِقُ،
…
مِنْ مَوْصِلِ اللَّحْيين فِي خَيْط العُنُقْ
وفُهِقَ الصبيُّ: سَقَطَتْ فَهْقتُه عَنْ لَهاته، قَالَ الأَصمعي: أَصل الفَهْقِ الِامْتِلَاءُ، فَمَعْنَى المُتَفَيْهق الَّذِي يَتَوَسَّعُ فِي كَلَامِهِ ويَفْهَقُ بِهِ فَمُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَبغضكم إِليَّ الثَّرْثارُون المُتَفَيْهِقُون قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا المُتَفَيْهِقُون؟ قَالَ: المتكبرون
، وهو يَتَفَيْهقُ فِي كَلَامِهِ؛ وَتَفْسِيرُ الْحَدِيثِ هُمُ الَّذِينَ يَتَوَسَّعُونَ فِي الْكَلَامِ وَيَفْتَحُونَ بِهِ أَفواههم، مَأْخُوذٌ مِنَ الفَهْق وَهُوَ الِامْتِلَاءُ وَالِاتِّسَاعُ. يُقَالُ: أَفْهَقْتُ الإِناء فَفَهِقَ يَفْهَقُ فَهْقاً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَنَزَعْنَا فِي الْحَوْضِ حَتَّى أَفْهَقْنا.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِق وَجَوٍّ مُنْفَهِق
؛ وَقَالَ الأَعشى:
تَرُوحُ عَلَى آلِ المُحَلّقِ جَفْنَةٌ،
…
كجابِيةِ الشَّيْخِ العِراقيّ تَفْهَقُ
يَعْنِي الِامْتِلَاءَ. الْفَرَّاءُ: بَاتَ صبِيُّها عَلَى فَهَقٍ إِذا امتلأَ مِنَ اللَّبَنِ. وتَفَيْهقَ فِي كَلَامِهِ: توسَّع وتنطَّع. وفَهِقَ الْغَدِيرُ بِالْمَاءِ يَفْهَقُ فَهْقاً: امتلأَ. وأَفْهَقَهُ: ملأَه. وأفْحقَهُ: كأفْهقَهُ عَلَى الْبَدَلِ؛ وَأَنْشَدَ يَعْقُوبُ لأَعرابي اخْتَلَعَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَاخْتَارَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فأَضرَّها وَضَيَّقَ عَلَيْهَا فِي الْمَعِيشَةِ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ يَهْجُوهَا وَيَعِيبُهَا بِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ مِنَ الشَّقَاءِ:
رَغْماً وتَعْساً للشَّريم الصَّهْصَلِقْ
…
كَانَتْ لَدَيْنا لَا تَبيتُ ذَا أَرَقْ،
وَلَا تَشَكَّى خَمَصاً فِي المُرْتَزَقْ،
…
تُضْحي وتُمْسي فِي نعيمٍ وفَنَقْ
لَمْ تَخْشَ عِنْدِي قَطُّ مَا إلَّا السَّنَقْ،
…
فالرِّسْلُ دَرٌّ، والإِناءُ مُنْفَهِقْ
الشَّرِيمُ: المُفْضاة، وَمَا هَاهُنَا زَائِدَةٌ؛ أَراد لَمْ تَخْشَ عِنْدِي قَطُّ إِلَّا السَّنَقَ وَهُوَ شِبْهُ البَشَم يَعْتَرِي مِنْ كَثْرَةِ شُرْبِ اللَّبَنِ، وَإِنَّمَا عيَّرها بِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ بَعْدَهُ. والفَهَقُ والفَهْق: اتِّسَاعُ كُلِّ شيءٍ يَنْبُعُ مِنْهُ مَاءٌ أَوْ دَمٌ. وَطَعْنَةٌ فاهقَةٌ: تَفْهَقُ بِالدَّمِ. وتَفَيْهَقَ فِي الْكَلَامِ: تَوَسَّعَ، وَأَصْلُهُ الفَهْقُ وَهُوَ الِامْتِلَاءُ كَأَنَّهُ ملأَ بِهِ فَمَهُ. والفاهِقَةُ: الطَّعْنَةُ الَّتِي تَفْهَق بِالدَّمِ أَيْ تَتَصَبَّبُ وانْفَهَقت الطَّعْنَةُ وَالْعَيْنُ والمَثْعَبُ وتَفَهَّق، كُلُّهُ: اتَّسَعَ. ابْنُ الأَعرابي: أَرْضٌ فَيْهق وفَيْحَقٌ، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَإِنْ عَلَوْا مِنْ فَيْفِ خَرْقٍ فَيْهقَا
…
ألْقى بِهِ الآلُ غَدِيرًا دَيْسَقَا
وانْفَهَقَ الشيءُ: اتَّسَعَ؛ وَأَنْشَدَ:
وانْشَقَّ عَنْهَا صَحْصَحانُ المُنْفَهِقْ
قَالَ: وَمِنْهُ يُقَالُ تَفَيْهقَ فِي الْكَلَامِ وتَفَهَّقَ أَيْ تَوَسَّعَ فِيهِ وتنطَّع؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَفَيْهَقَ بالعِراق أَبُو المُثَنَّى،
…
وعَلَّم قومَهُ أكلَ الخَبِيصِ
الأَزهري: انْفَهَقت الْعَيْنُ وَهِيَ أَرْضٌ تَنْفَهِقُ مِياهاً عِذاباً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأطْعَنُ الطَّعْنَة النَّجْلاءَ عَنْ عُرُضٍ،
…
تَنْقي المَسابِيرَ بالإِرْباد والفَهَقِ
والفَيْهَقُ: الْوَاسِعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَمَفَازَةٌ فَيْهَق: وَاسِعَةٌ. يُقَالُ: هُوَ يَتَفَيْهَقُ عَلَيْنَا بِمَالِ غَيْرِهِ. قَالَ
قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنِيٍّ عَنِ المُتَفَيْهِق فَقَالَ: هُوَ المُتَفَخّم الْمُتَفَتِّحُ الْمُتَبَخْتِرُ. وَفِي حَدِيثٍ:
أَنَّ رَجُلًا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فيُدْنى مِنَ الْجَنَّةِ فَتَتَفَهَّق لَهُ
أَيْ تتفتَّح وَتَتَّسِعُ. والفَيْهَقُ: الْبَلَدُ الْوَاسِعُ. وَرَجُلٌ مُتفَيْهق: مُتَفَتِّحٌ بالبَذَخ مُتَّسِعٌ. ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ شَيْءٍ تَوَسَّعَ فَقَدْ تَفَهّق. وَبِئْرٌ مفْهاق: كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
عَلَى كُلِّ مِفْهاقٍ خَسِيفٍ غُرُوبُها،
…
تُفَرِّغ فِي حَوْض مِنَ الْمَاءِ أسْجَلا
الغُروب هَاهُنَا: مَاؤُهَا. وتَفَيْهق فِي مِشْيَتِهِ: تَبَخْتَرَ، وتَفَيْحق كَتَفَيْهق عَلَى الْبَدَلِ. والمُنْفَهِقُ: الْوَاسِعُ؛ وَأَنْشَدَ:
والعِيسُ فَوْقَ لاحِب مُعَبَّدِ،
…
غُبْرِ الحَصى مُنْفَهِقٍ عمَرَّدِ
وفَهِقَ الإِناءُ بِالْكَسْرِ، يَفْهَقُ فَهْقاً وفَهَقاً إِذَا امتلأَ حَتَّى يَتَصَبَّبَ. وأفْهَقْت السِّقَاءَ: ملأْته.
فوق: فَوْقُ: نَقِيضُ تَحْتٍ، يَكُونُ اسْمًا وَظَرْفًا، مَبْنِيٌّ، فَإِذَا أُضيف أُعرب، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ: أَفَوْقَ تَنَامُ أَم أَسفَلَ، بِالْفَتْحِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَتَرْكِ الْبِنَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَمَا دُوَنَهَا، كَمَا تَقُولُ إِذَا قِيلَ لَكَ فُلَانٌ صَغِيرٌ تَقُولُ وفَوْقَ ذَلِكَ أَيْ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فَمَا فَوْقَها أَيْ أَعْظَمُ مِنْهَا، يَعْنِي الذُّباب والعَنْكبوت. اللَّيْثُ: الفَوْق نَقِيضُ التَّحْتِ، فَمَنْ جَعَلَهُ صِفَةً كَانَ سَبِيلُهُ النَّصْبَ كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ فَوْقَ زيدٍ لأَنه صِفَةٌ، فَإِنْ صَيَّرْتَهُ اسْمًا رَفَعْتَهُ فَقُلْتَ فوقُه رأسُه، صَارَ رَفْعًا هَاهُنَا لأَنه هُوَ الرَّأْسُ نَفْسُهُ، وَرَفَعْتَ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ الفَوْقُ بِالرَّأْسِ، والرأسُ بالفَوْقِ. وَتَقُولُ: فَوْقَهُ قَلَنْسُوتُهُ، نَصَبْتَ الفَوْقَ لأَنه صِفَةُ عَيْنِ القَلَنْسُوة، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ
، لَا تَكَادُ تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ
لأَن عَلَيْهِمْ قَدْ تَنُوبُ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ فَوْقِهِمْ
هُنَا مُفِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الأَفعال الشَّاقَّةِ الْمُسْتَثْقَلَةِ عَلى، تَقُولُ قَدْ سِرْنا عشْراً وبَقيَتْ عَلَيْنَا لَيْلَتَانِ، وَقَدْ حَفِظْتُ الْقُرْآنَ وَبَقِيَتْ عَلَيَّ مِنْهُ سُورَتَانِ، وَقَدْ صُمْنَا عِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ وَبَقِيَ عَلَيْنَا عَشْرٌ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الِاعْتِدَادِ عَلَى الإِنسان بِذُنُوبِهِ وقُبْح أَفْعَالِهِ: قَدْ أَخرب عَلَيَّ ضَيْعَتي وأَعْطَبَ عليَّ عَواملي، فَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ فخرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ وَلَمْ يُقَلْ مِنْ فَوْقِهِمْ، لَجَازَ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ كَقَوْلِكَ قَدْ خَرِبَتْ عَلَيْهِمْ دَارُهُمْ، وَقَدْ هَلَكَتْ عَلَيْهِمْ مَوَاشِيهِمْ وَغِلَالُهُمْ، فَإِذَا قَالَ مِنْ فَوْقِهِمْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُحْتَمَلُ، وَصَارَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَقَطَ وَهُمْ مِنْ تَحْتِهِ، فَهَذَا مَعْنًى غيرُ الأَول، وَإِنَّمَا اطّردَتْ عَلَى فِي الأَفعال الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا مِثْلَ خَرِبَتْ عَلَيْهِ ضَيْعَتُه، وَبَطَلَتْ عَلَيْهِ عَواملهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ عَلى فِي الأَصل لِلِاسْتِعْلَاءِ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأَحوال كُلَفاً ومَشاقَّ تخفضُ الإِنسان وتَضَعُه وَتَعْلُوهُ وتَتَفَرَّعُه حَتَّى يَخْضَعَ لَهَا ويَخْنع لِمَا يَتَسَدَّاه مِنْهَا، كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَوَاضِعِ عَلى، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ هَذَا لَكَ وَهَذَا عَلَيْكَ؟ فتَسْتعمل اللَّامُ فِيمَا تُؤثِرهُ وَعَلَى فِيمَا تَكْرَهُهُ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
سَأحْمِلُ نَفْسي عَلَى آلَةٍ،
…
فإمَّا عَلَيْها وإمَّا لَها
وَقَالَ ابْنُ حِلِّزَةَ:
فلَهُ هنالِكَ، لَا عَلَيْهِ، إِذَا
…
دَنِعَتْ نفوسُ القومِ للتَّعْسِ
فمِنْ هنا دخلت على هَذِهِ فِي هَذِهِ الأَفعال. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ
؛ أَرَادَ تَعَالَى: لأَكلوا مِنْ قَطْر السَّمَاءِ وَمِنْ نَبَاتِ الأَرض، وَقِيلَ: قَدْ يَكُونُ هَذَا مِنْ جِهَةِ التَّوْسِعَةِ كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ فِي خَيْرٍ مِنْ فَرْقِهِ إِلَى قَدَمه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
؛ عَنى الأَحزاب وَهُمْ قُرَيْشٌ وغَطَفان وَبَنُو قُرَيظةَ قد جاءتهم من قَوقهم وَجَاءَتْ قُرَيْشٌ وغطَفان مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ مِنْ أَسْفَلِ مِنْهُمْ. وفاقَ الشيءَ فَوْقاً وفَواقاً: علاهُ. وَتَقُولُ: فُلَانٌ يَفُوق قَوْمَهُ أَيْ يَعْلُوهُمْ، وَيَفُوقُ سَطْحًا أَيْ يَعْلُوهُ. وَجَارِيَةٌ فائِقةٌ: فاقَتْ فِي الْجَمَالِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ:
إِنَّهُ قَسَم الْغَنَائِمَ يَوْمَ بَدْرٍ عَنْ فُواقٍ
أَيْ قَسَّمَهَا فِي قَدْرِ فُواقِ ناقةٍ، وَهُوَ قَدْرُ ما بين الحلبتين من الرَّاحَةِ، تُضَمُّ فَاؤُهُ وَتُفْتَحُ، وَقِيلَ: أَرَادَ التَّفْضِيلَ فِي الْقِسْمَةِ كَأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَهُمْ أفْوقَ مِنْ بعضٍ عَلَى قَدْرِ غَنائهم وبَلائهم، وَعَنْ هَاهُنَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي قَوْلِكَ أَعْطَيْتُهُ عَنْ رَغْبَةٍ وطِيبِ نَفْسٍ، لأَن الْفَاعِلَ وَقْتَ إِنْشَاءِ الْفِعْلِ إِذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ كَانَ الْفِعْلُ صَادِرًا عَنْهُ لَا مَحَالَةَ وَمُجَاوِزًا لَهُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْحَدِيثِ: أَرَادُوا التَّفْضِيلَ وَأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَهُمْ فِيهَا فَوْق بَعْضٍ عَلَى قَدْرِ غِنَائِهِمْ يَوْمَئِذٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كَأَنَّهُ أَرَادَ فَعَل ذَلِكَ فِي قَدْرِ فُواق نَاقَةٍ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: مِنْ فَواق وفُواق. وفاقَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ: عَلَاهُ وَغَلَبَهُ وفَضَلَهُ. وفاقَ الرَّجُلُ أَصْحَابَهُ يَفُوقهم أَيْ عَلَاهُمْ بِالشَّرَفِ. وَفِي الْحَدِيثِ
حُبّب إِلَيَّ الْجَمَالُ حَتَّى مَا أُحب أَنْ يَفُوقني أَحَدٌ بشِراك نَعْلٍ
؛ فُقْت فُلَانًا أَيْ صِرْتُ خَيْرًا مِنْهُ وَأَعْلَى وَأَشْرَفَ كَأَنَّكَ صِرْتَ فَوْقه فِي الْمَرْتَبَةِ؛ وَمِنْهُ الشَّيْءُ الفائقُ وَهُوَ الْجَيِّدُ الْخَالِصُ فِي نَوْعِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ حُنَيْنٍ:
فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ
…
يَفُوقانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ
وفَاقَ الرجلُ فُوَاقاً إِذَا شَخَصَتِ الرِّيحُ مِنْ صَدْرِهِ. وَفُلَانٌ يَفُوق بِنَفْسِهِ فُؤوقاً إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِثْلُ يَرِيقُ بِنَفْسِهِ. وفَاقَ بِنَفْسِهِ يَفُوق عِنْدَ الموت فَوقاً وفُؤوقاً: جَادَ، وَقِيلَ: مَاتَ. ابْنُ الأَعرابي: الفَوْق نَفْسُ الْمَوْتِ. أَبُو عَمْرٍو: الفُوق الطَّرِيقُ الأَول، وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي الدُّعَاءِ: رَجَعَ فُلَانٌ إِلَى فُوقه أَيْ مَاتَ؛ وَأَنْشَدَ:
مَا بالُ عِرْسي شَرِقَتْ بِريقِها،
…
ثُمَّتَ لَا يَرجِعْ لَهَا فِي فُوقِها؟
أَيْ لَا يَرْجِعُ رِيقُهَا إِلَى مجراه. وفَاقَ يَفُوق فُؤوقاً وفُواقاً: أَخذه البَهَرُ. والفُواقُ: تَرْدِيدُ الشَّهْقة الْعَالِيَةِ. والفُواق: الَّذِي يَأْخُذُ الإِنسانِ عِنْدَ النَّزْعِ، وَكَذَلِكَ الرِّيحُ الَّتِي تَشْخَصُ مِنْ صَدْرِهِ، وَبِهِ فُواق؛ الْفَرَّاءُ: يُجْمَعُ الفُواق أفِيقَةً، والأَصل أفْوِقَة فَنُقِلَتْ كَسْرَةُ الْوَاوِ لِمَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا؛ وَمِثْلُهُ: أَقِيمُوا الصَّلاةَ*؛ الأَصل أقْوِمُوا فَأَلْقَوْا حَرَكَةَ الْوَاوِ عَلَى الْقَافِ فَانْكَسَرَتْ وَقَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً لِكَسْرَةِ الْقَافِ فقُرِئَتْ أَقِيمُوا*، كَذَلِكَ قَوْلُهُمْ أفِيقة. قَالَ: وَهَذَا مِيزَانٌ وَاحِدٌ، وَمِثْلُهُ مُصيبة كَانَتْ فِي الأَصل مُصْوبِة وأفْوِقَة مِثْلَ جَوَابٍ وأجْوِبة. والفُوَاق والفَوَاق: مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ الْوَقْتِ لأَنها تُحْلَبُ ثُمَّ تُتْرَك سُوَيعةً يَرْضَعُهَا الفَصيل لتَدِرّ ثُمَّ تُحْلَبُ. يُقَالُ: مَا أَقَامَ عِنْدَهُ إِلَّا فُوَاقاً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ لَهُ الأَسير يَوْمَ صفِّين: أنْظِرْني فُوَاق نَاقَةٍ
أَيْ أخِّرني قدر ما بين الحلبتين. وفلان يفوق بنفسه فُؤوقاً إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ عَلَى الْخُرُوجِ.
وفُوَاق النَّاقَةِ وفَواقها: رُجُوعُ اللَّبَنِ فِي ضَرْعِهَا بَعْدَ حلبها. يقال: لا تَنْتَظِرُهُ فُوَاق نَاقَةٍ، وَأَقَامَ فُوَاق نَاقَةٍ، جَعَلُوهُ ظَرْفًا عَلَى السَّعَةِ. وفُوَاق النَّاقَةِ وفَواقها: مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ إِذَا فتحتَ يَدَكَ، وَقِيلَ: إِذَا قَبَضَ الْحَالِبُ عَلَى الضَّرْع ثُمَّ أَرْسَلَهُ عِنْدَ الْحَلْبِ. وفيقَتُها: دِرَّتُهَا مِنَ الفُواق، وَجَمْعُهَا فِيقٌ وفيَقٌ، وَحَكَى كُرَاعٌ فَيْقَةَ النَّاقَةِ، بِالْفَتْحِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَلِكَ. وفَاقَت النَّاقَةُ بدِرّتها إِذَا أرسلتْها عَلَى ذَلِكَ. وأفَاقَتِ النَّاقَةُ تُفِيق إِفَاقَةً أَيِ اجْتَمَعَتِ الفِيقةُ فِي ضَرْعِهَا، وَهِيَ مُفِيق ومُفِيقةٌ: دَرّ لَبَنُهَا، وَالْجَمْعُ مَفَاويق. وفَوّقَها أهلُها واسْتَفَاقوها: نَفَّسوا حَلْبَهَا؛ وَحَكَى أَبُو عَمْرٍو فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ نَوَادِرِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْشَدَ لأَبي الْهَيْثَمِ التَّغْلِبِيِّ يَصِفُ قِسيًّا:
لَنَا مسائحُ زُورٌ، فِي مَراكِضِها
…
لِينٌ، وَلَيْسَ بِهَا وَهْيٌ وَلَا رَقَقُ
شُدَّت بِكُلِّ صُهَابيّ تَئِطُّ بِهِ،
…
كَمَا تَئِطُّ إِذَا مَا رُدَّتِ الفُيُقُ
قَالَ: الفُيُق جَمْعُ مُفِيق وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا لِبَنُهَا بَعْدَ الْحَلْبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَحْلُبُونَ النَّاقَةَ ثُمَّ يَتْرُكُونَهَا سَاعَةً حَتَّى تَفِيقَ. يُقَالُ: أفَاقَت النَّاقَةُ فاحْلُبْها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ الفُيُق جَمْعُ مُفِيقٍ قِيَاسُهُ جَمْعُ فَيُوق أَوْ فَائقٍ. وأفاقَتِ الناقةُ واسْتَفَاقها أهلُها إِذَا نَفَّسوا حَلْبَهَا حَتَّى تَجْتَمِعَ دِرّتها. والفُواق والفَوَاق: مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ الْوَقْتِ، والفُواق ثَائِبُ اللَّبَنِ بَعْدَ رَضَاعٍ أَوْ حِلَابٍ، وَهُوَ أَنْ تُحْلب ثُمَّ تُتْرك سَاعَةً حَتَّى تَدِرّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَلا غلامٌ شَبَّ مِنْ لِدَاتِها،
…
مُعاوِدٌ لشُرْبِ أفْوِقَاتِها
أفْوِقاتٌ: جَمْعُ أفْوقَةٍ، وأفْوقةٌ جَمْعُ فُوَاقٍ. وَقَدْ فاقَتْ تَفُوقُ فُوَاقاً وفِيقةً؛ وَكُلَّمَا اجْتَمَعَ مِنَ الفُواق دِرَّةٌ، فَاسْمُهَا الفِيقةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أفاقتِ الناقةُ تُفِيقُ إِفَاقَةً وفُوَاقاً إِذَا جَاءَ حِينَ حَلْبِهَا. ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِفاقةُ لِلنَّاقَةِ أَنْ تَرِدَ مِنَ الرَّعْيِ وتُتْرك سَاعَةً حَتَّى تَسْتَرِيحَ وَتُفِيقَ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوة: إفاقةُ الدِّرة رُجُوعُهَا، وغرارُها ذَهَابُهَا. يُقَالُ: اسْتَفِقِ الناقةَ أَيْ لَا تَحْلُبْهَا قَبْلَ الْوَقْتِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: لَا تَسْتَفِقْ مِنَ الشَّرَابِ أَيْ لَا تَشْرَبْهُ فِي الْوَقْتِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تجعَلْ لِشُرْبِهِ وَقْتًا إِنَّمَا تَشْرَبُهُ دَائِمًا. ابْنُ الأَعرابي: المُفَوَّقُ الَّذِي يُؤخَذ قَلِيلًا قَلِيلًا مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ. وَيُقَالُ: أفاقَ الزمانُ إِذَا أَخْصَبَ بَعْدَ جَدْب؛ قَالَ الأَعشى:
المُهِينِينَ مَا لَهُمْ في زمان السَّوءِ،
…
حَتَّى إِذَا أفَاقَ أفَاقُوا
يَقُولُ: إِذَا أفاقَ الزمانُ بالخِصْب أفاقُوا مِنْ نَحْرِ الإِبل. وَقَالَ نُصَيْرٌ: يُرِيدُ إِذَا أفاقَ الزمانُ سهمَه لِيَرْمِيَهُمْ بِالْقَحْطِ أفاقُوا لَهُ سِهامهم بِنَحْرِ الإِبل. وأَفَاوِيقُ السَّحَابِ: مَطَرُهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. والأَفاويقُ: مَا اجْتَمَعَ مِنَ الْمَاءِ فِي السَّحَابِ فَهُوَ يُمطر سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فباتَتْ تَثِجُّ أفاوِيقُها،
…
سِجالَ النِّطافِ عَلَيْهِ غِزَارَا
أَيْ تثجُّ أفاويقُها عَلَى الثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ كَسِجَالِ النِّطَافِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُرَاهُمْ كَسَّرُوا فُوقاً عَلَى أَفْواقٍ ثُمَّ كَسَّرُوا أفْواقاً عَلَى أفاوِيقَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ
أَبِي مُوسَى الأَشعري وَقَدْ تَذَاكَرَ هُوَ وَمُعَاذٌ قراءةَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَّا أَنَا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ
اللَّقوح
؛ يَقُولُ لَا أَقْرَأُ جُزْئِي بِمَرَّةٍ وَلَكِنْ أَقْرَأُ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، مُشْتَقٌّ مِنْ فُوَاق النَّاقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تُحلب ثُمَّ تُتْرَكُ سَاعَةً حَتَّى تَدِرَّ ثُمَّ تُحْلَبُ، يُقَالُ مِنْهُ: فاقت تَفُوق فُواقاً وفِيقةً؛ وَأَنْشَدَ:
فأضْحَى يَسُحُّ الماءَ مِنْ كُلِّ فِيقةٍ
والفِيقَةُ، بِالْكَسْرِ: اسْمُ اللَّبَنِ الَّذِي يَجْتَمِعُ بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ بَقَرَةً:
حَتَّى إِذَا فِيقة فِي ضَرْعِهَا اجْتَمَعَتْ،
…
جَاءَتْ لتُرْضِع شِقَّ النَّفْسِ، لَوْ رَضَعا
وَجَمْعُهَا فِيقٌ وأفْواقٌ مِثْلُ شِبْر وَأَشْبَارٌ، ثُمَّ أفاوِيقُ؛ قَالَ ابْنُ هَمّام السَّلُولِيُّ:
وذَمُّوا لَنَا الدُّنْيا، وَهُمْ يَرْضَعُونها
…
أفاوِيقَ، حَتَّى مَا يَدِرُّ لَهَا ثعْلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُجْمَعَ فِيقةٌ عَلَى فِيَقٍ، ثُمَّ تُجْمَعُ فِيَقٌ عَلَى أفْواقٍ، فَيَكُونُ مِثْلَ شِيعَةٍ وشِيَعٍ وأَشْيَاعٍ؛ وَشَاهِدُ أَفَوَاقٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَعْتادُهُ زَفَرَاتٌ حِينَ يَذْكرُها،
…
يَسْقِينَهُ بكؤوس الْمَوْتِ أفْواقا
وفَوَّقْتُ الْفَصِيلَ أَيْ سَقَيْتُهُ اللَّبَنَ فُواقاً فُواقاً. وتَفَوَّقَ الْفَصِيلُ إِذَا شَرِبَ اللَّبَنَ كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ:
شُدَّت بِكُلِّ صُهَابيٍّ تَئِطُّ بِهِ،
…
كَمَا تَئِطُّ إِذَا مَا رُدَّتِ الفُيُقُ
فَسَّرَ الفُيُقَ بِأَنَّهَا الإِبل الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا لِبَنُهَا بَعْدَ الْحَلْبِ، قَالَ: وَالْوَاحِدَةُ مُفِيقٌ؛ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: أَمَّا الفُيُقُ فَلَيْسَتْ بِجَمْعِ مُفِيق لأَن ذَلِكَ إِنَّمَا يُجْمَعُ عَلَى مَفَاوق ومفَاوِيق، وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهَا جَمْعُ نَاقَةٍ فَووق، وَأَصْلُهُ فُوُقٌ فَأَبْدَلَ مِنَ الْوَاوِ يَاءً اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ، وَيُرْوَى الفِيَقُ، وَهُوَ أَقْيَسُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا لَها مِنْ فَواقٍ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مِنْ فَتْرَةٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ، يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، أَيْ مَا لَهَا مِنْ رَاحَةٍ وَلَا إِفَاقَةٍ وَلَا نَظْرَةٍ، وَأَصْلُهَا مِنَ الإِفاقة فِي الرَّضَاعِ إِذَا ارْتَضَعَتِ البَهْمةُ أُمَّها ثُمَّ تَرَكَتْهَا حَتَّى تُنْزِلَ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ فَتِلْكَ الإِفاقة الفَواقُ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: عِيَادَةُ الْمَرِيضِ قَدْرُ فُوَاقِ ناقةٍ.
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَقَامَ عِنْدِي فُواقَ ناقةٍ، وَبَعْضٌ يَقُولُ فَوَاق نَاقَةٍ بِمَعْنَى الإِفاقة كإفاقةِ المَغْشِيّ عَلَيْهِ؛ تَقُولُ: أفَاقَ يُفِيقُ إفَاقَةً وفَواقاً؛ وَكُلُّ مغشيٍّ عَلَيْهِ أَوْ سَكْرَانَ معتوهٍ إِذَا انْجَلَى ذَلِكَ عَنْهُ قِيلَ: قَدْ أفاقَ واسْتَفَاقَ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
هَرِيقي مِنْ دُوموعك واسْتَفيقي
…
وصَبراً إِنْ أَطقْتِ وَلَنْ تُطِيقي
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ قَرَأَ مِنْ فَوَاقٍ، بِالْفَتْحِ، أَرَادَ مَا لَهَا مِنْ إفاقةٍ وَلَا رَاحَةٍ، ذَهَبَ بِهَا إِلَى إِفَاقَةِ الْمَرِيضِ، وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهَا مِنْ فُوَاق النَّاقَةِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، يُرِيدُ مَا لَهَا مِنِ انْتِظَارٍ. قَالَ قَتَادَةُ: مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ مِنْ مَرْجُوعٍ وَلَا مَثْنَوِيّةٍ وَلَا ارْتِدَادٍ. وتَفَوَّقَ شرابَهُ: شَرِبَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَخَرَجُوا بَعْدَ أفاوِيق مِنَ اللَّيْلِ أَيْ بَعْدَ ما مَضَى عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ كَقَوْلِكَ بَعْدَ أَقْطَاعٍ مِنَ اللَّيْلِ؛ رَوَاهُ ثَعْلَبٌ. وفِيقةُ الضُّحَى: أوَّلها. وأَفاق العليلُ إِفَاقَةً واسْتَفاقَ:
نَقِه، وَالِاسْمُ الفُواق، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ إِذا صَحَا. وَرَجُلٌ مْستَفيق: كَثِيرُ النَّوْمِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ غَرِيبٌ. وأَفاقَ عَنْهُ النعاسُ: أَقْلَعَ. والفَاقةُ: الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ، وَلَا فِعْلَ لَهَا. يُقَالُ مِنَ الفاقَةِ: إِنه لمُفْتاقٌ ذُو فاقةٍ. وَافْتَاقَ الرجلُ أَيِ افْتَقَرَ، وَلَا يُقَالُ فَاقَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فاقةٍ
؛ الفاقةُ: الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ. والمُفْتاق: الْمُحْتَاجُ؛ وَرَوَى الزَّجَّاجِيُّ فِي أَماليه بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: خَرَجَ سَامَةُ بْنِ لؤَي بْنِ غَالِبِ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى نَزَلَ بعُمَان وأنشأَ يَقُولُ:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رَسُولًا:
…
إِنَّ نَفْسي إِلَيْهِمَا مُشْتاقَهْ
إِنْ تكنْ فِي عُمَانَ دَاري، فَإِنِّي
…
ماجدٌ، مَا خرجْتُ مِنْ غَيْرِ فَاقَهْ
وَيُرْوَى: فَإِنِّي غَالِبِيٌّ خَرَجْتُ؛ ثُمَّ خَرَجَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَقَرَاهُ وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَعَدَ يَسْتَنُّ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ زَوْجَةُ الأَزدي فَأَعْجَبَهَا، فَلَمَّا رَمَى سِوَاكَهُ أَخَذَتْهَا فَمَصَّتْهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا، فَحَلَبَ نَاقَةً وَجَعَلَ فِي حِلَابِهَا سُمًّا وَقَدَّمَهُ إِلَى سَامَةَ، فَغَمْزَتْهُ الْمَرْأَةُ فَهَراقَ اللبنَ وَخَرَجَ يَسِيرُ، فَبَيَنَا هُوَ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جَوْفُ الخَمِيلةِ هَوَتْ نَاقَتُهُ إِلَى عَرْفَجةٍ فانْتَشَلَتْها وَفِيهَا أفْعى فنفَحَتْها، فَرَمَتْ بِهَا عَلَى سَاقِ سَامَةَ فَنَهَشَتْهَا فَمَاتَ، فَبَلَغَ الأَزدية فَقَالَتْ تَرِثِيهِ:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ،
…
علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلَّاقَهْ
لَا أرَى مثلَ سامةَ بْنِ لُؤيٍّ،
…
حَمَلَتْ حَتْفَهُ إِلَيْهِ النّاقَهْ
رُبَّ كأسٍ هَرَقَتْها ابنَ لؤيٍّ،
…
حَذَرَ الْمَوْتِ، لَمْ تَكُنْ مُهراقَهْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رَدِيئًا،
…
بَعْدَ جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَهْ
وَتَعَاطَيْتَ مَفْرَقاً بحُسَامٍ،
…
وتَجَنَّبْتَ قَالَةَ العَوّاقَهْ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ ليُفَوَّقونني تُراثَ مُحَمَّدٍ تَفْوْيِقاً
أَيْ يُعْطُونَنِي مِنَ الْمَالِ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ: مَنْ سُئِلَ فَوقَها فَلَا يُعْطَهُ
أَيْ لَا يُعْطِي الزِّيَادَةَ الْمَطْلُوبَةَ، وَقِيلَ: لَا يُعْطِيهِ شَيْئًا مِنَ الزَّكَاةِ أَصْلًا لأَنه إِذَا طَلَبَ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ كَانَ خَائِنًا، وَإِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ خِيَانَةٌ سَقَطَتْ طَاعَتُهُ. والفُوقُ مِنَ السَّهْمِ: مَوْضِعُ الوَتَر، وَالْجَمْعُ أفْوَاق وفُوَقٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام، يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رضي الله عنه: كنتَ أَخفضهم صَوْتًا وأَعلاهم فُوقاً
أَيْ أَكْثَرَهُمْ حَظًّا وَنَصِيبًا مِنَ الدِّينِ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ فُوقِ السَّهْمِ مَوْضِعُ الوَتَر مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: اجْتَمَعْنَا فأمّرْنا عُثْمَانَ وَلَمْ نَألُ عَنْ خَيْرِنَا ذَا فُوقٍ
أَيْ ولَّيْنَا أَعْلَانَا سَهْمًا ذَا فُوقٍ؛ أَرَادَ خَيْرَنَا وَأَكْمَلَنَا تَامًّا فِي الإِسلام وَالسَّابِقَةِ وَالْفَضْلِ. والفُوق: مَشَقُّ رَأْسِ السَّهْمِ حَيْثُ يَقَعُ الوَتَر، وَحَرْفَاهُ زَنَمتَاهُ، وَهُذَيْلٌ تُسَمِّي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛ وَأَنْشَدَ:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ مِنْهُ،
…
خلالَ الرأْس، سِيطَ بِهِ مُشِيحُ
وإِذا كَانَ فِي الفُوقِ مَيَل أَوِ انكِسَارٌ فِي إِحْدَى زَنَمتَيْه، فَذَلِكَ السَّهْمُ أفْوَق، وَفِعْلُهُ الفَوَقُ؛ وَأَنْشَدَ لِرُؤْبَةَ:
كَسَّر مِنْ عَيْنَيْه تَقْوِيمَ الفَوَقْ
وَالْجَمْعُ أفْوَاقٌ وفُوَق. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ فُوَقاً جَمْعُ فُوقةٍ؛ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُقَالُ فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وَأَنْشَدَ بَيْتَ رُؤْبَةَ أَيْضًا، وَقَالَ: هَذَا جَمْعُ فُوقَةٍ، وَيُقَالُ فُقْوَة وفُقاً، عَلَى الْقَلْبِ. ابْنُ الأَعرابي: الفَوَقَةُ الأَدباءُ الْخُطَبَاءُ. وَيُقَالُ للإِنسان تَشْخَصُ الرِّيحُ فِي صَدْرِهِ: فاقَ يَفُوقُ فُوَاقاً. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: إنَّا أصحابَ مُحَمَّدٍ اجْتَمَعْنَا فأمَّرْنا عُثْمَانَ وَلَمْ نَألُ عَنْ خَيْرِنَا ذَا فُوقٍ
؛ قال الأَصعمي: قَوْلُهُ ذَا فُوقٍ يَعْنِي السَّهْمَ الَّذِي لَهُ فُوقٌ وَهُوَ مَوْضِعُ الوَتَرِ، فَلِهَذَا خصَّ ذَا الفُوقِ، وَإِنَّمَا قَالَ خَيْرَنَا ذَا فُوقٍ وَلَمْ يَقُلْ خَيْرَنَا سَهْماً لأَنه قَدْ يُقَالُ لَهُ سهمٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُصْلِح فُوقُه وَلَا أُحْكِمَ عملهُ، فَهُوَ سَهْمٌ وَلَيْسَ بِتَامٍّ كاملٍ، حَتَّى إِذَا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ سَهْمٌ ذُو فُوقٍ، فَجَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ مَثَلًا لِعُثْمَانَ، رضي الله عنه؛ يَقُولُ: إِنَّهُ خَيْرَنَا سَهْمًا تَامًّا فِي الإِسلام وَالْفَضْلِ وَالسَّابِقَةِ، وَالْجَمْعُ أفْواقٌ، وَهُوَ الفُوقَةُ أَيْضًا، وَالْجَمْعُ فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدُ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بْنُ شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها
…
كَعَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمِنْ دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُونِ،
…
لَا الفُوقُ نَبْلًا وَلَا النُّصَّل
أَيْ لَيْسَتِ الْقَوْسُ بفَوْقاءِ النَّبْل وَلَيْسَتْ نِبالُها بفُوقٍ وَلَا بِنُصَّلٍ أَيْ بِخَارِجَةِ النِّصَالِ مِنْ أَرْعَاظِهَا، قَالَ: وَنَصَبَ نَبْلًا عَلَى تَوَهُّمِ التَّنْوِينِ وَإِخْرَاجِ اللَّامِ كَمَا تَقُولُ: هُوَ حسنٌ وَجْهاً وكريمٌ وَالِدًا. والفَوَق: لُغَةٌ فِي الفُوق. وَسَهْمٌ أفْوَقُ: مَكْسُورُ الفُوقِ. وَفِي الْمَثَلِ: رَدَدْتُهُ بأفْوَقَ ناصلٍ إِذَا أخْسَسْتَ حَظَّهُ. وَرَجَعَ فُلَانٌ بأفْوَقَ ناصلٍ إِذَا خَسَّ حَظَّهُ أَوْ خَابَ. ومثَل لِلْعَرَبِ يُضْرَبُ لِلطَّالِبِ لَا يَجِدُ مَا طَلَبَ: رَجَعَ بأفْوَقَ ناصلٍ أَيْ بِسَهْمٍ مُنْكَسِرِ الفُوقِ لَا نَصْلَ لَهُ أَيْ رَجَعَ بحَظٍّ لَيْسَ بِتَمَامٍ. وَيُقَالُ: مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بأفْوقَ ناصلٍ، وَهُوَ السَّهْمُ الْمُنْكَسِرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: ومَن رَمى بِكُمْ فَقَدْ رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ
أَيْ رَمَى بِسَهْمٍ مُنْكَسِرِ الفُوقِ لَا نصل لَهُ. والأَفْوَقُ: السَّهْمُ الْمَكْسُورُ الفُوقِ. وَيُقَالُ: مَحالةٌ فَوْقاءُ إِذَا كَانَ لِكُلِّ سِنٍّ مِنْهَا فُوقَانِ مِثْلُ فُوقَيِ السَّهْمِ. وانْفَاقَ السهمُ: انْكَسَرَ فُوقُه أَوِ انْشَقَّ. وفُقْتُه أَنَا أفُوقُه: كَسَرْتُ فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عَمِلْتُ لَهُ فُوقاً. وأفَقْتُ السَّهْمَ وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ بِهِ، كِلَاهُمَا عَلَى الْقَلْبِ: وَضَعْتُهُ فِي الوَتَر لأَرْمي بِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فَإِنْ وَضَعْتَهُ فِي الْوَتَرِ لِتَرْمِيَ بِهِ قُلْتَ فُقْتُ السَّهْمَ وأفْوَقْتهُ. وَقَالَ الأَصمعي: أفَقْتُ بِالسَّهْمِ وأوْفَقْتُ بِالسَّهْمِ، بِالْبَاءِ، وَقِيلَ: وَلَا يُقَالُ أوْفَقْتُه وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ. الأَصمعي: فَوَّق نَبْلَهُ تَفْويقاً إِذَا فَرَضَهَا وَجَعَلَ لَهَا أفْواقاً. ابْنُ الأَعرابي: الفُوقُ السِّهَامُ السَّاقِطَاتُ النُّصُول. وَفَاقَ الشيءَ يفُوقُه إِذَا كَسَرَهُ؛ قَالَ أَبُو الرُّبَيْسِ:
يَكَادُ يَفُوقِ المَيْسَ، مَا لَمْ يَرُدّها
…
أمينُ القوَى مِنْ صُنْعِ أيْمَنَ حَادِرِ
أَمِينُ الْقُوَى: الزِّمَامُ، وأيْمَنُ: رَجُلٌ، وَحَادِرُ: غَلِيظٌ. والفُوق: أَعْلَى الْفَصَائِلِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنْشَدَنِي الْمُفَضَّلُ بَيْتَ الْفَرَزْدَقِ:
وَلَكِنْ وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ
…
عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أَنْتَ طالبُهْ