المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجزء العاشر   ‌ ‌ق ‌ ‌حرف القاف ق: التَّهْذِيبِ: الْقَافُ وَالْكَافُ لهَوِيَّتان. وَقَالَ أَبو عَبْدِ - لسان العرب - جـ ١٠

[ابن منظور]

الفصل: الجزء العاشر   ‌ ‌ق ‌ ‌حرف القاف ق: التَّهْذِيبِ: الْقَافُ وَالْكَافُ لهَوِيَّتان. وَقَالَ أَبو عَبْدِ

الجزء العاشر

‌ق

‌حرف القاف

ق: التَّهْذِيبِ: الْقَافُ وَالْكَافُ لهَوِيَّتان. وَقَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: تأْليفهما مَعْقُومٌ فِي بناءِ الْعَرَبِيَّةِ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا إلَّا أَن تجيءَ كَلِمَةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ معرَّبة، وَالْقَافُ أَحد الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَمَخْرَجُ الْجِيمِ وَالْقَافِ وَالْكَافِ بَيْنَ عَكَدة اللِّسَانِ وَبَيْنَ اللَّهاة فِي أَقصى الْفَمِ، وَالْقَافُ وَالْجِيمُ كَيْفَ قُلِبَتَا لَمْ يَحْسُنْ تأْليفهما إلَّا بِفَصْلٍ لَازِمٍ، وَقَدْ جاءَت كَلِمَاتٌ معرَّبات فِي الْعَرَبِيَّةِ لَيْسَتْ مِنْهَا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَكَانِهِ. التَّهْذِيبِ: وَالْعَيْنُ وَالْقَافُ لَا تَدْخُلَانِ عَلَى بناءٍ إلَّا حسَّنتاه لأَنهما أَطلق الْحُرُوفِ، أَما الْعَيْنُ فأَنصع الْحُرُوفِ جَرْساً وأَلذها سَمَاعًا، وأَما الْقَافُ فأَمتن الْحُرُوفِ وأَصحها جَرْسًا، فَإِذَا كَانَتَا أَو إِحْدَاهُمَا فِي بناءٍ حسُن لنَصاعتهما، فَإِنْ كَانَ البناءُ اسْمًا لَزِمَتْهُ السِّينُ وَالدَّالُ مَعَ لزوم العين والقاف.

‌فصل الألف

أبق: الإِباقُ: هرَبُ الْعَبِيدِ وذَهابهم مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا كدِّ عَمَلٍ، قَالَ: وَهَذَا الْحُكْمُ فِيهِ أَن يُردّ، فَإِذَا كَانَ مِنْ كَدِّ عَمَلٍ أَو خَوْفٍ لَمْ يُرَدَّ. وَفِي حَدِيثِ

شُرَيْحٍ: كَانَ يَرُدُّ العبدَ مِنَ الإِباق الباتِ

أَيِ الْقَاطِعِ الَّذِي لَا شُبهة فِيهِ. وَقَدْ أَبَقَ أَيْ هربَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، أَبَق فلحِق بِالرُّومِ.

ابْنُ سِيدَهْ: أَبَقَ يَأْبِق ويأْبُق أَبْقاً وَإِبَاقًا، فَهُوَ آبِقٌ، وَجَمْعُهُ أُبَّاقٌ. وأَبَقَ وتأَبَّقَ: اسْتَخْفَى ثُمَّ ذَهَبَ؛ قَالَ الأَعشى:

فَذَاكَ وَلَمْ يَعْجِزْ مِنَ الموتِ رَبُّه،

ولكنْ أَتاه الموتُ لَا يتَأَبَّقُ

الأَزهري: الإِباقُ هرَبُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي يُونُسَ، عليه السلام، حِينَ نَدَّ فِي الأَرض مُغاضِباً لِقَوْمِهِ: إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

. وتأَبَّق: استترَ، وَيُقَالُ احْتَبَسَ؛ وَرَوَى ثَعْلَبٌ أَنَّ ابْنَ الأَعرابي أَنشده:

أَلا قالتْ بَهانِ وَلَمْ تأَبَّقْ:

كَبِرْتَ وَلَا يَلِيقُ بِكَ النَّعيمُ

قَالَ: لَمْ تأَبَّق إِذَا لَمْ تأَثَّم مِنْ مَقَالَتِهَا، وَقِيلَ: لَمْ تأَبَّق لَمْ تأْنَف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لعامر بْنِ كَعْبِ

ص: 3

بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ، وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: وَلَا يَلِيطُ، بِالطَّاءِ، وَكَذَلِكَ أَنشده أَبو زَيْدٍ؛ وَبَعْدَهُ:

بَنُون وهَجْمةٌ كأَشاء بُسٍّ،

صَفايا كَثَّةُ الأَوْبارِ كُومُ

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سأَلت الأَصمعي عَنْ قَوْلِهِ وَلَمْ تأَبَّق فَقَالَ: لَا أَعرفه؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: لَمْ تأَبَّق لَمْ تَبْعُدْ مأْخوذ مِنَ الإِباق، وَقِيلَ لَمْ تستخفِ أَي قَالَتْ عَلَانِيَةً. والتأَبُّق: التَّوَارِي، وَكَانَ الأَصمعي يَرْوِيهِ:

أَلا قالتْ حَذامِ وجارَتاها

وتأَبَّقت النَّاقَةُ: حبَست لَبَنَهَا. والأَبَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: القِنَّب، وَقِيلَ: قِشْرُهُ، وَقِيلَ: الْحَبْلُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:

القائدَ الخيلِ مَنْكُوباً دوابرُها،

قَدْ أُحْكِمَت حَكماتِ القِدِّ والأَبَقا

والأَبَقُ: الكتَّان؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وأَبَّاق: رَجُلٌ مِنْ رُجَّازهم، وَهُوَ يُكَنَّى أَبا قَرِيبَةَ.

أرق: الأَرَقُ: السَّهَرُ. وَقَدْ أَرِقْت، بِالْكَسْرِ، أَي سَهِرْت، وَكَذَلِكَ ائتَرَقْت عَلَى افْتَعَلْت، فأَنا أَرِقٌ. التَّهْذِيبُ: الأَرَقُ ذَهَابُ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: ذَهَابُ النَّوْمِ لِعِلَّةٍ. يُقَالُ: أَرِقْت آرَقُ. وَيُقَالُ: أَرِقَ أَرَقاً، فَهُوَ أَرِقٌ وآرِقٌ وأَرُقٌ وأُرُقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

فبِتُّ بليلِ الآرِقِ المُتَمَلِّلِ

فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَادَتَهُ فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ لَا غَيْرُ. وَقَدْ أَرَّقه كَذَا وَكَذَا تأْريقاً، فَهُوَ مؤَرَّق، أَي أَسهَره؛ قَالَ:

مَتَّى أَنامُ لَا يُؤَرِّقْني الكَرى

قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَزَمَهُ لأَنه فِي مَعْنَى إِنْ يَكُنْ لِي نَوْمٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ لا يؤَرقني الكرى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا يَدُلُّكَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ عَلَى أنَّ الإِشمام يقرُب مِنَ السُّكُونِ وأَنه دُونَ رَوْم الْحَرَكَةِ، قَالَ: وَذَلِكَ لأَن الشعر من الرجز ووزنه: مَتَى أَنا: مَفَاعِلُنْ، مُ لَا يُؤَرْ: مَفَاعِلُنْ، رقْني الْكَرَى: مُسْتَفْعِلُنْ؛ وَالْقَافُ مِنْ يؤَرقني بِإِزَاءِ السِّينِ مِنْ مستفعلن، والسين كما ترى سَاكِنَةٌ؛ قَالَ: وَلَوِ اعْتَدَدْتَ بِمَا فِي الْقَافِ مِنَ الإِشمام حَرَكَةَ لَصَارَ الْجُزْءُ إِلَى مُتَفَاعِلُنْ، وَالرَّجَزُ لَيْسَ فِيهِ مُتَفَاعِلُنْ إِنَّمَا يأْتي فِي الْكَامِلِ، قَالَ: فَهَذِهِ دَلَالَةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى أَن حَرَكَةَ الإِشمام لِضِعْفِهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا، وَالْحَرْفُ الَّذِي هِيَ فِيهِ سَاكِنٌ أَو كَالسَّاكِنِ، وأَنها أَقل فِي النِّسْبَةِ وَالزِّنَةِ مِنَ الْحَرَكَةِ المُخفاة فِي هَمْزَةٍ بَيْنَ بَيْنَ وَغَيْرِهَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يُشمُّها الرَّفْعَ كأَنه قَالَ غَيْرُ مؤَرَّق، وأَراد الكَرِيّ فَحَذَفَ إِحْدَى الياءَين. والأَرْقانُ والأَرَقانُ والإِرْقانُ: داءٌ يُصيب الزَّرْعَ وَالنَّخْلَ؛ قَالَ:

ويَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه،

كأَنَّ فِي رَيْطَتَيْه نَضْحَ إرْقانِ

وَقَدْ أَرقَ؛ وَمَنْ جَعَلَ هَمْزَتَهُ بَدَلًا فَحُكْمُهُ الْيَاءُ، وزَرْع مأْرُوق ومَيْرُوق وَنَخْلَةٌ مأْرُوقة. واليرَقانُ والأَرَقان أَيضاً: آفَةٌ تُصيب الإِنسان يُصِيبه مِنْهَا الصُّفار فِي جَسَدِهِ. الصِّحَاحُ: الأَرَقانُ لُغَةٌ فِي اليرَقان وَهُوَ آفَةٌ تُصِيبُ الزَّرْعَ وداءٌ يُصِيبُ النَّاسَ. والإِرْقانُ: شَجَرٌ بِعَيْنِهِ وَقَدْ فُسِّر بِهِ الْبَيْتُ.

ص: 4

وَقَوْلُهُمْ: جاءَنا بأُمِّ الرُّبَيْق عَلَى أُرَيْقٍ تَعْنِي بِهِ الدَّاهيَة؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصله مِنَ الحيَّات؛ قَالَ الأَصمعي: تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنه مِنْ قَوْلِ رَجُلٍ رأَى الْغُولَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حقُّ أُريق أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ وَرِقَ لأَنه تَصْغِيرُ أَورق تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ كَقَوْلِهِمْ فِي أَسود سُويد، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَن أَصل الأُريق مِنَ الْحَيَّاتِ، كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ، قَوْلُ الْعَجَّاجِ:

وَقَدْ رَأَى دُونيَ مِنْ تَهَجُّمِي

أُمَّ الرُّبَيْقِ والأُرَيْقِ الأَزْنَمِ «3»

. بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ الأَزنم وَهُوَ الَّذِي لَهُ زَنَمة مِنَ الحيَّات. وأُراقُ، بِالضَّمِّ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

كأَنَّ عَلَى الجِمالِ، أَوانَ حُفَّتْ،

هَجائنَ مِنْ نعاجِ أُراقَ عِينا

أزق: الأَزْقُ: الأَزْلُ وَهُوَ الضَّيِّقُ فِي الْحَرْبِ، أَزَق يأْزِقُ: أَزْقاً. والمَأْزِق: الْمَوْضِعُ الضيِّق الَّذِي يَقْتَتِلُونَ فِيهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَكَذَلِكَ مَأْزِق الْعَيْشِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ مَوْضِعُ الْحَرْبِ مَأْزِقاً، وَالْجَمْعُ المَآزِق، مفْعِل مِنَ الأَزْق. الْفَرَّاءُ: تأَزَّق صَدْرِي وتَأَزَّل أَي ضاق.

أسق: المِئْساق: الطَّائِرُ الَّذِي يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا طَارَ.

استبرق: قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ

، قَالَ: هُوَ الدِّيباج الصَّفِيقُ الْغَلِيظُ الحسَن، قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ أَعجمي أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ اسْتَقْره وَنُقِلَ مِنَ الْعَجَمِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ كَمَا سُمي الدِّيباجُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا غلُظ مِنَ الْحَرِيرِ والإِبْرَيْسَم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الْبَاءِ مِنَ الْقَافِ فِي بَرَقَ عَلَى أَن الْهَمْزَةَ وَالتَّاءَ وَالسِّينَ مِنَ الزَّوَائِدِ، وَذَكَرَهَا أَيضاً فِي السِّينِ وَالرَّاءِ، وَذَكَرَهَا الأَزهري فِي خُمَاسِيِّ الْقَافِ عَلَى أَن هَمْزَتَهَا وَحْدَهَا زَائِدَةٌ، وَقَالَ: إِنَّهَا وأَمثالَها مِنَ الأَلفاظ حُرُوفٌ غَرِيبَةٌ وَقَعَ فِيهَا وِفاق بَيْنَ الْعَجَمِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ: هَذَا عندي هو الصواب.

أشق: الأُشَّق: دَوَاءٌ كَالصَّمْغِ وَهُوَ الأُشَّج، دَخِيلٌ فِي العربية.

أفق: الأُفْق والأُفُق مِثْلُ عُسْر وعسُر: مَا ظَهَرَ مِنْ نَوَاحِي الفَلَك وأَطراف الأَرض، وَكَذَلِكَ آفَاقُ السَّمَاءِ نَوَاحِيهَا، وَكَذَلِكَ أُفْق الْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ الأَعراب نَوَاحِيهِ مَا دُونَ سَمْكه، وَجَمْعُهُ آفَاقُ، وَقِيلَ: مَهابُّ الرِّيَاحِ الأَربعة: الجَنُوب والشَّمال والدَّبور والصَّبا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ نُرِي أَهل مَكَّةَ كَيْفَ يُفتح عَلَى أَهل الْآفَاقِ ومَن قرُب مِنْهُمْ أَيضاً. وَرَجُلٌ أُفُقِيّ وأَفَقِيّ: مَنْسُوبٌ إِلَى الْآفَاقِ أَو إِلَى الأُفُق، الأَخيرة مِنْ شَاذِ النَّسَبِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ أَفَقِيّ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ، إِذَا كَانَ مِنْ آفَاقِ الأَرض أَي نَوَاحِيهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أُفُقي، بِضَمِّهِمَا، وَهُوَ القياس؛ قال الكميت:

الفاتِقُون الراتِقُون

الآفِقُون عَلَى المعاشِرْ

وَيُقَالُ: تأَفَّق بِنَا إِذَا جَاءَنَا مِنْ أُفُق؛ وَقَالَ أَبو وَجْزة:

أَلا طَرَقَتْ سُعْدَى فكيْف تأَفَّقَتْ

بِنَا، وَهِيَ مَيْسانُ اللَّيالي كَسُولُها؟

(3). قوله [تهجمي] كذا بالأَصل وشرح القاموس، ولعله: تجهمي بتقديم الجيم

ص: 5

قالوا: تأَفَّقت بِنَا أَلمَّت بِنَا وأَتَتْنا. وَفِي حَدِيثِ

لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ حِينَ وَصَفَ أَخاه فَقَالَ: صَفّاقٌ أَفّاق

؛ قوله أَفَّاق أَي يَضْرِبُ فِي آفَاقِ الأَرض أَي نَوَاحِيهَا مُكْتَسِباً؛ وَمِنْهُ شِعْرُ الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم:

وأَنتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَرضُ،

وضاءتْ بنُورِكَ الأُفُقُ

وأَنَّث الأُفق ذِهَابًا إِلَى النَّاحِيَةِ كَمَا أَنث جَرِيرٌ السُّورَ فِي قَوْلِهِ:

لَمَّا أَتى خَبَرُ الزُّبَيْرِ، تَضَعْضَعَتْ

سُور المَدينةِ، والجبالُ الخُشَّعُ

وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الأُفُقُ وَاحِدًا وَجَمْعًا كالفُلْك؛ وَضَاءَتْ: لُغَةٌ فِي أَضاءت. وَقَعَدَتْ عَلَى أَفَق الطَّرِيقِ أَي عَلَى وَجْهِهِ، وَالْجَمْعُ آفَاقٌ. وأَفَق يأْفِق: رَكِبَ رأْسَه فِي الْآفَاقِ. والأُفُق: مَا بَيْنَ الزِّرَّيْنِ المقدَّمين فِي رُواق الْبَيْتِ. والآفِق، عَلَى فَاعِلٍ: الَّذِي قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْعِلْمِ وَالْكَرَمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخَيْرِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَفِق، بِالْكَسْرِ، يأْفَقُ أَفَقاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ القَزّاز أَنّ الآفِق فِعْلُهُ أَفَق يأْفِق، وَكَذَا حُكِيَ عَنْ كُرَاعٍ، وَاسْتَدَلَّ الْقَزَّازُ عَلَى أَنه آفِق عَلَى زِنَةِ فاعِل بِكَوْنِ فِعْلِهِ عَلَى فَعَلَ؛ وأَنشد أَبو زِيَادٍ شَاهِدًا عَلَى آفِقٍ بِالْمَدِّ لِسِرَاجِ بْنِ قُرَّةَ الْكِلَابِيِّ:

وَهِيَ تَصَدَّى لِرِفَلٍّ آفِقِ،

ضَخْمِ الحُدولِ بائنِ المَرافِقِ

وأَنشد غَيْرُهُ لأَبي النَّجْمِ:

بَيْنَ أَبٍ ضَخْمٍ وخالٍ آفِقِ،

بَيْنَ المُصَلّي والجَوادِ السابِقِ

وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

تَعْرِفُ، فِي أَوْجُهِها البَشائرِ،

آسانَ كلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: أَفِق مُشاجر بِالْقَصْرِ، لا غير، قال: والأَبيات الْمُتَقَدِّمَةُ تَشْهَدُ بِفَسَادِ قَوْلِهِ. وأَفَقَ يأْفِق أَفْقاً: غلَب يغلِب. وأَفَق عَلَى أَصحابه يأْفِق أَفْقاً: أَفضلَ عَلَيْهِمْ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:

وَلَا المَلِكُ النُّعْمانُ، يومَ لَقِيتُه

بغِبْطَتِه، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ

أَراد بالقُطوط كُتُبَ الْجَوَائِزِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يُفْضِل، وَقِيلَ: يأْخذ مِنَ الْآفَاقِ. وَيُقَالُ: أَفَقَه يأْفِقُه إِذَا سبَقَه فِي الْفَضْلِ. وَيُقَالُ: أَفَقَ فُلَانٌ إِذَا ذَهَبَ فِي الأَرض، وأَفَق فِي العَطاء أَي فَضَّل وأَعطى بَعْضًا أَكثر مِنْ بَعْضٍ. الأَصمعي: بَعِيرٌ آفِق وَفَرَسٌ آفِق إِذَا كَانَ رَائِعًا كَرِيمًا وَالْبَعِيرُ عَتِيقًا كَرِيمًا. وَفَرَسٌ آفِق قُوبِل مِنْ آفِق وآفِقة إِذَا كَانَ كَرِيمَ الطَّرَفَيْنِ. وَفَرَسٌ أُفُقٌ، بِالضَّمِّ: رَائِعٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ قِنْعاس:

وكنتُ إِذَا أَرَى زِفّاً مَرِيضًا

يُناحُ عَلَى جَنازَتِهِ، بَكَيْتُ

«1» . أُرَجِّلُ جُمَّتي وأَجُرُّ ثَوْبِي،

وتَحْمِلُ بِزَّتي أُفُقٌ كُمَيْتُ

والأَفِيقُ: الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يُدبغ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وقيل:

(1). قوله [زفاً] كذا في الأَصل مضبوطاً بزاي مكسورة وفاء ومثله في شرح القاموس

ص: 6

هُوَ الَّذِي لَمْ تَتِمَّ دِباغته. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ أَفيق

؛ قَالَ: هُوَ الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ دِباغُه، وَقِيلَ: هُوَ مَا دُبِغ بِغَيْرِ القَرظ مِنْ أَدْبِغة أَهل نَجْدٍ مِثْلُ الأَرْطى والحُلَّبِ والقَرْنُوة والعِرْنةِ وأَشياء غَيْرِهَا، فَالَّتِي تُدْبَغُ بِهَذِهِ الأَدْبِغة فَهِيَ أَفَقٌ حَتَّى تُقدّ فيُتَّخذ مِنْهَا مَا يُتَّخَذُ. وَفِي حَدِيثِ

غَزْوان: فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوقِ فَاشْتَرَيْتُ أَفِيقةً

أَي سِقاء مِنْ أَدَم، وأَنثه عَلَى تأْويل الْقِرْبَةِ والشَّنّة، وَقِيلَ: الأَفِيق الأَديم حِينَ يَخْرُجُ مِنَ الدِّباغ مَفْرُوغًا مِنْهُ وَفِيهِ رَائِحَتُهُ، وَقِيلَ: أَوّل مَا يَكُونُ مِنَ الْجِلْدِ فِي الدَّبَّاغِ فَهُوَ مَنِيئة ثُمَّ أَفِيق ثُمَّ يَكُونُ أَديماً، وَالْمَنِيئَةُ: الْجِلْدُ أَول مَا يُدْبَغُ ثُمَّ هُوَ أَفيق، وَقَدْ مَنَأْته وأَفَقْته، وَالْجَمْعُ أَفَق مِثْلُ أَدِيم وأَدَم. والأَفَقُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَن فَعِيلًا لَا يُكَسَّرُ عَلَى فعَل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى ثَعْلَبًا قَدْ حَكَى فِي الأَفِيق الأَفِقَ عَلَى مِثَالِ النَّبِق وَفَسَّرَهُ بِالْجِلْدِ الذي لم يدبغ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَا يُقَالُ فِي جَمْعِهِ أُفُق البَتّةَ وَإِنَّمَا هُوَ الأَفَقُ، بِالْفَتْحِ، فأَفِيق عَلَى هَذَا لَهُ اسْمُ جَمْعٍ وَلَيْسَ لَهُ جَمْعٌ؛ وأَفَق الأَدِيمَ يأْفِقه أَفْقاً: دَبَغَهُ إِلَى أَن صَارَ أَفيقاً. الأَصمعي: يُقَالُ للأَديم إِذَا دُبِغَ قَبْلَ أَن يُخرز أَفيق، وَالْجَمْعُ آفِقة مِثْلُ أَدِيم وآدِمة وَرَغِيفٍ وأَرغفة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والأَفِيق مِنَ الإِنسان وَمِنْ كُلِّ بَهِيمَةٍ جِلْدُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

يَشْقَى بِهِ صَفْحُ الفَرِيصِ والأَفَقْ

وأَفَقُ الطَّرِيقِ: سَنَنُه. والأَفَقةُ: المَرقةُ مِنْ مَرَق الإِهاب. والأَفقة: الْخَاصِرَةُ، وَجَمْعُهَا أَفَق؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الآفِقة مِثْلُ فَاعِلَةٍ. وأُفاقةُ: مَوْضِعٌ ذَكَرَهُ لَبِيَدٌ فَقَالَ:

وشَهِدْتُ أَنْجِيَةَ الأُفاقةِ عالِياً

كَعْبي، وأَرْدافُ المُلوكِ شُهودُ

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْجَعْدِيِّ:

ونحنُ رَهَنَّا بالأُفاقةِ عامِراً،

بِمَا كَانَ فِي الدِّرْداء رَهْناً فأُبْسِلا

وَقَالَ العَوّامُ بْنُ شَوْذَب: «1» .

قَبَحَ الإِلَهُ عِصابةً مِنْ وائلٍ يومَ

الأُفاقةِ أَسْلَمُوا بِسْطاما

ألق: الأَلْقُ والأُلاقُ والأَوْلَقُ: الجُنُون، وَهُوَ فَوْعل، وَقَدْ أَلَقَه اللهُ يأْلِقُه أَلْقاً. وَرَجُلٌ مأْلُوق ومُأَوْلَقٌ عَلَى مِثَالِ مُعَوْلَقٍ مِنَ الأَوْلَق؛ قَالَ الرِّيَاشِيُّ: أَنشدني أَبو عُبَيْدَةَ:

كأَنَّما بِي مِن أَرَانِي أَوْلَقُ

وَيُقَالُ لِلْمَجْنُونِ: مُأَوْلَق، عَلَى وَزْنِ مُفَوْعل؛ وقال الشَّاعِرُ:

ومُأَوْلَقٍ أَنْضَجْتُ كَيّةَ رأْسِه،

فتركْتُه ذَفِراً كريحِ الجَوْرَبِ

هُوَ لِنَافِعِ بْنِ لَقِيط الأَسدي، أَي هَجْوتُه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الأَولق أَفعل لأَنه يُقَالُ أُلِق الرجلُ فَهُوَ مَأْلُوق عَلَى مَفعول؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قولُ الْجَوْهَرِيِّ هَذَا وهَم مِنْهُ، وَصَوَابُهُ أَن يَقُولَ وَلَق الرجلُ يَلِقُ، وأَما أُلِقَ فَهُوَ يَشْهَدُ بِكَوْنِ الْهَمْزَةِ أَصلًا لَا زَائِدَةً. أَبو زَيْدٍ: امرأَة أَلَقى، بِالتَّحْرِيكِ، قَالَ وَهِيَ السَّرِيعَةُ الوَثْبِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قول الشاعر:

(1). قوله [العوام بن شوذب] كذا في الأَصل وشرح القاموس؛ وعبارة ياقوت: العوام أخو الحرث بن همام

ص: 7

ولا أَلَقَى ثَطَّةُ الحاجِبيْنِ،

مُحْرَفةُ الساقِ، ظَمْأَى القَدَمْ

وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

شَمَرْدَل غَيْر هُراء مِئْلَق

قَالَ: المِئلَق مِنَ المأْلُوق وَهُوَ الأَحمق أَو المَعْتُوه. وأُلِقَ الرَّجُلُ يُؤْلَق أَلْقاً، فَهُوَ مأْلوق إِذَا أَخذه الأَوْلَق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُ الأَوْلق الْجُنُونُ قَوْلُ الأَعشى:

وتُصْبِح عَنْ غِبِّ السُّرى وكأَنّها

أَلَمَّ بِهَا، مِنْ طائِف الجِنِّ، أَوْلَقُ

وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَهْجُو وَلَدَ يَعْصُر وَهُمْ غَنِيٌّ وباهِلةُ والطُّفاوةُ:

أَباهِل، مَا أَدْرِي أَمِنْ لُؤْمِ مَنْصِبي

أُحِبُّكُمُ، أَم بِي جُنونٌ وأَوْلَقُ؟

والمأْلُوق: اسْمُ فَرَسِ المُحَرِّش «1» . بْنِ عَمْرٍو صِفَةٌ غَالِبَةٌ عَلَى التَّشْبِيهِ. والأَولَقُ: الأَحمق. وأَلَقَ البرقُ يأْلِق أَلْقاً وتأَلَّق وائْتلَق يَأْتَلق ائْتلاقاً: لمَعَ وأَضاء؛ الأَول عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ وَقَدْ عَدَّى الأَخير ابْنُ أَحمر فَقَالَ:

تُلَفِّفُها بِدِيباجٍ وخَزٍّ

ليَجْلُوها، فَتَأْتَلِقُ العُيونا

وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَدَّاهُ بِإِسْقَاطِ حَرْفٍ أَو لأَنَّ مَعْنَاهُ تَخْتَطِفُ. والائتلاقُ: مِثْلُ التأَلُّق. والإِلَّق: المُتأَلِّق، وَهُوَ عَلَى وَزْنِ إمَّع. وبرقٌ أَلّاق: لَا مَطَرَ فِيهِ. والأَلْقُ: الْكَذِبُ. وأَلَق البرقُ يأْلِقُ أَلْقاً إِذَا كَذَبَ. والإِلاق: الْبَرْقُ الْكَاذِبُ الَّذِي لَا مَطَرَ فِيهِ. وَرَجُلٌ إلاقٌ: خَدَّاعٌ مُتَلَوِّنٌ شُبِّهَ بِالْبَرْقِ الأُلَّق؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:

ولسْت بِذِي مَلَقٍ كاذِبِ

إلاقٍ، كَبَرْقٍ مِنَ الخُلَّبِ

فَجُعِلَ الكَذوب إِلَاقًا. وَبَرْقٌ أُلَّق: مِثْلُ خُلَّب. والأَلوقةُ: طَعَامٌ يُصلَح بالزُّبد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

حَدِيثُك أَشْهَى عِنْدَنَا مِنْ أَلُوقةٍ،

يُعَجِّلها طَيّانُ شَهْوانُ للطُّعْمِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ الأَلوقة هُوَ الزُّبْدُ بالرُّطَب، وَفِيهِ لُغَتَانِ أَلُوقة ولُوقة؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ عُذْرة:

وإنِّي لِمَنْ سالَمْتُمُ لأَلُوقةٌ،

وإنِّي لِمَنْ عاديتُمُ سَمُّ أَسْوَد

ابْنُ سِيدَهْ: والأَلوقة الزُّبْدَةُ؛ وَقِيلَ: الزُّبْدَةُ بالرُّطَب لتأَلُّقِها أَي بَرِيقها، قَالَ: وَقَدْ تَوَهَّمَ قَوْمٌ أَن الأَلوقة «2» . لَمَّا كَانَتْ هِيَ اللُّوقة فِي الْمَعْنَى وَتَقَارَبَتْ حُرُوفُهُمَا مِنْ لَفْظِهِمَا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، لأَنها لَوْ كَانَتْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ لَوَجَبَ تَصْحِيحُ عَيْنِهَا إِذْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي أَولها مِنْ زِيَادَةِ الْفِعْلِ، وَالْمِثَالُ مِثَالُهُ، فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَن تَكُونَ أَلْوُقَةً، كَمَا قَالُوا فِي أَثْوُب وأَسْوق وأَعْيُن وأَنْيُب بِالصِّحَّةِ ليُفْرق بِذَلِكَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ. وَرَجُلٌ إلْقٌ: كَذُوب سيِء الخُلُق. وامرأَة إِلْقَةٌ: كَذُوب سَيِّئَةُ الْخُلُقِ. والإِلْقة السِّعْلاة، وَقِيلَ الذِّئْبُ. وامرأَة إلْقةٌ: سَرِيعَةُ الْوَثْبِ. ابْنُ الأَعرابي: يقال للذئب سِلْقٌ

(1). قوله [المحرش] بالشين المعجمة، وفي القاموس بالقاف

(2)

. قوله [أن الأَلوقة لما إلخ] كذا بالأَصل، ولعله أن الأَلوقة من لوق لما كانت أي لكونها

ص: 8

وإلْق. قَالَ اللَّيْثُ: الإِلقة تُوصَفُ بِهَا السِّعلاة وَالذِّئْبَةُ والمرأَة الجَريئة لخُبْثهن. وَفِي الْحَدِيثِ:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذ بِكَ مِنَ الأَلْس والأَلْقِ

؛ هُوَ الْجُنُونُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا أَحسَبه أَراد بالأَلْق إِلَّا الأَوْلَقَ وَهُوَ الْجُنُونُ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ الْكَذِبَ، وَهُوَ الأَلْق والأَوْلَق، قَالَ: وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: أَلْق وإلْق، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، ووَلْق، وَالْفِعْلُ مِنَ الأَول أَلَقَ يأْلِقُ، وَمِنَ الثَّانِي ولَقَ يلِقُ. وَيُقَالُ: بِهِ أُلاق وأُلاس، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، أَي جُنُونٌ مِنَ الأَوْلَق والأَلْس. وَيُقَالُ مِنَ الأَلْق الَّذِي هُوَ الْكَذِبُ فِي قَوْلِ الْعَرَبِ: أَلَقَ الرجلُ فَهُوَ يأْلِقُ أَلْقاً فَهُوَ آلِق إِذَا انْبَسَطَ لِسَانُهُ بالكذب؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ مِنَ الوَلْق الْكَذِبِ فأَبدل الْوَاوَ هَمْزَةً، وَقَدْ أَخذه عَلَيْهِ ابْنُ الأَنباري لأَن إِبْدَالَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ لَا يُجْعَلُ أَصلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُتَكَلَّمُ بِمَا سُمِعَ مِنْهُ. وَرَجُلٌ إِلَاقٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَي كَذُوبٌ، وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ بَرْقٌ إِلَاقٌ أَي لَا مَطَرَ مَعَهُ. والأَلَّاق أَيضاً: الْكَذَّابُ، وَقَدْ أَلَق يأْلِق أَلْقاً. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: بِهِ أُلاق وأُلاس مِنَ الأَوْلق والأَلْس، وَهُوَ الْجُنُونُ. والإِلق، بِالْكَسْرِ: الذِّئْبُ، والأُنثى إلْقة، وَجَمْعُهَا إلَقٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للقِردة إِلَقَةٌ وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ إلْق، وَلَكِنْ قِرْدٌ ورُبّاح؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ المُعتمِر:

تبارَكَ اللهُ وسبحانَه،

مَن بيَدَيهِ النفْعُ والضَّرُّ

مَن خَلْقُه فِي رِزْقه كلُّهم:

الذِّيخُ والثًيْتَلُ والغُفْرُ

وساكِنُ الجَوّ إِذَا مَا عَلا

فِيهِ، ومَن مَسْكَنُه القَفْرُ

والصَّدَعُ الأَعْصَمُ فِي شاهِقٍ،

وجَأْبةٌ مَسْكَنُها الوَعْرُ

والحَيّةُ الصَّمّاء فِي جُحْرِها،

والتُّتْفُلُ الرائغُ والذَّرُّ

وهِقْلةٌ تَرْتاعُ مِن ظِلِّها،

لَهَا عِرارٌ وَلَهَا زَمْرُ

تَلْتَهِمُ المَرْوَ عَلَى شَهْوةٍ،

وحَبُّ شَيْءٍ عِنْدَهَا الجَمْرُ

وظَبْيةٌ تخْضِم فِي حَنْظَلٍ،

وعقربٌ يُعْجِبها التمْرُ

وإلْقةٌ تُرْغِثُ رُبّاحَها،

والسَّهْلُ والنوْفَلُ والنَّضْرُ

أمق: أَمْقُ الْعَيْنِ: كمُؤْقها.

أَنَقَ: الأَنَقُ: الإِعْجابُ بِالشَّيْءِ. تَقُولُ: أَنِقْت بِهِ وأَنا آنَق بِهِ أنَقاً وأَنا بِهِ أَنِق: مُعْجَب. وَإِنَّهُ لأَنِيقٌ مُؤَنَّقٌ: لِكُلِّ شَيْءٍ أَعجبَك حُسْنه. وَقَدْ أَنِق بِالشَّيْءِ وأَنِق لَهُ أَنَقاً، فَهُوَ بِهِ أَنِقٌ: أُعْجِبَ. وأَنا بِهِ أَنِق أَيْ مُعْجَب؛ قَالَ:

إِنَّ الزُّبَيْرَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ،

جاءتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشامِ تَلِق،

لَا أَمِنٌ جَلِيسُه وَلَا أَنِقْ

أَي لَا يأْمَنُه وَلَا يأْنَق بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ أَنِقْت بِالشَّيْءِ أَي أُعْجِبت بِهِ. وَفِي حَدِيثِ

قزَعةَ مَوْلَى زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبا سَعِيدٍ يحدِّث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بأَربع فآنقَتْني

أَي أَعجبتْني؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ أَيْنَقْنَني. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: لَا أَيْنَقُ بِحَدِيثِهِ أَي لَا

ص: 9

أُعْجَب، وَهِيَ هَكَذَا تُرْوَى. وآنقَني الشَّيْءُ يُؤْنِقُني إِينَاقًا: أَعجبني. وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: أَنِقْت الشَّيْءَ أَحببْته؛ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُمْ: رَوضة أَنيق، فِي مَعْنَى مأْنُوقة أَي مَحْبُوبَةٍ، وَأَمَّا أَنِيقة فَبِمَعْنَى مُؤْنِقة. يُقَالُ: آنقَني الشَّيْءُ فَهُوَ مُؤْنِق وأَنِيق، وَمِثْلُهُ مؤْلم وأَلِيم ومُسمِع وَسَمِيعٌ؛ وَقَالَ:

أَمِنْ رَيْحانةَ الدّاعِي السميعُ

وَمِثْلُهُ مُبدِع وَبَدِيعٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ*؛ ومُكِلٌّ وكَلِيل؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

حَتَّى شَآهَا كَلِيلٌ، مَوْهِناً، عَمِلٌ،

باتَتْ طِراباً، وباتَ الليلَ لَمْ يَنَمِ

والأَنَقُ: حُسْن المَنْظر وإعْجابه إِيَّاكَ. والأَنَقُ: الفرَحُ والسُّرور، وَقَدْ أَنِقَ، بِالْكَسْرِ، يأْنَقُ أَنَقاً. والأَنَقُ: النباتُ الحسَن الْمُعْجَبُ، سمِّي بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَتْ أَعرابية: يَا حَبَّذَا الخَلاء آكلُ أَنَقي وأَلبَس خَلَقي وَقَالَ الرَّاجِزُ:

جَاءَ بَنُو عَمِّك رُوّادُ الأَنَقْ

وَقِيلَ: الأَنَق اطِّراد الخُضْرة فِي عَيْنَيْكَ لأَنها تُعجِب رَائِيَهَا. وَشَيْءٌ أَنيقٌ: حَسَنٌ مُعجِب. وتأنَّق فِي الأَمر إِذَا عَمِلَهُ بِنِيقةٍ مِثْلَ تَنَوَّقَ، وَلَهُ إناقةٌ وأَناقةٌ ولَباقةٌ. وتأَنَّقَ فِي أُموره: تجوَّد وَجَاءَ فِيهَا بِالْعَجَبِ. وتأَنَّقَ المَكانَ: أعجَبه فعَلِقَه لَا يُفَارِقُهُ. وتأَنَّق فُلَانٌ فِي الرَّوضة إِذَا وَقَعَ فِيهَا مُعْجَبًا بِهَا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا وقعتُ فِي آلِ حم وقعتُ فِي رَوْضاتٍ أَتأَنَّقُهنّ

، وَفِي التَّهْذِيبِ: وقعتُ فِي روْضاتٍ دَمِثاتٍ أَتأَنَّقُ فِيهِنَّ؛ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ أَتأَنق فِيهِنَّ أَتَتبَّع مَحَاسِنَهُنَّ وأُعْجَبُ بِهِنَّ وأَستلذُّ قِرَاءَتَهُنَّ وأَتمتَّعُ بِمَحَاسِنِهِنَّ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: مَنْظَرٌ أَنيق إِذَا كَانَ حَسَنًا مُعْجِبًا، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ

عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: مَا مِنْ عاشِية أَشدُّ أَنَقاً وَلَا أَبعدُ شِبَعاً مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ

أَي أَشد إِعْجَابًا وَاسْتِحْسَانًا ومحَبَّة ورَغْبة. والعاشِيةُ مِنَ العَشاء: وَهُوَ الأَكل بِاللَّيْلِ. وَمِنْ أَمثالهم: لَيْسَ المُتعلِّق كالمُتأَنِّق؛ مَعْنَاهُ لَيْسَ الْقَانِعُ بالعُلْقة وَهِيَ البُلْغة مِنَ الْعَيْشِ كَالَّذِي لَا يَقْنَع إِلَّا بآنَق الأَشياء وأَعجبها. وَيُقَالُ: هُوَ يتأَنّق أَي يَطلُب آنَق الأَشياء. أَبو زَيْدٍ: أَنِقْت الشَّيْءَ أَنَقاً إِذَا أَحببْته؛ وَتَقُولُ: روْضة أَنِيق وَنَبَاتٌ أَنيق. والأَنُوقُ عَلَى فَعُول: الرَّخَمة، وَقِيلَ: ذَكَرُ الرَّخَمِ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْوقَ الرَّجُلُ إِذَا اصْطَادَ الأَنُوق وَهِيَ الرَّخَمَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: أَعزُّ مِنْ بَيْضِ الأَنُوق لأَنها تُحْرِزه فَلَا يَكَادُ يُظْفَر بِهِ لأَن أَوْكارها فِي رؤوس الْجِبَالِ والأَماكن الصعْبة الْبَعِيدَةِ، وَهِيَ تُحمَّق مَعَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ترقَّيتُ إِلَى مَرْقاةٍ يقْصُر دُونَهَا الأَنُوق

؛ هِيَ الرَّخَمَةُ لأَنها تَبِيضُ في رؤُوس الْجِبَالِ والأَماكن الصَّعْبَةِ؛ وَفِي الْمَثَلِ:

طَلبَ الأَبْلَقَ العَقُوقَ، فَلَمَّا

لَمْ يَجِدْهُ، أَرادَ بيضَ الأَنُوقِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يُعْنى بِهِ الرَّخَمَةُ الأُنثى وأَن يُعْنَى بِهِ الذَّكَرُ لأَن بَيْضَ الذَّكَرِ مَعْدُومٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُضَافَ الْبَيْضُ إِلَيْهِ لأَنه كَثِيرًا مَا يحضُنها، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا، كَمَا يحضُن الظَّلِيمُ بَيْضَهُ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ أَو أَبو حَيَّة النُّمَيْري:

ص: 10

فَمَا بَيْضةٌ باتَ الظَّلِيمُ يَحُفُّها،

لَدَى جُؤْجُؤٍ عَبْلٍ، بمَيْثاءِ حَوْمَلا

وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: افْرِضْ لِي، قَالَ نَعَمْ، قَالَ وَلِوَلَدِي، قَالَ لَا، قَالَ وَلِعَشِيرَتِي، قَالَ لَا؛ ثُمَّ تَمَثَّلَ:

طَلبَ الأَبلقَ العَقوقَ، فَلَمَّا

لَمْ يَجِدْهُ، أَراد بَيضَ الأَنوق

العَقُوقُ: الْحَامِلُ مِنَ النُّوق، والأَبلق: مِنْ صِفَاتِ الذُّكُورِ، وَالذَّكَرُ لَا يَحْمِلُ فكأَنه قَالَ طَلَب الذَّكَرَ الْحَامِلَ. وبَيضُ الأَنوق مثَل لِلَّذِي يطلبُ المُحال الممتنِع، وَمِنْهُ الْمَثَلُ: أَعَزُّ مِنْ بَيْضِ الأَنُوق والأَبلقِ الْعَقُوقِ، وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ فِي الرَّجُلِ يُسأَل مَا لَا يَكُونُ وَمَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ: كلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقُوق؛ وَمِثْلُهُ: كلَّفتني بَيْضَ الأَنوق. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِرَجُلٍ أَرَادَهُ عَلَى حَاجَةٍ لَا يُسأَل مِثْلَهَا وَهُوَ يَفْتِل لَهُ فِي الذِّرْوة والغاربِ: أَنا أَجَلُّ مِنَ الحَرْشِ ثُمَّ الخَديعةِ، ثُمَّ سَأَلَهُ أُخْرَى أَصْعبَ مِنْهَا فأَنشد الْبَيْتَ المَثَلَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وبيضُ الأَنوق عَزِيزٌ لَا يُوجَدُ، وَهَذَا مَثَلٌ يُضرب لِلرَّجُلِ يَسأَل الهَيِّنَ فَلَا يُعْطَى، فيَسأَل مَا هُوَ أَعز مِنْهُ. وَقَالَ عُمارةُ: الأَنوقُ عِنْدِي العُقاب وَالنَّاسُ يَقُولُونَ الرخَمة، والرخمةُ تُوجَدُ فِي الخَرابات وَفِي السهْل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَنوق طَائِرٌ أَسود لَهُ كالعُرْف يُبعِد لِبَيْضِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِيهِ مُوقُ الأَنُوق لأَنها تُحمَّق؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْكُمَيْتُ فَقَالَ:

وذاتِ اسْمَينِ، والأَلوانُ شَتَّى،

تُحَمَّقُ، وَهْيَ كَيِّسةُ الحَوِيلِ

يَعْنِي الرَّخَمَةَ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَاتُ اسْمَيْنِ لأَنها تسمَّى الرَّخَمَةَ والأَنُوقَ، وَإِنَّمَا كَيِسَ حَوِيلُها لأَنها أَوَّل الطَّيْرِ قِطاعاً، وَإِنَّمَا تَبِيضُ حَيْثُ لَا يَلْحَق شَيْءٌ بَيْضَهَا، وَقِيلَ: الأَنوق طَائِرٌ يُشْبِهُ الرَّخَمَةَ فِي القَدِّ والصَّلَعِ وصُفْرة المِنقار، وَيُخَالِفُهَا أَنها سَوْدَاءُ طَوِيلَةُ المِنْقار؛ قَالَ العُدَيْلُ بْنُ الفَرْخ:

بَيْضُ الأَنُوقِ كسِرِّهِنَّ، ومَن يُرِدْ

بَيْضَ الأَنوقِ، فإنه بمَعاقِل

أهق: الأَيْهُقانُ: الجَرْجِيرُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْجَرْجِيرُ الْبَرِّيُّ، وَهُوَ فَيْعُلان. وَفِي حَدِيثِ

قُسِّ بْنِ ساعِدَة: ورَضِيع أَيْهُقان

؛ هُوَ الْجَرْجِيرُ الْبَرِّيُّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

فَعَلا فُروع الأَيْهُقانِ، وأَطفَلَت

بالجَلْهَتَينِ ظِباؤُها ونَعامُها

إِنْ نَصَبْتَ فروعَ جَعَلْتَ الأَلف الَّتِي فِي فَعلا لِلتَّثْنِيَةِ أَي الجَوْدُ والرِّهامُ هُمَا فَعَلَا فُروعَ الأَيهقان وأَنْبتاها، وَإِنْ رَفَعْتَهُ جَعَلْتَهَا أَصْلِيَّةً مِنْ عَلا يَعْلُو، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْجَرْجِيرُ وَلَيْسَ بِهِ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنَ الْعُشْبِ الأَيهقان وَإِنَّمَا اسْمُهُ النَّهَقُ، قَالَ: وَإِنَّمَا سَمَّاهُ لَبِيدٌ الأَيْهُقان حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ فِي الشِّعْرِ إِلَّا الأَيهقان، قَالَ: وَهِيَ عُشبة تَطُولُ فِي السَّمَاءِ طُولًا شَدِيدًا، وَلَهَا وَرْدَةٌ حَمْرَاءُ وَوَرَقَةٌ عَرِيضَةٌ، وَالنَّاسُ يأْكلونه، قَالَ: وسأَلت عَنْهُ بَعْضَ الأَعراب فَقَالَ: هُوَ عُشْبَةٌ تَسْتَقِلُّ مِقْدَارَ السَّاعِدِ، وَلَهَا وَرَقَةٌ أَعظم مِنْ وَرَقَةِ الحُوَّاءة وَزَهْرَةٌ بَيْضَاءُ، وَهِيَ تُؤْكَلُ وَفِيهَا مَرَارَةٌ، وَاحِدَتُهُ أَيْهُقانة، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ مِنْ أَن الأَيْهُقان مُغَيَّرٌ عَنِ النهَق مَقْلُوبٌ مِنْهُ خطأٌ، لأَن سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى الأَيْهُقان فِي الأَمثلة الصَّحِيحَةِ الْوَضْعِيَّةِ الَّتِي لم يُعْنَ بها غيرها، فَقَالَ: وَيَكُونُ عَلَى فَيْعُلان فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ نَحْوِ الأَيْهُقانِ والصَّيْمُرانِ والزَّيْبُدان

ص: 11

والهَيْرُدانِ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى فَيْعُلان دُونَ أَفْعُلان، وَإِنْ كَانَتِ الْهَمْزَةُ تَقَعُ أَولًا زَائِدَةً، لِكَثْرَةِ فيْعُلان كالخَيْزُران والحَيْسُمان وقلة أَفعُلان.

أوق: الأُوقةُ: هَبْطة يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَجَمْعُهَا أُوَق. والأَوْقُ: الثِّقَلُ. وأَلقى عَلَيْهِ أَوْقَه أَي ثِقَلَه؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:

إليكَ حَتَّى قلَّدُوكَ طوْقَها،

وحَمَّلُوكَ عِبْأَها وأَوْقَها

وآقَ عَلَيْنَا فُلَانٌ أَوْقاً أَي أَشْرَفَ؛ وأَنشد:

آقَ عَلَيْنَا، وَهُوَ شَرُّ آيِقِ،

وجاءَنا مِن بَعْدُ بالبَهالِقِ

وَيُقَالُ: آقَ عَلَيْنَا مالَ بأَوْقِه، وَهُوَ الثِّقَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: آقَ عَلَيْنَا أَتانا بالأَوْقِ، وَهُوَ الشُّؤْمُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ بَيْتٌ مؤَوَّقُ، والمؤوَّقُ: المَشْؤُوم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وبَيْت يَفُوحُ المِسْكُ فِي حَجَراتِه،

بعيدٌ مِنَ الآفاتِ غَيْرُ مُؤَوَّقِ

أَي غير مَشْؤُوم. وَيُقَالُ: آقَ فُلَانٌ عَلَيْنَا يؤُوق أَي مَالَ عَلَيْنَا. والأَوْقُ: الثِّقَلُ. وَقَدْ أَوَّقْته تأْويقاً أَي حمَّلته المَشقَّة وَالْمَكْرُوهَ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ المُثَنَّى الطُّهَوِيُّ:

عَزَّ عَلَى عَمِّكِ أَن تُؤَوَّقي،

أَو أَنْ تَبِيتي لَيْلةً لَمْ تُغْبَقِي،

أَو أَن تُرَيْ كأْباء لَمْ تَبْرَنْشِقي

وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: أَوَّقْتُه تأْوِيقاً، وَهُوَ أَن تُقلِّل طعامَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

عزَّ عَلَى عَمِّكِ أَن تؤَوَّقي

والمُؤَوِّقُ: الَّذِي يؤخِّرُ طعامَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَوْ كَانَ حُتْرُوشُ بْنُ عَزَّةَ راضِياً

سِوَى عَيْشِه هَذَا بعَيْشٍ مُؤَوَّقِ

ابْنُ شُمَيْلٍ: والأُوقةُ الرَّكِيَّة مِثْلُ البالُوعةِ هُوَّةٌ فِي الأَرض خَلِيقة فِي بُطُونِ الأَودِية وَتَكُونُ فِي الرِّياض أَحياناً أُسَمِّيها إِذَا كَانَتْ قَامَتَيْنِ أُوقةً، فَمَا زَادَ وَمَا كَانَ أقلَّ مِنْ قَامَتَيْنِ فَلَا أَعُدُّها أُوقة، وَفَمُهَا مِثْلُ فَمِ الرَّكِيَّة وأَوسع أَحياناً، وَهِيَ الْهُوَّةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

وانْغَمَسَ الرَّامي لَهَا بينَ الأُوَقْ

فِي غِيلِ قَصباء وخِيسٍ مُخْتَلَقْ

والأُوقِيَّةُ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ: زِنةُ سبْعةِ مَثَاقِيلَ، وَقِيلَ: زِنَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ جَعَلَتْهَا أُفعُولة فَهِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. والأَوْقُ: اسْمُ مَوْضِعٍ: قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:

أَتاهُنَّ أَنَّ مِياهَ الذُّهابِ

فالمُلْجِ فالأَوْقِ فالمِيثَبِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

تَمَتَّعْ من السِّيدانِ والأَوْقِ نظْرةً،

فقلْبُك للسِّيدانِ والأَوْقِ آلِفُ

فَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ.

أيق: الأَيْقُ: الوَظِيفُ، وَقِيلَ عظمه، وقال أَبُو عُبَيْدٍ: الأَيْقان مِنَ الوَظيفين مَوْضِعَا القَيْد وَهُمَا القَيْنان؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

وقامَ المَها يَعْقِلْنَ كلَّ مُكَبَّلٍ،

كما رُضَّ أيْقَا مُذْهَبِ اللَّوْنِ صافِنِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الأَيْقُ هُوَ المَرِيطُ بَيْنَ الثُّنَّةِ وأُمّ القِرْدان مِنْ بَاطِنِ الرُّسْغ.

ص: 12