الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرْمي ذِراعَيْهِ بجَثْجاثِ السُّوَقْ
…
ضَرْحاً، وَقَدْ أَنْجَدْنَ مِنْ ذاتِ الطُّوَقْ
والطَّوْقُ: أَرض سَهْلَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ. وطاقُ الْقَوْسِ: سِيَتُها، وقال ابْنُ حَمْزَةَ: طائِقُها لَا غَيْرَ، وَلَا يُقَالُ طاقُها.
فصل العين المهملة
عبق: عَبِقَ بِهِ عَبَقاً وعَباقيةً مِثْلَ ثَمَانِيَةٍ: لزِمَه، وعَسِقَ بِهِ كَذَلِكَ. وعَبِقَ الرَّدْع بِالْجِسْمِ والثوبِ: لَزِق، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ النَّبَاتِ: تُعْبَقُ بِهِ الثيابُ، وَفِي بَعْضِهَا تُعَبَّقُ. وعَبِقَت الرائحةُ فِي الشيءِ عَبَقاً وعَباقِيةً: بَقيت؛ وعَبِق الشيُ بِقَلْبِي: كَذَلِكَ عَلَى الْمِثْلِ. وريحٌ عَبِقٌ: لاصقٌ. وَرَجُلٌ عَبِقٌ وامرأَة عَبِقةٌ إِذا تطيِّب وَتَعَلَّقَ بِهِ الطِّيب فَلَا يَذْهَبُ عَنْهُ رِيحُهُ أَيّاماً؛ قَالَ:
عَبِقَ العَنْبَرُ والمِسْكُ بِهَا، فَهِيَ صفراءُ كعُرْجونِ القَمَرْ
وَفِي نُسْخَةٍ: الْعُمُرْ. وامرأَة عَبِقةٌ لَبِقةٌ: يُشاكِلُها كلُّ لِبَاسٍ وَطِيبٍ. قَالَ الْخُزَاعِيُّونَ، وَهُمْ مِنْ أَعرب النَّاسِ: رَجُلٌ عَبِقٌ لَبِقٌ وَهُوَ الظَّرِيفُ. وَمَا بَقِيَتْ لَهُمْ عَبَقةٌ أَي بَقِيَّةٌ مِنْ أَموالهم. وَمَا فِي النِّحْي عَبَقة وعَبْقةٌ أَي شَيْءٍ مِنْ سَمْنٍ، وَقِيلَ: مَا فِي النِّحْي عَبَقة وعَمَقَة أَي لَطْخُ وضَرٍ مِنَ السَّمْنِ، وَقِيلَ: مَا فِيهِ لَطْخ وَلَا وضَرٌ وَلَا لَعُوق مِنْ رُبٍّ وَلَا سَمْنٍ، وَزَعَمَ اللِّحْيَانِيُّ أَن مِيمَ عَمَقة بَدَلٌ مِنْ بَاءِ عَبَقه، وأَصل ذَلِكَ مِنْ عَبِقَ بِهِ الشَّيْءُ يَعْبَقُ عَبَقاً إِذا لَزِقَ بِهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
ثُمَّ رَاحُوا عَبقَ المِسْكُ بِهِمْ،
…
يَلْحَفُونَ الأَرض هُدَّاب الأُزُرْ
والعَباقيةُ: الدَّاهِيَةُ ذُو الشَّرِّ والنُّكر؛ وأَنشد:
أَطَفَّ لَهَا عَباقيةٌ سَرنْدَى،
…
جَرِيءٌ الصَّدْرِ مُنْبَسِطُ الْيَمِينِ
والعَباقيةُ: اللِّصُّ الْخَارِبُ الَّذِي لَا يُحْجِمُ عَنْ شَيْءٍ. وَقَدِ اعْبَنْقى الرَّجُلُ أَي صَارَ دَاهِيَةً. وَبِهِ شَيْن عَباقِية أَي لَهُ أَثر بَاقٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَهِيَ أَثر جِرَاحَةٍ تَبْقَى فِي حُرِّ وَجْهِهِ. والعَباقِيةُ: شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ يُؤْذِي مَنْ عَلِقَ بِهِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَباقِيةُ مِنَ الْعِضَاهِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ لَمْ تُنْعَتْ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ الْعَجْلَانِ:
غَدَاةَ شُواحِطٍ فَنَجَوْت شَدًّا،
…
وثَوْبُك فِي عَباقيةٍ هَرِيدُ
يَقُولُ: تَعَلَّقَتِ العَباقِيةُ بِهِ فَتَرَكَهُ بِهَا وَنَجَا. وغلامٌ مُعْبَنْق: سيِءُ الْخُلُقِ. الأَصمعي: رَجُلٌ عِبِقَّانةٌ رِبِقَّانة إِذا كَانَ سيِء الْخُلُقَ، والمرأَة كذلك.
عبشق: العُبشوق: دُوَيْبَّة مِنْ أَحناش الأَرض. وَعَبْشَقُ: اسْمٌ.
عبنق: عُقاب عَقَنْباة وعَبَنْقاة وقَعَنْباةٌ وبَعَنْقاة: حديدةُ الْمَخَالِبِ، وَقِيلَ هِيَ السَّرِيعَةُ الْخَطْفِ المُنْكَرة، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَمَا قَالُوا أَسَدٌ أَسِدٌ وكلْب كَلِبٌ. واعْبَنقى وابَعَنْقى إِذا سَاءَ خُلُقُهُ.
عتق: العِتْقُ: خِلَافُ الرِّق وَهُوَ الْحَرِيَّةُ، وَكَذَلِكَ العَتاقُ، بِالْفَتْحِ، والعَتاقةُ؛ عَتَقَ العبدُ يَعْتِقُ عِتْقاً وعَتْقاً وعَتاقاً وعَتاقَةً، فَهُوَ عَتيقٌ وعاتِقٌ، وَجَمْعُهُ عُتَقاء، وأَعْتَقْتُه أَنا، فَهُوَ مُعْتَقٌ وعَتيقٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وأَمَةٌ عَتيقٌ وعَتيقَةٌ فِي إِماءٍ عَتائِق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَنْ يَجْزي ولدٌ وَالِدَهُ إِلَّا
أَن يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فيَعْتِقَه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُهُ فيَعْتِقَه لَيْسَ مَعْنَاهُ اسْتِئْنَافَ العِتْقِ فِيهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لأَن الإِجماع مُنْعَقِدٌ أَن الأَب يَعْتقُ عَلَى الِابْنِ إِذا مَلَكَهُ فِي الْحَالِ وإِنما مَعْنَاهُ أَنه إِذا اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ الشِّراءُ سَبَبًا لعِتقِه أُضيف العِتقُ إِليه، وإِنما كَانَ هَذَا جَزاء لَهُ لأَن العِتْقَ أَفضل مَا يُنْعِم بِهِ أَحدٌ عَلَى أَحد، إِذ خَلَّصَهُ بِذَلِكَ مِنَ الرقِّ وجَبَر بِهِ النَّقْصَ الَّذِي لَهُ وَتَكْمُلُ لَهُ أَحكام الأَحرار فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ. وَفُلَانٌ مَولى عَتاقَةٍ ومَوْلىً عَتيقٌ ومَوْلاةٌ عتيقةٌ ومَوالٍ عُتَقاء وَنِسَاءٌ عَتائق: وَذَلِكَ إِذا أُعْتِقْنَ. وَحَلَفَ بالعَتاقِ أَي الإِعْتاق. وعَتيقٌ: اسْمُ الصدِّيق، رضي الله عنه، قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن اللَّهَ تبارك وتعالى أَعْتَقَه مِنَ النَّارِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ؛ رَوَتْ
عَائِشَةُ أَن أَبا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا أَبا بَكْرٍ أَنت عَتيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ، فمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّي عَتيقاً.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنه سُمِّيَ عَتيقاً لأَنه أُعْتِقَ مِنَ النَّارِ
؛ سَمَّاهُ بِهِ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، وَقِيلَ: كَانَ يُقَالُ لَهُ عَتيقٌ لِجَمَالِهِ. وعَتَقَتْ عَلَيْهِ يمينٌ تَعْتِقُ: سَبَقَتْ وَتَقَدَّمَتْ، وَكَذَلِكَ عَتُقَتْ، بِالضَّمِّ، أَي قَدُمت وَوَجَبَتْ كأَنه حَفِظَهَا فَلَمْ يَحْنَثْ. وعَتَقَتْ منِّي يَمِينٌ أَي سَبَقَتْ؛ وأَنشد لأَوس بْنِ حُجْرٍ:
عَلَيَّ أَليَّةٌ عَتَقَتْ قَدِيمًا،
…
فَلَيْسَ لَهَا، وإِن طُلِبَتْ، مَرامُ
أَي لَزِمَتْنِي، وَقِيلَ أَي لَيْسَ لَهَا حِيلَةٌ وإِن طُلِبَتْ. أَبو زَيْدٍ: أَعْتَقَ يمينَه أَي لَيْسَ لَهَا كَفَّارَةٌ. وعَتَقَت الفرسُ تَعْتِقُ وعَتُقتْ عِتْقاً: سَبَقَتِ الْخَيْلَ فَنَجَتْ. وَفَرَسٌ عاتِقٌ: سَابِقٌ. وَرَجُلٌ مِعْتاقُ الوَسيقَة إِذا طَرَدَ طَريدةً سَبَقَ بِهَا، وَقِيلَ: سَبَقَ بِهَا وأَنجاها؛ قَالَ أَبو الْمُثَلَّمِ يَرْثِي صَخْرًا:
حامِي الحَقيقَةِ نسَّالُ الوَدِيقة، مِعْتاقُ
…
الوَسيقَةِ، لَا نِكْسٌ وَلَا وَانِي
قَالَ: وَلَا يُقَالُ مِعْناق.، والعاتِقُ: النَّاهِضُ مِنْ فِراخ الْقَطَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَنَرَى أَنه مِنَ السَّبْقِ عَلَى أَنه يَعْتقُ أَي يَسْبِقُ. يُقَالُ: هَذَا فَرْخُ قَطَاةٍ عاتِقٌ إِذا كَانَ قَدِ اسْتَقَلّ وَطَارَ. وعِتاقُ الطَّيْرِ: الْجَوَارِحُ مِنْهَا، والأَرْحَبِيَّاتُ العِتاقُ: النَّجَائِبُ مِنْهَا، وَقِيلَ: العاتِقُ مِنَ الطَّيْرِ فَوْقَ النَّاهِضِ، وَهُوَ فِي أَول مَا يَتَحَسَّرُ رِيشُهُ الأَول وَيَنْبُتُ لَهُ رِيشٌ جُلْذِيّ أَي شَدِيدٌ، وَقِيلَ: العاتِقُ مِنَ الْحَمَامِ مَا لَمْ يُسِنّ ويَسْتَحْكِم، وَالْجَمْعُ عُتَّق. وَجَارِيَةٌ عاتِقٌ: شَابَّةٌ، وَقِيلَ: العاتِقُ الْبِكْرُ الَّتِي لَمْ تَبِنْ عَنْ أَهلها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بَيْنَ الَّتِي أَدركت وَبَيْنَ الَّتِي عَنَسَتْ: والعاتِقُ: الْجَارِيَةُ الَّتِي قَدْ أَدركت وَبَلَغَتْ فخُدِّرَتْ فِي بَيْتِ أَهلها وَلَمْ تَتَزَوَّجْ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها عَتَقَتْ عَنْ خِدْمَةِ أَبويها وَلَمْ يَمْلِكْهَا زَوْجٌ بعدُ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقِيدي دَماً، يَا أُمَّ عَمْرٍو، هَرَقْتِه
…
بكفَّيْك، يَوْمَ السِّتْرِ، إِذ أَنْتِ عاتِقُ
وَقِيلَ: العاتِقُ الْجَارِيَةُ الَّتِي قَدْ بَلَغَتْ أَن تَدَرَّعَ وعَتَقَتْ مِنَ الصِّبا وَالِاسْتِعَانَةِ بِهَا فِي مِهْنَةِ أَهلها، سمِّيت عاتِقاً بِهَا، وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَواتِق؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ مَسْعُودٍ الضَّبِّيُّ:
وَلَمْ تَثِقِ العَواتِقُ مِنْ غَيورٍ
…
بغَيْرَتِه، وخَلَّيْنَ الحِجالا
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرَجَتْ أُم كُلْثُومِ بِنْتِ عُقْبَةَ وَهِيَ عاتِقٌ قَبْلَ هِجْرَتِهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العاتِقُ الشَّابَّةُ أَول مَا تُدْرِكُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تَبِنْ مِنْ وَالِدَيْهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ وَقَدْ أَدركت وشَبَّت، وَيُجْمَعُ عَلَى العُتَّقِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم عَطِيَّةَ: أُمِرْنا أَن نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الحُيَّض والعُتَّق
، وَفِي رِوَايَةٍ:
العَواتِق
؛ يُقَالُ: عَتَقَتِ الْجَارِيَةُ، فَهِيَ عاتِقٌ، مِثْلَ حاضَتْ، فَهِيَ حائضٌ. وَكُلُّ شَيْءٍ بَلَغَ إِناهُ فَقَدْ عَتَقَ. والعَتيقُ: الْكَرِيمُ الرَّائعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ والخيارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ التَّمْرُ وَالْمَاءُ وَالْبَازِي والشَّحْم. والعِتْقُ: الكَرَمُ؛ يُقَالُ: مَا أَبْيَنَ العِتْقَ فِي وَجْهِ فُلَانٍ يَعْنِي الْكَرَمَ. والعِتْقُ: الْجَمَالُ. وَفَرَسٌ عَتيقٌ: رَائِعٌ كَرِيمٌ بَيِّن العِتْقِ، وَقَدْ عَتُقَ عَتاقَةً، وَالِاسْمُ العِتْقُ، وَالْجَمْعُ العِتاقُ. وامرأَة عَتِيقةٌ: جَمِيلَةٌ كَرِيمَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
هِجانُ المُحَيَّا عَوْهَجُ الخَلْقِ، سُرْبِلَتْ
…
مِنَ الحُسْنِ سِرْبالًا عَتِيقَ البَنائقِ
يَعْنِي حَسَن الْبَنَائِقِ جَمِيلَهَا. والعُتُقُ: الشَّجَرُ الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا الْقِسِيُّ الْعَرَبِيَّةُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: يُرَادُ بِهِ كَرَمُ الْقَوْسِ لَا العِتْق الَّذِي هُوَ القِدَم. وَقَالَ مُرَّة عَنْ أَبي زِيَادٍ: العِتْق الشَّجَرُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْهَا القِسِيُّ، قَالَ: كَذَا بَلَغَنِي عَنْ أَبي زِيَادٍ وَالَّذِي نَعْرِفُهُ العُتُق. والعَتيقُ: فَحْلٌ مِنَ النَّخْلِ مَعْرُوفٌ لَا تَنْفُضُ نَخْلَتُهُ. وعَتيقُ الطَّيْرِ: الْبَازِي؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فانْتَضَلْنا، وابنُ سَلْمى قاعدٌ،
…
كعَتيقِ الطَّيْرِ يُغْضى ويُجَلّ
ابْنُ سَلْمَى: النُّعْمَانُ، وإِنما ذَكَرَ مَقَامَتَهُ مَعَ الرَّبِيعِ بَيْنَ يَدَيِ النُّعْمَانِ. ابْنُ الأَعرابي: كلُّ شَيْءٍ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي جودةٍ أَو رَدَاءَةٍ أَو حُسْنٍ أَو قُبْحٍ، فَهُوَ عَتيقٌ، وَجَمْعُهُ عُتُقٌ. والعاتِقةُ مِنَ الْقَوْسِ: مِثْلُ العاتِكَةِ، وَهِيَ الَّتِي قَدُمت واحْمَرّت. والعَتيقُ: الْقَدِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى قَالُوا رَجُلٌ عَتيقٌ أَي قَدِيمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بالأَمر العَتيقِ
أَي الْقَدِيمِ الأَول، وَيُجْمَعُ عَلَى عِتاقٍ كَشَرِيفٍ وشِرافٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنهنَّ مِنَ العِتاقِ الأُوَلِ وهنِّ مِنْ تِلَادِي
؛ أَراد بالعِتاقِ الأُولِ السُّوَرُ اللَّاتِي أُنْزِلت أَولًا بِمَكَّةَ وأَنها مِنْ أَول مَا تعلَّمه مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَدْ عَتُقَ عِتْقاً وعَتاقَةً أَي قَدُم وَصَارَ عَتيقاً، وَكَذَلِكَ عَتَقَ يَعْتُقُ مِثْلُ دَخَل يدخُل، فَهُوَ عاتِقٌ، وَدَنَانِيرُ عُتُقٌ، وعتَّقْتُه أَنا تَعْتيقاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ
. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنما سَمَّى اللَّهُ البيتَ العَتيقَ لأَن اللَّهَ أَعْتَقَه مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَلَمْ يَظْهر عَلَيْهِ جَبَّار قَطُّ
، وَالْبَيْتُ العَتيقُ بِمَكَّةَ لِقِدَمِهِ لأَنه أَول بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ؛ قَالَ
الْحَسَنُ: هُوَ الْبَيْتُ الْقَدِيمُ
، دَلِيلُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً؛ وَقِيلَ: لأَنه أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ أَيام الطُّوفَانِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ؛ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن الْبَيْتَ رُفِع وَبَقِيَ مكانُه، وَقِيلَ: إِنه أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَةِ وَلَمْ يَدَّعِهِ مِنْهُمْ أَحد، وَقِيلَ: سُمِّيَ عَتيقاً لأَنه لَمْ يَمْلِكْهُ أَحد، والأَول أَولى. وَقَالَ بَعْضُ حُذَّاق اللُّغَوِيِّينَ. العِتْقُ للمَوَات كَالْخَمْرِ وَالتَّمْرِ، والقِدَمُ للمَوَات والحيوانِ جَمِيعًا. وَخَمْرٌ عَتِيقةٌ: قَدِيمَةٌ حُبست زَمَانًا فِي ظَرْفِهَا؛ فأَما قَوْلُ الأَعشى:
وكأَنَّ الخَمْر العَتيقَ مِنَ الإِسْفَنْطِ
…
مَمْزوجةٌ بماءٍ زُلالِ
فإِنه قَدْ يُوَجَّه عَلَى تَذْكِيرِ الْخَمْرِ، فإِما أَن يَكُونَ تَذْكِيرُ الْخَمْرِ مَعْرُوفًا. وإِما أَن يَكُونَ وَجَّههَا عَلَى إِرادة الشَّرَابِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، أَعني الْحَمْلَ عَلَى الْمَعْنَى، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ فَعيلًا هُنَا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ كَمَا تَقُولُ عينٌ كحيلٌ، فَتَكُونُ الْخَمْرُ مُؤَنَّثَةٌ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ. وَيُقَالُ لجَيَّدِ الشَّرَابِ عاتقٌ، والعاتِقُ: الْخَمْرُ الْقَدِيمَةُ؛ قَالَ حَسَّانُ:
كالمِسْكِ تَخْلِطُه بِمَاءِ سَحابةٍ
…
أَو عاتِقٍ، كَدَمِ الذَّبيحِ مُدَامِ
وَقَدْ عَتَقَت الخمرُ وعَتَّقَها. والمُعَتَّقَةُ: مِنْ أَسماء الطِّلاء وَالْخَمْرِ؛ قَالَ الأَعشى:
وسَبيئَة مِمَّا تُعَتِّقُ بابِلٌ،
…
كدَمِ الذَّبيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها
والمُعَتَّقَةُ: الْخَمْرُ الَّتِي عَتِّقَتْ زَمَانًا حَتَّى عَتُقَتْ. والعاتِقُ: كالعَتِيقَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ يَفُضَّ أَحدٌ خِتَامَهَا كَالْجَارِيَةِ العاتِقِ، وَقِيلَ: هِيَ لَمْ تُقْتَضَّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أُغْلي السِّباءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ،
…
أَو جَونةٍ قُدِحَت وفُضَّ خِتامُها
وبَكْرَةٌ عَتيقَةٌ إِذا كَانَتْ نَجِيبَةً كَرِيمَةً. وَقَالَ أَعرابي: لَا نَعُدُّ البَكْرةَ بَكْرَةً حَتَّى تَسْلم مِنَ القَرْحة والعُرَّة، فإِذا بَرِئَتْ مِنْهُمَا فَقَدْ عَتُقَتْ وَثَبَتَتْ، وَيُرْوَى نَبَتَتْ. وعَتُقت: قدُمت؛ وَكُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَدْ عَتَقَتْ، بِالْفَتْحِ، تَعْتِق عِتْقاً أَي نَجَتْ فَسَبَقَتْ. وأعْتقها صَاحِبُهَا أَي أَعجلها وأَنجاها. وعَتَق السَّمْنَ وعَتُق: يَعْنِي قَدُم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعَتيقُ: الْمَاءُ، وَقِيلَ: الطِّلاء وَالْخَمْرُ، وَقِيلَ: اللَّبَنُ. وعَتَّقَ بِفِيه يُعَتِّقُ إِذا بَزَمَ وَعَضَّ. والعِتْقُ: صَلَاحُ الْمَالِ. وعَتَقَ الْمَالُ عِتْقاً: صَلَحَ، وعَتَقَه وأَعْتَقه فَعَتَق: أَصلحه فَصَلَحَ، وعَتُقَ فُلَانٌ بَعْدَ اسْتِعْلَاجٍ يَعْتُق، فَهُوَ عَتيقٌ: رقَّ وَصَارَ عَتيقاً، وَهُوَ رِقَّةُ الْجِلْدِ، أَي رَقَّت بَشَرته بَعْدَ الْغِلَظِ وَالْجَفَاءِ، وعَتَقَ التَّمْرُ وَغَيْرُهُ وعَتُقَ، فَهُوَ عَتيقٌ: رقَّ جِلْدُهُ، وعَتُقَ يَعْتُق إِذا صَارَ قَدِيمًا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَتيقُ اسْمٌ لِلتَّمْرِ عَلَم؛ وأَنشد قَوْلَ عَنْتَرَةَ:
كَذَب العَتيقُ وماءُ شَنّ باردٌ،
…
إِن كنتِ سائِلَتي غَبُوقاً فَاذْهَبِي
قِيلَ: إِنه أَراد بالعَتيق التَّمْرَ الَّذِي قَدْ عَتُق؛ خَاطَبَ امرأَته حِينَ عَاتَبَتْهُ عَلَى إِيثار فَرَسِهِ بأَلبان إِبله فَقَالَ لَهَا: عَلَيك بِالتَّمْرِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ وذَرِي اللَّبَنَ لِفَرَسِي الَّذِي أَحميك عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ: هُوَ الْمَاءُ نَفْسُهُ؛ وَهَذِهِ الأَبيات قِيلَ إِنها لِعَنْتَرَةَ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: إِنها لخُزَز بْنِ لَوْذَان السَّدُوسِيِّ، وَهِيَ:
كَذَب العتيقُ وَمَاءُ شَنٍّ باردٌ،
…
إِن كُنْتِ سائِلَتي غَبوقاً فَاذْهَبِي
لَا تُنْكِري فَرَسِي وَمَا أَطعمْتُه،
…
فيكونَ لونُكِ مثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ
إِني لأَخْشَى أَن تَقول حَليلَتي:
…
هَذَا غُبار ساطعٌ فَتَلَبَّبِ
إِنَّ الرجالَ لهُمْ إِليك وسِيلةٌ
…
أَن يأْخذوك تَكَحَّلي وتخَضَّبي
وَيَكُونُ مَرْكَبُكِ القَلوصَ وظِلَّهُ،
…
وابنُ النَّعامَةِ يَوْمَ ذَلِكَ مَرْكَبي
قَالَ: والعَتيقُ التَّمْرُ الشهْريزُ، وَجَمْعُهُ عُتُق. والعاتِقُ: مَا بَيْنَ المَنْكب والعُنُقِ، مذكر وقد
أُنث وَلَيْسَ بِثَبْتٍ؛ وَزَعَمُوا أَن هَذَا الْبَيْتَ مَصْنُوعٌ وَهُوَ:
لَا نَسَبَ اليومَ وَلَا خُلَّةٌ،
…
اتِّسَعَ الفَتْقُ عَلَى الراتِقِ
لَا صُلْحَ بَيْنِي، فاعْلَموهُ، وَلَا
…
بينكُمُ، مَا حَمَلَتْ عاتِقي
سَيْفِي وَمَا كنَّا بنَجْدٍ، وَمَا
…
قَرْقَر قُمْرُ الوادِ بالشاهِقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعاتِقُ مُؤَنَّثَةٌ، وَاسْتَشْهَدَ بِهَذِهِ الأَبيات وَنَسَبَهَا لأَبي عَامِرٍ جدِّ الْعَبَّاسِ بنِ مِرْداس وَقَالَ: وَمَنْ رَوَى الْبَيْتَ الأَول:
اتَّسَعَ الخرقُ عَلَى الراقِع
فَهُوَ لأَنس بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرَ، وَهُمَا عاتِقانِ وَالْجَمْعُ عُتْق وعُتَّق وعواتِقُ. وَرَجُلٌ أَمْيَلُ العاتِقِ: معْوَجُّ مَوْضِعِ الرِّدَاءِ. والعاتِقُ: الزِّقُّ الْوَاسِعُ الْجَيِّدُ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ لَبِيدٌ:
أَغْلى السِّباءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ العاتِقَ زِقًّا لَمَّا رَآهُ نَعْتًا للأَدْكن وإِنما أَرَادَ بالعاتِقِ جيّدَ الْخَمْرِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَو جَوْنةٍ قُدِحَتْ، وإِنما قُدِحَ مَا فِيهَا، والجَونة: الْخَابِيَةُ، والقَدْح الغَرْف. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الزِّقّ الَّذِي طَابَتْ رَائِحَتُهُ، وَقَوْلُهُ بِكُلّ يَعْنِي مِنْ كُلٍّ، والسِّباء: اشْتِرَاءُ الْخَمْرِ. والعاتِقُ أَيضاً: الْمَزَادَةُ الْوَاسِعَةُ. والمُعَتَّقةُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِطْرِ. وأَبو عَتيقٍ: كُنْيَةٌ، وَمِنْهُ ابْنُ أَبي عَتيقٍ هَذَا الماجِنُ الْمَعْرُوفُ، وإِنما قِيلَ قَنْطرة عَتيقَةٌ، بِالْهَاءِ، وَقَنْطَرَةٌ جَديدٌ، بِلَا هَاءٍ، لأَن العَتيقَةَ بِمَعْنَى الْفَاعِلَةِ وَالْجَدِيدُ بِمَعْنَى الْمُفَعْوِلَةِ ليُفْرَقَ بَيْنَ مَا لَهُ الْفِعْلُ وَبَيْنَ مَا الْفِعْلُ واقع عليه.
عثق: العَثَقُ: شَجَرٌ نَحْوُ الْقَامَةِ وَوَرَقُهُ شَبِيهٌ بِوَرَقِ الكَبَر إِلا أَنه كَثِيفٌ غَلِيظٌ، يَنْبُتُ فِي الشَّوَاهِقِ كَمَا يَنْبُتُ الكَتَمُ، لَا يأْكله شَيْءٌ ويُجَفَّفُ وَرَقُهُ ويُدَقُّ ويُوخَفُ بِالْمَاءِ كَمَا يُوخَفُ الخِطْمِيُّ فَيُطْلَى بِهِ فِي مَوْضِعٍ كَنينٍ، فإِذا جفَّ أُعيدَ فحَلَقَ الشَّعْرَ حَلْق النُّورة. أَبو عَمْرٍو: سَحَابٌ مُنْعَثِقٌ إِذا اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَفِي لُغَاتِ هُذَيْلٍ: أَعْثَقَت الأَرضُ إِذا أَخصبت.
عدق: عَدَقَ يَعْدِقُ وأَعْدَقَ وعَوْدَقَ: أَدخل يَدَهُ فِي نَوَاحِي الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ كأَنه يَطْلُبُ شَيْئًا. وعَدَق الشيءَ يَعْدِقُه عَدْقاً: جَمَعَهُ. والعَوْدَقُ والعَوْدَقةُ: حَدِيدَةٌ ذَاتُ ثَلَاثِ شُعَبٍ يُستخرج بِهَا الدَّلْوُ مِنْ الْبِئْرِ. ابْنُ الأَعرابي: العَوْدَقةُ والعَدْوقة لخُطَّاف الْبِئْرِ، وَجَمْعُهَا عُدُقٌ، وَقَالَ: العَدَق الْخَطَاطِيفُ الَّتِي تُخْرج الدلاءُ بِهَا، وَاحِدَتُهَا عَدَقَةٌ، وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ اللُّبْجَةُ عَوْدَقةً، واللُّبْجة حَدِيدَةٌ لَهَا خَمْسَةُ مَخَالِبَ تُنْصَبُ لِلذِّئْبِ يُجْعَلُ فِيهَا اللَّحْمُ، فإِذا اجْتَذَبَهُ نَشِبَ فِي حَلْقِهِ. وَرَجُلٌ عادِقُ الرأْي: لَيْسَ لَهُ صَيِّور يَصِيرُ إِليه. يُقَالُ: عَدَقَ بِظَنِّهِ عَدْقاً إِذا رَجمَ بِظَنِّهِ ووجَّه الرأْي إِلى ما لا يَسْتَيْقنه.
عذق: العَذْقُ: كُلُّ غُصْنٍ لَهُ شُعَب. والعَذْق أَيضاً: النَّخْلَةُ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ. والعِذْق: الكِباسة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَذْق، بِالْفَتْحِ، النَّخْلَةُ بحَمْلها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ السَّقيفة:
أَنا عُذَيْقُها المُرْجَّبُ
، تَصْغِيرًا لعَذْق النَّخْلَةِ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمْ مِنْ عذْقٍ مُذَلَّل فِي الْجَنَّةِ لأَبي الدَّحْدَاحِ
؛ العَذْق،
بِالْفَتْحِ: النَّخْلَةُ، وَبِالْكَسْرِ: العَرْجون بِمَا فِيهِ مِنَ الشَّمَارِيخِ، وَيُجْمَعُ عَلَى عِذاقٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَنس: فردَّ رَسُولُ اللَّهِ. صلى الله عليه وسلم، إِلى أُمْي عِذاقَها
أَي نَخَلَاتِهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: لَا قَطْعَ فِي عِذْقٍ مُعَلَّقٍ لأَنه مَا دَامَ مُعَلَّقًا فِي الشَّجَرَةِ فَلَيْسَ فِي حِرْز.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا وَالَّذِي أَخرج العَذْق مِنَ الجريمةِ
أَي النَّخْلَةَ مِنَ النَّوَاةِ؛ فأَما عَذْقُ بْنُ طابٍ فإِنما سَمَّوُا النَّخْلَةَ بِاسْمِ الْجِنْسِ فَجَعَلُوهُ مَعْرِفَةً، وَوَصَفُوهُ بِمُضَافٍ إِلى مَعْرِفَةٍ فَصَارَ كَزَيْدِ بْن عَمْرٍو، وَهُوَ تَعْلِيلُ الْفَارِسِيِّ. والعِذْق: القِنْوُ مِنَ النَّخْلِ وَالْعُنْقُودُ مِنَ الْعِنَبِ، وَجَمْعُهُ أَعْذاقٌ وعُذوق. وأَعْذَقَ الإِذْخِرُ إِذا أَخرج ثَمَرَهُ، وعَذَقَ أَيضاً كَذَلِكَ. قَالَ
أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أُصَيْلٌ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، حِينَ سأَله عَنْ مَكَّةَ: تركتُها وَقَدْ أَحْجَنَ ثُمامها وأَعْذَقَ إِذْخِرُها وأَمْشَرَ سَلَمُها، فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: يَا أُصَيْلُ، دَع القلوبَ تَقِرّ
؛ وَلَمْ يُفَسِّرْ أَبو حَنِيفَةَ مَعْنَى قَوْلِهِ
أَعْذَقَ إِذْخرها
؛ ابْنُ الأَثير: أَعْذق إِذخرها أَي صَارَتْ لَهُ عُذوق وشُعَب، وَقِيلَ: أَعْذق بِمَعْنَى أَزهر. ابْنُ الأَعرابي: عَذَقَ السَّخْبَرُ إِذا طَالَ نَبَاتُهُ وَثَمَرَتُهُ عَذَقُه. والعَذْقَةُ والعِذْقَة: الْعَلَامَةُ تُجْعَلُ عَلَى الشَّاةِ مُخَالِفَةً لِلَوْنِهَا تُعْرَفُ بِهَا، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمَعْزَ. عَذَقَها يَعْذُقها عَذْقاً وأَعْذقها إِذا رَبَطَ فِي صُوفِهَا صُوفَةً تُخَالِفُ لَوْنَهَا يَعْرِفُهَا بِهَا. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ اعْتذَق فُلَانٌ بَكرة مِنْ إِبله إِذا أَعلم عَلَيْهَا لقبضها، وَالْعَلَامَةُ عَذْقة، بِالْفَتْحِ. وعَذَقَ الرجلَ بشرٍّ يَعْذِقُه عَذْقاً. وَسَمه بِالْقَبِيحِ وَرَمَاهُ بِهِ حَتَّى عُرف بِهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ كأَنه جَعَلَهُ لَهُ عَلَامَةً. والعَذْق: إِبداء الرَّجُلِ إِذا أَتى أَهله. وَيُقَالُ: فِي بَنِي فُلَانٍ عِذْقٌ كَهْلٌ أَي عِزّ قَدْ بَلَغَ غَايَتَهُ، وأَصله الكِباسة إِذا أَينعت، ضُرِبَتْ مَثَلًا للعِزّ الْقَدِيمِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَفِي غَطَفانَ عِذْقُ عِزّ مُمَنَّعُ،
…
عَلَى رَغْم أَقوامٍ منَ النَّاسِ، يانِعُ
فَقَوْلُهُ عِذْقٌ يانعٌ كَقَوْلِكَ عِزّ كَهْل وعِذْق كَهْل. والعِذْقُ: مَوْضِعٌ. وخَبْراء العِذَقِ: مَعْرُوفَةٌ بِنَاحِيَةِ الصَّمَّان. قَالَ الأَزهري: وَمِمَّا اعْتُقِبَ فِيهِ الْقَافُ وَالْبَاءُ انْزَرَبَ فِي بَيْتِهِ وانْزَرق، وابْتَشَرْت الشَّيْءَ واقْتَشَرْته. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَقُومُ بأُمور النَّخْلِ وتَأْبِيره وَتَسْوِيَةِ عُذُوقه وَتَذْلِيلِهَا للقِطاف عاذِقٌ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
تَنْجو، ويَقْطُر ذِفْراها عَلَى عُنُقٍ،
…
كالجِذْعِ شَذَّب عَنْهُ عاذِقٌ سَعَفَا
وَفِي الصِّحَاحِ: عَذَّقَ عَنْهُ عاذِقٌ سَعَفًا. وعَذَقْت النَّخْلَةَ: قَطَعْتُ سعَفَها، وعَذَّقَت، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: اعْتَذَقَ الرجلُ واعْتَذَب إِذا أَسبْل لِعِمَامَتِهِ عَذَبَتَيْن مِنْ خَلْفٍ، وَقَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُولُ كذبت عَذَّاقَتُه وعَذَّابَتُه، وَهِيَ اسْتُهُ. وامرأَة عَقْذَانةٌ «5» وشَقْذانةٌ وعَذْقانة أَي بَذِيَّة سَلِيطَةٌ، وَكَذَلِكَ امرأَة سَلَطَانَةٌ وسَلَتانة. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ عَذِقٌ بِالْقُلُوبِ ولَبِقٌ وطِيب عَذِقٌ أَي ذَكِيُّ الريح.
عذلق: الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الْحَادِّ الرأْس الْخَفِيفِ الرُّوحِ: عُسْلوج وعُذْلوق وغَيْدان وغَيْذان وشَمَيْذَر.
(5). قوله [وامرأة عقذانة إلخ] تقدم في مادة عقذ وشتقذ نقل هذه العبارة بعينها وفيها عدوانة بدل عذقانة وهو تحريف والصواب ما هنا.
عرق: العَرَق: مَا جَرَى مِنْ أُصول الشَّعْرِ مِنْ مَاءِ الْجَلْدِ، اسْمُ لِلْجِنْسِ لَا يَجْمَعُ، هُوَ فِي الْحَيَوَانِ أَصل وَفِيمَا سِوَاهُ مُسْتَعَارٌ، عَرِق عَرَقاً. وَرَجُل عُرَقٌ: كَثِيرُ العَرَق. فأَما فُعَلَةٌ فَبِنَاءٌ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ فِعْلٍ ثُلَاثِيٍّ كهُزَأَة، وربما غُلِّظ بِمِثْلِ هَذَا وَلَمْ يُشْعَر بِمَكَانِ اطِّرَادِهِ فَذُكِرَ كَمَا يُذْكَرُ مَا يُطْرَدُ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: رَجُلٌ عُرَقٌ وعُرَقةٌ كَثِيرُ الْعَرَقِ، فَسَوَّى بَيْنَ عُرَقٍ وعُرَقةٍ، وعُرَقٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وعُرَقةٌ مُطَّرِدٌ كَمَا ذَكَرْنَا. وأَعْرَقْتُ الْفَرَسَ وعَرَّقْتُه: أَجريته لِيَعْرَقَ. وعَرِقَ الحائطُ عَرَقاً: نَدِيَ، وَكَذَلِكَ الأَرض الثَّرِيّة إِذا نَتَح فِيهَا النَّدَى حَتَّى يَلْتَقِيَ هُوَ وَالثَّرَى. وعَرَقُ الزجاجةِ: مَا نَتح بِهِ مِنَ الشَّرَابِ وَغَيْرِهِ مِمَّا فِيهَا. ولَبَنٌ عَرِقٌ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: فاسدُ الطَّعْمِ وَهُوَ الَّذِي يُحْقَن فِي السِّقَاءِ ويعلَّق عَلَى الْبَعِيرِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَنْبِ الْبَعِيرِ وِقَاءٌ، فيَعْرَقُ البعيرُ وَيَفْسُدُ طَعْمُهُ مِنْ عَرَقِه فَتَتَغَيَّرُ رَائِحَتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْخَبِيثُ الحمضُ، وَقَدْ عَرِق عَرَقاً. والعرَقُ: الثَّوَابُ. وعَرَق الخِلال: مَا يُرْشِحُ لَكَ الرَّجُلُ بِهِ أَي يُعْطِيكَ لِلْمَوَدَّةِ؛ قَالَ الحرث بْنُ زُهَيْرٍ الْعَبْسِيُّ يَصِفُ سَيْفًا:
سأَجْعَلُه مكانَ النُّونِ مِنِّي،
…
وَمَا أُعْطِيتُه عَرَقَ الخِلالِ
أَي لَمْ يَعْرَق لِي بِهَذَا السَّيْفِ عَنْ مَوَدَّةٍ إِنما أَخذته مِنْهُ غَصْبًا، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الثَّوَابِ شُبِّهَ بالعرقِ. قَالَ شَمِرٌ: العرَقُ النَّفْعُ وَالثَّوَابُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: اتَّخَذْتُ عِنْدَهُ يَدًا بَيْضَاءَ وأُخرى خَضْرَاءَ فَمَا نِلْتُ مِنْهُ عَرَقاً أَي ثَوَابًا، وأَنشد بيت الحرث بْنِ زُهَيْرٍ وَقَالَ: مَعْنَاهُ لَمْ أُعْطَه للمُخالّة وَالْمَوَدَّةِ كَمَا يُعْطي الخليلُ خليلَه، وَلَكِنِّي أَخذته قَسْراً، وَالنُّونُ اسْمُ سَيْفِ مَالِكِ بْنِ زُهَيْرٍ، وَكَانَ حَمَلُ بْنُ بَدْرٍ أَخذه مِنْ مَالِكٍ يَوْمَ قتَلَه، وأَخذه الحرث مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرٍ يَوْمَ قَتَلَهُ، وَظَاهِرُ بَيْتِ الحرث يَقْضِي بأَنه أَخذ مِنْ مَالِكٍ «1» . سَيْفًا غَيْرَ النُّونِ، بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: سأَجعله مَكَانَ النُّونِ أَي سأَجعل هَذَا السَّيْفَ الَّذِي اسْتَفَدْتُهُ مَكَانَ النُّونِ؛ وَالصَّحِيحُ فِي إِنشاده:
ويُخْبِرُهم مَكَانَ النُّونِ مِنِّي
لأَن قَبْلَهُ:
سيُخْبِرُ قومَه حَنَشُ بْنُ عَمْرٍو،
…
إِذا لاقاهُمُ، وابْنا بِلال
والعَرقُ فِي الْبَيْتِ: بِمَعْنَى الْجَزَاءِ: ومَعارِقُ الرَّمْلِ: أَلعْاطُه وآباطُه عَلَى التَّشْبِيهِ بمَعارِق الْحَيَوَانِ. والعرَق: اللَبنُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه عَرَقٌ يتحلَّب فِي الْعُرُوقِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلى الضَّرْعِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تغدُو وقد ضَمِنَتْ ضَرَّاتها عَرَقاً،
…
منْ ناصعِ اللونِ حُلْوِ الطَّعْمِ مجهودِ
وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ غُرَقاً جَمْعُ غُرْقة، وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ وَالشَّرَابِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ خَاصَّةً؛ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: تُصْبح وَقَدْ ضَمِنَتْ، وَذَلِكَ أَن قَبْلَهُ:
إِن تُمْسِ فِي عُرْفُطٍ صُلْعٍ جَماجِمُه،
…
مِنَ الأَسالِق، عارِي الشَّوْكِ مَجْرودِ
تُصْبِحُ وَقَدْ ضَمِنَتْ ضَرَّاتها عَرَقاً،
فَهَذَا شَرْطٌ وَجَزَاءٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: تُضْحِ وَقَدْ ضَمِنَتْ، عَلَى احْتِمَالِ الطَّيِّ. وعَرِقَ السقاءُ عَرَقاً: نُتِحْ مِنْهُ اللَّبَنُ. وَيُقَالُ: إِنَّ بِغَنَمِكَ لعِرْقاً مِنْ لَبَنٍ، قَلِيلًا كَانَ أَو كَثِيرًا؛ ويقال:
(1). قوله [من مالك إلخ] كذا بالأَصل ولعله من حمل
عَرَقاً مِنْ لَبَنٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَمَا أَكثر عَرَق إِبلك وَغَنَمِكَ أَي لبَنها وَنِتَاجُهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَلا لَا تُغالوا صُدُقَ النِّسَاءِ فإِن الرِّجَالَ تُغالي بِصَدَاقِهَا حَتَّى تَقُولَ جَشِمْت إِليك عَرَق الْقِرْبَةِ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: عَرَقُ القِرْبة أَن يَقُولَ نَصِبْت لَك وَتَكَلَّفْتُ وَتَعِبْتُ حَتَّى عَرِقْت كعَرَقِ القِرْبة، وعَرَقُها سَيَلانُ مَائِهَا؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تَكَلَّفْتُ إِليك مَا لَا يَبْلُغُهُ أَحد حَتَّى تجشَّمْت مَا لَا يَكُونُ لأَن الْقِرْبَةَ لَا تَعْرَق، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: حَتَّى يَشيبَ الغُرابُ ويَبيضَ الفأْر، وَقِيلَ: أَراد بعَرقِ الْقِرْبَةِ عَرَقَ حامِلها مِنْ ثِقَلها، وَقِيلَ: أَراد إِني قَصَدْتُكَ وَسَافَرْتُ إِليك وَاحْتَجْتُ إِلى عَرَق الْقِرْبَةِ وَهُوَ مَاؤُهَا؛ قَالَ الأَصمعي: عَرق الْقِرْبَةِ مَعْنَاهُ الشِّدَّةِ وَلَا أَدري مَا أَصله؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ:
لَيْستْ بمَشْتَمةٍ تُعَدُّ، عَفْوُها
…
عَرق السِّقاء عَلَى القَعود اللَّاغِبِ
قَالَ: أَراد أَنه يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ تَغِيظه وَلَيْسَتْ بِمَشْتَمَةٍ فيُؤاخِذ بِهَا صاحَبها وَقَدْ أُبْلِغتْ إِليه كعَرَق السِّقَاءِ عَلَى القَعُود اللَّاغِبِ، وأَراد بِالسِّقَاءِ الْقِرْبَةَ، وَقِيلَ: لَقِيت مِنْهُ عَرَقَ الْقِرْبَةِ أَي شدَّة وَمَشَقَّةً، وَمَعْنَاهُ أَن الْقِرْبَةَ إِذا عَرِقت وَهِيَ مَدْهُونَةٌ خبُث رِيحُهَا، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر: لَيْسَتْ بِمَشْتَمَةٍ، وَقَالَ: أَراد عَرَقَ الْقِرْبَةِ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الشِّعْرُ كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ:
كالكَرْم إِذْ نادَى منَ الكافورِ
وإِنما يُقَالُ: صاحَ الكرمُ إِذا نوَّر، فكَرِه احْتِمَالَ الطَّيِّ لأَن قوله صاح من المفتعلن فَقَالَ نَادَى، فأَتمَّ الْجُزْءَ عَلَى مَوْضُوعِهِ فِي بَحْرِهِ لأَن نادى من المستفعلن، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَشِمْت إِليك النصَبَ وَالتَّعَبَ والغُرْمَ وَالْمُؤْونَةَ حَتَّى جَشِمْت إِليك عَرَقَ الْقِرْبَةِ أَي عِراقها الَّذِي يُخْرَزُ حَوْلَهَا، وَمَنْ قَالَ عَلَقَ الْقِرْبَةِ أَراد السُّيُورَ الَّتِي تعلَّق بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَلِفْت إِليك عَرَقَ الْقِرْبَةِ وعَلَق الْقِرْبَةِ، فأَما عَرَقُها فعَرَقُك بِهَا عَنْ جَهْد حَمْلِها وَذَلِكَ لأَن أَشدّ الأَعمال عِنْدَهُمُ السَّقْيُ، وأَما عَلَقُهَا فَمَا شُدَّت بِهِ ثُمَّ عُلِّقت؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَرَقُ الْقِرْبَةِ وعَلَقُها وَاحِدٌ، وَهُوَ مِعْلاق تُحْمَلُ بِهِ الْقِرْبَةُ، وأَبدلوا الرَّاءَ مِنَ اللَّامِ كَمَا قَالُوا لعَمْري ورَعَمْلي. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَقيت مِنْ فُلَانٍ عَرَق الْقِرْبَةِ؛ العَرَقُ إِنما هُوَ لِلرَّجُلِ لَا لِلْقِرْبَةِ، وأَصله أَن القِرَبَ إِنما تْحمِلها الإِماءُ الزَّوَافِرُ ومَنْ لَا مُعِين لَهُ، وَرُبَّمَا افْتَقَرَ الرَّجُلُ الْكَرِيمُ وَاحْتَاجَ إِلى حَمْلِهَا بِنَفْسِهِ فيَعْرَقُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْحَيَاءِ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: تجشَّمْت لَكَ عَرَقَ الْقِرْبَةِ. وعَرَقُ التَّمْرِ: دِبْسه. وَنَاقَةٌ دَائِمَةُ العَرَقِ أَي الدِّرَّة، وَقِيلَ: دَائِمَةُ اللَّبَنِ. وَفِي غَنَمِهِ عَرَقٌ أَي نِتاج كَثِيرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعِرْق كُلِّ شَيْءٍ: أَصله، وَالْجَمْعُ أَعْراق وعُروق، وَرَجُلٌ مُعْرِقٌ فِي الْحَسَبِ وَالْكَرَمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ قُتَيْلة بِنْتُ النَّضْرِ بْنِ الحرث:
أَمُحَمَّدٌ ولأَنْت ضَنْءُ نَجيبةٍ
…
فِي قَوْمها، والفَحْلُ فحلٌ مُعْرِق
أَي عَرِيقُ النَّسَبِ أَصيل، وَيُسْتَعْمَلُ فِي اللُّؤْمِ أَيضاً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا لَمُعْرَق لَهُ فِي الْكَرَمِ، وَفِي اللُّؤْمِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الِعَزِيزِ: إِنَّ امْرَأً لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَ أَبٌ حيٌّ لَمُعْرَق لَهُ فِي الْمَوْتِ
أَي إِن لَهُ فِيهِ عِرْقاً وإِنه أَصيل فِي الْمَوْتِ. وَقَدْ عَرَّقَ فِيهِ أَعمامُه وأَخواله وأَعْرقوا، وأَعْرق فِيهِ إِعْراق الْعَبِيدِ والإِماء إِذا خَالَطَهُ ذَلِكَ وتخلَّق بأَخلاقهم.
وعَرَّق فِيهِ اللئامُ وأَعْرَقوا، وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ إِنه لَمعْروقٌ لَهُ فِي الْكَرَمِ، عَلَى تَوَهُّمِ حَذْفِ الزَّائِدِ، وتَداركه أعْراقُ خَيْرٍ وأَعْراق شَرٍّ؛ قَالَ:
جَرى طَلَقاً، حَتَّى إِذا قِيلَ سابقٌ،
…
تَدارَكَه أَعْراقُ سَوْءِ فبَلَّدا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَعْرَق الرَّجُلُ أَي صَارَ عَريقاً، وَهُوَ الَّذِي لَهُ عُروق فِي الْكَرَمِ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْكَرَمِ وَاللُّؤْمِ جَمِيعًا. وَرَجُلٌ عَريق: كَرِيمٌ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَعْرَقَ. يُقَالُ: أَعْرَق الفرس كِذا صَارَ عَريقاً كَرِيمًا. والعَريق مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَهُ عِرْقٌ فِي الْكَرَمِ. ابْنُ الأَعرابي: العُرُقُ أَهل الشَّرَفِ، واحدُهم عَريق وعَرُوق، والعُرُقُ أَهل السَّلَامَةِ فِي الدِّينِ. وَغُلَامٌ عَريقٌ: نَحِيفُ الْجِسْمِ خَفِيفُ الرُّوحِ. وعُرُوقُ كلِّ شَيْءٍ: أَطْنَاب تَشَعَّبُ مِنْهُ، وَاحِدُهَا عِرْق. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن ماءَ الرَّجُلِ يَجْرِي مِنَ المرأَة إِذا وَاقَعَهَا فِي كُلِّ عِرْقٍ وعَصَبٍ
؛ العِرْق مِنَ الْحَيَوَانِ: الأَجْوَف الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الدَّمُ، والعَصَبُ غَيْرُ الأَجْوَف. والعُرُوقُ: عُروقُ الشَّجَرِ، الْوَاحِدُ عِرْق. وأَعْرَقَ الشجرُ وعَرَّقَ وتَعَرَّقَ: امتدَّتْ عُروقه فِي الأَرض. وَفِي الْمُحْكَمِ: امتدَّت عُروقه بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ. والعَرْقاة والعِرْقاة: الأَصل الَّذِي يَذْهَبُ فِي الأَرض سُفْلًا وتَشَعَّبُ مِنْهُ العُروقُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعْرِقَةٌ وعِرْقَات، فَجَمَعَ بِالتَّاءِ. وعِرْقاةُ كُلِّ شَيْءٍ وعَرْقاته: أَصله وَمَا يَقُومُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ: استأْصل اللَّهُ عَرْقاتَهُ، يَنْصِبُونَ التَّاءَ لأَنهم يَجْعَلُونَهَا وَاحِدَةً مُؤَنَّثَةً. قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: استأْصل اللَّهُ عِرْقاتِهم وعِرْقاتَهُمْ أَي شأْفَتهم، فعِرْقاتِهم. بِالْكَسْرِ، جَمْعُ عِرْق كأَنه عِرْقٌ وعِرْقات كعِرْسٍ وعِرْسات لأَن عِرْساً أُنثى فَيَكُونُ هَذَا مِنَ الْمُذَكَّرِ الَّذِي جُمِعَ بالأَلف وَالتَّاءِ كسِجِلّ وسِجِلَّاتٍ وحَمّام وحَمّاماتٍ، وَمَنْ قَالَ عِرْقاتَهم أَجْراه مَجْرَى سِعْلاة، وَقَدْ يَكُونُ عِرْقاتَهُم جَمْعَ عِرْق وعِرْقة كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: رأَيت بناتَك، شَبَّهُوهَا بِهَاءِ التأْنيث الَّتِي فِي قَناتِهِم وفَتاتِهم لأَنها للتأْنيث كَمَا أَن هَذِهِ لَهُ، وَالَّذِي سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ عِرْقاتِهِم، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: العِرْقاةُ مِنَ الشَّجَرِ أُرُومُهُ الأَوسط وَمِنْهُ تَتَشَعَّب العُروق وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ فِعْلاةٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَنْ كَسَرَ التَّاءَ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ وَجَعَلَهَا جَمْعَ عِرْقَةٍ فَقَدْ أَخطأَ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَل أَبو عَمْرٍو أَبا خَيْرَةَ عَنْ قَوْلِهِمُ استأْصل اللَّهُ عِرْقاتِهم فَنَصَبَ أَبو خَيْرَةَ التَّاءَ مِنْ عِرْقاتِهم، فَقَالَ لَهُ أَبو عَمْرٍو: هَيْهات أَبا خَيْرَةَ لانَ جِلْدُك وَذَلِكَ أَن أَبا عَمْرٍو اسْتَضْعَفَ النَّصْبَ بعد ما كَانَ سَمِعَها مِنْهُ بِالْجَرِّ، قَالَ: ثُمَّ رَوَاهَا أَبو عَمْرٍو فِيمَا بَعْدُ بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ، فإِما أَن يَكُونَ سَمِعَ النَّصْبَ مِنْ غَيْرِ أَبي خَيْرَةَ مِمَّنْ تُرْضى عَرَبِيَّتُهُ، وإِما أَن يَكُونَ قَوِيَ فِي نَفْسِهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبي خَيْرَةَ بِالنَّصْبِ، وَيَجُوزُ أَيضاً أَن يَكُونَ أَقام الضَّعْفَ فِي نَفْسِهِ فَحَكَى النصبَ عَلَى اعْتِقَادِهِ ضَعْفَهُ، قَالَ: وَذَلِكَ لأَن الأَعرابي يَنْطِقُ بِالْكَلِمَةِ يَعْتَقِدُ أَن غَيْرَهَا أَقوى في نفسه، أَلا تَرَى أَن
أَبا الْعَبَّاسِ حَكَى عَنْ عُمَارة أَنه كَانَ يقرأُ وَلَا الليلُ سابقٌ النهارَ؟ فَقَالَ لَهُ: مَا أَرَدْتَ؟ فَقَالَ: أَردتُ سابقُ النهارِ، فَقَالَ لَهُ: فَهَلَّا قُلْتَه؟ فَقَالَ: لَوْ قُلْتُه لَكَانَ أَوْزَنَ
أَي أَقوى. والعِرْقُ: نَبَاتٌ أَصفر يُصْبَغُ بِهِ، وَالْجَمْعُ عُروقٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ الأَزهري: والعُروقُ عُروقُ نباتٍ تَكُونُ صُفْراً يُصْبَغُ بِهَا، وَمِنْهَا عُروق حُمْرٌ يُصْبَغُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: أَنه كَرِهَ العُروقَ للمُحْرم
؛ العُروقُ نَبَاتٌ أَصفر طَيِّبُ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ يُعْمَلُ فِي الطَّعَامِ، وَقِيلَ:
هُوَ جَمْعٌ وَاحِدُهُ عِرْقٌ. وعُروقُ الأَرضِ: شَحْمَتُهَا، وعُروقَها أَيضاً: مَناتِح ثَراها. وَفِي حديث
عِكْرَاش ابن ذُؤَيْبٍ: أَنه قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، بإِبلٍ مِنْ صَدَقَاتِ قَوْمِهِ كأَنه عُروقُ الأَرْطى
؛ الأَرطى: شَجَرٌ مَعْرُوفٌ وَاحِدَتُهُ أَرْطاةٌ. قَالَ الأَزهري: عُروقُ الأَرطى طِوال حُمْرٌ ذَاهِبَةٌ فِي ثَرَى الرِّمَالِ الْمَمْطُورَةِ فِي الشِّتَاءِ، تَرَاهَا إِذا انْتُثِرَتْ واستُخْرِجَت من الثّرَى حُمْراً ريَّانةً مكتَنِزةً تَرِفُّ يَقطُر مِنْهَا الماءُ، فشبَّهَ الإِبل فِي حُمْرةِ أَلوانها وسِمَنها وَحُسْنِهَا وَاكْتِنَازِ لُحُومِهَا وَشُحُومِهَا بعُرُوقِ الأَرْطى، وعُرُوق الأَرْطى يَقْطُرُ مِنْهَا الْمَاءُ لانْسِرابها فِي رِيِّ الثَّرَى الَّذِي انْسابَتْ فِيهِ، والظباءُ وبقرُ الْوَحْشِ تجيءُ إِليها فِي حَمْراءِ القَيْظِ فَتَسْتَثِيرُهَا مِنْ مَسَاربها وتَتَرَشَّفُ مَاءَهَا فتَجْزأُ بِهِ عَنْ وِرْدِ الماءِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا يَحْفِرُ أَصل أَرْطاةٍ لِيَكْنِسَ فِيهِ مِنَ الحرِّ:
تَوَخَّاهُ بالأَظْلافِ، حَتَّى كأَنَّما
…
يُثِير الكُبابَ الجَعْد عَنْ مَتْنِ محْمَلِ
وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
إِلى عِرْقِ الثَّرَى وشَجَتْ عُرُوقي
قِيلَ: يعني بِعرْقِ الثَّرَى إِسمعيلَ بْنُ إِبراهيم، عليهما السلام. وَيُقَالُ: فِيهِ عِرْقٌ مِنْ حُموضةٍ ومُلوحةٍ أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ. والعِرْقُ: الأَرض المِلْح الَّتِي لَا تُنْبِتُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العِرْقُ سَبَخَةٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ. واسْتَعْرَقَتْ إِبِلكُم: أَتت ذَلِكَ الْمَكَانَ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: اسْتَعَرقت الإِبل إِذا رَعَتْ قُرْب الْبَحْرِ. وَكُلُّ مَا اتَّصَلَ بِالْبَحْرِ مِنْ مَرْعًى فَهُوَ عِراقٌ. وإِبل عِراقيَّة: مَنْسُوبَةٌ إِلى العِرْقِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. والعِراقُ: بَقَايَا الحَمْض. وإِبل عِراقيَّةٌ: تَرْعَى بَقَايَا الْحَمْضِ. وَفِيهِ عِرْقٌ مِنْ ماءٍ أَي قَلِيلٌ. والمُعْرَقُ مِنَ الْخَمْرِ: الَّذِي يُمْزَجُ قَلِيلًا مثلَ العِرْقِ كأَنه جُعل فِيهِ عِرْقٌ مِنَ الْمَاءِ؛ قَالَ البُرْجُ بْنُ مُسْهِرٍ:
ونَدْمانٍ يَزيدُ الكَأْسَ طِيباً
…
سَقَيْتُ، إِذا تَغَوَّرَتِ النجومُ
رفَعْتُ برأْسِه وكشفتُ عَنْهُ،
…
بمُعْرَقة، ملامةَ مَنْ يَلومُ
ابْنُ الأَعرابي: أَعْرَقْتُ الكأْسَ وعَرَّقْتُها إِذا أَقللت مَاءَهَا؛ وأَنشد لِلقُطَامِيِّ:
ومُصَرَّعينَ مِنَ الكَلالِ، كأَنَّما
…
شَرِبوا الغَبُوقَ مِنَ الطِّلاءِ المُعْرَق
وعَرَّقْتُ فِي السِّقاء وَالدَّلْوِ وأَعْرَقْتُ: جَعَلْتُ فِيهِمَا مَاءً قَلِيلًا؛ قَالَ:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وعَرِّقْ فِيهَا،
…
أَلا تَرَى حَبَارَ مَنْ يَسْقِيها؟
حَبَار: اسْمُ نَاقَتِهِ، وَقِيلَ: الحَبَار هُنَا الأَثَر، وَقِيلَ: الحَبَار هَيْئَةُ الرَّجُلِ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعُرَاقَةُ: النُّطْفة مِنَ الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ عُرَاق وَهِيَ العَرْقَاة. وَعَمِلَ رَجُلٌ عَمَلًا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصحابه: عرَّقْت فَبرَّقْتَ؛ فَمَعْنَى بَرَّقْت لوَّحْت بِشَيْءٍ لَا مصْداق لَهُ، وَمَعْنَى عَرَّقْت قلَّلت، وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: عَرَّقْت الكأْسَ مَزَجْتُهَا فَلَمْ يعيِّن بقلَّة مَاءٍ وَلَا كَثْرَةٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَعْرَقْتُ الكأْسَ ملأْتها. قَالَ: وَقَالَ أَبو صَفْوَانَ الإِعْراقُ والتَّعْرِيقُ دُونَ المَلْءِ؛ وَبِهِ فسَّر قَوْلَهُ:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وعَرِّق فِيهَا
وَفِي النَّوَادِرِ: تَرَكْتُ الْحَقَّ مُعْرقاً وصادِحاً وسانِحاً أَي لائِحاً بيِّناً. وإِنه لَخَبِيثُ العَرْق أَي الْجَسَدِ، وَكَذَلِكَ السِّقاء. وَفِي حَدِيثِ إِحيْاء المَواتِ:
مَن أَحْياء أَرضاً مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْق ظَالِمٍ حقٌ
؛ العِرْقُ الظَّالِمُ: هُوَ أَن يَجِيءَ الرَّجُلُ إِلى أَرض قَدْ أَحياها رَجُلٌ قَبْلَهُ فَيَغْرِسَ فِيهَا غَرْسًا غَصْبًا أَو يَزْرَعَ أَو يُحْدِثَ فِيهَا شَيْئًا لِيَسْتَوْجِبَ بِهِ الأَرضَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالرِّوَايَةُ لعِرْقٍ، بِالتَّنْوِينِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَي لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ، فجعَلَ العِرْقَ نَفْسَهُ ظَالِمًا والحَقَّ لِصَاحِبِهِ، أَو يَكُونُ الظَّالِمُ مِنْ صِفَةِ صَاحِبِ الْعِرْقِ، وإِن رُوِيَ عِرْق بالإِضافة فَيَكُونُ الظالمُ صاحبَ العِرْق والحقُّ للعِرْقِ، وَهُوَ أَحد عُروق الشَّجَرَةِ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: هَذِهِ عِبَارَةُ اللُّغَوِيِّينَ وإِنما العِرْقُ المَغْروسُ أَو المَوْضع المَغْروس فِيهِ. وَمَا هُوَ عِنْدِي بعِرْقِ مَضِنَّة أَي مَا لَه قَدْر، وَالْمَعْرُوفُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ، وأَرى عِرْقَ مَضِنَّةٍ إِنما يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَحْدِ وَحْدَهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ عِرْقُ مَضِنَّةٍ وعِلْقُ مَضِنَّةٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، سُمِّيَ عِلْقاً لأَنه عَلِقَ بِهِ لحبِّه إِياه، يُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَا أَحبه. والعُرَاقُ: الْمَطَرُ الْغَزِيرُ: والعُراقُ: الْعَظْمُ بِغَيْرِ لَحْمٍ، فإِن كَانَ عَلَيْهِ لَحَمٌ فَهُوَ عَرْق؛ قَالَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو زَيْدٍ فِي العُرَاقِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:
حَمْراءُ تَبْرِي اللحمَ عَنْ عُرَاقِها
أَي تَبْرِي اللَّحْمَ عَنِ الْعَظْمِ. وَقِيلَ: العَرْقُ الَّذِي قَدْ أُخِذَ أَكثر لَحْمِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، دَخَلَ عَلَى أُم سَلَمة وَتَنَاوَلَ عَرْقاً ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يتوضأْ.
وروي عن
أُم إِسحق الْغَنَوِيَّةِ: أَنها دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي بَيْتِ حَفْصة وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَرِيدةٌ، قَالَتْ فَنَاوَلَنِي عَرْقاً
؛ العَرْقُ، بِالسُّكُونِ: الْعَظْمُ إِذا أُخذ عَنْهُ مُعْظَمُ اللَّحْمِ وهَبْرُهُ وَبَقِيَ عَلَيْهَا لُحُومٌ رَقِيقَةٌ طَيِّبَةٌ فَتُكْسَرُ وَتُطْبَخُ وتؤْخذ إِهالَتُها مِنْ طُفاحتها، وَيُؤْكَلُ مَا عَلَى الْعِظَامِ مِنْ لَحْمٍ دَقِيقٍ وتُتَمَشَّش العظامُ، ولحمُها مِنْ أَطيب اللُّحْمانِ عِنْدَهُمْ؛ وَجَمْعُهُ عُرَاقٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ جَمْعٌ نَادِرٌ. يُقَالُ: عَرَقْتُ العظمَ وتَعَرَّقْتُه إِذا أَخذتَ اللَّحْمَ عَنْهُ بأَسنانك نَهْشاً. وَعَظْمٌ مَعْروقٌ إِذَا أُلقي عَنْهُ لَحْمُهُ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ يُخَاطِبُ امرأَته:
وَلَا تُهْدِي الأَمَرَّ وَمَا يَليهِ،
…
وَلَا تُهْدِنَّ مَعْروقَ العِظامِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَرْقُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ عَرَقْتُ الْعَظْمَ أَعْرُقُه، بِالضَّمِّ، عَرْقاً ومَعْرقاً؛ وَقَالَ:
أَكُفُّ لِسَانِي عَنْ صَديقي، فإِن أُجَأْ
…
إِليه، فإِنِّي عارقٌ كلَّ مَعْرَقِ
والعَرْق: الفِدْرة مِنَ اللَّحْمِ، وَجَمْعُهَا عُرَاقٌ، وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَمْ يَجِئْ شَيْءٌ مِنَ الْجَمْعِ عَلَى فُعالٍ إِلا أَحرف مِنْهَا: تُؤَامٌ جَمْعُ تَوْأَمٍ، وَشَاةٌ رُبَّى وَغَنَمٌ رُبابٌ، وظِئْرٌ وظُؤَارٌ، وعَرْقٌ وعُرَاقٌ، ورِخْلٌ ورُخالٌ، وفَريرٌ وفُرارٌ، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ ذَكَرَ سِتَّةَ أَحرف أُخَر: وَهِيَ رُذَال جَمْعُ رَذْل، ونُذَال جَمْعُ نَذْلٍ، وبُسَاط جَمْعُ بُسْط لِلنَّاقَةِ تُخَلَّى مَعَ وَلَدِهَا لَا تُمْنَعُ مِنْهُ، وثُنَاء جَمْعُ ثِنْيٍ لِلشَّاةِ تَلِدُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وظُهار جَمْعُ ظَهْرٍ لِلرِّيشِ عَلَى السَّهْمِ، وبُرَاءٌ جَمْعُ بَرِيءٍ، فَصَارَتِ الْجُمْلَةُ اثْنَيْ عَشَرَ حَرْفًا. والعُرامُ: مِثْلُ العُراقِ، قَالَ: والعِظام إِذا لَمْ يَكُنْ
عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ اللَّحْمِ تُسَمَّى عُرَاقاً، وإِذا جُرِّدَتْ مِنَ اللَّحْمِ «2» تُسَمَّى عُراقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ وَجَدَ أَحدُهم عَرْقاً سَمِينًا أَو مَرْمَاتَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ الأَطعمة:
فَصَارَتْ عَرْقَهُ
، يَعْنِي أَن أَضلاع السِّلْق قَامَتْ فِي الطَّبِيخِ مَقَامَ قِطَعِ اللَّحْمِ؛ هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخرى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ، يُرِيدُ المَرَق مِنَ الغَرْفِ. أَبو زَيْدٍ: وَقَوْلُ النَّاسِ ثَريدةٌ كَثِيرَةُ العُرَاقِ خطأٌ لأَن العُراقَ الْعِظَامُ، وَلَكِنْ يُقَالُ ثَرِيدَةٌ كَثِيرَةُ الوَذَرِ؛ وأَنشد:
وَلَا تُهْدِنَّ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ
قَالَ: ومَعْروق الْعِظَامِ مِثْلُ العُراق، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي جَمْعِهِ عِراقٌ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ أَقيس؛ وأَنشد:
يَبِيت ضَيْفي فِي عِراقٍ مُلْسِ،
…
وَفِي شَمولٍ عُرِّضَتْ للنَّحْسِ
أَي مُلْسٍ مِنَ الشَّحْمِ، والنَّحْسُ: الرِّيحُ الَّتِي فِيهَا غَبَرةٌ. وعَرَقَ العظمَ يَعْرُقُه عَرْقاً وتَعَرَّقَه واعْتَرَقَه: أَكل مَا عَلَيْهِ. والمِعْرَقُ: حَدِيدَةٌ يُبْرَى بِهَا العُرَاق مِنَ الْعِظَامِ. يُقَالُ: عَرَقْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ بِمعْرَقٍ أَي بشَفْرة، وَاسْتَعَارَ بَعْضُهُمُ التَّعَرُّقَ فِي غَيْرِ الْجَوَاهِرِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ إِبل وَرَكْبٍ:
يَتَعرَّقون خِلالَهُنَّ، ويَنْثَني
…
مِنْهَا وَمِنْهُمْ مُقْطَعٌ وجَرِيحُ
أَي يَسْتَدِيمُونَ حَتَّى لَا تَبْقَى قُوَّةٌ وَلَا صَبْرٌ فَذَلِكَ خِلالهن، وَيَنْثَنِي أَي يَسْقُطُ مِنْهَا وَمِنْهُمْ أَي مِنْ هَذِهِ الإِبل. وأَعْرَقَه عَرْقاً: أَعطاه إِياه؛ وَرَجُلٌ مَعْروقٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: مَعْروقُ الْعِظَامِ، ومُعْتَرَقٌ ومُعَرَّقٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَكَذَلِكَ الْخَدُّ. وَفَرَسٌ مَعْروقٌ ومُعْتَرقٌ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَى قَصَبِهِ لَحْمٌ، وَيُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَرَسِ أَن يَكُونَ مَعْروقَ الْخَدَّيْنِ؛ قَالَ:
قَدْ أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعْواءَ، تَحْمِلُني
…
جَرْداءُ مَعْروقةُ اللَّحْيَينِ سُرْحوبُ
وَيُرْوَى: مَعْروقةُ الْجَنْبَيْنِ، وإِذا عَرِيَ لَحْياها مِنَ اللَّحْمِ فَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ عِتْقها. وَفَرَسٌ مُعَرَّق إِذا كَانَ مُضَمَّراً يُقَالُ: عَرِّقْ فَرَسَكَ تَعْريقاً أَي أَجْرِهِ حَتَّى يَعْرَقَ ويَضْمُر وَيَذْهَبَ رَهَلُ لَحْمِهِ. والعَوارِقُ: الأَضراس، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والعَوارِقُ: السُّنُونَ لأَنها تَعْرُق الإِنسان، وَقَدْ عرَقَتْه تَعْرُقه وتَعَرَّقَته؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
إِذا بَعْضُ السِّنينَ تَعَرَّقَتْنا،
…
كَفَى الأَيْتامَ فَقْدُ أَبي اليَتيمِ
أَنث لأَن بَعْضَ السِّنِينَ سُنُونَ كَمَا قَالُوا ذَهَبَتْ بَعْضُ أَصابعه، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وعَرَقَتْه الخُطوب تَعْرُقه: أَخذت مِنْهُ؛ قَالَ:
أَجارَتَنا، كلُّ امرئٍ سَتُصِيبُه
…
حَوادثُ إِلَّا تَبْتُرِ العظمَ تَعْرُقِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
أَيام أَعْرَقَ بِي عامُ المَعاصيمِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ ذَهَبَ بِلَحْمِي، وَقَوْلُهُ عَامُ الْمَعَاصِيمِ، قَالَ: مَعْنَاهُ بَلَغَ الْوَسَخُ إِلى مَعاصِمي وَهَذَا مِنَ الجَدْب، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا التَّفْسِيرُ، وَزَادَ الْيَاءَ فِي المَعاصِمِ ضَرُورَةً. والعَرَقُ: كل
(2). قوله [جردت من اللحم] يعني من معظمه.
مضفورٍ مُصْطفّ، وَاحِدَتُهُ عَرَقَةٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
نَغْدُو فنَتْرك فِي المَزاحِف مَنْ ثَوى،
…
ونُقِرُّ فِي العَرَقاتِ مَنْ لَمْ يُقْتَلِ
يَعْنِي نأْسِرهم فَنَشُدُّهُمْ فِي العَرَقاتِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُظَاهِرِ: أَنه أُتِيَ بعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ زَبِيلٌ مَنْسُوجٌ مِنْ نَسَائِجِ الخُوص. وَكُلُّ شَيْءٍ مضفورٍ فَهُوَ عَرَقٌ وعَرَقَة، بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا؛ قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَرَق وأَصحاب الْحَدِيثِ يُخَفِّفُونَهُ. والعَرَقُ: السَّفِيفةُ الْمَنْسُوجَةُ مِنَ الْخُوصِ قَبْلَ أَن تُجْعَلَ زَبِيلًا. والعَرَقُ والعَرَقةُ: الزَّبيل مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ يَصْطَفّ. والعَرَقُ: الطَّيْرُ إِذا صَفَّتْ فِي السَّمَاءِ، وَهِيَ عَرَقة أَيضاً. والعَرَقُ: السَّطْرُ مِنَ الخيلِ والطيرِ، الْوَاحِدُ مِنْهَا عَرَقة وَهُوَ الصَّفُّ؛ قَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ يَصِفُ الْخَيْلَ:
كأَنَّهُنَّ وَقَدْ صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ
…
سِيدٌ، تَمَطَّر جُنْحَ اللَّيْلِ، مَبْلولُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَرَقُ جَمْعُ عَرَقَةٍ وَهِيَ السَّطْرُ مِنَ الْخَيْلِ، وصَدَّرَ الفرسُ، فَهُوَ مُصَدِّر إِذا سَبَقَ الْخَيْلَ بصَدْره؛ قَالَ دُكَيْنٌ:
مُصَدِّر لَا وَسَط وَلَا تالْ
وصَدَّرْنَ: أَخرجن صُدُورهن مِنَ الصَّفِّ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: صُدِّرْنَ مِنْ عَرَقٍ أَي صَدَرْن بعد ما عَرِقْنَ، يَذْهَبُ إِلى العَرَق الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُنَّ إِذا أُجرين؛ يُقَالُ: فَرَسٌ مُصَدَّر إِذا كَانَ يَعْرَقُ صَدْرُه. ورفعتُ مِنَ الْحَائِطِ عَرَقاً أَو عَرَقَيْنِ أَي صَفًّا أَو صفَّين، وَالْجَمْعُ أَعْراقٌ. والعَرَقةُ: طُرَّةٌ تُنْسَجُ وَتُخَاطُ عَلَى طَرَفِ الشُّقَّة، وَقِيلَ: هِيَ طُرَّةٌ تُنْسَجُ عَلَى جَوَانِبِ الفُسْطاط. والعَرَقةُ: خُشَيْبَةٌ تُعَرَّضُ عَلَى الْحَائِطِ بَيْنَ اللَّبِنِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ الْخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ مُعْتَرِضة بَيْنَ سافَي الْحَائِطِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: أَنه رأَى فِي الْمَسْجِدِ عَرَقَةً فَقَالَ غَطُّوها عَنَّا
؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: أَظنها خَشَبَةً فِيهَا صُورَةٌ. والعَرَقةُ: آثَارُ اتِّبَاعِ الإِبل بَعْضَهَا بَعْضًا، وَالْجَمْعُ عَرَقٌ؛ قَالَ:
وَقَدْ نَسَجْنَ بالفَلاة عَرَقا
والعَرَقةُ: النِّسْعةُ. والعَرَقاتُ: النُّسوع. قَالَ الأَصمعي: العِراقُ الطِّبابَةُ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُغَطَّى بِهَا عُيون الخُرَزِ، وعِراقُ الْمَزَادَةِ: الخَرْز المَثْنِيّ فِي أَسفلها، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَى مُلْتَقَى طَرَفَيِ الْجِلْدِ إِذا خُرِزَ فِي أَسفل الْقِرْبَةِ، فإِذا سُوِّيَ ثُمَّ خُرِزَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَثْنِيّ فَهُوَ طِباب؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَ الْجِلْدُ أَسفل الإِداوَةِ مَثْنيّاً ثُمَّ خُرِزَ عَلَيْهِ فَهُوَ عِراقٌ، وَالْجَمْعُ عُرُق، وقبل عِراقُ الْقِرْبَةِ الخَرْز الَّذِي فِي وَسَطِهَا؛ قَالَ:
يَرْبوعُ ذَا القَنازِع الدِّقاقِ،
…
والوَدْع والأَحْوِية الأَخْلاقِ،
بِي بِيَ أَرْياقكَ مِنْ أَرياقِ
…
وَحَيْثُ خُصيْاكَ إِلى المَآقِ،
وعارِض كَجَانِبِ العِراقِ
هَذَا أَعرابي ذَكَرَهُ يُونُسُ أَنه رَآهُ يُرَقِّصُ ابْنَهُ وَسَمِعَهُ يُنْشِدُ هَذِهِ الأَبيات؛ قَوْلُهُ:
وَعَارِضٌ كَجَانِبِ العِراقِ
الْعَارِضُ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا والأَضراس، وَمِنْهُ قِيل للمرأَة مصقولٌ عوارضُها، وَقَوْلُهُ كَجَانِبِ العِراقِ، شبَّه أَسنانه فِي حُسْنِ نَبْتتها وَاصْطِفَافِهَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ بِعِراقِ الْمَزَادَةِ لأَن خَرْزَهُ مُتَسَرِّد مُسْتَوٍ؛
وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ وَذَكَرَ أُتُناً ورَدْنَ وحَسَسْنَ بِالصَّائِدِ فنفَرْن عَلَى تَتَابُعٍ وَاسْتِقَامَةٍ فَقَالَ:
فَلَمَّا رأَينَ الماءَ قَدْ حالَ دونَه
…
ذُعافٌ، عَلَى جَنْبِ الشَّرِيعةِ، كارِزُ
شَكَكْنَ، بأَحْساءَ، الذِّنابَ عَلَى هُدًى،
…
كَمَا شَكَّ فِي ثِنْي العِنانِ الخَوارزُ
وأَنشد أَبو عَلِيٍّ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى:
وشِعْب كَشَكِّ الثوبِ شكْسٍ طَريقُهُ،
…
مَدارجُ صُوحَيْهِ عِذاب مَخاصِرُ
عَنَى فَماً حَسَنَ نِبْتَة الأَضراس متناسقَها كَتَنَاسُقِ الْخِيَاطَةِ فِي الثَّوْبِ، لأَن الْخَائِطَ يَضَعُ إِبرة إِلى أُخرى شَكَّة فِي إِثْرِ شَكَّةٍ، وَقَوْلُهُ شَكْسٍ طريقُه عَنَى صِغَرَهُ، وَقِيلَ: لِصُعُوبَةِ مَرَامِهِ، وَلَمَّا جَعَلَهُ شِعْباً لِصِغَرِهِ جَعَلَ لَهُ صُوحَيْن وَهُمَا جَانِبَا الْوَادِي كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه عَنَى فَماً قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا:
تَعَسَّفْتُه باللَّيْل لَمْ يَهْدِني لَهُ
…
دليلٌ، وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ النَّعْتَ جابرُ
أَبو عَمْرٍو: العِراقُ تُقَارُبُ الخَرْز؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَمر، يُقَالُ: لأَمره عِراق إِذا اسْتَوَى، وَلَيْسَ لَهُ عِراقٌ، وعِراقُ السُّفْرة: خَرْزُها الْمُحِيطُ بِهَا. وعَرَقْت الْمَزَادَةَ وَالسُّفْرَةَ، فَهِيَ مَعْروقة: عَمِلْتُ لَهَا عِراقاً. وعِراقُ الظُّفْرِ: مَا أَحاط بِهِ مِنَ اللَّحْمِ. وعِراقُ الأُذن: كفافُها وعِراقُ الرَّكِيبِ: حَاشِيَتُهُ مِنْ أَدناه إِلى مُنْتَهَاهُ، والرَّكيبُ: النَّهْرُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ الْمَاءُ الْحَائِطَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَعْرِقَةٌ وعُرُق. والعِراقُ: شَاطِئُ الْمَاءِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ شَاطِئَ الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والعِراقُ: مِنْ بِلَادِ فَارِسَ، مُذَكَّرٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ، وَقِيلَ: سُمِّيَ عِراقاً لِقُرْبِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَ مَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْبَحْرِ عِراقاً، وَقِيلَ: سُمِّيَ عِراقاً لأَنه اسْتَكَفّ أَرض الْعَرَبِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لتَواشُج عُروق الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ بِهِ كأَنه أَراد عِرْقاً ثُمَّ جُمِعَ عَلَى عِراقٍ، وَقِيلَ: سَمَّى بِهِ العجمُ، سَمَّتْه إِيرانْ شَهْر، مَعْنَاهُ: كَثِيرَةُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ، فعربَ فَقِيلَ عِراق؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ زَعَمَ الأَصمعي أَن تَسْمِيَتَهُمُ العِراقَ اسْمٌ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ إِنما هُوَ إِيرانْ شَهْر، فأَعربته الْعَرَبُ فَقَالَتْ عِراق، وإِيران شَهْر مَوْضِعُ الْمُلُوكِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
مانِعِي بابَة العِراقِ من الناسِ
…
بِجُرْدٍ، تَغْدُو بِمِثْلِ الأُسُود
وَيُرْوَى: باحَة العِراقِ، وَمَعْنَى بَابَةِ العِراقِ نَاحِيَتُهُ، وَالْبَاحَةُ السَّاحَةُ، وَمِنْهُ أَباح دَارِهِمْ. الْجَوْهَرِيُّ: العِراقُ بِلَادٌ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ العِراقُ اسْمًا لِفناء الدَّارِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَهَلْ بِلحاظ الدارِ والصَّحْنِ مَعْلَمٌ،
…
وَمِنْ آيِهَا بِينُ العِراقِ تَلُوح؟
واللِّحاظُ هنا: فِناء الدَّارِ أَيضاً، وَقِيلَ: سُمِّيَ بعِراقِ المَزادة وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى مُلْتَقَى طَرَفَيِ الْجِلْدِ إِذا خُرِزَ فِي أَسفلها لأَن العِراقَ بَيْنَ الرِّيف والبَرّ، وَقِيلَ: العِراقُ شَاطِئُ النَّهْرِ أَو الْبَحْرِ عَلَى طُولِهِ، وَقِيلَ لِبَلَدِ العِراقِ عِراقٌ لأَنه عَلَى شَاطِئِ دِجْلَة والفُراتِ عِداءً «3» . حَتَّى يَتَّصِلَ بالبحر، وقيل:
(3). قوله [عداء] أي تتابعاً، يقال: عاديته إذا تابعته؛ كتبه محمد مرتضى كذا بهامش الأَصل
العِراقُ مُعَرَّبٌ وأَصله إِيرَاق فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ فَقَالُوا عِرَاق. والعِرَاقانِ: الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ؛ وَقَوْلُهُ:
أَزْمان سَلْمَى لَا يَرَى مِثْلَها الرَّاؤونَ
…
فِي شَامٍ، وَلَا فِي عِرَاقْ
إِنما نكَّره لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عِراقاً. وأَعْرَقْنا: أَخذنا فِي العِرَاقِ. وأَعْرَقَ القومُ: أَتوا العِراقَ؛ قَالَ الممزَّق الْعَبْدِيُّ:
فإِن تُتْهِمُوا، أُنْجِدْ خِلَافًا عليكُمُ،
…
وإِن تُعْمِنُوا مُسْتَحْقِي الحَرْب، أُعْرِقِ
وَحَكَى ثَعْلَبٌ اعْتَرقوا فِي هَذَا الْمَعْنَى، وأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْقُ السَّفا، بَرَّحَتْ بِهِ
…
عِرَاقِيَّةُ الأَقْياظِ نُجْدُ المَرابِعِ
نُجْدٌ هَاهُنَا: جَمْعُ نَجْدِيّ كَفَارِسِيٍّ وفُرْس، فسره فَقَالَ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى العِرَاقِ الَّذِي هُوَ شَاطِئُ الْمَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَطْلُبُ الْمَاءَ فِي الْقَيْظِ. والعِرَاقُ: مِيَاهُ بَنِي سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَبَنِي مازِن، وَقَالَ الأَزهري فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَيُقَالُ هَذِهِ إِبل عِرَاقيَّة، وَلَمْ يُفَسِّرْ. وَيُقَالُ: أَعْرَقَ الرجلُ، فَهُوَ مُعْرِقٌ إِذا أَخذ فِي بَلَدِ العِرَاقِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: المُعْرِقةُ طَرِيقٌ كَانَتْ قريشٌ تَسْلُكُهُ إِذا سَارَتْ إِلى الشَّامِ تأْخذ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، وَفِيهِ سَلَكَتْ عِيرُ قريشٍ حِينَ كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لِسَلْمَانَ أَين تأْخذ إِذا صَدَرْتَ؟ أَعَلَى المُعَرِّقةِ أَم عَلَى الْمَدِينَةِ؟
ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير المُعَرِّقَة وَقَالَ: هَكَذَا رُوِيَ مشدَّداً وَالصَّوَابُ التَّخْفِيفُ. وعِرَاقُ الدَّارِ: فِنَاءُ بَابِهَا، وَالْجَمْعُ أَعْرِقَة وعُرُق. وَجَرَى الْفَرَسُ عَرَقاً أَو عَرَقَيْن أَي طَلَقاً أَو طَلَقيْنِ. والعَرَقُ: الزَّبِيبُ، نَادِرٌ. والعَرَقةُ الدِّرَّةُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا. والعَرْقُوَةُ: خَشَبَةٌ مَعْرُوضَةٌ عَلَى الدَّلْوِ، وَالْجَمْعُ عَرْقٍ، وأَصله عَرْقُوٌ إِلا أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْمٌ آخِرُهُ وَاوٌ قَبْلَهَا حَرْفٌ مَضْمُومٌ، إِنما تُخَصُّ بِهَذَا الضَّرْبِ الأَفْعال نَحْوُ سَرُوَ وبَهُوَ ودَهُوَ؛ هَذَا مَذْهَبُ سيبوبه وَغَيْرِهِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، فإِذا أَدى قِيَاسٌ إِلى مِثْلَ هَذَا فِي الأَسماء رُفِضَ فَعَدَلُوا إِلى إِبدال الْوَاوِ يَاءً، فكأَنهم حَوَّلُوا عَرْقُواً إِلى عَرْقِيٍ ثُمَّ كَرِهُوا الْكَسْرَةَ عَلَى الْيَاءِ فأَسكنوها وَبَعْدَهَا النُّونُ سَاكِنَةٌ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَحَذَفُوا الْيَاءَ وَبَقِيَتِ الْكِسْرَةُ دَالَّةً عَلَيْهَا وَثَبَتَتِ النُّونُ إِشْعَارًا بِالصَّرْفِ، فإِذا لَمْ يَلْتَقِ سَاكِنَانِ رَدُّوا الْيَاءَ فَقَالُوا رأَيت عَرْقِيَها كَمَا يَفْعَلُونَ فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ التَّصْرِيفِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
حَتَّى تَقُضّي عَرْقِيَ الدُّلِيِ
والعَرْقاةُ: العَرْقُوَةُ؛ قَالَ:
احْذَرْ عَلَى عَيْنَيْكَ والمَشَافِرِ
…
عَرْقاةَ دَلْوٍ كالعُقابِ الكاسِرِ
شَبَّهَهَا بِالْعُقَابِ فِي ثِقْلِهَا، وَقِيلَ: فِي سُرْعَةِ هُوِيِّها، وَالْكَاسِرُ، الَّتِي تَكْسِرُ مِنْ جَنَاحِهَا للانْقِضاضِ. وعَرْقَيْتُ الدَّلْوَ عَرْقاةً: جَعَلْتُ لَهَا عَرْقُوَةً وَشَدَدْتُهَا عَلَيْهَا. الأَصمعي: يُقَالُ لِلْخَشَبَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَعْتَرِضَانِ عَلَى الدَّلْوِ كَالصَّلِيبِ العَرْقُوَتانِ وَهِيَ العَراقي، وإِذا شَدَدْتَهُمَا عَلَى الدَّلْوِ قُلْتَ: قَدْ عَرْقَيْتُ الدَّلْوَ عَرْقاةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَرْقُوَةُ الدَّلْوِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَلَا تَقُلْ عُرْقُوَة، وَإِنَّمَا يُضَمّ فُعْلُوَةٌ إِذا كَانَ ثَانِيهِ نُونًا مِثْلَ عُنْصُوَة، وَالْجَمْعُ العَراقي؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:
فَحَمَلْنا فَارِسًا، فِي كَفِّهِ
…
راعِبيٌّ فِي رُدَيْنيٍّ أَصَمُ
وأَمَرْناه بهِ مِنْ بَيْنِها،
…
بعد ما انْصاعَ مُصِرًّا أَو كَصَمْ
فَهِيَ كالدَّلْوِ بِكَفِّ المُسْتَقِي،
…
خُذِلَتْ مِنْهَا العَرَاقي فانْجَذَمْ
أَراد بِقَوْلِهِ مِنْهَا: الدَّلْوَ، وَبِقَوْلِهِ انْجَذم: السَّجْلَ لأَن السَّجْلَ والدلوَ واحِد، وإِن جَمَعْتَ بِحَذْفِ الْهَاءِ قُلْتَ عَرْقٍ وأَصله عَرْقُوٌ، إِلا أَنه فَعَلَ بِهِ مَا فَعَلَ بِثَلَاثَةِ أَحْق فِي جَمْعِ حَقْوٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رَأَيْتُ كأَن دَلْواً دُلِّيت مِنَ السَّمَاءِ فأَخذ أَبو بَكْرٍ بعَراقِيها فَشَرِبَ
؛ العَراقي: جَمْعُ عَرْقُوة الدَّلْوِ. وذاتُ العَراقي: الدَّاهِيَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن ذاتَ العَرَاقي هِيَ الدَّلْوُ وَالدَّلْوُ مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ. يُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ ذَاتَ العَرَاقي؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ الأَحوص:
لَقِيتُمْ، مِنْ تَدَرُّئِكُمْ عَلَيْنَا
…
وقَتْلِ سَرَاتِنا، ذاتَ العَراقي
والعَرْقُوَتانِ مِنَ الرَّحْل والقَتَب: خَشَبَتَانِ تُضَمَّانِ مَا بَيْنَ الْوَاسِطِ والمُؤَخَّرةِ. والعَرْقُوَةُ: كُلُّ أَكَمة مُنْقَادَةٍ فِي الأَرض كأَنها جَثْوةُ قَبْرٍ مُسْتَطِيلَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: العَرْقُوَة أَكمة تَنْقَادُ لَيْسَتْ بِطَوِيلَةٍ مِنَ الأَرض فِي السَّمَاءِ وَهِيَ عَلَى ذَلِكَ تُشْرِفُ عَلَى مَا حَوْلَهَا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الأَرض أَو غَيْرُ قَرِيبٍ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ، مكانٌ مِنْهَا لَيِّنٌ ومكانٌ مِنْهَا غَلِيظٌ، وإِنما هِيَ جَانِبٌ مِنْ أَرض مُسْتَوِيَةٍ مُشْرِفٌ عَلَى مَا حَوْلَهُ. والعَرَاقي: مَا اتَّصَلَ مِنِ الإِكامِ وآضَ كأَنه جُرْف وَاحِدٌ طَوِيلٌ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وأَما الأَكمة فإِنها تَكُونُ مَلْمُومة، وأَما العَرْقُوَةُ فَتَطُولُ عَلَى وَجْهِ الأَرض وَظَهِرُهَا قَلِيلَةُ الْعَرْضِ، لَهَا سَنَد وَقَبْلَهَا نِجاف وبِرَاق لَيْسَ بسَهْل وَلَا غَلِيظٍ جِدًّا يُنْبِت، فأَما ظَهْرُهُ فَغَلِيظٌ خَشِنٌ لَا يُنْبتُ خَيراً. والعَرْقُوَةُ والعَراقي مِنَ الْجِبَالِ: الغليظُ الْمُنْقَادُ فِي الأَرض يَمْنَعُكَ مِنْ عُلْوِهِ وَلَيْسَ يُرتَقى لِصُعُوبَتِهِ وَلَيْسَ بِطَوِيلٍ، وَهِيَ العِرْقُ أَيضاً؛ قَالَ الأَزهري: وَبِهِ سمِّيت الدَّاهِيَةُ ذَاتَ العَراقي، وَقِيلَ: العِرْق جُبَيْل صَغِيرٌ مُنْفَرِدٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
مَا إِنْ يَزال لَهَا شَأْوٌ يقَدِّمُها
…
مُجَرَّبٌ، مِثْلُ طُوطِ العِرْقِ، مَجْدول
وَقِيلَ: العِرْقُ الْجَبَلُ وَجَمْعُهُ عُرُوق. والعَراقي عِنْدَ أَهل الْيَمَنِ: التَّراقي. وعَرَقَ فِي الأَرض يَعْرِقُ عَرْقاً وعرُوقاً: ذَهَبَ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ ابْنُ الأَكْوَعِ فَخَرَجَ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ وَرْقاءَ وأَنا عَلَى رَحْلي فاعْتَرَقَها حَتَّى أَخَذَ بِخطامها
، يُقَالُ: عَرَقَ فِي الأَرض إِذا ذَهَبَ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ وَهُوَ يَمْشِي فِي رِكَابِهِ: تَعَرَّقْ فِي ظِلِّ نَاقَتِي
أَي امْشِ فِي ظِلِّهَا وَانْتَفِعْ بِهِ قَلِيلًا قَلِيلًا. والعَرَقُ: الْوَاحِدُ مِنْ أَعْرَاق الْحَائِطِ، وَيُقَالُ: عَرِّقْ عَرَقاً أَو عَرَقين. أَبو عُبَيْدٍ: عَرِقَ إِذا أَكل، وعَرِقَ إِذا كَسِلَ. وصارَعَهُ فتَعَرَّقَهُ: وَهُوَ أَن تأْخذ رأْسه فَتَجْعَلَهُ تَحْتَ إِبطك تَصْرَعُهُ بَعْدُ. وعِرْقٌ وَذَاتُ عِرْق والعِرْقانِ والأَعْراق وعُرَيْقٌ، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وَقَّت لأَهل العِراق ذَاتَ عِرْقٍ
؛ هُوَ مَنْزِلٌ مَعْرُوفٌ مِنْ مَنَازِلِ الحاجِّ يُحْرِمُ أَهل العِراق بِالْحَجِّ مِنْهُ، سمِّي بِهِ لأَن فِيهِ عِرْقاً وَهُوَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ، وَقِيلَ: العِرْقُ مِنَ الأَرض سَبَخَة تَنْبُتُ الطَّرْفاءَ؛ وعلِم النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم،
أَنهم يُسْلمون ويَحُجُّون فبيَّن مِيقَاتَهُمْ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا دُونَ الرَّمْلِ إِلى الرِّيفِ مِنِ العِراقِ يُقَالُ لَهُ عِراقٌ، وَمَا بَيْنَ ذاتِ عِرْقٍ إِلى الْبَحْرِ غَوْرٌ وتِهامةُ، وطَرَفُ تِهامةَ مِنْ قِبَل الْحِجَازِ مَدَارِجُ العَرْج، وأَولها مِنْ قِبَلِ نَجْدٍ مَدَارِجُ ذَاتِ عِرْقٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَاتُ عِرْقٍ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: خَرَجُوا يَقُودون بِهِ حَتَّى لَمَّا كَانَ عِنْدَ العِرْقِ مِنَ الجبلِ الَّذِي دُونَ الخَنْدق نَكَّبَ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُصَلِّي إِلى العِرْقِ الَّذِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ.
ابْنُ الأَعرابي: عُرَيْقة بِلَادُ باهِلَةَ بِيَذْبُل والقَعاقِع؛ وعارِقٌ: اسم شاعر من طيِءٍ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
لَئِنْ لَمْ تُغَيِّرْ بَعْضَ مَا قَدْ صَنَعْتُمُ،
…
لأَنْتَحِيَنْ للعظمِ ذُو أَنا عارِقُهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لقَيْس بْنِ جِرْوَةَ. وَابْنُ عِرْقانَ: رجل من العرب.
عزق: العَزْقُ: عِلَاجٌ فِي عَسَرٍ. وَرَجُلٌ عَزِقٌ ومُتَعَزِّقٌ وعَزْوَقٌ: فِيهِ شِدَّةٌ وَبُخْلٌ وَعُسْرٌ فِي خُلُقِهِ، مِنْ ذَلِكَ. والعُزُقُ: السِّيِّئُو الأَخلاقِ، وَاحِدُهُمْ عَزِقٌ. وَيُقَالُ: هُوَ عَزِقٌ نَزِقٌ زَعِقٌ زَنِقٌ. وعَزَقَ الأَرضَ يَعْزِقُها عَزْقاً: شَقَّهَا وكَرَبَها، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الأَرض. والمِعْزَقةُ والمِعْزَقُ: المَرُّ مِنْ حديدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَحْفِرُ بِهِ، وَجَمْعُهُ المَعازِقُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
نُثِيرُ بِهَا نَفْعَ الكُلابِ، وأَنْتُمُ
…
تُثِيرون قِيعانَ القُرى بالمَعازِقِ
وأَرض مَعْزوقة إِذا شَقَقْتَهَا بفأْسٍ أَو غَيْرِهِ، وَيُقَالُ لِتِلْكَ الأَداة الَّتِي تُشَقُّ بِهَا الأَرض مِعْزَقةٌ ومِعْزَقٌ وَهِيَ كالقَدُوم وأَكبر مِنْهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المِعْزقة مَا تُعْزَقُ بِهِ الأَرضُ، فأْساً كَانَتْ أَو مِسْحاةً أَو شِكَّة؛ قَالَ: وَهِيَ الْبَيْلَةُ المُعَقَّفة، وقال بعضهم: هي الفؤوس وَاحِدَتُهَا مِعْزَقة، قَالَ: وَهِيَ فأْس لرأْسها طَرَفَانِ؛ وأَعْزَقَ إِذا عَمِلَ بالمِعْزَقَةِ، وَهِيَ المَرُّ الَّذِي يَكُونُ مَعَ الْحَفَّارِينَ؛ وأَنشد الْمُفَضَّلُ:
يَا كَفُّ ذُوقِي نَزَوانَ المِعْزَقَه
وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدٍ: سأَله رَجُلٌ فَقَالَ تكارَيْتُ مِنْ فُلَانٍ أَرضاً فَعَزَقْتُها
أَي أَخرجت الْمَاءَ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
لَا تَعْزِقُوا
أَي لَا تَقْطَعُوا. وعَسِقَ بِهِ وعَزِقَ بِهِ إِذا لَصِقَ بِهِ. والعَزْوَقُ والعَزُوقُ، كُلُّهُ: حَمْلُ الفُسْتق فِي السَّنَةِ دُونَ لُبٍّ لَا يَنْعَقِدُ لُبُّه وَهُوَ دِبَاغُ، وعَزْوَقَتُه تَقَبُّضه؛ وأَنشد:
مَا تَصْنَعُ العَنْزُ بِذِي عَزْوَقٍ،
…
يُثِيبهُ العَزْوَقُ فِي جِلْدِهَا
وَذَلِكَ لأَنه يُدْبَغُ جِلْدُهَا بالعَزْوَقِ. ابْنُ الأَعرابي: العَزْوَقُ الْفُسْتُقُ، وَقِيلَ: العَزْوَقُ حَمْل شَجَرٍ بَشِعُ الطَّعْمِ. وعَزَّقْتُ الْقَوْمَ تَعْزيقاً إِذا هَزَمْتَهُمْ وَقَتَلْتَهُمْ. والعَزِيقُ: مطمئِنٌّ مِنَ الأَرض، يَمَانِيَّةٌ.
عسق: عَسِقَ بِهِ يَعْسَقُ عَسَقاً: لَزِقَ بِهِ وَلَزِمَهُ وأُولِعَ بِهِ، وَكَذَلِكَ تَعَسَّق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا تَرَى الدَّهْرَ عَنِيفاً أَرْفَقا
…
مِنْهُ بِهَا فِي غَيْرِهِ وأَلْبَقا،
إِلْفاً وحُبًّا طَالَمَا تَعَسَّقا
وعَسِقَ بِهِ وعَسِكَ بِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ:
عَسِقَ بِي جُعَل فلانٍ إِذا أَلحّ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ يُطَالِبُهُ وعَسِقَت الناقةُ بِالْفَحْلِ: أَرَبَّتْ، وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ بالأَتان؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَعَفَّ عَنْ أَسْرارِها بَعْدَ العَسَقْ،
…
وَلَمْ يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ وعَشَقْ
وَفِي خُلُقه عَسَقٌ أَي الْتِوَاءٌ وَضِيقٌ. والعَسَقُ: الْعُرْجُونُ الرَّدِيءُ، أَسَدِيَّةٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: العُسُقُ عَرَاجِينُ النَّخْلِ، وَاحِدُهَا عَسَقٌ. والعَسَقُ: الظُّلْمَةُ كالغَسَقِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
إِنَّا لنَسْمو، للعَدُوِّ حَنَقا،
…
بِالْخَيْلِ أَكْداساً تُثِيرُ عَسَقا
كَنَّى بالعَسَقِ عَنْ ظُلْمَةِ الْغُبَارِ. والعَسَقُ: الشَّرَابُ «1» الرَّدِيءُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والعُسُق: الْمُتَشَدِّدُونَ عَلَى غُرَمَائِهِمْ فِي التَّقَاضِي. والعُسُق: اللقَّاحون؛ فأَما قَوْلُ سُحَيْم:
فَلَوْ كُنْتُ وَرْداً لوْنَه لَعَسِقْنَني،
…
ولكنَّ رَبي شَانَني بسَوادِيا
فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، إِنما قَلَبَ الشِّينَ سِينًا لِسَوَادِهِ وَضِعْفِ عِبَارَتِهِ عَنِ الشِّينِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلُغَةٍ إِنما هُوَ كاللَّثَغِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَوْنُهُ لَمْ يَعْتَذِرْ عَنْ سَائِرِ كَلِمَاتِهِ بِالشِّينِ، وَعَنْ شَانَني فِي الْبَيْتِ نَفْسِهِ، أَو يَجْعَلْهَا مِنْ عَسِقَ بِهِ أَي لَزِمَهُ، وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِهِ فِي تَرْجَمَةِ خَبَتْ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ ببيتِ شِعْرٍ للخَيْبَريّ الْيَهُودِيِّ:
يَنْفَعُ الطيّبُ القليلُ مِنَ الرِّزْقِ،
…
وَلَا يَنْفَعُ الكثيرُ الخَبِيتُ
فَذَكَرَ فِيهِ مَا صُورَتُهُ: سأَل الخليلُ الأَصمعيَّ عَنِ الخَبِيتِ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ له: أَراد الخَبِيتَ وَهِيَ لُغَةُ خَيْبَر، فَقَالَ لَهُ الْخَلِيلُ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ لغتَهم لَقَالَ الكَتِير، بِالتَّاءِ أَيضاً، وإِنما كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَن تَقُولَ إِنهم يَقْلِبُونَ الثَّاءَ تَاءً فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ، وَمِنَ الْمُمْكِنِ أَن يَكُونَ ابْنُ سِيدَهْ، رحمه الله، تَرَكَ الِاعْتِذَارَ عَنْ كَلِمَاتِهِ بِالشِّينِ وَعَنْ لَفْظِهِ شانَني فِي الْبَيْتِ لأَنها لَا مَعْنَى لَهَا، وَاعْتَذَرَ عَنْ لَفْظَةٍ عَسِقْنَني لإِلْمامِها بِمَعْنَى لَزِقَ ولَزمَ، فأَراد أَن يُعْلِمَ أَنه لَمْ يَقْصد هَذَا الْمَعْنَى وإِنما هُوَ قَصَدَ العِشْقَ لَا غَيْرَ، وإِنما عُجْمته وَسَوَادُهُ أَنطقاه بِالسِّينِ فِي مَوْضِعِ الشِّينِ، وَاللَّهُ أَعلم.
عسبق: العِسْبِقُ: شَجَرٌ مُرُّ الطعم.
عسلق: العَسْلَقُ والعَسَلَّقُ: كلُّ سَبُعٍ جَرِيءٍ عَلَى الصَّيْدِ، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ عَسالِقُ. والعَسَلَّقُ: الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: الطويلُ العنقِ. والعَسَلَّقُ: الظَّلِيمُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بِحَيْثُ يُلاقي الآبداتِ العَسَلَّقُ
والعَسَلَّقُ: الثَّعْلَبُ. والعَسْلَقُ: السَّرَابُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَسْلَقُ الذِّئْبُ، قَالَ: والعِسْلقُ والعُسالقُ والعَسَلَّقُ الطَّوِيلُ الْخَفِيفُ، والأُنثى عَسَلَّقَةٌ؛ قَالَ أَوس يَصِفُ النَّعَامَةَ:
عَسَلَّقةٌ رَبْداءُ وهو عَسَلَّق
عشق: العِشْقُ: فَرْطُ الْحُبِّ، وَقِيلَ: هُوَ عُجْب الْمُحِبِّ بِالْمَحْبُوبِ يَكُونُ فِي عَفاف الحُبّ ودَعارته؛ عَشِقَه يَعْشَقُه عِشْقاً وعَشَقاً وتَعَشَّقَهُ، وَقِيلَ: التَّعَشُّقُ، تَكَلُّفُ العِشْقِ، وَقِيلَ: العِشْقُ الِاسْمُ والعَشَقُ الْمَصْدَرُ، قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَمْ يُضِعْها بينَ فِرْكٍ وعَشَقْ
(1). قوله [والعسق الشراب إلخ] كذا هو بالأَصل مضبوظاً، والذي في القاموس: إنه العسيقة كسفينة.
وَرَجُلٌ عاشِقٌ مِنْ قَوْمٍ عُشَّاقٍ، وعِشِّيقٌ مِثَالُ فِسِّيقٍ: كَثِيرُ العِشْقِ. وامرأَة عاشِقٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وعاشِقةٌ. والعَشَقُ والعَسَقُ، بِالشِّينِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: اللُّزُومُ لِلشَّيْءِ لَا يُفَارِقُهُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للكَلِف عاشِق لِلُزُومِهِ هَوَاهُ والمَعْشَقُ: العِشْقُ؛ قَالَ الأَعشى:
وَمَا بيَ منْ سُقْمٍ وَمَا بيَ مَعْشَق
وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنْ الحُبِّ والعِشْقِ: أَيّهما أَحمد؟ فَقَالَ: الحُب لأَن العِشْقَ فِيهِ إِفراط، وَسُمِّي العاشِقُ عاشِقاً لأَنه يَذْبُلُ مِنْ شِدَّةِ الْهَوَى كَمَا تَذْبُل العَشَقَةُ إِذا قُطِعَتْ، والعَشَقَةُ: شَجَرَةٌ تَخْضَرُّ ثُمَّ تَدِقُّ وتَصْفَرُّ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ، وَزَعَمَ أَن اشْتِقَاقَ الْعَاشِقِ مِنْهُ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هِيَ عِنْدَ المُوَلَّدين اللَّبْلابُ، وَجَمْعُهَا العَشَقُ، والعَشَقُ الأَراك أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: العُشُقُ المُصْلحون غُرُوس الرَّيَاحِينِ ومُسَوُّوها، قَالَ: والعُشُقُ مِنِ الإِبل الَّذِي يَلْزَمُ طَرُوقَتَه وَلَا يَحنّ إِلى غَيْرِهَا. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا اشْتَدَّتْ ضَبَعَتُها قَدْ هَدِمَتْ وهَوِسَتْ وبَلَمَتْ وتَهالَكَتْ وعَشِقَتْ وأَبْلَسَتْ، فَهِيَ مِبْلاسٌ، وأَرَبَّتْ مثله.
عشرق: العِشْرِقُ: شَجَرٌ، وَقِيلَ نَبْتٌ، وَاحِدَتُهُ عِشْرِقَة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العِشْرِقُ مِنَ الأَغْلاثِ وَهُوَ شَجَرٌ يَنْفَرِشُ عَلَى الأَرض عَرِيضُ الْوَرَقِ وَلَيْسَ لَهُ شَوْكٌ وَلَا يَكَادُ يأْكله شَيْءٌ إِلا أَن يصيب المِعْزى مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا؛ قَالَ الأَعشى:
تَسْمَع للحَلْي وَسْواساً إِذا انْصَرَفَتْ،
…
كَمَا اسْتَعَانَ بريحٍ عِشْرِقٌ زَجلُ
قَالَ: وأَخبرني بَعْضُ أَعراب رَبِيعَةَ أَن العِشْرِقَةَ تَرْتَفِعُ عَلَى سَاقٍ قَصِيرَةٍ ثُمَّ تَنْتَشِرُ شُعَباً كَثِيرَةً وتُثْمِر ثَمَرًا كَثِيرًا، وَثَمَرُهَا سِنْفُها، فِي كُلِّ سِنْفَةٍ سَطْرَانِ مِنْ حَبٍّ مِثْلِ عَجَمِ الزَّبِيبِ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ حَبِّ الحِمَّصِ وَهُوَ يُؤْكَلُ مَا دَامَ رَطْبًا وَيُطْبَخُ، وَهُوَ طَيِّبٌ؛ وَقَوْلُهُ:
كأَن صَوْتَ حَلْيها المُناطِقِ
…
تَهَزُّجُ الرِّياح بالعَشارِقِ
إِما أَن يَكُونَ جَمْعَ عِشْرقَة، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ العِشْرِقُ، وَهَذَا لَا يطَّرد. وعُشارِق: اسْمٌ، وَقِيلَ مَكَانٌ. قَالَ الأَزهري: العِشْرِقُ مِنَ الْحَشِيشِ وَرَقه شَبِيهٌ بِوَرَقِ الغارِ إِلا أَنه أَعظم مِنْهُ وأَكبر، إِذا حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ تَسْمَعُ لَهُ زَجلًا وَلَهُ حَمْل كحَمْل الغارِ إِلا أَنه أَعظم مِنْهُ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: العِشْرِقُ نَبَاتٌ أَحمر طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَائِسُ، وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ الأَصمعي: العِشْرِقُ شَجَرَةٌ قَدْرُ ذِرَاعٍ لَهَا حَبٌّ صِغَارٌ إِذا جَفَّ صوتت بمَرِّ الريح.
عشنق: العَشْنَقة: الطُّولُ. والعَشَنَّقُ: الطَّوِيلُ الْجِسْمِ. وامرأَة عَشَنَّقَةٌ: طَوِيلَةُ الْعُنُقِ، ونعامةٌ عَشَنَّقةٌ كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ العَشانِقُ والعَشانيقُ والعَشَنَّقُون. قَالَ الأَصمعى: العَشَنَّقُ الطَّوِيلُ الَّذِي لَيْسَ بمُثْقَلٍ وَلَا ضَخْمٍ مِنْ قَوْمٍ عَشانِقَة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وتحتَ كُلّ خافِقٍ مُرَنِّقِ
…
مِنْ طَيِءٍ كلُّ فَتًى عَشَنَّقِ
وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: أَن إِحدى النِّسَاءِ قَالَتْ زَوجي العَشَنَّق، إِن أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وإِن أَسْكُتْ أُعَلَّق
؛ العَشَنَّقُ: هُوَ الطَّوِيلُ الْمُمْتَدُّ الْقَامَةِ، أَرادت أَن لَهُ مَنْظَراً بِلَا مَخْبَرٍ لأَن الطُّولَ فِي الْغَالِبِ دَلِيلُ
السَّفَه، وَقِيلَ: هُوَ السيِء الْخُلُقِ؛ قَالَ الأَزهري: تَقُولُ لَيْسَ عِنْدَهُ أَكثر مِنْ طُولِهِ بِلَا نَفْعٍ، فإِن ذكرتُ مَا فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ طلَّقني، وإِن سَكَتُّ تَرَكَنِي مُعَلَّقَةً لَا أَيّماً وَلَا ذات بَعْلٍ.
عفق: عَفَقَ: الرجلُ يَعْفِقُ عَفْقاً: رَكِبَ رَأْسه فَمَضَى. وعَفَقَت الإِبل تَعْفِقُ عَفْقاً وعُفُوقاً: أُرْسلت فِي الْمَرْعَى فَمرَّت عَلَى وُجُوهِهَا، وعَفَقَتْ عَنِ المَرْعى إِلى الْمَاءِ: رَجَعَتْ. وَكُلُّ ذَاهِبٍ راجعٍ عافِقٌ، وَكُلُّ واردٍ صادرٍ راجعٍ مختلفٍ كَذَلِكَ. عَفَقَ يَعْفِق عَفْقاً وعَفَقاناً وعَفَقَتِ الإِبل تَعْفِقُ عَفْقاً إِذا كَانَ يَرْجِعُ إِلى الْمَاءِ كُلَّ يَوْمٍ أَو كُلَّ يَوْمَيْنِ. وإِنه لَيَعْفِقُ أَي يُكْثِرُ الرُّجُوعَ. وَيُقَالُ: إِنه لَيُعَفِّقُ الغنمَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ تَعْفِيقاً أَي يَرُدُّهَا عَلَى وَجْهِهَا. والعَفْقُ: سُرْعَةُ الإِيرادِ وَكَثْرَتُهُ، يُقَالُ: إِنك لتَعْفِقُ أَي تُكْثِرُ الرُّجُوعَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَرْعى الغَضا مِنْ جانِبَيْ مُشَفِّقِ
…
غِبًّا، ومَنْ يَرْعَ الحُموضَ يَعْفِقِ
أَي مَنْ يَرْعَى الْحَمْضَ تَعْطَشُ مَاشِيَتُهُ سَرِيعًا فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنَ العَفْقِ، وَيُرْوَى يَغْفِقِ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لأَبي النَّجْمِ
حَتَّى إِذا مَا انْصَرَفَتْ لَمْ تَعْفِقِ
وانْعَفَقَ الْقَوْمُ فِي حَاجَتِهِمْ أَي مَضَوْا وأَسرعوا. عَفَقَ الرجلُ إِذا أَكثر الذَّهَابَ وَالْمَجِيءَ فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ. وعافَقَ الذئبُ الغنمَ إِذا عاثَ فِيهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا. وَرَجُلٌ مِعْفاقُ الزِّيَارَةِ أَي لَا يَزَالُ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ زَائِرًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا تَكُ مِعْفاقَ الزِّيَارَةِ واجْتَنِبْ،
…
إِذا جِئْتَ، إِكْثارَ الكلامِ المُعَيَّبا
وَفِي النَّوَادِرِ: والاعْتِفاقُ انثناءُ الشَّيْءِ بَعْدَ اتْلِئْبابِه وَهُوَ صَرْفُ «2» ..... عَنْ رأْيه. والعَفْقُ: الإِقبالُ والإِدبار والعَفَقُ: السُّرْعَةُ فِي العَدْوِ. والعُفُوق والعِفَاق: شِبْهُ الخُنُوس، عَفَقَ يَعْفِقُ أَي خَنِسَ وَارْتَدَّ وَرَجَعَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
لُقْمَانَ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُول: خُذِي مِني أَخي ذَا العِفاقِ، صَفّاقٌ أَفّاقٌ يُعْمِلُ البَكْرة وَالسَّاقَ
؛ يَصِفُهُ بِالسَّيْرِ فِي آفَاقِ الأَرض رَاكِبًا وَمَاشِيًا عَلَى سَاقِهِ. وَقَدْ عَفَقَ يَعْفق عَفْقاً وعِفَاقاً إِذا ذَهَبَ ذَهَابًا سَرِيعًا. والعَفْقَةُ: الغَيْبة، عَفَقَ الرَّجُلُ أَي غَابَ، يُقَالُ: لَا يَزَالُ فُلَانٌ يَعْفِقُ العَفْقَةَ أَي يَغِيبُ الْغَيْبَةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعِفاق السُّرْعَةُ؛ وَقَالَ: قَالَ ذُو الخِرَق الطُّهَويّ يُخَاطِبُ الذِّئْبَ:
عَلَيْكَ الشَّاءَ، شَاءَ بَنِي تميمٍ،
…
فَعَافِقْه، فإِنك ذُو عِفَاقِ
والعَفْقُ: الْعَطْفُ. والمُنْعَفَقُ: المُنَعَطَفُ، وَيُقَالُ المُنْصَرَف عَنِ الْمَاءِ. وعَفَقَ يَعْفِقُ عَفْقاً: ضَرَطَ، وَقِيلَ: هِيَ الضَّرْطَةُ الْخَفِيَّةُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ: عَفَقَ بِهَا وخَبَجَ بِهَا إِذا ضَرَطَ. والعُفُق: الضَّرَّاطُونَ فِي الْمَجَالِسِ. وَكَذَبَتْ عَفَّاقَتُهُ أَي اسْتُه إِذا حَبَقَ والعَفّاقة: الِاسْتُ. والعَفْقُ: الأَسْتاه. والعَفَّاقُ «3» : الْفَرَجُ لِكَثْرَةِ لَحْمِهِ. وعَفَق الرَّجُلُ: نَامَ قَلِيلًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ ثُمَّ نَامَ. وعَفَقَهُ عَفَقَاتٍ: ضَرَبَهُ ضَرَبَاتٍ. واعْتَفَقَ القومُ بِالسُّيُوفِ إِذا اجْتَلَدُوا. وعَفَق الشيءَ يَعْفِقُه عَفْقاً: جَمَعَهُ أَو ضَمه إِليه. وعافَقَهُ معافَقَةً وعِفاقاً: عَالَجَهُ وَخَادَعَهُ؛ قَالَ قُرْطٌ يَصِفُ الذِّئْبَ:
(2). كذا بياض بالأَصل
(3)
. قوله [والعفاق] هو بهذا الضبط في الأَصل، وفي شرح القاموس ككتاب
عَلَيْكَ الشاءَ، شاءَ بَنِي تميمٍ،
…
فعافِقْهُ، فإِنك ذُو عِفاقِ
وأَورد ابْنُ سِيدَهْ هَذَا الْبَيْتُ هُنَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. والعُفُق: الذِّئَابُ الَّتِي لَا تَنَامُ وَلَا تُنِيم مِنَ الْفَسَادِ، واعْتَفَقَ الأَسد فَرِيستَه: عَطَفَ عَلَيْهَا فأَفرسها؛ وَقَالَ:
وَمَا أَسَدٌ مِنْ أُسودِ العرينِ
…
يَعْتَفِقُ السَّائِلِينَ اعْتِفاقَا
وتَعَفّقَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذا لاذَ بِهِ. وتَعَفَّقَ الْوَحْشِيُّ بالأَكمَةِ لَاذَ بِهَا مِنْ خَوْفِ كَلْبٍ أَو طَائِرٍ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
تَعَفَّقُ بالأَرْطَى لَهَا، وأَرَادَها
…
رجالٌ، فبَذَّتْ نَبْلَهمْ وكَلِيبُ
أَي تَعَوَّذُ بالأَرْطى مِنَ الْمَطَرِ وَالْبَرْدِ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلَّذِي يُثِيرُ الصَّيْدَ ناجِشٌ، وَلِلَّذِي يَثْني وَجْهُهُ وَيَرُدُّهُ عَافِقٌ. يُقَالُ: اعْفِقْ عَلَيَّ الصَّيْدَ أَي اثنِها وَاعْطِفْهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَمَا اشْتَلاها صَفْقَةً للمُنْصفَقَ،
…
حَتَّى تَرَدَّى أَرْبعٌ فِي المُنْعَفَقْ
يَعْنِي عَيْراً أَورد أُتنه الْمَاءَ فَرَمَاهَا الصيَّاد فصَفقَها العَيْر لِيَنْجُوَ بِهَا، فَرَمَاهَا الصَّيَّادُ فِي مُنْعَفَقها أَي فِي مَكَانِ عَفْقِ الْعَيْرِ إِياها. وعَفَقَ العَيْر الأَتانَ يَعْفِقُها عَفْقاً: سَفَدها، وعَفَقَها عَفْقاً إِذا أَتاها مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. يُقَالُ لِلْحِمَارِ: بَاكَهَا يَبُوكُها بَوْكاً، وَلِلْفَرَسِ كَامَها كَوْماً وعَفَقَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ إِذا جَامَعَهَا. والعَفْقُ: كَثْرَةُ الضِّراب وعِفَاقٌ وعَفَّاقٌ ومِعْفَق: أَسماء. وعِفَاق اسْمُ رَجُلٍ أَكلته بَاهِلَةُ فِي قَحْطٍ أَصابهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَوْ كَانَ الْبُكَاءُ يَرُدّ شَيْئًا،
…
بَكَيْتُ عَلَى يَزِيدٍ أَو عِفَاقِ
هُمَا المَرْآن، إِذ ذَهَبَا جَمِيعًا
…
لشأْنهما بحُزْنٍ واحْتِراقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتَانِ لُمتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَة، وَصَوَابُهُ بَكَيْتُ عَلَى بُجَيْرٍ، وَهُوَ أَخو عِفاقٍ، وَيُقَالُ غِفَاقٌ، بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ ابْنُ مُلَيْك، وَيُقَالُ ابْنُ أَبي مُلَيْكٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَرِثِ بْنِ عَاصِمٍ، وَكَانَ بِسْطامُ بْنُ قَيْسٍ أَغار عَلَى بَنِي يَرْبوع فَقَتَلَ عِفاقاً، وَقَتَلَ بُجَيْراً أُخاه بَعْدَ قَتْلِهِ عِفَاقًا فِي الْعَامِ الأَول وأَسر أَباهما أَبا مُلَيْكٍ، ثُمَّ أَعتقه وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَن لَا يُغِيرَ عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَوِّي قَوْلُ مَنْ قَالَ إِن بَاهِلَةَ أَكلته قَوْلُ الرَّاجِزِ:
إِن عِفاقاً أَكَلَتْه باهِلَهْ،
…
تَمَشَّشوا عِظامَه وكاهِلَهْ
والعَفَقَةُ: لُعْبَةٌ يُجْمَعُ فِيهَا التُّرَابُ. والعَيْفَقَانُ: نبت يشبه العَرْفَجَ.
عفلق: العَفْلَقُ، بِتَسْكِينِ الْفَاءِ: الضَّخْمُ الْمُسْتَرْخِي. ابْنُ سِيدَهْ: العَفْلَقُ والعَفَلَّقُ الْفَرْجِ الْوَاسِعُ الرَّخْوُ؛ قَالَ:
كُلُّ مِشَانٍ مَا تشدُّ المِنْطَقا،
…
وَلَا تزالُ تُخْرِجُ العَفَلَّقا
المِشانُ: السَّليطة. وامرأَة عَفَلَّقةٌ وعَضَنَّكةٌ: ضَخْمَةُ الرَّكَبِ؛ وَقَالَ آخَرُ فِي العَفْلَقِ:
يَا ابنَ رَطُومٍ ذاتِ فرجٍ عَفْلَقِ
وَقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ غَلْفَق، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي الْفَرْجِ إِلّا عَفلَق، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَقْدِيمَ
الْفَاءِ عَلَى اللَّامِ، وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ «1». بِهَذَا الرَّجَزِ أَيضاً:
وَيَا ابنَ رطومٍ ذاتِ فرجٍ عَفَلَّقِ
الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ الْفَرْجُ الْوَاسِعُ عَفْلَقاً، وَكَذَلِكَ المرأَة الْخَرْقَاءُ السَّيِّئَةُ الْمَنْطِقِ وَالْعَمَلِ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والعُفْلوقُ الأَحمق.
عقق: عَقَّه يَعُقُّه عَقًّا، فَهُوَ مَعْقوقٌ وعَقِيقٌ: شقَّه. والعَقِيقُ: وادٍ بِالْحِجَازِ كأَنه عُقَّ أَي شُقّ، غَلَبَتِ الصِّفَةُ عَلَيْهِ غَلَبَةَ الِاسْمِ وَلَزِمَتْهُ الأَلف وَاللَّامُ، لأَنه جَعَلَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه الْخَلِيلُ فِي الأَسماء الأَعلام الَّتِي أَصلها الصفة كالحرث وَالْعَبَّاسُ. والعَقِيقَان: بُلْدَانٌ فِي بِلَادِ بَنِي عَامِرٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ، فإِذا رأَيت هَذِهِ اللَّفْظَةَ مُثَنَّاةً فإِنما يُعْنى بِهَا ذَانِكَ الْبُلْدَانُ، وإِذا رأَيتها مُفْرَدَةً فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنى بِهَا العَقِيقُ الَّذِي هُوَ وَادٍ بِالْحِجَازِ، وأَن يُعْنى بِهَا أَحد هَذَيْنِ الْبَلَدَيْنِ لأَن مِثْلَ هَذَا قَدْ يُفْرَدُ كأَبَانَيْن؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فَأَفْرَدَ اللَّفْظَ بِهِ:
كأَنّ أَبَاناً، فِي أَفَانِينِ وَدْقِهِ،
…
كبيرُ أُناسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِن كَانَتِ التَّثْنِيَةُ فِي مِثْلِ هَذَا أَكثر مِنَ الإِفراد، أَعني فِيمَا تَقَعُ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةُ مِنْ أَسماء الْمَوَاضِعِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الثَّبَاتِ والخِصْب والقَحْط، وأَنه لَا يُشَارُ إِلى أَحدهما دُونَ الْآخَرِ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِيهِ التَّعْرِيفُ فِي حَالِ تَثْنِيَتِهِ وَلَمْ يُجْعَلْ كزيدَيْن، فَقَالُوا هَذَانِ أَبانَان بَيِّنَيْن «2» ، وَنَظِيرُ هَذَا إِفْرَادُهُمْ لَفْظَ عَرَفَاتٍ، فأَما ثَبَاتُ الأَلف وَاللَّامِ فِي العَقِيقَيْن فَعَلَى حدِّ ثَبَاتِهِمَا فِي العَقِيق، وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ تُسَمَّى العَقِيقَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا شَقَّه مَاءُ السَّيْلِ فِي الأَرض فأَنهره ووسَّعه عَقِيق، وَالْجَمْعُ أَعِقَّةٌ وعَقَائِق، وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ أَربعةُ أَعِقَّةٍ، وَهِيَ أَودية شقَّتها السُّيُولُ، عادِيَّة: فَمِنْهَا عَقيقُ عارضِ اليمامةِ وَهُوَ وادٍ وَاسِعٌ مِمَّا يَلِي العَرَمة تَتَدَفَّقُ فِيهِ شِعابُ العارِض وَفِيهِ عُيُونٌ عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَمِنْهَا عَقِيقٌ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فِيهِ عُيُونٌ وَنَخِيلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيكم يُحِبُّ أَن يَغْدُوَ إِلى بُطْحانِ العَقِيقِ؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ وادٍ مِنْ أَودية الْمَدِينَةِ مُسِيلٌ لِلْمَاءِ وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ
أَنه وادٍ مُبَارَكٌ
، وَمِنْهَا عَقِيقٌ آخَرُ يَدْفُق ماؤُه فِي غَوْرَي تِهَامةَ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ
الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: وَلَوْ أَهَلُّوا مِنَ العَقِيقِ كَانَ أَحَبَّ إِليّ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وقَّتَ لأَهل العِراق بَطْنَ العَقِيقِ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد العَقِيقَ الَّذِي بِالْقُرْبِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ قَبْلَهَا بمَرْحلة أَو مَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَنَاسِكِ، وَمِنْهَا عَقِيق القَنَانِ تَجْرِي إِليه مِيَاهُ قُلَلِ نَجْدٍ وَجِبَالُهُ؛ وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
قِفِي ودِّعِينَا، يَا هُنَيْدُ، فإِنَّني
…
أَرى الحيَّ قَدْ شامُوا العَقِيقَ الْيَمَانِيَا
فإِن بَعْضَهُمْ قَالَ: أَراد شَامُوا الْبَرْقَ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ. والعَقّ: حَفْرٌ فِي الأَرض مُسْتَطِيلٌ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. والعَقَّةُ: حُفْرَةٌ عَمِيقَةٌ فِي الأَرض، وَجَمْعُهَا عَقَّات. وانْعَقَّ الْوَادِي: عَمُقَ. وَالْعَقَائِقُ: النِّهَاء والغدرانُ فِي الأَخاديد المُنْعَقَّةِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِكُثَيِّرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيِّ يصف امرأَة:
(1). قوله [واستشهد الجوهري إلخ] لم نجد هذا الرجز في نسخ الصحاح التي بأيدينا
(2)
. قوله [فقالوا هذان إلخ] فلفظ بينين مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ أَبانان لأَنه نكرة وصف به معرفة، لأَن أَبانان وضع ابتداء علماً على الجبلين المشار إليهما، ولم يوضع أَولًا مفرداً ثم ثني كما وضع لفظ عرفات جمعاً على الموضع المعروف بخلاف زيدين فإنه لم يجعل علماً على معينين بل لإِنسانين يزولان، ويشار إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فكأنه نكرة فإذا قُلْتَ هَذَانِ زَيْدَانِ حَسَنَانِ رفعت النَّعْتَ لأَنه نَكِرَةٌ وُصِفَتْ به نكرة، أفاده ياقوت
إِذا خرجَتْ مِنْ بَيْتِهَا راق عَيْنَها
…
مُعَوَّذه [مُعَوِّذه]، وأَعْجَبَتْها العَقَائِقُ
يَعْنِي أَن هَذِهِ المرأَة إِذا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا راقَها مُعَوَّذ النَّبْتِ حَوْلَ بَيْتِهَا، والمُعَوَّذ مِنَ النَّبْتِ: مَا يَنْبُتُ فِي أَصل شَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ يَسْتُرُهُ، وَقِيلَ: الْعَقَائِقُ هِيَ الرِّمَالُ الْحُمْرُ. وَيُقَالُ: عَقَّت الريحُ المُزْنَ تَعُقُّه عَقاًّ إِذا استدَرَّتْه كأَنها تَشُقُّهُ شَقًّا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ غَيْثًا:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الريحُ، وانْقَارَ
…
بِهِ العَرْضُ، وَلَمْ يُشْمَلِ
حارَ: تحيَّر وَتَرَدَّدَ واستَدَرَّته رِيحُ الجَنوب وَلَمْ تَهُبَّ بِهِ الشَّمال فتَقْشَعَه، وانْقَارَ بِهِ العَرْضُ أَي كأَن عرضَ السَّحَابِ انْقارَ بهِ أَي وَقَعَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ وأَصله مِنْ قُرْتُ جَيْب الْقَمِيصِ فانْقار، وقُرْتُ عَيْنَهُ إِذا قَلَعْتَهَا. وَسَحَابَةٌ مَعْقُوقة إِذا عُقَّت فانْعَقَّت أَي تَبَعَّجت بِالْمَاءِ. وَسَحَابَةٌ عَقَّاقة إِذا دَفَعَتْ مَاءَهَا وَقَدْ عَقَّت؛ قَالَ عبدُ بَنِي الحَسْحاص يَصِفُ غَيْثًا:
فمرَّ عَلَى الأَنهاء فانْثَجَّ مُزْنُه،
…
فَعَقَّ طَوِيلًا يَسْكُبُ الماءَ ساجِيَا
واعْتَقَّت السَّحَابَةُ بِمَعْنًى؛ قَالَ أَبو وَجْزة:
واعْتَقَّ مُنْبَعِجٌ بالوَبْل مَبْقُور
وَيُقَالُ للمُعْتذر إِذا أَفرط فِي اعْتِذَارِهِ: قَدِ اعْتَقَّ اعْتِقاقاً. وَيُقَالُ: سَحَابَةٌ عَقَّاقة مُنْشَقَّةٌ بِالْمَاءِ. وَرَوَى شَمِرٌ أَن المُعَقِّرَ بْنَ حِمَارٍ البارِقِيّ قَالَ لِبِنْتِهِ وَهِيَ تَقُوده وَقَدْ كُفَّ بصرُه وَسُمِعَ صَوْتُ رَعْدٍ: أَيْ بُنَيّةُ مَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرى سَحَابَةً سَحْماء عَقَّاقَة، كأَنها حِوَلاءُ [حُوَلاءُ] نَاقَةٍ، ذَاتِ هَيْدب دَانٍ، وسَيرٍ وَانٍ قَالَ: أَيْ بُنَيّة وَائِلِي إِلى قَفْلةٍ فإِنها لَا تَنْبُت إِلا بمنْجَاةٍ مِنَ السَّيْلِ؛ شَبَّه السَّحَابَةَ بِحِوَلاءِ النَّاقَةِ فِي تَشَقُّقِهَا بِالْمَاءِ كَتَشَقُّقِ الحِوَلاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْوَلَدُ، والقَفَلة الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ؛ كَذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِفَتْحِ الْفَاءِ، وأَسكنها سَائِرُ أَهل اللُّغَةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: اهْتَلَبَ السيفَ مِنْ غِمْدِه وامْتَرَقه واعْتَقَّه واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه؛ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: الأَصل اخْتَرَطَه، وكأَنّ اللَّامَ مُبْدَلٌ مِنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. وعَقَّ والدَه يَعُقُّه عَقّاً وعُقُوقاً ومَعَقَّةً: شقَّ عَصَا طَاعَتِهِ. وعَقَّ وَالِدَيْهِ: قَطَعَهُمَا وَلَمْ يَصِلْ رَحِمَه مِنْهُمَا، وَقَدْ يُعَمُّ بِلَفْظِ العُقُوقِ جَمِيعَ الرَّحِمِ، فَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. وَرَجُلٌ عُقَقٌ وعُقُق وعَقٌّ: عاقٌّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي للزَّفَيان:
أَنا أَبو المِقْدَامِ عَقّاًّ فَظّا
…
بِمَنْ أُعادي، مِلْطَساً مِلَظّا،
أَكُظُّهُ حَتَّى يموتَ كَظّا،
…
ثُمَّتَ أُعْلِي رأْسَه المِلْوَظَّا،
صَاعِقَةً مِنْ لَهَبٍ تَلَظَّى
وَالْجَمْعُ عَقَقَة مِثْلُ كَفَرةٍ، وَقِيلَ: أَراد بِالْعَقِّ المُرَّ مِنَ الْمَاءِ العُقَاقِ، وَهُوَ القُعَاع، المِلْوَظّ: سوطٌ أَو عَصًا يُلْزِمُها رأْسَه؛ كَذَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَالصَّحِيحُ المِلْوَظُ، وإِنما شَدَّدَ ضَرُورَةً. والمَعَقَّةُ: العُقُوق؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَحْلامُ عادٍ وأَجْسادٌ مُطَهَّرَة
…
مِنَ المَعَقَّةِ والآفاتِ والأَثَمِ
وأَعَقَّ فلانٌ إِذا جاءَ بالعُقوق. وَفِي الْمَثَلِ: أَعَقُّ مِنْ ضَبٍّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنما يُرِيدُ بِهِ الأُنثى، وعُقُوقُها أَنها تأْكل أَولادها؛ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الأَعرابي؛
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الأَعشى:
فإِني، وَمَا كَلَّفْتُموني بِجَهْلِكم،
…
ويَعْلم رَبي مَنْ أَعَقَّ وأَحْوَبا
قَالَ: أَعَقَّ جَاءَ بالعُقُوقِ، وأَحْوَبَ جَاءَ بالحُوبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ أَبو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ لِحَمْزَةَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ، رضي الله عنه، يَوْمَ أُحد حِينَ مرَّ بِهِ وَهُوَ مَقْتُولٌ: ذُقْ عُقَقُ
أَي ذُقْ جَزَاءَ فِعْلِكَ يَا عَاقُّ، وَذُقِ الْقَتْلَ كَمَا قَتَلْتَ مَن قتلتَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قَوْمِكَ، يَعْنِي كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وعُقَق: مَعْدُولٌ عَنْ عَاقٍّ لِلْمُبَالَغَةِ كغُدَر مِنْ غادرٍ وفُسَق مِنْ فاسقٍ. والعُقُق: الْبُعَدَاءُ مِنَ الأَعداء. والعُقُق أَيضاً: قَاطِعُو الأَرحام. وَيُقَالُ: عاقَقْتُ فُلَانًا أُعَاقُّه عِقاقاً إِذا خَالَفْتَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَقَّ والدَه يَعُقُّ عُقُوقًا ومَعَقَّةً؛ قَالَ هُنَا: وعَقَاقِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ مِثْلُ حَذَامِ ورَقَاشِ؛ قَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ دُرَيْدٍ تَرِثِيهِ:
لَعَمْرُك مَا خشيتُ عَلَى دُرَيْد،
…
بِبَطْنِ سُمَيْرةٍ، جَيْشَ العَنَاقِ
جَزَى عَنَّا الإِلهُ بَنِي سُلَيْم،
…
وعَقَّتْهم بِمَا فَعَلُوا عَقَاقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمّهات
، وَهُوَ ضِدُّ البِرّ، وأَصله مِنَ العَقّ الشَّقّ وَالْقَطْعُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الأُمهات وَإِنْ كَانَ عُقوقُ الْآبَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ ذَوِي الْحُقُوقِ عَظِيمًا لأَن لِعُقوقِ الأُمهات مَزِيَّةً فِي الْقُبْحِ. وَفِي حَدِيثِ الْكَبَائِرِ:
وعدَّ مِنْهَا عقوقَ الْوَالِدَيْنِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُكم ومَثَلُ عائشةَ مَثَلُ العينِ فِي الرأْس تُؤْذِي صَاحِبَهَا وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعُقَّها إِلا بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهَا
؛ هُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ. وعَقَّ البرقُ وانْعَقَّ: انْشَقَّ. والانْعِقاق: تَشَقُّقُ الْبَرْقِ، والتَّبَوُّجُ: تَكَشُّفُ البرقِ، وعَقِيقَتُهُ: شُعَاعُهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّيْفِ كالعَقِيقَة، وَقِيلَ: العَقِيقَةُ والعُقَقُ الْبَرْقُ إِذا رأَيته فِي وَسَطِ السَّحَابِ كأَنه سَيْفٌ مَسْلُولٌ. وعَقِيقةُ الْبَرْقِ: مَا انْعَقَّ مِنْهُ أَي تَسَرَّبَ فِي السَّحَابِ، يُقَالُ مِنْهُ: انْعَقَّ البرقُ، وَبِهِ سُمِّيَ السَّيْفُ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وسَيْفي كالعَقِيقةِ، فَهُوَ كِمْعِي
…
سِلاحِي، لَا أَفَلَّ وَلَا فُطَارَا
وانْعَقَّ الْغُبَارُ: انْشَقَّ وَسَطَعَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا العَجاجُ المُسْتَطارُ انْعَقَّا
وانْعَقَّ الثوبُ: انْشَقَّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والعَقِيقةُ: الشَّعْرُ الَّذِي يُولَدُ بِهِ الطِّفْلُ لأَنه يَشُقُّ الْجِلْدَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يَا هندُ، لَا تَنْكِحي بُوهَةً
…
عَلَيْهِ عَقِيقَتُه، أَحْسَبَا
وَكَذَلِكَ الوَبَرُ لِذي الوَبَرِ. والعِقَّة: كالعَقِيقةِ، وَقِيلَ: العِقَّةُ فِي النَّاسِ وَالْحُمُرِ خَاصَّةً وَلَمْ تُسْمَعْ فِي غَيْرِهِمَا كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ؛ قَالَ رؤبة:
طَيَّرَ عنها النَّسْرُ حَوْلِيَّ العِقَق
وَيُقَالُ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رأْس الْمَوْلُودِ فِي بَطْنِ أُمه عَقِيقةٌ لأَنها تُحْلق، وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ الشعرَ أَصْلًا والشاةَ الْمَذْبُوحَةَ مُشْتَقَّةً مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُه فَرَقَ
أَي شَعْرُهُ، سُمِّيَ عَقيقةً تَشْبِيهًا بِشَعْرِ الْمَوْلُودِ. وأَعَقَّت الْحَامِلُ: نَبَتَتْ عَقيقَةُ وَلَدِهَا فِي بَطْنِهَا. وأَعَقَّت الْفَرَسَ والأَتان، فَهِيَ مُعِقّ وعَقُوق: وَذَلِكَ إِذا نَبَتَتِ العَقيقةُ فِي بَطْنِهَا عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْهُ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
قَدْ عَتَق الأَجْدعُ بَعْدَ رِقِّ،
…
بقارحٍ أَو زَوْلَةٍ مُعِقِ
وأَنشد أَيضاً فِي لُغَةِ مَنْ يَقُولُ أَعَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق وَجَمْعُهَا عُقُق:
سِرًّا وَقَدْ أَوَّنَّ تَأْوِينَ العُقُقْ «3»
أَوَّنَّ: شَرِبْنَ حَتَّى انْتَفَخَتْ بُطُونُهُنَّ فَصَارَ كُلُّ حِمَارٍ مِنْهُنَّ كالأَتان العَقُوق، وَهِيَ الَّتِي تَكَامَلَ حَمْلُهَا وَقَرُبَ وِلَادُهَا، وَيُرْوَى أَوَّنَّ عَلَى وَزْنِ فَعَّلْنَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْجَمَاعَةَ مِنَ الْحَمِيرِ، ويروى أَوَّنَ على وزن فَعَّل، يُرِيدُ الْوَاحِدَ مِنْهَا. والعَقاقُ، بِالْفَتْحِ: الحَمْل، وَكَذَلِكَ العَقَقُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وتَرَكْت العَيْر يَدْمَى نَحْرُه،
…
ونَحُوصاً سَمْحجاً فِيهَا عَقَقْ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَظهرت الأَتانُ عَقاقاً، بِفَتْحِ الْعَيْنِ، إِذا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، وَيُقَالُ لِلْجَنِينِ عَقاق؛ وَقَالَ:
جَوانِحُ يَمْزَعْنَ مَزْعَ الظِّباء،
…
لَمْ يَتَّرِكْنَ لِبَطْنٍ عَقَاقا
أَي جَنِيناً؛ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: العَقاق، بِهَذَا الْمَعْنَى فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ، وأَما الأَصمعي فإِنه يَقُولُ: الْعُقَاقُ مَصْدَرُ العَقُوقِ، وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ: عَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق. وأَعَقّتْ فَهِيَ مُعِقّ، وَاللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ أَعَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق. وعَقَّ عَنِ ابْنِهِ يَعِقُّ ويَعُقُّ: حَلَقَ عَقِيقَتهُ أَو ذَبَحَ عَنْهُ شَاةً، وَفِي التَّهْذِيبِ: يَوْمُ أُسبوعه، فقيَّده بِالسَّابِعِ، وَاسْمُ تِلْكَ الشَّاةِ العَقيقة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فِي العَقِيقَةِ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ
؛ وَفِيهِ:
إِنه عَقَّ عَنِ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا
، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنه قَالَ:
مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُه فأَهَريقُوا عَنْهُ دَمًا وأَميطوا عَنْهُ الأَذى.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الْغُلَامُ مُرْتَهِنٌ بعَقِيقته
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَن أَباه يُحْرَم شفاعةَ وَلَدِهِ إِذا لَمْ يعُقَّ عَنْهُ، وأَصل العَقِيقةِ الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رأْس الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ، وإِنما سُمِّيَتْ تِلْكَ الشاةُ الَّتِي تُذْبَحُ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَقِيقةً لأَنه يُحْلق عَنْهُ ذَلِكَ الشَّعْرُ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ:
أَميطوا عَنْهُ الأَذى،
يَعْنِي بالأَذى ذَلِكَ الشَّعْرَ الَّذِي يُحْلَقُ عَنْهُ، وَهَذَا مِنَ الأَشياء الَّتِي رُبَّمَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ غَيْرِهَا إِذا كَانَتْ مَعَهَا أَو مِنْ سَبَبِهَا، فَسُمِّيَتِ الشَّاةُ عَقِيقَةً لَعَقِيقَةِ الشَّعْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئِلَ عَنِ العَقِيقةِ فَقَالَ: لَا أُحب العُقُوق
، لَيْسَ فِيهِ تَوْهِينٌ لأَمر العَقِيقَةِ وَلَا إِسقاط لَهَا، وإِنما كَرِهَ الِاسْمَ وأَحب أَن تُسَمَّى بأَحسن مِنْهُ كَالنَّسِيكَةِ وَالذَّبِيحَةِ، جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ. والعَقِيقَةُ: صُوفُ الجَذَع، والجَنيبَة: صُوفُ الثَّنِيِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَهَائِمِ فإِن الشَّعْرَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ حِينَ يُولَدُ عَقِيقَة وعَقِيقٌ وعِقَّةٌ، بِالْكَسْرِ؛ وأَنشد لِابْنِ الرِّقاع يَصِفُ الْعَيْرَ:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عَنْهُ فأَنْسَلَها،
…
واجْتابَ أُخْرَى جَدِيدًا بعد ما ابْتَقَلا
مُوَلَّع بسوادٍ فِي أَسافِلِهِ،
…
مِنْهُ احْتَذَى، وبِلَوْنٍ مِثلِهِ اكْتَحَلَا
فَجَعَلَ العَقِيقةَ الشَّعْرَ لَا الشَّاةَ، يَقُولُ: لَمَّا تَرَبَّع وأَكل بُقول الرَّبِيعِ أَنْسَلَ الشَّعْرَ الْمَوْلُودَ معه وأَنبت
(3). قوله [سراً إلخ] صدره كما في الصحاح:
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الفلق
الْآخَرَ، فَاجْتَابَهُ أَي اكْتَسَاهُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّعْرِ عَقِيقٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
أَطارَ عَقِيقَهُ عَنْهُ نُسَالًا،
…
وأُدْمِجَ دَمْج ذِي شَطَنٍ بدِيعِ
أَراد شَعْرَهُ الَّذِي يُوَلَّدُ عَلَيْهِ أَنه أَنْسَله عَنْهُ. قَالَ: والعَقُّ فِي الأَصل الشَّقُّ وَالْقَطْعُ، وَسُمِّيَتِ الشَّعْرَةُ الَّتِي يَخْرُجُ الْمَوْلُودُ مِنْ بَطْنِ أُمه وَهِيَ عَلَيْهِ عَقِيقةً، لأِنها إِن كَانَتْ عَلَى رأْس الإِنسي حُلِقَتْ فَقُطِعَتْ، وإِن كَانَتْ عَلَى الْبَهِيمَةِ فإِنها تُنْسِلُها، وَقِيلَ لِلذَّبِيحَةِ عَقِيقةٌ لأَنَّها تُذبَح فيُشقّ حلقومُها ومَريثُها وودَجاها قَطْعًا كَمَا سُمِّيَتْ ذَبِيحَةً بِالذَّبْحِ، وَهُوَ الشِّقُّ. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذا نشأَ مَعَ حَيٍّ حَتَّى شَبَّ وَقَوِيَ فِيهِمْ: عُقَّتْ تميمتُه فِي بَنِي فُلَانٍ، والأَصل فِي ذَلِكَ أَن الصَّبِيَّ مَا دَامَ طِفْلًا تُعَلِّقُ أُمه عَلَيْهِ التَّمَائِمَ، وَهِيَ الْخَرَزُ، تُعَوِّذه مِنَ الْعَيْنِ، فإِذا كَبِرَ قُطعت عَنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بلادٌ بِهَا عَقَّ الشّبابُ تَمِيمَتي،
…
وأَوّلُ أَرضٍ مَسَّ جِلْدي تُرابُها
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عَقِيقةُ الصَّبِيِّ غُرْلَتُه إِذا خُتِن. والعَقُوق مِنَ الْبَهَائِمِ: الْحَامِلُ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْحَافِرِ خَاصَّةً وَالْجَمْعُ عُقُقٌ وعِقاق، وَقَدْ أَعَقَّتْ، وَهِيَ مُعِقّ وعَقُوق، فمُعِقّ عَلَى الْقِيَاسِ وعَقوق عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، وَلَا يُقَالُ مُعِقّ إِلا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ، وَهُوَ مِنَ النوادِر. وَفَرَسٌ عَقُوق إِذا انْعَقّ بطنُها وَاتَّسَعَ لِلْوَلَدِ؛ وَكُلُّ انْشِقَاقٍ هو انْعِقاقٌ؛ وكلُّ شِقٍّ وَخَرْقٍ فِي الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ عَقّ، وَمِنْهُ قِيلَ للبَرْقِ إِذا انْشَقَّ عَقِيقةٌ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي الأَضداد: زَعَمَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَن الْفَرَسَ الْحَامِلَ يُقَالُ لَهَا عَقوق وَيُقَالُ أَيضاً لِلْحَائِلِ عَقوق؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاه رَجُلٌ مَعَهُ فَرَسٌ عَقوق
أَي حَائِلٌ، قَالَ: وأَظن هَذَا عَلَى التَّفَاؤُلِ كأَنهم أَرادوا أَنها ستَحْمِلُ إِن شَاءَ اللَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَطْرَقَ مُسْلِمًا فعَقَّتْ لَهُ فرسُه كَانَ كأَجر كَذَا
؛ عَقَّتْ أَي حَمَلت. والإِعْقاقُ بَعْدَ الإِقْصاصِ، فالإِقْصاص فِي الْخَيْلِ وَالْحُمُرِ أَوَّل ثُمَّ الإِعْقاقُ بَعْدَ ذَلِكَ. والعَقِيقةُ: المَزادة. والعَقِيقةُ: النَّهْرُ. والعَقِيقةُ: العِصابةُ ساعةَ تُشَقُّ من الثوب. والعَقِيقةُ: نَواقٌ رِخْوَةٌ كالعَجْوة تُؤْكَلُ. ونَوى العَقوقِ: نَوًى هَشّ لَيِّنٌ رِخْو المَمْضغة تأْكله الْعَجُوزُ أَو تَلوكه تُعْلَفُه النَّاقَةُ العَقوق إلْطافاً لَهَا، فَلِذَلِكَ أُضيف إِليها، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَهل الْبَصْرَةِ وَلَا تَعْرِفُهُ الأَعراب فِي بَادِيَتِهَا. وَفِي الْمَثَلِ: أَعَزُّ مِنْ الأَبْلِق العَقوقِ؛ يُضْرَبُ لِمَا لَا يَكُونُ، وَذَلِكَ أَن الأَبْلق مِنْ صِفَاتِ الذُّكُورِ، والعَقُوق الْحَامِلُ، وَالذَّكَرُ لَا يَكُونُ حَامِلًا، وإِذا طَلَبَ الإِنسان فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ قَالُوا: طَلَب الأَبْلَق العَقوق، فكأَنه طَلَبَ أَمراً لَا يَكُونُ أَبداً؛ وَيُقَالُ: إِن رَجُلًا سأَل مُعَاوِيَةَ أَن يُزَوِّجَهُ أمَّه هَنْدًا فَقَالَ: أَمْرُها إِليها وَقَدْ قَعَدَتْ عَنِ الْوَلَدِ وأَبَتْ أَن تَتَزَوَّجَ، فَقَالَ: فَوَلِّنِي مَكَانَ كَذَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مُتَمِثِّلًا:
طَلَبَ الأَبْلَقَ العَقوقَ، فلمَّا
…
لَمْ يَنَلْهُ أَراد بَيْضَ الأَنُوقِ
والأَنوق: طَائِرٌ يَبِيضُ فِي قُنَنِ الْجِبَالِ فَبَيْضُهُ فِي حِرْزٍ إِلا أَنه مِمَّا لَا يُطْمَع فِيهِ، فَمَعْنَاهُ أَنه طَلب مَا لَا يَكُونُ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ طَلَبَ مَا يَطْمَعُ فِي الْوُصُولِ إِليه، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَعِيدٌ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ
فِي الرَّجُلِ يسأَل مَا لَا يَكُونُ وَمَا لَا يُقْدر عَلَيْهِ: كَلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقوق، وَمِثْلُهُ: كَلَّفْتَني بَيْضَ الأَنوق؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَلَوْ قَبِلوني بالعَقُوقِ، أَتَيْتُهُمْ
…
بأَلْفٍ أُؤَدِّيه مِنَ المالِ أَقْرَعا
يَقُولُ: لَوْ أَتيتهم بالأَبْلَق العَقوقِ مَا قَبِلُونِي، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: لَوْ قَبِلُونِي بالأَبيض العَقوق لأَتيتهم بأَلف، وَقِيلَ: العَقوق مَوْضِعٌ، وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي أَنشده ابْنُ الأَعرابي وَقَالَ: يُرِيدُ أَلف بَعِيرٍ. والعَقِيقةُ: سَهْمُ الِاعْتِذَارِ؛ قَالَتِ الأَعراب: إِن أَصل هَذَا أَن يُقْتَلَ رجلٌ مِنَ الْقَبِيلَةِ فيُطالَب القاتلُ بِدَمِهِ، فَتَجْتَمِعُ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ إِلى أَولياء القَتِيل ويَعْرضون عَلَيْهِمُ الدِّيةَ ويسأَلون الْعَفْوَ عَنِ الدَّمِ، فإِن كَانَ وَلِيّهُ قَوِيًّا حَمِيًّا أَبى أَخذ الدِّيَةِ، وإِن كَانَ ضَعِيفًا شاوَرَ أَهل قَبِيلَتِهِ فَيَقُولُ لِلطَّالِبِينَ: إِن بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَالِقِنَا عَلَامَةً للأَمر وَالنَّهْيِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْآخَرُونَ: مَا عَلَامَتُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نأْخذ سَهْمًا فَنُرَكِّبُهُ عَلَى قَوْس ثُمَّ نَرْمِي بِهِ نحْوَ السَّمَاءِ، فإِن رَجَعَ إِلَيْنَا مُلَطَّخًا بِالدَّمِ فَقَدْ نُهِينا عَنْ أَخذ الدِّيَةِ، وَلَمْ يَرْضَوْا إِلا بالقَوَدِ، وإِن رَجَعَ نِقيًّا كَمَا صَعِدَ فَقَدْ أُمِرْنا بأَخذ الدِّيَةِ، وَصَالَحُوا، قَالَ: فَمَا رَجَعَ هَذَا السهمُ قَطُّ إِلا نَقِيًّا وَلَكِنُ لَهُمْ بهذا غُذْرٌ عِنْدَ جُهَّالهم؛ وَقَالَ شَاعِرٌ مِنْ أَهل القَتِيل وَقِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ للأَشْعَر الجُعْفي وَكَانَ غَائِبًا عَنْ هَذَا الصُّلْحِ:
عَقُّوا بِسَهْمٍ ثُمَّ قَالُوا: صالِحُوا
…
يَا ليتَني فِي القَوْمِ، إِذ مَسَحوا اللِّحى
قَالَ: وَعَلَامَةُ الصُّلْحِ مَسْحُ اللِّحى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنشد الشَّافِعِيُّ لِلْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
عَقُّوا بسَهْم، وَلَمْ يَشْعُرْ بِه أَحَدٌ،
…
ثُمَّ اسْتَفاؤوا وَقَالُوا: حَبَّذا الوَضَحُ
أَخبر أَنهم آثَرُوا إِبل الدِّيَةِ وأَلبانها عَلَى دَمِ قَاتِلِ صَاحِبِهِمْ، والوَضَحُ هَاهُنَا اللَّبَنُ، وَيُرْوَى: عَقَّوْا بِسَهْمٍ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ. وعَقَّ بِالسَّهْمِ: رَمى بِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ. وَمَاءٌ عُقّ مِثْلُ قُعٍّ وعُقاقٌ: شَدِيدُ الْمَرَارَةِ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ. وأَعَقَّتِ الأَرضُ الْمَاءَ: أَمَرَّتْه؛ وَقَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
بَحْرُكَ بَحْرُ الجودِ، مَا أَعَقَّهُ
…
ربُّكَ، والمَحْرومُ مَنْ لَمْ يُسْقَهُ
مَعْنَاهُ مَا أَمَرَّه، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: أَراد مَا أَقَعَّهُ مِنَ الْمَاءِ القُعِّ وَهُوَ المُرُّ أَو الْمِلْحُ فَقَلَبَ، وأَراه لَمْ يَعْرِفْ مَاءً عُقًّا لأَنه لَوْ عَرَفَهُ لحَمَلَ الفعلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلى الْقَلْبِ. وَيُقَالُ: ماءٌ قُعاعٌ وعُقاق إِذا كَانَ مُرًّا غَلِيظًا، وَقَدْ أَقَعَّهُ اللهُ وأَعَقَّه. والعَقِيقُ: خَرَزٌ أَحمر يُتَّخَذُ مِنْهُ الفُصوص، الْوَاحِدَةُ عَقِيقةٌ؛ ورأَيت فِي حَاشِيَةِ بَعْضِ نُسَخِ التَّهْذِيبِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: قَالَ أَبو الْقَاسِمِ سُئِلَ إِبراهيم الْحَرْبِيُّ عَنِ الْحَدِيثِ
لَا تَخَتَّمُوا بالعَقِيقِ
فَقَالَ: هذا تصحيف إِما هُوَ لَا تُخَيِّمُوا بالعَقِيق أَي لَا تُقِيمُوا بِهِ لأَنه كَانَ خَرَابًا والعُقَّةُ: الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ. وعَقْعَقَ الطَّائِرُ بِصَوْتِهِ: جَاءَ وَذَهَبَ. والعَقْعَقُ: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ مِنْ ذَلِكَ وَصَوْتُهُ العَقْعَقةُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَى ثعلب عن إِسحق الْمَوْصِلِيِّ أَن العَقْعَقَ يُقَالُ لَهُ الشَّجَجَى. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: يَقْتُلُ المُحْرِمُ العَقْعَقَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ ذُو لَوْنَيْنِ أَبيض وأَسود طَوِيلُ الذَّنَب، قَالَ: وإِنما أَجاز قَتْلَهُ لأَنه نَوْعٌ مِنَ الْغِرْبَانِ.
وعَقَّةُ: بَطْنٌ مِنَ النَّمِر بْنِ قاسِطٍ؛ قَالَ الأَخطل:
ومُوَقَّع أَثَرُ السِّفارِ بِخَطْمِهِ،
…
مِنْ سُود عَقَّةَ أَو بَنِي الجَوَّالِ
المُوقَّع: الَّذِي أَثَّر القَتَبُ فِي ظَهْرِهِ، وَبَنُو الجَوَّال: فِي بَنِي تَغْلِب. وَيُقَالُ للدَّلو إِذا طَلَعَتْ مِنَ الْبِئْرِ ملأَى: قَدْ عَقَّتْ عَقّاً، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: عَقَّتْ تَعْقِيةً، وأَصلها عَقَّقَتْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ ثَلَاثَ قَافَاتٍ قَلَبُوا إِحداها يَاءً كَمَا قَالُوا تَظَنَّيْتُ مِنَ الظَّنِّ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عَقَّتْ كَمَا عَقَّتْ دَلُوفُ العِقْبانْ
شَبَّهَ الدَّلْوَ وَهِيَ تَشُقُّ هواءَ الْبِئْرِ طَالِعَةً بِسُرْعَةٍ بالعُقاب تَدْلِفُ فِي طَيَرانها نحوَ الصَّيْدِ. وعِقَّانُ النَّخِيلِ والكُروم: مَا يَخْرُجُ مِنْ أُصولها، وإِذا لَمْ تُقطع العِقَّانُ فَسَدت الأُصول. وَقَدْ أَعَقَّتِ النَّخْلَةُ والكَرْمة: أَخرجت عِقَّانها. وَفِي تَرْجَمَةِ قَعَعَ: القَعْقَعةُ والعَقْعَقَةُ حَرَكَةُ الْقِرْطَاسِ وَالثَّوْبِ الْجَدِيدِ.
علق: عَلِقَ بالشيءِ عَلَقاً وعَلِقَهُ: نَشِب فِيهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذا عَلِقَتْ مَخَالبُهُ بِقِرْنٍ،
…
أَصابَ القَلْبَ أَو هَتَك الحِجابا
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَلِقَت الأَعراب بِهِ
أَي نَشِبوا وَتَعَلَّقُوا، وَقِيلَ طَفِقُوا؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
إِذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ،
…
رأَى الموتَ رَأْيَ العينِ أَسودَ أَحمرا
وَهُوَ عالِقٌ بِهِ أَي نَشِبٌ فِيهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلَقُ النُّشوب فِي الشَّيْءِ يَكُونُ فِي جَبَلٍ أَو أَرض أَو ما أَشبهها. وأَعْلَقَ الحابلُ: عَلِق الصيدُ فِي حِبَالته أَي نَشِب. وَيُقَالُ لِلصَّائِدِ: أَعْلَقْتَ فأَدْرِكْ أَي عَلِقَ الصيدُ فِي حِبالتك. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِعْلاقُ وُقُوعُ الصَّيْدِ فِي الْحَبْلِ. يُقَالُ: نَصَب لَهُ فأَعْلقه. وعَلِقَ الشيءَ عَلَقاً وعَلِقَ بِهِ عَلاقَةً وعُلوقاً: لَزِمَهُ. وعَلِقَتْ نفُسه الشيءَ، فَهِيَ عَلِقةٌ وعَلاقِيةٌ وعَلِقْنَةٌ: لَهِجَتْ بِهِ؛ قَالَ:
فَقُلْتُ لَهَا، والنَّفْسُ منِّي عَلِقْنَةٌ
…
عَلاقِيَةٌ تَهْوَى، هَوَاهَا المُضَلَّلُ
وَيُقَالُ للأَمر إِذا وَقَعَ وَثَبَتَ
عَلِقَتْ مَعَالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ
وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: جفَّ الْقَلَمُ فَلَا تَتَعَنَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْمَثَلِ:
عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْدب
يُضْرَبُ هَذَا لِلشَّيْءِ تأْخذه فَلَا تُرِيدُ أَن يُفْلِتَكَ. وَقَالُوا: عَلِقَتْ مَراسِيها بِذِي رَمْرامِ، وَبِذِي الرَّمْرَام؛ وَذَلِكَ حِينَ اطمأَنت الإِبل وقَرَّت عُيُونُهَا بِالْمَرْتَعِ، يُضْرَبُ هَذَا لِمَنِ اطمأَنَّ وقَرَّتْ عَيْنُهُ بِعَيْشِهِ، وأَصله أَنَّ رَجُلًا انْتَهَى إِلى بِئْرٍ فأَعْلَقَ رِشَاءَه بِرِشَائِها ثُمَّ صَارَ إِلى صَاحِبِ الْبِئْرِ فادَّعَى جِوارَه، فَقَالَ لَهُ: وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: عَلَّقْت رِشائي برِشائكَ، فأَبى صَاحِبُ الْبِئْرِ وأَمره أَن يَرْتَحِلَ؛ فقال:
عَلِقَتْ مَعالقَها صَرَّ الجُنْدب
أَي جاءَ الحرُّ وَلَا يُمْكِنُنِي الرَّحِيلُ. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ: قَدْ عَلِقَ الكِبَرُ مَعَالقَهُ؛ جَمْعُ مِعْلَقٍ وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَلِقتْ مِنْهُ كلَّ معْلق
أَي أَحبها وشُغِفَ بِهَا.
يُقَالُ: عَلِقَ بِقَلْبِهِ عَلَاقَةً، بِالْفَتْحِ. وكلُّ شيءٍ وَقَعَ مَوْقِعه فَقَدْ عَلِقَ مَعَالِقَه، والعَلاقة: الْهَوَى والحُبُّ اللَّازِمُ لِلْقَلْبِ. وَقَدْ عَلِقَها، بِالْكَسْرِ، عَلَقاً وعَلاقةً وعَلِقَ بِهَا عُلوقاً وتَعَلَّقها وتَعَلَّقَ بِهَا وعُلِّقَها وعلِّق بِهَا تَعْلِيقاً: أَحبها، وَهُوَ مُعَلَّقُ الْقَلْبِ بِهَا؛ قَالَ الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رَجُلًا
…
غَيْري، وعُلِّقَ أُخْرَى غَيْرها الرجلُ
وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
تَعَلَّقَهُ مِنْهَا دَلالٌ ومُقْلَةٌ،
…
تَظَلُّ لأَصحاب الشَّقاءِ تُديرُها
أَراد تَعَلَّقَ مِنْهَا دَلالًا ومُقْلةً فَقَلَبَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلَقُ الْهَوَى يَكُونُ لِلرَّجُلِ فِي المرأَة. وَإِنَّهُ لَذُو عَلَقٍ فِي فُلَانَةَ: كَذَا عدَّاه بِفِي. وَقَالُوا فِي الْمَثَلِ: نَظْرةٌ مِنْ ذِي عَلَقٍ أَي مِنْ ذِي حُبّ قَدْ عَلِقَ بِمَنْ هَوِيَهُ؛ قَالَ كثيِّر:
وَلَقَدْ أَرَدْتُ الصبرَ عنكِ، فعاقَني
…
عَلَقٌ بقَلْبي، مِنْ هَواكِ، قديمُ
وعَلِقَ حبُّها بِقَلْبِهِ: هَوِيَها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: لَهَا فِي قَلْبِي عِلْقُ حبٍّ وعَلاقَةُ حُبٍّ وعِلاقَةُ حبٍّ، قَالَ وَلَمْ يَعْرِفِ الأَصمعي عِلْق حُبٍّ وَلَا عِلاقةَ حبٍّ، إِنما عَرَفَ عَلاقَةَ حُب، بِالْفَتْحِ، وعَلَق حبٍّ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ، والعَلاقَةُ، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ الْمَرَّارُ الأَسدي:
أَعَلاقَةً، أُمَّ الوُلَيِّدِ، بعد ما
…
أَفْنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِس؟
واعْتَلَقَهُ أَي أَحبه. وَيُقَالُ: عَلِقْتُ فلانةَ عَلاقةً أَحببتها، وعَلِقَتْ هِيَ بِقَلْبِي: تَشَبَّثَتْ بِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَقَدْ عَلِقَتْ مَيٌّ بِقَلْبِي عَلاقةً،
…
بَطِيئاً عَلَى مَرِّ اللَّيَالِي انْحِلالُها
وَرَجُلٌ علاقِيَةٌ، مِثْلُ ثَمَانِيَةٍ، إِذا عَلِقَ شَيْئًا لَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ. وأَعْلَقَ أَظفارَه فِي الشَّيْءِ: أَنشَبها. وعَلَّقَ الشيءَ بِالشَّيْءِ وَمِنْهُ وَعَلَيْهِ تَعْليقاً: ناطَهُ. والعِلاقةُ: مَا عَلَّقْتَه بِهِ. وتَعَلَّقَ الشيءَ: عَلقَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ:
تَعَلَّقَ إِبريقاً، وأَظْهَرَ جَعْبةً،
…
ليُهْلِكَ حَيّاً ذَا زُهاءٍ وجَامِلِ
وَقِيلَ: تَعَلَّق هُنَا لَزِمَهُ، وَالصَّحِيحُ الأَول، وتَعَلَّقَهُ وتَعَلَّق بِهِ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: تَعَلَّقْتُهُ بِمَعْنَى عَلَّقْتُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لأَبي الأَسود: لَوْ تَعَلَّقْتَ مَعَاذَةً لِئَلَّا تُصِيبَكَ عَيْنٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَعَلَّق شَيْئًا وكِلَ إِليه
أَي مَنْ عَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ التَّعَاوِيذِ والتَّمائم وأَشباهها مُعْتِقِدًا أَنها تَجْلُب إِليه نَفْعًا أَو تَدْفَعُ عَنْهُ ضُرًّا. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: أَدُّوا العَلائِقَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا العَلائِقُ؟
وَفِي رِوَايَةٍ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا العَلائِقُ بَيْنَهُمْ؟ قَالَ: مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ أَهْلُوهُم
؛ العَلائِقُ: المُهُور، الْوَاحِدَةُ عَلاقَةٌ، قَالَ وكلُّ مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنَ الْعَيْشِ فَهُوَ عُلْقةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَكَانِ: والعِلْقةُ، بِالْكَسْرِ، الشَّوْذَرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا هِيَ إِلَّا فِي إزارٍ وعِلْقَةٍ،
…
مَغَارَ ابنِ هَمَّامٍ عَلَى حَيِّ خَثْعَمَا
وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ بِهِ. وَيُقَالُ: لَمْ تَبْقَ لِي عِنْدَهُ عُلْقةٌ أَي شيءٌ. والعَلاقةُ: مَا يُتبلغ بِهِ مِنَ عَيْشٍ. والعُلْقةُ والعَلاقُ: مَا فِيهِ بُلْغة مِنَ الطَّعَامِ إِلى وَقْتِ الْغِذَاءِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا يأْكل فُلَانٌ إِلا عُلْقَةً أَي مَا يُمْسِكُ نَفْسَهُ مِنَ الطَّعَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتَجْتَزِئُ بالعُلْقَةِ
أَي تَكْتَفِي بالبُلْغةِ مِنَ الطَّعَامِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
وإِنما يأْكلْنَ العُلْقةَ مِنَ الطَّعَامِ.
قَالَ الأَزهري: والعُلْقةُ مِنَ الطَّعَامِ والمركبِ مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ وإِن لَمْ يَكُنْ تَامًّا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: ارْضَ مِنَ المَرْكب بالتَّعْلِيقِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُؤْمَرُ بأَن يَقْنَعَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ دُونَ تَمَامِهَا كَالرَّاكِبِ عَلِيقةً مِنَ الإِبل سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ؛ وَيُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ لَنَا فِيهِ عُلْقةٌ أَيْ بُلْغَةٌ، وَعِنْدَهُمْ عُلْقةٌ مِنْ مَتَاعِهِمْ أَي بَقِيَّةٌ. وعَلَقَ عَلاقاً وعَلوقاً: أَكل، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَحْدِ، يُقَالُ: مَا ذُقْتُ عَلاقاً وَلَا عَلوقاً. وَمَا فِي الأَرض عَلاقٌ وَلَا لَماقٌ أَي مَا فِيهَا مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنَ عَيْشٍ، وَيُقَالُ: مَا فِيهَا مَرْتَع؛ قَالَ الأَعشى:
وفَلاة كأَنّها ظَهْرُ تُرْسٍ،
…
ليسَ إِلا الرَّجِيعَ فِيهَا عَلاقُ
الرَّجِيعُ: الجِرَّةُ؛ يَقُولُ لَا تَجِدُ الإِبل فِيهَا عَلاقاً إِلا مَا تردُّه مِنْ جِرَّتها. وَفِي الْمَثَلِ: لَيْسَ المُتَعَلِّق كالمُتَأَنِّق؛ يُرِيدُ لَيْسَ مَنْ عَيشُه قَلِيلٌ يَتَعَلَّق بِهِ كَمَنْ عَيْشُهُ كَثِيرٌ يَخْتَارُ مِنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مَنْ يَتَبَلَّغ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَمَنْ يتأَنَّق يأْكل مَا يَشَاءُ. وَمَا بِالنَّاقَةِ عَلُوق أَي شَيْءٌ مِنَ اللَّبَنِ. وَمَا تَرَكَ الْحَالِبُ بِالنَّاقَةِ عَلاقاً إِذا لَمْ يَدَعْ فِي ضَرْعِهَا شَيْئًا. والبَهْمُ تَعْلُق مِنَ الوَرَق: تُصِيبُ، وَكَذَلِكَ الطَّيْرُ مِنَ الثَّمَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَرواح الشُّهَدَاءِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ
؛ قَالَ الأَصمعي: تَعْلُق أَي تَناوَل بأَفواهها، يُقَالُ: عَلَقَتْ تَعْلُق عُلوقاً؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
أَو فَوْقَ طاوِيةِ الحَشَى رَمْلِيَّة،
…
إِنْ تَدْنُ مِنْ فَنَن الأَلاءَةِ تَعْلُق
يَقُولُ: كأَن قُتُودي فَوْقَ بَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ فِي الأَصل للإِبل إِذا أَكلت العِضاهَ فَنَقَلَ إِلى الطَّيْرِ، وَرَوَاهُ الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيِّينَ تَعْلَق مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلْق أَكل الْبَهَائِمِ وَرَقَ الشَّجَرِ، عَلَقَتْ تَعْلُق عَلْقاً. وَالصَّبِيُّ يَعْلُقُ: يَمُصُّ أَصابعه. والعَلوقُ: مَا تَعْلُقه الإِبل أَي تَرْعَاهُ، وَقِيلَ هُوَ نَبْتٌ؛ قَالَ الأَعشى:
هُوَ الوَاهِبُ الْمِائَةِ المُصْطَفاة،
…
لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارَا
أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وَقِيلَ: إِنه يَقُولُ رَعَيْنَ العَلُوقَ حِينَ لَاطَ بِهِنَّ الِاحْمِرَارُ مِنَ السِّمَن والخِصْب؛ وَيُقَالُ: أَراد بالعَلُوق الْوَلَدَ فِي بَطْنِهَا، وأَراد بِالِاحْمِرَارِ حُسْنَ لَوْنِهَا عِنْدَ اللَّقْحِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العَلُوق ماءُ الْفَحْلِ لأَن الإِبل إِذا عَلِقَتْ وَعَقَدَتْ عَلَى الْمَاءِ انْقَلَبَتْ أَلوانها واحْمَرَّت، فَكَانَتْ أَنْفَسَ لَهَا فِي نَفْسِ صَاحِبِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الَّذِي فِي شِعْرِ الأَعشى:
بأَجْوَدَ مِنْهُ بِأُدْمِ الرِّكابِ،
…
لاطَ العَلوقُ بِهِنَّ احْمِرَارَا
قَالَ: وَذَلِكَ أَن الإِبل إِذا سَمِنَتْ صَارَ الآدمُ مِنْهَا أصْهبَ والأَصْهبُ أَحمر؛ وأَما عَجُزُ الْبَيْتِ الَّذِي صَدْرُهُ:
هُوَ الواهبُ الْمِائَةَ المُصْطَفاة،
…
لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا
فإِنه:
إِما مَخَاضاً وإِما عِشَارَا
والعَلْقَى: شَجَرٌ تَدُومُ خُضْرَتُهُ فِي القَيْظ وَلَهَا أَفنان طُوَالٌ دِقاق وَوَرَقٌ لِطاف، بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ أَلفها لِلتَّأْنِيثِ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهَا للإِلحاق وَتُنَوَّنُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَلْقَى نَبْتٌ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: تَكُونُ وَاحِدَةً وَجَمْعًا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكورِ،
…
بَيْنَ تَواري الشَّمْسِ والذُّرُورِ
وَفِي الْمُحْكَمِ:
يَسْتَنُّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكورِ
وَقَالَ: وَلَمْ يُنَوِّنْهُ رُؤْبَةُ، وَاحِدَتُهُ عَلْقاة، قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: الأَلف فِي عَلْقاة لَيْسَتْ للتأْنيث لِمَجِيءِ هَاءِ التأْنيث بَعْدَهَا، وإِنما هِيَ للإِلحاق بِبِنَاءِ جَعْفَرٍ وَسَلْهَبٍ، فإِذا حَذَفُوا الْهَاءَ مِنْ عَلْقاة قَالُوا عَلْقَى غَيْرَ مُنَوَّنٍ، لأَنها لَوْ كَانَتْ للإِلحاق لَنُوِّنَتْ كَمَا تُنَوِّنُ أَرْطًى، أَلا تَرَى أَن مَنْ أَلحق الْهَاءَ فِي عَلْقاةٍ اعْتَقَدَ فِيهَا أَن الأَلف للإِلحاق وَلِغَيْرِ التأْنيث؟ فإِذا نَزَعَ الْهَاءَ صَارَ إِلى لُغَةِ مَنِ اعْتَقَدَ أَن الأَلف للتأْنيث فَلَمْ ينوِّنها كَمَا لَمْ يُنَوِّنْهَا، وَوَافَقَهُمْ بَعْدَ نزعِهِ الهاءَ مِنْ عَلْقاة عَلَى مَا يَذْهَبُونَ إِليه مِنْ أَن أَلف عَلْقَى للتأْنيث. وَبَعِيرٌ عَالِقٌ: يَرْعَى العَلْقَى. والعالِقُ أَيضاً: الَّذِي يَعْلُقُ العِضاه أَي ينتِف مِنْهَا، سُمِّيَ عَالِقًا لأَنه يَعْلُق الْعِضَاهَ لِطُولِهَا. وعَلَقَت الإِبلُ العِضاه تَعْلُق، بِالضَّمِّ، عَلْقاً إِذا تَسنَّمتها أَي رَعَتْهَا مِنْ أَعلاها وَتَنَاوَلَتْهَا بأَفواهها، وَهِيَ إِبل عَوالق. وَرَجُلُ ذُو مَعْلَقَةٍ أَي مُغِيرٌ يَعْلَقُ بِكُلِّ شَيْءٍ أَصابه؛ قَالَ:
أَخاف أَن يَعْلَقَها ذُو مَعْلَقَهْ
وَجَاءَ بعُلَقَ فُلَقَ أَي الدَّاهِيَةُ، وَقَدْ أَعْلَقَ وأَفْلَقَ. وعُلَقُ فُلَقُ: لَا يَنْصَرِفُ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: أَعْلَقْتَ وأَفْلَقْتَ أَي جِئْتَ بعُلَقَ فُلَقَ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، لَا يَجْرِي مَجْرَى عُمَرَ. وَيُقَالُ: العُلَقُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ. والعَوْلَقُ: الغُول، وَقِيلَ: الْكَلْبَةُ الْحَرِيصَةُ، قَالَ: وَكَلْبَةٌ عَوْلَقٌ حَرِيصَةٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
عَوْلقُ الحِرْصِ إِذا أَمْشَرَتْ،
…
ساوَرَتْ فِيهِ سُؤورَ المُسامِي
وَقَوْلُهُمْ: هَذَا حَدِيثٌ طَوِيلُ العَوْلَقِ أَي طَوِيلُ الذَّنَب. وَقَالَ كُرَاعٌ: إِنه لَطَوِيلُ العَوْلَقِ أَي الذَّنْبُ، فَلَمْ يَخصَّ بِهِ حَدِيثًا وَلَا غَيْرَهُ. والعَليقةُ: الْبَعِيرُ أَو النَّاقَةُ يُوَجِّهُهُ الرَّجُلُ مَعَ الْقَوْمِ إِذا خَرَجُوا مُمْتارين وَيَدْفَعُ إِليهم دَرَاهِمَ يَمْتَارُونَ لَهُ عَلَيْهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرسلها عَلِيقةً، وَقَدْ عَلِمْ
…
أَن العليقَاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ
يَعْنِي أَنهم يُودِعُون رِكَابَهُمْ وَيَرْكَبُونَهَا وَيَزِيدُونَ فِي حَمْلِهَا. وَيُقَالُ: عَلَّقْتُ مَعَ فُلَانٍ عَلِيقةً، وأَرسلت مَعَهُ عليقَةً، وَقَدْ عَلَّقها مَعَهُ أَرسلها؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّا وَجَدْنا عُلَبَ العلائِقِ،
…
فِيهَا شِفاءٌ للنُّعاسِ الطَّارِقِ
وَقِيلَ: يُقَالُ لِلدَّابَّةِ عَلوق. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَلِيقةُ والعَلاقةُ الْبَعِيرُ يَضُمُّهُ الرَّجُلُ إِلى الْقَوْمِ يَمْتَارُونَ لَهُ مَعَهُمْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وقائلةٍ لَا تَرْكَبَنَّ عَلِيقةً،
…
ومِنْ لذَّة الدُّنْيَا رُكوبُ العَلائِقِ
شَمِرٌ: عَلاقةُ المَهْر مَا يَتَعَلَّقون بِهِ عَلَى الْمُتَزَوِّجِ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
بِأَيّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُونَ
…
عَنْ دمِ عَمْرٍو، عَلَى مَرْثَدِ؟ «4»
. قَالَ: العَلاقةُ النَّيْل، وَمَا تَعَلَّقُوا بِهِ عَلَيْهِمْ مثلَ عَلاقةِ الْمَهْرِ. والعِلاقةُ: المِعْلاق الَّذِي يُعَلَّقُ بِهِ الإِناء. والعِلاقةُ، بِالْكَسْرِ: عِلاقةُ السيفِ وَالسَّوْطِ، وعِلاقةُ السَّوْطِ مَا فِي مَقْبِضه مِنَ السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ عِلاقةُ القَدَحِ وَالْمُصْحَفِ وَالْقَوْسِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ. وأَعْلَقَ السوطَ وَالْمُصْحَفَ وَالسَّيْفَ وَالْقَدَحَ: جَعَلَ لَهَا عِلاقةً، وعَلَّقهُ عَلَى الوَتِدِ، وعَلَّقَ الشيءَ خَلْفَهُ كَمَا تُعَلَّق الحقِيبةُ وَغَيْرُهَا مِنْ وَرَاءِ الرَّحل. وتَعَلَّقَ بِهِ وتَعَلَّقَه، عَلَى حَذْفِ الوَسيط، سَوَاءٌ. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَلاقةٌ أَي بقيةُ نصيبٍ، والدَّعْوى لَهُ عَلاقةٌ. وعَلِقَ الثوبُ مِنَ الشَّجَرِ عَلَقاً وعُلوقاً: بَقِيَ مُتَعِلِّقًا بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: رُئِيَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فِيهِ عَلَقٌ وَقَدْ خيَّطه بالأُسْطُبَّةِ
؛ العَلَقُ: الْخَرْقُ، وَهُوَ أَن يَمُرَّ بِشَجَرَةٍ أَو شَوْكَةٍ فتَعْلَقَ بِثَوْبِهِ فَتَخْرِقُهُ. والعَلْقُ: الْجَذْبَةُ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مِنْهُ. والعَلَقُ: كُلُّ مَا عُلِّقَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ «5» : وَهِيَ العَلوق والمَعالِق بِغَيْرِ ياءٍ. والمِعْلاقُ والمُعْلوق: مَا عُلِّقَ مِنْ عِنَبٍ وَلَحْمٍ وَغَيْرِهِ، لَا نَظِيرَ لَهُ إِلا مُغْرود لِضَرْبٍ مِنَ الكمأَة، ومُغفُور ومُغْثور ومُغْبورٌ فِي مُغْثور ومُزْمور لِوَاحِدِ مَزَامِيرِ دَاوُدَ، عليه السلام؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ للمِعْلاق مُعْلوق وَهُوَ مَا يُعَلَّق عَلَيْهِ الشَّيْءُ. قَالَ اللَّيْثُ: أَدخلوا عَلَى المُعلوقِ الضَّمَّةَ وَالْمَدَّةَ كأَنهم أَرادوا حَدَّ المُنْخُل والمُدْهُن، ثُمَّ أَدخلوا عَلَيْهِ الْمَدَّةَ. وكلُّ شَيْءٍ عُلِّقَ بِهِ شَيْءٌ، فَهُوَ مِعْلاقه. ومَعاليقُ العُقود والشُّنوف: مَا يُجْعَلُ فِيهَا مِنْ كُلِّ مَا يحْسُن، وَفِي الْمُحْكَمِ: ومَعالِيق العِقْدِ الشُّنُوفُ يُجْعَلُ فِيهَا من كل ما يحسن فِيهِ. والأَعالِيقُ كالمَعالِيقِ، كِلَاهُمَا: مَا عُلِّقَ، وَلَا وَاحِدَ للأَعالِيقِ. وَكُلُّ شَيْءٍ عُلِّقَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَهُوَ مِعْلاقه. ومِعْلاقُ الْبَابِ: شَيْءٌ يُعَلَّقُ بِهِ ثُمَّ يُدْفع المِعْلاقُ فَيَنْفَتِحُ، وَفَرْقُ مَا بَيْنَ المِعْلاقِ والمِغْلاق أنَ المِغْلاق يُفْتَحُ بالمِفْتاح، والمِعْلاق يُعَلَّقُ بِهِ البابُ ثُمَّ يُدْفع المِعْلاق مِنْ غَيْرِ مِفْتَاحٍ فَيَنْفَتِحُ، وَقَدْ عَلَّق الْبَابَ وأَعلَقه. وَيُقَالُ: عَلِّق الْبَابَ وأَزْلِجْهُ. وتَعْلِيق البابِ أَيضاً: نَصْبه وترْكِيبُه، وعَلَّق يدَه وأَعْلَقها؛ قَالَ:
وكنتُ إِذا جاوَرْتُ، أَعْلَقْتُ فِي الذُّرى
…
يَدَيَّ، فَلَمْ يُوجَدْ لِجَنْبَيَّ مَصْرَعُ
والمِعْلَقة: بَعْضُ أَداة الرَّاعِي؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعُلَّيْقُ: نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ يتعلَّق بِالشَّجَرِ ويَلْتَوي عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُلَّيق شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ لَا يُعَظَّمُ، وإِذا نَشِب فِيهِ شَيْءٌ لَمْ يَكَدْ يتخلَّص مِنْ كَثْرَةِ شَوْكِهِ، وشَوكُه حُجَز شِدَادٌ، قَالَ: وَلِذَلِكَ سمِّي عُلَّيْقاً، قَالَ: وَزَعَمُوا أَنها الشَّجَرَةُ الَّتِي آنَسَ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فِيهَا النارَ، وأَكثر مَنَابِتِهَا الغِياضُ والأَشَبُ. وعَلِقَ بِهِ عَلَقاً وعُلوقاً: تَعَلَّقَ. والعَلوق: مَا يُعَلَّقُ بالإِنسان؛ والمنيّةُ عَلوق وعَلَّاقة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَلوق المنيَّة، صفة غالبة؛ قال
(4). قوله: عن دم عمرو؛ هكذا في الأَصل. وفي رواية أخرى: أَعَنْ، بإدخال همزة الاستفهام على عن
(5)
. قوله [وقال اللحياني إلخ] عبارة شرح القاموس: والمعالق، بغير ياء، من الدواب: هي العلوق؛ عن اللحياني
الْمُفَضَّلُ الْبَكْرِيُّ:
وَسَائِلَةٍ بثَعْلبةَ بنِ سَيْرٍ،
…
وَقَدْ عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلوقُ
يُرِيدُ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَيَّار فَغَيَّرَهُ لِلضَّرُورَةِ. والعُلُق: الدَّوَاهِي. والعُلُق: المَنايا. والعُلُق: الأَشغال أَيضاً. وَمَا بَيْنَهُمَا عَلاقةٌ أَي شيءٌ يتَعَلَّقُ بِهِ أَحدُهما عَلَى الْآخَرِ. وَلِي فِي الأَمر عَلوق ومُتعلَّق أَي مُفْتَرض؛ فأَما قَوْلُهُ:
عَيْنُ بَكِّي لِسامةَ بْنِ لُؤَيٍّ،
…
عَلِقَتْ مِلْ أُسامةَ العَلَّاقَهْ «1»
. فإِنه عَنَى الْحَيَّةَ لتَعَلّقها لأَنها عَلِقَتْ زِمام نَاقَتِهِ فَلَدَغَتْهُ، وَقِيلَ: العَلَّاقة، بِالتَّشْدِيدِ الْمَنِيَّةُ وَهِيَ العَلوق أَيضاً. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ فِي هَذَا الأَمر عَلاقة أَي دَعْوَى ومُتعَلَّق؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
حَمَّلْتُ مِنْ جَرْمٍ مَثاقيلَ حاجَتي،
…
كَريمَ المُحَيَّا مُشْنِقاً بالعَلائِقِ
أَي مُسْتَقِلًّا بِمَا يُعَلَّقُ بِهِ مِنَ الدِّيات. والعَلَق: الَّذِي تُعَلَّق بِهِ البَكَرةُ مِنَ الْقَامَةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَعْقَعةَ المِحْوَر خُطَّافَ العَلَقْ
يُقَالُ: أَعرني عَلَقَك، أَي أَداة بَكَرتك، وَقِيلَ: العَلَقُ البَكَرة، وَالْجَمْعُ أَعْلاق؛ قَالَ:
عُيونُها خُرْزٌ لصوتِ الأَعْلاقْ
وَقِيلَ: العَلَقُ القامةُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَقِيلَ: العَلَق أَداة البَكَرة، وَقِيلَ: هُوَ البَكَرةُ وأَداتها، يَعْنِي الخُطَّاف والرِّشاءَ وَالدَّلْوَ، وَهِيَ العَلَقةُ. والعَلَق: الْحَبَلُ المُعَلَّق بالبَكَرة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كلَّا زَعَمْت أَنَّني مَكْفِيُّ،
…
وفَوْق رأْسي عَلَقٌ مَلْوِيُ
وَقِيلَ: العَلَقُ الْحَبْلُ الَّذِي فِي أَعلى البكَرة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:
بِئْسَ مَقامُ الشَّيْخِ بالكرامهْ،
…
مَحالةٌ صَرَّارةٌ وقامَهُ،
وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاءَ الهامَهْ
قَالَ: لَمَّا كَانَتِ القامةُ مُعَلَّقة فِي الْحَبْلِ جُعِلَ الزُّقاء لَهُ وإِنما الزُّقاء للبَكرة، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلَق الرِّشاءُ والغَرْب والمِحْور والبَكرة؛ قَالَ: يَقُولُونَ أَعيرونا العَلَق فيُعارون ذَلِكَ كُلَّهُ، قَالَ الأَصمعي: العَلَق اسْمٌ جَامِعٌ لِجَمِيعِ آلَاتِ الاسْتِقاء بِالْبَكَرَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْخَشَبَتَانِ اللَّتَانِ تُنْصَبَانِ عَلَى رأْس الْبِئْرِ ويُلاقى بَيْنَ طَرَفَيْهِمَا الْعَالِيَيْنِ بِحَبَلٍ، ثُمَّ يُوتَدانِ عَلَى الأَرض بِحَبْلٍ آخَرَ يُمدّ طَرَفَاهُ للأَرض، ويُمَدَّان فِي وَتِدَينِ أُثْبتا فِي الأَرض، وتُعَلَّق القامةُ وَهِيَ البَكَرة فِي أَعلى الْخَشَبَتَيْنِ ويُسْتَقى عَلَيْهَا بِدَلْوَيْنِ يَنْزِع بِهِمَا سَاقِيَانِ، وَلَا يَكُونُ العَلَقُ إِلا السَّانِيَة، وَجُمْلَةُ الأَداة مِنَ الخُطَّافِ والمِحْوَرِ والبَكَرةِ والنَّعامَتَيْنِ وَحِبَالِهَا؛ كَذَلِكَ حَفِظْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ. وعَلَقُ الْقِرْبَةِ: سَيَّرٌ تُعَلَّقُ بِهِ، وَقِيلَ: عَلَقُها مَا بَقِيَ فِيهَا مِنَ الدُّهْنِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ. وَيُقَالُ: كَلِفْتُ إِليك عَلَقَ الْقِرْبَةِ، لُغَةٌ فِي عَرَق الْقِرْبَةِ، فأَما عَلَقُ الْقِرْبَةِ فَالَّذِي تُشَدُّ بِهِ ثُمَّ تُعَلَّق، وأَما عَرَقُها فأَن تَعْرَق مِنْ جُهْدِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وإِنما قَالَ كَلِفْتُ إِليك عَلَق الْقِرْبَةِ لأَن
(1). قوله [مل أُسامة] هكذا هو بالأَصل مضبوطاً، وقد ذكره في مادة فوق بلفظ ساق سامة مع ذكر قصته
أَشد الْعَمَلِ عِنْدَهُمُ السَّقْيُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَطَبَنَا عُمَرُ، رضي الله عنه، فَقَالَ: أَيها النَّاسُ، أَلا لَا تُغَالوا بصَداق النساءِ، فإِنه لَوْ كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا وَتَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُم بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مَا أَصْدَقَ امرأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أُصْدِقَت امرأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكثر مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقيّةً، وإِن الرَّجُلَ ليُغَالي بصَداق امرأَته حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ لَهَا فِي قَلْبِهِ عَدَاوَةً حَتَّى يَقُولَ قَدْ كَلِفْتُ عَلَقَ القربةِ
، وَفِي النِّهَايَةِ يَقُولُ:
حَتَّى جَشِمْتُ إِليكِ عَلَقَ القربةِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عَلَقُها عِصَامُها الَّذِي تُعَلَّقُ بِهِ، فَيَقُولُ: تَكَلَّفْت لكِ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى عِصَامَ الْقِرْبَةِ. والمُعَلَّقة مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي فُقِد زَوجُها، قَالَ تَعَالَى: فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ
، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَقَالَ تَعَالَى فِي المرأَة الَّتِي لَا يُنْصِفُها زَوْجُهَا وَلَمْ يُخَلِّ سبيلَها: فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ
، فَهِيَ لَا أَيِّم وَلَا ذَاتُ بَعْل. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: إِن أَنْطق أُطَلَّقْ، وإِن أَسكت أُعَلَّقْ
أَي يتركْني كالمعَلَّقة لَا مُمْسَكةً وَلَا مُطَلَّقَةً. والعَلِيقُ: القَضِيمُ يُعَلَّق عَلَى الدَّابَّةِ، وعَلّقها: عَلَّق عَلَيْهَا. والعَليقُ: الشَّرَابُ عَلَى الْمَثَلِ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلشَّرَابِ عَلِيق؛ وأَنشد لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ وأَظن أَنه لَبِيدٌ وإِنشاده مَصْنُوعٌ:
اسْقِ هَذَا وذَا وذاكَ وعَلِّقْ،
…
لَا تُسَمِّ الشَّرابَ إِلا عَلِيقَا
والعَلاقة: بِالْفَتْحِ: عَلاقة الْخُصُومَةِ. وعَلِقَ بِهِ عَلَقاً: خَاصَمَهُ. يُقَالُ: لِفُلَانٍ فِي أَرض بَنِي فُلَانٍ عَلاقةٌ أَي خُصُومَةٌ. وَرَجُلٌ مِعلاقٌ وَذُو مِعْلاق: خَصِيمٌ شَدِيدُ الْخُصُومَةِ يتعلَّق بِالْحُجَجِ ويستَدْركها؛ وَلِهَذَا قِيلَ فِي الْخَصِيمِ الجَدِل:
لَا يُرْسِلُ الساقَ إِلا مُمْسِكاً ساقَا
أَي لَا يَدَع حُجة إِلا وَقَدْ أَعَدّ أُخرى يتعلَّق بِهَا. والمِعْلاق: اللِّسَانُ الْبَلِيغُ؛ قَالَ مِهَلْهِلٌ:
إِن تحتَ الأَحْجارِ حَزْماً وجُوداً،
…
وخَصِيماً أَلَدَّ ذَا مِعْلاقِ
ومعْلاق الرَّجُلِ: لِسَانُهُ إِذا كَانَ جَدِلًا. والعَلاقَى، مَقْصُورٌ: الأَلقاب، وَاحِدَتُهَا عَلاقِيَة وَهِيَ أَيضاً العَلائِقُ، واحدَتها عِلاقةٌ، لأَنها تُعَلَّقُ عَلَى النَّاسِ. والعَلَقُ: الدَّمُ، مَا كَانَ وَقِيلَ: هُوَ الدَّمُ الْجَامِدُ الْغَلِيظُ، وَقِيلَ: الْجَامِدُ قَبْلَ أَن يَيْبَسَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ عَلَقة. وَفِي حَدِيثِ سَرِيَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ:
فإِذا الطَّيْرُ تَرْمِيهِمْ بالعَلَقِ
أَي بِقِطَعِ الدَّمِ، الْوَاحِدَةُ عَلَقةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي أَوْفَى: أَنه بَزَقَ عَلَقَةٌ ثُمَّ مَضَى فِي صَلَاتِهِ
أَي قِطْعَةَ دمٍ مُنْعَقِدٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً
؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَاءِ عَلَقةٌ لأَنها حَمْرَاءُ كَالدَّمِ، وَكُلُّ دَمٍ غَلِيظٍ عَلَقٌ، والعَلَقُ: دُودٌ أَسود فِي الْمَاءِ مَعْرُوفٌ، الْوَاحِدَةُ عَلَقةٌ. وعَلِق الدابةُ عَلَقاً: تعلَّقَتْ بِهِ العَلَقَة. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَلِقَت الدابةُ إِذا شَرِبَتِ الماءَ فعَلِقَت بِهَا العَلَقة. وعَلِقَتْ بِهِ عَلَقاً: لَزِمَتْهُ. وَيُقَالُ: عَلِقَ العَلَقُ بحَنَك الدَّابَّةِ عَلَقاً إِذا عَضّ عَلَى مَوْضِعِ العُذْرة مِنْ حَلْقِهِ يَشْرَبُ الدَّمَ، وَقَدْ يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم مِنَ الإِنسان ويُرْسل عَلَيْهِ العَلَقُ حَتَّى يَمُصَّ دَمَهُ. والعَلَقَةُ: دُودَةٌ فِي الْمَاءِ تمصُّ الدَّمَ، وَالْجَمْعُ عَلَق. والإِعْلاقُ: إِرسال العَلَق عَلَى الْمَوْضِعِ لِيَمُصَّ الدَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللدُود أَحب إِليّ مِنَ الإِعْلاقِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَامِرٍ: خيرُ الدواءِ العَلَقُ وَالْحِجَامَةُ
؛ العَلَق: دُوَيْدةٌ حَمْرَاءُ تَكُونُ فِي الْمَاءِ تَعْلَقُ بِالْبَدَنِ وَتَمُصُّ الدَّمَ، وَهِيَ مِنْ أَدوية الْحَلْقِ
والأَورام الدَّمَوِيّة لِامْتِصَاصِهَا الدَّمَ الْغَالِبَ عَلَى الإِنسان. وَالْمَعْلُوقُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالنَّاسِ: الَّذِي أَخَذ العَلَقُ بِحَلْقِهِ عِنْدَ الشُّرْبِ. والعَلوقُ: الَّتِي لَا تُحِبُّ زَوْجَهَا، وَمِنَ النُّوقِ الَّتِي لَا تأْلف الْفَحْلَ وَلَا تَرْأَمُ الْوَلَدَ، وَكِلَاهُمَا عَلَى الفأْل، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَلَا تَدِرُّ، وَفِي الْمَثَلِ: عامَلَنا مُعاملةَ العَلُوقِ تَرْأَمُ فتَشُمّ؛ قَالَ:
وبُدِّلْتُ مِنْ أُمٍّ عليَّ شَفِيقةٍ
…
عَلوقاً، وشَرُّ الأُمهاتِ عَلُوقُها
وَقِيلَ: العَلوق الَّتِي عُطِفت عَلَى وَلَدٍ غَيْرِهَا فَلَمْ تَدِرَّ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَتَمْنَعُ دِرَّتها؛ قَالَ أُفْنُون التَّغْلَبِيُّ:
أَمْ كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تأْتي العَلوقُ بِهِ
…
رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا مَا ضُنَّ باللَّبَنِ
وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِلنَّابِغَةِ الجعدي:
ومانَحَني كمِنَاح العَلُوقِ،
…
مَا تَرَ مِنْ غِرّةٍ تَضْرِبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ تضربُ، بِرَفْعِ الْبَاءِ، وَصَوَابُهُ بِالْخَفْضِ لأَنه جَوَابُ الشَّرْطِ؛ وَقَبْلَهُ:
وَكَانَ الخليلُ، إِذا رَابَني
…
فعاتَبْتُه، ثُمَّ لَمْ يُعْتِبِ
يَقُولُ: أَعطاني مِنْ نَفْسِهِ غَيْرَ مَا فِي قَلْبِهِ كَالنَّاقَةِ الَّتِي تُظْهر بشمِّها الرأْم وَالْعَطْفَ وَلَمْ تَرْأَمه. والمَعَالق مِنَ الإِبل: كالعَلُوق. وَيُقَالُ: عَلَّق فُلَانٌ رَاحِلَتَهُ إِذا فَسَخَ خِطَامها عَنْ خَطْمِها وأَلقاه عَنْ غَارِبِهَا ليَهْنِئَها. والعِلْق: الْمَالُ الْكَرِيمُ. يُقَالُ: عِلْقُ خَيْرٍ، وَقَدْ قَالُوا عِلْق شرٍّ، وَالْجُمَعُ أَعْلاق. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عِلْقُ علمٍ وتِبْعُ علمٍ وطلْب علمٍ. وَيُقَالُ: هَذَا الشيءُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ أَي يُضَنُّ بِهِ، وَجَمْعُهُ أَعْلاق. وَيُقَالُ: عِرْق مَضِنَّةٍ، بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العِلْقُ الثَّوْبُ الْكَرِيمُ أَو التُّرْس أَو السَّيْفُ، قَالَ: وَكَذَا الشيءُ الْوَاحِدُ الْكَرِيمُ مِنْ غَيْرِ الرُّوحَانِيِّينَ، وَيُقَالُ لَهُ العَلوق. والعِلْق، بِالْكَسْرِ: النَّفِيسُ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْرِقُونَ أَعْلاقَنا
أَي نَفَائِسَ أَموالنا، الْوَاحِدُ عِلْق، بِالْكَسْرِ، سُمِّيَ بِهِ لتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِهِ. والعِلْقُ أَيضاً: الْخَمْرُ لِنَفَاسَتِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْقَدِيمَةُ مِنْهَا؛ قَالَ:
إِذا ذُقْت فاهَا قُلت: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ
…
أُرِيدَ بِهِ قَيْلٌ، فَغُودِرَ فِي سَابِ
أَراد سأْباً فَخَفَّفَ وأَبدل، وَهُوَ الزِّقّ أَو الدَّنّ. والعَلَق فِي الثَّوْبِ: مَا عَلِق بِهِ. وأَصاب ثَوْبِي عَلْقٌ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَا عَلِقَهُ فَجَذَبَهُ. والعِلْقُ والعِلْقةُ: الثَّوْبُ النَّفِيسُ يَكُونُ لِلرَّجُلِ. والعِلْقةُ: قَمِيصٌ بِلَا كُمَّيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ صَغِيرٌ يُتَّخَذُ لِلصَّبِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ أَول ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ الْمَوْلُودُ؛ قَالَ:
وَمَا هِيَ إِلَّا فِي إِزارٍ وعِلْقةٍ،
…
مَغَارَ ابنِ اهَمّامٍ عَلَى حَيّ خَثْعَما
وَيُقَالُ: مَا عَلَيْهِ عِلْقة، إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثِيَابٌ لَهَا قِيمَةٌ، وَيُقَالُ: العِلْقة للصُّدْرة تَلْبَسُهَا الْجَارِيَةُ تَبْتَذِلُ بِهَا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بأَيِّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُون
…
عَنْ دمِ عَمْروٍ عَلَى مَرْثَدِ؟ «2»
. وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ بِهِ فِي الْمَهْرِ؛ قَالَ أَبو نَصْرٍ: أَراد
(2). راجع الملاحظة المثبتة في صفحة 265.
أَيَّ عَلاقتنا ثُمَّ أَقحم الْبَاءَ، والعَلاقة: التَّبَاعُدُ؛ فأَراد أَيَّ ذَلِكَ تَكْرَهُونَ، أَتأْبون دم عمرو على مرثد وَلَا تَرْضَوْنَ بِهِ؟ قَالَ: والعَلاقةُ مَا كَانَ مِنْ مَتَاعٍ أَو مَالٍ أَو عِلْقةٌ أَيضاً، وعِلْق لِلنَّفِيسِ مِنَ الْمَالِ، وَقِيلَ: كَانَ مَرْثَدٌ قَتَلَ عَمْرًا فَدَفَعُوا مَرْثَدًا ليُقْتل بِهِ فَلَمْ يَرْضَوْا، وأَرادوا أَكثر مِنْ رَجُلٍ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: بأَيِّ ضَعْفٍ وَعَجْزٍ رأَيتم مِنَّا إِذ طَمَعْتُمْ فِي أَكْثَرَ مِنْ دَمٍ بِدَمٍ؟ والعُلْقة: نَبَاتٌ لَا يَلْبَثُ. والعُلْقةُ: شَجَرٌ يَبْقَى فِي الشِّتَاءِ تَتَبَلَّغُ بِهِ الإِبل حَتَّى تُدْرك الرَّبِيعَ. وعَلَقَت الإِبل تَعْلُق عَلْقاً، وتَعَلَّقت: أَكلت مِنْ عُلْقةِ الشَّجَرِ. والعَلَقُ: مَا تَتَبَلَّغُ بِهِ الْمَاشِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ، وَكَذَلِكَ العُلْقةُ، بِالضَّمِّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلائِقُ الْبَضَائِعُ. وعَلِقَ فلانٌ يَفْعَلُ كَذَا، ظَلَّ، كَقَوْلِكَ طَفِقَ يفعل كذا؛ فال الرَّاجِزِ:
عَلِقَ حَوْضي نُغَر مُكِبُّ،
…
إِذا غَفَلْتُ غَفْلةً يَعُبُ
أَي طَفِقَ يرِدهُ، وَيُقَالُ: أَحبه وَاعْتَادَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَلِقُوا وَجْهَهُ ضَرْبًا
أَي طَفِقُوا وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ. والإِعْلاقُ: رَفْعُ اللَّهاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ أَعْلَقَتْ عَنْهُ مِنَ العُذْرةِ فَقَالَ: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بِهَذِهِ العُلُق؟ عَلَيْكُمْ بِكَذَا
، وَفِي حَدِيثِ:
بِهَذَا الإِعْلاق
، وَفِي حَدِيثِ
أُم قَيْسٍ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، بابنٍ لِي وَقَدْ أَعلقتُ عَلَيْهِ
؛ الإِعْلاقُ: مُعَالَجَةُ عُذْرةِ الصَّبِيِّ، وَهُوَ وَجَعٌ فِي حَلْقِهِ وَوَرَمٌ تَدْفَعُهُ أُمه بأُصبعها هِيَ أَو غَيْرُهَا. يُقَالُ: أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ أُمُّه إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ وغَمَزت ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بأُصبعها وَدَفَعَتْهُ. أَبو الْعَبَّاسٍ: أَعْلَقَ إِذا غَمَزَ حَلْقَ الصَّبِيِّ المَعْذور وَكَذَلِكَ دَغَر، وَحَقِيقَةُ أَعْلقتُ عَنْهُ أَزلتُ العَلُوقَ وَهِيَ الدَّاهِيَةُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ أَعْلَقَت عَلَيْهِ وإِنما هُوَ أَعْلَقَتْ عَنْهُ أَي دفَعت عَنْهُ، وَمَعْنَى أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ أَوْرَدَتْ عَلَيْهِ العَلُوقَ أَي مَا عَذَّبَتْهُ بِهِ مِنْ دَغْرها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَعْلَقْتُ عَليَّ إِذا أَدخلت يَدِي فِي حَلْقِي أَتَقَيَّأُ، وجاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ العِلاق، وإِنما الْمَعْرُوفُ الإِعْلاق، وَهُوَ مَصْدَرُ أَعْلَقْتُ، فإِن كَانَ العِلاقُ الاسمَ فيَجُوز، وأَما العُلُق فَجَمْعُ عَلُوق، والإِعْلاق: الدَّغْر. والمِعْلَقُ: العُلْبة إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً، ثُمَّ الجَنْبة أَكبر مِنْهَا تُعْمَلُ مِنْ جَنْب النَّاقَةِ، ثُمَّ الحَوْأَبة أَكبرهن. والمِعْلَقُ: قَدَحٌ يُعَلِّقُهُ الرَّاكِبُ مَعَهُ، وَجَمْعُهُ مَعَالق. والمَعَالقُ: العِلاب الصِّغَارُ، وَاحِدُهَا مِعْلَق؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وإِنا لنُمْضي بالأَكُفِّ رِماحَنا،
…
إِذا أُرْعِشَتْ أَيديكُم بالمَعَالِقِ
والمِعْلَقة: مَتَاعُ الرَّاعِي؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَو قَالَ: بَعْضُ مَتَاعِ الرَّاعِي. وعَلَقَه بِلِسَانِهِ: لَحاهُ كَسَلَقَهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ويقال سَلَقَه بِلِسَانِهِ وعَلَقَه إِذا تَنَاوَلَهُ؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الأَعشى:
نهارُ شَرَاحِيلَ بْنِ قَيْسَ يَرِيبنُي،
…
ولَيْل أَبي عِيسَى أَمَرُّ وأَعَلق
ومَعَاليق: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ يَذْكُرُ نَخْلًا:
لئِنْ نجَوْتُ ونجَتْ مَعَالِيقْ
…
مِنَ الدَّبَى، إِني إِذاً لَمَرْزُوقْ
والعُلَّاقُ: شَجَرٌ أَو نَبْتٌ. وَبَنُو عَلْقَةَ: رَهْطُ الصِّمَّةِ، وَمِنْهُمُ العَلَقاتُ، جَمَعُوهُ عَلَى حَدِّ الهُبَيْراتِ. وعَلَقَةُ:
اسْمٌ. وَذُو عَلاقٍ: جَبَلٌ. وَذُو عَلَقٍ: اسْمُ جَبَلٍ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ؛ وأَنشد ابْنِ أَحمر:
مَا أُمُّ غُفْرٍ عَلَى دَعْجاء ذِي عَلَقٍ،
…
يَنْفِي القَراميدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَقِلُ [الوَقُلُ]
وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمَةَ: رَكِبْتُ أَتاناً لِي فَخَرَجْتُ أَمام الرَّكْبِ حَتَّى مَا يَعْلَقُ بِهَا أَحد مِنْهُمْ
أَي مَا يَتَّصِلُ بِهَا وَيَلْحَقُهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إنَّ امرَأً بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ فَقَالَ: أَنَّى عَلِقَها فإِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَفْعَلُهَا؟
أَي مِنْ أَين تعلَّمها وَمِمَّنْ أَخذها؟ وَفِي حَدِيثِ
المِقْدام: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِن الرَّجُلَ مِنْ أَهل الْكِتَابِ يَتَزَوَّجُ المرأَة وَمَا يَعْلَقُ على يديها الخير وَمَا يَرْغَبُ وَاحِدٌ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَمُوتَا هَرَماً
؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: يَقُولُ مِنْ صِغَرِهَا وقلَّةِ رِفْقها فَيَصْبِرُ عَلَيْهَا حَتَّى يَمُوتَا هَرَماً، وَالْمُرَادُ حثُّ أَصْحَابِهِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالنِّسَاءِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِنَّ أَي أَن أَهل الْكِتَابِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِنِسَائِهِمْ. وعَلِقَت المرأَة أَي حَبِلَتْ. وعَلِقَ الظَّبْيُ فِي الْحِبَالَةِ. والعُلَّيْقُ، مِثَالُ القُبَّيْط: نَبْتٌ يَتَعَلَّقُ بِالشَّجَرِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ [سَبرَنْد]«1» . وَرُبَّمَا قَالُوا العُلَّيْقَى مِثَالُ القُبَّيْطَى. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: رُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: لَنَا حَقٌّ إِن نُعْطَهُ نأْخُذْه، وإِن لَمْ نُعْطَهُ نركبْ أَعجاز الإِبل
؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَى قَوْلِهِ
نَرْكَبْ أَعجاز الإِبل
أَي نَرْضَى مِنَ الْمَرْكِبِ بالتَّعْلِيق، لأَنه إِذا مُنِعَ التَّمَكُّن مِنَ الظَّهْرِ رَضِيَ بعَجُزِ الْبَعِيرِ، وَهُوَ التَّعْليق، والأَولى بِهَذَا أَن يَذْكُرَ فِي تَرْجَمَةِ عَجُزٍ، وقد تقدم.
علفق: ابْنُ سِيدَهْ: العُلْفُوق الثقيل الوَخِمُ.
عمق: العُمْق والعَمْق: الْبُعْدُ إِلى أَسفل، وَقِيلَ: هُوَ قَعْرُ الْبِئْرِ والفجِّ وَالْوَادِي، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
وأَفْيح مِنْ رَوْضِ الرُّبابِ عَمِيق
أَي بَعِيدٌ. وتَعْمِيقُ الْبِئْرِ وإِعْماقها: جَعْلُها عَمِيقةً. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: بِئْرٌ عَمِيقةٌ ومَعِيقةٌ بَعِيدَةٌ الْقَعْرِ، وَقَدْ عَمُقتْ ومَعُقَتْ وأَعْمَقْتُها وأَمْعَقْتُها، وإِنها لَبَعِيدَةُ العَمْقِ والمَعْق. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ عَمِيق، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ مَعِيق. قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
: مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ بَعِيدٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
: وَيُقَالُ مَعيق، قَالَ: والعَمِيقُ أَكثر مِنَ المَعِيق فِي الطَّرِيقِ. وأَعْماقُ الأَرض: نَوَاحِيهَا. وَيُقَالُ لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ عَمَقٌ أَي حَقٌّ، وَمَا لِي فِيهَا عَمَق أَي حَقٌّ. والعَمْق: البُسْر الْمَوْضُوعُ فِي الشَّمْسِ ليَنْضَجَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وأَنا فِيهِ شَاكٌّ. وَرَجُلٌ عُمْقِيُّ الْكَلَامِ: لِكَلَامِهِ غَوْرٌ. والعِمْقَى: نَبْتٌ. وَبَعِيرٌ عامِقٌ وإِبل عامِقةٌ: تأْكل العِمْقَى؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العِمْقَى، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، شَجَرٌ بِالْحِجَازِ وَتِهَامَةَ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ العِمْقَى أَمَرُّ مِنَ الحَنْظَلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأُقْسِمُ أَنَّ العيشَ حُلْوٌ إِذا دَنَتْ،
…
وَهُوَ إِنْ نأَتْ عَنِّي أَمَرّ مِنَ العِمْقَى
والعِمْقى: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لَمَّا ذَكَرْتُ أَخا العِمْقَى تَأَوَّبَني
…
همٌّ، وأَفَردَ ظَهري الأَغْلَبُ الشِّيحُ «2»
(1). قوله [سبرند] كذا بالأصل، والذي في الصحاح: سرند مضبوطاً كفرند
(2)
. قوله [أخا العمقى] قال الصاغاني فيه ثلاث روايات: بالكسر وبالضم وبالنون وبدل الميم انتهى. قلت أما الكسر فهي رواية الباهلي ورواه الأَخفش بفتح العين وقال هو اسم واد فتكون الروايات أربعاً انتهى. شرح القاموس.
والعُمَق، بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْمِيمِ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
لما رأَى عَمْقاً ورَجَّعَ عُرْضُهُ
…
هَدْراً، كَمَا هَدَر الفَنِيقُ المُصْعبُ
أَراد العُمَق فغيَّر، وَقَدْ يَكُونُ عَمْقٌ بَلَدًا بِعَيْنِهِ غَيْرَ هَذَا. قَالَ الأَزهري: العُمَق مَوْضِعٌ عَلَى جادَّة طَرِيقِ مَكَّةَ بَيْنَ مَعْدن بَنِي سُلَيْم وَذَاتِ عِرْق، قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ العُمُق، وَهُوَ خَطَأٌ. قَالَ: وعَمْق مَوْضِعٌ آخَرُ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ العُمَقِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُمَقُ، بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، مُنْزِلٌ عِنْدَ النَّقِرَة لِحَاجِّ العِراقِ، فأَما بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ فوَادٍ مِنْ أَودية الطَّائِفِ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لَمَّا حاصَرها. وعِمَاق: مَوْضِعٌ. وعَمْق: أَرْضٌ لمُزَيْنَة. وَمَا فِي النِّحْيِ عَمَقةٌ: كَقَوْلِكَ مَا بِهِ عَيْقَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي لَطْخ وَلَا وَضَرٌ وَلَا لَعُوق مِنْ رُبّ وَلَا سَمْن. وعَمَّق النَّظَرَ فِي الأُمور تَعْمِيقاً وتَعَمَّق فِي كَلَامِهِ أَي تَنَطَّع. وتَعَمَّق فِي الأَمر: تَنَوَّقَ فِيهِ، فَهُوَ مُتَعَمِّق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ تَمادَى الشهرُ لواصَلْت وِصَالًا يَدَعُ المتَعَمّقونَ تَعَمُّقَهم
؛ المُتَعَمِّقُ: المُبالغ فِي الأَمر المتشدِّد فِيهِ الَّذِي يَطْلُبُ أَقصى غَايَتِهِ. والعَمْق والعُمْق: مَا بعُد مِنْ أَطْرَافِ المَفَاوِزِ. والأَعماق أَطراف المَفاوِز الْبَعِيدَةِ، وَقِيلَ الأَطراف وَلَمْ تقيَّد؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْترَقْ،
…
مُشْتَبِه الأَعْلام، لَمّاعِ الخَفَق
وَيُقَالُ الأَعْماقُ «3»
…
الْمُطَمَئِنُّ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ بَعِيدَةَ الغَوْر. وأُعَامِق: مَوْضِعٌ «4» ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ كَانَ مِنّا مَنْزِلًا نَسْتَلذُّه
…
أُعَامِقُ بَرْقاوَاتُهُ فأَجاوِلُه
عمشق: قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَمِشَ: العُمْشُوشُ العُنْقود يُؤْكَلُ مَا عَلَيْهِ وَيُتْرَكُ بَعْضُهُ، وَهُوَ العُمْشوق أَيضاً.
عملق: العَمْلق: الْجَوْرُ وَالظُّلْمُ. والعَمْلَقةُ: اخْتِلَاطُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ وخُثُورته. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: العَملقُ الِاخْتِلَاطُ والخُثُورة، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ. وعَمْلَقَ ماؤُهم: قلَّ. والعِمْلاقُ: الطَّوِيلُ، وَالْجَمْعُ عَمَالِيقُ وعَمَالِقةٌ وعَمالق، بِغَيْرِ يَاءٍ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وعَمْلَقٌ وعِمْلِقٌ وعِمْليق وعمْلاق: أَسماء. والعَمَالقةُ مِنْ عادٍ. وَهُمْ بَنُو عِمْلاقٍ. قَالَ الأَزهري: عِمْلاقٌ أَبو العَمالقة وَهُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّأْمِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى، عليه السلام. وَفِي حَدِيثِ
خَبَّابٍ: أَنه رأَى ابْنَهُ مَعَ قَاصٍّ فأَخذ السَّوْطَ وَقَالَ: أَمَعَ العَمَالقةِ؟ هَذَا قَرْنٌ قَدْ طَلَع
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَمَالقة الجبابرة الذين كانوا بالشأم مِنْ بَقِيَّةِ قَوْمِ عادٍ، قَالَ: وَيُقَالُ لِمَنْ يَخْدَعُ النَّاسَ ويَخْلُبهم عِمْلاق. قَالَ: والعَمْلَقة التَّعْمِيق فِي الْكَلَامِ، فشَبَّه القُصّاص بِهِمْ لِمَا فِي بَعْضِهِمْ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَى النَّاسِ، أَو بِالَّذِينِ يَخْدَعُونَهُمْ بِكَلَامِهِمْ وَهُوَ أَشبه. الْجَوْهَرِيُّ: العَمالِيق والعَمالِقة قَوْمٌ مِنْ وَلَدِ عِمْلِيق بْنِ لاوَذَ بْنِ إرَمَ بْنِ سامِ بْنِ نُوح، وَهُمْ أُمم تَفَرَّقُوا فِي البلاد.
عنق: العُنْقُ والعُنُقُ: وُصْلة مَا بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُمْ عُنُق هَنْعَاءُ
(3). كذا بياض بالأَصل.
(4)
. قوله [وأعامق موضع] ضبطه شارح القاموس بضم الهمزة ومثله في ياقوت
وعُنُق سَطْعاءُ يَشْهَدُ بِتَأْنِيثِ العُنُق، وَالتَّذْكِيرُ أَغلب. يُقَالُ: ضَرَبْتُ عُنُقه، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الآل والسَّراب:
تَبْدُوا لَنا أعْلامُه، بعد القَرَقْ،
…
خارِجَةً أعناقُها من مُعْتَنَقْ
ذَكَرَ السَّرَابَ وانْقِماسَ الحِبال فِيهِ إِلَى أَعاليها، والمُعْتَنَقُ: مَخْرج أَعناق الحِبال مِنَ السَّرَابِ، أَي اعْتَنَقَتْ فأَخرجت أَعناقها، وَقَدْ يُخَفَّفُ العُنُق فَيُقَالُ عُنْق، وَقِيلَ: مَنْ ثَقَّل أَنَّث ومَن خَفَّف ذكَّر؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عُنْق مُخَفَّفٌ مِنْ عُنُق، وَالْجَمْعُ فِيهِمَا أَعناق، لَمْ يُجَاوِزُوا هَذَا الْبِنَاءَ. والعَنَقُ: طُولُ العُنُقِ وغِلظه، عَنِقَ عَنَقاً فَهُوَ أَعنق، والأْنثى عَنْقاء بيِّنة العَنَق. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَ أَعْنَقَ وَلَقَدْ عَنِقَ عَنَقاً يَذْهَبُ إِلَى النُّقْلَةِ. وَرَجُلٌ مُعْنِقٌ وَامْرَأَةٌ مُعْنِقَةٌ: طَوِيلَا العُنُقِ. وهَضْبة معْنقة وعَنْقاءُ: مُرْتَفِعَةٌ طَوِيلَةٌ؛ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
عَنْقاءُ مُعْنِقةٌ يَكُونُ أَنِيسُها
…
وُرْقَ الحَمام، جَميمُها لَمْ يُؤكل
ابْنُ شُمَيْلٍ: مَعَانيق الرِّمَالِ حِبَالٌ صِغَارٌ بَيْنَ أَيدي الرَّمْلِ، الْوَاحِدَةُ مُعْنِقة. وعانَقهُ مُعَانقةً وعِناقاً: الْتَزَمَهُ فَأَدْنَى عُنُقَه مِنْ عُنُقِه، وَقِيلَ: المُعَانقة فِي الْمَوَدَّةِ والاعْتِناقُ فِي الْحَرْبِ؛ قَالَ:
يَطْعُنُهم، وَمَا ارْتَمَوْا، حَتَّى إِذَا اطَّعَنُوا
…
ضارَبَ، حَتَّى إِذَا مَا ضَارَبُوا اعْتَنَقَا
وَقَدْ يَجُوزُ الافتعالُ فِي مَوْضِعِ المُفاعلة، فَإِذَا خَصَصْتَ بِالْفِعْلِ وَاحِدًا دُونَ الْآخَرِ لَمْ تَقُلْ إِلَّا عانَقه فِي الْحَالَيْنِ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ يَجُوزُ الاعتناقُ فِي المودَّةِ كالتَّعانُقِ، وكلٌّ فِي كُلٍّ جائزٌ. والعَنِيقُ: المُعانِقُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
وَمَا راعَني إلَّا زُهاءُ مُعانِقِي،
…
فأَيُّ عَنِيقٍ بَاتَ لِي لا أَبالِيَا
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ قَالَتْ: دخَلَتْ شَاةٌ فأَخذت قُرْصاً تَحْتَ دَنّ لَنَا فَقُمْتُ فأَخذته مِنْ بَيْنِ لَحْييها فَقَالَ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لكِ أَن تُعَنِّقِيها
أَي تَأْخُذِي بعُنُقِها وتَعْصِريها، وَقِيلَ: التَّعْنِيقُ التَّخْييبُ مِنَ العَنَاقِ وَهِيَ الْخَيْبَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِنِسَاءِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لِمَا مَاتَ: ابْكِينَ وإياكنَّ وتَعَنُّقَ الشَّيْطَانِ
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحمد، وَجَاءَ فِي غَيْرِهِ: ونَعِيقَ الشَّيْطَانِ، فَإِنْ صَحَّت الأُولى فَتَكُونُ مِنْ عَنَّقَه إِذَا أَخذ بعُنُقِه وعَصَرَ فِي حَلْقِهِ لِيَصِيح، فَجَعَلَ صِيَاحَ النِّسَاءِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ مسبَّباً عَنِ الشَّيْطَانِ لأَنه الْحَامِلُ لهنَّ عَلَيْهِ. وَكَلْبٌ أَعْنَقُ: فِي عُنُقِه بَيَاضٌ. والمِعْنَقَةُ: قِلَادَةٌ تُوضَعُ فِي عُنُق الْكَلْبِ؛ وَقَدْ أَعْنَقَه: قلَّده إِيَّاهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: والمِعْنَقَةُ الْقِلَادَةُ، وَلَمْ يُخَصَّصْ. والمِعْنَقةُ: دُوَيبة. واعْتَنَقَت الدابةُ: وَقَعَتْ فِي الوَحْل فَأَخْرَجَتْ عُنقَها. والعانِقاءُ: جُحْرٌ مملوءٌ تُرَابًا رِخْواً يَكُونُ للأَرنب واليَرْبوع يُدْخِل فِيهِ عُنُقَه إِذَا خَافَ. وتَعَنَّقَت الأَرنب بالعانِقاء وتَعَنَّقَتْها كِلَاهُمَا: دَسَّتْ عُنقها فِيهِ وَرُبَّمَا غَابَتْ تَحْتَهُ، وَكَذَلِكَ الْيَرْبُوعُ، وخصَّ الأَزهري بِهِ الْيَرْبُوعَ فَقَالَ: العانقاءُ جُحْر مِنْ جِحَرة الْيَرْبُوعِ يَمْلَؤُهُ تُرَابًا، فَإِذَا خَافَ انْدَسَّ فِيهِ إِلَى عُنُقه فَيُقَالُ تَعَنَّقَ، وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: يُقَالُ لجِحَرة الْيَرْبُوعِ النّاعِقاءُ والعانِقاء والقاصِعاءُ والنافِقاءُ والرَّاهِطاءُ والدامّاءُ.
وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ عَلَى عُنُق الدَّهْرِ أَي عَلَى قَدِيمِ الدَّهْرِ. وعُنُق كُلِّ شَيْءٍ: أَوله. وعُنُق الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ: أَولهما ومقدَّمتهما عَلَى الْمَثَلِ، وَكَذَلِكَ عُنُق السِّنّ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُلْتُ لأَعرابي كَمْ أَتى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَخَذْتُ بعُنُق السِّتِّينَ أَيْ أَولها، وَالْجَمْعُ أَعناق. وعُنُق الْجَبَلِ: مَا أَشرف مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والمُعْتنَق: مَخْرج أَعناق الْحِبَالِ «1» قَالَ:
خَارِجَةٌ أَعْناقُها مِنْ مُعْتَنَقْ
وعُنُق الرَّحِم: مَا اسْتدق مِنْهَا مِمَّا يَلِي الْفَرْجَ. والأَعناق: الرُّؤَسَاءُ. والعُنُق: الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ، مذكَّر، وَالْجَمْعُ أَعْناق. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ
؛ أَي جَمَاعَاتُهُمْ، عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَقِيلَ: أَراد بالأَعناق هُنَا الرِّقاب كَقَوْلِكَ ذَلَّتْ لَهُ رِقَابُ الْقَوْمِ وأَعْناقهم، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْخَاضِعِينَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. وَجَاءَ بِالْخَبَرِ عَلَى أَصْحَابِ الأَعناق لأَنه إِذَا خَضَعَ عُنُقُه فَقَدْ خَضَعَ هُوَ، كَمَا يُقَالُ قُطِع فُلَانٌ إِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ. وجاءَ الْقَوْمُ عُنُقاً عُنُقاً أَي طَوَائِفَ؛ قال الأَزهري: إذا جاؤوا فِرَقاً، كُلُّ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عُنُق؛ قَالَ الشَّاعِرُ يُخَاطِبُ أَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه:
أَبْلِغْ أَميرَ المؤمنين
…
أَخَا العِراقِ، إِذَا أَتَيْتا
أَن العِراقَ وأَهلَهُ
…
عُنُقٌ إليكَ، فَهْيتَ هَيْتَا
أَراد أَنهم أَقبلوا إِلَيْكَ بِجَمَاعَتِهِمْ، وَقِيلَ: هُمْ مَائِلُونَ إِلَيْكَ وَمُنْتَظِرُوكَ. وَيُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ عُنُقاً عُنُقاً أَي رَسَلًا رَسَلًا وقَطِيعاً قَطِيعًا؛ قَالَ الأَخطل:
وَإِذَا المِئُونَ تواكَلَتْ أَعْناقُها،
…
فاحْمِدْ هُناكَ عَلَى فَتًى حَمّالِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَعْناقُها جَمَاعَاتُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: سادَاتها. وَفِي حَدِيثِ:
يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ
أَي تَخْرُجُ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذَا خَرَجَ مِنَ النَّهْرِ مَاءٌ فَجَرَى فَقَدْ خَرَجَ عُنُق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْناقُهم فِي طَلَبِ الدُّنْيَا
أَي جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: أَراد بالأَعناق الرُّؤَسَاءَ والكُبَرَاء كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُقَالُ: هُمْ عُنُق عَلَيْهِ كَقَوْلِكَ هُمْ إلْبٌ عَلَيْهِ، وَلَهُ عُنُق فِي الْخَيْرِ أَي سَابِقَةٌ. وَقَوْلُهُ:
المؤذِّنون أَطول النَّاسِ أَعْناقاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ لَهُ عُنُق فِي الْخَيْرِ أَي سَابِقَةٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ أَعمالًا، وَقِيلَ: يُغْفَرُ لَهُمْ مَدَّ صَوْتِهِمْ، وَقِيلَ: يُزَادونَ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ طُولِ الأَعْناقِ أَيِ الرِّقَابِ لأَن النَّاسَ يَوْمَئِذٍ فِي الْكَرْبِ، وَهُمْ فِي الرَّوْح والنشاط متطلعون مُشْرَئِبُّونَ لأَنْ يُؤذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ أَراد أَنهم يَكُونُونَ يَوْمَئِذٍ رُؤَسَاءَ سَادَةً، وَالْعَرَبُ تَصِفُ السَّادَةَ بِطُولِ الأَعناق، وَرُوِيَ
أَطولُ إعْناقاً
، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَي أَكثر إِسْرَاعًا وأَعجل إِلَى الْجَنَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقاً صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا
أَي مُسْرِعًا فِي طَاعَتِهِ مُنْبَسِطًا فِي عَمَلِهِ، وَقِيلَ: أَراد يَوْمَ الْقِيَامَةِ. والعُنُق: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمَالِ. والعُنُق أَيضاً: الْقِطْعَةُ مِنَ الْعَمَلِ، خَيْرًا كَانَ أَو شَرًّا. والعَنَق مِنَ السَّيْرِ: الْمُنْبَسِطُ، والعَنِيقُ كَذَلِكَ. وَسَيْرٌ عَنَقٌ وعَنِيقٌ: مَعْرُوفٌ، وَقَدْ أَعْنَقَت الدابةُ، فَهِيَ مُعْنِقٌ ومِعْناق وعَنِيق؛ وَاسْتَعَارَ أَبو ذُؤَيْبٍ الإِعْناق للنجوم فقال:
(1). قوله [أعناق الحبال] أي حبال الرمل.
بأَطْيَبَ مِنْهَا، إِذَا مَا النُّجُوم
…
أَعْنَقْنَ مِثْلَ هَوَادِي «1»
. وَفِي حَدِيثِ
مُعاذٍ وأَبي مُوسَى: أَنهما كَانَا مَعَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ أَصحابه فأناخُوا لَيْلَةً وتَوَسَّدَ كلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِذِرَاعِ رَاحِلَتِهِ، قَالَا: فَانْتَبَهْنَا وَلَمْ نَرَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عليهم وَسَلَّمَ، عِنْدَ رَاحِلَتِهِ فَاتَّبَعْنَاهُ؛ فأَخبرنا، عليه السلام، أَنه خُيِّرَ بَيْنَ أَن يَدْخُلَ نصفُ أُمته الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ وَأَنَّهُ اخْتَارَ الشَّفَاعَةَ فَانْطَلَقْنَا مَعَانِيقَ إِلَى النَّاسِ نُبَشِّرُهُمْ
، قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ
مَعَانيق
أَي مُسْرِعِينَ؛ يُقَالُ: أَعْنَقْتُ إِلَيْهِ أُعْنِقُ إعْناقاً. وَفِي حَدِيثِ أَصْحَابِ الغارِ:
فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَانْطَلَقُوا مُعَانقينَ
أَي مُسْرِعِينَ، مِنْ عانَقَ مِثْلُ أَعْنَقَ إِذَا سارَع وأَسرع، وَيُرْوَى:
فَانْطَلَقُوا مَعانيقَ
؛ وَرَجُلٌ مُعْنِقٌ وَقَوْمٌ مُعْنِقون ومَعانيق؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
طَرَقَتْ جَنُوبُ رحالَنا مِنْ مُطْرِق،
…
مَا كُنْتُ أَحْسَبُها قريبَ المُعْنِقِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَشَاقَتْكَ أخْلاقُ الرُّسوم الدوائرِ،
…
بأَدْعاصِ حَوضَى المُعْنِقاتِ النَّوادِرِ؟
المُعْنِقات: الْمُتَقَدِّمَاتُ مِنْهَا. والعَنَقُ والعَنِيقُ مِنَ السَّيْرِ: مَعْرُوفٌ وَهُمَا اسْمَانِ مِنْ أَعْنَقَ إعْناقاً. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَعْلَقْتُ وأَعْنَقْتُ. وَبِلَادٌ مُعْلِقة ومُعْنِقة: بَعِيدَةٌ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: المَعانقُ هِيَ مُقَرِّضات الأَسَاقي لَهَا أَطواق فِي أَعناقها بِبَيَاضٍ. وَيُقَالُ عَنَقَت السحابةُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ مُعْظَمِ الْغَيْمِ تَرَاهَا بَيْضَاءَ لإِشراق الشَّمْسِ عَلَيْهَا؛ وَقَالَ:
مَا الشُّرْبُ إِلَّا نَغَباتٌ فالصَّدَرْ،
…
فِي يَوْمِ غَيْمٍ عَنَقَتْ فِيهِ الصُّبُرْ
قَالَ: والعَنَقُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الدَّابَّةِ والإِبل، وَهُوَ سَيْرٌ مُسْبَطِرٌّ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَا ناقَ سِيرِي عَنَقاً فَسِيحاً،
…
إِلَى سليمانَ، فَنَسْترِيحا
ونَصب نَسْتريح لأَنه جَوَابُ الأَمر بِالْفَاءِ. وَفَرَسٌ مِعْناق أَيْ جَيِّدُ العَنَق. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ نَاقَةٌ مِعْناق تَسِيرُ العَنَق؛ قَالَ الأَعشى:
قَدْ تجاوَزْتُها وتَحْتي مَرُوحٌ،
…
عنْتَرِيسٌ نَعّابة مِعْناقُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوةً نَصَّ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ سَرِيّةً فَبَعَثُوا حَرَامَ بْنَ مِلْحان بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِلَى بَنِي سُلَيْم فانْتَحَى لَهُ عامرُ بْنُ الطُّفَيْل فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَتْلُه قَالَ: أَعْنَقَ لِيَمُوتَ
، أَي أَن الْمَنِيَّةَ أَسرعت بِهِ وَسَاقَتْهُ إِلَى مَصْرَعِهِ. والمُعْنِق: مَا صلُب وَارْتَفَعَ عَنِ الأَرض وَحَوْلَهُ سَهْل، وَهُوَ مُنْقَادٌ نَحْوَ مِيلٍ وأَقل مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ مَعانيقُ، تَوَهَّمُوا فِيهِ مِفْعالًا لِكَثْرَةِ مَا يَأْتِيَانِ مَعًا نَحْوَ مُتْئِم ومِتْآم ومُذْكِر ومِذْكار. والعَنْقاءُ: أَكمة فوق الجبل مُشْرِفٍ. والعَناق: الحَرَّة. والعَناق: الأُنثى مِنَ المَعَز؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لقُريْطٍ يَصِفُ الذِّئْبَ:
حَسِبْتَ بُغامَ راحِلتي عَناقاً،
…
وَمَا هِيَ، وَيْبَ غَيرِك، بالعَناقِ
فَلَوْ أَني رَمَيْتُك مِنْ قَرِيبٍ،
…
لعاقَكَ عَنْ دُعاءِ الذِّئبِ عاقِ
وَالْجَمْعُ أَعْنُق وعُنُق وعُنُوق. قال سيبويه: أَمّا
(1). هكذا ورد عجز هذا البيت في الأَصل وهو مختل الوزن
تَكْسِيرُهُمْ إِيَّاهُ عَلَى أَفْعُل فَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وأَما تَكْسِيرُهُمْ لَهُ عَلَى فُعُول فَلِتَكْسِيرِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى أَفْعُل، إِذْ كَانَا يَعْتَقِبَانِ عَلَى بَابِ فَعْل. وَقَالَ الأَزهري: العَنَاق الأُنثى مِنْ أَولاد المِعْزَى إِذَا أَتَتْ عَلَيْهَا سَنَةٌ، وَجَمْعُهَا عُنُوقٌ، وَهَذَا جَمْعٌ نَادِرٌ، وَتَقُولُ فِي الْعَدَدِ الأَقل: ثَلَاثُ أَعْنُقٍ وأَربع أَعْنُقٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
دَعْدِعْ بأَعْنُقِك القَوائِم، إنَّني
…
فِي باذِخٍ، يَا ابْنَ المَراغة، عالِ
وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ فِي الْجَمْعِ الْكَثِيرِ:
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمُ،
…
لَهُ ظأبٌ كَمَا صَخِبَ الغَرِيمُ
وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ:
عِنْدِي عَناقٌ جَذَعةٌ
؛ هِيَ الأُنثى مِنْ أَولاد الْمَعَزِ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهُ سَنَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: لَوْ مَنَعوني عَناقاً مِمَّا كَانُوا يؤدُّونه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لقاتلتُهم عَلَيْهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِي السِّخَال وأَن وَاحِدَةً مِنْهَا تُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ فِي الأَربعين مِنْهَا إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا سِخَالًا وَلَا يُكَلَّفُ صَاحِبُهَا مُسِنَّةً؛ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَا شَيْءَ فِي السِّخَالِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَوْل النِّتَاجِ حوْلُ الأُمّهاتِ، وَلَوْ كانَ يُستأنَف لَهَا الحَوْلُ لَمْ يُوجَدِ السبيلُ إِلَى أَخذ العَناق. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: نَحْنُ فِي العُنُوق وَلَمْ نَبْلُغِ النُّوق
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْمَثَلِ هَذِهِ العُنُوق بَعْدَ النُّوق؛ يَقُولُ: مالُكَ العُنُوق بَعْدَ النُّوقِ، يُضْرَبُ لِلَّذِي يَكُونُ عَلَى حَالَةٍ حَسَنة ثُمَّ يَرْكَبُ الْقَبِيحَ مِنَ الأَمر ويَدَعُ حَالَهُ الأُولى، وَيَنْحَطُّ مِنْ عُلْو إِلَى سُفل؛ قَالَ الأَزهري: يُضْرَبُ مثلَا لِلَّذِي يُحَطُّ عَنْ مَرْتَبَتِهِ بَعْدَ الرِّفْعَةِ، وَالْمَعْنَى أَنه صَارَ يرعى العُنُوق بعد ما كَانَ يَرْعَى الإِبل، وَرَاعِي الشّاءِ عِنْدَ الْعَرَبِ مَهِينٌ ذَلِيلٌ، وَرَاعِي الإِبل عَزِيزٌ شَرِيفٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا أَذَبحُ النّازِيَ الشّبُوبَ، وَلَا
…
أَسْلُخُ، يومَ المَقامةِ، العُنُقَا
لَا آكلُ الغَثَّ فِي الشِّتاءِ، وَلَا
…
أَنْصَحُ ثَوْبِي إِذَا هُوَ انْخَرَقَا
وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
أَبوكَ الَّذِي يَكْوي أُنُوف عُنُوقِه
…
بأَظفارِهِ حَتَّى أَنَسَّ وأَمْحَقا
وَشَاةٌ مِعْناق: تَلِدُ العُنُوق؛ قَالَ:
لَهْفِي عَلَى شاةِ أَبي السَّبّاقِ
…
عَتِيقةٍ مِنْ غنمٍ عِتَاقٍ،
مَرْغُوسَةٍ مأمورةٍ مِعْناقِ
والعَناقُ: شيءٌ مِنْ دوابِّ الأَرض كالفَهْد، وَقِيلَ: عَناق الأَرض دُوَيْبَّة أَصفر مِنَ الفَهْد طَوِيلَةُ الظَّهْرِ تَصِيدُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الطَّيْرَ؛ قَالَ الأَزهري: عَناقُ الأَرض دَابَّةٌ فَوْقَ الْكَلْبِ الصِّينِيِّ يَصِيدُ كَمَا يَصِيدُ الفَهْدُ، وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ وَهُوَ مِنَ السِّبَاعِ؛ يُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ يُؤَبِّرُ أَي يُعَقّي أَثرَه إِذَا عَدَا غَيْرَهُ وَغَيْرَ الأَرْنب، وَجَمْعُهُ عُنُوق أَيضاً، والفُرْسُ تُسَمِّيهِ سِيَاهْ كُوشَ، قَالَ: وَقَدْ رأَيته بِالْبَادِيَةِ وَهُوَ أَسود الرَّأْسِ أَبيض سَائِرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: عَناقُ الأَرض مِنَ الْجَوَارِحِ
؛ هِيَ دَابَّةٌ وَحْشِيَّةٌ أَكبر مِنَ السِّنَّوْر وأَصغر مِنَ الْكَلْبِ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: لَقِيَ عَنَاقَ الأَرض، وأُذُنَيْ عَنَاقٍ أَي دَاهِيَةً؛ يُرِيدُ أَنها مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُصْطاد بِهِ إِذَا عُلِّم. والعَنَاقُ:
الدَّاهِيَةُ وَالْخَيْبَةُ؛ قَالَ:
أَمِنْ تَرْجِيعِ قارِيَةٍ تَرَكْتُمْ
…
سَبَاياكُمْ، وأُبْتُمْ بالعَنَاقِ؟
القاريةُ: طَيْرٌ أَخضر تُحِبُّهُ الأَعراب، يُشَبِّهُونَ الرَّجُلَ السَّخِيَّ بِهَا، وَذَلِكَ لأَنه يُنْذِرُ بِالْمَطَرِ؛ وَصَفَهُمْ بالجُبْن فَهُوَ يَقُولُ: فَزِعتُمْ لمَّا سَمِعْتُمْ تَرْجِيعَ هَذَا الطَّائِرِ فَتَرَكْتُمْ سَبَايَاكُمْ وأُبْتُمْ بِالْخَيْبَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: العَنَاقُ فِي الْبَيْتِ المُنْكَرُ أَي وأُبْتُم بأَمر مُنْكَر. وأُذُنا عَناقٍ، وَجَاءَ بأُذنَيْ عَناق الأَرض أَي بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ أَو بِالْخَيْبَةِ؛ وَقَالَ:
إِذَا تَمَطَّيْنَ عَلَى القَيَاقي،
…
لاقَيْنَ مِنْهُ أُذُنَيْ عَنَاقِ
يَعْنِي الشدَّة أَي مِنَ الْحَادِي أَو مِنَ الْجَمَلِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مِنْهُ لقيتُ أُذُنَيْ عَناقٍ أَي دَاهِيَةً وَأَمْرًا شَدِيدًا. وَجَاءَ فُلَانٌ بأُذني عنَاق إِذَا جَاءَ بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ. وَيُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ بالعَناق إِذَا رَجَعَ خَائِبًا، يُوضَعُ العَناق مَوْضِعَ الْخَيْبَةِ. والعنَاق: النَّجْمُ الأَوسط مِنْ بَنَاتِ نَعْش الكُبْرى: والعَنْقاءُ: الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ:
يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا،
…
وأُمَّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا،
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفِيرَا
وَكُلُّهُنَّ دَواهٍ، ونكَّر عَنْقاء وعَنْقَفِيراً، وَإِنَّمَا هِيَ العَنْقاء والعَنْقَفِير، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُحْذَفَ مِنْهُمَا اللَّامُ وَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى تَعْرِيفِهِمَا. والعَنْقاء: طَائِرٌ ضَخْمٌ لَيْسَ بالعُقاب، وَقِيلَ: العَنْقاءُ المُغْرِبُ كَلِمَةٌ لَا أَصل لَهَا، يُقَالُ: إِنَّهَا طَائِرٌ عَظِيمٌ لَا تُرَى إِلَّا فِي الدُّهُورِ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى سُمُّوا الدَّاهِيَةَ عَنْقاء مُغْرِباً ومُغْرِبةً؛ قَالَ:
وَلَوْلَا سليمانُ الخليفةُ، حَلَّقَتْ
…
بِهِ، مِنْ يَدِ الحَجّاج، عَنْقاءُ مُغْرِب
وَقِيلَ: سمِّيت عَنْقاء لأَنه كَانَ فِي عُنُقها بَيَاضٌ كَالطَّوْقِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: العَنْقاء فِيمَا يَزْعُمُونَ طَائِرٌ يَكُونُ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العَنْقاءُ المُغْرِبُ طَائِرٌ لَمْ يَرَهُ أَحد، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى؛ طَيْراً أَبابِيلَ؛ هِيَ عَنْقاءُ مُغْرِبَة. أَبو عُبَيْدٍ؛ مِنْ أَمثال الْعَرَبِ طَارَتْ بِهِمُ العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَ لأَهل الرَّسِّ نبيٌّ يُقَالُ لَهُ حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوان، وَكَانَ بأَرضهم جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ دَمْخ، مِصْعَدُهُ فِي السَّمَاءِ مِيلٌ، فَكَانَ يَنْتابُهُ طَائِرَةٌ كأَعظم مَا يَكُونُ، لَهَا عُنُقٌ طَوِيلٌ مِنْ أَحسن الطَّيْرِ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، وَكَانَتْ تَقَعُ مُنْقَضَّةً فَكَانَتْ تنقضُّ عَلَى الطَّيْرِ فتأْكلها، فَجَاعَتْ وانْقَضَّت عَلَى صبيٍّ فَذَهَبَتْ بِهِ، فَسُمِّيَتْ عَنْقاءَ مُغْرباً، لأَنها تَغْرُب بِكُلِّ مَا أَخذته، ثُمَّ انْقَضَّت عَلَى جَارِيَةٍ تَرعْرَعَت وَضَمَّتْهَا إِلَى جَنَاحَيْنِ لَهَا صَغِيرَيْنِ سِوَى جَنَاحَيْهَا الْكَبِيرَيْنِ، ثُمَّ طَارَتْ بِهَا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى نَبِيِّهِمْ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهَا آفَةً فَهَلَكَتْ، فَضَرَبَتْهَا الْعَرَبُ مَثَلًا فِي أَشْعارها، وَيُقَالُ: أَلْوَتْ بِهِ العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وَطَارَتْ بِهِ العَنْقاء. والعَنْقاء: العُقاب، وَقِيلَ: طَائِرٌ لَمْ يَبْقَ فِي أَيدي النَّاسِ مِنْ صِفَتِهَا غَيْرُ اسْمِهَا. والعَنْقاءُ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَاسْمُهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرٍو. والعَنْقاءُ: اسْمُ مَلِكٍ، وَالتَّأْنِيثُ عِنْدَ اللَّيْثِ لِلَفْظِ العَنْقاءِ. والتَّعانِيقُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
صَحَا القلبُ عَنْ سَلْمَى، وَقَدْ كَادَ لَا يَسْلُو،
…
وأَقْفَرَ، مِنْ سَلْمَى، التَّعانِيقُ فالثِّقْلُ
قَالَ الأَزهري: ورأَيت بِالدَّهْنَاءِ شِبْهَ مَنارة عاديَّةٍ مَبْنِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ، وَكَانَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ يُسَمُّونَهَا عَناقَ ذِي الرُّمَّةِ لِذِكْرِهِ إِيَّاهَا فِي شِعْرِهِ فَقَالَ:
وَلَا تَحْسَبي شَجِّي بِكِ البِيدَ، كلَّما
…
تَلأْلأَ بالغَوْرِ النُّجومُ الطَّوامِسُ
مُرَاعاتَكِ الأَحْلالَ مَا بَيْنَ شارعٍ،
…
إِلَى حيثُ حادَتْ عَنْ عَنَاق الأَواعِسُ
قَالَ الأَصمعي: العَناق بالحِمَى وَهُوَ لَغَنِيٍّ وَقِيلَ: وَادِي العَناق بالحِمَى فِي أَرض غنِيّ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَحمَّلْنَ مِنْ وَادِي العَناق فثَهْمَدِ
والأَعْنَق: فَحْلٌ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٍ، إِلَيْهِ تُنْسَبُ بَنَاتُ أَعْنَق مِنَ الْخَيْلِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَظَلُّ بناتُ أَعْنَقَ مُسْرَجاتٍ،
…
لرؤيتِها يَرُحْنَ ويَغْتَدِينا
وَيُرْوَى: مُسْرِجاتٍ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتَلَفُوا فِي أَعْنَق فَقَالَ قَائِلٌ: هم اسْمُ فَرَسٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ دُهْقان كَثِيرُ الْمَالِ مِنَ الدَّهَاقِين، فَمَنْ جَعَلَهُ رَجُلًا رَوَاهُ مُسْرِجات، وَمَنْ جَعَلَهُ فَرَسًا رَوَاهُ مُسْرَجات. وأَعْنَقَت الثُّرَيّا إِذَا غَابَتْ؛ وَقَالَ:
كأنِّي، حِينَ أَعْنَقَتِ الثُّرَيّا،
…
سُقِيتُ الرَّاح أَو سَمّاً مَدُوفا
وأَعْنَقَتِ النجومُ إِذَا تَقَدَّمَتْ للمَغيب. والمُعْنِقُ: السَّابِقُ، يُقَالُ: جَاءَ الْفَرَسُ مُعْنِقاً، وَدَابَّةٌ مِعْناقٌ وَقَدْ أَعْنَق؛ وأَما قَوْلُ ابْنِ أَحمر:
فِي رَأْسِ خَلْقاءَ مِنْ عَنْقاءَ مُشْرِفَةٍ،
…
لَا يُبْتَغَى دُونَهَا سَهْلٌ وَلَا جَبَلُ
فَإِنَّهُ يَصِفُ جَبَلًا، يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ فَوْقَهَا سَهْلٌ وَلَا جَبَلٌ أَحصن مِنْهَا. وَقَدْ عَانَقه إِذَا جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى عُنُقه وضمَّه إِلَى نَفْسِهِ وتَعَانَقَا واعْتَنَقا، فَهُوَ عَنِيقُه؛ وَقَالَ:
وباتَ خَيالُ طَيْفك لِي عَنِيقاً،
…
إِلَى أَن حَيْعَل الدَّاعِي الفَلاحَا
عنبق: العُنْبُقَةُ: مجتَمَع الْمَاءِ والطين. ورجل عُنْبُق: شيِء الخلق.
عندق: العُنْدُقَة: ثُغْرة السرَّة، وَقِيلَ: العُنْدُقة مَوْضِعٌ فِي أَسفل الْبَطْنِ عِنْدَ السُّرَّةِ كَأَنَّهَا ثُغْرة النَّحْرِ فِي الْخِلْقَةِ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي العُنْقود مِنَ الْعِنَبِ وَفِي حَمْلِ الأَرَاكِ والبُطم وَنَحْوِهِ.
عنزق: العَنْزَق السيِء الخُلُق؛ يُقَالُ عَنْزَقَ عَلَيْهِ عَنْزَقةً أَي ضيَّق عَلَيْهِ.
عنشق: عَنْشَق: اسم.
عنفق: العَنْفَقُ: خِفَّةُ الشَّيْءِ وَقِلَّتُهُ. والعَنْفَقةُ: مَا بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى والذَّقَن مِنْهُ لِخِفَّةِ شَعْرِهَا، وَقِيلَ: العَنْفَقة مَا بَيْنَ الذَّقَن وَطَرَفِ الشَّفَةِ السُّفْلَى، كَانَ عَلَيْهَا شَعْرٌ أَو لَمْ يَكُنَّ، وَقِيلَ: العَنْفَقَةُ مَا نَبَتَ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى مِنَ الشَّعْرِ؛ قَالَ:
أَعْرِفُ مِنْكُمْ جُدُلَ العَواتِقِ،
…
وشَعَرَ الأَقْفاء والعَنَافِقِ
قَالَ الأَزهري: هِيَ شَعَرَاتٌ مِنْ مُقَدِّمَةِ الشَّفَةِ السُّفْلَى. وَرَجُلٌ بَادِي العَنْفَقَةِ إِذَا عَرِيَ موضعُها مِنَ الشَّعْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ فِي عَنْفَقَتِه شعراتٌ بِيض.
عهق: العَيْهَقة والعَيْهَق: النَّشاط والاسْتِنانُ؛ قَالَ:
إِنَّ لرَيْعانِ الشَّبابِ عَيْهَقا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنَ الثِّقَاتِ الْغَيْهَقُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، بِمَعْنَى النَّشَاطِ؛ وَأَنْشَدَ:
كأنَّ مَا بِي مِنْ إرَاني أَوْلَقُ،
…
وللشَّباب شِرَّةٌ وغَيْهَقُ
قَالَ: فالغَيْهَق، بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً، مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ؛ وَأَمَّا الْعَيْهَقَةُ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ، فَإِنِّي لَا أَحْفَظُهَا لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَلَا أَدري أَهي مَحْفُوظَةٌ عَنِ الْعَرَبِ أَو تَصْحِيفٌ. والعَيْهقُ: السُّرْعَةُ. والعَيْهَقُ: طَائِرٌ، وَلَيْسَ بثَبت. والعَيْهق: الْغُرَابُ الأَسود، وَقِيلَ: الْغُرَابُ الأَسود الْجَسِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الْبَعِيرُ الأَسود الْجَسِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَسود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ الثَّوْرُ الَّذِي لَوْنُهُ وَاحِدٌ إِلَى السَّوَادِ، وَقِيلَ: هُوَ الخُطَّاف الأَسود الْجَبَلِيُّ، وَقِيلَ: العَوْهق لَوْنُ ذَلِكَ الخُطَّاف. ابْنُ الأَعرابي: الغَقَقَةُ العَوَاهق، قَالَ: وَهِيَ الخَطَاطيف الجَبَليَّة، وَقِيلَ: العَوْهق هُوَ الطَّائِرُ الَّذِي يُسَمَّى الأَخْيَل، وَقِيلَ: العَوْهق لَوْنٌ كَلَوْنِ السَّمَاءِ مُشْرَب سَوَادًا؛ وعَوْهَقَ اللونُ: صَارَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: العَوْهق اللَّازْوَرد الَّذِي يُصْبَغُ بِهِ؛ قَالَ:
وَهِيَ وُرَيْقاء كَلَوْنِ الْعَوْهَقِ
والعَوْهق: لَوْنُ الرَّمَادِ. والعَوْهق: شَجَرٌ، وَقِيلَ: العوْهق مِنْ شَجَرِ النَّبْع الَّذِي تُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيّ أَجوده؛ وأَنشد لِبَعْضِ الرُّجَّاز:
إِنَّكَ لَوْ شاهَدْتَنَا بالأَبْرَقِ،
…
يَوْمَ نُصَافِي كلَّ عَضْبٍ مِخْفَقِ
وَكُلَّ صفراءَ طَرُوحٍ عَوْهَقِ،
…
تضِجُّ ضَجَّ الحَامياتِ الزُّهَّقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَوْهَق لُباب النَّبْع وَخِيَارُهُ، وَقَالَ: كَذَا فَسَّرَهُ يَعْقُوبُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يَتْبَعنَ خَرْقَا مِثْلَ قَوْسِ العَوْهَقِ،
…
قَوْداءَ فاقتْ فَضْلة المُعَلِّق
يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِالْقَوْسِ هَاهُنَا قَوْس قُزَحَ، فَيَكُونُ العَوْهقُ عَلَى هَذَا لونَ السَّمَاءِ لأَن لَوْنَهَا كَلَوْنِ اللَّازْوَرْد، وَاسْتَجَازَ أَن يُضِيفَ القَوْس إِلَى اللَّوْنِ لتشَبثه بالمتلوِّن الَّذِي هُوَ السَّمَاءُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْنِيَ هَذَا الشَّجَرَ إِنْ كَانَتْ تُعْمَلُ مِنْهُ القِسِيّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَنه مثْلُ لَوْنِ العَوْهق لأَنه قَدْ تَقَدَّمَ أَن العَوْهق الخُطّافُ الْجَبَلِيُّ الأَسود، وأَنه الْغُرَابُ الأَسود، وأَنه الثَّوْرُ الَّذِي لَوْنُهُ وَاحِدٌ إِلَى السَّوَادِ؛ وَقَوْلُهُ:
قَوْداء فاتَتْ فَضْلَةَ المُعَلِّق
أَي فَاتَتْ أَنْ تُنال فيُعَلَّق عَلَيْهَا فَضْلٌ مِمَّا يُحْتاجُ إِلَيْهِ نَحْوُ القَعْب والقَدَح؛ وأَنشدهُ مَرَّةً أُخرى وَنُسِبَ لِسَالِمِ بْنِ قُحْفان:
يتبعْنَ وَرْقاء كَلَوْنِ العَوْهق
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: يَعْنِي الطَّائِرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الأَخيل وَلَوْنُهُ أَخضر أوْرَقُ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الْعَوْهَقُ الصِّبْغ شِبْهُ اللَّازْوَرَد. والعَوْهَقانِ: نَجْمَانِ إِلَى جَنْبِ الفَرْقَدَيْنِ عَلَى نَسَقٍ، طَرِيقُهُمَا ممَّا يَلِي القُطْب؛ قَالَ:
بِحَيْثُ بارَى الفَرْقَدَانِ العَوْهقا،
…
عِنْدَ مَسَك القُطْب حَيْثُ اسْتَوْسَقَا
وَقِيلَ: هُمَا كَوْكَبَانِ يَتَقَدَّمَانِ بَنَاتَ نَعْشٍ. والعَوْهق: الطَّوِيلُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ والأُنثى؛ قَالَ الزَّفَيان:
وَصَاحِبِي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ،
…
خَطْباء وَرْقاء السَّراةِ عَوْهقُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قُلْتُ لأَعرابي مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: مَا العَوْهَقُ؟ فَقَالَ: الطَّوِيلُ مِنَ الرُّبْدِ؛ وأَنشد:
كأَنني ضَمَّنْتُ هِقْلًا عَوْهَقا
…
أَقتادَ رَحْلي، أَو كُدُرّاً مُحْنِقا
وَنَاقَةٌ عَوْهق: طَوِيلَةُ العُنق. والعَوْهق مِنَ النَّعَامِ: الطَّوِيلُ. والعَوْهق: فَحْلٌ كَانَ فِي الزَّمَانِ الأَول لِلْعَرَبِ تُنْسَبُ إِليه كِرَامُ النَّجَائِبِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فيهنَّ حَرْفٌ مِنْ بَنَاتِ العَوْهَقِ
أَبو عَمْرٍو: العِيهَاقُ الضَّلَالُ؛ وَلَا أَدري مَا الَّذِي عَوْهَقَك أَي مَا الَّذِي رَمَى بِكَ فِي العِيهاقِ. والعَوْهَق: الخُطَّاف. والعَوْهق: الْغُرَابُ الْجَبَلِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ الشِّقِرَّاق؛ وأَنشد شِمْرٌ:
ظَلَّت بيومٍ ذِي سَمومٍ مُفْلِقِ،
…
بَيْنَ عُنَيْزاتٍ وَبَيْنَ الخِرْنِقِ
تَلُوذُ مِنْهُ بِخِباءٍ مُلزَقِ
…
بالأَرض لَمْ يُكْفَأْ، وَلَمْ يُرَوَّقِ
إِليك تَشْكُو آزِباتٍ مُغْلق،
…
وَحَادِيًا كالسِّيْذَنُوق الأَزْرَقِ
يَتْبَعْنَ سَوْدَاءَ كَلَوْنِ العَوْهَقِ،
…
لاحقةَ الرِّجْل بَيُون المَرْفِقِ
وَمِنْ تَرْجَمَةِ عَهَبَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ عَوْهَبهُ وعَوْهَقه أَي ضلَّله، وَهُوَ العِيهاب والعِيهاق.
عوق: رَجُلٌ عَوْق: لَا خَيْرَ عِنْدَهُ، وَالْجَمْعُ أَعْواق. وَرَجُلٌ عُوَق: جَبَانٌ، هذَليَّة. وعاقَهُ عَنِ الشَّيْءِ يَعُوقه عَوْقاً: صَرَفَهُ وَحَبَسَهُ، وَمِنْهُ التَّعْويقُ والاعْتِياق، وَذَلِكَ إِذا أَراد أَمراً فَصَرَفَهُ عَنْهُ صارفٌ، وأَصل عاقَ عَوَق ثُمَّ نُقل مِنْ فَعَل إِلى فَعُلٍ، ثم قلبت الْوَاوُ فِي فَعُلْتُ أَلِفاً فصارَ عاقْتُ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ: الْعَيْنُ الْمُعْتَلَّةُ الْمَقْلُوبَةُ أَلِفاً وَلَامُ الْفِعْلِ، فَحُذِفَتِ الْعَيْنُ لِالْتِقَائِهِمَا، فَصَارَ التَّقْدِيرُ عَقْتُ، ثُمَّ نُقِلَتِ الضَّمَّةُ إِلى الْفَاءِ لأَن أَصله قَبْلَ الْقَلْبِ فَعُلت فَصَارَ عُقْت، فَهَذِهِ مُرَاجَعَةُ أَصل إِلَّا أَن ذَلِكَ الأَصل الأَقرب لَا الأَبعد، أَلا تَرَى أَن أَول أَحوال هَذِهِ الْعَيْنِ فِي صِيَغِه إِنما هُوَ فَتْحَةُ الْعَيْنِ الَّتِي أُبدلت مِنْهَا الضَّمَّةُ؟ وَهَذَا كُلُّهُ تَعْلِيلُ ابْنِ جِنِّي. وَتَقُولُ: عاقَني عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي أَردتُ عائِقٌ وعاقَتْني العَوائِقُ، الْوَاحِدَةُ عائقةٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ عاقَني وعَقانِي بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والتَّعْويقُ: تَرْبيث النَّاسِ عَنِ الْخَيْرِ. وعَوَّقَه وتَعَوَّقه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، واعْتاقَه، كُلَّهُ: صَرَفَهُ وَحَبَسَهُ. وَرِجْلٌ عُوَقَة وعُوَق وعَوِق «2» . أَي ذُو تَعْوِيقٍ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ أَي ذُو تَعْويقٍ لِلنَّاسِ عَنِ الْخَيْرِ وَتَرْبِيثٍ لأَصحابه لأَن عِلَلَ الأُمور تَحْبِسُهُ عَنْ حَاجَتِهِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَخطل:
مُوطَّأُ البيتِ مَحْمودٌ شَمائلُه،
…
عِنْدَ الحَمَالةِ، لَا كَزٌّ وَلَا عُوَقُ
كذلك عَيّق، وَقِيلَ: عيِّق إِتْبَاعٌ لضَيّق. يُقَالُ: عَوِقٌ لَوِقٌ وضَيّق لَيّق عَيّق. وَرَجُلٌ عُوَّق: تَعْتاقُه الأُمور عَنْ حاجته؛ قال الهذلي:
فِدًى لِبَني لِحْيان أُمي فإِنهم
…
أَطاعوا رَئِيسًا منهمُ غَيْرَ عُوَّقِ
والعَوْق: الرَّجُلُ الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ قال رؤبة:
(2). قوله [وعوق] هكذا بالأَصل مضبوطاً ككتف، وفي شرح القاموس: عوق كعنب عن ابن الأَعرابي، وضبطه بعض ككتف
فَداك مِنْهُمْ كلُّ عَوْقٍ أَصْلَدِ
والعَوْق: الأَمر الشَّاغِلُ. وعَوائِقُ الدَّهْرِ: الشَّوَاغِلُ مِنْ أَحداثه. والتَّعَوُّق: التَّثَبُّط. والتَّعْوِيقُ: التَّثْبيط. وَفِي التَّنْزِيلِ: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ
؛ المُعَوِّقون: قَوْمٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُثَبِّطون أَنصار النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا لَهُمْ: مَا محمدٌ وأَصحابه إِلَّا أُكْلَةُ رأْسٍ، وَلَوْ كَانُوا لَحْماً لَالْتَقَمَهُمْ أَبو سُفْيَانَ وحِزْبُه، فخلُّوهم وَتَعَالَوْا إِلينا فَهَذَا تَعْويقُهم إِياهم عَنْ نُصْرة النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ تَفْعِيل مِنْ عَاقَ يَعُوق؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ أَنِّي رَمَيْتُكَ مِنْ قريبٍ،
…
لَعاقَك، عَنْ دُعاء الذِّئبِ، عَاقِ
إِنما أَراد عَائِقٌ فَقَلَبَ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى توهُّم عَقَوْته، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والعَيُّوقُ: كَوْكَبٌ أَحمر مُضِيءٌ بِحِيالِ الثُّرَيّا فِي نَاحِيَةِ الشَّمال وَيَطْلُعُ قَبْلَ الْجَوْزَاءِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَعُوق الدَّبَران عَنْ لِقَاءِ الثُّرَيّا، قَالَ أَبو ذؤَيب:
فَوَرَدْنَ، والعَيوقُ مَقْعَدَ رابئِ الضُّرَباءِ،
…
خَلْفَ النجمِ، لَا يَتَتَلَّعُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَزِمَتْهُ اللَّامُ لأَنه عِنْدَهُمُ الشَّيْءُ بِعَيْنِهِ، وكأَنه جُعِلَ مِنْ أُمَّةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَيُّوقٌ، قَالَ: فإِن قُلْتَ هَلْ هَذَا الْبِنَاءُ لِكُلِّ مَا عَاقَ شَيْئًا؟ قِيلَ: هَذَا بناءٌ خُصَّ بِهِ هَذَا النجمُ كالدَّبَران والسِّمَاكِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَذَا عَيُّوق طَالِعًا، فَحَذَفَ الأَلف وَاللَّامَ وَهُوَ يَنْوِيهِمَا فَلِذَلِكَ يَبْقَى عَلَى تَعْرِيفِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِيهِ الأَلف وَاللَّامُ مِنْ أَسماء النُّجُومِ والدَّراري، فَلَكَ أَن تَحْذِفَهُمَا مِنْهُ وأَنت تَنْوِيهِمَا، فَيَبْقَى فِيهِ تَعْرِيفُهُ الَّذِي كَانَ مَعَ الأَلف وَاللَّامِ، وَقِيلَ: الدَّبَرانُ نَجْمٌ يَلِي الثرَيّا إِذا طَلَعَ عُلِمَ أَن الثُّرَيّا قَدْ طَلَعَتْ. قَالَ الأَزهري: عَيُّوق فَيْعُول يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ بِنَاؤُهُ مِنْ عَوْق وَمِنْ عَيْق لأَنَّ الْوَاوَ وَالْيَاءَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ وأَنشد:
وعاندَت الثُّرَيّا، بَعْدَ هَدْءٍ،
…
مُعاندةً لها العَيُّوقُ جَارَا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَيُّوق نَجْمٌ أَحمر مُضِيءٌ فِي طَرَفٍ المَجَرَّة الأَيمن يَتْلُو الثُّرَيّا لَا يَتَقَدَّمُهُ، وأَصله فَيْعُول، فَلَمَّا الْتَقَى الْيَاءُ وَالْوَاوُ والأُولى سَاكِنَةٌ صَارَتَا يَاءً مُشَدَّدَةً. وَتَقُولُ: مَا عَاقتِ المرأَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا وَلَا لاقَتْ أَي مَا حَظِيَتْ عِنْدَهُ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ مَا لاقَتْ وَلَا عاقَتْ أَي لَمْ تَلْصَق بِقَلْبِهِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: لاقَتِ الدَّواةُ أَي لَصِقَتْ، وأَنا أَلَقْتُها، كأَن عَاقَتْ إِتباع للاقَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَاهُ عَلَى الْوَاوِ وإِن لَمْ نَعْرِفْ أَصله لأَن انْقِلَابَ الأَلف عَنِ الْوَاوَ عَيْنًا أَكثر مِنَ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ، وَرَوَى شِمْرٌ عَنِ الأُموي: مَا فِي سِقَائِهِ عَيْقةٌ مِنَ الرُّبِّ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه ذَهَبَ بِهِ إِلى قَوْلِهِ مَا لاقَتْ وَلَا عاقَتْ، قَالَ: وَغَيْرُهُ يَقُولُ مَا فِي نِحْيه عَيقةٌ وَلَا عَمَقَة. والعُوَاق والعَوِيقُ: صَوْتُ قُنْبِ الْفَرَسِ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّوْتُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: هُوَ العَوِيقُ والوَعيقُ؛ وأَنشد:
إِذا مَا الرَّكْبُ حلَّ بدارِ قومٍ،
…
سمعتَ لَهَا، إِذا هَدَرَتْ، عُوَاقَا
قَالَ الأَزهري: قَالَ اللِّحْيَانِيُّ سَمِعْتُ عَاقْ عَاقْ وعاقِ