الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَقَدَّسَتْ عَنِ الْأَشْبَاهِ ذَاتُهُ، وَتَنَزَّهَتْ عَنْ سِمَاتِ الْحُدُوثِ صِفَاتُهُ، وَدَلَّتْ عَلَى وُجُودِهِ وَقِدَمِهِ مَخْلُوقَاتُهُ، وَشَهِدَتْ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ مَصْنُوعَاتُهُ، وَأَقَرَّتْ بِالِافْتِقَارِ إِلَيْهِ بَرِيَّاتُهُ، وَأَذْعَنَتْ لِعَظَمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ مُبْتَدَعَاتُهُ، سُبْحَانَهُ مِنْ إِلَهٍ تَحَيَّرَتِ الْعُقُولُ فِي بَدِيعِ حِكْمَتِهِ، وَخَضَعَتِ الْأَلْبَابُ لِرَفِيعِ عَظَمَتِهِ، وَذَلَّتِ الْجَبَابِرَةُ لِعَظِيمِ عِزَّتِهِ، وَدَلَّتْ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ مُحْدَثَاتُهُ، يُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَيَخْفِضُ وَيَرْفَعُ، وَيُوصِلُ وَيَقْطَعُ، فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَصْنَعُ، كَمَا نَطَقَتْ بِهِ آيَاتُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نِدَّ وَلَا ضِدَّ وَلَا ظَهِيرَ وَلَا وَزِيرَ، فَالْكُلُّ خَلْقُهُ وَإِلَيْهِ غَايَاتُهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَشَهِيدُهُ عَلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، مَنْ بَهَرَتِ الْعُقُولَ مُعْجِزَاتُهُ، وَأَعْجَزَتِ النُّقُولَ دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَإِرْهَاصَاتُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَأَصْهَارِهِ وَأَحِبَّائِهِ، وَأَنْصَارِهِ وَأَحْزَابِهِ، مَا دَامَتْ آلَاءُ اللَّهِ وَأَرْضُهُ وَسَمَاوَاتُهُ، وَمَا انْقَشَعَتْ بِنُورِ رِسَالَاتِهِ غَيَاهِبُ الشِّرْكِ وَظُلُمَاتُهُ، وَابْتَسَمَتِ الْأَيَّامُ بَعْدَ عُبُوسِهَا، وَظَهَرَتِ الْأَحْكَامُ بَعْدَ طُمُوسِهَا، وَأَيْنَعَتِ الْأَوْقَاتُ بَعْدَ يُبُوسِهَا، وَوَلَّى ظَلَامُ الظُّلْمِ وَانْمَحَتْ آفَاتُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى مَوْلَاهُ الْعَلِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَاجِّ أَحْمَدَ السَّفَارِينِيُّ الْأَثَرِيُّ الْحَنْبَلِيُّ: قَدْ كَانَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَأَلْفٍ طَلَبَ
مِنَّا بَعْضُ أَصْحَابِنَا النَّجْدِيِّينَ أَنْ أَنْظِمَ أُمَّهَاتِ مَسَائِلِ اعْتِقَادَاتِ أَهْلِ الْأَثَرِ فِي سِلْكٍ سَهْلٍ لَطِيفٍ مُعْتَبَرٍ، لِيَسْهُلَ عَلَى الْمُبْتَدِئِينَ حِفْظُهُ، وَتَنْفَعَهُمْ مَعَانِيهِ وَلَفْظُهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِمْ عَلَيْنَا مُخْتَصَرَاتِ الْعَقَائِدِ جُمْلَةً كَلُمْعَةِ الْإِمَامِ الْمُوَفَّقِ، وَمُخْتَصِرِ نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ لِشَيْخِ مَشَايِخِنَا الْبَدْرِ الْبِلْيَانِيِّ، وَالْعَيْنِ وَالْأَثَرِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي وَالِدِ أَبِي الْمَوَاهِبِ، فَابْتَهَجَ قَلْبُهُ بِمَا أَوْقَفْنَاهُ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ، فَتَعَلَّلْتُ بِاشْتِغَالِ (الْبَالِ، وَتَشْوِيشِ) الْخَاطِرِ بِالْبِلْبَالِ، وَتَشَتُّتِ الْأَفْكَارِ، (وَتَغَيُّرِ الْأَطْوَارِ) ، فَأَلَحَّ بِالسُّؤَالِ وَالِالْتِمَاسِ، وَقَالَ مَا فِي فَرَاغِكَ عَنْ هَذِهِ الْخَوَاطِرِ وَاشْتِغَالِكَ بِهَذَا الْمَطْلُوبِ الْحَاضِرِ مُدَّةً مِنْ بَاسٍ، فَلَمَّا لَمْ يَنْدَفِعْ بِالِانْدِفَاعِ، وَلَمْ يُفِدِ التَّعْلِيلُ لِهَذَا الطَّالِبِ الْمُلْتَاعِ، نَظَمْتُ أُمَّهَاتِ مَسَائِلِ عَقَائِدِ السَّلَفِ فِي سِمْطِ عِقْدٍ أَبْهَى مِنَ اللَّآلِئِ الْبَهِيَّةِ، وَسَمَّيْتُهَا (الدُّرَّةَ الْمُضِيَّةَ فِي عِقْدِ أَهْلِ الْفِرْقَةِ الْمَرْضِيَّةِ) ، وَعِدَّتُهَا مِائَتَا بَيْتٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، وَتَكْفِي وَتَشْفِي مِنْ مُعْظَمِ الْخِلَافِ الَّذِي ذَاعَ وَانْتَشَرَ. ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ نَظْمِهَا، وَالْفَرَاغِ مِمَّا أُودِعَ فِي ضِمْنِهَا مِنْ عِلْمِهَا، أَلَحَّ الْمَذْكُورُ وَإِخْوَانُهُ، وَذَوُوهُ وَخُلَّانُهُ عَلَى تَصْنِيفِ شَرْحٍ لِهَذَا الْعِقْدِ الَّذِي شَفَى وَأَبْرَى، وَقَالُوا: صَاحِبُ الْبَيْتِ بِالَّذِي فِيهِ أَدْرَى، فَتَجَشَّمْتُ تِلْكَ الْمَسَائِلَ الْوَعِرَةَ، وَالْمَدَارِكَ الَّتِي تَقَاعَسَ عَنْ إِدْرَاكِ حَقَائِقِهَا غَيْرُ الْأَلْمَعِيَّةِ الْمَهَرَةِ، فَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ غَيْرَ أَلْمَعِيٍّ وَلَا مَاهِرٍ، وَلَكِنِّي تَطَفَّلْتُ عَلَى مَا أَوْدَعَ حُذَّاقُ هَذَا الشَّأْنِ فِي الطُّرُوسِ وَالدَّفَاتِرِ، فَأَجَبْتُهُمْ إِنْجَاحًا لِمَطْلُوبِهِمْ، وَطَلَبًا لِشِفَاءِ صُدُورِهِمْ وَصَلَاحِ قُلُوبِهِمْ، وَعَوَّلْتُ فِيمَا قَصَدْتُ عَلَى الْمَوْلَى الْجَوَّادِ الْجَلِيلِ، فَهُوَ عَوْنِي وَحَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
وَسَمَّيْتُهُ (بِلَوَامِعِ الْأَنْوَارِ الْبَهِيَّةِ، وَسَوَاطِعِ الْأَسْرَارِ الْأَثَرِيَّةِ، لِشَرْحِ
الدُّرَّةِ الْمُضِيَّةِ فِي عِقْدِ الْفِرْقَةِ الْمَرْضِيَّةِ) . وَلِأُقَدِّمَ أَمَامَ الْمَطْلُوبِ مُقَدِّمَةً، تَشْتَمِلُ عَلَى عَشْرِ تَعْرِيفَاتٍ مُجَسَّمَةٍ، فَأَقُولُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْحَوْلِ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَى ذِي الْكَرَمِ وَالطَّوْلِ: