الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَوْفِهِ وَلَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِ هَذَا بَيْنَ يَدَيَّ مَا يَقْتَضِي مُبَاشَرَتَهُ لِيَدَيْهِ
وَإِذَا قِيلَ السَّحَابُ الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لَمْ يَقْتَضِ أَنَّ يَكُونَ مُمَاسًّا لِلسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ، فَمَذْهَبُ السَّلَفِ فِي هَذَا وَنَظَائِرُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُتَشَابِهَةِ الْوَارِدَةِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ عز وجل مَا بَلَغَنَا، وَمَا لَمْ يَبْلُغْنَا مِمَّا صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم اعْتِقَادُنَا فِيهِ، وَفِي الْآيِ الْمُتَشَابِهَةِ فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَقْبَلَهَا وَلَا نَرُدَّهَا، وَلَا نَتَأَوَّلَهَا بِتَأْوِيلِ الْمُخَالِفِينَ، وَلَا نَحْمِلُهَا عَلَى تَشْبِيهِ الْمُشَبِّهِينَ، وَلَا نَزِيدُ عَلَيْهَا، وَلَا نَنْقُصُ مِنْهَا (وَلَا نُفَسِّرُهَا) وَلَا نُكَيِّفُهَا، فَنُطْلِقُ مَا أَطْلَقَهُ اللَّهُ، وَنُفَسِّرُ مَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، وَالتَّابِعُونَ، وَالْأَئِمَّةُ الْمَرْضِيُّونَ مِنَ السَّلَفِ الْمَعْرُوفِينَ بِالدِّينِ وَالْأَمَانَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فَهَذَا مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ، وَالْعُدُولُ عَنْهُ وَصْمَةٌ، وَالِالْتِفَاتُ إِلَى سِوَاهُ نِقْمَةٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[إثبات الصورة والعين]
وَقَوْلُهُ ((وَكُلُّ مَا)) أَيْ كُلُّ شَيْءٍ وَارِدٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ((مِنْ نَهْجِهِ)) أَيْ نَهْجِ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَنَحْوِهِمَا، وَالنَّهْجُ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ أَيْ كُلُّ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَصْنَافِ مِنَ الرِّجْلِ وَالْقَدَمِ وَالصُّورَةِ ((وَ)) مِنْ ((عَيْنِهِ)) عز وجل، فَنَهْجُهُ الْوَاضِحُ وَسَبِيلُهُ الْمُبِينُ
الْإِقْرَارُ بِمَا وَرَدَ، وَالْإِيمَانُ بِمَا صَحَّ مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَلَا إِلْحَادٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، بَلْ نُقِرُّ وَنُذْعِنُ، وَنُسَلِّمُ وَنُؤْمِنُ بِكُلِّ ذَلِكَ، وَنُثْبِتُهُ إِثْبَاتَ وُجُودٍ بِلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَحْدِيدٍ، فَمِنْ ذَلِكَ الْعَيْنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] ، وَقَوْلِهِ {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] ، وَقَوْلِهِ {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] ، فَمَذْهَبُ السَّلَفِ إِثْبَاتُ ذَلِكَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَمَّا ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» " فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهَرَانَيِ النَّاسِ فَقَالَ " «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لَيْسَ بِأَعْوَرَ، إِلَّا أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيَّنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» " هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَلَفْظُ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ " إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ - وَأَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» "، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِهِ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] .
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي مِنْ صَحِيحِهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «كَنَّا نَتَحَدَّثُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَلَا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ، وَقَالَ " مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ
فَمَا خَفَّى عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» ". وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْقُرْطُبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: فِي هَذَا نَفْيُ نَقْصِ الْعَوَرِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِثْبَاتُ الْعَيْنِ لَهُ صِفَةً وَعَرَفْنَا بِقَوْلِهِ " {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِحَدَقَةٍ
وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: قَدْ وَرَدَ السَّمْعُ بِإِثْبَاتِ صِفَةٍ لَهُ تَعَالَى، وَهِيَ الْعَيْنُ فَتَجْرِي مَجْرَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِثْبَاتَ عَيْنٍ، هِيَ حَدَقَةٌ مَاهِيَّتُهَا شَحْمَةٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ جِسْمٍ مُحْدَثٍ، وَاللَّهُ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي وُصِفَ بِهَا الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا فَهِيَ مُنَاسِبَةٌ لِذَاتِهِ فِي كَوْنِهَا غَيْرَ جِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، فَلَا يُعْرَفُ لَهَا مَاهِيَّةٌ وَلَا كَيْفِيَّةٌ، قَالُوا: وَقَدِ امْتَنَعَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ، مِنْ أَنْ يُقَالَ لِلَّهِ تَعَالَى عَيْنٌ، فَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَنَفَوُا الْعَيْنَ وَالْبَصَرَ، فَهُمْ عَلَى جَادَّتِهِمْ، وَأَمَّا الْأَشْعَرِيَّةُ فَنَفَوْا صِفَةَ الْعَيْنِ، وَأَثْبَتُوا صِفَةَ الْبَصَرِ، فَيَضْعُفُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُوَافِقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُبْصِرُ بِبَصَرٍ، وَإِنَّمَا امْتَنَعُوا مِنْ تَسْمِيَةِ عَيْنٍ لِمَا اسْتَوْحَشُوا مِنَ الْعَيْنِ فِي الشَّاهِدِ، فَقَالُوا بِالتَّأْوِيلَاتِ، وَمِنَ الْمَفَاسِدِ قِيَاسُ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ.
وَقَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] أَيْ بِمَرْأًى مِنَّا وَنَحْنُ نَرَاهَا، قَالُوا: أَوِ الْمُرَادُ بِأَعْيُنِنَا يَحْفَظُنَا وَكَلَاءَتَنَا، قَالُوا: أَوِ الْمُرَادُ بِهِ أَعْيُنُ الْمَاءِ أَيْ تَجْرِي بِأَعْيُنٍ خَلَقْنَاهَا وَفَجَّرْنَاهَا فَهِيَ إِضَافَةُ مِلْكٍ وَخَلْقٍ لَا إِضَافَةُ صِفَةٍ ذَاتِيَّةٍ، أَوِ الْمُرَادُ تَجْرِي بِأَوْلِيَائِنَا وَخِيَارِ خَلْقِنَا، وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] أَيْ تُرَبَّى وَتُغَذَّى عَلَى مَرْأًى مِنَى، وَكَذَا " {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] " أَيْ بِمَرْأًى مِنَّا وَفِي حِفْظِنَا
وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْعَيْنُ مُؤَوَّلَةٌ بِالْبَصَرِ أَوِ الْإِدْرَاكِ، بَلْ قِيلَ إِنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي ذَلِكَ، خِلَافًا لِتَوَهُّمِ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهَا مَجَازٌ، قَالَ وَإِنَّمَا الْمَجَازُ فِي تَسْمِيَةِ الْعُضْوِ بِهَا، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْكُورَانِيُّ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ شَيْخِهِ الشَّيْخِ (أَحْمَدَ بْنِ) مُحَمَّدِ الْمَقْدِسِيِّ الْقُشَاشِيِّ مَا لَفْظُهُ: ثُمَّ وَقَفْتُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْأَشْعَرِيِّ فِي - الْإِبَانَةِ - الَّذِي هُوَ آخِرُ مُصَنَّفَاتِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمُعْتَقَدِ عَلَى مَا يَشُدُّ أَرْكَانَ مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَأَنَّ لَهُ تَعَالَى عَيْنَيْنِ بِلَا كَيْفٍ، وَأَنَّ لِلَّهِ عِلْمًا، وَنُثْبِتُ لِلَّهِ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ، وَلَا نَنْفِي ذَلِكَ كَمَا نَفَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْخَوَارِجُ، قَالَ الْكُورَانِيُّ فَصَرَّحَ بِإِثْبَاتِ الْعَيْنَيْنِ بِلَا كَيْفٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، انْتَهَى
وَقَالَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ
- رضي الله عنه أَحَادِيثُ الصِّفَاتِ تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ مَعَانِيهَا، وَنُخَالِفُ مَا خَطَرَ فِي الْخَاطِرِ عِنْدَ سَمَاعِهَا، وَنَنْفِي التَّشْبِيهَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِهَا مَعَ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْإِيمَانِ بِهَا، وَكُلُّ مَا يُعْقَلُ وَيُتَصَوَّرُ فَهُوَ تَكْيِيفٌ وَتَشْبِيهٌ وَهُوَ مُحَالٌ - كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْإِمَامُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ، انْتَهَى. وَهَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ الْأَثَرِيَّةِ فَهُوَ الْحَقُّ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَائِدَةٌ
ذَكَرَ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ الْجَوَابِ الصَّحِيحِ مَا نَصُّهُ: لَمَّا كَانَ حُلُولُ الْلَاهُوتِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادُهُ بِهِ مَذْهَبًا ضَلَّ بِهِ طَوَائِفُ كَثِيرُونَ مِنْ بَنِي آدَمَ: النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ يَأْتِي بِخَوَارِقَ عَظِيمَةٍ، وَالنَّصَارَى احْتَجُّوا عَلَى إِلَاهِيَّةِ الْمَسِيحِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَلَامَاتِ كَذِبِهِ أُمُورًا ظَاهِرَةً لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى بَيَانِ مَوَارِدِ النِّزَاعِ الَّتِي ضَلَّ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْآدَمِيِّينَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ تُدْهِشُهُمُ الْخَوَارِقُ حَتَّى يُصَدِّقُوا صَاحِبَهَا قَبْلَ النَّظَرِ فِي إِمْكَانِ دَعْوَاهُ، وَإِذَا صَدَّقُوهُ صَدَّقُوا النَّصَارَى فِي دَعْوَى إِلَاهِيَّةِ الْمَسِيحِ، وَصَدَّقُوا أَيْضًا مَنِ ادَّعَى الْحُلُولَ وَالِاتِّحَادَ فِي بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَوْ بَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ وَالْفُجُورِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ كَالرَّازِي عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، حَيْثُ قَالُوا: دَلَائِلُ كَوْنِ الدَّجَّالِ لَيْسَ هُوَ اللَّهَ ظَاهِرَةٌ، فَكَيْفَ يَحْتَجُّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا السُّؤَالُ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِ قَائِلِهِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ بَنُو آدَمَ مِنْ إِضْلَالِ الْأَدِلَّةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ فَسَادَ الْأَقْوَالِ الْبَاطِلَةِ، وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي عَهْدِ مُوسَى عليه السلام ظَنُّوا أَنَّ الْعِجْلَ هُوَ إِلَهُ مُوسَى، فَقَالُوا: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى، وَظَنُّوا أَنَّ مُوسَى نَسِيَهُ، وَالنَّصَارَى مَعَ كَثْرَتِهِمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ، وَفِي الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْقِبْلَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَشَايِخِ أَوْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَكَابِرِ شُيُوخِ الْمَعْرِفَةِ أَوِ التَّصَوُّفِ يَجْعَلُونَ هَذَا نِهَايَةَ التَّحْقِيقِ وَالتَّوْحِيدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَحِّدُ هُوَ الْمُوَحَّدُ فَكَيْفَ يُسْتَبْعَدُ مَعَ