المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌نادي المعلمين للأستاذ سعيد القضماني بهذا العدد المزدوج الممتاز تطوي المعرفة سنتها - مجلة «المعرفة» السورية - جـ ٦

[عادل العوا]

الفصل: ‌ ‌نادي المعلمين للأستاذ سعيد القضماني بهذا العدد المزدوج الممتاز تطوي المعرفة سنتها

‌نادي المعلمين

للأستاذ سعيد القضماني

بهذا العدد المزدوج الممتاز تطوي المعرفة سنتها الأولى وهي على خير ما تختتم مجلة سنتها في هذا البلد، وفي مثل هذه الظروف حيث تعثرت فيها صناعة الفكر والتوت سبل النشر.

وما كان ليستقيم لنا أمر المجلة وتطرد فيها أسباب الحياة، لولا صحة العزم وتضافر الجهد ونبل الغاية. وأعضاء أسرة التعليم هم الذين حققوا لك العزم الأكيد، والتعاون الوطيد، والغاية النبيلة الخالصة فالمجلة انبثقت عنهم وتحققت بهم والنفع إليهم آخر الأمر فهي منهم وبهم وإليهم.

وإذا كانت المجلة رمزاً للتعاون المشترك بين أسرة التعليم كافة من مسؤول شجع وآزر، وأستاذ أيد وحرر ومعلم عمل وبذل ومعلمة دعت واشتركت فهي أيضاً الدليل البين الحي على قدرة الأسرة لأن تنهض بجلائل الأعمال وتحقق خير المشاريع وأبدعها غاية.

وما كنت لأرغب بأن أقحم الحديث عن المجلة في مستهل البحث لولا رغبتي في أن أقرر في الأذهان قدرة أسرة التعليم على القيام بالأعباء وأن أدلل على القوة الكامنة في أوساط المعلمين والمعلمات التي يجب أن تنجمع وتتكتل وتوجه لصالح الأمة أولاً ولصالح الأسرة آخراً.

أما المشروع الجديد الذي ندعو أسرة التعليم لتحقيقه فهو إقامة نادي للمعلمين أو أندية لهم على الأصح.

وفكرة إقامة أندية للمعلمين ليست بالفكرة الطارئة بل ترجع إلى عشر من السنوات عندما هبت على البلاد نسمة طرية منعشة من الحرية وانزاح عنها شيء من كابوس بغيض ثقيل وكان انبثاق فكرة النادي مع انبثاق فكرة هيئة التعليم وإذ كانت الحياة قد توفرت لهيئة التعليم فإن عقبات وصعاباً أقيمت في وجه قيام النادي فلقد رأى المسئولون وقتئذ أن تكتل المعلمين الطبقة المثقفة الواعية قد يدفع بهم لأن يكون لهم رأي في الوضع القائم لا ينسجم مع رأي الدولة السائدة. فكان جواب وزير المعارف لوفد المعلمين الذي حمل إليه فكرة تأسيس النادي اذهبوا فمدارسكم أنديتكم كان هذا الجواب منذ عشر سنوات خلت مرت بهذه

ص: 104

البلاد، والعالم أجمع بتجارب قاسية نضج فيها الوعي واتسعت الصدور وانفسحت رحاب التفكير عند الرعية والرعاة.

بالأمس تكرم فخامة الرئيس الأول فافتتح نادي المحامين الذي ضم شمل رجال القانون على اختلاف ألوانهم الحزبية ومنازعهم السياسية، ثم تبرعت لهم الدولة بأرض تشاد عليها بناية للنادي. وبالأمس أيضاً تفضل جلالة الملك فاروق فافتتح في القاهرة نادياً فخماً ضخماً للمعلمين باحتفال فخم ضخم مهيب، ساق فيه وزير المعارف كلمات حلوة مشجعة أنصف فيها فئة المعلمين والفئة الكادحة المغبونة الراحمة المظلومة.

ومنذ زمن بعيد نجد أندية المعلمين منتشرة في العراق لا تقتصر على العاصمة بغداد، بل يقوم للمعلمين ناد في كل مركز من مراكز الألوية والأقاليم.

إن إنشاء نادي للمعلمين تدعو إليه حاجات ملحة وتقتضيه ضرورة قاهرة: مادية وأدبية ومسلكية وثقافية واجتماعية وترفيهية أيضاً.

فالنادي ضرورة مادية لأن كل فئة أو جماعة من الناس لا تستطيع أن تصل إلى حقها المادي ما لم تفرض وجودها واحترامها على الناس عن طريق اتحادها وتضامنها، وتلك سنة طبيعية تسير عليها نواميس الحياة، ونرى لها شواهد كل يوم في منطق الحوادث وواقع الأمور.

والنادي ضرورة أدبية لأنه من غير الجائز ألا تحتل أسرة التعليم مكانتها الأدبية في المجتمع، وهي خير أسرة تجمع بين أفرادها وحدة الثقافة ووحدة الغاية وهذا العمل الشاق الخطير النبيل. وإنها لظاهرة تدعو إلى الفخر والألم معاً ذلك أن غالبية الأندية الثقافية والاجتماعية والرياضية وحتى بعض السياسية، يساهم في توجيهها والإشراف عليها والعمل فيها نفر من أسرة التعليم فمن الحق والمنطق أن يتجمع هذا الجهد ويتركز هذا النشاط في نادي المعلمين المنتظر.

والنادي ضرورة مسلكية: إذ من البداهة أن اجتماع أبناء السلك الواحد في نادي واحد، مما يعود بالنفع على السلك نفسه، فيتداول الملمون مشاكل المهنة ويتذاكرون في طرق معالجتها. ثم إن مكتبة النادي تؤمن لهم الإطلاع على أحسن كتب التربية الحديثة وأرقى لمجالات المسلكية عدا عن المحاضرات وعقد المؤتمرات التربوية.

ص: 105

والنادي ضرورة ثقافية: إذ لا يكفي أن يقتصر المعلم على الثقافة المسلكية، بل من الواجب أن ينهل من موارد الثقافة العامة ويجول في أفق المعرفة الرحيب وقديماً قيل: المعلم تلميذ دائم فالنادي يسهل لهذا المعلم التلميذ جواً ثقافياً ملائماً.

وسعة الإطلاع عدا عن أنها ضرورية للمعلم لتعينه في مهنته، وهي أشد ضرورة له لتجلي ما يعتري النفوس والعقول من صدأ العمل الآلي الرتيب ومتاعب ذاك الصراع الدائم بين أن نرفع الأطفال إلى مستوانا أو أن ننخفض إلى مستواهم.

والنادي ضرورة اجتماعية: وهل من هو أجدر من المعلم لأن يشارك في حياة المجتمع ويندمج في مظاهر النشاط الاجتماعي العام حتى يستطيع أن يطبق مبدأ المدرسة إعداد للحياة الذي يتطلب منه مشاركة في ألوان الحياة وتفهماً لحاجاتها ليتمكن من إعداد الجيل وفق مقتضيات المجتمع ومن جهة أخرى فإن لمشاركة في مظاهر النشاط الاجتماعي، يخرج بجمهرة المعلمين من آفة الانطواء على النفس التي إذا أضيفت إلى متاعب المهنة وآليتها كانت لها أسوأ النتائج.

والنادي أخيراً ضرورة ترفيهية: فالمعلم جدير بالترفيه الخالص والتسلية البريئة لأنه يعمل بعقله وأعصابه. فمن حقه أن يفتش عن راحة لهذا العقل المتعب والأعصاب المرهقة إذا ما انفلت مساء من جوه المدرسي وانطلق إلى ناديه الذي يجب أن يضم كل أنواع التسلية والذي سيكون له فريقه الموسيقي والتمثيلي والرياضي، والذي سينظم الرحلات ويقوم بالزيارات في داخل البلاد وفي العالم العربي.

سعيد القضماني

ص: 106