الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النمو والتربية
الأستاذ ناظم الطحان
إن من المفيد جداً للمعلم أن يقرأ بانتباه كتاباً جيداً في علم النفس، ولكن من المفيد أكثر من ذلك أن يدرس المشاكل التربوية المماثلة للمشاكل التي يلقاها ويدعى لحلها أثناء قيامه بعمله اليومي.
وأنا إذ أعرض هنا بعضاً من هذا المشاكل اعتقد أني أقدم بعض المعونة لزملائي المعلمين.
يمكننا أن نبحث حياة الطالب من وجهتين متكاملتين: أولاً ما يتعلق ببرنامج الدراسة. ثانياً، ما يتعلق بنمو الطالب الجسماني والفكري وأيهما يجب أن يسود.
ودون أن نقلل من أهمية المادة الدرسية فإن كل مريد للتربية الحديثة. يعلم أن النمو المنسجم يجب أن يكون رائده الأول لهذا سأبدأ بحث هذه المشاكل التي تتعلق بالنمو:
النمو_لا يزال كثير من المعلمات والمعلمين يرون أن هذه المشاكل تهم الآباء والأطباء فحسب، ولكن الذي يتأمل سواء بتذكره طفولته الخاصة أو بقراءة ذكريات كبار الكتاب واعترافاتهم يرى مقدار الهموم والحسرات والقلق التي كانت تعكر في بعض الأحيان هذه الفترة السعيدة من العمر، ويدرك كم كانت عزيزة عليهم تلك اليد الرحيمة التي تعرف مواساتهم!؟. . .
ونحن نعرض الآن لدراسة هذه الأمور مستعينين بجهود عدد من الاختصاصيين في إيضاح بعض الوقائع: إذا نظرنا إلى الخطوط البيانية للنمو تبادر لأعيننا أنها تختلف بحسب الأطفال، البنين والبنات، الأسوياء والشواذ والعباقرة.
وبصورة عامة نرى: بين السنة السادسة والسادسة عشرة. يزداد طول القامة بقدر النصف. ويتضاعف الوزن، إلا أن الفتيات يتقدمن البنين بثلاث سنوات تقريباً فبنور هذه الحقيقة يجدر بنا أن نلاحظ العلاقات بين الأطفال من جنسين مختلفين، سواء أكانوا في البيت أم في المدرسة. فالفتاة تتحول وتتطور من السنة الحادية عشرة أو الثانية عشرة. وفي السنة السادسة عشرة تمسي امرأة، بينما الصبي يتطور خاصة بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة، وفي السنة السادسة عشرة نلاحظ أنه لا يزال طفلاً مهما كان مستوى تفكيره.
ومهما كان سير هذا النمو. فإننا إذا فكرنا بتأثيره الجسمي والنفسي. غفرنا للأطفال عدم
استقرار طبائعهم وسلوكهم وتقدمهم.
ومن المفيد دائماً أن نقارن منحنيات النمو الفردية مع المنحنيات المتوسطة إذ أن كل شذوذ واضح يثير مشكلة لنا غيرها. وعلينا أيضاً أن ننس أن النمو السوي نفسه عرضة للانحراف بصورة محسوسة في بعض الأحيان.
وإن استخدام اختبارات الذكاء يسمح بمقارنة النمو البدني والنمو الفكري رغم الرأي الشائع بأن الطفل المتقدم في ذكائه متقدم في عضويته أيضاً.
كثيراً ما نجد طفلا يشعر بأنه شاذ، فينطوي على نفسه. وينكب على المطالعة ويستغرق فيها أكثر من الألعاب الجمعية ويفتش عن الرفاق الراشدين، إلا أن هذه الأوضاع قد تنتج ببغائية سهلة تخدعنا.
إن ملاحظة الجملة العصبية والجهاز العضلي والهيكل العظمي والأعضاء التناسلية لهما حقاً أصعب من ملاحظة نمو القامة أو الوزن. وعلى الرغم من ذلك علينا أن نهتم دائماً بمثل هذه الأمور، وها نحن نشير هنا إلى بعض الحوادث التي قلما تعرف:
بينما الجملة العصبية تقترب من النضوج ويتم نموها في السنة الثانية عشرة فإن أعضاء التناسلية تبدأ في النمو في هذه السن فتثير بعض الاضطرابات التي تضطرنا لإعادة البحث عن التوازن المكتسب سابقاً. إن الجهاز العضلي يختلف في سير نموه عن الهيكل العظمي. لذلك يحتمل أن ينتج من هذا التباين عدم الاتزان في الحركات ذلك المرض الذي نهزأ من الطفل بسببه فنجعله يتألم. ويجب أن نعلم أيضاً أن القلب والشرايين لا تنمو بانسجام تام فبعضها يتضاعف قطره ثلاث مرات بينما بعضها الأخر ينمو بقدر اثني عشرة مرة عن حجمها الأول فينتج عن ذلك فترة ضعف وقتي يجب أن نجلب الطفل خلالها التمارين الرياضية العنيفة التي قد تؤثر به إلى الأبد.
إضافة إلى ذلك فأن النمو الجنسي يختلف بصورة غريبة باختلاف الأفراد، وقد دلت دراسة (3500) أنثى إن ظهور الحيض قد يحدث من السنة الثامنة وقد يتأخر حتى سن السادسة والعشرين ولا شك أن هذه حالات شاذة جداً ويغلب ظهور (العادة) بين الثانية عشرة والثامنة عشرة من العمر، وكل منا يعرف الاضطراب المعنوي والأخلاقي لهذا الاضطراب الفسيولوجي. ولكن كثيراً من المعلمات اللواتي يتغافلن فلا يسألن عن ذلك من أولياء
الفتيات فيصطدمن بمشاكل لا تحل.
ولنبحث الآن عوامل النمو وللسهولة نقسم هذه العوامل إلى أربعة رئيسية هي: البيئة، العادات النظامية، الاستجمام والهيجانات.
البيئة
أنا أفهم من البيئة: المسكن والتغذية والصحة والعناية الخ وتكفي المقابلة بين المدارس القديمة والمدارس الحديثة_على الأقل في المدن_لنرى إن أهمية الوسط لم تغرب عن البال بناة المدارس. ولكن كم من الأطفال الذين يخرجون من هذه القصور المدرسية فيعودون إلى بيوتهم الحقيرة ليعيشوا قيها وهنا وهنا ينكشف لنا الواقع المؤلم: أن الطفل الذي عاش في وسط فقير معدم يكون أصغر حجما وأقل فعالية ونشاطا من رفاقه أبناء الممتازين.
وإذا كانت قد تغيرت أبنية المدارس وتطورت فعلى الغالب نجد طرق التدريس قد بقيت على ما كانت عليه، مع انه أصبح من بديهيات التربية الحديثة إن إتباع الطرق التي لا تلائم حاجات الأطفال واستعداداتهم وسنبحث ذلك في فرصة أخرى عندما سندرس في مقال أخر المناهج المدرسية.
العادات النظامية
وهي تشمل النوم، والطعام، والتبرز ماذا كان الرضيع يجب إن ينام اثنين وعشرين ساعة تقريبا من أربعة وعشرين ساعة، فالطفل في دراسته الابتدائية بحاجة إن ينام (13) ساعة وبعد هذه السن يكفيه من النوم (8_9) ساعات. ولكن كثيراً من طلابنا لا ينامون نومنا كافيا وقليلا من أوليائهم يهتمون لذلك على إننا يجب إن نعزي النزق والحالات العصبية عند الطلاب إلى هذا النقص في النوم.
التغذية
معلوم إن التغذية يجب إن تكون ملائمة تماما لحاجات الأطفال الذين ليسوا رجالا صغارا ومع الأسف يجب إن نغض الطرف في الوقت الحاضر عن هذا الموضوع ونحث على تنظيم ساعات الطعام وترك هذه العادات السيئة التي تتبعها الأمهات بإعطاء أطفالهن الحلويات في كل إن.
الاستجمام
وهو الراحة الضرورية والفرصة. ومع ذلك فان الشائع إن يمنع الأطفال من الراحة وان يجبروا على أداء بعض الإعمال الشاقة والسحر المتعبة كثيراً ما يعاقبون بإعمال أضافية رغم الإخطار والإضرار التي تجرها هذه المعاملة في صحة الطفل الجسمية والنفسية وهذا طبعا مؤسف جداً.
وأخيرا نقول كلمة في وموضوع مهم هو موضوع الهيجانات: من المعلوم بالتجربة إن الهيجان القوي يؤثر في التنفس والقلب والعضلات. . الخ. . ولا نريد ان نرى كم تبعث حبات المدن الكبرى من الهيجانات الشديدة عند الأطفال فتشوش أعصابهم وإحكامهم أحيانا، فعلينا إن لا نضيف إلى ذلك صراخنا ووعيدنا وغضبنا. ويجب إن لا ننس مطلقاً إن يمكن إن ينفرد به الطفل من ثياب مضحكة وألقاب غريبة يمكن إن يكون له منبع إلام خفية ولكنها عميقة.
والآن بعد إن عرضنا هذا الملخص عن النمو نريد إن نجيب على اعتراض طالما سمعناه وهو) إن كل هذا لا يدخل في نطاق عمل المعلم أو المعلمة).
حقا لو إن في كل مدرسة طبيبا وموظفة اجتماعية فأن كثيراً من هذه العقبات تلقى على عاتق غيرهم على إننا بانتظار تحقيق ذلك يجب إن نعيش ونعلم وكما قيل عن السياسة من انك إذ لم تهتم فيك، فكذلك الحال في أمر النمو فأن إهمال مشاكله يجعلها تظهر لنا في الصفوف بإشكال من الفوضى والكسل وعدم ألانتباه. ونختم هذا المقال ببعض النصائح البسيطة التي تبين هذا العمل ليس فوق قدرتنا.
1_
يكون الطفل شديد الإحساس بفوارق القدم والقامة عندما يتصل مع رفاقه من الأطفال ومع الراشدين. وسيأتي يوم يحس فيه الطفل بدوره، بأنه أصبح ذا قامة تمكنه من إن يفرض نفسه، فافهموا ما يجري في نفسه عندئذ وكونوا في ذلك حكماء.
2_
ابذلوا جهودكم وخاصة في العاب الأطفال ونشاطهم الحر إن تقسموهم حسب مستويات نموهم والفتوا انتباه أولياء الأطفال وطبيب المدرسة إلى حالاتهم الشاذة التي تشاهدونها.
3_
بما إنكم_أيها المعلمون_مسئولين جزئيا عن المحيط الذي يعيش فيه الطفل فاهتموا بخلق وصيانة المحيط المدرسي الملائم لاصقي نمو يستطيع الأطفال بلوغه.
4_
في الصف وفي الفرصة اجتنبوا دائما الأسباب التي تثير أو تتهج الأطفال بشدة لأن
الأطفال اقرب الناس إلى الوقوع في الإمراض العصبية.
5_
وأخيرا كونوا صابرين ومتسامحين إمام هذه الكائنات الصغيرة التي تمر إثناء نموها بادوار فاجعة كثيراً ما تجهلونها.
عن مجلة (الطرق الفعالة) الفرنسية
ناظم طحان