المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من صدق في قول لا إله إلا الله نجا من كربات يوم القيامة - مجموع رسائل ابن رجب - جـ ٣

[ابن رجب الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[مطلب]

- ‌[مطلب]

- ‌[العِلْم النافع]

- ‌[علامة العِلْم الغير نافع]

- ‌فصل: [في مشابهة علماء السوء من المسلمين بأهل الكتاب]

- ‌أهل التوحيد لا يخلدون في النار وإن دخلوها

- ‌شروط لا إله إلا الله

- ‌شروط دخول الجنة

- ‌فهم النصوص المطلقة في ضوء النصوص المقيدة

- ‌الشرك والكفر له أصل وفروع

- ‌طاعة الشيطان تقدح في توحيد الرحمن

- ‌دلالة محبة الله عز وجل

- ‌تلازم الظاهر والباطن

- ‌النجاة لا تكون إلا لصاحب القلب السليم

- ‌احذروا الرياء

- ‌من صدق في قول لا إله إلا الله نجا من كربات يوم القيامة

- ‌فصل فضائل كلمة التوحيد

- ‌الله الله أيها الناس تمسكوا بأصل دينكم

- ‌فقوله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله يحفظك

- ‌قوله: "يحفظك

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله تجده أمامك" وفي رواية أخرى: "تجاهك

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم: "تعرف إِلَى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألت فاسأل الله

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا استعنت فاستعن بالله

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "جف القلم بما هو كائن" وفي الرواية الأخرى: "رفعت الأقلام وجفت الكتب" وفي الرواية الأخرى: "وجفت الصحف

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم بعد هذا: "فلو أنَّ الخلق جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أنَّ في الصبر عَلَى ما تكره خيرًا كثيرًا

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أنَّ النصر مع الصبر

- ‌فقوله صلى الله عليه وسلم: "إن النصر مع الصبر

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الفرج مع الكرب

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم: "إن مع العسر يسرًا

- ‌فصل

- ‌الباب الأول ما ورد في الأمر بسُكْنى الشام

- ‌الباب الثاني ما ورد في استقرار العِلْم والإيمان بالشام

- ‌الباب الثالث فيما ورد في حفظ الشام من الفتن وأنها معقل المسلمين في ذلك الزمن

- ‌الباب الرابع فيما ورد في استقرار خيار أهل الأرض في آخر الزمان بالشام وأن الخير فيها أكثر منه في سائر بلاد المسلمين

- ‌الباب الخامس فيما ورد في أن الطائفة المنصورة بالشام

- ‌الباب السادس فيما ورد في أن الأبدال بالشام

- ‌الباب السابع فيما ورد في بركة الشام

- ‌فصل

- ‌فصل ومن بركات الشام الدينية

- ‌الباب الثامن في حفظ الله -تعالى- الشام بالملائكة الكرام

- ‌الباب التاسع فيما ورد في بقاء الشام بعد خراب غيرها من الأمصار

- ‌الباب العاشر ما ورد في فضل دمشق بخصوصها وفيه فصول الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني فيما ورد في السنة والآثار من أنها فسطاط المسلمين ومعقلهم في الملاحم

- ‌فصل وقد ورد في تخريب دمشق ما نحن ذاكروه ومثبتون معناه

- ‌الفصل الثالث فيما ورد في أن دمشق خير بلاد الشام في آخر الزمان وأن أهلها خير أهل الشام

- ‌الفصل الرابع فيما ورد في نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام في آخر الزمان عند دمشق

- ‌الفصل الخامس فيما ورد في أن دمشق من مدن الجنة

- ‌فصل

- ‌محتويات الكتاب

- ‌الباب الأول في لزوم محبة الملك القدوس وتقديمها عَلَى حب الأموال والأولاد والنفوس

- ‌فصل محبة الله عَلَى درجتين: 1 - فرض لازم 2 - درجة السابقين

- ‌الباب الثاني في بيان أن من أعظم المطالب وأهمها سؤال الله تعالى محبته عَلَى أكمل الوجوه وأتمها

- ‌الباب الثالث في بيان الأسباب التي تستجلب بها محبة رب الأرباب

- ‌فصل "الأسباب الجالبة لمحبة الله

- ‌الباب الرابع في علامات المحبة الصادقة

- ‌فصل "بعض الآثار عن الحب

- ‌الباب الخامس في استلذاذ المحبين بكلام محبوبهم وأنه غذاء قلوبهم وغاية مطلوبهم

- ‌الباب السادس في أنس المحبين بالله وأنه ليس لهم مقصود من الدُّنْيَا والآخرة سواه

- ‌فصل "هم العارفين رؤية ربهم

- ‌الباب السابع في سهر المحبين وخلوتهم بمناجاة مولاهم الملك الحق المبين

- ‌الباب الثامن في شوق المحبين إِلَى لقاء رب العالمين

- ‌الباب التاسع في رضا المحبين بمر الأقدار وتنعمهم ببلاء من يخلق ما يشاء ويختار

- ‌فصل ["انكسار قلوبهم بحب ربهم"] (1)

- ‌الباب العاشر في ذكر خوف المحبين العارفين وفضله عَلَى خوف سائر الخائفين

- ‌فصل ["الحياء والخوف من الله

- ‌الباب الحادي عشر في شرف أهل الحب وأن لهم عند الله أعلى منازل القرب

- ‌الباب الثاني عشر في نبذ من كلام أهل المحبة وتحقيقهم تقوى به القلوب عَلَى سلوك طريقهم

- ‌[الخوف والحب]

- ‌[مفهوم جيد]

- ‌فصل[الخاتمة]

الفصل: ‌من صدق في قول لا إله إلا الله نجا من كربات يوم القيامة

‌من صدق في قول لا إله إلا الله نجا من كربات يوم القيامة

فأما من دخل النار من أهل الكلمة، فلقلة صدقه في قولها، فإن هذه الكلمة إذا صدقت في قولها طهَّرت القلب من كل ما سوى الله، ومتى بقي في القلب أثر (لما سوى)(*) الله، فمن قلة (صدقه)(**) في قولها.

من صَدَق في قوله: لا إله إلا الله، لم يحبّ سواه، ولم يرج إلا إياه، ولم يخش أحدًا إلا الله، ولم يتوكل إلا عَلَى الله، ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه.

ومع هذا فلا تظنوا أن المراد أن المحب مطالب بالعصمة، وإنَّما هو مطالب كلما زَلَّ أن يتلافى تلك الوصمة.

قال زيد بن أسلم: إن الله ليحبُّ العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول: اذهب فاعمل ما شئت فقد غفرت لك.

وقال الشعبي: إذا أَحَبّ الله عبدًا لم يضره (ذنب) (

).

وتفسير هذا الكلام أن الله عز وجل له عناية بمق يحبه من عباده، فكلما زلق ذلك العبد في هوة الهوى أخذ بيده إِلَى نجوة النجاة، ييسر له أسباب التوبة، وينبهه عَلَى قبح الزلة، فيفزع إِلَى الاعتذار، ويبتليه بمصائب مكفّرة لما جنى.

وفي بعض الآثار: يقول الله: "أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل طاعتي

(*) لسوى: "نسخة".

(**) الصدق: "نسخة".

(

) ذنبه: "نسخة".

ص: 69

أهل كرامتي، وأهل مصيبتي لا أؤيسهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب".

وفي "صحيح مسلم"(1) عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث".

وفي "المسند"(2) و"صحيح ابن حبان"(3) عن عبد الله بن مغفل "أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَعَلَ يُلَاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتِ: مَهْ (4) فَإِنَّ اللهَ أَذْهَبَ بِالشِّرْكِ وَجَاءَ بالإِسْلامِ! فَتَرَكَهَا وَوَلَّى، فَجَعَلَ يَلْتَفِتُ خَلْفَهُ وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا حَتَّى أَصَابَ وَجْهُهُ حَائِطًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَخْبَرَهُ بِالْأَمْرِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا». ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا أَمْسَكَ ذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

يا قوم، قلوبكم عَلَى أصل الطهارة، وإنَّما أصابها رشاش من نجاسة الذنوب، فرشوا عليها قليلاً من (ماء)(*) العيون، وقد طهرت.

اعزموا عَلَى فطام النفوس عن رضاع الهوى، فالحِمية رأس الدواء.

متى طالبتكم بمألوفاتها، فقولوا لها كما قالت تلك المرأة لذلك الرجل، الَّذِي دمي وجهه: قد أذهب الله الشرك وجاء بالإسلام، والإسلام يقتضي الاستسلام والانقياد للطاعة.

ذكِّروها مدحةَ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] لعلها تَحِنَّ إِلَى الاستقامة.

(1) برقم (2575).

(2)

(4/ 87).

(3)

برقم (2911 - إحسان).

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 191): ورجال أحمد رجال الصحيح.

(4)

اسكت واكفف.

(*) دمع: "نسخة".

ص: 70

عرِّفوها اطلاع من هو أقرب إليها من حبل الوريد، لعلها تستحي من قربه ونظره:{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14]{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14].

راود رجل امرأة في فلاة ليلا فأبت، فَقَالَ لها: ما يرانا إلا الكواكب، قالت: فأين مُكَوْكبُها؟!

أكره رجلٌ امرأة عَلَى نفسها، وأمرها بغلق الأبواب ففعلت، فَقَالَ لها: هل بقي باب لم تغلقيه؟ قالت: نعم، الباب الَّذِي بيننا وبين الله! فلم يتعرض لها.

رأى بعض العارفين رجلاً يكلم امرأة، فَقَالَ: إن الله يراكما، سترنا الله وإياكما!.

سُئل الجنيد: بم يستعان عَلَى غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبقُ من نظرك إِلَى ما تنظر.

وقال المحاسبي: المراقبة: علم القلب بقرب الرب.

كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره.

وصّى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أن يستحي من الله كما يستحي من رجل صالح من عشيرته لا يفارقه (1).

(1) أخرجه أبو بكر الإسماعيلي ما ذكر ابن كثير في تفسيره (4/ 305) من حديث نصر ابن خزيمة بن جنادة بن علقمة حدثني أبي عن نصر بن علقمة، عن أخيه، عن عبد الرحمن بن عائد قال: قال عمر: "جاء رجل إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: زودني حكمة أعش بها. فَقَالَ: استح الله كما تستحي رجلاً من صالح عشيرتك لا يفارقك".

قال ابن كثير: هذا حديث غريب.

وأخرجه ابن عدى (2/ 136)، (4/ 90) من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ اسْتِحْيَاءَكَ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنْ صَالِحِي عَشِيرَتِكَ".

وفي إسناده جعفر بن الزبير (وصفدي) بن سنان، قال ابن عدي: ولجعفر بن الزبير هذا أحاديث غير ما ذكرت عن القاسم، وعامتها مما لا يتابع عليه، والضعف عَلَى حديثه بيِّن. =

ص: 71

.........................................

=وقال عن الرواية الأخرى (4/ 90): وهذا يرويه الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأتى به (صفدي)(*) عن جعفر بن القاسم، عن أبي أمامة، ولعل البلاء فيه من جعفر لا من صفدي، فإن صفدي خير من جعفر بن الزبير، ولصفدي غير ما ذكرت من الحديث يتبين عَلَى حديثه ضعفه.

قلت: وحديث سعيد بن يزيد أخرجه أحمد في الزهد (ص 59) والطبراني في الكبير (6/ 5539) ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (827).

قال الهيثمي في المجمع (10/ 284): ورجاله وثقوا عَلَى ضعف في بعضهم.

وأخرجه البيهقي في الشعب (7738) من طريق ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير سمع سعيد بن زيد "أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني .. " فذكره.

قال البيهقي: كذا قال: سعيد بن زيد، وقال غيره: سعيد بن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن يزيد الأزدي عن ابن عم له قال: "قلت: يا رسول الله

" فذكره، وروى هذا عن جعفر بن الزبير -وهو ضعيف- عن القاسم عن أبى أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وسئل الدارقطني في العلل (4/ 421 - 422) برقم [669] عن هذا الحديث فَقَالَ: حدث به يزيد بن أبي حبيب واختلف عنه، فرواه الليث بن سعد عن يزيد عن أبي الخير عن سعيد بن زيد أو سعد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالفه عبد الحميد بن جعفر فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن سعيد بن زيد عن ابن عم له قال: "قلت: يا رسول الله أوصني

" الحديث.

وقول عبد الحميد بن جعفر أشبه.

وذكر الحديث ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 72): وقال: وليس بمحفوظ.

ثم ذكر الخلاف في السند.

وذكر في المراسيل (ص 68) أن سعيد بن يزيد ليست له صحبة.

وأخرجه البيهقي في الشعب (7739) من طريق المعارك بن عباد البصري عن أبي عباد عن جده أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ مختلف، وقال البيهقي: إسناده ضعيف، وله شاهد ضعيف.

وقال المناوي في فيض القدير (5/ 35): فيه ضعفاء منهم: معارك بن عباد، أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه الدراقطني وغيره.

وللحديث شاهد أخرجه البزار (1972 - كشف) من حديث معاذ، وفي إسناده: سعيد بن كثير وابن لهيعة وهما ضعيفان.

_________

(*) تصحف في الكامل إِلَى "صغدي" بالغين المعجمة، والصواب: صفدي - بالفاء.

ص: 72

قال بعضهم: استح من الله عَلَى قدر قربه منك، وخف الله عَلَى قدر قدرته عليك.

كان بعضهم يقول لي منذ أربعين سنة ما خطوت خطوة لغير الله، ولا نظرت إلى شيء أستحسنه حياءً من الله عز وجل:

كَأَن رقيبًا مِنْك يرْعَى خواطري

وَآخر يرْعَى ناظري ولساني

فَمَا أَبْصرت عَيْنَايَ بعْدك منْظرًا

لغيرك إِلَّا قلتُ قد رَمَقاني

وَلَا بدرت من فِيَّ بعْدك لَفْظَة

لغيرك إِلَّا قلتُ قد سمعاني

وَلَا خطرت من ذكر غَيْرك خطرة

على الْقلب إِلَّا عرَّجا بعناني

***

ص: 73