الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع فيما ورد في بركة الشام
قال الله عز وجل: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 137].
وإنما أورث الله بني إسرائيل أرض الشام.
وقال سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1].
وقال تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71].
وقال تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأنبياء: 81].
وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [سبأ: 18].
روى الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب (1) أنَّه قال في قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71].
قال: الشام، وما من ماء عذب إلا يخرج من تلك الصخرة التي ببيت المقدس.
ورُوي بإسناد ضعيف عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [سبأ: 18].
يعني: الأرض المقدسة: أرض الشام.
وعن الحسن في قوله تعالى: {مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا}
(1) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 140).
[الأعراف: 137] يقول: مشارق الشام ومغاربها.
وكذا قال زيد بن أسلم وقتادة وسفيان.
وقال السدي في قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأنبياء: 81] قال: أرض الشام.
قال الوليد بن مسلم: حدثنا زهير بن محمد، قال: حدّثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله -تعالى- بارك ما بين العريش [والفرات] (1) وخص فلسطين بالتقديس" يعني: التطهير.
ورُوي عن كعب قال: إن الله تعالى بارك في الشام من الفرات إِلَى العريش.
وعنه قال: بارك الله في أرض الشام من الفرات إِلَى العريش، وخص بالتقديس من أرض حمص إِلَى رفح.
وعنه أنَّه جاء إِلَيْهِ [رجل](2) فَقَالَ: إني أريد الخروج أبتغي من فضل الله، قال: عليك بالشام؛ فإنَّه ما ينقص من بركة الأرضين يزاد بالشام (3).
وقال عقبة بن وساج عمن حديثه قال: ما ينقص من الأرض شيء يزاد في الشام، وما ينقص من الشام يزاد في فلسطين.
وقال سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا أبو عبد الملك الجزري قال: إذا كانت الدُّنْيَا في بلاء وقحط كان الشام، في رخاء وعافية، وإذا كان الشام (4) في بلاء وقحط كان بيت المقدس في رخاء وعافية.
وقال: الشام مباركة، وفلسطين مقدسة، وبيت المقدس قدس القدس.
ويروي عن كعب قال: قدس ميسرة الشام مرتين وقدست سائر الشام مرة واحدة.
(1) في الأصل: الفراة والمثبت هو الصواب.
(2)
زيادة من "تاريخ دمشق"(1/ 144).
(3)
روى هذه الآثار عن كعب ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 144).
(4)
في "تاريخ دمشق"(1/ 144) كانت فلسطين في رخاء وعافية، وإذا كانت فلسطين في
…
".
وعن ثور بن يزيد قال: قدس الأرض الشام، وقدس الشام فلسطين، وقدس فلسطين: بيت المقدس، وقدس: بيت المقدس الجبل، وقدس الجبل: المسجد، وقدس المسجد: القبة.
واعلم أن البركة في الشام تشمل البركة في أمور الدين والدنيا، ولهذا سميت: الأرض المقدسة.
قال -تعالى- حاكيًا عن موسى عليه السلام: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 21].
ولما "قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: كيف تصنع إن أخرجت من المدينة؟ قال: أنطلق إِلَى الشام والأرض المقدسة المباركة".
وقد خرّجه الإمام أحمد (1) وغيره. وفي رواية الإمام أحمد (2) قال: "الحق بالشام؛ فإن الشام أرض الهجرة، وأرض المحشر وأرض الأنبياء".
وكتب أبو الدرداء إِلَى سلمان: هلمَّ إِلَى أرض الجهاد.
قال قتادة: الأرض المقدسة: أرض الشام.
وقال عكرمة والسدي: هي أريحا.
وقال الكلبي: دمشق وفلسطين، والمراد بالمقدسة المطهرة من الشرك وتوابعه، ولذلك كانت أرض الأنبياء.
قال ضمرة بن ربيعة: سمعت أنَّه لم يبعث [نبي](3) إلا من الشام، فإن لم يكن فيها أُسري به إليها.
وروى الوليد بن مسلم، حدثنا عفير بن معدان، عن (سليم)(4) بن عامر،
(1)(5/ 156).
(2)
(6/ 457).
(3)
زيادة من "تاريخ دمشق"(1/ 154).
(4)
في الأصل "سالم"، والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 154).
عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنزل القرآن)(1) في ثلاثة أمكنة: مكة والمدينة والشام".
قال الوليد: يعني: بيت المقدس.
خرجه الحاكم (2) وقال: صحيح الإسناد. كذا قال.
وفي رواية: "أنزلت علي النبوة في ثلاثة أمكنة
…
" فذكره، وعفير بن معدان ضعيف.
وقد سمى الله الشام: مبوأ صدق.
قال تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} .
قال قتادة: بوأهم الشام وبيت المقدس.
وأما حد الشام:
فروى الشافعي (3) أخبرني (عمي محمد بن عباس)(4) عن حسن بن القاسم الأزرقي (5) قال: "وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى ثنية تبوك، فَقَالَ: "ما ها هنا شام [وما ها هنا يمن](6) وأشار بيده إِلَى جهة المدينة".
وزعم الواقدي في "مغازيه" بغير إسناد أن "وادي القرى أول طرف الشام من جهة الحجاز، وما وراءه إِلَى المدينة حجاز".
ورعم بعض الأئمة المتأخرين أن حد الشام من جهة الحجاز عقبة الصوان.
قال: وتسمى: المنحنى، فما فوقها شام وما تحتها حجاز، وهو غريب لم يتابع
(1) كذا بالأصل، وفي "تلخيص المستدرك للذهبي" أنزلت علي النبوة.
(2)
راجع "مختصر استدراك الذهبي
…
" لابن الملقن (1132).
(3)
في الأم برقم (1/ 162).
(4)
في الأصل: "عمر بن محمد بن عياش" والتصويب من "الأم" للشافعي، "وتاريخ دمشق"(1/ 187).
(5)
في الأصل: "الأزرق" والتصويب من "الأم".
(6)
سقط من الأصل وهو في "تاريخ مدينة دمشق".
عليه.
وقال سالم بن عبد الأعلى حدثنا أبو الأعيس القرني، وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال "سئل عن البركة التي تدرك في الشام أين مبلغ حدّه؟ قال: أول حددوة عريش مصر، والحد الآخر جبل طرف الثنية، والحد الآخر: الفرات، والحد الآخر جبل فيه قبر هود (1) النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال أبو حاتم بن حبان في صحيحه (2): أول الشام: بالس (3)، وآخره: عريش مصر.
ويروي عن معاذ بن جبل قال: أرض المقدسة ما بين العريش إِلَى الفرات.
ولكن إسناده لا يصح.
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة، ففي صحيح البخاري (4) عن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا. قالوا: وفي نجدنا؟ قال: هناك الزلزال والفتن، وبها -أو قال: منها- يخرج قرن الشيطان".
ولحديث ابن عمر طرق متعددة عنه، قد ذكرتها في شرح الترمذي، وخرج الطبراني من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه.
…
(1) راجع للأهمية "اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 758) والفتاوى (27/ 444).
(2)
(16/ 295 - إحسان).
(3)
هي بلدة بالشام شرق حلب عَلَى ستين ميلا منها، عندها يتحول مجرى الفرات من الجنوب إِلَى الشرق فتحها أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
(4)
برقم (7094).