الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل ["انكسار قلوبهم بحب ربهم"](1)
ومما يستحليه المحبون لله عز وجل اختيارهم الذل له عَلَى الشَّرفِ، والخمول عَلَى الشهرة.
قال مخلد بن الحسين: "ما أحبَّ الله عَبْدٌ فأحب أن يعرف الناس مكانه".
وقال أحمد بن أبي الحواري: "من عبد الله عَلَى المحبة لا يحب أن يرى خدمته سوى محبوبه".
وقال ذو النون: "كل مطيع مستأنس، وكل عاص مستوحش، وكل محب ذليل، وكل خائف هارب، وكل راج طالب".
وكان بشر يقول في دعائه: "اللهم إنك تعلم أن الذل أَحَبّ الي من العز، وأن الفقر أَحَبّ الي من الغنى، وأني لا أوثر عَلَى حبك شيئًا. فسمعه رجل فأخذه البكاء، فَقَالَ: [اللهم] (2) أنت تعلم أني لو علمت أن هذا ها هنا لم أتكلم".
وسئل يوسف بن الحسين: "ما بال المحبين يتلذذون بالذل في المحبة؟!
فأنشأ يقول:
ذُلُّ الفتى في الحبِّ مكرمةٌ
…
وخضوعه لحبيبه شرفُ
وفي هذا المعنى يقول القائل:
مساكين أهل الحبِّ حتى قبورهم
…
عليها ترابُ الذلِّ بين المقابر
(1) هذا العنوان ليس في الأصل، وهو من تصرف محقق المطبوع.
(2)
من المطبوع.
ويقول الآخر:
العزُّ ذُلي فلا تَلُمْنِي
…
ما ينبغي يا عذولي مني
قال جعفر بن سليمان: عن مالك بن دينار، قال موسى عليه السلام:"إلهي أين أبغيك؟ فأوحى الله إِلَيْهِ يا موسى ابغني عند المنكسرة قلوبهم من أجلي، فإني أدنو منهم في كل يوم وليلة باعًا، ولولا ذلك لانهدموا"(1).
قال جعفر: "فقلت لمالك: كيف المنكسرة قلوبهم؟ فَقَالَ: سألت الَّذِي قرأ في (الكتاب) (2) فَقَالَ: سألت الَّذِي سأل عبد الله بن سلام عن المنكسرة قلوبهم ما يعني؟ قال: المنكسرة قلوبهم بحب الله جل جلاله (3) عن حب غيره".
خرجه إبراهيم بن الجنيد.
…
(1) أخرجه أحمد في الزهد ص (95)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 364) وفي إسناده انقطاع كما هو معروف بين مالك وموسى عليه السلام.
(2)
في المطبوعة: "الكتب".
(3)
من المطبوع.