الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في بيان أن من أعظم المطالب وأهمها سؤال الله تعالى محبته عَلَى أكمل الوجوه وأتمها
روى معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة -يعني: في المنام- فذكر الحديث، وقال في آخره: قال: سل. قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني إِلَى حبك.
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: إنها حق؛ فادرسوها وتعلموها".
خرجه الإمام أحمد (1) والترمذي (2) وقال: حسن صحيح.
وخرّجه الحاكم (3) وقال: صحيح الإسناد.
وفي بعض الروايات: "وحب عمل يبلغني حبك".
وخرج البزار (4) والطبراني (5) والحاكم (6) من حديث ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1) في المسند (5/ 243).
(2)
برقم (3235).
قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
(1/ 52).
(4)
برقم (2128 - كشف).
قال الهيثمي في المجمع (7/ 177 - 178): رواه البزار من طريق أبي يحيى عن أبي أسماء الرحبي، وأبو يحيى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
(5)
لم أجده في مسند ثوبان من "المعجم الكبير"، ولم يعزه الهيثمي إلا للبزار. وليس الحديث أيضاً في المعجمين "الأوسط والصغير" للطبراني.
(6)
(1/ 527) وقال: هذا حديث صحيح عَلَى شرط البخاري.
نحوه.
وخرج البزار (1) بإسناد فيه ضعف، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وفي حديثه:"اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إِلَى حبك، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي حتى أعلم أنَّه لن يصيبني إلا ما كتبت لي، ورضني بما قسمت لي".
وخرج الترمذي (2) والحاكم (3) من حديث أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كان من دعاء داود عليه السلام: اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الَّذِي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أَحَبّ الي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد".
قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود وتحدث عنه قال: "كان داود أعبد البشر". وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وخرج الترمذي (4) أيضاً من حديث عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنَّه كان يقول في دعائه: اللهم ارزقني حبك، وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رزقتني مما أَحَبّ فاجعله فراغًا لي فيما تحب" وقال: حسن غريب.
وخرج ابن أبي الدُّنْيَا وغيره من رواية أبي بكر بن أبي مريم، عن الهيثم بن مالك الطائي "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهم اجعل حبك أَحَبّ الأشياء إلي، واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي، واقطع عني حاجات الدُّنْيَا بالشوق إِلَى
(1) برقم (2129 - كشف).
وقال الهيثمي في المجمع (7/ 178): وفيه سعيد بن سنان، وهو ضعيف، وقد وثقه بعضهم، ولم يلتفت إليه في ذلك.
(2)
برقم (3490) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(3)
في المستدرك (2/ 433) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فَقَالَ: بل عبد الله هذا قال أحمد: أحاديثه موضوعة.
(4)
برقم (3491) وقال: هذا حديث حسن غريب.
لقائك، وإذا أقررت أعين أهل الدُّنْيَا بدنياهم؛ فاقرر عيني من عبادتك" (1). وهذا مرسل.
وخرج ابن أبي الدُّنْيَا أيضاً من رواية أبي بردة قال: "صليت إِلَى جنب ابن عمر فسمعته حين يسجد يقول: اللهم اجعل حبك أَحَبّ الأشياء إلي، وخوفك أخوف الأشياء عندي" وخرّجه أبو نعيم (2)، ولفظه:"اللهم اجعلك أَحَبّ الأشياء إِلَيَّ وأخشى عندي".
وصح من رواية نافع عن ابن عمر "أنَّه كان يدعو عَلَى الصفا والمروة وفي مناسكه فيقول في دعائه: اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك، ويحب رسلك، ويحب عبادك الصالحين، اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين"(3) في دعاء له كثير.
وروى إبراهيم بن الجنيد في كتاب المحبة له بإسناد إِلَى أبي الزاهرية قال: "كان داود عليه السلام يقول: "اللهم اجعلني من أحبائك؛ فإنك إذا أحببت عبدًا غفرت ذنبه لأن كان عظيمًا وقبلت عمله وإن كان يسيرًا".
وبإسناد عن صالح بن مسمار قال: "بلغنا أن الله عز وجل أرسل إِلَى سليمان بن داود عليهما السلام بعد موت أبيه داود ملكًا من الملائكة، فَقَالَ له الملك: إن ربي عز وجل أرسلني إليك لتسأله حاجة. قال سليمان: فإني أسأل ربي أن يجعل قلبي يحبه كما كان قلب أبي داود يحبه، وأسال الله -تعالى- أن يجعل قلبي يخشاه كما كان قلب أبي يخشاه. فَقَالَ الرب تبارك وتعالى: أرسلت إِلَى عبدي ليسألني حاجة فكانت حاجته أن أجعل قلبه يحبني وأجعل قلبه يخشاني، وعزتي لأكرمنه. فوهب له ملكًا لا ينبغي لأحد بعده؛ ثم قال:{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 39، 40].
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 282).
(2)
في الحلية (1/ 304).
(3)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 388).
وعن سلام بن مسكين قال: سمعت الحسن يقول: "اللهم املأ قلوبنا إيمانا بك، ويقينا بك ومعرفة بك وتصديقًا لك وحبًّا لك، وشوقًا إِلَى لقائك".
وعن عبد الواحد بن زيد "أنَّه كان يقول في دعائه: اللهم إني أسألك أركانًا قوية عَلَى عبادتك، وأسألك جوارح مسارعة إِلَى طاعتك، وأسألك هممًا متعلقة بمحبتك".
وعن مرثد بن أبي عامر عن الحسن بن علي "أنَّه كان يقول في دعائه: اللهم ارزقني محبة لك تقطع بها عني محبات الدُّنْيَا ولذاتها، وارزقني محبة لك تجمع لي بها خير الآخرة ونعيمها، اللهم اجعل محبتك آثر الأشياء عندي وأقرها لعيني واجعلني أحبك حب الراغبين في محبتك، حبًّا لا يخالطه حب هوى أعلى منه في صدري، ولا أكثر منه في نفسي حتى يشتغل قلبي به عن السرور بغيره، حتى يكمل لي به عندك الثواب غدًا في أعلى منازل المحبين لك يا كريم" قال: وكان من خيار أهل البيت، وكان يدعو بهذا الدعاء في آخر كلامه ويبكي.
وعن عقبة بن فضالة قال: "كان أبو عبيدة الخواص يقول في دعائه بعد ما كبر: اللهم ارزقني حبًّا لك، وحبًّا لطاعتك، وحبًّا لمطيعك، وحبًّا لأوليائك، وحبًّا لأهل محبتك وخدمتك، اللهم ارزقني حبًّا ترفعني به عندك في أعلى درجات العلى في منازل المحبين لك".
قال: وكان يبكي حتى يكاد يهمد وكان قد كبر جدًّا.
وعن أبي صخر، عن محمد بن كعب القرظي "أن عمر بن عبد العزيز أرسل يومًا إِلَيْهِ -وعمر أمير المدينة يومئذ- فَقَالَ: يا أبا حمزة، إنه أسهرتني البارحة آية قال محمد: وما هي أيها الأمير؟ فَقَالَ: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} قال محمد: إِنَّمَا عنى الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} الولاة من قريش {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} عن الحق {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وهم أهل اليمن. قال عمر: يا ليتني وإياك منهم! قال: آمين".
وروى ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن سعيد بن صدقة أبي مهلهل قال: "أتاني آت في منامي فَقَالَ: أتحب الله؟ قلت: أي والله الَّذِي لا إله غيره، إني لأحبه وأحب طاعته. قال: أفلا تناديه نداء أوليائه؟ قلت: وما هو؟ قال: قل: نبهني إلهي للخطر العظيم من محبتك يا باري النسم".
قال أحمد بن أبي الحواري: حدثنا أبو قرة، حدثنا حميد بن قائد قال: كان بعض التابعين يقول: "إلهي أعطيتني من غير أن أسألك؛ فكيف تحرمني وأنا أسألك، اللهم إني أسألك أن تسكن عظمتك في قلبي وأن تسقيني شربة من كأس حبك".
قال أحمد: وحدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه قال:"كان من دعاء مريم أم عيسى عليهما السلام اللهم املأ قلبي بك فرحًا وغش وجهي منك الحياء".
وكان من دعاء بعض التابعين "اللهم أعمت قلبي بخوفك وخشيتك، وأحيه بحبك وذكرك".
***