المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الخامس فيما ورد في أن الطائفة المنصورة بالشام - مجموع رسائل ابن رجب - جـ ٣

[ابن رجب الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[مطلب]

- ‌[مطلب]

- ‌[العِلْم النافع]

- ‌[علامة العِلْم الغير نافع]

- ‌فصل: [في مشابهة علماء السوء من المسلمين بأهل الكتاب]

- ‌أهل التوحيد لا يخلدون في النار وإن دخلوها

- ‌شروط لا إله إلا الله

- ‌شروط دخول الجنة

- ‌فهم النصوص المطلقة في ضوء النصوص المقيدة

- ‌الشرك والكفر له أصل وفروع

- ‌طاعة الشيطان تقدح في توحيد الرحمن

- ‌دلالة محبة الله عز وجل

- ‌تلازم الظاهر والباطن

- ‌النجاة لا تكون إلا لصاحب القلب السليم

- ‌احذروا الرياء

- ‌من صدق في قول لا إله إلا الله نجا من كربات يوم القيامة

- ‌فصل فضائل كلمة التوحيد

- ‌الله الله أيها الناس تمسكوا بأصل دينكم

- ‌فقوله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله يحفظك

- ‌قوله: "يحفظك

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله تجده أمامك" وفي رواية أخرى: "تجاهك

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم: "تعرف إِلَى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألت فاسأل الله

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا استعنت فاستعن بالله

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "جف القلم بما هو كائن" وفي الرواية الأخرى: "رفعت الأقلام وجفت الكتب" وفي الرواية الأخرى: "وجفت الصحف

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم بعد هذا: "فلو أنَّ الخلق جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أنَّ في الصبر عَلَى ما تكره خيرًا كثيرًا

- ‌وقوله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أنَّ النصر مع الصبر

- ‌فقوله صلى الله عليه وسلم: "إن النصر مع الصبر

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الفرج مع الكرب

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم: "إن مع العسر يسرًا

- ‌فصل

- ‌الباب الأول ما ورد في الأمر بسُكْنى الشام

- ‌الباب الثاني ما ورد في استقرار العِلْم والإيمان بالشام

- ‌الباب الثالث فيما ورد في حفظ الشام من الفتن وأنها معقل المسلمين في ذلك الزمن

- ‌الباب الرابع فيما ورد في استقرار خيار أهل الأرض في آخر الزمان بالشام وأن الخير فيها أكثر منه في سائر بلاد المسلمين

- ‌الباب الخامس فيما ورد في أن الطائفة المنصورة بالشام

- ‌الباب السادس فيما ورد في أن الأبدال بالشام

- ‌الباب السابع فيما ورد في بركة الشام

- ‌فصل

- ‌فصل ومن بركات الشام الدينية

- ‌الباب الثامن في حفظ الله -تعالى- الشام بالملائكة الكرام

- ‌الباب التاسع فيما ورد في بقاء الشام بعد خراب غيرها من الأمصار

- ‌الباب العاشر ما ورد في فضل دمشق بخصوصها وفيه فصول الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني فيما ورد في السنة والآثار من أنها فسطاط المسلمين ومعقلهم في الملاحم

- ‌فصل وقد ورد في تخريب دمشق ما نحن ذاكروه ومثبتون معناه

- ‌الفصل الثالث فيما ورد في أن دمشق خير بلاد الشام في آخر الزمان وأن أهلها خير أهل الشام

- ‌الفصل الرابع فيما ورد في نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام في آخر الزمان عند دمشق

- ‌الفصل الخامس فيما ورد في أن دمشق من مدن الجنة

- ‌فصل

- ‌محتويات الكتاب

- ‌الباب الأول في لزوم محبة الملك القدوس وتقديمها عَلَى حب الأموال والأولاد والنفوس

- ‌فصل محبة الله عَلَى درجتين: 1 - فرض لازم 2 - درجة السابقين

- ‌الباب الثاني في بيان أن من أعظم المطالب وأهمها سؤال الله تعالى محبته عَلَى أكمل الوجوه وأتمها

- ‌الباب الثالث في بيان الأسباب التي تستجلب بها محبة رب الأرباب

- ‌فصل "الأسباب الجالبة لمحبة الله

- ‌الباب الرابع في علامات المحبة الصادقة

- ‌فصل "بعض الآثار عن الحب

- ‌الباب الخامس في استلذاذ المحبين بكلام محبوبهم وأنه غذاء قلوبهم وغاية مطلوبهم

- ‌الباب السادس في أنس المحبين بالله وأنه ليس لهم مقصود من الدُّنْيَا والآخرة سواه

- ‌فصل "هم العارفين رؤية ربهم

- ‌الباب السابع في سهر المحبين وخلوتهم بمناجاة مولاهم الملك الحق المبين

- ‌الباب الثامن في شوق المحبين إِلَى لقاء رب العالمين

- ‌الباب التاسع في رضا المحبين بمر الأقدار وتنعمهم ببلاء من يخلق ما يشاء ويختار

- ‌فصل ["انكسار قلوبهم بحب ربهم"] (1)

- ‌الباب العاشر في ذكر خوف المحبين العارفين وفضله عَلَى خوف سائر الخائفين

- ‌فصل ["الحياء والخوف من الله

- ‌الباب الحادي عشر في شرف أهل الحب وأن لهم عند الله أعلى منازل القرب

- ‌الباب الثاني عشر في نبذ من كلام أهل المحبة وتحقيقهم تقوى به القلوب عَلَى سلوك طريقهم

- ‌[الخوف والحب]

- ‌[مفهوم جيد]

- ‌فصل[الخاتمة]

الفصل: ‌الباب الخامس فيما ورد في أن الطائفة المنصورة بالشام

‌الباب الخامس فيما ورد في أن الطائفة المنصورة بالشام

في "الصحيحين"(1) عن عمير بن هانئ أنَّه سمع معاوية يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم عَلَى ذلك".

قال عمير: فَقَالَ مالك بن يخامر: قال معاذ: وهم بالشام.

فَقَالَ معاوية: هذا مالك بن يخامر يزعم أنَّه سمع معاذًا يقول: وهم بالشام.

وروى حماد بن زيد عن الجريري عن مطرف عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون عَلَى الحق ظاهرين عَلَى من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال".

قال مطرف: فنظرت في هذه العصابة فوجدتهم أهل الشام.

وقد خرجه الإمام أحمد (2) وأبو داود (3) بدون قول مطرف.

وخرج مسلم في "صحيحه"(4) من حديث سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الغرب ظاهرين عَلَى الحق حتى تقوم الساعة" وقد فسر الإمام أحمد أهل الغرب في هذا الحديث بأهل الشام؛ فإن التشربق والتغريب

(1) أخرجه البخاري (7460)، ومسلم (1037).

(2)

(4/ 437).

(3)

برقم: (2476).

(4)

برقم (1925).

ص: 204

أمر نسبي، والنبي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قال هذا بالمدينة، وقد سمي النبي صلى الله عليه وسلم وأهل نجد والعراق أهل المشرق، فلذلك كانوا يسمون أهل الشام أهل المغرب؛ لأن الشام تتغرّب عن المدينة، كما أن نجدًا تتشرّق عنها.

وكانوا يسمون البصرة هِندًا، لأنها من جهة الهند، ومنها يُسلك إِلَى الهند، ولهذا قال خالد لما عزله عمر عن الشام: إن عمر أمرني أن [آتي](1) الهند.

قال الرواي: وكانت الهند عندنا البصرة.

وفسرت طائفة أخرى الغرب المذكور في هذا الحديث بالدلو العظيم، وقالوا: المراد بهم العرب (2)؛ لأنهم يستقون [بالغرب](3) وهذا قول علي بن المديني وغيره.

وقد وردت الأحاديث أن [العرب تهلك](4) في آخر الزمان، فلا يبقى منهم بقية إلا بالشام، فيرجع الأمر إِلَى تفسير الحديث بأهل الشام، كما روى يونس بن أبي إسحاق، حدثنا إدريس بن يزيد وداود بن يزيد [الأوديان](5)، حدثنا والدنا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أول الناس هلاكًا فارس ثم [العرب] (6) من قربها، ثم أشار بيده قبل الشام: إلا بقية ها هنا"(7).

ورواه سعيد بن بشير عن داود (الأزدي)(8) عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول الناس هلكة فارس، ثم الغرب، إلا بقايا ها هنا - يعني:

(1) في الأصل: "اياتي" ولعل ما ذكرته هو الصواب.

(2)

كتب في الحاشية: لعله المغرب.

(3)

في الأصل: "المغرب" والصواب ما أثبته. والغَرْب: الدَّلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور. النهاية مادة "غرب"(3/ 349).

(4)

في الأصل: "الغرب يهلك"، والسياق يقتضي ما أثبته.

(5)

في الأصل "الأزديان"، والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 297) وانظر الأنساب لابن السمعاني (1/ 227) فقد نسب إدريس بن يزيد بالأودي.

(6)

في الأصل "الغرب" والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 296).

(7)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 296 - 297).

(8)

في الأصل "الأزدي" والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 296).

ص: 205

بالشام" (1).

وخرج ابن ماجه (2) من حديث أبي أمامة "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل خروج الدجال خارج المدينة قِيلَ لَهُ: يا رسول الله، فأين [العرب] (3) يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل، وجُلَّهُم ببيت المقدس".

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التصريح بأن هذه الطائفة المنصورة بالشام.

فروى يعقوب بن سفيان، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني أبو علقمة الحضرمي أن عمير (الأسود) (4) وكثير بن مرة الحضرمي قالا: إن أبا هريرة وابن السَّمط كانا يقولان: "لا يزال المسلمون في الأرض حتى تقوم الساعة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال عصابة من أمتي قوَّامة عَلَى أمر الله، لا يضرُّها من خالفها، تقاتل أعداء الله، كما ذهب حرب نشأ حرب قوم آخرين".

يزيغ الله قلوب قوم ليرزقهم منهم حتى تأتيهم الساعة كأنها قطع الليل المظلم، فيفزعون لذلك، حتى [يلبسوا](5) له أبدان الدروع".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهم أهل الشام. ونكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصبعه يومئ بها إِلَى الشام حتى أوجعها"(6).

وذكر البخاري في "تاريخه"(7) عن عبد الله بن يوسف نحوه.

وخرَّج ابن ماجه (8) من أوله إِلَى قوله: "ولا يضرها من خالفها" عن

(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/ 296 - 297).

(2)

برقم (4077) مطولاً.

(3)

في الأصل "الغرب"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".

(4)

في تاريخ دمشق: ابن الأسود.

(5)

في الأصل: "يلبسون" والمثبت هو الصواب نحويا.

(6)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 243).

(7)

برقم (2691).

(8)

برقم (7).

ص: 206

[هشام](1) بن عمار عن [يحيى](2) بن حمزة به، ولم يذكر في إسناده ابن السمط.

وله طريق أخرى من رواية الصعق بن حزن عن سيار بن الحكم عن جبر عن عبيدة الحمصي الشاعر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هذه الأمة منصورة بعدي، منصورون أينما توجهوا، لا بضرهم [من خالفهم] (3) من الناس حتى يأتي أمر الله، أكثرهم من الشام".

وفي رواية: هم أهل الشام.

ورواة بقية بن الوليد، حدثنا [حشرج](4) بن نباتة، حدثني سيار أبو الحكم عن شهر بن حوشب عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بنحوه.

ورواية الصعق بن حزن أصح. والصعق ثقة، وشيخ بقية غير معروف.

وقد رُوي من حديث أنس من رواية محمد بن كثير المصيصي عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي

" فذكر الحديث، "وقال وأومأ بيده إِلَى الشام".

وذكره الترمذي في "كتاب العلل"(5) وقال: سألت البخاري عنه، فَقَالَ: هو منكر خطأ، إِنَّمَا هو عن قتادة عن مطرف عن عمران بن حصين.

قلت: حديث قتادة عن مطرف عن عمران قد خرجه الإمام أحمد (6) وأبو

(1) في الأصل: "هامش"، والصواب ما أثبته، وهو شيخ ابن ماجه.

(2)

في الأصل: "بحير" والصواب ما أثبته، وهو يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي من الثامنة.

(3)

سقطت من الناسخ، واستدركتها من تاريخ دمشق (1/ 244 - 245).

(4)

في الأصل: خزرج. والصواب ما أثبته، وهو حشرج بن نُباتة - بضم النون ثم الموحدة ثم المثناة -أبو مكرم الواسطي- أو الكوفي- من الثامنة. وهناك استدراك عَلَى ابن رجب؛ لأنه قال: شيخ بقية غير معروف. وحشرج قال فيه الحافظ في التقريب: صدوق يهم! ووثقه غير واحد من الأئمة منهم أحمد وابن معين.

(5)

برقم (598).

(6)

(4/ 429، 437).

ص: 207

داود (1)، وقد سبق ذكره، وأن الجُريريَّ رواه عن مطرف، وذكر فيه عنه أنَّه قال: نظرت فيهم فوجدتهم أهل الشام.

وأما الأوزاعي فإنَّه روى هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الشام.

قال الأوزاعي: فحدثت به قتادة فَقَالَ: لا أعلم أولئك إلا أهل الشام.

كذلك رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، وكذا رواه يحيى بن حمزة عنه إلا أنَّه قال: عن يحيى عن جابر، وقال فيه: قال الأوزاعي: وحدثني به قتادة، فزعم أنهم أهل الشام.

ورواه عقبة بن علقمة عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فوصل إسناد أبي هريرة، والمحفوظ الأول.

ورُوي من وجه آخر:

من رواية عباد بن عباد أبي عتبة البرمكي عن أبي زرعة [السيباني](2) عن أبي وعْلَة [العكي](3) عن كريب السحولي، حدثني مرة البهزي أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تزال طائفة من أمتي عَلَى الحق ظاهرين عَلَى من ناوأهم، وهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتي أمر الله، وهم عَلَى ذلك، قلنا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: بأكناف بيت المقدس".

خرجه الطبراني (4) وغيره إلا أن رواية الطبراني عن أبي زرعة العكي، وهو وهم.

(1) برقم (2476).

(2)

في "الأصل": السفياني وهو خطأ والتصويب من المعجم الكبير للطبراني (20/ 754).

(3)

كذا بالأصل، وفى الكنى للبخاري ص 78 "العجلي" وذكر البخاري حديث مرة البهزي.

(4)

في "الكبير"(20/ برقم 754).

ص: 208

ورواهُ ضمرة بن ربيعة عن أبي زرعة الشيباني عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

وقال فيه: "قالوا يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وما حوله، لا يضرهم خذلان من خذلهم، ظاهرين عَلَى الحق إِلَى أن تقوم الساعة".

أخرجه ابن أبي خيثمة والطبراني (1) وقال: لم يروه عن عامر إلا الوليد، تفرد به إسماعيل بن عياش.

وخرّجه ابن عدي (2)، وقال: هذا الحديث بهذا اللفظ ليس يرويه إلا ابن عياش عن الوليد، والوليد بن عباد ليس بمعروف، وحديثه غير مستقيم. انتهى.

وقد قال بعضهم في هذا الإسناد: عن عاصم الأحول، عن أبي صالح الخولاني، قاله أبو القاسم الدمشقي الحافظ (3).

الوجه الثاني: رواه خيثمة بن [سليمان](4) الحافظ، حدثنا العباس بن الوليد، أخبرنا محمد بن شعيب، أخبرني أبو المغيرة عمرو بن [شراحيل] (5) العنسي أنَّه سمع حيان بن [وبرة] (6) المري ببيروت يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزال بدمشق عصابة يقاتلون عَلَى الحق حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون".

الوجه الثالث: من رواية محمد بن عائذ، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا يزيد الحميري، رفعه إِلَى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال عصابة من أمتي يقاتلون عَلَى أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما

(1) في الكبير (8/ 145)، ومسند الشاميين (860).

(2)

في "الكامل"(7/ 84).

(3)

في "تاريخ دمشق"(1/ 240).

(4)

في الأصل "سليم" والتصويب من "تاريخ دمشق" لابن عساكر (1/ 242).

(5)

في الأصل: "شرحبيل" والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 242).

(6)

في الأصل: "مرة" والتصويب من الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 245) برقم [1089].

ص: 209

حولها، لا يضرهم خذلان من خذلهم، ظاهرين عَلَى الحق إِلَى أن تقوم الساعة".

الوجه الرابع: من رواية موسى بن أيوب، حدثنا عبد الله بن القاسم (1) عن السري بن بزيع عن السري عن الحسن عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون عَلَى أبواب بيت المقدس وما حولها، وعلى أبواب أنطاكية وما حولها، وعلى أبواب دمشق، وما حولها، وعلى أبواب الطالقان وما حولها، ظاهرين عَلَى الحق، لا يبالون من خذلهم ولا من نصرهم".

غريب جدًّا، وفي إسناده من لا يعرف، ومما يدل عَلَى أن هذه الطائفة بالشام حديث شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".

خرجه الإمام أحمد (2)، والترمذي (3) وقال: حديث حسن صحيح.

ورواه سعيد بن عبد الجبار، عن أرطاة بن المنذر، حدثني معاوية بن قرة عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا هلك أهل الشام فلا خير في أمتي، ولا تزال طائفة من أمتي يقاتلون عَلَى الحق ظاهرين لا يبالون بخلاف من خالفهم أو خذلان من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم عَلَى ذلك وهو يشير إِلَى الشام".

خرجه أبو القاسم الحافظ (4).

ورواية شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه أصلح.

وقد ذكرنا فيما تقدم حديث سلمة بن نفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين عَلَى الناس يزيغ الله قلوب أقوام فيقاتلونهم، ويرزقهم الله

(1) كذا بالأصل، وفي "فضائل الشام" للربعي (75)"وتاريخ دمشق"(1/ 242)"عبد الله بن قسيم" ولم أعرفه، والله أعلم.

(2)

(3/ 436، 4/ 34، 35).

(3)

برقم (2191).

(4)

في "تاريخ دمشق"(1/ 256).

ص: 210

منهم حتى يأتي أمر الله وهم عَلَى ذلك، ألا إن عقر دار المؤمنين الشام".

خرجه الإمام أحمد (1) والنسائي (2).

وفي رواية لأبي القاسم البغوي: "وعقر دار المؤمنين يومئذ بالشام"(3) وفيه إشارة إِلَى أن هذه الطائفة، أو معظمها بالشام.

وأما من قال من العُلَمَاء أن هذه الطائفة المنصورة هم أهل الحديث.

كما قاله ابن المبارك، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وعلي ابن المديني، والبخاري وغيرهم، فإنَّه غير مناف لما ذكرناه؛ لأنّ الشام في آخر الزمان بها يستقر الإيمان وملك الإسلام، وهي عقر دار المؤمنين، فلابد أن يكون فيها من ميراث النبوة من العِلْم ما يحصل به سياسة الدين والدنيا، وأهل العِلْم بالسنة النبوية بالشام هم الطائفة المنصورة القائمين بالحق الذين لا يضرهم من خذلهم.

وروى محمد بن أيوب بن ميسرة عن حَلْبَس عن أبيه خريم بن فاتك الأسدي أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أهل الشام سوط الله في أرضه، ينتقم بهم ممن يشاء من عباده، وحرام عَلَى منافقيهم أن يظهروا عَلَى مؤمنيهم، ولا يموتوا إلا همًّا وغمًّا".

خرجه الطبراني (4) وغيره، ورُوي عن خريم موقوفًا.

وروى عبد الله بن [مسلم](5) بن هرمز عن مجاهد عن تبيع عن كعب قال: أهل الشام سيف من سيوف الله، ينتقم الله بهم ممن عصاه في أرضه.

ويروى عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قرأت فيما أنزل الله عَلَى بعض

(1)(4/ 104).

(2)

برقم (3561).

(3)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 104 - 105).

(4)

في "الكبير"(4/رقم 4163).

(5)

في الأصل: مسلمة: والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 275).

ص: 211

الأنبياء أن الله عز وجل يقول: الشام كنانتي، فإذا غضبت عَلَى قوم رميتهم منها بسهم.

وروى سعيد بن بشير عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173] قال: هم أهل الشام.

ورواه خليد عن قتادة قال: لا أعلم أولئك إلا أهل الشام.

وروى عطاء بن السائب قال: سمعت عبد الرحمن الحضرمي [أيام](1) ابن الأشعث يخطب وهو يقول: يا أهل الشام، أبشروا؛ فإن فلانًا أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يكون قوم في آخر أمتي يعطون من الأجر مثل ما يعطى أولهم، ويقاتلون أهل الفتن وينكرون المنكر وأنتم هم".

وروى [عمرو](2) بن مرزوق، أنا عمران القطان، عن يزيد بن [سفيان] (3) عن أبي هريرة قال:"لا تسبوا أهل الشام، فإنهم جند الله المقدم".

وروى مالك بن أبي عامر [أنَّه](4) سمع كعبًا يقول: نجد صفة الأرض في كتاب الله (5) عَلَى صفة النسر، فالرأس الشام والجناحان المشرق والمغرب، فإذا قرع (6) الرأس هلك الناس، وايم الَّذِي نفسي كعب بيده، ليأتين عَلَى الناس زمان لا يبقى جزيرة من جزائر العرب -أو قال: مصر من أمصار العرب - إلا وفيهم مغيث كذا - جبل من الشام يقاتلونهم عن الإسلام، لولاهم كفروا".

وقد ورد النهي عن قتال أهل الشام وذم من قاتلهم؛ فروى يعقوب بن شيبة في "مسنده" حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا شريك، عن الأعمش، عن حبيب

(1) في الأصل: "إمام" والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 274).

(2)

في الأصل: "عمر" والتصويب من تاريخ دمشق (1/ 327).

(3)

في الأصل: "شعبان" والتصويب من "تاريخ مدينة دمشق"(1/ 327).

(4)

زيادة من تاريخ دمشق (8/ 179).

(5)

في تاريخ دمشق (1/ 179) زياة "يعني: التوراة".

(6)

في "تاريخ دمشق"(نزع) وقرع أي ضرب.

ص: 212

ابن أبي ثابت عن أبي إدريس عن المنتقب ابن بحينة (1) قال: قال علي رضي الله عنه: "لا تقاتلوا أهل الشام بعدي".

وروى أبو القاسم من الحافظ (2) بإسناده عن [أبي بكر](3) النهشلي قال: كنت في الجمع -يعني: جمع الكوفة- يوم جاء [أهل](4) الشام يقاتلون أهل الكوفة، فإذا شيخ حسن الخطاب، حسن الهيئة عَلَى دابة له، وهو يقول: اللهم لا تنصرنا عليهم، اللهم فرق بيننا وبينهم، اللهم، اللهم؟ فقلت: يا عبد الله، ألا تتقي الله؟! ترى قومًا قد جاءوا يريدون، يقاتلون مقاتلينا ويسبون ذرارينا، وأنت تقول: اللهم لا تنصرنا عليهم؟!

فَقَالَ: ويحك! إني سمعت عبد الله بن مسعود يقول: لا يغلب أهل الشام إلا شرار الخلق.

(1) لعل صوابه: (المسيب بن نجية) راجع تهذيب الكمال (27/ 589).

(2)

في "تاريخ دمشق"(1/ 275).

(3)

في الأصل "أبهل" والتصويب من تاريخ دمشق.

(4)

زيادة من تاريخ دمشق.

ص: 213