المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الوصية بتقوى اللهتعالى والاستقامة على دينه - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٣٠

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ حكم من شك في عدد ركعات صلاته

- ‌ حكم الشك في السجود

- ‌ مسألة في السهو في الصلاة

- ‌ حكم سجود السهو في النوافل

- ‌ الحكم إذا نسي الإمام قراءة الفاتحة

- ‌ الحكم إذا أتى الإمام بركعة زائدة

- ‌ حكم الزيادة في الصلاة بالنسبة للمسبوق

- ‌ حكم سجودالسهو في صلاة التراويح

- ‌ حكم سجود السهو لمن غلط في القراءة

- ‌ حكم من شك في قراءة الفاتحة

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌ بيان فضل صلاة التطوع

- ‌ بيان أن العبادات توقيفية

- ‌ بيان فضل التطوع في الحرم

- ‌ بيان أن صلاة النافلة في البيت أفضل

- ‌ بيان الأفضل في عدد ركعات التراويح

- ‌ حكم إقامة صلاة التراويح قبل إعلان رؤية الهلال

- ‌ حكم إقامة صلاة التراويح

- ‌ حكم الجهر بالبسملة في التراويح

- ‌ بيان فضل من قام مع الإمام حتى يكمل صلاة التراويح

- ‌ حكم الدخول مع الإمامفي صلاة التراويح بنية العشاء

- ‌ حكم قراءةالقرآن مرتبا في صلاة التراويح

- ‌ حكم قراءة الدعاء من الورقة في الصلاة

- ‌ دعاء ختم القرآن في الصلاة

- ‌ حكم دعاء القنوت في التراويح

- ‌ حكم ختم القرآن في صلاة التراويح

- ‌ حكم دعاء ختم القرآن في الصلاة

- ‌ حكم الطمأنينة في صلاة التراويح

- ‌ حكم جمع أربع ركعات في صلاة التراويح في تسليمة واحدة

- ‌ حكم القراءةمن المصحف في صلاة التراويح

- ‌ حكم المتلفظ بالاستغفار والصلاةعلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة

- ‌ بيان السنة في دعاء القنوت

- ‌ حكم رفع الأيدي بعد النوافل ومسح الوجه

- ‌ حكم الذكر الجماعيبين كل ركعتين في صلاة القيام

- ‌ بيان الحكمة في إطالة صلاة القيام في رمضان

- ‌ حكم صلاة الوتر بعد صلاة الفجر

- ‌ حكم قضاء الوتر

- ‌ حكم صلاة الوتر في السفر

- ‌ حكم صلاة الوتروركعتي الفجر في مزدلفة

- ‌ حكم صلاة النافلة في مزدلفة

- ‌ حكم رفع اليدين في دعاء الوتر

- ‌ حكم التكلف في دعاء القنوت

- ‌ حكم أداء النوافلللمسافر والحاج في منى

- ‌ بيان صلاة النافلةأربعا قبل الظهر وأربعا قبل العصر

- ‌ حكم راتبة العشاء قبل صلاة التراويح

- ‌ وقت صلاة الضحى

- ‌ بيان فضل من جلس بعد صلاةالصبح يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين

- ‌ حكم صلاة الضحى

- ‌ بيان فضل المداومة على صلاه الضحى

- ‌ حكم صلاة تحية المسجد

- ‌ حكم صلاة تحية المسجدلمن صلى في ساحة المسجد الخارجية

- ‌ حكم صلاة النوافل وهو جالس

- ‌ حكم صلاة تحية المسجد بعد العصر

- ‌ حكم صلاةتحية المسجد عند غروب الشمس

- ‌ مسألة في صلاة تحية المسجد

- ‌ حكم المصافحة بعد الصلاة المفروضة

- ‌ بيان صلاة الاستخارة

- ‌ حكم السجدة التي في سورة "ص" في الصلاة

- ‌ الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ حكم الصلاةعلى الميت بعد دفنه وقت النهي

- ‌ حكم قضاء سنة الراتبة بعد العصر

- ‌ حكم صلاة النافلة إذا أقيمت المكتوبة

- ‌ حكم صلاة التطوعفي المسجد الحرام بعد العصر

- ‌ هل أجر الصلاة فيالمسعى كأجر الصلاة في المسجد الحرام

- ‌ حكم بناء مسجد أسفل البيت

- ‌ حكم تعمير المساجد على شكل مدور

- ‌ حكم الأموال الزائدة عن حاجة المسجد

- ‌ حكم البناء في رحبة المسجد

- ‌ حكم التصرف في مبنى المسجد بعد تعطيله

- ‌ حكم إنشاد الضالة في المسجد

- ‌ التدخين محرموفي المسجد أشد تحريما

- ‌ السيئات تضاعففي حرم مكة من جهة الكيفية

- ‌ حكم دخول المسجدلآكل البصل وشارب الدخان

- ‌ حكم الصلاة في مصلى داخل العمل وبجواره مسجد قريب

- ‌ فضل الصلاة فيمسجد ابن عباس رضي الله عنه بالطائف

- ‌ بيان فضيلة صلاة الجماعة

- ‌ وجوب أداء الصلاة في الجماعة

- ‌ حكم فضل صلاةالفرد وحده إذا فاتته صلاة الجماعة

- ‌ وجوب المحافظةعلى الصلاة مع الجماعة في المساجد

- ‌ حكم صلاةالرجل في بيته بغير عذر

- ‌ مسألة في حكمصلاة الرجل في منزله في غير جماعة

- ‌ الكبير العاجزله العذر أن يصلي في البيت

- ‌ بيان موقف الإمامإذا صلى بأطفال بلغوا سن التمييز

- ‌ حكم صلة الأقارب الذين يتخلفون عن أداء الصلاة جماعة في المسجد

- ‌ حكم التخلف عن صلاة الفجر

- ‌ حكم تركالجماعة بحجة اتساخ الملابس

- ‌ بيان صفة وقوف الرجل في الصف

- ‌ مسألة في تسوية الصفوف

- ‌ بيان وجوب إكمال الصفوف

- ‌ فضل التطيب للصلاة

- ‌ حكم مرور المرأة بين يدي المصلي

- ‌ الواجب على الأئمةأن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الحذر من تحسينصوت الإمام من أجل مدح الناس

- ‌ حكم إنابة الإمام لغيره

- ‌ حكم الصلاة خلف الإمام الذي لا يحسن القراءة

- ‌ حكم الصلاة خلفإمام يحضر الاحتفالات التي تقام للأولياء

- ‌ حكم الصلاة خلف إمام مشعوذ

- ‌ حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله

- ‌ حكم الصلاة خلف إمام حليق

- ‌ حكم الصلاة خلف إمام يشرب الدخان

- ‌ حكم نسيان المأموم قراءة الفاتحة

- ‌ وجوب متابعة الإمام في الصلاة

- ‌ بيان معنى حديث:«" من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة

- ‌ حكم قراءة المأموم دعاءالاستفتاح والفاتحة إذا أدرك الإمام وهو راكع

- ‌ بيان أن ما أدركه المسبوق يعد أول صلاته

- ‌ حكم انتظار الإمام المأمومين أثناء الركوع

- ‌ بيان المشروع للمأموم إذا دخل والإمام راكع

- ‌ حكم من ركع إمامه قبل أن يتم قراءة الفاتحة

- ‌ حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية

- ‌ حكم من أدرك الإمام وهو راكع

- ‌ بيان ما يفعل المنفرد إذا أقيمت جماعة أخرى

- ‌ حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة السرية

- ‌ حكم الدخول في الصلاة مع المنفرد

- ‌ حكم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية

- ‌ حكم الدخول مع إمام يصلي العشاء بنية المغرب

- ‌ حكم الدخول في الصلاة مع من يتم صلاته

- ‌ حكم ائتمام المسافر بالمقيم

- ‌ ما أدرك المسبوق مع الإمامهو أول صلاته وما يقضيه هو آخر صلاته

- ‌ حكم متابعة الإمام في الركعة الخامسة

- ‌ حكم إمامة الصبي

- ‌ حكم صلاة المسافر خلف المتنفل

- ‌ حكم التسميع في المسجد الحرام

- ‌ حكم من ركع والإمام ساجد للتلاوة

- ‌ بيان المشروع في الدعاء بعد الصلاة

- ‌ حكم منع الفقير من السؤال في المسجد

- ‌ حكم التقدم على الإمام الراتب

- ‌ حكم جمع المريض بين صلاتين

- ‌ بيان المسافة التي تعد قصرا

- ‌ بيان المدة التي يقصر فيها المسافر

- ‌ حكم القصر والفطر في السفر

- ‌ حكم صلاة الفريضة في الطائرة وهو جالس

- ‌ حكم قصر الصلاة للمسافر يوميا

- ‌ مسألة في قصر الصلاة للمسافر

- ‌ حكم صلاة المسافر بالقطار

- ‌ حكم الجمع بين صلاتين للمسافر

- ‌ حكم الأذكار لمن جمع بين صلاتين

- ‌ حكم الترتيب في القضاء بين الصلوات الخمس

- ‌ حكم قصر الصلاة وجمعها داخل مكة للحاج

- ‌ حكم قصر الصلاةللحاج من أهل مكة في المشاعر

- ‌ حكم قصر صلاة المغرب

- ‌ حكم إتمام الصلوات للحاج في المشاعر

- ‌ مسألة في قصر الصلاة للحاج

- ‌ حكم صلاة الجمعة على الحاج

- ‌ مسألة في قصر الصلاة للمسافر إذا أقام أكثر من أربعة أيام

- ‌ صلاة الحجاج في منى هي السنة

- ‌ حكم قصر صلاة المسافر إذا أقام

- ‌ حكم قصر الصلاة في المشاعر لغير الحاج

- ‌ حكم المداومة على أذكار الصلوات في السفر

- ‌ قصر الصلاة في منى عام لجميع الحجاج

- ‌ مسألة في جمع الصلاة في السفر

- ‌ كيفية الصلاة في منى وأيام التشريق

- ‌ حكم القصر للمسافر إذا مكث شهرا

- ‌ حكم قصر صلاة المسافر إذا وصل إلى بلده بعد دخول الوقت

- ‌ حكم الجمع للمسافر إذا نزل أثناء الطريق

- ‌ بيان الأفضل من جمع التقديم والتأخير للمسافر

- ‌ حكم جمع صلاة الجمعة والعصر للمسافر

- ‌ حكم قصر صلاة المسافر خلف إمام مقيم

- ‌ مسألة في قصر صلاة المسافر خلف المقيم

- ‌ مسألة في صلاة المسافر خلف المقيم

- ‌ حكم من نوى سفرا وجمع ولم يسافر

- ‌ حكم قضاء المسافر لصلاة الحضر أثناء السفر

- ‌ حكم الجمع في حالة المطر

- ‌ مسألة في الجمع من أجل المطر

- ‌ حكم الجمع بين الظهر والعصر من أجل المطر

- ‌ حكم الجمع بين صلاتين في الحضر من غير مرض ولا مطر

- ‌ الاستيطان شرط في وجوب صلاة الجمعة

- ‌ حكم صلاة الجمعة على المقيم إقامة مؤقتة

- ‌ الأفضل للمسافر ترك الجمع إذا كان نازلا، وليس عليه جمعة

- ‌ من أحكام صلاة الجمعة

- ‌ مسألة في وقت الغسل لصلاة الجمعة

- ‌ فضل الصف الأول والقرب من الخطيب

- ‌ حكم رفع الصوت بالدعاء والإمام يخطب

- ‌ حكم رفع اليدين في الدعاء والإمام يخطب

- ‌ مسألة في حكم الكلام والإمام يخطب

- ‌ مسألة فع حكم الدعاء أثناء الخطبة

- ‌ حكم رفع اليدين في الدعاء أثناء خطبة الجمعة

- ‌ حكم إيقاظ النائم أثناء الخطبة

- ‌ حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإمام يخطب

- ‌ حكم من خطب وصلى بالناس وهو كاشف الرأس

- ‌ حكم الوعظ والتذكير قبل الخطبة

- ‌ وجوب الثناء على الله تعالى

- ‌ حكم أخذ الأجرة علىإمامة مسجد لا تقام فيه الجماعة إلا الجمع

- ‌ مسألة في وقتصلاة المرأة للظهر يوم الجمعة

- ‌ حكم سقوط صلاةالجمعة والظهر عمن حضر صلاة العيد

- ‌ قراءة سورتيالسجدة والإنسان في فجر يوم الجمعة

- ‌ حكم المداومة على قراءةسورتي "الأعلى" و"الغاشية" في صلاة الجمعة

- ‌ حكم قراءة القرآنعلى المصلين قبل صلاة الجمعة

- ‌ إذا مرض الخطيبأثناء خطبة الجمعة وعجز عن الصلاة

- ‌ من صلى الجمعةفلا يصلها بصلاة حتى يتكلم أو يخرج

- ‌ بيان السنةفي النوافل بعد صلاة الجمعة

- ‌ فضل المكثفي المسجد بعد صلاة العصر يوم الجمعة

- ‌ حكم إقامة صلاة الجمعة في منى

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌ مصليات الأعيادلا تأخذ أحكام المساجد من كل الوجوه

- ‌ حكم إمامة المرأة للنساء في صلاة العيد

- ‌ الكسوف والخسوفيقعان تخويفا من الله تعالى لعباده

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌ فضل صلاة الاستسقاء

- ‌ الربا وخطره

- ‌ الوصية بتقوى اللهتعالى والاستقامة على دينه

الفصل: ‌ الوصية بتقوى اللهتعالى والاستقامة على دينه

باب صلاة الجمعة

170 -

بيان العدد الذي تنعقد به صلاة الجمعة

س: طالب بالجامعة الإسلامية يسأل عن القول المختار في العدد الذي تنعقد به الجمعة؟ (1)

ج: قد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على أقوال كثيرة: أشهرها أن العدد الذي تنعقد به الجمعة أربعون رجلا، وبه قال الإمامان مالك والشافعي رحمهما الله وجماعة، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، واحتجوا على ذلك بما روي أن أول جمعة جمعت في المدينة كانت بهذا العدد وقيل: تنعقد باثنى عشر رجلا، وهو قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليهما، وقيل: تنعقد بأربعة وهو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله،

(1) نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم.

ص: 331

وقيل: تنعقد بثلاثة وهذا القول هو قول الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام في عصره رحمه الله وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ذكرها عنه جماعة من أصحابه منهم: الموفق في المقنع وصاحب الفروع وغيرهما، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقيل: تنعقد باثنين، وفي المسألة أقوال أخر سوى ما ذكرنا ذكرها أبو محمد ابن حزم وغيره، وأصح الأقوال في هذه المسألة قول من قال: تنعقد بثلاثة لوجوه منها: أن الأصل وجوب إقامة الجمعة على أهل القرى والأمصار فلا يجوز لهم تركها إلا بحجة ولا حجة في تركها لمن بلغ هذا العدد، ومنها أن الثلاثة هي أقل الجمع في اللغة العربية وإطلاق الجمع على الاثنين خلاف الأغلب المشهور في اللغة فحمل الأدلة الشرعية على ما هو الأغلب أولى وأحوط في الدين، ومنها: أن بقية الأقوال لا حجة عليها واضحة توجب الأخذ بها والتعويل عليها، فوجب العدول عنها، والأخذ بالقول الذي يجمع الأدلة، ويبرئ الذمة وتحصل به الحيطة لطالب الحق، ولو كان العدد الذي فوق الثلاثة شرطا في إقامة الجمعة لنبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه الأمة، فلما لم يوجد شيء من ذلك دل ذلك على أنه ليس بشرط لإقامتها، أما الثلاثة فلا حاجة إلى التنبيه على وجوب إقامتها عليهم؛ لأنهم أقل الجمع وقد دل النص والإجماع على أنها لا تقام إلا في جماعة

ص: 332

204 -

‌ الوصية بتقوى الله

تعالى والاستقامة على دينه

(1)

لقاء هيئة تحرير "المسلمون" مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.

نود من سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز كلمة توجيهية حول ما ترونه من واجبنا ومسؤولياتنا بما يعيننا على أداء رسالتنا وواجبنا بإذن الله.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

فيسرني أن أوصي إخواني المسلمين في كل مكان، وخاصة صحيفة "المسلمون" أوصي الجميع بتقوى الله جل وعلا، وأن يستقيموا على دينه، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه أينما كانوا؛ لأن الله سبحانه يقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) ويقول جل وعلا:

(1) لقاء أجرته صحيفة المسلمون مع سماحته في تاريخ 1\3\1418 هـ.

(2)

سورة المائدة الآية 2

ص: 317

{وَالْعَصْرِ} (1){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3)

فوصيتي لجميع المسلمين العمل بما دلت عليه هذه السورة العظيمة، فقد دلت على أن جميع الناس في خسران {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) هؤلاء هم الرابحون من الجن والإنس، من العرب والعجم، من الذكور والإناث. الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدقوا الله فيما أخبر به عن الآخرة، والجنة والنار وغير ذلك وصدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عن الله وعن الآخرة والجنة والنار وغير ذلك. ثم حققوا الإيمان بالعمل، فأدوا فرائض الله من صلاة وغيرها وابتعدوا عن محارم الله، وتناصحوا فيما بينهم، وتواصوا بالحق، ودعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتواصوا بالصبر على ذلك. هؤلاء هم الرابحون، وهؤلاء هم المؤمنون حقا، وهم الصادقون، وهذا هو التعاون على البر والتقوى، وهذا هو شأن المؤمنين الذين قال الله فيهم:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (5)

(1) سورة العصر الآية 1

(2)

سورة العصر الآية 2

(3)

سورة العصر الآية 3

(4)

سورة العصر الآية 3

(5)

سورة التوبة الآية 71

ص: 318

هذا شأن المؤمنين أولياء متحابون في الله متناصحون، متعاونون على البر والتقوى، لا يظلم بعضهم بعضا ولا يخون بعضهم بعضا، ولا يكيد بعضهم لبعض ولا يغش بعضهم بعضا. هؤلاء هم أولياء. يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويتواصون بالحق والصبر عليه. هكذا المؤمنون.، وهكذا أولياء الله.

فوصيتي لجميع المسلمين في كل مكان من العرب والعجم، من الجن والإنس وصيتي للجميع أن يتقوا الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يكونوا أولياء متحابين في الله آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر متواصين بالحق صابرين عليه أينما كانوا. يرجون فضل الله وإحسانه ويخافون عقاب الله عز وجل ومقته. هكذا المؤمنون، هكذا الصادقون أينما كانوا. يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويتفقهون في الدين، وينصحون لله ولعباده، ومما يعين على هذا التفقه في الدين والتعلم.. يقول الله سبحانه:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (1) .

(1) سورة يوسف الآية 108

ص: 319

فالواجب التعلم؛ لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (1) والمعنى إنما يخشى الله خشية كاملة هم العلماء وهم الرسل وأتباعهم.

فالواجب عليك يا عبد الله، وعليك يا أمة الله التعلم والتفقه في الدين، ثم العمل لأداء فرائض الله وترك محارم الله، والتواصي بالحق والتناصح، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أهم ذلك العناية بالأهل، بأولادك وزوجتك وجميع أهل بيتك تنصحهم لله. تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر وتصبر على ذلك. كما قال الله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (2) وقال سبحانه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (3) وقال سبحانه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} (4){وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} (5) فالواجب على كل مؤمن العناية

(1) سورة فاطر الآية 28

(2)

سورة التحريم الآية 6

(3)

سورة طه الآية 132

(4)

سورة مريم الآية 54

(5)

سورة مريم الآية 55

ص: 320

بالأهل والحرص على صلاحهم وعلى توجيههم إلى الخير، وعلى أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

وهكذا المرأة في بيتها تتقي الله، عليها أن تتقي الله وأن تقوم على أهل بيتها ولا سيما إذا كانت هي المسئولة وليس معها رجل. بينما الواجب عليها أعظم، وإذا كان يوجد رجل فالواجب التعاون معه على ذلك مع زوجها، ومع أبيها ومع أخيها حتى يصلح أهل البيت، وحتى يستقيموا على دين الله؛ وحتى يؤدوا ما أوجب الله من صلاة وغيرها وحتى يبتعدوا عن محارم الله، وحتى يقفوا عند حدود الله. وأوصي صحيفة "المسلمون" أوصي الصحيفة والقائمين عليها بتقوى الله وأن يجتهدوا في نشر ما ينفع الناس، وأن يحذروا نشر ما يضر الناس.

فالواجب على جميع العاملين في الصحف أن يتقوا الله. وأن ينشروا ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم، وأن يحذروا نشر ما يضر الناس في دينهم أو دنياهم.

نسأل الله للجميع التوفيق والهداية ونسأل الله سبحانه أن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم. كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن يعينهم على كل خير

ص: 321

وأن ينصر بهم الحق، وأن يجعلنا وإياكم وإياهم من الهداة المهتدين. إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

رئيس التحرير:

سماحة الوالد باسم إخواني وباسم جريدة "المسلمون" نشكرك على إتاحة الفرصة لنا للسماع منكم والاستفادة، وأيضا لنعرض لكم ما نواجهه في الحقيقة من خلال اتصالنا بجمهور القراء في العالم الإسلامي، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يكتب هذا في ميزان حسناتكم يوم القيامة.

سماحة الوالد: تعودنا على هذا اللقاء في كل عام. نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يمتعكم بالصحة والعافية وأن يطيل عمركم في طاعته بإذن الله وأن ينفعنا بكم.

ولذلك الإخوة في الحقيقة لديهم بعض التساؤلات التي يريدون أن يطرحوها على سماحتكم، ولعل في إجابتكم إن شاء الله ما ينير الطريق للتعامل مع قضايا المسلمين المختلفة، فإذا أذنت لنا ولإخواني قدمنا الأسئلة:

س: سماحة الوالد: نحن نعلم أن صلاح الأمة بشكل عام مرتبط بصحة العقيدة، إلا أن الأمر يحتاج من سماحتكم إلى

ص: 322

نوع من التوضيح، كيف أن صحة المعتقد وصفاءه من شأنه أن يؤدي إلى الصلاح في شأن الأمة، الصلاح الشامل لأمور الدنيا والآخرة؟

ج: متى صلحت العقيدة استقام أمر الخلق جميعا، كل إنسان إذا صلحت عقيدته واستقام على أمر الله تمت له أسباب السعادة، والعقيدة معناها أن يؤمن بأن الله سبحانه هو المستحق للعبادة، وأنه لا إله إلا الله. لا معبود بحق سواه جل وعلا، وأن يؤمن بأنه رب الجميع، وخالق الجميع، وأنه رازقهم، وأنه العليم بكل شيء سبحانه وتعالى، وأنه فوق العرش، ورب جميع الخلق. لا شبيه له ولا نظير له سبحانه وتعالى. كما قال تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (2) فهو سبحانه في العلو، وهو العلي العظيم كما قال تعالى:{فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (3)

(1) سورة طه الآية 5

(2)

سورة الأعراف الآية 54

(3)

سورة غافر الآية 12

ص: 323

فهو فوق العرش. وفوق جميع الخلق، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى:{يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} (1) يعلم أحوال العباد فلا بد من الإيمان بأن الله سبحانه فوق العرش. وفوق جميع الخلق وعلمه في كل مكان، ولا بد من الإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (2) فلا بد من الإيمان بأنه سبحانه هو المعبود بالحق كما دعت الرسل. الرسل جميعا دعت إلى هذا. قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (3) وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (4) وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (5) فالله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأمرهم بهذا، وأرسل الرسل بهذا. فلا بد من الإيمان بأنه هو المعبود

(1) سورة طه الآية 7

(2)

سورة الحج الآية 62

(3)

سورة النحل الآية 36

(4)

سورة الذاريات الآية 56

(5)

سورة البقرة الآية 21

ص: 324

بالحق، وهو الرازق لعباده. فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يصلى إلا له، ولا يذبح إلا له، ولا يصام إلا له، ولا يحج إلا له، هذا هو المقصود بالعبادة، كما قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (1) وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2) وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (3) .

أما الأمور العادية التي يستطيع فعلها المخلوق الحي فلا بأس بها. فالإنسان يستعين بأخيه في الأمر الذي يستطيعه إذا كان حيا حاضرا، فلا بأس أن تقول: يا أخي أعني على كذا، على إصلاح مزرعتي. على إصلاح بيتي، على إصلاح سيارتي، وهو يسمع كلامك، أو بمكاتبة تكتب له، أو من طريق الهاتف، لا بأس بذلك، كما قال الله سبحانه في قصة موسى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (4) فالتعاون بين الناس الحاضرين القادرين أو بالمكاتبة لا بأس به، أما أن يدعو الميت أو يدعو الغائب يعتقد أنه يعلم الغيب. أو أنه يسمع منه بدون أسباب

(1) سورة البقرة الآية 21

(2)

سورة الإسراء الآية 23

(3)

سورة البينة الآية 5

(4)

سورة القصص الآية 15

ص: 325

حسية، أو يدعو الموتى وأصحاب القبور أو الأصنام، أو يدعو الجن ويستغيث بهم، هذا هو الشرك. فهذا هو الشرك بالله، وهذا يناقض قول لا إله إلا الله. فلا بد من الإيمان بأنه سبحانه هو المستحق أن يعبد {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1) ولا بد من الإيمان بأنه سبحانه هو الخلاق العليم وخالق الخلق لا خالق سواه ولا رب سواه، قال جل وعلا:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} (2) وقال جل وعلا: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (3) ، وهو سبحانه الخلاق العليم. لا رب غيره ولا خالق سواه، وهو سبحانه المستحق لأن يعبد، كما قال تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (4) وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (5) ولا بد من الإيمان بالنوع الثالث من أنواع التوحيد، وهو الإيمان بأسمائه وصفاته. الإيمان بأنه سبحانه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا الثابتة

(1) سورة الإسراء الآية 23

(2)

سورة الأعراف الآية 54

(3)

سورة الأعراف الآية 54

(4)

سورة البقرة الآية 163

(5)

سورة البينة الآية 5

ص: 326

في القرآن، وفيما صحت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. يجب إثباته لله على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما قال الله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2){اللَّهُ الصَّمَدُ} (3){لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4) وقال عز وجل: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (5) هذه عقيدة أهل السنة والجماعة وهذه هي أقسام التوحيد الثلاثة:

1 -

الإيمان بأنه سبحانه هو الخلاق العليم، وخالق كل شيء، وهذا توحيد الربوبية.

2 -

الإيمان بأنه هو المستحق للعبادة، وأن العبادة حقه دون غيره، فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به، ولا يصلى إلا له.. إلى غير ذلك من أنواع العبادة، وهذا هو توحيد العبادة.

(1) سورة الشورى الآية 11

(2)

سورة الإخلاص الآية 1

(3)

سورة الإخلاص الآية 2

(4)

سورة الإخلاص الآية 3

(5)

سورة النحل الآية 74

ص: 327

3 -

الإيمان بأسمائه وصفاته وأنه سبحانه لا شبيه له، ولا كفء له، ولا ند له، وأن الواجب إثبات أسمائه وصفاته الواردة في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة.

على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل على حد قوله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) .

(1) سورة الشورى الآية 11

ص: 328

س: سماحة الوالد الآن هناك من يقول إن أقسام التوحيد أربعة، ويقول إن القسم الرابع هو:"توحيد الحاكمية"، فهل هذا صحيح؟

ج: ليست أقسام التوحيد أربعة، وإنما هي ثلاثة كما قال أهل العلم، وتوحيد الحاكمية داخل في توحيد العبادة. فمن توحيد العبادة الحكم بما شرع الله، والصلاة والصيام والزكاة والحج والحكم بالشرع كل هذا داخل في توحيد العبادة.

ص: 328

س: ما موقف المسلم من المستجدات في هذا العصر. كما هو الحال على سبيل المثال في قضية الاستنساخ؟

ص: 328

ج: الواجب على المسلم أن يحكم الشرع المطهر في كل شيء، وذلك بأن يقبل ما وافق الكتاب أو السنة الصحيحة مما أحدثه الناس، وما خالف ذلك وجب رده؛ لقول الله عز وجل:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1) وقوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (2) . أما الاستنساخ فهو باطل لا أساس له، ولا يجوز استعماله. لا في بني آدم ولا غيرهم.

(1) سورة الحشر الآية 7

(2)

سورة النساء الآية 59

ص: 329

س: سماحة الوالد، العالم الإسلامي كله يشهد مشكلتين رئيسيتين لهما آثار اجتماعية خطيرة هما مشكلة الزواج وتأخر سن الزواج. ثم مشكلة الطلاق. ففي مشكلة تأخر سن الزواج إحصائيات خطيرة في عالمنا الإسلامي تثبت عاما بعد آخر زيادة أعداد غير المتزوجين، وغير المتزوجات. طبقا لأسباب اقتصادية وأسباب أخرى، ومشكلة الطلاق تقابل مشكلة الزواج زيادة عدد المطلقات والمطلقين. لدرجة أن

ص: 329

دولة من الدول أثبتت أن مليوني مطلق زادوا خلال عام واحد في دولة إسلامية كبيرة؟

ج: في الحقيقة لا إشكال في الزواج ولا في الطلاق، وإنما حصل ذلك من جهل الناس، وقلة العلم، وكثرة الغضب، وقلة الصبر، والواجب على الرجال البدار بالزواج مع الاستطاعة. وعدم التكلف في المهور وفي مؤن الزواج، حتى يكثر المتزوجون. وحتى يقل العزاب، وتقل العوانس في البيوت، ولكن بسبب الجهل والطمع وعدم الرضى باليسير أغلوا المهور. وتكلفوا في مؤن الزواج إلا من شاء الله، وبسبب ذلك قل الزواج؛ لأنه ليس كل واحد عنده قدرة.

فالواجب على المؤمنين التعاون في هذا، والتسامح وعدم التكلف في الزواج حتى يكثر المتزوجون، وحتى يقل العزاب، وتقل العوانس في البيوت، هذا هو الواجب على الجميع، والواجب على الرجل أن لا يستعجل في الطلاق، وأن يعاشر بالمعروف، وأن يحذر ظلم المرأة وبخسها حقوقها، والواجب على الزوجة التواضع وعدم إغضاب الزوج وعدم إيذائه، وعليها أن تتواضع، وأن تستعمل اللطف والرفق والكلام الطيب مع الزوج حتى لا تثير حفيظته فيطلق، وقد صح عن رسول الله صلى الله

ص: 330

عليه وسلم قوله: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطيع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء (1) » متفق على صحته.

فالمشروع للزوج تقوى الله سبحانه وعدم العجلة في الطلاق والتحمل والصبر. وعلاج الأمور بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن وعدم ظلم المرأة، المشروع للمرأة تقوى الله، وألا تستثير الزوج بطلب الطلاق، وأن تقوم بواجبها، وأن تعاشر بالمعروف، وهو كذلك عليه أن يعاشر بالمعروف كما قال الله سبحانه:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (2) وقال جل وعلا: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (3) وعلى الجميع الصبر والاحتساب في جميع الأحوال كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (4) فلا بد من الصبر والتعاون على الخير لقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (5) ،

(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع برقم 5065، ومسلم في كتاب النكاح باب استحباب النكاح برقم 1400

(2)

سورة النساء الآية 19

(3)

سورة البقرة الآية 228

(4)

سورة الزمر الآية 10

(5)

سورة المائدة الآية 2

ص: 331

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم (1) » ويقول في لفظ أخر: «فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، فإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها (2) » فلا بد من الصبر على بعض العوج. ولا بد للمرأة أن تصبر أيضا على ما قد يقع من الزوج من بعض الخلل أو بعض التقصير وما أشبه ذلك.

فعليهما جميعا أن يتعاونا على البر والتقوى، وعلى الزوج أن يتحمل ويتقي الله ويعاشر بالمعروف ويعرف لها قدرها وحقها. وعليها أن تصبر وتتحمل بعض الشيء وتؤدي الحق الذي عليها حتى لا يقع الطلاق. نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق.

انتهى المجلد الثلاثون من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله وبانتهائه ينتهي هذا المجموع وسيليه بمشيئة الله تعالى فهارس عامة لهذا المجموع وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

(1) سنن الترمذي الرضاع (1163) ، سنن ابن ماجه النكاح (1851) .

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء برقم 1468.

ص: 332