الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدة رسائل في مسائل فقهية
الرسالة الأولى
من حمد بن ناصر بن معمر إلى جانب الأخ المكرم جمعان بن ناصر حفظه الله تعالى آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وموجب الخط إبلاغ السلام وبعد فالخط الشريف وصل أوصلك الله إلى رضوانه وما ذكر جنابك صار لدى محبك معلوماً ومن طرف المسائل التي تسأل عنها وتطلب جوابها.
(حكم اشترط طلاق الضرة في عقد النكاح)
(فالمسألة الأولى) فيمن شرطت على زوجها عند العقد طلاق ضرتها فهذا الشرط اختلف العلماء فيه هل هو صحيح أم فاسد فذهب الحنابلة إلى صحته فيجب عندهم الوفاء وخيار الفسخ لها إذا لم يف وذهب كثير من الفقهاء إلى أنه شرط باطل للأحاديث الصحيحة في النهي عن ذلك والنهي يقضي الفساد على هذا يبطل الشرط ويصح النكاح لأن هذا ليس من الشروط المبطلة للعقد كنكاح الشغار والتحليل والمتعة.
(الشروط الصحيحة في عقد النكاح)
(وأما المسألة الثانية) فيما شرطت على الزوج عند العقد شرطاً صحيحاً ورضي بذلك وقالت إن فعلت كذا فهو طلاقي ثم لم يف لها بل خالف ما شرطت عليه فهذا الشرط إن كان من الشروط الصحيحة فلها الفسخ إن لم يف به وإن لم تقل فهو طلاقي فلها إلغاؤه وأبطاله فإذا أسقطته بعد البينونة سقط وجاز له أن يرجع إليها بنكاح جديد وإن كان الإسقاط قبل البينونة سقط والنكاح بحاله وليس لها مطالبته بذلك بعد إسقاطه.
(حكم تراضي الزوجين على تعليق الطلاق بالتزوج عليها)
(وأما المسألة الثالثة) فيمن تشاجر هو وزوجته ثم تراضيا على شروط صحيحة كقوله إن تزوجت عليك فهو طلاقك، ثم قالت له أعد اللفظ فأعاده مرتين أو ثلاث هل يثبت هذا الشرط وإن كان بعد عقد النكاح؟ وهل يقع عليه الطلاق؟ وهل يفرق بن الحرفين فيما إذا قال إن تزوجت فأنت طالق أو إذا تزوجت؟ فنقول هذا الشرط وهو تعليق الطلاق على التزوج شرط لازم وتعليقه صحيح فمتى تزوج طلقت ثم ننظر في نيته حال تكراره لفظ الطلاق فإن قصد بالتكرير أفهامها أو التأكيد لم تطلق إلا واحدة
وله أن يراجعها بعد التزوج بالأخرى لأن هذا الشرط لم يوجد عند العقد بل حدث بعد ذلك فإن لم يقصد بالتكرار الإفهام ولا التأكيد طلقت ما نواه فإن لم يكن له نية ففيه خلاف والأشهر أنها تطلق بعدد التكرار وبعضهم يقول لا تطلق إلا واحدة.
وأما التفرقة بين إن الشرطية وإذا فالعامة لا يفرقون بينهما فيحكم عليهم بلغتهم على قصدهم ونيتهم مع أن في مثل هذه الصورة يقع الطلاق بكل حال.
(طلاق غير البالغ)
(وأما المسألة الرابعة) وهي طلاق الصبي الذي لم يبلغ فقد اختلف العلماء في ذلك فذهب مالك وطائفة من العلماء إلى أنه لا يقع طلاقه حتى يبلغ وذهب الإمام أحمد في المشهور عنه والشافعي وطائفة من العلماء إلى أنه إذا عقل وعلم أن زوجته تبين منه بذلك خصوصاً إذا تجاوز العشر فإنه يقع طلاقه.
(أحكام زيادة الوكيل بالتطليق على الواحدة)
(وأما المسألة الخامسة) فيمن وكل وكيلاً في طلاق زوجته هل للوكيل أن يزيد على طلقة إذا كان الموكل لم يأمره بكثير ولا قليل؟ وهل إذا طلق ثلاثاً تقع أم لا؟ وهل يعتبر إنكار الموكل ذلك؟
فهذه المسألة الراجح فيها أن الوكيل لا يزيد على واحدة لأن الزيادة خلاف السنة فإن زاد لم يقع إ لا واحدة إلا أن يأمره الموكل بذلك فإن لم يأمره بذلك ولم يثبت ببينة ولا بأقرار الموكل -لم يثبت إلا طلاق السنة وهي طلقة واحدة.
(حكم تكرار لفظ التطليق في الخلع)
(وأما المسألة السادسة) فيمن بذلت لزوجها عوضاً كمخالعة الناس اليوم على أن يطلقها فقبل العوض ثم قال أنت طالق ثم قال أنت طالق ثم قال أنت طالق ثلاث مرات أو أكثر هل تبين منه باللفظة الأولى ولم تلحقها البواقي عند من يقول أن المختلعة لا يلحقها طلاق؟ فنقول الذي ذكره الفقهاء رحمهم الله تعالى أنها تبين بالأولى ولا يلحقها ما بعدها لأنها بانت بالجملة الأولى فإذا لحقها جملة ثانية وثالثة لم يصادف ذلك محلاً وأما عند من يقول أن المختلعة يلحقها الطلاق كما ذكر كثير من التابعين فالطلاق عندهم لاحق.
(حكم من أخذ عوض الخلع ولم ينطق بما يدل على إنشائه)
(وأما المسألة السابعة) فيمن خالع زوجته بأن بذلت له العوض وقبله ولم يتلفظ بخلع ولا طلاق ولا فسخ هل تبين بمجرد أخذ العوض فالذي عليه الجمهور أنه لا بد أن اللفظ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أقبل الحديقة وطلقها تطليقة".
(تعليق الطلاق)
(وأما المسألة الثامنة) فيمن قال لزوجته إذا جاءني حقي فأنت طالق وإن نزلت على أهلك فأنت طالق فأقامت مدة لم تعطه ولم تنزل على أهلها هل الشرط لازم لهم إبطاله؟ فنقول إذا علق طلاقها على ذلك فالشرط لازم والتعليق ثابت ولو اتفقا على إبطاله وفي الحديث "ثلاث هزلهن جد وجدهن جد" الحديث.
(الوصية بالأضحية وأكل ورثة الموصي منها)
(وأما المسألة التاسعة) فيمن أوصى عند موته بأضحية هل للموصى إليه أو غيره من ورثة الميت الأكل منها أم لا؟ فالذي يظهر لي من كلام العلماء أنه لا بأس بذلك وإنما اختلفوا في أضحية اليتيم.
(المفاضلة بين التضحية عن الميت والتصدق بثمنها)
(وأما المسألة العاشرة) هل الأضحية عن الميت أفضل أم الصدقة بثمنها؟
فهذه المسئلة اختلف العلماء فيها فذهب الحنابلة وكثير من الفقهاء إلى أن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها وهو اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله وذهب بعضهم إلى أن الصدقة بثمنها أفضل وهذا القول قوي في النظر وذلك لأن التضحية عن الميت لم يكن معرفاً عند السلف إلا أنه ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يضحي عن النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاه بذلك والحديث ليس في الصحاح وبعض أهل العلم تكلم فيه وبعض الفقهاء لما سمعه أخذ بظاهره وقال لا يضحى عن الميت إلا أن يوصي بذلك فإن لم يوص فلا يذبح عنه بل يتصدق بثمنها فإذا كان هذا صورة المسألة فالأمر في ذلك واسع إن شاء الله تعالى.
(حكم من ضحى عن غيره قبل نفسه أو وفاء نذره)
(وأما المسألة الحادية عشرة) هل له أن يضحي عن غيره قبل أن يضحي لنفسه؟ وهل له أن يضحي وعليه نذر قبل أن يوفي بنذره؟ فمسألة التضحية عن الغير قبل أن يضحي لنفسه فلا أعلم فيها بأساً وإنما المنع فيمن عليه حجة الإسلام فليس له أن يحج عن غيره قبل أن يحج فريضة الإسلام.
وأما تقديم الأضحية على النذر فالواجب يقدم على النافلة فإذا كان المنذور أضحية ذبحها قبل أضحية التطوع فإن تطوع وترك النذر وترك النذر الواجب وجب عليه أن يذبح الواجب أيضاً وأما إذا أراد أن يذبحهما جميعاً لكنه قدم التطوع على النذر فلا أعلم في هذا منعاً.
(التفريق بين الأم وولدها الصغير وبين الأخوة في البيع)
(وأما المسألة الثانية عشرة) وهي التفريق بين الوالدة وولدها قبل البلوغ وكذلك بين الأخوة في البيع فأما قبل البلوغ فلا يجوز التفريق وأما بعد البلوغ ففيه
خلاف والمشهور عن أحمد وكثير من الفقهاء أنه لا يجوز لحديث "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" 1 وكذلك حديث علي في التفرقة بين الأخوة وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "رده رده".
(من أبان زوجاً من أربع ليس له التزوج بغيرها قبل انقضاء عدتها)
(وأما المسألة الثالثة عشرة) فيمن معه أربع فطلق واحدة وأبانها هل له أن يتزوج في مكانها أخرى وإن كانت المطلقة لم تعتد" لأنها بائن ليس عليها رجعة أم لا تجوز ذلك حتى تعتد المطلقة؟ فالذي نص عليه العلماء أن ذلك لا يجوز بل لا بد من انقضاء العدة ولا يجوز له أن يجمع ماءه في رحم خمس نسوة. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
1 رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي أيوب وصحح.