الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحمل ما فوق الثلث في الخطأ خاصة، وأما في العمد فتلزم الجاني في ماله حالة، وإذا حملت العاقلة ردا لم تحمل فالاعتبار في ذلك بحال المجني عليه إذا كان حراً مسلماً ولم يكن جنيناً، وأما دية الجنين فلا تحمله العاقلة لنقصه عن الثلث إلا إذا كان تبعاً لأمه وأنت سالم والسلام.
الرسالة السابعة
…
بسم الله الرحمن الرحيم
من حمد بن ناصر إلى الأخ جمعان حفظه الله تعالى
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد الخط وصل أوصلك الله إلى رضوانه وكذلك السؤال وصورته.
ما قول العلماء فيمن دفع دابة إلى آخر يسقي زرعاً بجزء من الثمرة سواء كان الدفع قبل وجود الزرع أو بعدما أخضر الزرع، وسواء كانت مدة السقي معلومة أو مجهولة مثل أن تهزل أو تعجف هل هذا جائز يشبه دفع الدابة إلى من يعمل عليها مغلها أم هذا ليس بصحيح لعدم معرفة الأجرة والجهل بالمدة إذا لم توقت.
فنقول هذه المسألة لم أقف عليها منصوصة في كلام العلماء ولكنهم نصوا على ما يؤخذ منه حكم هذه المسألة.
فمن ذلك أنهم ذكروا أن من شرط صحة الإجارة معرفة قدر الأجرة ومعرفة قدر المدة قال في المغني يشترط في عوض الإجارة كونه معلوماً لا نعلم في ذلك خلافاً انتهى.
ولكن هذه المسألة هل تلحق بمسائل الإجارة وتعطى أحكامها أم تلحق بمسائل الشركة وتعطى أحكامها مثل المساقاة والمزارعة والمضاربة وغير ذلك من مسائل المشاركات فإن قلنا أنها بمسائل الإجارة أشبه، فالإجارة لا تصح إلا بأجرة معلومة على مدة معلومة.
ولهذا اختلف العلماء في جواز إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها كثلث أو ربع فمنعه أبو حنيفة والشافعي وغيرهما وعللوه بأن العوض مجهول فلا تصح الإجارة بعوض مجهول وأجازه الإمام أحمد فمن أصحابه من قال بل هو مزارعة بلفظ الإجارة.
قال في الإنصاف والصحيح من المذهب أن هذه إجارة وأن الإجارة تصح بجزء مشاع معلوم مما يخرج من الأرض المؤجرة وهو من مفردات المذهب انتهى.
وقال في المغني إجارة الأرض بجزء مشاع مما يخرج كنصف أو ثلث أو ربع المنصوص عن أحمد جوازه وهو قول أكثر الأصحاب، واختار أبو الخطاب أنها لا تصح وهو الصحيح إن شاء الله لما تقدم من الأحاديث في النهي من غير معارض لها، ولأنها إجارة بعوض مجهولاً فلم تصح كإجارتها بثلث ما يخرج من أرض أخرى، ولأنه لا نص في جوازها ولا يمكن قياسها على المنصوص، فإن النصوص إنما وردت بالنهي عن
إجارتها بذلك ولا نعلم في تجويزها نصاً، والمنصوص جواز إجارتها بذهب أو فضة أو شيء معلوم فأما نص أحمد فيتعين حمله على المزارعة بلفظ الإجارة انتهى.
وقال في المغني أيضاً: قال إسماعيل بن سعيد سألت أحمد عن الرجل يدفع البقرة إلى الرجل على أن يعلفها ويحفظها وما ولدت من ولد بينهما؟ قال أكره ذلك، وبه قال أيوب وخيثمة ولا أعلم فيه مخالفاً وذلك لأن العوض معدوم مجهول ولا يدري أيوجد أم لا والأصل عدمه انتهى.
وأما إن ألحقنا هذه المسألة المسئول عنها بمسائل الشركة وقلنا هي بمسائل الشركة أشبه جرى فيها من اختلاف العلماء ما جرى في نظائرها وأنا اذكر بعض ما ذكره العلماء في هذا الباب.
قال في المغني: وإن دفع دابته إلى آخر ليعمل عليها وما رزق الله بينهما نصفين أو ثلاثاً وكيفما شرطا صح نص عليه في رواية الاثرم ومحمد بن سعيد، ونقل عن الأوزاعي ما يدل علة هذا وكره ذلك الحسن والنخعي وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي لا يصح والربح كله لرب المال وللعامل أجرة مثله.
ولنا أنها عين تنمي بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها كالدراهم والدنانير وكالشجر في المساقاة وا لأرض في المزارعة.
وقد أشار الإمام أحمد إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة، فقال لا بأس باثوب يدفع بالثلث والربع لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر وهذا يدل على أنه صار في مثل هذا إلى الجواز لشبهه بالمساقاة والمزارعة لا المضاربة ولا إلى الإجارة.
ونقل أبو داود عن أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة أرجو أن لا يكون به بأس، ونقل أحمد بن سعيد فيمن دفع عبده لرجل ليكتسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فجائز، والوجه فيه ما ذكرناه في مسألة الدابة، وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قميصاً وله نصف ربحه بعمله جاز. نص عليه في رواية حرب، وإن رفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه، ولم يجز مالك وأبو حنيفة الشافعي شيئاً من ذلك.
وقال الاثرم: سمعت أبا عبد الله يقول لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع، وسئل عن الرجل يعطي الثوب بالثلث ودرهم او درهمين قال أكرهه لأن هذا شيء لا يعرف، الثلث إذا لم يكن معه شيء نراه جائزاً لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر، قيل لأبي عبد الله فإن كان النساج لا يرضى حتى يزاد على الثلث درهماً؟ قال فليجعل له ثلثا وعشرا ثلثا ونصف عشر وما أشبه انتهىملخصاً.
وقد نص أحمد على جواز دفع الثوب لمن يبيعه بثمن يقدره له ويقول ما زاد فهو لك، ولو دفع عبده أو دابته إلى من يعمل بهما بجزء من الأجرة أو ثوباً