الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(السادسة والثلاثون) إذا كان ذلك التدافع بلا حيلة صح.
(السابعة والثلاثون) الذي يظهر لي أن الممتنع على إصلاح أس الحائط1.
(الثامنة والثلاثون) نعم يسوغ له إنفاق الغلة التي يتحقق أنها تفضل إلى المسجد المحتاج لا إشكال في ذلك.
(التاسعة والثلاثون) الذي يظهر صحة الخلع واستحقاق الزوج للعوض وبينونة الزوجة بما جرى بينهما أنه خلع صحيح مبين، ولا أثر لقولها في إبطال العوض بدعوى الطلاق ولا سيما مع أن هذه هي اللغة المتعارفة في هذا الزمان.
(الأربعون) متى ثبت أن العين التي في يد مدعيها ملكها الذي قبله بغصب وشهدت له بذلك بينة انتزعها من صاحب اليد بشهادة البينة من غير أن تكلف البينة الشاهدة بملكه حينئذ والله سبحانه وتعالى أعلم.
1 هكذا في الأصل.
الرسالة الرابعة
…
بسم الله الرحمن الرحيم
وله رحمه الله جواب عن المسائل الآتية
(الأولى) ما خيار المجلس وما صورته؟
(الجواب) خيار المجلس يثبت للمتبايعين ولكل منهما فسخه ما داما مجتمعين وهو قول أكثر أهل العلم كما في الصحيحين عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا تبايع الرجلان فلكل واحد منهما الخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهعما البيع فقد وجب البيع" والمرجع في التفريق إلى عرف الناس وعادتهم.
(الثانية) إذا تبايعا وشرطا أن ليس بينهما خيار مجلس
(الجواب) يلزم البيع ويبطل الخيار لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: "فإن خير أحدهما صاحبه فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع" يعني لزم.
قال في الشرح وهذا مذهب الشافعي وهو الصحيح إن شاء الله لحديث ابن عمر.
(الثالثة) إذا تواعد رجلان يبغي أن يكتب أحدهما على الآخر مائة جديدة وبعد ذلك جاءه بالدراهم يريد أن يكتب عليه فقال بدالي هل يلزم أم لا؟
(الجواب) لا بد من قبض رأس مال المسلم في مجلس العقد فإن تفرقا قبل قبضه لم يصح وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، ومالك يجوز أن يتأخر قبضه يومين أو ثلاثاً أو أكثر ما لم يكن ذلك شرطاً.
(الرابعة) إذا اشترى رجل من آخر مائة صاع وواعده أن يكيلها الصبح فلما أتاه قال بدالي وهو لم ينقد الدراهم هل يلزمه أم لا؟
(الجواب) يلزم البيع بمجرد العقد ولا يوافق على فسخ البيع إلا برضا المشتري ولكن لا يجوز بيعه قبل قبضه لقوله صلى الله عليه وسلم "من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه" متفق عليه.
(الخامسة) الإجارة والمساقاة هل هما عقد لازم أم جائز؟ وما معنى اللازم والجائز؟
(الجواب) أما الإجارة فهي عقد لازم وهو قول جمهور العلماء لأنها بمعنى البيع والمساقاة فأكثر الفقهاء على أنها عقد لازم واختاره الشيخ تقي الدين، وعند شيخنا أنها عقد لازم من جهة المالك وعقد جائز من جهة العامل، وأما معنى اللازم والجائز فاللازم هو الذي لا يمكن أحد من العاقدين من فسخه إلا برضا الآخر، والجائز هو الذي يفسخه بغير رضا صاحبه.
(السادسة) إذا باع رجل بعيراً على آخر وقال البائع الثمن عشرة وقال المشتري بل تسعة
(الجواب) إذا اختلفا في قدر الثمن ولا بينة لأحدهما تحالفا فحلف البائع أولاً ما بعته بكذا وإنما بعته بكذا ثم يحلف المشتري ما اشتريته بكذا فإن تحالفا ولم يرض أحدهما بقول الآخر انفسخ البيع وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ورواية عن مالك، وعن أحمد أن القول قول البائع أو يترادان البيع لما روي ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع" رواه سعيد وابن ماجه. قال الزركشي وهذه الرواية وإن كانت خفية مذهبا فهي ظاهرة دليلاً وذكر دليلها وما إليها.
(السابعة) إذا أكرى رجل بعيراً وقال صاحب البعير الأجرة عشرة وقال المكتري الأجرة ثمانية.
(الجواب) إذا اختلفا في قدر الأجرة فهو كما إذا اختلفا في قدر الثمن كما تقدم في المسألة التي قبلها نص أحمد على أنهما يتحالفا وهو مذهب الشافعي، قال في الشرح وهو الصحيح إن شاء الله.
(الثامنة) إذا اكترى رجل بيتاً وقال صاحب البيت أنا مكريك سنة، وقال المستأجر أنا مستكري سنتين.
(فالجواب) القول قول المالك مع يمينه، قال في الشرح لأنه منكر للزيادة فكان القول قوله كما لو قال بعتك هذا العبد بمائة، وقال بل هذا العبد بمائتين.
(التاسعة) إذا تبايعا نخلا وشرطا الخيار عشر سنين وأخذ المشتري العمارة
في عشرة هذه السنين ويوم فك البائع النخل هل العمائر ترد على البائع أو تكون على المشتري يأخذها مع الدراهم؟
(الجواب) ما حصل من غلات المبيع ونمائه في مدة الخيار فهو للمشتري أمضيا العقد أو فسخاه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان" قال الترمذي هذا حديث صحيح وهذا من ضمان المشتري فيجب أن يكون له بمقابلة ضمانه.
(العاشرة) إذا رهن رجل سلعة وضاعت وهو لم يفرط فيها هل يسقط الدين أو الدين ثابت ولو ضاعت الرهانة؟
(الجواب) إذا تلف الرهن في يد المرتهن فإن كان بتعديه أو تفريطه في حفظه ضمنه، قال في الشرح لا نعلم فيها خلافاً، فأما إن تلف من غير تعد منه ولا تفريط فلا ضمان عليه وهو من مال الراهن. يروي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال عطاء والزهري والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، فإن تلف بغير تعد ولا تفريط لم يضمنه ولم يسقط شيئاً من الدين بل هو ثابت في ذمة الراهن ولم يوجد ما يسقطه.
(الحادي عشرة) إذا ضمن رجل على آخر وادعى المضمون عنه أني أعطيت الضمين.
(الجواب) لصاحب الحق أن يطالب من شاء من الضمين أو المضمون عنه، وبه قال الشافعي والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي وأبو عبيد لقوله عليه السلام:"الزعيم غارم" فإن أدى المضمون عنه برئت ذمة الضامن بغير خلاف، وإن أدى الضامن الدين ونوى الرجوع رجع على المضمون عنه لما أداه لصاحب الحق وهو مذهب مالك والشافعي.
(الثانية عشرة) إذا أحال رجل على آخر عشرة دراهم على مليء وقبله وبعد هذا أفلس المحال عليه هل ينحرف على صاحبه أم لا؟
(الجواب) إذا أحاله على مليء برئت ذمة المحيل ولم يعد الحق إليه سواء أمكن الاستيفاء أم لا؟ وبه قال الليث والشافعي وأبو عبيد وابن المنذر لأنه أحاله على مليء برضاه وقبل ولم يكن له على المحيل رجوع بشرط أن تكون الحوالة صحيحة بشروطها.
(الثالثة عشرة) ما معنى تعارض البينتين؟
(الجواب) معنى تعارض البينتين تساويهما من كل وجه، فإذا أقام المدعي بينة وأقام المدعي عليه بينة وتساويا فقد تعارضتا، فإذا تعارضت بينتاهما سقطتا وكانا كمن لا بينة لهما.
(الرابعة عشرة) ما معنى قولهم بينة الداخل والخارج؟
(الجواب) بينة الخارج بينة المدعي وبينة الداخل بينة المدعى عليه.
(الخامسة عشرة) ما الفرق بين قسمة التراضي والإجبار؟
(الجواب) قسمة الإجبار هي التي لا ضرر فيها على أحد من الشركاء ويمكن تعديل السهام من غير رد عوض، فإن كان فيها ضرر لم يجبر الممتنع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار" فإن كان فيها رد عوض فهي بمعنى البيع فلا يجبر عليها الممتنع، فإن لم تكمل هذه الشروط فهي قسمة تراض لا يجبر الممتنع عليها بل برضاه.
(السادسة عشرة) إذا بنى رجل بيتاً وبنى فيه مدابغ وكنيفاً وبنى جاره بعده بيتاً وأقام التالي بينة: إن كنيفك ومدابغك تضر بي
(الجواب) إذا كانت المدابغ والكنيف سابقة على ملك جاره ولا حدثت دار جاره إلا بعد بناء الكنيف والمدابغ فلا تزال لأنها سابقة على مالك الجار والجار هو الذي أدخل الضرر على نفسه وفي إزالة ضرره ضرر بجاره فلا يزال بالضرر إذا كانت المدابغ ونحوها سابقة على ملك الجار وإن ضرت بالجار والله أعلم.
(السابعة عشرة) إذا بنى رجل مدابغ أو كنيفاً وأقام الأول البينة إن هذه التي حدثت تضر بي
(الجواب) يمنع الجار أن يحدث في ملكه ما يضر بجاره لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" فإذا أراد أن يحدث في ملكه ما يضر بجاره فإنه يمنع منه للحديث وهذه المسألة عكس التي قبلها في الصورة والحكم.
(الثامنة عشرة) إذا مات رجل وجاء آخر إلى الوارث يدعي أن له ديناً على الميت وليس على المدعي شهود ما صفة يمين الوارث؟
(الجواب) إذا لم يكن مع المدعي بينة وأراد أن يستحلف الوارث فإنه يحلف على نفي العلم. قال في المغني والأيمان كلها على البت والقطع إلا على نفي فعل الغير فإنها على نفي العلم، فإذا حلف على مثال أن يدعي عليه أي على الغير دين أو غصب فإنه يحلف على نفي العلم لا غير.
(التاسعة عشرة) إذا ادعى رجل على آخر بدعوى وليس عند المدعي بينة ما صفة يمين المنكر؟
(الجواب) يحلف المنكر على البت والقطع لأن الأيمان كلها على البت إلا على نفي الغير فإنها على نفي العلم كما تقدم في المسألة قبلها.
(العشرون) إذا تداعى اثنان ولا بينة معهما وصارت اليمين على المنكر فإن حلف قضي له، وإن أبى أن يحلف فهل يقضى عليه بنكوله أم يردون اليمين على المدعي
(الجواب) ففيه قولان هما روايتان عن أحمد (احداهما) لا ترد بل إذا نكل من توجهت عليه اليمين قضي عليه بالنكول وهو قول أبي حنيفة (والرواية الأخرى) أن اليمين ترد على المدعي فيقول له رد اليمين على المدعي فإن ردها حلف المدعي انتهى.
1وقال في (الباب السبعون) من الكتاب المذكور وقد ذكرنا في أول الكتاب جملة مقالة أهل السنة والحديث التي اجتمعوا عليها كما حكاه الأشعري عنهم، ونحن نحكي مسائله المشهورة هذا مذهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائغ عن منهج أهل السنة وسبيل الحق. قال وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن المسيب وغيرهما ممن جالسنا وأخذنا عنهم فكان من قولهم أن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة، والإيمان يزيد وينقص، ويستثنى في الإيمان غير أن لا يكون الاستثناء شكاً، إنما هي سنة ماضية عند العلماء.
وإذا سئل الرجل أمؤمن أنت؟ فإنه يقول أنا مؤمن إن شاء الله، أو مؤمن أرجو أو يقول آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله. ومن زعم أن الإيمان قول بلا عمل فهو مرجيء. ومن زعم أن الإيمان هو القول والأعمال شرائع فهو مرجيء ومن زعم أن الإيمان يزيد ولا ينقص فقد قال بقول المرجئة ومن لم يرى الاستثناء في الإيمان فهو مرجيء. ومن زعم أن إيمانه كأيمان جبرائيل والملائكة فهو مرجيء ومن زعم أن المعرفة تقع في القلب وإن لم يتكلم بها فهو مرجيء.
والقدر خيره وشره قليله وكثيره، وظاهره وباطنه، وحلوه ومره، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيئه، وأوله وآخره من الله عز وجل قضاء قضاه على عباده وقدره عليهم لا يعدو واحد منهم مشيئة الله ولا يجاوزه قضاء، بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له واقعون فيما قدر عليهم وهو عدل منه جل ثناءه وعز شأنه، والزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وأكل المال الحرام والشرك والمعاصي كلها بقضاء الله وقدر من الله من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجة بل لله الحجة البالغة على خلقه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وعلم الله عز وجل ماض في خلقه بمشيئة منه قد علم من إبليس ومن غيره من لدن عصى الله تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة المعصية -وخلقهم فكل يعمل لما خلق له وصائر إلى ما قضي عليه لا يعدو واحد منهم قدر الله ومشيئته والله الفعال لما يريد.
ومن زعم أن الله سبحانه شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعة، وأن العباد شاءوا لأنفسهم الشر والمعصية فعملوا على مشيئتهم فقد زعم أن مشيئة العباد أغلب من مشيئة الله تعالى وأي افتراء على الله أكبر من هذا.
1 وجدنا في الأصل المخطوط هذا الكلام بعد المسائل المتقدمة وفي آخره أنه منقول من كتاب حادي الأرواح فأثبتناه هنا تبعا للأصل.
ومن زعم أن الزنا ليس بقدره قيل له أرأيت هذه المرأة حملت من الزنا وجاءت بولد هل شاء الله أن يخلق هذا الولد وهل مضى في سابق علمه فإن قال لا فقد زعم أن مع الله خالقاً وهذا الشرك صراح.
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل المال الحرام ليس بقضاء الله ولا قدره فقد زعم أن الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره وهذا صريح قول المجوسية، بل أكل رزقه الذي قضى الله أن يأكله من الوجه الذي أكله.
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر الله عز وجل فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله وأي كفر أوضح من هذا، بل ذلك بقضاء الله عز وجل وذلك عدل منه في خلقه وتدبيره فيهم، وما جرى من سابق علمه فيهم، وهذا عدل الحق الذي يفعل ما يريد.
ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبير أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي ولا بنص الشهادة، ولا نشهد أنه في الجنة بصالح عمله ولا بخير أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي ولا بنص الشهادة. والخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها ولا يخرج عليهم ولا نقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة.
والجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا ولا يبطله جور جائر ولا عدل عادل.
والجمعة والعيدان والحج مع السلطان وان لم يكونوا بررة عدولا أتقياء، ودفع الصدقات والخراج والأعشار والفيء والغنائم إليهم عدلوا فيها أو جاروا، والانقياد لمن ولاه الله عز وجل أمركم، لا تنزع يدا من طاعة ولا نخرج عليه بسيف حتى يجعل الله لنا فرجاً مخرجاً، ولا نخرج على السلطان ونسمع ونطيع، ولا ننكث بيعة فمن فعل ذلك فهو مبدع مخالف مفارق للجماعة، وان أمرك السلطان بأمر هو لله معصية فليس لك أن تطيعه البتة وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنئه حقه.
والامساك في الفتنة سنة ماضية واجب لزومها، فان ابتليت فقدم نفسك دون دينك ولا تمن على الفتنة بيد ولا لسان: ولكن أكفف يدك ولسانك وهواك والله المعين، والكف عن أهل القبلة ولا نكفر أحداً منهم ولا نخرجه من الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء وكما روي فنصدقه ونقبله ونعلم أنه كما روي نحو ترك الصلاة وشرب الخمر وما أشبه ذلك، أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر والخروج عن الإسلام فاتبع ذلك ولا تجاوزه.
(والأعور الدجال) خارج لا شك في ذلك ولا اريتاب وهو أكذب الكاذبين. وعذاب القبر حق يسأل العبد عن دينه وعن ربه، وعن الجنة وعن النار. ومنكر ونكير حق وهما فتانا القبر نسأل الله الثبات.
وحوض محمد صلى الله عليه وسلم حق ترده أمته وآنيته عدد نجوم السماء يشربون بها منه. والصراط حق يوضع على سواء جهنم ويمر الناس عليه والجنة من وراء ذلك.
(والميزان) حق توزن به الحسنات والسيآت كما شاء الله أن توزن.
(والصور) حق ينفخ فيه اسرافيل فتموت الخلق ثم ينفخ فيه أخرى فيقومون لرب العالمين للحساب، وفصل القضاء والثواب والعقاب والجنة والنار (واللوح المحفوظ) يستنسخ منه أعمال العباد كما سبق فيه من المقادير (والقضاء والقلم) حق كتب الله به مقادير كل شيء وأحصاه في الذكر.
والشفاعة يوم القيامة حق يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار ويخرج قوم من النار بعدما دخلوا ولبثوا فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار، وقوم يخلدون فيها أبدا وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر بالله عز وجل.
ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنة والنار، وقد خلقت الجنة وما فيها وخلقت النار وما فيها خلقهما الله عزس وجل وخلق الخلق لهما لا تفنيان ولا يفنى ما فيها أبدا، فان احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز وجل {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَهُ} وبنحو هذا من متشابه القرآن قل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك والجنة والنار خلقهما الله للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا.
(والحور العين) لا يمتن عند قيام الساعة ولا عند النفخة ولا أبدا لأن الله خلقهن للبقاء لا للفناء ولا يكتب عليهن الموت، فمن قال خلاف ذلك فهو مبتدع ضال عن سواء السبيل، وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض وبين الأرض العليا وسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام والماء فوق السماء السابعة العليا.
وعرش الرحمن فوق الماء والله عز وجل على العرش والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى وما في قمر البحر ومنبت كل شعرة وشجرة وكل زرع وكل نبات ومسقط كل ورقة، وعدد كل كلمة، وعدد الرمل والحصا، والتراب ومثاقيل الحبال وأعمال العباد وآثارهم، وكلامهم وأنفاسهم، ويعلم كل شيء ولا يخفى عليه شيء من ذلك وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار وحجب من نور وظلمة وما هو أعلم به.
فان احتج مبتدع بقول الله تعالى {َنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وبقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَاّ هُوَ مَعَهُمْ} الآية ونحو هذا من متشابه القرآن فقل انما يعني بذلك العلم لأنه الله عز وجل على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان الله عز وجل عرش وللعرش حملة يحملونه والله عز وجل على عرشه وليس له حد والله عز وجل سميع لا يشك بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى ولا يسهو. قريب لا يغفل، يتكلم وينظر ويبسط ويضحك ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويسخط ويرحم ويعفو ويغفر ويعطي ويمنح وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وقلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء ويوعيها ما أراد، وخلق آدم بيده على صورته، والسموات والأرض يوم القيامة في كفه، ويضع قدمه في النار فتنزوي، ويخرج قوماً من النار بيده، وينظر إلى وجهه أهل الجنة يرونه فيكرمهم ويتجلى لهم، وتعرض عليه العباد يوم القيامة ويتولى حسابهم بنفسه ولا يلي ذلك غيره عز وجل.
والقرآن كلام الله تكلم به ليس بمخلوق. فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف فلم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من القول الأول، ومن زعم أن ألفاظنا وتلاوتنا مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي.
وكلم الله موسى تكليما منه إليه وناوله التوراة من يده إلى يده ولم يزل الله عز وجل متكلما، والرؤيا من الله، وهي حق، إذا رأى صاحبها في منامه ما ليس أضغاثاً فقصها على عالم وصدق ولم يحرف فيها تأولها العالم على أصل تأويلها الصحيح وتأويلها حينئذ حق، وكانت الرؤيا من الأنبياء وحيا، فأي جاهل أجهل ممن يطعن في الرؤيا ويزعم أنها ليست بشيء؟ وبلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ان رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده –وقال- إن الرؤيا من الله"، وذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم والكف عن مساويهم التي شجرت بينهم، فمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو واحداً منهم أو تنقصه، أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحد منهم فهو مبتدع رافضي خبيث لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة، والإقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.
وأفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وبعد عمر عثمان وعلي ووقف قوم على عثمان، وهم خلفاء راشدون مهديون، ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هؤلاء الأربعة لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة ويدخله الحبس حتى يتوب ويرجع.
ويعرف للعرب حقها وسابقتها وفضلها ويحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حب العرب من الإيمان وبغضهم نفاق" ولا يقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ولا يقرون لهم بفضل فإن قولهم بدعة. ومن حرم المكاسب والتجارات وطلب المال من وجهه فقد جهل وأخطأ، بل المكاسب من وجهها حلال قد أحلها الله ورسوله فالرجل ينبغي أن يسعى على نفسه وعياله من فضل ربه، فإن ترك ذلك على أن لا يرى ذلك الكسب حلالاً فقد خالف الكتاب والسنة.
(والدين) إنما هو كتاب الله عز وجل وآثار وسنن وروايات صحاح من الثقات والأخبار الصحيحة القوية المعروفة ويصدق بعضها بعضاً حتى ينتهي ذلك