الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان عمر بن مصعب وأيوب بن سلمة يتواصلان، ويذكر أن أميهما أختان من ولادة العجم، وأنهما بنتا خال حيلان الملك.
قال: وكانت الشهقة تعتري أيوب بن سلمة كثيراً وكان يرقى منها.
حدث عن عامر بن سعيد عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمعرس فقال: " لقد أتيت ".
فقيل لي: إنك لبالوادي المبارك يعني العقيق.
وعاش أيوب بن سلمة بالدولتين دولة بني أمية لمكان بنت أخيه أم سلمة عند مسلمة بن هشام ودولة بني العباس لمكانها عند أبي العباس أمير المؤمنين.
أيوب بن سليمان بن داود
ابن عبد الله بن حذلم الأسدي.
روى عن سويد بن عبد العزيز بسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السبع.
أيوب بن سليمان بن عبد الملك
ابن مروان بن الحكم الأموي، ولي غزو الصائفة، وكان أبوه قد رشحه لولاية العهد من بعده، فمات في حياة أبيه، ومدحه جرير بن الخطفى الشاعر.
لم تعلم له رواية.
وأم أيوب بن سليمان أم أبان بنت أبان بن الحكم بن أبي العاص.
بايع سليمان لابنه أيوب يوم الفطر من سنة ست وتسعين، وتوفي أيوب يوم السبت
لثمان ليال خلون من المحرم، وتوفي سليمان بدابق في صفر لعشر ليال بقين من سنة تسع وتسعين، وكان بينه وبين ابنه اثنان وأربعون يوماً، وكان جرير قال فيه لما عهد إليه سليمان:" من البسيط "
إن الإمام الذي ترجى نوافله
…
بعد الإمام ولي العهد أيوب
كونوا كيوسف لما جاء إخوته
…
فاستسلموا قال ما في اليوم تثريب
وقيل توفي سنة ثمان وتسعين.
قال رجاء بن حيوة: لما كان الجمعة لبس سليمان بن عبد الملك ثياباً خضراً من وخز ونظر في المرآة، فقال: أنا والله الملك الشاب، فخرج إلى الصلاة فصلى بالناس الجمعة، فلم يرجع حتى وعك، فلما ثقل كتب كتاب عهده إلى ابنه أيوب وهو غلام لم يبلغ.
فقلت: ما تصنع يا أمير المؤمنين؟ إنه مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح، فقال سليمان: كتاب أستخير الله فيه وأنظر، ولم أعزم عليه، فمكث يوماً أو يومين ثم خرقه.
حدث بريد ليزيد بن المهلب قال: حملت حملين مسكاً من خراسان إلى سليمان بن عبد الملك، فانتهيت إلى باب ابنه أيوب وهو ولي العهد، فدخلت عليه، فإذا بدار مجصصة حيطانها وسقوفها، وإذا بها وصفاء ووصائف عليهم ثياب صفر وحلي الذهب، ثم دخلت داراً أخرى، فإذا حيطانها وسقوفها خضراء وإذا وصفاء ووصائف عليهم ثياب خضر وحلي الزمرد، قال: فوضعت الحملين بين يدي أيوب وهو قاعد على سرير معه امرأته، لم أعرف أحدهما من صاحبه، فانتهبت المسك من بين يديه فقلت له: أيها الأمير اكتب لي براءة، فنهرني فخرجت فأتيت سليمان فأخبرته بما كان، فقال: قد عرفنا قصتك، فكتب براءة، ثم عدت بعد أحد عشر يوماً، فإذا أيوب وجميع من كان معه في داره قد ماتوا أصابهم الطاعون.
دخل عمر بن عبد العزيز على سليمان بن عبد الملك وعنده أيوب ابنه وهو يومئذ ولي عهده قد عقد له من بعده، فجاء إنسان يطلب ميراثاً من بعض نساء الخلفاء، فقال سليمان: ما أخال النساء يرثن في العقار شيئاً، فقال عمر بن عبد العزيز: سبحان الله! فأين كتاب الله؟ قال: يا غلام اذهب فائتني بسجل عبد الملك بن مروان الذي كتب في ذلك، فقال له عمر: لكأنك أرسلت إلى المصحف! قال أيوب: والله ليوشكن الرجل يتكلم بمثل هذا عند أمير المؤمنين ثم لا يشعر حتى يفارقه رأسه.
قال له عمر: إذا أفضى الأمر إليك وإلى مثلك فما يدخل على أولئك أشد مما خشيت أن يصيبهم من هذا، فقال سليمان: مه، ألأبي حفص تقول هذا؟ قال عمر: والله لئن كان جهل علينا يا أمير المؤمنين ما حلمنا عنه.
قال الأصمعي: اشتد جزع سليمان بن عبد الملك على ابنه أيوب حتى جاءه المعزون من الآفاق.
فقال رجل منهم: إن امرأ حدث نفسه بالبقاء في الدنيا ثم ظن أن المصائب لا تصيبه فيها لغبين الرأي ولما حضر أيوب الوفاة وهو ولي العهد، دخل سليمان وهو يجود بنفسه، ومعه عمر بن عبد العزيز ورجاء بن حيوة وسعد بن عقبة فجعل ينظر في وجهه، فخنقته العبرة، ثم نظر فقال: إنه ما يملك العبد أن يسبق إلى قلبه الوجد عند المصيبة، والناس في ذلك أضراب: فمنهم من يغلب صبره على جزعه، فذلك الجلد الحازم المحتسب، ومنهم من يغلب جزعه على صبره، فذلك المغلوب الضعيف العقدة، وليست منكم خشية، فإني أجد في قلبي لوعة، إن أنا لم أبردها بعبرة خفت أن يتصدع كبدي.
فقال له عمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، الصبر أولى بك فلا تحبطن.
قال ابن عقبة: فنظر إلي وإلى رجاء بن حيوة نظر مستعتب يرجو أن يساعده على ما أراد من البكاء، فأما أنا فكرهت آمره أو أنهاه، وأما رجاء فقال: يا أمير المؤمنين فافعل فإني لا أرى بذلك بأساً ما لم تأت من
ذلك المفرط، وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما مات ابنه إبراهيم واشتد عليه وجده وجعلت عيناه تدمعان قال:" تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ".
قال: فأرسل عينيه، فبكى حتى ظننا أن نياط قلبه قد انقطع، قال: فقال عمر بن عبد العزيز لرجاء: يا رجاء ما صنعت بأمير المؤمنين؟ قال: دعه يقضي من بكائه وطراً، فإنه إن لم يخرج من صدره ما ترى خفت أن يأتي على نفسه.
قال: ثم رقأت عبرته، فدعا بماء فغسل وجهه، وأقبل علينا حتى قضى أيوب، وأمر بجهازه، وخرج يمشي أمام الجنازة، فلما دفناه، وحثا التراب عليه وقف ملياً ينظر إليه، وقال:" من الطويل "
وقوف على قبر مقيم بقفرة
…
متاع قليل من حبيب مفارق
ثم قال: السلام عليك يا أيوب، وأنشد:" من السريع "
كنت لنا أنساً ففارقتنا
…
فالعيش من بعدك مر المذاق
ثم قال: أدن مني دابتي يا غلام، فركب، ثم عطف رأس دابته إلى القبر وقال:
لئن صبرت فلم أقبلأ
ألفظك من شبعٍ
…
وإن جزعت فعلقٌ منفسٌ ذهبا
فقال له عمر بن عبد العزيز: الصبر يا أمير المؤمنين، فأنه أقرب إلى الله وسيلة، وليس الجزع بمحيي من مات ولا راد ما فات.
قال: صدقت وبالله التوفيق.
وقال الأصمعي: وعزى رجل سليمان بن عبد الملك عن ابنه أيوب فقال: إن من أحب البقاء، وأمن الحدثان لعازب الرأي.