الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهما يتذمران فقالا: والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: بل هو لو كان شاء.
قال: فجاء عمر مغضباً حتى وقف على أبي بكر فقال: أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين الرجلين أرض لك خاصة أم هي بين المسلمين عامة؟ قال: فما حملك على أن تخص هذين بها دون جماعة المسلمين؟ قال: استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا علي بذلك.
قال: فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك أكل المسلمين أوسعت مشورة ورضىً؟ قال: فقال أبو بكر: قد كنت قلت لك إنك أقوى على هذا الأمر مني ولكنك غلبتني.
وفي رواية أن عثمان قال للأقرع بن حابس وللزبرقان لما أقطعهما أبو بكر قطيعة وكتب لهما كتاباً قال لهما عثمان: أشهد عمر فهو أحرز لأمركما، وهو الخليفة بعده.
قال: فأتيا عمر فقال لهما: من كتب لكما هذا الكتاب؟ قالا: أبو بكر.
قال: لا والله ولا كرامة، والله ليفلقنّ وجوه المسلمين بالسيوف والحجارة ثم يكون لكما هذا.
قال: فتفل فيه ومحاه، فأتيا أبا بكر فقالا: ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟! قال: ثم أخبراه فقال: فإنا لا نجيز إلا ما أجازه عمر.
وقيل: إن ابن عامر استعمل الأقرع بن حابس على جيش، فأصيب هو والجيش بالجوزجان.
أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن
ابن أعنى بن الحارث بن معاوية بن حلاوة بن أمامة بن شكامة بن شبيب بن السكون بن أشرس بن كندة بن عطية بن عدي بن الحارث الكندي صاحب دومة الجندل.
أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم.
ويقال: بقي على نصرانيته.
وكتب له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كتاباً.
ويقال: أسلم، ثم ارتد إلى النصرانية، فقتل على نصرانيته.
قال قيس بن النعمان: كان صار إلى ضم القرآن على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: خرجت خيلٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع بها أكيدر دومة الجندل، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بلغني أن خيلك انطلقت وإني خفت على أرضي ومالي، فاكتب لي كتاباً لا تعرض لشيء هو لي، فإني مقرٌ بالذي علي من الحق.
فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن أكيدراً أخرج قباء منسوجاً بالذهب مما كان كسرى يكسوهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ارجع بقبائك فإنه ليس أحدٌ يلبس هذا في الدنيا إلا حرمه في الآخرة ".
فرجع به الرجل حتى إذا أتى منزله وجد في نفسه أن يرد عليه هديته، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا أهل بيتٍ يشق علينا أن ترد هديتنا فاقبل مني هديتي.
فقال له: " انطلق فادفعه إلى عمر ".
وقد كان عمر سمع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فبكى ودمعت عيناه وظن أنه قد لحقه شقاء، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحدث فيّ أمرٌ؟ قلت في هذا القباء ما سمعت ثم بعثت به إليّ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضع يده على فيه، ثم قال:" ما بعثت به إليك لتلبسه ولكن تبيعه فتستعين بثمنه ".
قال عروة: ولما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلاً إلى المدينة بعث خالد بن الوليد في أربع مائةٍ وعشرين فارساً إلى أكيدر دومة الجندل، فلما عهد إليه عهده قال خالد: يا رسول الله كيف بدومة الجندل وفيها أكيدر، وإنما نأتيها في عصابةٍ من المسلمين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لعل الله يكفيك أكيدراً ".
أحسب قال: يقتنص فتقبض المفتاح فتأخذه، فيفتح الله لك دومة.
فسار خالد بن الوليد حتى إذا دنا منها نزل في أدبارها، لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لعلك تلقاه يصطاد ".
قال: فبينما خالد وأصحابه في منزلهم ليلاً إذ أقبلت البقر حتى جعلت تحتك بباب الحصن، وأكيدر يشرب ويتغنى في حصنه، بين امرأتيه، فاطلعت إحدى امرأتيه فرأت البقر تحتك بالباب وبالحائط، فقالت امرأته: لم أر كالليلة في اللحم، قال: وما ذاك؟ قالت: هذه البقر تحتك بالباب وبالحائط، فلما رأى ذلك أكيدر ثار، فركب على فرسٍ معدةٍ له، وركب غلمانه وأهله فطلبها حتى مر بخالدٍ وأصحابه، فأخذوه ومن
كان معه، فأوثقهم، وذكر خالد قول النبي صلى الله عليه وسلم وقال خالد لأكيدر: أرأيتك إن أجرتك تفتح لي باب دومة؟ قال: نعم، فانطلق حتى دنا منها، فثار أهلها وأرادوا أن يفتحوا له فأبى عليهم أخوه، فلما رأى ذلك قال لخالد: أيها الرجل خلني فلك الله أن أفتحها لك، إن أخي لا يفتحها ما علم أني في وثاقك، فأرسله خالد وأصحابه، فذكر خالد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي أمره.
فقال أكيدر: والله ما رأيتها قطٌّ جاءتنا إلا البارحة - يريد البقر - ولقد كنت أضمر لها إذا أردت أخذها فأركب لها اليوم واليومين، ولكن هذا القدر ثم قال: يا خالد، إن شئت حكمتك وإن شئت حكمتني، فقال خالد: بل نقبل منك ما أعطيت، فأعطاهم ثمان مائةٍ من السبي وألف بعير، وأربع مائة درع، وأربع مائة رمح.
وأقبل خالد بأكيدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل معه يحنّه بن رؤيا عظيم أيلة، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشفق أن يبعث إليه كما بعث إلى أكيدر، فاجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاضاهما على قضيته على دومة، وعلى تبوك وعلى أيلة وعلى تيماء وكتب لهما كتاباً.
وعن بلال بن يحيى قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه على المهاجرين إلى دومة الجندل، وبعث خالد بن الوليد على الأعراب معه، وقال:" انطلقوا فإنكم ستجدون أكيدر دومة يقتنص الوحش فخذوه أخذاً، فابعثوا به إلي، ولا تقتلوه وحاصروا أهلها ".
قال: فانطلقوا، فوجدوا أكيدر دومة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذوه فبعثوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاصروهم، فقال لهم أبو بكر: تجدون ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنجيل؟ قالوا: ما نجد له ذكراً، قال: بلى، والذي نفسي بيده إنه لفي الإنجيل مكتوب كهيئة قرست وليست بقرست، فانظروا.
فنظروا، فقالوا: نجد الشيطان خطر خطرة بقلم لا ندري ما هي.
فقال له، رجل من الأنصار أو المهاجرين: أكفر هؤلاء يا أبا بكر؟ فقال: نعم، وإنكم ستكفرون.
فلما كان يوم مسيلمة قال ذلك الرجل لأبي بكر: هذا الذي قلت لنا يوم دومة الجندل إنا سنكفر؟ فقال: لا، ولكن آخر أمامكم.