الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى مصلاه» .
«وكان يرد السلام بالإشارة» (1) . وأما حديث «من أشار في صلاته فليعدها» فحديث باطل. وكان ينفخ في صلاته، ذكره أحمد وكان يبكي فيها، ويتنحنح لحاجة.
«وكان يصلي حافيا تارة، ومنتعلا أخرى» (2) وأمر بالصلاة في النعل مخالفة اليهود وَكَانَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ تَارَةً، وَفِي الثَّوْبَيْنِ تَارَةً وَهُوَ أَكْثَرُ.
وَقَنَتَ فِي الْفَجْرِ بعد الركوع شهرا ثم ترك، وكان قنوته لعارض، فلما زال تركه، فكان هديه الْقُنُوتَ فِي النَّوَازِلِ خَاصَّةً، وَتَرْكَهُ عِنْدَ عَدِمِهَا، وَلَمْ يَكُنْ يَخُصُّهُ بِالْفَجْرِ، بَلْ كَانَ أَكْثَرُ قنوته فيه لأجل ما يشرع فيه من الطول، ولقربها من السحر وساعة الإجابة، والتنزل الإلهي.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في سجود السهو]
فَصْلٌ وَثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إنما أنا بشر أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» وَكَانَ لسهوه من تمام النعمة على أمته، وإكمال دينهم، ليقتدوا به، فقام من اثنتين في الرباعية.
فلما قضى صلاته، سجد قبل السلام، فأخذ منه أَنَّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ التي ليست بأركان سَجَدَ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأُخِذَ مِنْ بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ ذَلِكَ، وَشَرَعَ فِي ركن لم يرجع.
صلى الظهر خمسا، فقالوا: صليت خمسا. فسجد بعد ما سلم.
وَصَلَّى الْعَصْرَ ثَلَاثًا ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَذَكَّرَهُ النَّاسُ، فَخَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، ثم سجد، ثم سلم.
هذا مجموع ما حفظ عنه، وهي خمسة مواضع.
ولم يكن من هديه تغميض عينيه في الصلاة، وكرهه أحمد وغيره، وقالوا: هو من فعل اليهود وأباحه جماعة، والصواب أن الفتح إن كان لا يخل بالخشوع، فهو أفضل، وإن حال بينه وبين الخشوع
(1) أحاديث رد السلام بالإشارة، كثيرة وصريحة وقد تلقتها الأمة بالقبول، وهي في " السنن " و " المسند " ومع ذلك يقوم بالإنكار على من يحي هذه السنة.
(2)
لحديث أبو داود والبزار وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
لما في قبلته من الزخرف وغيره، فهناك لا يكره.
«وكان إذا سلم استغفر ثلاثا» ، ثم قال:«اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذا الجلال والإكرام» (1) ولا يمكث مستقبل القبلة إلا بقدر ذلك، ويسرع الانفتال إلى المأمومين. وكان ينقل عن يمينه وعن يساره، ثُمَّ كَانَ يُقْبِلُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ بِوَجْهِهِ، وَلَا يَخُصُّ نَاحِيَةً مِنْهُمْ دُونَ نَاحِيَةٍ.
وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشمس حسناء. وَكَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلَّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذا الجد منك الجد، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، ولو كره الكافرون» وَنَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَى أَنْ يَقُولُوا فِي دُبُرِ كل صلاة مكتوبة: «سُبْحَانَ اللَّهِ. ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. ثَلَاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين ; وَتَمَامُ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وهو على كل شيء قدير» (2) .
وَذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " عَنِ الحارث بن مسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا صليت الصبح، فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يومك كتب الله لك جوازا مِنَ النَّارِ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ، فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، كَتَبَ الله لك جوازا من النار»
وكان إذا صلى إلى جدار ; جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَدْرَ مَمَرِّ الشَّاةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَتَبَاعَدُ مِنْهُ، بَلْ «أَمَرَ بِالْقُرْبِ مِنَ السُّتْرَةِ» ، «وَكَانَ إِذَا صَلَّى إِلَى عُودٍ، أَوْ عَمُودٍ، أَوْ شَجَرَةٍ، جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ، أَوِ الْأَيْسَرِ، وَلَمْ يَصْمُدْ لَهُ صَمْدًا،» «وَكَانَ يَرْكُزُ الْحَرْبَةَ فِي السَّفَرِ، وَالْبَرِّيَّةِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، فَتَكُونُ سُتْرَتَهُ» ، «وَكَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا» ، «وكان يأخذ الرحل، فيعدله، ويصلي
(1) رواه الجماعة إلا البخاري.
(2)
البخاري ومسلم وأحمد.