الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمَّا سَافَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قطعوا تلك الرمال وَمَاؤُهُمْ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ حَمَلَ مَعَهُ التُّرَابَ، وَلَا أَمَرَ بِهِ، ولا فعله أحد من أصحابه. وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا قَطَعَ بِأَنَّهُ كَانَ يَتَيَمَّمُ بالرمل.
وجعله قائما مقام الْوُضُوءِ (1) . ..
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا قَبْلَهَا، ولا تلفظ بالنية، ولا استحبه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة.
وَكَانَ دَأْبُهُ فِي إِحْرَامِهِ لَفْظَةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. لا غيرها، وكان يرفع يديه معها ممدودتي الأصابع مستقبلا بهما الْقِبْلَةَ إِلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، وَرُوِيَ إِلَى مَنْكِبَيْهِ، ثم يضع اليمنى على ظهر اليسرى فوق الرسغ والساعد، ولم يصح عنه موضع وضعهما، لكن ذكر أبو داود عن علي: من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة (2) .
وَكَانَ يَسْتَفْتِحُ تَارَةً بِ: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ» وَتَارَةً يَقُولُ: «وَجَّهْتُ وجهي للذي فطر السموات وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»
«اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، واصرف عني سيئها لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس
(1) وأما الحديث المروي عن ابن عباس " من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة " فلا تقوم به حجة، حيث ضعف العلماء رواية: الحسن ابن عمارة، وقال عن هذا الحديث الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام " ضعيف جدا.
(2)
إن هذا السطر ليس من " زاد المعاد " وهذا الحديث ضعيف، وإنما صح عنه صلى الله عليه وسلم على الصدر لحديث أبو داود وابن خريمة (1 / 54 / 1) وأحمد وأبو الشيخ في تاريخ (أصبهان) ص 125 ومن أحد أسانيده الترمذي.
إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وأتوب إليك» ولكن المحفوظ أنه فِي قِيَامِ اللَّيْلِ.
وَتَارَةً يَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل. .» إلى آخره. وقد تقدم (1) .
وَتَارَةً يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السموات والأرض ومن فيهن» إلى آخره (2) . ثم ذكر (3) نوعين آخرين، ثم قال: فكل هذه الأنواع قد صحت عنه.
وروي عنه أنه كان يستفتح ب «سبحانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إله غيرك» ذكره أهل " السنن " والذي قَبْلَهُ أَثْبَتُ مِنْهُ. وَلَكِنْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ أنه يَسْتَفْتِحُ بِهِ فِي مَقَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ويجهر به، يعلمه الناس. قال أحمد أذهب إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عمر، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَفْتَحَ بِبَعْضِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كان حسنا.
وَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ.
وَكَانَ يَجْهَرُ بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " تارة ويخفيها أكثر.
وَكَانَتْ قِرَاءَتَهُ مَدًّا، يَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَيَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَالَ:" آمِينَ " فَإِنْ كَانَ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، وَقَالَهَا مَنْ خَلْفَهُ.
وَكَانَ له سكتتان: سكتة بين التكبيرة والقراءة، واختلف في الثانية، فروي بعد الفاتحة، وروي أنها قبل الركوع.
وقيل: بل سكتتان غير الأولى، والظاهر أنهما اثنتان فقط، وأما الثالثة فلطيفة، لأجل تراد النفس، فمن لم يذكرها، فلقصرها.
فإذا فرغ من قراءة الْفَاتِحَةِ أَخَذَ فِي سُورَةٍ غَيْرِهَا، وَكَانَ يُطِيلُهَا تَارَةً وَيُخَفِّفُهَا لِعَارِضٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، ويتوسط فيها غالبا.
(1) في الصفحة رقم 2.
(2)
هو في " الصحيحين " ونصه كما في " صَحِيحِ مسلم "(769) : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ إذا قام إلى الصلاة في جوف الليل: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ولك الحمد، أنت قيام السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حق، والجنة حق، والنار حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت ".
(3)
المقصود هنا الإمام ابن القيم صاحب الأصل.