المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصيام] - مختصر زاد المعاد

[محمد بن عبد الوهاب]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الناشر مختصر زاد المعاد]

- ‌[ترجمة المؤلف]

- ‌[ترجمة الإمام ابن القيم]

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[فصل اختص الله نفسه بالطيب]

- ‌[فصل في وجوب معرفة هدي الرسول]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فصل في قراءة صلاة الفجر]

- ‌[فصل في هديه في القراءة في باقي الصلوات]

- ‌[فصل في ركوعه صلى الله عليه وآله وسلم]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية سجوده]

- ‌[فصل في كيفية جلوسه وإشارته في التشهد]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في سجود السهو]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في السنن الرواتب والتطوعات]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِيَامِ اللَّيْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الجمعة]

- ‌[فصل في تعظيم يوم الجمعة]

- ‌[فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صلاة العيدين]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في سفره وعباداته فيه]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في زيارة المرضى]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الزكاة]

- ‌[فَصْلٌ في من يعطى الصدقة]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في صدقة التطوع]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الصيام]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاعْتِكَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في حجه وعمرته]

- ‌[فصل في إحرامه]

- ‌[فصل قد تَضَمَّنَتْ حَجَّتُهُ صلى الله عليه وسلم سِتَّ وقفات للدعاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الأضاحي]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في العقيقة]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاخْتِيَارِ الْأَلْفَاظِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الذكر]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عند دخوله مَنْزِلِهِ]

- ‌[فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأذان]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في آداب الطعام]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في السلام والاستئذان]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في السلام على أهل الكتاب]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الاسْتِئْذَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في آداب السفر]

- ‌[فصل فيما يقوله ويفعله من بلي بالوساوس]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يقوله عند الغضب]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَلْفَاظٍ كَانَ صلى الله عليه وسلم يكره أن تقال]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الجهاد والغزوات]

- ‌[فصل في أنواع الجهاد]

- ‌[فَصْلٌ في دعوة الرسول قومه إلى دينه]

- ‌[فصل في الهجرة إلى الحبشة]

- ‌[فصل في الإسراء]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَبْدَأِ الْهِجْرَةِ الَّتِي فَرَّقَ اللَّهُ بها بين أوليائه وأعدائه]

- ‌[فصل في قدوم النبي الْمَدِينَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فصل في أحوال رسول الله والمسلمين عندما استقر بالمدينة]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في القتال]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الأسارى]

- ‌[فصل في حكم الأراضي التي يغنمها المسلمون]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الأمان والصلح]

- ‌[فصل في ترتيب هَدْيِهِ مَعَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنْ حِينِ بُعِثَ بالدين إلى أن لقي الله عز وجل]

- ‌[فصل في سياق مغازيه]

- ‌[فصل في غزوتي بدر وأحد]

- ‌[فصل في ما اشتملت عليه هذه الغزوة من الأحكام]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ]

- ‌[فصل في قصة الحديبية]

- ‌[فصل في غزوة خيبر]

- ‌[فصل في غزوة الفتح العظيم]

- ‌[فصل في غزوة حنين]

- ‌[فصل في غزوة الطائف]

- ‌[فصل في غزوة تبوك]

- ‌[فصل في الإشارة إلى ما تضمنته هذه القصة من الفوائد]

- ‌[فصل في حديث الثلاثة الذين خُلِّفُوا]

- ‌[فصل في حجة أبي بكر رضي الله عنه]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في علاج الكرب والهم والحزن]

- ‌[فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي علاج الفزع والأرق]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم أَقْضِيَتِهِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[فصل في حكمه بالغنائم]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صلى الله عليه وسلم في قسمة الأموال]

- ‌[فصل حكمه فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ لِعَدُوِّهِ وَفِي رُسُلِهِمْ أَنْ لا يقتلوا ولا يحبسوا]

- ‌[فصل في أحكامه في النكاح وتوابعه]

الفصل: ‌[فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصيام]

إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة، ومنه ترك فضول النظر والكلام، والاستماع والخلطة، والأكل والنوم.

[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الصيام]

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصِّيَامِ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنَ الصِّيَامِ حبس النفس عن الشهوات، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها، وَقَبُولِ مَا تَزْكُو بِهِ مِمَّا فِيهِ حَيَاتُهَا الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضييق مَجَارِي الشَّيْطَانِ مِنَ الْعَبْدِ بِتَضْيِيقِ مَجَارِي الطَّعَامِ والشراب، فَهُوَ لِجَامُ الْمُتَّقِينَ، وَجُنَّةُ الْمُحَارِبِينَ، وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ المقربين، وهو لرب العالمين من بين الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يترك شهوته، فهو ترك المحبوبات لمحبة الله، وهو سر بين العبد وربه، إذ العباد قد يطلعون عَلَى تَرْكِ الْمُفْطِرَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَرَكَ ذلك، لأجل معبوده، فأمر لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَشَرٌ، وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ.

وله تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ، وَالْقُوَى الباطنة عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، وَاسْتِفْرَاغِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ الْمَانِعَةِ لَهَا مِنْ صِحَّتِهَا، فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى التَّقْوَى، كَمَا قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183](1) .

وأمر صلى الله عليه وسلم من اشتدت شهوته للنكاح، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، وَجَعَلَهُ وِجَاءَ هذه الشهوة (2) .

وكان هديه صلى الله عليه وسلم فيه أكمل هدي، وأعظمه تحصيلا لِلْمَقْصُودِ، وَأَسْهَلَهُ عَلَى النُّفُوسِ، وَلَمَّا كَانَ فَطْمُ النفوس عن شهواتها ومألوفاتها من أشق الأمور، تأخر فرضه إلى ما بعد الهجرة، وَفُرِضَ أَوَّلًا عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أن يطعم كل يوم مسكينا، ثم حتم الصَّوْمِ، وَجُعِلَ الْإِطْعَامُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا لم يطيقا، ورخص للمريض والمسافر أن يفطرا، ويقضيا، والحامل والمرضع إذا خافتا على

(1) 183 البقرة.

(2)

رواه البخاري " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ له وجاء ".

ص: 47

أنفسهما كذلك، وإن خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا زَادَتَا مَعَ الْقَضَاءِ إِطْعَامَ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، فَإِنَّ فِطْرَهُمَا لَمْ يَكُنْ لِخَوْفِ مَرَضٍ، وَإِنَّمَا كَانَ مَعَ الصِّحَّةِ، فَجُبِرَ بإطعام مسكين، كفطر الصحيح في أول الإسلام.

وكان مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان يُكْثِرُ فِيهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، والصلاة، والذكر، والاعتكاف. وكان يخصه من العبادات بما لا يخص به غيره، حتى أنه لَيُوَاصِلُ فِيهِ أَحْيَانًا لِيُوَفِّرَ سَاعَاتِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ.

وَكَانَ يَنْهَى أَصْحَابَهُ عَنِ الْوِصَالِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ؟ فَيَقُولُ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» نهى عنه رحمة للأمة، وأذن فيه إلى السحر.

فصل وكان من هديه أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ إِلَّا برؤية محققة، أو بشهادة شاهد، فإن لم يكن رُؤْيَةٌ وَلَا شَهَادَةٌ، أَكْمَلَ عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ، وَكَانَ إِذَا حَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ دُونَ مَنْظَرِهِ سحاب أكمل شعبان ثلاثين، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ يَوْمَ الْإِغْمَامِ، وَلَا أَمَرَ به، بل أمر بإكمال عدة شعبان وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا قَوْلَهُ:«فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فاقدروا له» فإن القدر: هو الحساب المقدور، والمراد به الإكمال.

وكان من هديه الخروج منه بشهادة اثنين، وإذا شهد شاهدان برؤيته بعد خروج وقت العيد، أفطر، وأمرهم بالفطر، وصلى الْعِيدَ مِنَ الْغَدِ فِي وَقْتِهَا.

وَكَانَ يُعَجِّلُ الفطر، ويحث عليه، ويتسحر ويحث عليه ويؤخره ويرغب في تأخيره، وكان يحض على الفطر على التمر، فإن لم يجده، فعلى الماء.

وَنَهَى الصَّائِمَ عَنِ الرَّفَثِ وَالصَّخَبِ وَالسِّبَابِ، وَجَوَابِ السباب، وأمره أن يقول لمن سابه: إني صائم (1) .

وسافر في رمضان، فصام، وأفطر، وخير أصحابه بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالْفِطْرِ إِذَا دَنَوْا من العدو، ولم يكن من هديه تَقْدِيرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يُفْطِرُ فِيهَا الصَّائِمُ بِحَدٍّ،

(1) لحديث أبي هريرة قال (قال رسول الله "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم)(متفق عليه) .

ص: 48

وَكَانَ الصَّحَابَةُ حِينَ يُنْشِئُونَ السَّفَرَ يُفْطِرُونَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ، وَيُخْبِرُونَ أَنَّ ذَلِكَ هديه وسنته صلى الله عليه وسلم.

«وكان يُدْرِكَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَيَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَصُومُ» ، «وَكَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ» ، وَشَبَّهَ قُبْلَةَ الصَّائِمِ بالمضمضة بالماء، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم التفريق بين الشاب والشيخ.

وكان من هديه إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسيا، وأن الله هو الذي أطعمه وسقاه، والذي صح عنه تفطير الصائم به: هو الأكل والشرب، والحجامة والقيء، والقرآن دل على الجماع، ولم يَصِحُّ عَنْهُ فِي الْكُحْلِ شَيْءٌ.

وَصَحَّ عَنْهُ أنه يستاك وهو صائم، وذكر أحمد عنه «أنه كان يصب على رأسه الماء وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَهُوَ صَائِمٌ، ومنع الصائم من المبالغة في الاستنشاق» ، «ولم يصح عنه أنه احتجم وهو صائم.

» قال أحمد: وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِثْمِدِ: لِيَتَّقِهِ الصائم ولا يصح، قال ابن معين حديث منكر.

فصل وكان يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يُفْطِرُ. وَيُفْطِرُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يَصُومُ. وَمَا اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَمَا كَانَ يَصُومُ فِي شَهْرٍ أكثر مما كان يَصُومُ فِي شَعْبَانَ، وَلَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ عَنْهُ شهر حتى يصوم منه، وكان يتحرى صيام الاثنين والخميس (1) .

وقال ابن عباس: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضِ فِي حضر ولا سفر.» ذكره النسائي (2) . وكان يحض على صيامها.

وَأَمَّا صِيَامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ عنه فيه، وَأَمَّا صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:«صِيَامُهَا مَعَ رَمَضَانَ يَعْدِلُ صيام الدهر» وأما يَوْمِ عَاشُورَاءَ، «فَإِنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ تَصُومُهُ وَتُعَظِّمُهُ، فَقَالَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَهُ ومن شاء تركه»

وكان من هديه إفطار يوم عرفة بعرفة ثبت

(1) رواه الترمذي وقال حديث حسن.

(2)

رواه النسائي بإسناد حسن.

ص: 49