الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول فيما بيد أولاد رسول
«1»
فأمّا معظم اليمن فمع تعزّ وزبيد، وصاحبهما هو المشار إليه إذا قيل: صاحب اليمن، وأخبرني بجملة ما أذكر من أحوالها أبو جعفر أحمد بن محمد المقدسيّ عرف بابن غانم «2»
، وكان من كتّاب الإنشاء «3» بمصر وبدمشق، ثم دخل اليمن وخدم بها صاحبها إذ ذاك الملك المؤيد داود (بن يوسف) بن عمر «4» رحمه الله في كتابة الإنشاء واختصّ به،
وأبو محمد عبد الباقي بن عبد المجيد اليمنيّ الكاتب «1» ، وجملة ما أذكره عنهما ولا أميّز الآن قول كلّ واحد منهما على التّخصيص، وهو: أنّ صاحب اليمن يصيف بتعزّ ويشتي بزبيد.
وتعزّ «2» بلد كثير الماء، بارد الهواء، كثير الفاكهة من العنب (464) والرمّان والسّفرجل والتفّاح والخوخ والتّوت والموز والبطيخ الأخضر والأصفر، ويوجد به كثير من أنواع الفاكهة، وإن كان قليل المقدار، فأمّا الموز والليمون والأترجّ «3» وما يناسبه فكثير إلى غاية، ويوجد بها كثير من الرياحين والزهور خلا البنفسج والنّيلوفر «4» ، وربما احتاج ساكنها إلى لبس الفراء في بعض أحيانها.
وأما زبيد «5» فإنها شديدة الحرّ ولا يبرد ماؤها ولا هواؤها، وهي أوسع رقعة، وأكثر بناء، ولها نهر جار بظاهرها.
وأما مساكن الملك «1» فيهما فنهاية في العظمة، وفرش الرّخام والسّقوف المدهونة وأخصّاء الملك بها الخصيان هم خاصته المقرّبون وهو متوفر في غالب وقته على لذاته، والمتعة في قصوره بجواريه وقيانه، وله أرباب دولة ووظائف، ينحو في أموره منحى صاحب مصر «2» يتسمع أخباره، ويحاول اقتفاء آثاره في أحواله وأوضاع دولته غير أنه لا يصل إلى هذه الغاية، ولا تخفق عليه تلك الراية لقصور مدد بلاده، وقلة عدد أجناده.
أخبرني أقضى القضاة أبو الربيع سليمان بن محمد «3» بن قاضي القضاة الصدر سليمان الحنفيّ، وكان قد توجه إلى اليمن وخدم في ديوان الجيش «4» به أن مجموع جند
اليمن ما يبلغ ألفي فارس، وينضاف إليهم من العرب الداخلين في طاعته مثلهم وأراني جريدته الموضوعة لذلك فوقفت على بعضها، وضاق وقتي عن الاستيعاب وهي تشهد بما قال. وصاحب هذه المملكة أبدا يرغب في الغرباء، ويحسن تلقيهم غاية [الإحسان]«1» ، ويستخدمهم فيما يناسب كلّا منهم، ويتفقدهم في كلّ وقت بما يأخذ به قلوبهم، ويوطّنهم عنده، وغالب جنده من الغرباء، وإذا دعت حاجة أحد من جنده وغلمانه وأهل خدمته أجمعين إلى شيء وإن قلّ كتب إليه قصة «2» يسأله حاجته فيها فيوقّع عليها بخطّه بإجابته إلى ما سأله، أو إلى بعض ما سأله (465) على ما يراه.
وهو قليل التصدي لإقامة رسوم المواكب والخدمة والاجتماع بولاة الأمور ببابه، فإذا احتاج أحد منهم إلى مراجعته في أمر كتب إليه قصة يستأمره فيها، فيكتب عليها بخطّه ما يراه، وكذلك إذا رفعت إليه قصص المظالم هو الذي يكتب عليها بخطّه مما فيه إنصاف الشاكي.
ورأيت علامة والد هذا السلطان القائم بها الآن على توقيع، وهو على المصطلح المصري ما مثاله: الشاكر لله على نعمائه في سطر، وتحته داود.
ولصاحب هذه المملكة البساتين والمتنزّهات الحسنة يتعهدها في الأحيان ويقيم بها للتنزه بها، وهذا الملك لا ينزل في أسفاره إلا في قصور مبنية له في منازل معروفة من بلاده، فحيث نزل في منزلة وجد بها قصرا مبنيا ينزل به.
وباليمن الخيل العراب الفائقة، والبغال نوعان: سروجية للركوب، وحبشية للأحمال، وبها الجمال والحمير وأنواع الدوابّ من البقر والغنم والطير من الإوزّ والد جاج والحمام وغير ذلك.
وهي بلاد رخية كثيرة الحبوب، وأقلّ حبوبها القمح والشعير، وأكثرها الأرزّ والذرة والسّمسم، وبها العسل الكثير وأنواع المقل «1» ، ووقودها السّليط «2» وهو الشّيرج، ولا يوجد بها الزيت ولا الزيتون إلا إن جلب من الشام.
واليمن جميعه كثير الأمطار، ولا تنشأ به السحب، ويمطر المطر وقت الزوال إلى أخريات النهار، هذا وقت أمطارها في الغالب، وبها الأنهار الجارية، والمروج الفسح، والأشجار المتكاثفة في بعض أماكنها، ولها ارتفاع صالح من الأموال، وغالب أموالها من موجات التجار الواصلين من الهند ومصر والحبشة مع ما لها من دخل البلاد.
وأما الإمرة بها فقد تطلق على من ليس بأمير، وأما الإمرة الحقيقية التي ترفع بها الأعلام (وتدقّ لها) الكوسات «3» فإنها لمن قلّ، وربما أنه لا يتعدى عدة الأمراء بها عشرة نفر.
وباليمن أرباب وظائف (466) من النائب «4» والوزير «5» والحاجب «6» وكاتب
السر «1» وكاتب الجيش وديوان المال، وبها وظائف الشادّ «2» والولاية على ما قدّمنا ذكره من أنّه يتشبه بالأحوال المصرية.
وباليمن عدن، وهي من أعظم المراسي بها، وتكاد تكون ثالثة تعزّ وزبيد في الذكر، ولها قلعة السمدان «3» المشهورة بالمنعة العظيمة، وبها قلعة، وهي خزانة مال ملوك هذا الإقليم.
وصاحب اليمن يهادي صاحب مصر ويداريه لمكان إمكان التسلط عليه من البحر والبرّ الحجازي، وقد كان ملكها الآن الملك المجاهد عليّ بن داود بعد موت أبيه المؤيد نجم عليه من أهله «4» من جاذبه رداء الملك، ونازعه في سلطانه، وأعان الناجم عليه كثير من مماليك أبيه وعسكر اليمن وأهله، فأرسل إلى صاحب مصر السلطان الملك الناصر أبي المعالي محمد بن قلاوون وصية كتبها الملك المؤيد صاحب اليمن قبل موته تتضمن أنّه أوصى إلى السلطان الملك الناصر صاحب مصر على ولده المجاهد علي، وبعث يترامى عليه، ويستمدّ الإعانة
منه، فجهز إليه عسكرا»
منعه من عدوّه النّاجم عليه، ومكّن له في اليمن، وبسط يده به، ثم عاد العسكر المصريّ «2» ، وإن لم يكن هذا موضع هذا، ولكنّا ذكرناه تنبيها على تمكن صاحب مصر من (صاحب) اليمن إذا قصده، ثم نعود إلى ما كنا بصدده، فنقول:
إن صاحب اليمن لا يزال من الشريف الإمام الزيديّ صاحب صنعاء على مباينة تارة يكون بينهم عهد، وتارة ينبذ العهد بينهم، لأنّ الإمام الزّيديّ له قوة في مكانه ومنعة من أعوانه، ولو استقلّ اليمن لملك واحد كبر محلّه، وعظم قدره في الممالك الجليلة.
ولا تزال ملوك اليمن تستجلب من مصر والشام طوائف من أرباب الصناعات لقلة وجودهم باليمن، وليس باليمن أسواق مرضية دائمة، إنما بها يوم من الجمعة تجلب فيه الأجلاب (467) ، وتخرج أرباب الصناعات والبضائع ببضائعهم على اختلافها، وتقام في ذلك اليوم الأسواق، ويباع ويشترى، فمن أعوزه شيء في وسط الجمعة لا يكاد يجده، إلا
المآكل فإنها دائمة (فيها) كغيرها من البلاد، والمعمولات من المآكل في أسواقها للبيع قليلة، بل من أراد شيئا عمله بنفسه.
فأما زيّ ملكهم وعامة الجند بها، فأقبية «1» إسلامية ضيقة الأكمام مزنّرة على اليد، ومناطق «2» ، وتخافيف لانس «3» ، ودلاكش، وهي أخفاف من القماش الحرير الأطلس والعتّابي «4» وغير ذلك، ولقد وقعت وحشة بين هذا (الملك) المجاهد وبين بعض أمرائه، وهو عليّ بن عمر بن يوسف الشهابي، فجاء إلى مصر وأقام بها وهو بهذا الزيّ خلا الدّلكش، فإنه قلعه، ولبس الخفّ المعتاد، وهو يحضر الموكب السّلطانيّ بمصر على هذا الزيّ إلى الآن.
وحدثني الحكيم الفاضل صلاح الدين أبو عبد الله محمد بن البرهان «5» ، وكان الملك المؤيّد [والد]«6» سلطانها الآن قد طلبه من مصر، واستدعاه، وأعذب ماءه ومرعاه، وأقام لديه حينا من الدهر، بين جنات ونهر، متنقلا معه في ممالكه، متوقّلا «7» على شرفات مالكه.
قال: اليمن أميل إلى الحرّ، وهو كثير المطر في أخريات الرّبيع إلى وسط الصّيف.
قال «1» : ولقد أقمت مدة بعدن، وهي مدينة مجلوب إليها كلّ شيء حتى الماء، يحتاج المقيم بها إلى كلفة في النفقات لارتفاع الأسعار بها في المآكل والمشارب، ويحتاج المقيم بها إلى ماء يتبرّد به في اليوم مرات إبان قوة الحر، وإليها مجمع الرفاق، وموضع سفر الآفاق، يحطّ بها من الصين والهند والسّند والعراق وعمان والبحرين ومصر والزّنج «2» والحبشة، ولا يخلو أسبوع بها من عدة تجار وسفن وواردين وبضائع شتى ومتاجر، والمقيم بها في مكاسب وافرة وتجائر مربحة، ولا يبالي بما يغرمه بالنسبة إلى الفائدة، ولا يفكر في سوء المقام لكثرة الأموال النّامية.
(468)
قال: ولحطّ المراكب عليها وإقلاعها مواسم مشهودة، وإذا أراد ناخوذة مركب فيها السفر إلى جهة، أقام علمه برنك «3» خاصّ له، فعلم التجا (ر) وتسامع الناس، وبقي كذلك أياما ويقع الاهتمام بالرحيل، ويسرع التجار في نقل أمتعتهم وحولهم العبيد بالقماش السريّ والأسلحة النافعة، وتنصب على شاطئ البحر الأسواق، ويخرج أهل عدن للفرجة عليهم.
قال الحكيم ابن البرهان:
وأما ظفار «1» فهي لأولاد الملك الواثق «2» [عم]«3» صاحب اليمن، وهم وإن أطلق عليهم اسم الملك نواب له، وظفار أقصد إلى الهند من عدن، وهي على جون خارج من البحر، تنقل البضائع في زوارق صغار فيه حتى تقطع ذلك الجون، ثم توسق «4» ذلك في السّفائن.
قال الحكيم صلاح الدين محمد بن البرهان:
واسم اليمن أكبر [منه]«5» لا تعدّ في بلاد الخصب بلاده، وغالب دخله مما يؤخذ من التجار والجلّابة برا وبحرا، ومملكة بني رسول السواحل وما جاورها، ولهذا كانت مملكتهم أكثر مالا من مملكة الشرفاء بصنعاء وما والاها على ما يأتي ذكره في مكانه.
قال: وشعار هذا السلطان وردة حمراء في أرض بيضاء.
قلت: ورأيت أنا السّنجق «1» اليمنيّ وقد رفع في جبل عرفات سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة، وهو أبيض وفيه وردات حمر كثيرة.
قال: وإنما تجتمع لهم الأموال لقلة الكلف في الخرج والمصاريف التي تذهب في سعة النفقات والتكاليف، ولأن الهند يمدّهم بمراكبه، ويواصلهم ببضائعه.
وسألته عما بها من الفواكه فذكر غالب ما يوجد بمصر، غير أنّه بالغ في وصف السّفرجل بها.
وقال: إنّ القمح يوجد، ولكنه يغلو، واللحوم رخيصة، ويعمل بها السكر والصابون ولكنهما ليسا كما بمصر والشام.
قال: ولأهل اليمن سيادات (469) بينهم محفوظة، وسعادات عندهم ملحوظة، ولأكابرها حظّ من رفاهية العيش والتنعم والتفنن في المآكل، يطبخ في بيت الرجل منهم عدة ألوان، ويعمل فيها بالسكر والقلوب، وتطيّب أوانيها بالعطر والبخور، وتكون له الحاشية والغاشية، وفي بيته العدد الصالح من الإماء، وعلى بابه جملة من الخدم والعبيد والخصيان من الهند والحبوش، ولهم الديارات الجليلة والمباني الأنيقة إلا الرخام ودهان الذهب واللّازورد «2» فإن هذا من خواصّ السلطان لا يشاركه فيها مشارك من الرعايا ولا من الأعيان، وإنما فرش دورهم بالخافقيّ وما يجري مجراه، قال:
ولسلطانهم بستان يعرف [بثعبات]«3» يطلع إليه ويقيم فيه أياما للنزهة به، فيه قبة
ملوكية ومقعد سلطانيّ فرشهما وأزرهما رخام ملون وبهما عمد قليلة المثل يجري فيها الماء من نبعات تملأ العين حسنا، والأذن طربا بصفاء ضميرها وطيب خريرها، وترمي شيئا سكيهما «1» على أشجار قد نقلت إليه من كلّ مكان تجمع بين فواكه الشّام والهند، ولا يقف ناظر على بستان أحسن منه جمعا، ولا أجمع [منه]«2» حسنا، ولا أتمّ صورة ولا معنى، يهزّ معاطف دوحه الصبا، كأنه في اليمن من بقايا سبا.
قال ابن البرهان:
وأما كتّاب الإنشاء عنده فإنه لا يجمعهم رئيس يرأس عليهم يقرأ ما يرد على السلطان، ويجاوب عنه، ويتلقى المراسيم وينفذها، وإنما السلطان إذا دعت حاجته إلى كتابة كتب بعث إلى كلّ منهم ما يكتبه، فإذا كتب الكاتب ما رسم له به بعثه على يد أحد الخصيان، وقدّمه إلى السّلطان فيعلّم عليه ويقرّه.
قال ابن البرهان:
وملوك اليمن أوقاتهم مقصورة على لذاتهم والخلوة مع حظاياهم وخاصتهم من الندماء والمطربين، فلا يكاد السلطان يرى بل (470) ولا يسمع أحد من أهل اليمن له على الحقيقة خبرا مع شدة ضبطهم لبلادهم ومن فيها، واحترازهم على طرقها برا وبحرا من كلّ جهة، فلا يخفى داخل يدخل إليها، ولا خارج يخرج منها.
وللتجار عندهم وضع جليل؛ لأن غالب متحصلات اليمن منهم وبسببهم كما قدمنا ذكره.
قلت: وقد كان الملك المظفر «1» ثم ولده الملك المؤيد رحمهما الله تعالى مقصودين من آفاق الأرض، قلّ أن يبقى مجيد في صنعة من الصنائع إلا ويصنع (لأحدهما) شيئا على اسمه ويجيد فيه بحسب الطاقة ثم يجهزه إليه، أو يقصده به ويقدمه إليه من يده فيقبل عليه ويقبل منه، ويحسن نزله، ويسني جائزته، ثم إن أقام في بابه أقام مكرّما محترما، أو عاد عاد محبوا محبورا، ولهما ولع بحبّ الغرباء وكرم متسع في الحباء، يجزلون من نعمهم العطايا، ويثقلون بكرمهم المطايا، ولقد قصدهما كثير من الناس، وحصل [لهم]«2» البرّ والإيناس، ثم تنوّع لهم من الكرامة ما أنساهم أن ينفذوا بسلطان، وأسلاهم عن الأوطان، فحمدوا بالنجاح آمالا، ووردوا خفافا، وصدروا ثقالا، وكان من عادتهما رحمهما الله أن لا يسمحا بعود غريب، ولا يصفحا عن هذا عن بعيد ولا قريب قصدا لعمارة اليمن بإنارة آفاقه بكل شيء حسن، إلا من قدّم لديهما القول بأنه أتاهما راحلا لا مقيما، وزائرا لا مستديما، فإنّهما كانا لا يكلفانه مقاما لديهما ولا دواما في النّزول عليهما، بل يجزلان إفادته، ويجملان إعادته، وأما من جاء إليهما بنيّة مقيم، وأقام لديهما على أنّه لا يريم، فإنهما يرفعان مجده، ويوسعان رفده، ويجريان عليه الأدرار، وإليه السحاب المدرار، ويخليان له دارا، ويخلّيان مملوءا له بصفوف الخدم جدارا «3» ، فإذا أراد الارتحال عن دارهما، مكناه من العود كما جاءهما، وخرج عنهما على أسوأ حال، مسلوبا بما استفاد
(471)
عندهما من نعمة ومال، عقابا له على مفارقته لأبوابهما، لا بخلا بما جادت به بوادر سحابهما.
وحكى لي غير واحد ممّن قصدهما على أنه يقيم ثم فارقهما على هذا الحال الذّميم من حالاته بكلّ أعجوبة وما وجد، ثم فارقه من نعمهما الموهوبة المسلوبة «1» .
قلت: ولقد كانا يبعثان إلى مصر والشام والعراق من يتلقّط لهما محاسن الوجود وأحاسن الموجود، فلا تبقى طرفة من الطّرف إلا اشتريت لهما، ولا من مجيد في شيء من الأشياء إلا استميل إليهما، ورغب في الكثير حتى يقصد حضرتهما فيقيم عندهما، وقلّ من يعود عنهما: ومن وجد الأحباب قيدا تقيدا «2»
قلت: وصاحب اليمن لا عدوّ له لأنّه محجوب ببحر زاخر، وبرّ منقطع من كل جهة، والمسالمة بينه وبينهم، فهو لهذا قرير العين، خالي البال، لا يهمّه إلا صدّ، ولا يهيجه إلّا بلبال. «3»