الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول في الكانم
«1» (الكانم بلد) مسلم مستقل بينه وبين بلاد مالّي [مسافة بعيدة جدا، قاعدة ملكه]«2» بلد اسمها جيمي «3» ، مبدأ مملكته من جهة مصر بلدة اسمها زلا «4» وآخرها طولا بلدة يقال لها كاكا «5» وبينهما نحو ثلاثة أشهر، وعسكرهم يتلثمون، وملكهم على حقارة سلطانه وسوء بقعة مكانه في غاية لا تدرك من الكبرياء يسمح برأسه عنان السماء مع ضعف أجناد، وقلة متحصّل بلاد، محجوب لا يراه أحد إلا في يوم العيدين، يرى بكرة وعند العصر، وفي سائر السنة لا يكلمه أحد ولو كان أميرا إلا من وراء حجاب، وربما كان فيهم من أخذ في التعليم ونظر من الأدب نظرة النجوم، فقال إني سقيم، فما زال يداوي علل فهمه، ويداري جامح علمه حتى تشرق عليه أشعتها، ويطرز بديباجه أمتعتها.
غالب عيشهم الآن الأرزّ، والقمح، والذّرة، وببلادهم التين، والليمون، واللّفت، والباذنجان، (491) والرّطب.
وأخبرني أبو عبد الله [السّلالجيّ]«1» أنّه أخبره الشيخ الصالح المنقطع عثمان الكانميّ وهو من أقارب ملوكها أنّ الأرزّ ينبت عندهم من غير بذر أصلا، وهو ثقة، قال السّلالجيّ:
وسألت عن ذلك غيره فأخبرني بصحة ذلك.
ويتعاملون بقماش ينسج عندهم اسمه دندي طول كلّ ثوب عشرة أذرع يشترون من ربع ذراع فأكثر، ويتعاملون أيضا بالودع والخرز والنحاس المكسور والورق لكنه جميعه يسعّر بذلك القماش.
وذكر ابن سعيد «2» أنّ في جنوبيّها شعار «3» وصحار (ى) فيها أشخاص متوحشة كالغول تؤذي بني آدم، ولا يلحقها الفارس وهي أقرب الحيوانات إلى الشكل الآدمي.
وذكر القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الملك المراكشيّ في كتابه المعجم المسمى ب" التكملة"«4» أبا اسحاق إبراهيم الكانميّ الأديب الشاعر، وحكى عنه أنه قال: يظهر ببلاد الكانم بالقرب [من]«5» أمام الماشي في الليل شبيه قلل نار تضيء، فإذا مشى ليلحقها بعدت عنه، ولو جرى إليها لا يصل إليها بل لا تزال أمامه، وربما رماها بحجر فأصابها فيتشظّى منها شرارات، نقل لي هذا على ما رآه في" التكملة" محمد السّلالجيّ.
قال ابن سعيد:
وإنّ بها يقطينا تعظم اليقطينة إلى أن يصنع منها مركب تعبر فيه في النيل، قال: وهذا مستفيض، والعهدة على الحاكي.
وهذه البلاد بين إفريقيّة وبرقة ممتدة في الجنوب إلى سمت الغرب الأوسط، وهي بلاد قحط وشظف وسوء مزاج مستول عليها، وأحوالها وأحوال أهلها خشنة، وأول من نشر الإسلام فيها الهادي العثمانيّ، ادعى أنه من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وصارت بعده لليزنيين من بني ذي يزن «1» ، والعدل قائم في بلادهم، ومذهبهم مذهب الإمام مالك رضي الله عنه.
وهم ذوو اختصار في اللباس، كايسون في الدين (492) وقد بنوا بفسطاط مصر مدرسة للمالكية ووفودهم ينزل بها.