الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الحادي عشر
أصالة الأفكار وفعاليتها
• الفكرة الأصلية تحتفظ بأصالتها أبد الدهر. وهي ذات طابع قدسي. وهي حقيقة ذاتية مستقلة عن التاريخ.
• أفكار أوربة: العلم. والتقدم. والحضارة. سمحت لها السيطرة على العالم بفعاليتها لا بفكرتها الأصلية.
• أصالة الفكرة الإسلامية دخلت دورة الفعاليّة مع الفتوحات وبسط سلطان الدولة الإسلامية.
• أوربة ترجّع الفعالية على الأصالة في أسلوبها الاستعماري.
• النخبة الإسلامية تقليد الحضارة الأوروبية ولا تدرك أصالتها. لأن الاحتكاك الضعيف مع الحضارة الأوروبية والضمير الإسلامي قد بدأ في أسوأ شروطه.
ــ
فكرةٌ أصيلة لا يعني ذلك فعاليتها الدائمة. وفكرةٌ فعَّالة ليست بالضرورة صحيحةً. والخلط بين هذين الوجهين يؤدي إلى أحكام خاطئة، وتلحق أشدَّ الضرر في تاريخ الأمم حينما يصبح هذا الخلط في أيدي المتخصّصين في الصراع الفكري وسيلةً لاغتصاب الضمائر.
إن الأصالة ذاتية وعينية وهي مستقلة عن التاريخ. والفكرة إذ تخرج إلى
النور فهي: إما صحيحة أو باطلة. وحينما تكون صحيحة فإنها تحتفظ بأصالتها حتى آخر الزمان. لكنها بالمقابل، يمكن أن تفقد فعاليتها وهي في طريقها؛ حتى ولو كانت صحيحة. فلفعالية الفكرة تاريخها الذي يبدأ مع لحظة (أرخميدس) حينما تأتي دفعتها الأصليَّة لتهزّ العالم، أو يعتقد فيها نقطة ارتكازٍ ضرورية لقلب ذلك العالم.
وبصفةٍ عامة حين تبصر النور الأفكار التي صنعت تاريخ العالم؛ فإنها دائماً فعالة طالما أنها أثارت العواصف وشيّدت شيئاً أو هدمته، أو أنها اكتفت بقلب صفحة من صفحات التاريخ الإنساني. وليست هذه الأفكار بالضرورة صحيحةً بأكملها فالفكرة تكون صحيحةً أو باطلة في المجال العقيدي والمنطق العلمي والاجتماعي.
لكن تاريخها لا يعتمد على خاصِّيَّتها الذاتية، بل يستند على تفجُّرِها، على قدرتها داخل عالمٍ ثقافيٍ، وأخيراً على قوتها الإطار العام الذي توجد فيه.
فمثلاً فكرة الدورة الدموية هي فكرة طبيبٍ عربي في القرن الثاني عشر الميلادي، هو:(ابن النفيس)(1). لكنها لم تبدأ طريقها العلمي إلا مع الطبيب الإنكليزي (هارفي)(2) بعد أربعة قرون.
فالزمن الذي وجدت فيه هو الذي ألجأها إلى الاغتراب لتجد فرصها الفضلى
(1) هو علي بن أبي الحزم القرشي، علاء الدين الملقب بابن النفيس، توفي في مصر سنة (687هـ - 1288م). له مؤلفات عديدة لا يزال الكثير منها مخطوطاً. كتب شرحاً لكتاب (القانون) لابن سينا. وكان أول من وصف الدورة الدموية الصغرى (أو الدورة الدموية الرئوية)، وأول من أشار إلى الحويصلات الرئويّة والشرايين التاجية.
(2)
(وليم هارفي William Harvey) طبيب إنكليزي (1578 - 1657م). علّم التشريح والجراحة في (الكلية الملكيّة)، ثم أصبح الطبيب الخاص للملك. اكتشف- ولكن بعد ابن النفيس - الدورة الدموية الصغرى، وشرح عملية الدورة الدموية في جسم الإنسان (الدورة الدمو ية الصغرى، والدورة الدمو ية الكبرى).
للتطبيق فيما بعد. لكنها في النهاية قد ظلت أربعة قرون صحيحة وصادقة دون أن تكون فعالة، وهذا شأن كثير من الأفكار العلمية التي لا تصادف حيين مجيئها إلى الدنيا لحظة (أرخميدس) إلا بعد زمنٍ طويل.
إن نظرية امتداد العالم التي وضعها (لومتر Lemaitre)(1) عالم الرياضيات البلجيكي؛ لم تبدأ مجراها إلا مع (أينشتاين)(2) ونظرية الوراثة التي تعود إلى (مندل)(3) لم تحظ بلحظة (أرخميدس)، أي ساعة فعاليتها، إلاّ حين انطلاق مدرسة البيولوجيا الفرنسية والأمريكية في بداية القرن العشرين.
بالمقابل فالتاريخ يزخر بالأفكار التي ولدت باطلة، ليس فيها أصالة لكنها مع ذلك كان لها فعالية مدويّة في أكثر الميادين تنوعاً. وغالباً ما تكون هذه الأفكار محجبةً مضطرةً لحمل قناع الأصالة لتدخل التاريخ كلصٍ يدخل منزلاً بمفتاح مزيف؛ فـ (ليبنز Leibniz)(4) لم يكن فحسب رياضياً فذاًّ، بل إنه قرأ دون شك (مكيافيلي)(5)، وفي تأملاته السياسية كان يوصي بإخفاء الدنيوي
(1)(جورج هفري لومتر George Henri Lemaitre) عالم فيزياء، وفلكي، وعالم رياضيات بلجيكي (1894 - 1966 م). كان رائد نظرية الامتداد الديناميكي للمجرّة.
(2)
(ألبرت أينتشاين Albert Einstin) عالم فيزياء ألماني (1879 - 1955) حصل على الجنسية السويرية سنة (1900)، وعلى الجنسية الأميركية سنة (1940). أحدُ أهمِّ رجالات العلوم الحديثة. نال جائزة نوبل للفيزياء سنة (1921). له عدة نظريات رائدة في الحركة الديناميكية، والأثر الفوتو-كهربائي، ونظرية النسبية.
(3)
(يوهان مندل Johann Mendel) عالم نبات، ورجل دين نمساوي (1822 - 1884م). أسس علم الوراثة، وتوصل إلى تهجين سلالات نقية من نبات الحمّص.
(4)
(فيلهم غوتب لينز Wilklm goltieb leibniz) فيلسوف وعالم ألماني (1646 - 1716م). له نظريات عديدة في الرياضيات، والدين، والتاريخ، والقانون، والمنطق، والفلسفة.
(5)
(نيقولاس ماكيافيل Niccolo Machiavelli) رجل سياسة وفيلسوفٌ إيطالي (1469 - 1527م). صاحب كتاب (الأمير Le prince) ، (1531) الذي يتضمن نظرية سياسية عُرفت فيما بعد بالماكيافيلية. وهي تقوم على الخداع ومحاولة الوصول إلى الغاية بجميع الوسائل، المشررعة منها وغير المشروعة، وشعارها: الغاية تبرّر الوسيلة.
والنافع في ثوب المقدس؛ ذلك أن الفكرة إذا كانت فعالة في بعض الظروف فلأنها استطاعت أن تتمتع بخاصية القداسة عند أهل العصر.
لقد أودعت أوربة القرن التاسع عشر قدرها في ثلاث كلمات: العلم، التقدم، الحضارة. فكانت هذه أفكار اً مقدسة سمحت لها أن ترسي داخل حدودها قواعد حضارة القرن العشرين، وأن تبسط خارج حدودها سلطتها على العالم. وحتى قيام الحرب العالمية الأولى، لم تفلح أيّة (هرطقةٍ) ولم تتكن أية معارضةٍ من مواجهة هذه الأفكار.
لقد كانت فعالة! لا فرق أصحيحة هي أم باطلة طالما كلٌّ ينحني للقانون الأكثر فعالية والأقوى.
واليوم ماذا بعد الحربين العالميتين؟ لا أحد ينكر قوة هذه الأفكار في عالم الأشياء، لكنّ العالم كلّه اليوم وأوربة على الأخص تضع خصائص قدسية هذه الأفكار موضع بحث وتمحيص .. ؛ حتى بعد الدقائق الخفاقة التي عاشتها الإنسانية جمعاء حين حطّ رواد الفضاء أرجلهم على سطح القمر (1).
لكن حينما يوضع الطابع المقدس لفكرةٍ ما للمناقشة الدقيقة فذلك ليس فيه ما يشين. فها هو الفيزيائي الفرنسي (بواس bouss) لم يقبل حتى وفاته بنظرية (أينشتاين) حول النسبية. لكن ذلك لم يغض من شأنه في نظر الجامعة الفرنسية. إنما يصبح مدعاةً للسخرية حين ينكر فعالية فكرة فعّالة، صائبة كانت أم خاطئة.
ففي بداية العصر القرآني وحتى في أوج الحضارة الإسلامية كان يمكن لسوء
(1) كانت أول رحلة فضائية وطئت فيها قدم إنسان سطع القمر في (21) تموز/ يوليو من سنة (1969). وكان ذلك في رحلة (أبولو 11) التي كان قائدها رائد الفضاء الأمريكي (نيل أرمسترونغ: المولود في ولاية أوهايو الأمريكية سنة 1930).
نية أو لعمًى في البصيرة إنكار أصالة الفكرة الإسلامية. وحتى أتباع الفكرة الإسلامية لم يكونوا بعد الفترة المحمدية متفقين في تنظيمها الفقهي، فكان منهم السنّة والشيعة، والخوارج. لكن طابع الفكرة الإسلامية الآمر تزايد مع انتصارات السلطة السياسية، يعني فعاليتها. التي حددت ذلك المنطق العملي الذي استخدمه رُسُل عمر مع (رستم) قائد جيش الفرس عشية موقعة القادسية.
والانتصارات الباهرة التي أرست قواعد السلطة السياسية للامبراطورية الإسلامية قد نمَّت أيضاً منطق الفعالية. وهي في الوقت ذاته زادت من تعميق مفهوم أصالة الحقيقة الإسلامية في نفوس المسلمين، حتى إنه في عصر المأمون؛ وبينما كانت الحضارة تفيض على العالم بأنوارها التي كانت تسطع في بغداد وقرطبة، كان لا يزال في الإمكان قبول أو إنكار أصالة الحقيقة الإسلامية، والتي كانت بالتالي موضوع مناقشة وجدلٍ مع النصارى والصابئين في بلاط الخليفة. وفي حضوره. إنما لم يكن باستطاعة أحدٍ أن ينكر فعاليتها، من غير أن يكون مَحلاًّ للسخرية. ثم امتدت القرون في تلك المرحلة الأفقية من التاريخ حيث لا تملك السموّ أكثر من ذلك، وإنما السير بعيداً إلى منحدر أفولها.
وفي هذا العصر حيث كانت الشمس في مغيبها كانت لا تزال العبقرية الإسلامية تخرج أروع الأعمال: الغزالي، وابن رشد.
وحينما أفَلَت الشمس في (بغداد) سطع فجر مزيف في (سمرقند) مع ملحمة (تيمورلنك)(1). ولقد كان من أصالة الفكرة الإسلامية النافذة أن
(1) تيمورلنك قائد مغولي، ولد في سمرقند سنة (1336) م. وتوفي سنة (1405) م. في سنة (1363) انقضّ على منغوليا وأعلن نفسه ملكاً. وفي سنة (1388) أعلن هديه للإسلام ونصّب نفسه سلطاناً مسلماً وبدأ غزو آسيا الوسطى، وإيران، والعراق، وسورية، وتركيا. فانتصر على بايزيد الأول في أنقرة سنة 1403م. هذا ويعدّ الغزو المغولي لبغداد الخطوة الأولى في أفول الحضارة الإسلامية وانحدارها.
استمرت في كسب الأتباع، في إيمان شعوبٍ بأكملها بالإسلام بعد سقوط القسطنطينية عام (1453)(1). لكن فعاليتها ذهبت تخمد شيئاً فشيئاً طوال عصر ما بعد الموحدين، إلى اللحظة التي فيها دقت ساعة الاستعمار في العالم.
لقد بدأ الاحتكاك العنيف مع الحضارة الجديدة والضمير الإسلامي في أسوأ شروطه، فأوربة رجَّحت قيم الفعالية على قيم الأصالة في أسلوبها الاستعماري.
ومنذ ذلك الحين أضحى لعالمها الثقافي وجهان:
وجهٌ يلتفت إلى ذاتها بأخلاقيته الخاصة به، ووجهٌ يتَلَفَّتُ نحو العالم، وهَمُّه الوحيد الفعاليّة. والنخبة المسلمة التي تكونت عبر الجامعات الأوروبية لم تر غير وجهٍ واحدٍ، أمّا وجهها الآخر فقد حُجب عنها؛ كما يُحجب وجه القمر الآخر عن سكان الأرض.
من هنا كان في تكوينها خلطٌ يرثي له بين مظهرين متميزين لفكرةٍ واحدة: أصالتها، وفعاليتها. وهذا الخلط في نفسية النخبة المسلمة الحاضرة: هو النواة التي حولها تتجمع سائر دسائس ومناورات الصراع الفكري.
والأساتذة الكبار الذين يمسكون بأسرار ووسائل هذا الصراع: يعرفون تماماً كيف يستفيدون من هذا اللبس؛ حين يقابلون أمام أنظار شبابنا الجامعي بين أصالة الفكرة الإسلامية وفعاليتها.
ويصبح متوسط الدخل الفردي الحجة الأقوى في منطق الفعالية، والذي به
(1) القسطنطينية- أو كما تدعى اليوم (استنبول) في تركيا- مدينة أنشأها الامبراطور الروماني قسطنطين الأول (أو قسطنطين الأكبر) سنة (324 - 330) م. فتحها السلطان العثماني محمد الثافي (1451 - 1481 م)، وذلك في (29) أيار/ مايو من سنة (1435) م. لُقِّب بمحمد الفاتح لنجاحه في دخول هذه المدينة. وقد تابع بعد انتصاره هذا معارك عديدة، وقام بفتوحات كثيرة في أواسط أوربة (مثل النمسا والمجر).
يتوسلون لهدم أصالة الفكرة الإسلامية في عقل المثقف المسلم.
هذه الخدعة تستخدم اليوم بعمق؛ حتى في دراسات الشباب المثقف العربي، بتوجيه مباشير أو غير مباشبر من قبل (الأساتذة) في الجامعات الأوروبية (1).
لكن اليقظة الإسلامية ليست بنت الأمس. ففي القرن الماضي أثبت عبد الله النديم سفسطة منطق الفعالية؛ الذي يتوسل به المستعمرون الأوروبيون لإدخال مركب النقص في النفس الإسلامية عندما قال: ((لو أنكم كنتم مثلنا لتصرفتم كما نتصرف)) (2).
وإذ يضع عبد الله النديم هذه العبارة البسيطة في فم أوربة؛ فإنه يذهب إلى أبعد من مجرد كشف الحيلة التي تقوم على المقابلة بين الفعالية والأصالة؛ والتي تلجأ إليها أوربة (في كل مرة تشرع في عمل تمليه التسلطية الاستعمارية المدنية أو التوسع الديني).
ويبقى الاعتقاد بأن العقول كانت أكثر صفاءً زمن هذا الثوري الرائد؛ الذي واصل نقده فانتهى إلى نتيجة جديرة بتذكير الجيل الحاضر: ((وبهذا التصرف يهدف هؤلاء الغربيون إلى إبقاء الشرقيِّ في قبضة الغربيّ بدافع الحاجة، والإبقاء على الشرق كحقل يجري فيه التنافس بين الأوروبيين)).
وبعد قرب من الزمان لا زالت هذه الفكرة راهنةً؛ خصوصاً بعد تفاقم الصراع الإيديولوجي اليوم بإدخال تقنية القرن العشرين العالمية في أسلوبه، ولوهن الذي أورثه التطور غير المراقب عبر هذا القرن في عالمنا الثقافي.
ففي زمن عبد الله النديم القلعة هوجمت من الخارج: محتلٌ أراد أن يحتلّ
(1) انظر دراستنا "إنتاج المستثرقين وتأثيره على الفكر الإسلامي الحديث" طبعة الجزائر (1967).
(2)
Anouar Abdelmalek Anthologie de Ia Iitterature arabe contemporaine Paris Ed، du Seuil p47،49
بأفكار هـ ليثبِّت عبر أسسٍ إيديولوجية سلطته الاستعمارية.
أما اليوم فالمعركة من الداخل وبين جدران القلعة، بين أولئك الذين يريدون الدفاع عن القلعة والذين يريدون تسليمها إلى الأفكار الأجنبية.
وهنالك الكثير بين المثقفين المسلمين الذين يفتنون بالأشياء الجديدة، وبالتالي يسحرون بمنطق الفعالية، ولا يميزون بين حدود توافقها مع مهام مجتمع يريد أن ينهض دون أن يفقد هويته.
فهؤلاء المفكرون يخلطون بين أمرين: الانفتاح الكامل على كل رياح الفكر، وبين تسليم القلعة للمهاجرين كما يفعل الجيش الخائن.
هؤلاء الذين مردوا بإدمانٍ على تقليد الآخرين: ليس لديهم أي مفهوم عن ابتكار هذا الغير، ولا عن دوافع هذا الابتكار، عن تكاليفه في جميع المجالات التي يقلدونهم فيها، وكان الأجدر بهم أن يبتكروا هم أنفسهم وفق دوافعهم الخاصة بدل أن يقلدوا.
ويجب أن نلاحظ أن هذا التقليد ليس تقليداً لفعالية أي مجتمع دينامي، كما فعلت اليابان مثلاً، ولكنه تقليدٌ لقالب فلسفيٍّ يصبح دفعةً واحدة منطقاً معادياً للإسلام. إنهم يختارون (الماركسية) وعلى الخصوص (التروتسكية)(1)،
(1) تروتسكي والتروتسكية Leon Trotsky (1879 - 1940) : منظرٌ شيوعيٌ، ومناضل سياسي روسي، يتحّدر من البورجوازية الإسرائيلية السوفيتية: شارك في ثورة بترسبورغ عام (1905) وأعلن نظرية (الثورة المستديمة) التي تضع مقاليد السلطة والحكم بأيدي البروليتاريا، وتلحّ على ثورة البروليتاريا الأوربية وأسس جريدة (البرافدا)(- وتعني الحقيقة-) في منفاه في النمسا (عام 1908)، وناضل ضد البلشفية لأجل تحقيق وحدة الديمقراطية الاجتماعية. وحينما عاد إلى روسيا عام (1917) انضم إلى جماعة البلشفييّن، وبعد الثورة الشيوعية أصبح تروتسكي مفوض الشعب للشؤون الخارجية، وحين عيّن مفوضاً للشؤون الحربية قام بتنظيم (الجيش الأحمر) عام (1918 - 1920)، ثم (جيوش العمل) عام =
يضعون عليها سمة الماوية ليدخلوا الإعجاب في عيون المتفرجين.
على كل حالي فإن حالتهم تفرض علينا أمثولة. فالعالم الثقافي في البلاد الإسلامية ليس فقط المسرح الذي يدور عليه الصراع بين الفكرة والشيء والفكرة والوثن.
إنه أيضاً الحلبة التي ينبغي فيها الانتصار في صراع يفرض منطلق الفعالية، فالفكرة الإسلامية لكي تقارع الأفكار الفعالة للمجتمعات المتحركة في القرن العشرين عليها أن تستعيد فعاليتها الخاصة، أي أن تأخذ مكانها من جديد وسط الأفكار التي تصنع التاريخ.
= (1920)، ثم نجده بعد موت لينين يعارض سياسة ستالين في بناء الاشتراكية الروسية منفرداً وبمعزلٍ عن الثورات الخارجية، فنُحِّي عن منصبه وطرد من الحزب (عام 1927). ونفي إلى منطقة كازاخستان، ومن بعدها طرد إلى خارج الاتحاد السوفيتي عام (1929)، فقضى ما تبقى من حياته متنقِّلاً بين القسطنطينية وفرنسا والنروج والمكسيك، حتى اغتياله عميل ستاليني عام (1940). من أهم أعماله: دفاع عن الإرهاب (1920)، حياتي (1929)، والثورة المستديمة (1905).