المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في المعجزات - مصابيح السنة - جـ ٤

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌7 - باب صفة النار وأهلها

- ‌8 - باب خلق الجنّة والنار

- ‌9 - باب بدء الخلق وذكر الأنبياء عليهم السلام

- ‌[27 - كتاب الفضائل والشمائل]

- ‌1 - بابُ فَضَائِلِ سَيِّدِ الْمرْسَلِينَ صَلَوَات اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌2 - بابُ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ عليه السلام وَصِفَاتُهُ

- ‌3 - بابٌ في أَخْلاقِهِ وشَمَائِلِهِ عليه السلام

- ‌4 - بابُ المَبْعَثِ وَبِدْءِ الوَحْيِ

- ‌5 - بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ

- ‌فصل في المِعْرَاجِ

- ‌فصل في المُعْجِزَاتِ

- ‌6 - بَابُ الكَرَامَاتِ

- ‌7 - بَابُ الهِجْرَةِ

- ‌8 - باب

- ‌[28 - كتاب المناقب]

- ‌1 - بَابٌ في مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ وَذِكْرِ القَبَائِلِ

- ‌2 - بابُ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌3 - بابُ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه

- ‌4 - بَابُ مَنَاقِب عُمَرَ بنِ الخَطَّاب رضي الله عنه

- ‌5 - بابُ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌6 - بَابُ مَنَاقِبِ عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌7 - بابُ مَنَاقِبِ هؤلاءِ الثَّلاثَةِ رضي الله عنهم

- ‌8 - بابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبِ رضي الله عنه

- ‌9 - بابُ مَنَاقِبِ العَشرَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

- ‌10 - بابُ مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - بابُ مَنَاقِبِ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - بَابُ جَامِعِ المَنَاقِبِ

- ‌13 - بابُ ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّأْمِ وَذِكرِ أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌14 - بابُ ثَوَابِ هَذِهِ الأُمَّةِ

- ‌فهرس الأطوال والأوزان والمكاييل والنقود الإِسلامية

- ‌ثبت‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌(ج)

- ‌ح

- ‌(خ)

- ‌د

- ‌(ذ)

- ‌ز

- ‌ر

- ‌س

- ‌ص

- ‌(ش)

- ‌(ط)

- ‌ع

- ‌غ

- ‌(ف)

- ‌ك

- ‌ق

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌و

- ‌ه

- ‌ي

الفصل: ‌فصل في المعجزات

‌فصل في المُعْجِزَاتِ

[مِنَ الصِّحَاحِ:]

4582 -

عن أنس بن مالِك رضي الله عنه، أنَّ أبا بَكْر الصِّدِّيق قال:"نَظرتُ إلى أقدامِ المشركينَ على رُؤوسِنا ونحنُ في الغار، فقلتُ: يا رسولَ اللَّه لوْ أنَّ أحدَهُمْ نظرَ إلى قَدمِهِ أبْصَرَنا فقال: يا أبا بَكْرٍ ما ظنُّكَ باثنينِ اللَّه ثالِثُهُما"(1).

4583 -

وقال البَراء بن عازِب لأبي بَكْر (2): "يا أبا بَكْرٍ حدِّثْنِي كيفَ صَنَعْتُما حِينَ سَرَيْتَ معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: أسْرَيْنا لَيْلَتَنا ومِنَ الغدِ حتَّى قامَ قائِمُ الظَّهيرَةِ وخَلا الطريق لا يَمُرُّ فيهِ أحدٌ، فرُفِعَتْ لنا صَخرةٌ طويلةٌ لها ظِلٌّ لمْ تأتِ عليهِ الشَّمسُ، فنزَلْنا عِندَهُ، وسَوَّيْتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم مكانًا بيدِي فنامَ عليهِ، وبَسَطْتُ عليهِ فَرْوَةً (3) وقلتُ: نَمْ يا رسولَ اللَّه وأنا أنفُضُ ما حَوْلَكَ، فنامَ وخرجتُ أنفُضُ ما حَوْلَهُ، فإذا أنا براعٍ مُقبلٍ، قلتُ: أفي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قال: نعمْ، قلتُ: أفتَحلِبُ لي؟ قال: نعمْ، فأخذَ شاةً فحلبَ في قَعْبٍ كُثْبةً منْ لَبَنٍ، ومعِي إدواةٌ حَملتُها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْتَوِي فيها، يَشربُ (4) ويتوضّأ، فأتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُ، فوافَقْتُهُ حتَّى اسْتَيْقظَ، فصَبَبْتُ مِنَ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 8، كتاب فضائل الصحابة (62)، باب مناقب المهاجرين وفضلهم (2)، الحديث (3653)، ومسلم في الصحيح 4/ 1854، كتاب فضائل الصحابة (44)، باب من فضائل أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه (1)، الحديث (1/ 2381).

(2)

كذا في المطبوعة، والحديث قد أخرجه البخاري ومسلم من رواية البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:"جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي، قال: فحملته معه، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر حدِّثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . .".

(3)

تصحفت في المطبوعة إلى: (بردة) والتصويب من المخطوطة وصحيحي البخاري ومسلم.

(4)

تصحفت في المخطوطة إلى (ويشرب) والتصويب من المطبوعة وصحيح البخاري.

ص: 84

الماءِ على اللَّبَنِ حتَّى برَدَ أسفَلُهُ، فقلتُ: اشرَبْ يا رسولَ اللَّه، فشَرِبَ حتَّى رضيتُ، ثمَّ قال: ألَمْ يَأْنِ للرَّحيلِ؟ قلتُ: بلَى [قال](1): فارتحَلْنا بعدَ ما مالَتِ الشَّمسُ، واتَّبَعَنا سُراقَةُ بنُ مالكٍ، فقلتُ: أُتِينا يا رسولَ اللَّه، فقال: لا تَحزَنْ إنَّ اللَّه مَعنا. فدَعا عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فارتَطَمَتْ بهِ فرَسُهُ إلى بَطنِها في جَلَدٍ مِنَ الأرض، فقال: إنِّي أراكُما دعوتُما عليَّ فادعُوَا لي فاللَّهُ لكُما أنْ أرُدَّ عنكُما الطَلَب فدَعا لهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَنجا، فجعلَ لا يَلقَى أحدًا إلَّا قال: كُفيتُمْ ما هُنَا، فلا يَلقَى [أحدًا](1)، إلَّا ردَّهُ" (2).

4584 -

وقال أنس رضي الله عنه: "سمعَ عبدُ اللَّه بنُ سَلامٍ بمقدَمِ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليّ وسلم [وهوَ](3) في أرضٍ يَخْترِفُ، فَأتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: إنِّي سائِلُكَ عنْ ثلاثٍ لا يعلَمُهُنَّ إلّا نبيٌّ: فما أوّلُ أشراطِ الساعةِ؟ وما أوّلُ طعامِ أهلِ الجنَّةِ؟ وما يَنْزِعُ الولدَ إلى أبيهِ أوْ إلى أُمِّهِ؟ قال (4): أخبَرنِي بهنَّ جِبريلُ آنِفًا، أمّا أوّلُ أشراطِ الساعةِ فنارٌ تحشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ، وأما أولُ طعامٍ يأْكُلُهُ أهلُ الجنَّةِ فزيادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وإذا سبقَ ماءُ الرجلِ ماءَ المرأةَ نَزَعَ الوَلدَ، وإذا سبقَ ماءُ

(1) ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، وهي موجودة عند البخاري.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 622، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوّة في الإسلام (25)، الحديث (3615)، ومسلم في الصحيح 4/ 2309 - 2310، كتاب الزهد والرقائق (53)، باب في حديث الهجرة، ويقال له: حديث الرَّحْل (19)، الحديث (75/ 2009)، قوله:"أنفض ما حولك" أي أحرس وأطوف حولك، هل أرى أحدًا من الطّلب. والقعْب: القدح الصغير. وقوله: "كُثبة من لبن" أي قليل منه، وكل ما جمعته من طعام أو غيره بعد أن يكون قليلًا فهو كُثبة، والجمع كُثَب. والجلد: الأرض الغليظة الصلبة. وقوله "ارتطمت به فرسه" أي ارتبكت، يقال: ارتطم الحمار في الوحل، أي ساخ فيه (البغوي، شرح السنة 13/ 370، كتاب الفضائل، باب الهجرة).

(3)

ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، وهي عند المؤلف في شرح السنة 13/ 372، وعند البخاري.

(4)

في المطبوعة: (فقال) والتصويب من المخطوطة وشرح السنة وصحيح البخاري.

ص: 85

المرأةِ نَزَعَتْ، قال: أشهدُ أنْ لا إله إلَّا اللَّه وأنَّكَ رسول اللَّه، يا رسولَ اللَّه إنَّ اليهودَ قومٌ بُهْتٌ (1) وإنَّهُمْ إنْ يَعلموا بإسلامِي قبلَ أن تسألَهُمْ يَبْهتوني. فجاءَت اليهودُ، فقال: أيُّ رجلٍ عبدُ اللَّه فيكُمْ؟ قالوا: خَيْرُنا وابنُ خَيْرِنا (2) وسيِّدُنا وابنُ سيِّدِنا، قال: أرأَيْتُمْ إنْ أسلَمَ عبدُ اللَّه بنُ سَلامٍ؟ قالوا: أعاذَهُ اللَّه منْ ذلكَ، فخرجَ عبدُ اللَّه فقال: أشهدُ أن لا إله إلَّا اللَّه وأنَّ محمدًا رسولُ اللَّه، فقالوا: شَرُّنا وابنُ شَرِّنا، فانتقَصُوهُ (3) قال (4): هذا الذي كنتُ أخافُ يا رسولَ اللَّه" (5).

4585 -

وقال أنس رضي الله عنه: "إنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم شاوَرَ (6) حينَ بلَغَنا إقْبالُ أبي سُفْيانَ. فقامَ سعدٌ بنُ عُبادَةَ فقال: يا رسول اللَّه والّذِي نفسِي بيدِهِ لوْ أمَرْتَنَا أنْ نُخِيضَها البحرَ لأخَضْناها، ولوْ أمَرْتَنا أنْ نَضْرِبَ أكبادَها إلى بَرْكِ الغِمادِ لفعَلْنا. قال: فندَبَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فانطلَقُوا حتَّى نزَلُوا بَدْرًا. فقالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذا مَصْرَعُ فلانٍ. ويَضعُ يَدهُ على الأرضِ ها هنا وها هنا، قال: فما ماطَ أحدُهُمْ عن مَوْضِعِ يَدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم"(7).

(1) قَوْمٌ بُهْتٌ: جمع بهوت من بناء المبالغة في البهتان.

(2)

وردت في المخطوطة والمطبوعة "حبرنا وابن حبرنا" والتصويب من شرح السنة للمؤلف وصحيح البخاري.

(3)

فانتقصوه: من النقص أي العيب.

(4)

في المطبوعة: (فقال)، والتصويب من المخطوطة وشرح السُّنَّة وصحيح البخاري.

(5)

أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 362، كتاب أحاديث الأنبياء (60)، باب خلق آدم وذرِّيَّته (1)، الحديث (3329)، وفي 7/ 272، كتاب مناقب الأنصار (63)، باب (51)، الحديث (3938) وفي 8/ 165، كتاب التفسير (65)، سورة البقرة (2)، باب قوله:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [الآية (97)](6)، الحديث (4480)، قوله:"يخترف" أي يجتني من الفواكه. وقوله: "وما ينزع الوَلَد" أي: وما يشبهه.

(6)

في المطبوعة: (شَاوَرَنَا) والتصويب من المخطوطة، وصحيح مسلم.

(7)

أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1403 - 1404، كتاب الجهاد (32)، باب غزوة بدر (30)، الحديث (83/ 1779)، قوله:"أنَّ نُخيضها" يعني الخيل. ونضرب أكبادها: تكليف الدابة =

ص: 86

4586 -

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنه "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ وهوَ في قُبّةِ [أدَمٍ] (1) يومَ بَدْرٍ: اللَّهمَّ أَنشُدُكَ عهدَكَ ووعدَكَ، اللَّهمَّ إنْ تَشأُ لا تُعبَدْ بعدَ اليومِ: فأخذَ أبو بَكْرٍ بيَدِهِ فقالَ: حَسْبُكَ (2) يا رسولَ اللَّه ألْحَحْتَ على ربِّك، فخرجَ وهوَ يَثبُ في الدِّرْعِ وهوَ يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (3) "(4).

4587 -

وعن ابن عباس رضي الله عنه "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ يومَ بَدْرٍ: هذا جِبريل آخِذٌ برأسِ فرَسهِ عليهِ أداةُ الحرب"(5).

4588 -

وقال ابن عباس رضي الله عنه: "بَيْنما رجلٌ مِنَ المسلمينَ يومئذٍ يَشتَدُّ في أثَرِ رجلٍ مِنَ المشركينَ أمامَهُ إذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بالسَّوْطِ فَوقَهُ: وصَوْتَ الفارِسِ يقول: أقْدِمْ حَيْزومُ، إذْ نظرَ إلى المشركِ أمامَهُ خَرَّ مُسْتلقيًا، فنظرَ إليهِ فإذا هوَ قدْ خُطِمَ أنفُهُ وشُقَّ وجهُهُ كضَرْبةِ السَّوْطِ، فاخْضَرَّ ذلكَ

= بالسير بأبلغ ما يمكن. و"برك الغماد" هو موضع من وراء مكّة، بخمس ليال بناحية الساحل وقيل بلدتان. وندب: دعا. و"ماط" أي تباعد (النووي، شرح صحيح مسلم 12/ 124 - 126).

(1)

ساقطة من المخطوطة، وليست عند البخاري. وقبة الأدم هي البنيان، وتطلق على الشيء المدور.

(2)

العبارة في مخطوطة برلين (حَسْبُك اللَّه)، وما أثبتناه من المطبوعة، وهو لفظ المؤلف في شرح السنة 13/ 378، ولفظ البخاري.

(3)

سورة القمر (54)، الآية (45).

(4)

أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 99، كتاب الجهاد (56)، باب ما قيل في درع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم (89)، الحديث (2915)، وفي 7/ 287، كتاب المغازي (64)، باب قول اللَّه تعالى:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال (8)، الآية (9)](4)، الحديث (3953)، وفي 8/ 619، كتاب التفسير (65)، سورة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} - القمر- (54)، باب قوله:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (5)، الحديث (4875).

(5)

أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 312، كتاب المغازي (64)، باب شهود الملائكة بدرًا (11)، الحديث (3995).

ص: 87

أجْمَعُ، فجاءَ الأنصاريُّ فحدَّثَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: صَدَقْتَ، ذلكَ منْ مَدَدِ السَّماءِ الثالِثةِ" (1).

4589 -

وقال سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه: "رأيتُ عنْ يَمينِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وعَنْ شِمالِه يومَ أُحُدٍ رجلَيْنِ عليهِما ثِيابٌ بِيضٌ يُقاتِلانِ كأشَدِّ القِتالِ، ما رأَيْتُهُما قبلُ ولا بعدُ، يَعني جِبريلَ ومِيكائِيلَ"(2).

4590 -

وعن البَراء قال: "بَعثَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا إلى أبي رافِعٍ فدخلَ عليهِ عبدُ اللَّه بنُ عَتِيكٍ بيتَهُ ليلًا وهوَ نائِمٌ فقتَلَهُ، فقالَ عبدُ اللَّه بنُ عَتِيكٍ: فوضعْتُ السيفَ في بطنِه حتَّى أخذَ في ظهرِهِ فعرَفْتُ أنِّي قتلتُهُ، فجعلتُ أفتحُ الأبوابَ حتَّى انتهَيْتُ إلى درجةٍ فوضعْتُ رِجلي فوقعْتُ في ليلةٍ مُقْمِرَةٍ، فانكسَرَتْ ساقي، فعصَبْتُها بِعمامةٍ، فانطلَقْتُ إلى أصحابي فانتَهَيْتُ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فحدَّثتُهُ فقال: ابْسُطْ رِجلَكَ فبسَطْتُ رِجلي فمسَحَها، فكأنَّما [لمْ](3) أشتَكِها قطُّ (4).

(1) أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1384، كتاب الجهاد (32)، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر (18)، الحديث (58/ 1763)، وحَيْزوم: هو اسم فرس الملك، والخطم: الأثر على الأنف (النووي، شرح صحيح مسلم 12/ 85 - 86).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 358، كتاب المغازي (64)، باب:{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران (3)، الآية (122)](18)، الحديث (4054)، ومسلم في الصحيح 4/ 1802، كتاب الفضائل (43)، باب في قتال جبريل وميكائيل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد (10)، الحديث (46/ 2306).

(3)

ساقطة من المخطوطة.

(4)

أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 155، كتاب الجهاد (56)، باب قتل النائم المشرك (155)، الحديث (3022)، وفي 7/ 340 - 342، كتاب المغازي (64)، باب قتل أبي رافع عبد اللَّه ابن أبي الحُقيق. . . (16)، الحديث (4038) و (4039) و (4040).

ص: 88

4591 -

وقال جابر: "إنَّا يومَ الخَنْدَقِ نَحفِرُ فعرَضَتْ (1) كُدْيَةٌ شديدةٌ، فجاءُوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذِه كُدْيَةٌ عَرضَتْ في الخَنْدَقِ، فقال: أنا نازِلٌ: ثمَّ قامَ وبطنُهُ مَعصوبٌ بحجَرٍ، ولَبِثْنا ثلاثةَ أيّامٍ لا نَذوقُ ذَواقًا، فأخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المِعْوَلَ فضربَ فعادَ كَثيبًا أهْيَلَ، فانْكَفأْتُ إلى امرأَتِي فقلتُ: هلْ عِندَكِ شيءٌ فإنِّي رأيتُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شديدًا، فأخرجَتْ جِرابًا فيهِ صاعٌ مِنْ شَعيرٍ، ولنا بُهَيْمةٌ داجِنٌ فذبَحْتُها، وطَحنَتِ الشَّعيرَ، حتَّى جَعلْنا اللَّحْمَ في البُرْمَةِ، ثمَّ جِئت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فسارَرْتُهُ فقلتُ: يا رسولَ اللَّه ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لنا وطَحَنَتْ صاعًا مِنْ شَعيرٍ، فتعالَ أنتَ ونَفَرٌ معَكَ فصاحَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا أهلَ الخَنْدَقِ إنَّ جابِرًا صَنَع سُورًا فَحَيَّ هَلا بكُمْ. فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تُنْزِلنَّ بُرْمَتَكُمْ ولا تَخْبِزُنَّ عَجينَكُمْ حتَّى أَجِيءَ. وجاءَ فأخرَجَتْ لهُ عَجينًا فبَصق (2) فيهِ وباركَ، ثمَّ عَمَدَ إلى بُرْمَتِنا فبَصقَ (2) وباركَ، ثمَّ قال: ادْعُ خابِزةً فلتَخْبِزْ معَكِ، واقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكمْ ولا تُنزِلوها. وهُمْ ألفٌ فأُقسِمُ باللَّه لأكَلوا حتَّى تَركوه وانحَرَفوا، وإنَّ بُرْمَتَنا لَتَغِطُّ كما هِيَ، وإنَّ عَجينَنا لَيُخْبَزُ كما هوَ"(3).

(1) العبارة في المخطوطة (فَعَرَضَتْ في الخندق)، والزيادة ليست في المطبوعة ولا في لفظ المؤلف في شرح السنة 14/ 5، ولا عند البخاري.

(2)

في المخطوطة (فَبَسَقَ)، والتصويب من المطبوعة وصحيح البخاري.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 395 - 396، كتاب المغازي (64)، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب (19)، الحديث (4101) و (4102)، ومسلم في الصحيح 3/ 1610 - 1611، كتاب الأشربة (36)، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك. . . (20)، الحديث (141/ 2039). خَمصًا: هو بفتح الخاء والميم أي رأيته ضامر البطن من الجوع. والجِراب: وعاء من جلد. والصاع = 2.751 كلغ تقريبًا. والداجن: ما ألف البيوت. والسور: بضم السين وإسكان الواو غير مهموز وهو الطَّعام الذي يدعى إليه، وقيل الطَّعام مطلقًا، وهي لفظة فارسية. وقوله "اقدحي من برمتكم" أي اغرفي والقدح المغرفة. =

ص: 89

4592 -

وقال أبو قتادة: "إنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ لِعمَّارٍ حِينَ يَحفِرُ الخَنْدَقَ، فجَعلَ يَمسحُ رأسَهُ ويقول: بُؤْسَ ابنِ سُمَيَّةَ، تَقتُلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ"(1).

4593 -

وقال سُلَيمان بن صُرَد: "قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُجْلِيَ الأحزابُ عنهُ: الآنَ نَغزوهُمْ ولا يَغزونَنا، نحنُ نَسيرُ إليهِمْ"(2).

4594 -

وقالت عائشة رضي الله عنها: "لمَّا رجعَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِنَ الخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاحَ واغْتَسلَ، أتاهُ جِبريلُ وهو يَنْفُضُ رأسَهُ مِنَ الغُبارِ، فقالَ: قَدْ وضعْتَ السِّلاحَ، واللَّهِ ما وضعتهُ اخرُجْ إليهِمْ. قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: فأيْنَ؟ فأشارَ إلى [بَني] (3) قُرَيْظَة"(4).

= وقوله: "حتَّى تركوه وانحرفوا" أي شبعوا وانصرفوا. وقوله: "تغِطّ" أي تغلي ويسمع غليانها (النووي، شرح صحيح مسلم 13/ 215 - 217). الكُدْية: هي القطعة الصلبة الصمّاء. وقوله: "كثيبًا أهيل" أي صار رملًا يسيل ولا يتماسك والبرمة: القدر. وقوله: "حيّ هلا بكم" هي كلمة استدعاء فيها حث؛ أي هلموا مسرعين (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 7/ 397 - 399).

(1)

أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن أبي قتادة رضي الله عنه في الصحيح 4/ 2235 - 2236، كتاب الفتن (52)، باب لا تقوم الساعة حتَّى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء (18)، الحديث (70/ 2915) و (71/ 2915) وأخرجه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بنحو لفظ المصنِّف في الصحيح 1/ 541، كتاب الصلاة (8)، باب التعاون في بناء المسجد (63)، الحديث (447).

(2)

أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 405، كتاب المغازي (64)، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب (19)، الحديث (4109) و (4110).

(3)

ساقطة من المطبوعة، وأثبتناها من المخطوطة، وهي في لفظ المؤلف في شرح السنة 14/ 9.

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 407، كنإب المغازي (64)، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب. . . (30)، الحديث (4117)، ومسلم في الصحيح 3/ 1389، كتاب الجهاد (32)، باب جواز قتال من نقض العهد. . . (22)، الحديث (65/ 1769).

ص: 90

4595 -

قال أنس: "كأنِّي أنظُرُ إلى الغُبارِ ساطِعًا في زُقاقِ بَني غَنْم مِنْ مَوْكِبِ جِبريلَ عليه السلام حِينَ سارَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى بني قُرَيْظَة"(1).

4596 -

وقال جابر رضي الله عنه: "عَطِشَ النَّاسُ يومَ الحُدَيْبِيَةِ ورسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بينَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فتَوضّأَ منها، ثمَّ أقبلَ النَّاسُ نحوَهُ، قالوا: ليسَ عندَنا ماءٌ نَتوضّأُ بهِ ونشربُ إلَّا ما في رَكْوَّتِكَ، فوَضَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ في الرَّكْوَة، فَجَعَلَ الماءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ العُيونِ، قال: فشَرِبْنا وتَوضّأْنا. قيلَ لجابرٍ: كَمْ كُنْتُم؟ قال: لوْ كُنَّا مِائةَ ألْفٍ لَكَفانا، كُنَّا خَمسَ عَشرةَ مِائةً"(2).

4597 -

وقال البَراء بن عازِب رضي الله عنه: "كُنَّا معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أربع عَشَرةَ مِائةً يومَ الحُدَيْبِيَة، والحُدَيْبِيَةُ بِئرٌ، فنَزَحْناها فلمْ نترُكْ فيها قَطْرةً، فبلَغَ ذلكَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأَتاها فجلَسَ على شَفِيرِها، ثُمَّ دَعا بإناءٍ مِنْ ماءٍ فتوضّأَ، ثمَّ مَضْمَضَ ودَعا، ثمَّ صَبَّهُ فيها، ثمَّ قالَ: دَعوها ساعةً. فأَرْوَوا أنفُسَهُمْ ورِكابَهُمْ حتَّى ارتَحلوا"(3).

(1) أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 407، كتاب المغازي (64)، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب. . . (30)، الحديث (4118).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 581، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوّة في الإسلام (25)، الحديث (3576)، وفي 7/ 441، كتاب المغازي (64)، باب غزوة الحديبية (35)، الحديث (4152)، واللفظ له. وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1484، كتاب الإمارة (33)، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال. . . (18)، الحديث (73/ 1856)، والركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء، والجمع رِكاء (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 2/ 261).

(3)

أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 581، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوّة في الإسلام (25)، الحديث (3577)، وفي 7/ 441، كتاب المغازي (64)، باب غزوة الحديببة (35)، الحديث (4150) و (4151). والنزح: هو أخذ الماء شيئًا بعد شيء إلى أن =

ص: 91

4598 -

وقال عِمْران بن حُصَيْن رضي الله عنه: "كُنَّا في سَفَرٍ مَعَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاشتَكَى إليهِ النَّاسُ مِنَ العَطشِ، فنزَلَ فدَعا فُلانًا (1) ودَعا عليًّا فقال: اذْهَبا فابتَغِيا الماءَ. فانطلَقا فلَقِيا امرأةً بينَ مَزادَتَيْنِ -أو سَطيحَتَيْنِ- منْ ماءٍ، فجاءا بها إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فاستَنْزَلوها عن (2) بَعيرِها، ودَعا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بإناءٍ ففرَّغَ فيهِ منْ أفواهِ المَزادَتَيْنِ، ونُودِيَ في النَّاسِ: اسْقوا واسْتَقوا، قال: فشَرِبنا عِطاشًا أربعينَ رجلًا حتَّى رَوِينا، فمَلأْنا كُلَّ قِرْبَةٍ معَنا وإداوَةٍ، وايمُ اللَّه لقدْ أُقلِعَ عنها وإنّهُ لَيُخيَّلُ إلَيْنا أنَّها أشدُّ مِلْأً منها حِينَ ابتَدأَ"(3).

4599 -

وقال جابر رضي الله عنه: "سِرْنا معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم حتَّى نَزَلنا وادِيًا أفْيَحَ، فذهبَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حاجتَهُ فلمْ يرَ شيئًا يَسْتتِرُ بهِ، وإذا شَجَرتانِ بشاطئِ الوادِي، فانطلَقَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى إحْداهُما فأخذَ بغُصْنٍ منْ أغصانِها فقال: انْقادِي عليَّ بإذنِ اللَّه. فانقادَتْ معهُ كالبَعيرِ المَخْشوشِ الذي يُصانِعُ قائِدَهُ

= لا يبقى منه شيء، والرِّكاب: الإبل التي يسار عليها (الحافظ ابن حجر، منح الباري 7/ 442)، وشفيرها: أي طرفها.

(1)

تصحفت في المخطوطة إلى (بلالًا) والتصويب من المطبوعة، وصحيح البخاري، قال الحافظ ابن حجر، في فتح الباري 1/ 451:(هو عمران بن حصين، ويدل على ذلك قوله في رواية سلم بن زرير عند مسلم: "ثم عجلني النبي صلى الله عليه وسلم في ركب بين يديه نطلب الماء").

(2)

كذا في المطبوعة، وفي المخطوطة:(مِنْ).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 447 - 448، كتاب التيمم (7)، باب الصعيد الطيّب وضوء المسلم يكفيه من الماء (6)، الحديث (344)، وفي 6/ 580، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإسلام (25)، الحديث (3571)، وأخرجه مسلم في الصحيح 1/ 474 - 475، كتاب المساجد (5)، باب قضاء الصَّلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (55)، الحديث (312/ 682)، والمزادة: هي أكبر من القربة، والمزادتان حمل البعير، سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها (النووي، شرح صحيح مسلم 5/ 190 - 191).

ص: 92

حتَّى أتى الشَّجَرَةَ الأُخرَى، فأخذَ بغُصْنٍ منْ أغصانِها فقال: انقادِي عليَّ بإذنِ اللَّه. فانقادَتْ معهُ كذلك، حتَّى إذا كانَ بالمَنْصَفِ ممَّا بينهُما قال: التَئِما عليَّ بإذنِ اللَّه. فالتَأَمَتا، فجلسْتُ أُحدِّثُ نفسِي، فحانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ فإذا أنا برسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم مُقبِلًا، وإذا الشَّجَرتانِ قدْ افْتَرَقَتَا، فقامَتْ كُلُّ واحِدةٍ منهُما على ساقٍ" (1).

4600 -

عن يزيد بن أبي عُبَيْد (2) رضي الله عنهما قال: "رأيتُ أثَرَ ضَرْبةٍ في ساقِ سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ رضي الله عنه فقلت: يا أبا مُسلمِ ما هذِه الضَّرْبةُ؟ قال: ضَرْبةٌ أصابَتْنِي يومَ خَيْبَرَ فقالَ النَّاسُ: أُصيبَ سلَمَةُ، فأتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فنَفثَ فيهِ (3) ثلاثَ نَفَثات، فما اشْتَكَيْتُها حتَّى الساعةَ"(4)

4601 -

وقال سهْل بن سعد رضي الله عنه: "قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يومَ خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ هذِه الرايةَ غدًا رجلًا يَفتحُ اللَّه على يَديهِ يُحبُّ اللَّه ورسولَهُ ويُحبُّهُ اللَّه ورسولُهُ. فلمَّا أصبحَ النَّاسُ غَدَوْا على

(1) أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 2306 - 2307، كتاب الزهد (53)، باب حديث جابر الطَّويل (18)، الحديث (74/ 3012)، وأفيح: أي واسعًا. وشاطئ الوادي: أي جانبه. والبعير المخشوش: هو الذي يجعل في أنفه خِشاش بكسر الخاء، وهو عود يجعل في أنف البعير إذا كان صعبًا ويشدّ فيه حبل ليذل وينقاد، وقد يتمانع لصعوبته فإذا اشتدّ عليه وآلمه انقاد شيئًا، ولهذا قال:"الذي يصانع قائده"(النووي، شرح صحيح مسلم 18/ 143).

(2)

هو شيخ شيخ البخاري، ذكره الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب 2/ 368، الترجمة (296)، وقال:(يزيد بن أبي عبيد الأسلمي، مولى سلمة بن الأكوع -الصحابي- ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع وأربعين ومائة، روي له الستة).

(3)

تصحفت في المطبوعة إلى (فيها) والتصويب من المخطوطة وصحيح البخاري.

(4)

أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 475، كتاب المغازي (64)، باب غزوة خيبر (38)، الحديث (4206). والنفث فوق النفخ ودون التفل، وقد يكون بغير ريق بخلاف التفل، وقد يكون بريق خفيف بخلاف النفخ (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 7/ 475).

ص: 93

رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال أَيْنَ عليُّ بنَ أبي طالِبِ؟ فقالوا: هوَ يا رسولَ اللَّه يَشْتَكِي عَيْنَهُ، فأُتِيَ بهِ، فبَصقَ في عَيْنهِ ودَعا لهُ فبرَأَ حتَّى [كأنْ](1) لَمْ يَكُنْ بهِ وجَعٌ، فأعطاهُ الرايةَ" (2).

4602 -

وقال أنس رضي الله عنه: "نَعى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا وجَعفرًا وابنَ رَواحةَ للناسِ قبلَ أنْ يأتيَهُمْ خبرُهُمْ فقال: أخذَ الرايةَ زَيْدٌ فأُصيبَ، ثمَّ أخذَ جعفَرٌ فأُصيبَ، ثمَّ أخذَ ابنُ رَواحَةَ فأُصيبَ، وعَيْناهُ تَذرِفان، حتَّى أخذَ الرايةَ سَيْفٌ منْ سُيوفِ اللَّه -يَعني خالدَ بنَ الوليدِ رضي الله عنه حتَّى فتحَ اللَّه عليهِم"(3).

4603 -

وقال عبّاس رضي الله عنه: "شَهِدتُ معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يومَ حُنَيْنٍ، فلمَّا الْتَقَى المسلمونَ والكُفَّارُ وَلَّى المسلمونَ مُدبِرينَ، فطفِقَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَرْكُضُ بَغلتَهُ قِبَلَ الكُفَّارِ وأنا آخِذٌ بلِجامِ بَغلةِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أكُفُّها إرادَةَ أن لا تُسرِعَ، وأبو سُفيانَ بنُ الحارِثِ رضي الله عنه (4) آخِذٌ برِكابِ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه

(1) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 111، كتاب الجهاد (56)، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإِسلام والنبوّة (102)، الحديث (2942)، وفي 7/ 476، كتاب المغازي (64)، باب غزوة خيبر (38)، الحديث (4210)، وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1872، كتاب فضائل الصحابة (44)، باب من فضائل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه (4)، الحديث (34/ 2406) وسيأتي هذا الحديث أيضًا برقم (4764).

(3)

أخرجه البخاري في الصحيح 3/ 116، كتاب الجنائز (23)، باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه (4)، الحديث (1246)، وفي 7/ 512، كتاب المغازي (64)، باب غزوة مُؤتة من أرض الشام (44)، الحديث (4262)، وزيد: هو زيد بن حارثة، وجعفر: هو ابن أبي طالب، وابن رواحة: هو عبد اللَّه بن رواحة. وهذه الغزوة غزوة مؤتة قرية بالشام وكانت في السنة الثامنة للهجرة وكان المسلمون ثلاثة آلاف والروم مع هرقل مائة ألف.

(4)

أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب هو ابن عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال جماعة من العلماء: اسمه هو كنيته، وقال آخرون: اسمه المغيرة (النووي، شرح صحيح مسلم 12/ 113).

ص: 94

وسلم، فنظرَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وهوَ على بَغلتِهِ كالمُتطاوِلِ عليْها إلى قِتالهِمْ فقال: هذا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ. ثُمَّ أخذَ حَصَياتٍ فرَمَى بهِنَّ وجُوهَ الكُفّارِ ثمّ قال: انهَزَموا ورَبِّ محمّدٍ فواللَّهِ ما هوَ إلَّا أنْ رَماهُمْ بحَصَياتِهِ، فما زِلْتُ أرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا وأمْرَهُمْ مُدبرًا" (1).

4604 -

وقيل للبَراءِ بنِ عازِبٍ رضي الله عنه: أفَرَرْتُمْ يومَ حُنَيْنٍ؟ قال: لا واللَّه ما ولَّى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولكنْ خرجَ شُبَّانُ أصحابهِ ليسَ عليهِمْ كثيرُ سِلاحٍ، فلَقُوا قَومًا رُماةً لا يَكادُ يَسقُطُ لهُمْ سَهْمٌ فرَشَقُوهُمْ رِشْقًا ما يَكادونَ يُخطِئونَ، فأقبَلُوا هُناكَ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على بَغلتِهِ البيضاء، وأبو سُفيانَ بنُ الحارِثِ رضي الله عنه يقودُهُ، فنزلَ واستنصَرَ وقال:

أنا النَّبيُّ لا كَذِبْ

أنا ابنُ عبدِ المُطّلِبْ

ثمَّ صَفَّهُمْ" (2).

(1) أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1398، كتاب الجهاد (32)، باب في غزوة حنين (28)، الحديث (76/ 1775)، وحنين: وادٍ بين مكّة والطائف وراء عرفات بينه وبين مكّة بضعة عشر ميلًا. والوطيس: قال الأكثرون هو شبه التنور يسجر فيه ويضرب مثلًا لشدّة الحرب التي يشبه حرّها حرّه، وقد قال آخرون: الوطيس هو التنور نفسه، وقال الأصمعي: هي حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد يطأ عليها، فيقال: الآن حمي الوطيس، وقيل هو الضرب في الحرب، وقيل هو الحرب الذي يطيس النَّاس أي يدقهم، وقالوا: وهذه اللفظة من فصيح الكلام وبديعه الذي لم يسمع من أحد قبل النَّبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: "فما زلت أرى حدّهم كليلًا" أي ما زلت أرى قوتهم ضعيفة (النووي، شرح صحيح مسلم 12/ 113 - 117).

(2)

متفق عليه، من رواية أبي إسحاق -عمرو بن عبد اللَّه السَّبيعي- قال: قال رجل للبراء: يا أبا عُمارة أفررتم يوم حنين؟. . . أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 105، كتاب الجهاد (56)، باب من صفَّ أصحابه عند الهزيمة. . . (97)، الحديث (2930)، وفي 8/ 27 - 28، كتاب المغازي (64)، باب قول اللَّه تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. . .} [التوبة: (9)، الآية (25)]، الحديث (4315) و (4316) و (4317). وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1400، كتاب الجهاد (32)، باب في غزوة حنين (28)، الحديث (78/ 1776)، =

ص: 95

4605 -

قال البراء: "كُنَّا واللَّه إذا احْمَرَّ البأسُ نتَّقِي بِهِ، وإنَّ الشُّجاعَ مِنّا لَلَّذِي يُحاذِي به، يَعني النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم"(1).

4606 -

وقال سلمة بن الْأَكْوَع رضي الله عنه: "غَزَوْنا معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا، فوَلَّى صَحابةُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلمَّا غَشُوا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم نزلَ عن البَغْلةِ ثُمَّ قبضَ قَبْضةً مِنْ تُرابٍ مِنَ الأرضِ ثمَّ استقبلَ بها وجوهَهُمْ، فقال: شاهَتِ الوُجوهُ. فما خلقَ اللَّه مَنهُمْ إنسانًا إلَّا ملأَ عَيْنَيْهِ تُرابًا بتلكَ القَبْضةِ، فوَلَّوْا مُدبِرينَ"(2).

4607 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: "شَهِدْنا معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا (3)، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لرجُلٍ ممّنْ معهُ يَدَّعِي الإِسلامَ: هذا منْ أهلِ النَّارِ. فلمَّا حضرَ القِتالُ قاتَلَ الرجُلُ مِنْ أشدِّ القِتالِ وكثُرَتْ بهِ الجِراح، فجاءَ رجلٌ فقال: يا رسولَ اللَّه أرأيتَ الذِي تُحدِّثُ أنّهُ منْ أهلِ النَّارِ، قد قاتَلَ في سبيلِ اللَّه منْ أشدِّ القِتالِ فكثُرَتْ بهِ الجِراحُ، فقال: أَمَا إنّهُ منْ أهلِ النَّارِ. فكادَ بعضُ

= ورَشْقًا: هو بفتح الراء وهو مصدر، وأمَّا الرِّشق بالكسر فهو اسم للسهام التي ترميها الجماعة دفعة واحدة. واستنصر: أي دعا (النووي، شرح صحيح مسلم 12/ 118).

(1)

أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1401، كتاب الجهاد (32)، باب في غزوة حنين (28)، الحديث (79/ 1776)، واحمرار البأس كناية عن شدة الحرب، واستعير ذلك لحمرة الدماء الحاصلة فيها في العادة، أو الاستعار الحرب واشتعالها كاحمرار الجمر (النووي، شرح صحيح مسلم 12/ 121).

(2)

أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1402، كتاب الجهاد (32)، باب في غزوة حنين (28)، الحديث (81/ 1777)، وقوله:"شاهت الوجوه" أي قبحت (النووي، شرح صحيح مسلم 12/ 122).

(3)

كذا في المخطوطة والمطبوعة وفي صحيح مسلم أيضًا "حنين"، قال النووي في شرح صحيح مسلم 2/ 122:

(كذا وقع في الأصول، قال القاضي عياض رحمه الله: صوابه خيبر بالخاء المعجمة)، وفي صحيح البخاري "خيبر".

ص: 96

المسلمينَ يَرتابُ، فبَيْنما هُمْ (1) عَلَى ذلكَ إذْ وَجَدَ الرجلُ ألَمَ الجِراحِ فَأَهْوَى بيَدِه إلى كِنانتِهِ فانتزَعَ سَهْمًا فانتحَرَ بهِ، فاشتد رِجالٌ مِنَ المسلمينَ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسولَ اللَّه صدَّقَ اللَّه حَديثَكَ، قد انتحَرَ فُلانٌ وقتلَ نفسَه فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّه أكبرُ أشهدُ أنِّي عبدُ اللَّه ورسولُهُ، يا بِلالُ قمْ فأذِّنْ: لا يَدخل الجنّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ، وإنَّ اللَّه لَيُؤيِّدُ هذا الدِّينَ بالرجُلِ الفاجِرِ" (2).

4608 -

عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: "سُحِرَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حتَّى أنّهُ لَيُخَيَّلُ إليهِ أنّه فعلَ الشيءَ وما فعلَهُ، حتَّى إذا كانَ ذاتَ يومٍ عندِي دَعا اللَّه ودَعاهُ، ثمَّ قال: أشَعَرْتِ يا عائشةُ أنَّ اللَّه قدْ أفتانِي فيما استفتَيْتُهُ، جاءَنِي رجُلانِ، جلسَ أحدُهُما عندَ رأْسِي والآخرُ عندَ رِجْلِي ثمَّ قالَ أحدُهُما لصاحبِهِ: ما وَجَعُ الرجُلِ؟ قال: مَطْبوبٌ، قال: ومَنْ طَبَّهُ؟ قال: لَبيدُ بنُ الأعْصَمِ اليهوديُّ، قال: فيماذا؟ قال: في مُشْطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قال: فأينَ هوَ؟ قال: في بئرِ ذَرْوانَ. فذهبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في أُناسٍ منْ أصحابِه إلى البئر فقال: هذِهِ البئرُ التي أُريتُها، وكأَنَّ ماءَها نُقاعَةُ الحِنّاءِ، وكأَنَّ نَخْلَها رؤوسُ الشياطينِ. فاستخرجَهُ"(3).

(1) تصحفت في المطبوعة إلى (هو)، والعبارة في المخطوطة:(فبينما هو ذلك) والتصويب من صحيحَيْ البخاري ومسلم.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 179، كتاب الجهاد (56)، باب إنّ اللَّه يؤيّد الدين بالرجل الفاجر (182)، الحديث (3062)، وفي 7/ 471، كتاب المغازي (64)، باب غزوة خيبر (38)، الحديث (4203) و (4204)، وفي 11/ 498، كتاب القدر (82)، باب العمل بالخواتيم (5)، الحديث (6606)، وأخرجه مسلم في الصحيح 1/ 105، كتاب الإِيمان (1)، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه. . . (47)، الحديث (178/ 111)، والكِنانة: أي الجعبة وهي ظرف السهم. وقوله "فاشتد رجال" أي أسرعوا.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 334، كتاب بدء الخلق (59)، باب صفة إبليس وجنوده (11)، الحديث (3268)، وفي 10/ 221، كتاب الطبّ (76)، باب السِّحْر (47)، الحديث (5763)، وفي 10/ 232 - 233، بساب هل يستخرج السِّحْر (49)، =

ص: 97

4609 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "بَيْنما نحنُ عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أتاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وهوَ رجلٌ منْ بَني تَميم، فقال: يا رسولَ اللَّه اعدِلْ، فقال: ويلَكَ فمَنْ يَعدِلُ إذا لمْ أعدِلْ، قدْ (1) خِبْتُ وخَسِرْتُ (2) [إنْ لمْ أكُنْ أعدِلُ] (3) فقال عمرُ: ائْذَنْ لي أضرِبْ عُنُقَهُ، فقال: دَعْهُ فإنَّ لهُ أصحابًا يَحقِرُ أحدُكُمْ صَلاتَهُ معَ صَلاتِهِمْ، وصِيامَهُ معَ صِيامِهِمْ، يَقرأُونَ القُرآنَ لا يجاوِزُ تَراقِيَهُمْ، يَمْرُقونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرقُ السهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ: يُنْظَرُ إلى نَصْلِهِ، إلى رِصافِهِ؛ إلى نَضِيِّهِ -وهو قِدْحِهِ-؛ إلى قُذَذِهِ فلا يُوجدُ فيهِ شيءٌ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ، آيتُهُمْ رجلٌ أسودُ إحدَى عضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المرأة، أو مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ،

= الحديث (5765)، وفي 10/ 235 - 236، باب السِّحْر (50)، الحديث (5766)، وفي 11/ 193، كتاب الدعوات (80)، باب تكرير الدعاء (57)، الحديث (6391)، وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1719 - 1720، كتاب السلام (39)، باب السِّحْر (17)، الحديث (43/ 2189)، قوله:"مطبوب" أي مسحور يقال طُبّ الرجل بالضم إذا سحر، فكنوا عن السحر بالطب تفاؤلًا كما كنوا بالسليم عن اللديغ. والمُشاطة: هي الشعر الذي يسقط من الرأس أو اللحية عند تسريحه. وجُفّ: هو وعاء طلع النخل، وهو الغشاء الذي يكون عليه، ويطلق على الذكر والأنثى فلهذا قيّده في الحديث بقوله:"طلعة ذكر". وبئر ذَرْوان: هي بئر بالمدينة في بستان بني زُرَيْق، وقد وقع في جميع نسخ مسلم وفي بعض روايات البخاري "ذي أروان" وكلاهما صحيح والثاني أجود وأصح -أي ذي أروان- والنُّقاعة: بضم النون الماء الذي ينقع فيه الحناء (النووي، شرح صحيح مسلم 14/ 177).

(1)

في المخطوطة (فقد) والتصويب من المطبوعة، وكذا لفظ المؤلف في شرح السنة 10/ 224، ولفظ البخاري أيضًا.

(2)

قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 159: (قوله صلى الله عليه وسلم: "خبتُ وخسرتُ" روي بفتح التاء وبضمها، ومعنى الضم ظاهر، وتقدير الفتح خبتَ أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعًا ومقتديًا بمن لا يعدل، والفتح أشهر واللَّه أعلم).

(3)

ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، وهي في لفظ المؤلف في شرح السنة، وعند البخاري، والعبارة عند مسلم:(إِنْ لَم أعْدِلْ).

ص: 98

ويَخرُجونَ على حِينِ (1) فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ. قالَ أبو سعيد: أشهدُ أنِّي سمعتُ هذا الحديث منْ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأشهدُ أنَّ عليَّ بنَ أبي طالِبٍ رضي الله عنه قاتَلَهُمْ وأنا معَهُ، فأمرَ (2) بذلكَ الرَّجُلِ فالتُمِسَ، فأتِيَ بهِ حتَّى نَظرتُ إليهِ على نَعْتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي نَعَتَهُ" (3). وفي رواية: "أقبَلَ رجلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، ناتِئُ الجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِف الوَجْنَتَيْنِ، مَحْلوقُ الرأسِ، فقال: يا محمّدُ اتَقِ اللَّه قال: فمَنْ (4) يُطيعُ اللَّه إذا عَصَيْتُهُ، فَيَأْمَنُني اللَّهُ على أهلِ الأرضِ ولا تأْمَنونني. فسألَ رجلٌ قَتْلَهُ فمنعَهُ، فلمّا ولَّى قال: إنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هذا قومًا يَقرأُونَ القُرآنَ لا يُجاوِزُ حَناجِرَهُمْ، يَمْرُقونَ مِنَ الإِسلامِ مُروقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فيَقتلونَ أهلَ

(1) كذا في المخطوطة، وفي لفظ المؤلف في شرح السنة عند البخاري ومسلم. والعبارة في المطبوِعة:(خَيْر فِرقَةٍ)، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/ 619 (وفي رواية الكشمهيني على خَيْر، بخاءِ معجمة وراء، أي أفضل، وفِرقة بكسر الفاء أي طائفة، وهي رواية الإِسماعيلي، ويؤيّد الأول -حين فرقة- حديث مسلم).

(2)

أي عليّ رضي الله عنه.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 617 - 618، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإِسلام (25)، الحديث (3610)، وفي 10/ 552، كتاب الأدب (78)، باب ما جاء في قول الرجل: ويلك (95)، الحديث (6163). وأخرجه مسلم في الصحيح 2/ 744، كتاب الزكاة (12)، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (47)، الحديث (148/ 1064)، قوله:"يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" قال القاضي: معناه يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق به شيء منه، والرمية هي الصيد المرمي. الرِّصاف: هو مدخل النصل من السهم. والنصل: هو حديدة السهم والقِدْح: عوده. والقُذذ: هو ريش السهم. والبضعة: هي القطعة من اللحم، وتدردر: معناه تضطرب وتذهب وتجيء. (النووي، شرح صحيح مسلم 7/ 159 - 166). والتراقي: جمع ترقوة وهي العظام بين نقرة الحلق والعاتق. وقوله: "قد سبق الفرث والدم" أي مرّ عليهما، والمعنى كما نفذ السهم في الرمية بحيث لم يتعلق به شيء من الروث والدم كذلك دخول هؤلاء في الإسلام ثم خروجهم منه سريعًا بحيث لم يؤثر فيهم. والْتُمسَ: أي طُلِبَ. وآيتهم: أي علامتهم.

(4)

كذا في المطبوعة، والعبارة في المخطوطة:(فقال: من يطيع اللَّه) وهو الموافق للفظ البخاري، والعبارة عند مسلم:(قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فمن يُطع اللَّه).

ص: 99

الإِسلامِ ويَدَعونَ أهلَ الأوْثَانِ، لَئِنْ أدْرَكْتُهُمْ لأقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عادٍ" (1).

4610 -

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: "كنتُ أدعُو أُمِّي إلى (2) الإِسلامِ وهيَ مُشرِكةٌ، فدَعَوْتُها يومًا فأسمعَتْنِي في رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ما أكْرَهُ، فأتيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أبكِي قلتُ: يا رسولَ اللَّه ادْعُ اللَّه أنْ يَهدِيَ أُمَّ أبي هُرَيْرَةَ، فقال: اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أبي هُرَيْرَةَ. فخرجتُ مُستبْشِرًا بدَعْوةِ نبيِّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلمَّا صِرْتُ إلى البابِ، فإذا هوَ مُجافٌ، فسمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فقالتْ: مكانَكَ يا أبا هُرَيْرَةَ، وسمِعتُ خَضْخَضَةَ الماءِ، فاغتسلَتْ ولبِسَتْ دِرْعَها وعجِلَتْ عنْ خِمارِها، ففَتحَت البابَ ثمَّ قالت: يا أبا هُرَيْرةَ أشهدُ أنْ لا إله إلَّا اللَّه وأشهدُ أنَّ محمّدًا رسولُ اللَّه فرجَعْتُ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أبكِي مِنَ الفَرح، فحمِدَ اللَّه وقالَ خَيْرًا"(3).

4611 -

وقال أبو هريرة: "إنَّكُم تقولون: أَكْثَرَ أبو هُرَيْرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، واللَّهُ الموعِدُ، وإنَّ إخْوَتِي مِنَ المُهاجِرينَ كانَ يَشغَلُهُمْ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 376، كتاب الأنبياء (60)، باب قول اللَّه تعالى {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا. . .} [هود (11)، الآية (50)](6)، الحديث (3344)، وأخرجه مسلم في الصحيح 2/ 741، كتاب الزكاة (12)، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (47)، الحديث (143/ 1064) غائر العينين: أي غارت عيناه ودخلتا في رأسه. وناتئ الجبهة: أي مرتفعها. وكثّ اللحية: أي كثيفها. ومشرف الوجنتين: أي عالي الخدين. وقوله: "إنّ من ضئضئ هذا" أي من أصله ونسبه.

(2)

تصحفت في المخطوطة إلى (على) والتصويب من المطبوعة ومن لفظ المؤلف في شرح السنة 13/ 306، ومن لفظ مسلم.

(3)

أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1938 - 1939، كتاب فضائل الصحابة (44)، باب من فضائل أبي هريرة الدوسيّ رضي الله عنه (35)، الحديث (158/ 2491)، مجاف: أي مغلق. وقوله: "خشف قدميّ" أي صوتهما في الأرض. وخضخضة الماء: صوت تحريكه (النووي، شرح صحيح مسلم 16/ 52).

ص: 100

الصَّفْقُ بالأسْواقِ، وإنَّ إخْوَتي مِنَ الأنْصارِ [كانَ](1) يشغَلُهُمْ عملُ أموالِهِمْ، وكنتُ امرءًا مِسْكينًا ألزَمُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم على مِلْءِ بَطنِي، وقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومًا: لنْ يَبسُطَ أحدٌ منكُمْ ثَوْبهُ حتَّى أقضِيَ مَقالتِي هذهِ ثُمَّ يَجمعُهُ إلى صَدرِهِ فيَنسَى منْ مَقالتِي شيئًا أبدًا. فبسَطْت نَمِرَةً ليسَ عليَّ ثوبٌ غيرها، حتَّى قضَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَقالَتَهُ ثُمَّ جمعتُها إلى صَدرِي، فَوالذِي (2) بَعثَة بالحقِّ ما نسيتُ مِنْ مَقالتِهِ ذلكَ إلى يَومِي هذا" (3).

4612 -

وقال جرير بن عبد اللَّه: "قالَ لي رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا تُريحُني منْ ذِي الخَلَصَة؟ فقلتُ: بلى، وكنتُ لا أثبُتُ على الخيلِ، فذكرتُ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فضربَ يدَهُ على صَدرِي حتَّى رأيتُ أثرَ يَدِهِ في صَدرِي وقال: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ واجعلْهُ هادِيًا مَهْدِيًّا. قال: فما وقعت عنْ فرَسِي بعدُ، فانطلقَ في مِائةٍ وخَمسينَ فارِسًا من أحْمَسَ فحرَّقَها بالنارِ وكَسرَها"(4).

(1) ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة وهي موجودة عند البخاري.

(2)

كذا في المطبوعة وهو الموافق للفظ البخاري. والعبارة في المخطوطة (فواللَّه الذي).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 213، كتاب العلم (3)، باب حفظ العلم (42)، الحديث (118)، وفي 5/ 28، كتاب الحرث والمزارعة (41)، باب ما جاء في الغرس (21)، الحديث (2350)، وفي 13/ 321، كتاب الاعتصام (96)، باب الحجة على من قال إن أحكام النبي صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة. . . (22)، الحديث (7354)، وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1939 - 1940، كتاب فضائل الصحابة (44)، باب من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه (35)، الحديث (159/ 2492) و (160/ 2492). والصفق: هو كناية عن التبايع، وكانوا يصفقون بالأيدي من المتبايعين بعضها على بعض (النووي، شرح صحيح مسلم 16/ 54). والنَمِرَة: شملة مخططة من مآزر العرب.

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 154، كتاب الجهاد (56)، باب حرق الدُّور والنخيل (154)، الحديث (3020)، وفي 8/ 70 - 71، كتاب المغازي (64)، باب غزوة ذي الخاصة (62)، الحديث (4355) و (4356) و (4357)، وأخرجه مسلم في =

ص: 101

4613 -

وقال أنس رضي الله عنه: "إنَّ رجلًا كانَ يكتُبُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فارتدَّ عن الإِسلامِ ولحِقَ بالمُشركينَ، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الأرضَ لا تَقبَلْهُ. فأَخبرَنِي أبو طَلْحةَ أنّهُ أتَى الأرضَ التي ماتَ فيها، فوجدَهُ منبوذًا، فقال: ما شأنُ هذا؟ فقالوا: دَفنّاهُ مِرارًا فلمْ تَقبَلْهُ الأرضُ"(1).

4614 -

وقال أبو أيُّوب: "خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقد وَجَبَت الشَّمْسُ فسَمِعَ صوتًا فقال: يَهودُ تُعذَّبُ في قُبورِها"(2).

= الصحيح 4/ 1925 - 1926، كتاب فضائل الصحابة (44)، باب من فضائل جرير بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنه (29)، الحديث (136/ 2476) و (137/ 2476). والخلصة: نبات له حبّ أحمر كخرز العقيق، وذو الخلصة اسم للبيت الذي كان فيه الصنم، وقيل اسم البيت: الخلصة، واسم الصنم: ذو الخلصة، وحكى المبرِّد أن موضع ذي الخلصة صار مسجدًا جامعًا لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم. وأحمس: هم رهط جرير ينتسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 8/ 71 - 72).

(1)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 624، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإِسلام (25)، الحديث (3617)، ومسلم في الصحيح 4/ 2145، كتاب صفات المنافقين (50)، الحديث (14/ 2781)، ولفظه عن أنس قال:"كان منّا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فانطلق هاربًا حتَّى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه، قالوا: هذا قد كان يكتب لمحمد فأعجبوا به، فما لبث أن قصم اللَّه عنقه فيهم، فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثمَّ عادوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجها، ثمَّ عادوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذًا"، وأما نص الحديث الذي ساقه المصنف فقد أخرجه بإسناده في شرح السنة 13/ 306، كتاب الفضائل، باب علامات النبوة، الحديث (3725)، وأبو طلحة: هو زوج أم أنس، ومنبوذًا: أي مطروحًا ملقى على وجه الأرض.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 3/ 241، كتاب الجنائز (23)، باب التعوذ من عذاب القبر (87)، الحديث (1375) واللفظ له، وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 2200، كتاب الجنة (51)، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار. . . (17)، الحديث (69/ 2869)، وقوله:"وجبت الشمس" أي سقطت، والمراد غروبها (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 3/ 241).

ص: 102

4615 -

وقال جابر رضي الله عنه: "قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم منْ سَفَرٍ، فلمَّا كانَ قُرْبَ المدينةِ هاجَتْ رِيحٌ تكادُ أنْ تَدْفِنَ الراكِبَ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: بُعِثَتْ هذِه الرِّيحُ لمَوْتِ مُنافِقٍ فقَدِمَ المدينةَ فإذا عَظيمٌ مِنَ المُنافِقينَ قدْ ماتَ"(1).

4616 -

عن أبي سعيد الخُدْرِيّ رضي الله عنه قال: "خرَجْنا معَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حتَّى قَدِمْنَا عُسْفانَ، فأقامَ بها لَيالِيَ، فقالَ النَّاسُ: ما نحنُ هاهنا في شيءٍ وإنَّ عِيالَنا لَخلوفٌ مَا نَأْمَنُ عليهِمْ، فبلغَ ذلكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: والَّذِي نَفْسِي بيدِه ما مِنَ المدينةِ شِعْبٌ ولا نَقْبٌ إلَّا عليهِ مَلَكانِ يَحْرِسانِها حتَّى تَقْدَموا إليها. ثمَّ قال: ارتَحِلُوا. فارتَحَلْنا وأقبَلْنا إلى المدينةِ، فوَالَّذِي يُحْلَفُ بهِ ما وَضَعْنا رحالَنا حِينَ دَخَلنا المدينةَ حتَّى أغارَ علينا بَنُو عبدِ اللَّه بنِ غَطَفانَ، وما يهيجُهُمْ قبلَ ذلكَ شيءٌ"(2).

4617 -

وقال أنس رضي الله عنه: "أصابَت الناسَ سَنَةٌ على عهدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبَيْنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخطُبُ في يومِ جُمُعَةٍ (3) قامَ أعرابيٌّ فقال: يا رسولَ اللَّه هَلَكَ المالُ وجاعَ العِيالُ فادْعُ اللَّه لنا، فرفَعَ يدَيْهِ وما نَرى في السماءِ قَزَعَة، فوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ

(1) أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 2145 - 2146، كتاب صفات المنافقين (50)، الحديث (15/ 2782)، وقوله:"تدفن الراكب" أي تغيبه عن الناس وتذهب به لشدتها (النووي، شرح صحيح مسلم 17/ 127).

(2)

أخرجه مسلم في الصحيح 2/ 1001 - 1002، كتاب الحج (15)، باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها (86)، الحديث (475/ 1374)، قوله:"وإنّ عيالنا لخُلوف": أي ليس عندهم رجال ولا من يحميهم، والشِّعْب: هو الفرجة النافذة بين الجبلين، وقال ابن السكيت: هو الطريق في الجبل. والنَّقب: هو مثل الشعب، وقيل هو الطريق في الجبل، قال الأخفش: أنقاب المدينة: طرقها وفجاجها (النووي، شرح صحيح مسلم 9/ 147 - 148).

(3)

تصحفت في المطبوعة إلى (الجمعة) والتصويب من المخطوطة، ومن شرح السنة 4/ 414، وهو الموافق للفظ البخاري.

ص: 103

ما وضَعَهُما (1) حتَّى ثارَ السَّحابُ أمثالَ الجِبالِ، ثُمَّ لمْ يَنْزِلْ عنْ مِنبَرِهِ حتَّى رأيتُ المطرَ يَتَحادَرُ على لِحيَتِهِ، فمُطِرْنا يومَنا ذلكَ ومِنَ الغَدِ ومِنْ بعدِ الغَدِ حتَّى الجُمْعَةِ الأُخرَى. فقامَ (2) ذلكَ الأعرابيُّ، أو غيرُهُ، فقال: يا رسولَ اللَّه تَهدَّمَ البِناءُ وغَرِقَ المالُ فادْعُ اللَّه لنا، فرفَعَ يدَيْهِ وقال: اللَّهُمَّ حَوالَيْنا ولا علَيْنا. فما يُشيرُ إلى ناحية مِنَ السَّحابِ إلَّا انفرَجَتْ، وصارَت المدينةُ مِثْلَ الجَوْبَةِ، وسالَ الوادِي قَناةُ شهرًا، ولم يَجِئْ أحدٌ منْ ناحِيَةٍ إلَّا حدَّثَ بالجَوْدِ" (3) وفي رواية:"قال: اللَّهُمَّ حَوالَيْنا ولا علينا، اللَّهُمَّ على الآكامِ والظِّرابِ وبُطونِ الأَوْدِيةِ ومَنابِتِ الشجرِ. قال: فأَقلَعَتْ وخَرَجْنا نمشِي في الشمسِ"(4).

(1) في المخطوطة (وضعها) وكذا عند البخاري، وما أثبتناه من المطبوعة، وهو الموافق للفظ المؤلف في شرح السنة.

(2)

في المخطوطة (وقام) بالواو، وكذا عند البخاري، وما أثبتناه من المطبوعة، وهو الموافق للفظ المؤلف في شرح السنة.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 413، كتاب الجمعة (11)، باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة (35)، الحديث (933)، وفي 9/ 512، كتاب الاستسقاء (15)، باب من تمطّر في المطر حتَّى يتحادر على لحيته (24)، الحديث (1033) واللفظ له. وأخرجه مسلم في الصحيح 2/ 614، كتاب صلاة الاستسقاء (9)، باب الدعاء في الاستسقاء (2)، الحديث (9/ 897). القزعة: هي القطعة من السحاب. وسنة: أي قحط. والجوبة: هي الفجوة، ومعناه تقطع السحاب عن المدينة وصار مستديرًا حولها وهي خالية منه. وقناة: اسم لوادٍ من أودية المدينة وعليه زروع لهم، وفي رواية للبخاري ". . . وسال الوادي، وادي قناة. . . ". والجود: هو المطر الكثير (النووي، شرح صحيح مسلم 6/ 192 - 194).

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 501، كتاب الاستسقاء (15)، باب الاستسقاء فى المسجد الجامع (6)، الحديث (1013)، وفي 2/ 507 - 508، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة (7)، الحديث (1014)، وأخرجه مسلم في الصحيح 2/ 612 - 614، كتاب الاستسقاء (9)، باب الدعاء في الاستسقاء (2)، الحديث (8/ 897). قال أهل اللغة: الإِكام بكسر الهمزة جمع أَكَمة ويقال في جمعها آكام بالفتح والمد، وهي دون الجبل وأعلى من الرابية، وقيل دون الرابية. والظِّراب: بكسر الظاء المعجمة واحدها ظَرِب يفتح الظاء وكسر الراء وهي الروابي الصغار (النووي، شرح صحيح مسلم 6/ 193).

ص: 104

4618 -

وقال جابر رضي الله عنه: "كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا خطبَ اسْتَنَد إلى جِذْعِ نَخلةٍ منْ سَوارِي المسجِدِ، فلمَّا صُنِعَ لهُ المِنبَرُ فاستَوَى عليهِ، صاحَت النَّخلةُ التي كانَ يَخطُبُ عِندَها حتَّى كادَتْ أَنْ تَنشَقَّ، فنزَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى أخذَهَا فضَمَّها إليهِ، فجَعَلَتْ تَئِنُّ أنِينَ الصبيِّ الذي يُسَكَّتُ حتَّى استقرَّتْ. قال: بَكَتْ على ما كانتْ تَسمَعُ مِنَ الذِّكْرِ"(1).

4619 -

عن سَلَمَة بن الأَكْوَع رضي الله عنه "أنَّ رجلًا أكلَ عندَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: كُلْ بيَمينِكَ، فقال: لا أستطيعُ، قال: لا استَطَعْتَ. ما منعَهُ إلّا الكِبْرُ، قال: فما رفعَها إلى فيهِ"(2).

4620 -

عن أنس رضي الله عنه "أنَّ أهلَ المدينةِ فَزِعوا مرّةً، فركِبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فرسًا لأبي طَلحَةً بَطيئًا وكانَ يَقْطِفُ، فلمَّا رجعَ

(1) أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 397، كتاب الجمعة (11)، باب الخطبة على المنبر (26)، الحديث (918)، وفي 4/ 319، كتاب البيوع (34)، باب النجّار (32)، الحديث (2095)، وفي 6/ 601 - 602، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإِسلام (25)، الحديث (3584) و (3585)، ولفظه:"أنَّ امرأة من الأنصار قالت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه؟ فإنَّ لي غلامًا نجَّارًا، قال: إن شئتِ. فعملتْ له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر الذي صُنع، فصاحت النخلة. . . " إلى آخر الحديث. وأما اللفظ الذي ساقه المصنف من أول الحديث إلى قوله: "فاستوى عليه" فهو من رواية النسائي، المجتبى من السنن 3/ 102، كتاب الجمعة (14)، باب مقام الإِمام في الخطبة (17)، والسواري: جمع سارية بمعنى الأسطوانة.

(2)

أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1599، كتاب الأشربة (36)، باب آداب الطعام والشراب (13)، الحديث (107/ 2021)، قال النووي في شرح صحيح مسلم 13/ 192: (هذا الرجل هو بُسْر بن راعي العَيْر الأشجعي، كذا ذكره ابن مندة وأبو نعيم الأصبهاني وابن ماكولا وآخرون، وهو صحابي مشهور، عدّه هؤلاء وغيرهم في الصحابة رضي الله عنهم.

ص: 105

قال: وَجَدْنا فرسَكُمْ هذا بَحْرًا. فكانَ بعدَ ذلكَ لا يُجارَى" (1). وفي رواية: "فما سُبِقَ بعدَ ذلكَ اليوم" (2).

4621 -

وقال جابر رضي الله عنه: "تُوفِّي أبي وعليهِ دَيْنٌ، فعَرَضْتُ على غُرَمائِهِ أنْ يَأْخذُوا التمرَ بما عليهِ فأبَوْا، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: قدْ علِمْتَ أنَّ والِدي (3) استُشْهِدَ يومَ أُحُدٍ وتركَ دَيْنًا كثيرًا، وإنِّي أُحبُّ أنْ يَراكَ الغرَماءُ، فقالَ لي: اذهَبْ فبَيْدِرْ كُلَّ تمرٍ على ناحِيةٍ. ففعلتُ، ثُمَّ دعَوْتهُ، فلمَّا نَظَروا إليهِ كأنَّهُمْ أُغْروا بي تلكَ الساعةَ، فلمَّا رأَى ما يَصنعونَ طافَ حولَ أعظَمِها بَيْدَرًا ثلاثَ مرَاتٍ، ثُمَّ جَلَس عليهِ، ثمَّ قال: ادْعُ لي أصحابَكَ. فما زالَ يَكِيلُ لهُمْ حتَّى أدَّى اللَّهُ عنْ والِدي أمانَتَهُ، وأنا أَرْضى أنْ يُؤَدِّيَ اللَّه أمانَةَ والِدي ولا أرجِعَ إلى أَخَواتِي بتمرةٍ، فسَلَّمَ اللَّه البَيادِرَ كُلَّها حتَّى أنِّي أنظُرُ إلى البَيْدَرِ الذي كانَ عليهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كأنَّها لمْ تَنْقُصْ تَمرةً واحِدةً"(4).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 70، كتاب الجهاد (56)، باب الفرس القطوف (55)، الحديث (2867) واللفظ له. وأخرجه مسلم في الصحيح 2/ 1804 - 1803، كتاب الفضائل (43)، باب في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدّمه للحرب (11)، الحديث (48/ 2307)، ويقطف: أي يمشي مشيًا ضيقًا يتقارب خطاه. وبحرًا: أي جلدًا، سمي بحرًا لأنّ جريه لا ينفد كما لا ينفد ماء البحر، وقوله:"لا يُجارى" أي لا يقاوم في الجري ولا يسبق.

(2)

أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 123، كتاب الجهاد (56)، باب السرعة والركض في الفزع (117)، الحديث (2969).

(3)

في المطبوعة زيادة (قد)، وهي في رواية البخاري التي في كتاب المغازي، وليست عند المؤلف في شرح السنة 13/ 302، ولا في سائر ألفاظ البخاري.

(4)

أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 344، كتاب البيوع (34)، باب الكيل على البائع والمعطي (51)، الحديث (2127)، وفي 5/ 310، كتاب الصلح (53)، باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث (13)، الحديث (2709)، وفي 5/ 413، كتاب الوصايا (55)، باب قضاء الوصيّ ديون الميِّت بغير محضر من الورثة (36)، الحديث (2781)، وفي 7/ 357، كتاب المغازي (64)، باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران (3)، =

ص: 106

4622 -

وقال جابر: "إنَّ أُمَّ مالِكٍ (1) كانتْ تُهْدي للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في عُكَّةٍ لها سَمْنًا، فيأْتِيها بَنوها فيَسألونَ الأُدْمَ وليسَ عندَهُمْ شيءٌ، فتعمِدُ إلى الذِي كانتْ تُهْدي فيه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فتَجِدُ فيهِ (2) سَمْنًا، فما زالَ يُقيمُ لها أُدْمَ بيتِها حتَّى عَصَرَتها، فأتَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: عَصَرْتِها؟ قالتْ: نعم، قال: لوْ تَركْتِها ما زالَ قائِمًا"(3).

4623 -

وقال أنس رضي الله عنه: "قالَ أبو طَلْحَةَ (4) لأُمِّ سُلَيْمٍ: لقدْ سمِعتُ صوتَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ضَعيفًا أعرِفُ فيهِ الجوعَ، فهَلْ عندَكِ منْ شيءٍ؟ قالتْ: نعمْ، فأخرجَتْ أقراصًا منْ شعيرٍ، ثُمَّ أخرجَتْ خِمارًا لها فلَفَّت الخُبزَ ببعضِهِ، ثمَّ دَسَّتْهُ تحتَ يَدِي ولَاثَتْنِي ببعضِهِ ثُمَّ أرسَلَتْنِي إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: فذهبتُ بهِ فوجدْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسجِدِ ومعهُ النَّاسُ، فقُمْتُ فسلَّمتْ (5) عليهِمْ، فقالَ لي رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أرسلكَ أبو طَلْحَةَ؟ قلتُ: نعمْ، قال: بطعامٍ؟ قلتُ: نعمْ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لمنْ معهُ: قُوموا. فانطَلَقَ، فانطلَقْتُ بينَ أيْدِيهِمْ حتَّى جِئْتُ أبا طَلْحَةَ فأخبَرْتُهُ، فقالَ أبو طَلْحَةَ يا أُمَّ سُلَيْمٍ قدْ جاءَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناسِ

= الآية (122)] (18)، الحديث (4053). قوله "فبَيْدِرْ كل تمرٍ على ناحية" أي اجعل كل نوع من تمرك بيدرًا. وقوله:"كأنهم أغروا بي" أي لجوا في مطالبتي وألحّوا.

(1)

أم مالك البهزية من بني سليم لها صحبة ورواية وهي حجازية.

(2)

تصحفت في المخطوطة إلى (فيها) والتصويب من المطبوعة وصحيح مسلم.

(3)

أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1784، كتاب الفضائل (43)، باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم (3)، الحديث (8/ 2280)، والعُكّة: هي وعاء من جلود مستدير يختصّ بالسمن والعسل، وهو بالسمن أخصّ، والأُدْم بالضم، والإدام بالكسر: ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 1/ 31 و 3/ 284).

(4)

أبو طلحة هو زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم والدة أنس (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 6/ 588).

(5)

لفظة "فسلّمت" ليست في الصحيحين.

ص: 107

وليسَ عِندَنا ما نُطْعِمْهُمْ، فقالت: اللَّه ورسولُهُ أعلمُ. فانطلقَ أبو طَلْحَةَ حتَّى لَقِيَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأقبَلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو طَلْحَةَ معهُ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم هَلُمِّي يا أُمَّ سُلَيْم ما عِنْدَك. فأتَتْ بذلك الخبزِ فأمر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ، وعَصَرَتْ أُمَّ سُلَيْمٍ عُكَّةً، فأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فيهِ ما شاءَ اللَّه أنْ يقولَ، ثُمَّ قال: ائْذَنْ لِعَشَرةٍ، [فأذِنَ لهُمْ](1)، فأكَلوا حتَّى شبِعوا ثُمَّ خرَجوا، ثُمَّ قال: ائْذَنْ لِعَشَرةٍ، ثُمَّ لِعَشَرةٍ. فأكلَ القومُ كُلُّهُمْ وشَبِعُوا، والقومُ سَبعونَ أو ثَمانونَ رجلًا" (2). ويُروى أنّه قال:"ائْذَنْ لِعَشَرةٍ، فدَخَلوا فقال: كُلوا وسَمُّوا اللَّه، فأَكَلوا، حتَّى فعلَ ذلك بثمانينَ رجلًا، ثُمَّ أكل النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأهلُ البيتِ وتركَ سُؤْرًا"(3). ويُروى: "فجعلتُ أنظُرُ هلْ نَقَصَ منها شيء"(4). ويُروى: "ثُمَّ أخذَ ما بَقِيَ فجَمَعَهُ، ثُمَّ دَعا فيهِ بالبَرَكَةِ، فعادَ كما كانَ، فقال: دُونَكُمْ هذا"(5).

(1) أثبتناها من المطبوعة، وهي في لفظ البخاري ومسلم، وعبارة المخطوطة:"ائذن لعشرة، فأكل القوم كلهم وشبعوا ثم خرجوا. . ".

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 586 - 587، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإِسلام (25)، الحديث (3578)، وفي 9/ 526 - 527، كتاب الأطعمة (70)، باب من أكل حتَّى شبع (6)، الحديث (5381)، وفي 11/ 570، كتاب الأيمان والنذور (83)، باب إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز (22)، الحديث (6688)، وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1612، كتاب الأشربة (36)، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك. . . (20)، الحديث (142/ 2040)، قوله:"ولَاثَتْني ببعضه" أي لفتني به، يقال لاث العمامة على رأسه أي عصبها، والمراد أنها لفَّت بعضه علَى رأسه وبعضه على إبطه. وقوله:"وعصرت أم سليم عُكة فأدمته" أي صيّرت ما خرج من العكة له إدامًا (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 6/ 589 - 590)، والعكة والإدام سبق شرحهما فى الحديث الذي قبله.

(3)

أخرجه مسلم في المصدر السابق، الحديث (143/ 2040)، والسُّؤْر: هو البقية.

(4)

أخرجه البخاري في الصحيح 9/ 574، كتاب الأطعمة (70)، باب من أدخل الضِّيفان عشرة عشرة. . . (48)، الحديث (5450).

(5)

أخرجه مسلم فى المصدر السابق، الحديث (143/ 2040).

ص: 108

4624 -

وقال أنس رضي الله عنه: "أُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بإناءٍ وهوَ بالزَّوْراءِ، فوَضَعَ يَدهُ في الإِناءِ [فجعَلَ الماءُ] (1) يَنبُعُ منْ بينِ أصابعِهِ، فتوضَّأَ القومُ. قال قَتادةُ (2) رضي الله عنه: قلتُ لأنسٍ: كمْ كنتُمْ؟ قالَ: ثلاثمائةٍ أوْ زُهاءَ ثَلاثمائةٍ"(3).

4625 -

عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: "كُنَّا نعُدُّ الآياتِ برَكَةً، وأنتُمْ تَعُدُّونَها تَخْويفًا، كُنَّا معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفَرٍ فقلَّ الماءُ، فقال: اطلُبوا فَضْلةً من ماءٍ. فجاءُوا بإناء فيهِ ماءٌ قليلٌ، فأدخلَ يَدَهُ في الإِناءِ، ثُمَّ قال: حَيَّ على الطَّهورِ المُبارَكِ، والبرَكَةُ مِنَ اللَّه. فلقدْ رأيت الماءَ يَنبُعُ منْ بينِ أصابع رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولقدْ كُنَّا نَسمعُ تسبيح الطعامِ وهوَ يُؤْكَلُ"(4).

4626 -

قال أبو قَتادة رضي الله عنه: "خَطبَنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّكُمْ تَسيرونَ عَشيَّتَكُمْ ولَيْلَتَكُمْ، وتأْتونَ الماءَ إنْ شاءَ اللَّه

(1) ساقطة من المخطوطة.

(2)

قتادة الراوي عن أنس رضي الله عنه، ذكره الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب 2/ 123، وقال:(قتادة بن دِعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، وهو رأس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومائة).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 580، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوَّة في الإسلام (25)، الحديث (3572)، واللفظ له. وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1783، كتاب الفضائل (43)، باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم (3)، الحديث (6/ 2279) و (7/ 2279) والزَّوْراء: مكان معروف بالمدينة عند السوق، وقوله:"زُهاء ثلاثمائة" أي قدر ثلاثمائة (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 6/ 586).

(4)

أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 587، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإسلام (25)، الحديث (3579)، والآيات: أي الأمور الخارقة للعادات. والطَّهور: هو بفتح الطاء والمراد به الماء، ويجوز ضمها والمراد الفعل أي تطهروا (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 6/ 591 - 592).

ص: 109

غدًا، فانطلقَ النَّاسُ لا يَلْوِي أحدٌ على أحدٍ. قال (1) أبو قَتادَةَ رضي الله عنه: فبَيْنَما رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَسيرُ حتَّى ابْهارَّ الليلُ، فمالَ عنْ الطريقِ، فوَضَعَ رأْسَهُ [ثمَّ] (2) قال: احْفَظُوا علَيْنا صَلاتَنا. فكانَ أوّلَ مَنْ استَيْقَظَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم والشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ، ثُمَّ قال: ارْكَبوُا. فركِبْنا، فسِرْنا، حتَّى إذا ارتفَعَت الشَّمْسُ نزلَ، ثمَّ دَعا بمِيضأَةٍ كانتْ معِي [و](2) فيها شيءٌ منْ ماءٍ، فتوضّأَ منها وُضوءًا دونَ وُضوءٍ. قال: وبقيَ فيها شئٌ منْ ماءٍ، ثمَّ قال: احْفَظْ علَيْنا مِيضأَتَكَ فسيَكونُ لها نَبأٌ. ثمَّ أَذَّنَ بِلالٌ بالصَّلاة، فصَلَّى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتَيْنِ، ثمَّ صَلَّى الغَداةَ. ورَكِبَ ورَكِبْنا معهُ، فانتَهْينا إلى الناسِ حِينَ امتدَّ النَّهارُ وحَمِيَ كلُّ شيءٍ وهُمْ يقولون: يا رسولَ اللَّه هَلَكْنا عَطَشًا (3)، فقال: لا هُلْكَ عليكُمْ. ودَعا بالمِيضأَةِ فجعلَ يَصُبُّ وأبو قَتادَةَ يَسقيهِمْ، فلمْ يَعْدُ أنْ رَأَى النَّاسُ ماءً في المِيضأَةِ تَكابُّوا عليها، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أحْسِنوا المَلَأ، كُلُّكُمْ سَيَرْوَى. قال: ففعلَوا، فجعلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وَيَسقِيهِمْ (4)، حتَّى ما بقيَ غَيْرِي وغَيْرُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَبَّ (5) فقالَ لي: اشرَبْ. فقلتُ: لا أشرَبُ حتَّى تشرَبَ يا رسولَ اللَّه، قال: إنَّ ساقِيَ القومِ آخِرُهُمْ شُرْبًا. قال: فشرِبْتُ وشَرِبَ، قال: فأتَى النَّاسُ الماءَ جامِّينَ رِواءً" (6).

(1) تصحفت في المخطوطة إلى: (فقال).

(2)

ساقطة من مخطوطة برلين.

(3)

كذا في الأصل المطبوع، ولفظ مسلم:". . . هلكنا، عطِشنا. . . ".

(4)

في المخطوطة: (وَأَسْقِيهِمْ).

(5)

في المطبوعة: (فَصَبَّ) والتصويب من المخطوطة، وهو الموافق للفظ مسلم.

(6)

أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 472 - 474، كتاب المساجد (5)، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (55)، الحديث (311/ 681)، قوله:"لا يلوي" أي لا يعطف. و"ابهار الليل" أي انتصف. والميضأة: هي الإناء الذي يتوضّأ به كالركوة. وقوله: "وضوءًا دون وضوء" معناه وضوءًا خفيفًا مع أنه أسبغ الأعضاء، والغداة: أي الصبح. وقوله: "لا هُلك =

ص: 110

4627 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: "لمَّا كانَ يومُ غَزوةِ تَبوكَ أصابَ الناسَ مَجاعَةٌ، فقالَ عمرُ رضي الله عنه: يا رسولَ اللَّه ادْعُهُمْ بفَضْلِ أزْوادِهمْ ثُمَّ ادْع اللَّه [لهُمْ] (1) عليها بالبَرَكَةِ، فقال: نعمْ. فدَعا بنِطَعٍ فبُسِطَ، ثُمَّ دَعا بفَضْلِ أزْوادِهمْ، فجعلَ الرجلُ يَجيءُ بكَفِّ ذُرَةٍ، ويَجيءُ الآخر بكَفِّ تَمْرٍ، ويَجيءُ الآخر بكِسْرةٍ، حتَّى اجتمَعَ على النِّطَعِ شيءٌ يَسيرٌ، فدَعا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بالبَرَكَةِ ثمَّ قال: خُذوا في أَوْعيَتِكُمْ. فأخَذوا في أوْعِيَتهِمْ حتَّى ما تَرَكوا في العَسْكَرِ وِعاءً إلَّا مَلَؤُوهُ، قال: فأكَلوا حتَّى شَبعوا وفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أشهدُ أنْ لا إله إلَّا اللَّه وأنِّي رسول اللَّه، لا يَلْقَى اللَّه بهِما عبدٌ غَيْرَ شاكٍ فيُحْجَبَ عن الجنَّةِ"(2).

4628 -

وقال أنس رضي الله عنه: "كانَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَروسًا بزَيْنَبَ (3)، فعَمَدَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ إلى تَمْرٍ وسَمْنٍ وأقِطٍ، فَصَنَعَتْ حَيْسًا فجعلَتْهُ في تَوْرٍ، فقالتْ: يا أنسُ (4) اذهَبْ بهذا إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلْ: بَعَثَتْ بهذا إليكَ أُمِّي وهيَ تُقْرِئُكَ السلامَ وتقولُ:

= عليكم" بضم الهاء وهو من الهلاك، وهذا من المعجزات. والمَلَأ: الخُلُق والعشرة. وقوله: "جامِّين رواء" أي نشاطًا مستريحين (النووي، شرح صحيح مسلم 5/ 184 - 189)، وقوله: "فلم يعد" أي لم يتجاوز. و"تَكَابُّوا" أي تزاحموا.

(1)

ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، وهي في لفظ مسلم.

(2)

أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 56 - 57، كتاب الإيمان (1)، باب الدليل على أنّ من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (10)، الحديث (45/ 27)، والنِّطَع: هو بساط من الأديم -أي الجلد.

(3)

هي زينب بنت جحش الأسدية أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث وقيل سنة خمس، ونزلت بسببها آية الحجاب، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة، وفيها نزلت {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب (33)، الآية (37)](الحافظ ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة 4/ 313، الترجمة (470)).

(4)

وردت في المطبوعة (أنيس) والتصويب من صحيح مسلم.

ص: 111

إنَّ هذا لكَ مِنّا قليلٌ يا رسولَ اللَّه. فذهبْتُ فقلتُ، فقال: ضَعْهُ، ثُمَّ قال: اذهَبْ فادْعُ لي فُلانًا وفُلانًا وفُلانًا، رِجالًا سمّاهُمْ، وادْعُ لي مَنْ لَقِيتَ. فدعَوْتُ مَنْ سَمَّى ومَنْ لَقِيتُ، فرجعتُ فإذا البيتُ غاصٌّ بأهلِهِ. قيلَ لأنسٍ: كَمْ كانَ عددُكمْ؟ قال: زُهاءَ ثَلاثمائةٍ. فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وضعَ يَدَهُ على تلكَ الحَيْسَةِ وتَكلَّمَ بما شَاءَ [اللَّه](1)، ثُمَّ جَعَلَ يَدعُو عَشَرَةَ عَشَرةً يأْكُلونَ منهُ ويقولُ لهُمْ: اذْكُروا اسْمَ اللَّه [عَلَيْهِ](2)، ولْيأْكُلْ كُلُّ رجلٍ ممَّا يَليهِ. قال: فَأَكَلوا (3) حتَّى شَبِعوا، فخَرَجَتْ طائِفةٌ ودخلَتْ طائِفةٌ حتَّى أكَلوا كُلُّهُمْ، فقالَ لي: يا أنسُ ارْفَعْ. فرفَعْتُ فما أدْرِي حِينَ وضَعْتُ كانَ أكثرَ أمْ حينَ رَفعْتُ" (4).

4629 -

قال جابر رضي الله عنه: "غَزَوْتُ معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا على ناضِحٍ [لي](5) قدْ أعْيا فلا يكادُ يَسير، فتلاحَقَ بِي النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما لِبَعيرِكَ؟ قلتُ (6): قدْ عَيِيَ، فتخلَّفَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَزَجَرَهُ ودَعا له، فما زالَ (7) بينَ يَدَي الإِبِل قُدّامَها يَسيرُ، فقالَ لي: كيفَ تَرى بَعيرَكَ؟ قلتُ: بخَيْرٍ، قدْ أصابَتْهُ بَرَكَتُكَ، قال: أفَتَبيعُنِيهِ بِوُقِيَّةٍ؟ فبِعْتُهُ على أنَّ لي فَقارَ ظهرِهِ إلى المدينةِ. قال: فلمَّا قَدِمَ

(1) ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، وهي في لفظ البخاري.

(2)

ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة وليست عند البخاري.

(3)

تصحفت في المخطوطة إلى: (فكلوا) والتصويب من المطبوعة وصحيح مسلم.

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 9/ 226 - 227، كتاب النكاح (67)، باب الهدية للعروس (64)، الحديث (5163)، ومسلم في الصحيح 2/ 1051، كتاب النكاح (16)، باب زواج زينب بنت جحش. . . (15)، الحديث (94/ 1428)، والأقِط: هو لبن مجفّف يابس. والتَّوْر: هو إناء كالقدح.

(5)

ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، والعبارة عند البخاري:(وأَنَا عَلى ناضِحٍ لَنَا).

(6)

كذا في المطبوعة، والعبارة في المخطوطة (فقلت) وعند البخاري ومسلم (قال: قُلْتُ).

(7)

تصحفت في المخطوطة إلى (ذاك) والتصويب من المطبوعة وصحيح البخاري.

ص: 112

رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينةَ غَدَوْتُ عليهِ بالبَعيرِ، فأعطانِي ثمنَهُ ورَدَّهُ عليَّ" (1).

4630 -

عن أبي حُمَيْد (2) قال: "خَرَجْنا معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تَبوكَ، فأتَيْنا وادِي القُرَى على حَديقةٍ لامْرأةٍ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: اخْرُصُوها. فخَرَصْناها، وخَرَصَها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ أوْسُقٍ وقال: أحْصِيها حتَّى نَرجِعَ إليكِ إنْ شَاءَ اللَّه عز وجل. وانْطَلَقْنا حتَّى قَدِمْنَا تَبوكَ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ستَهُبَّ عليكُم الليلةَ رِيحٌ شَديدةٌ، فلا يَقُمْ فيها أحدٌ، فمَنْ كانَ لهُ بَعيرٌ فلْيَشُدَّ عِقالَهُ. فهَبَّتْ رِيحٌ شَديدةٌ، فقامَ رجلٌ فحَملَتْهُ الرِّيحُ حتَّى ألْقَتْة بجَبَلِ طَيِّئٍ، ثُمَّ أقبَلْنا حتَّى قَدِمنا وادِي القُرَى، فسألَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم المرأَةَ عنْ حَديقتِها: كَمْ بلغَ تمرُها؟ فقالت: عَشرَةَ أوْسقٍ"(3).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 320، كتاب البيوع (34)، باب شراء الدواب والحمير (34)، الحديث (2097)، وفي 5/ 314، كتاب الشروط (54)، باب إذا اشترط البائع ظهر الدابّة إلى مكان مسمى جاز (4)، الحديث (2718)، وفي 6/ 121، كتاب الجهاد (56)، باب استئذان الرجل الإِمام (113)، الحديث (2967)، وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1221 - 1222، كتاب المساقاة (22)، باب بيع البعير واستثناء ركوبه (21)، الحديث (110/ 715)، والناضح: هو بعير يستقى عليه. والوقية = 8.126 غرامًا من ذهب وقوله: "على أن لي فقار ظهره" أي ركوب فقار ظهره وهي عظام الظهر. وأعيا: تعب.

(2)

هو أبو حُمَيْد الساعدي رضي الله عنه، صحابي مشهور، شهد أحدًا وما بعدها (الحافظ ابن حجر، الإِصابة في تمييز الصحابة 4/ 46).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 3/ 343 - 344، كتاب الزكاة (24)، باب خرص التمر (54)، الحديث (1481)، ومسلم في الصحيح 4/ 1785، كتاب الفضائل (43)، باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم (3)، الحديث (11/ 1392).

ووادي القرى: هي مدينة قديمة بين المدينة والشام. والخرص: هو حزر ما على النخل من الرطب تمرًا. والراد بجبل طيء: المكان الذي كانت القبيلة المذكورة تنزله (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 3/ 344 - 345). أوسق جمع وَسْق، والوَسْقَ ستون صاعًا، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلًا عند أهل الحجاز، وأربعمائة وثمانون رطلًا عند أهل العراق، والأصل في الوسق: الحِمْل والوسق= 165.060 كلغ. (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 5/ 185).

ص: 113

4631 -

وقال أبو ذر، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنَّكُمْ ستَفْتَحونَ مِصرَ وهيَ أرضٌ يُسمَّى فيها القِيراط، فإذا فتَحتُموها فأحْسِنوا إلى أهلِها فإنَّ لهُمْ ذِمَّةً ورَحِمًا -أوْ قال: ذِمَّة وصِهْرًا- فإذا رأيتُمْ رجُلَيْنِ يَخْتصِمانِ في مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فأخْرُجْ منها. قال: فرأيتُ عبدَ الرحمن ابنَ شُرَحْبِيلَ بنِ حَسَنةَ وأخاهُ رَبيعةَ يَخْتصمانِ في مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فخورجْتُ منها"(1).

4632 -

عن حُذَيْفة رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"في أصحابي -وفي رواية: في أُمّتي- اثْنا عَشَرَ مُنافِقًا لا يَدخلونَ الجنّةَ ولا يَجِدونَ رِيحَها حتَّى يَلِجَ الجمَل في سَمِّ الخِياطِ، ثَمانِيةٌ منهُمْ تَكفِيهِم الدُّبَيْلَةُ: سِراجٌ مِنَ النَّارِ تَظهرُ في أكتافِهِمْ حتَّى تَنْجُمَ في صُدورِهِم"(2).

(1) أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1970، كتاب فضائل الصحابة (44)، باب وصيَّة النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر (56)، الحديث (226/ 2543) و (227/ 2543). قال النووي في شرح صحيح مسلم 16/ 97:(قال العلماء: القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما، وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به -وهو يساوي 0.2125 غ ذهبًا و 0.2475 غ فضة- وأما الذمة فهي الحرمة والحق، وهي هنا بمعنى الذمام، وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم، وأما الصهر فلكون مارية أم إبراهيم منهم وفيه معجزات ظاهرة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منها إخباره بأن الأمة تكون لهم قوة وشوكة بعده بحيث يقهرون العجم والجبابرة ومنها أنهم يفتحون مصر ومنها تنازع الرجلين في موضع اللبنة، ووقع كل ذلك وللَّه الحمد). واللبنة أي الآجرّ قبل طبخه.

(2)

أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 2143 - 2144، كتاب صفات المنافقين (50)، الحديث (9/ 2779) و (10/ 2779). قوله:"في أصحابي" معناه الذين ينسبون إلى صحبتي كما قال في الرواية الثانية: "في أمتي". وسَمِّ الخياط: بفتح السين وضمها وكسرها، والفتح أشهر وبه قرأ القراء السبعة، وهو ثقب الإبرة، ومعناه لا يدخلون الجنة أبدًا كما لا يدخل الجمل في ثقب الإِبرة أبدًا. والدُّبَيْلة قد فسرها في الحديث بسراج من نار (النووي، شرح صحيح مسلم 17/ 125)، وقوله:"تكفيهم" أي تدفع شرهم، وقوله:"حتَّى تنجم في صدورهم" أي تظهر وتطلع النار في صدورهم.

ص: 114

4633 -

عن جابر رضي الله عنه أنّه قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَصْعَدُ الثَّنِيَّةَ ثَنيَّةَ المُرارِ فإنَّهُ يُحَطُّ عنهُ ما حُطَّ عنْ بَني إسْرائيلَ. فكانَ أوَّلَ مَنْ صَعِدَها خَيْلُنا خَيْلُ بَني الخَزْرَجِ، ثُمَّ تَتامَّ النَّاسُ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: وكُلُّكُمْ مَغفورٌ لهُ إلَّا صاحِبَ الجَملِ الأحمرِ. فأتيناهُ فقُلنا لهُ: تعالَ يَستغفِرْ لكَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: واللَّه لَأنْ أجدَ ضالَّتِي أحبُّ إليَّ منْ أنْ يَستغفِرَ لي صاحِبُكُمْ، وكانَ رجلًا يَنشُدُ ضالَّةً لهُ"(1).

مِنَ الحِسَان:

4634 -

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: "خرجَ أبو طالِبٍ إلى الشامِ، وخرجَ معهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أشياخٍ منْ قريشٍ، فلمَّا أشْرَفوا على الراهِبِ هَبَطوا فَحَلُّوا رِحالَهُمْ، فخرَجَ إليهِم الراهِبُ، وكانوا قَبْلَ ذلكَ يَمُرُّونَ بهِ فلا يَخرُجُ إليهِمْ، قال: فهُمْ يَحُلُّونَ رِحالَهُمْ، فجعلَ يَتخلَّلُهُم الراهِبُ حتَّى جاءَ فأخذَ بيدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: هذا سيّدُ العالَمِينَ، [هذا رسولُ ربِّ العالَمِينَ، يَبعثُهُ اللَّه رَحمةً للعالَمينَ، فقالَ لهُ أشياخٌ](2) منْ قريشٍ: ما عِلْمُكَ؟ فقال: إنَّكُمْ حِينَ أشرفْتُمْ مِنَ العَقَبةِ لم يَبْقَ شجرٌ ولا حجرٌ إلَّا خرَّ ساجِدًا، ولا يَسجُدانِ إلَّا لنبيٍّ، وإنِّي أعَرِفُهُ بخاتَم النبوّةِ أسفلَ مِنْ غُضْروفِ كتِفِهِ مِثْلَ التُّفاحةِ، ثُمَّ رجعَ فصنعَ لهُمْ طعامًا، فلمَّا أتاهُمْ بهِ وكانَ هوَ في رِعْيَةِ الإِبِلِ قال: أرسِلوا إليهِ، فأقبَلَ وعليهِ غَمامَة تُظِلُّهُ،

(1) أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 2144 - 2145، كتاب صفات المنافقين (50)، الحديث (12/ 2880)، والمُرار: شجر مرّ، وأصل الثنيَّة: الطريق بين جبلين، وهذه الثنية عند الحديبية، قال الحازمي قال ابن إسحاق: هي مهبط الحديبية. وقوله: "ينشد ضالة له" أي يسأل عنها. قال القاضي: قيل هذا الرجل هو الجد بن قيس المنافق (النووي، شرح صحيح مسلم 17/ 126)، وسيأتي هذا الحديث أيضًا برقم (4888).

(2)

ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

ص: 115

فلمَّا دَنا مِنَ القومِ وجدَهُمْ قدْ سَبقوهُ إلى فَيْءِ الشَّجَرَةِ (1)، فلمَّا جلسَ مالَ فَيْءُ الشجرةِ عليهِ فقال: انظُروا إلى فَيْءِ الشجرةِ مالَ عليهِ، فقال: أنشُدُكُم اللَّه أيُّكُمْ وليُّهُ؟ قَالُوا (2): أبو طالِبٍ، فلمْ يَزَلْ يُناشِدُهُ حتَّى رَدَّهُ أبو طالِبٍ، وبعثَ معهُ أبو بكرٍ رضي الله عنه بِلالًا، وزوَّدَهُ الراهِبُ مِنَ الكَعكِ والزَّيْتِ" (3).

4635 -

عن علي بن أبي طالِب رضي الله عنه قال: "كنتُ معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم بمكّةَ فخرَجْنا في بعضِ نَواحِيها، فما استقبلَهُ

(1) في المطبوعة (شجرةٍ) والتصويب من المخطوطة وسنن الترمذي والمستدرك للحاكم.

(2)

كذا في المخطوطة وعند الترمذي، واللفظ في المطبوعة:(فقالوا)، وعند الحاكم:(قال).

(3)

أخرجه الترمذي في السنن 5/ 590 - 591، كتاب المناقب (50)، باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم (3)، الحديث (3620)، وقال:(هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه). وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 615 - 616، كتاب التاريخ، باب استغفار آدم عليه السلام بحق محمد صلى الله عليه وسلم، وقال:(صحيح على شرط الشيخين) وتعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: (أظنه موضوعًا فبعضه باطل). ونقل القاري في المرقاة 5/ 472، عن الجزري قوله:(إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح أو أحدهما، وذكر أبي بكر وبلال فيه غير محفوظ وعدّه أئمتنا وهمًا، وهو كذلك فإن سنّ النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك اثنا عشرة سنة وأبو بكر أصغر منه بسنتين وبلال لعله لم يكن ولد في ذلك الوقت). قال الحافظ ابن حجر، في الإِصابة في تمييز الصحابة 1/ 177، ترجمة بحيرا الراهب (795):(وردت القصة بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى الأشعري، أخرجها الترمذي وغيره ولم يسمّ فيها الراهب وزاد فيها لفظة منكرة وهي قوله: "وأتبعه أبو بكر بلالًا" وسبب نكارتها أن أبا بكر حينئذٍ لم يكن متاهلًا ولا اشترى يومئذٍ بلالًا، إلّا أن يحمل على أن هذه الجملة الأخيرة منقطعة من حديث آخر أدرجت في هذا الحديث، وفي الجملة هي وهم من أحد رواته).

وفي الحديث قطعة أسقطها البغوي هنا وذكرها الترمذي والحاكم في حَدِيثَيْهِمَا عقب قوله: "انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه" وهذه القطعة هي: "قال فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إِذَا رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَيَقْتُلُونَهُ. فَالْتَفَتَ فَإِذَا بِسَبْعَةٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قالُوا: جِئْنَا أَنَّ هذا النبيَّ خَارِجٌ في هذا الشَّهْرِ، فَلَمْ يَبْقَ طَرِيْقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيْهِ بِأُنَاسٍ وِإنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا خبَرَهُ بُعِثْنَا إلى طريقكَ هذا، فقال: هل خَلْفَكُم أَحَدٌ هو خَيْرٌ منكم؟ قالوا: إنما اخترنا خِيرَةً لكَ لِطَرِيقِكَ هذا. قال: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرادَ اللَّهُ أن يَقْضِيَهُ، هل يَستطيعُ أَحَدٌ مِن الناسِ رَدِّه؟ قالوا: لا، قال: فبايَعُوهُ وأقاموا معه".

ص: 116

جَبَلٌ ولا شَجَرٌ إلَّا وهوَ يقول: السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللَّه" (1).

4636 -

عن أنس رضي الله عنه "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بالبُراقِ ليلةَ أُسْرِيَ بهِ مُلْجَمًا مُسْرَجًا فاسْتَصْعَبَ عليهِ، فقالَ لهُ جبريلُ: أبِمحمّدٍ تفعلُ هذا؟ فما ركِبَكَ أحدٌ أكرمُ على اللَّه منهُ. قال: فارْفَضَّ عَرَقًا"(2)(غريب).

4637 -

وعن بُرَيْدة رضي الله عنه قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لمَّا انتهَيْنا إلى بيتِ المَقْدِسِ قالَ جِبريل بأصبعِهِ، فخَرَقَ بها الحجرَ، فشدَّ بهِ البُراقَ"(3).

4638 -

عن يَعلى بن مُرَّة الثَّقَفي قال: "ثَلاثةُ أشياءَ رأَيْتُها منْ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، بَيْنا نحنُ نَسيرُ معهُ إذْ مَرَرْنا ببعيرٍ يُسْنَى

(1) أخرجه الدارمي في السنن 1/ 12، المقدمة، باب ما أكرم اللَّه به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن. وأخرجه الترمذي في السنن 5/ 593، كتاب المناقب (50)، باب في آيات إثبات نبوَّة النبي صلى الله عليه وسلم (6)، الحديث (3626)، وقال:(حديث غريب)، وفي نسخة بتحقيق عثمان (طبعة دار الفكر 5/ 253، الحديث (3705)، قال:(حسن غريب). وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 620، كتاب التاريخ، باب سلام الأشجار والجبال عليه صلى الله عليه وسلم، وقال:(صحيح الإِسناد) وأقره الذهبي، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة 2/ 153 - 154، جماع أبواب المبعث، باب مبتدأ البعث والتنزيل وما ظهر عند ذلك من تسليم الحجر والشجر. .

(2)

أخرجه أحمد في المسند 3/ 164، والترمذي في السنن 5/ 301، كتاب تفسير القرآن (48)، باب ومن سورة بني إسرائيل (18)، الحديث (3131)، وقال:(حسن غريب). والبُراق: هي الدابّة التي ركبها صلى الله عليه وسلم ليلة الإِسراء، سمِّي بذلك لنصوع لونه وشدة بريقه، وقيل لسرعة حركته شبهه فيهما بالبرق. وقوله:"فارفضّ عرقًا" أي جرى عرقه وسال (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 1/ 120، و 2/ 243).

(3)

أخرجه الترمذي في السنن 5/ 301، كتاب تفسير القرآن (48)، باب ومن سورة بني إسرائيل (18)، الحديث (3132)، وقال:(حسن غريب)، وصححه ابن حبان، أورده الهيثمي في موارد الظمآن، ص (39)، كتاب الإِيمان (1)، باب ما جاء في الوحي والإِسراء (7)، الحديث (34)، والحاكم في المستدرك 2/ 360، كتاب التفسير، تفسير سورة بنى إسرائيل، وقال:(صحيح الإِسناد) وأقرّه الذهبي.

ص: 117

عليهِ، فلمَّا رآهُ البعيرُ جَرْجَرَ، فوَضَعَ جِرانَهُ، فوقفَ عليهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: أينَ صاحِبُ هذا البعيرِ؟ فجاءَهُ، فقال: بِعْنِيهِ. فقال: بلْ نَهَبُهُ لكَ يا رسولَ اللَّه، وإنهُ لأهلِ بيتٍ ما لهُمْ مَعيشَةٌ غيرُهُ، فقال: أمَّا إذ (1) ذكرت هذا منْ أمْرِهِ فإنَّه شَكا كَثْرَةَ العملِ وقِلَّةَ العَلَفِ، فأحْسِنوا إليهِ. ثم سِرْنا حتَّى نَزَلْنا مَنْزِلًا، فنامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فجاءَتْ شَجرةٌ تَشُقُّ الأرضَ حتَّى غَشِيَتْهُ، ثمَّ رجَعَتْ إلى مكانِها، فلمَّا استيقظَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ذَكَرْتُ لهُ، فقال: هِيَ شَجرة استأْذَنَتْ ربَّها في أنْ تُسَلِّمَ على رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأذَنِ لها. قال: ثم سِرْنا فمَرَرْنا بماءٍ فأَتَتْهُ امرأَةٌ بابنٍ لها بهِ جِنَّةٌ، فأخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمَنْخِرِهِ، ثُمَّ قال: اخرُجْ إنِّي (2) محمّدٌ رسول اللَّه. ثُمَّ سِرْنا، فلمَّا رَجَعْنا مَرَرْنا بذلكَ الماءِ، فسألَها عنْ الصبيُّ فقالت: والَّذِي بعثَكَ بالحقِّ ما رأَيْنا منهُ رَيْبًا بعدَك" (3).

4639 -

وقال ابن عبّاس رضي الله عنه: "إنَّ امرأةً جاءتْ بابنٍ لها إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ اللَّه إنَّ ابني بهِ جُنونٌ، وإنّهُ يأخذهُ عندَ غَدائِنا وعَشائِنا (4) فمسحَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه

(1) تصحفت في المخطوطة إلى (إذا) والتصويب من المطبوعة، ومن لفظ المؤلف فى شرح السنة ولفظ البيهقي.

(2)

تصحفت في المطبوعة إلى (فإني) والتصويب من المخطوطة ومن لفظ المؤلف في شرح السنة ومن لفظ البيهقي.

(3)

أخرجه أحمد في المسند 4/ 170، 173، والبيهقي في دلائل النبوة 6/ 23، جماع أبواب دلائل النبوة، باب ذكر المعجزات الثلاث. . . وأخرجه البغوي بإسناده في شرح السنة 13/ 295 - 296، كتاب الفضائل، باب علامات النبوة، الحديث (3718)، قوله:"جرجر" أي صاح، من الجرجرة وهي صوت تردد البعير في حلقه. و"جِرانه" أي مقدم عنقه، وقيل باطن عنقه. و"يُسنى" أي يُستقى. و"عشيته" أي أتته وأظلته. و"جِنَّة" أي جنون.

(4)

عند أحمد والدارمي زيادة في هذا الموضع وهي: "فَيَخَبُثُ عَلَيْنا"، وليست في لفظ البغوي لا في المخطوطة ولا في المطبوعة.

ص: 118

عليه وسلم صدرَهُ ودَعا، فثَعَّ ثَعَّةً وخرجَ منْ جَوْفِه مثلَ الجِرْوِ الأسودِ يَسعَى" (1).

4640 -

عن أنس رضي الله عنه قال: "جاءَ جِبريلُ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو جالِسٌ حَزينٌ؛ قدْ تَخضَّبَ بالدَّمِ مِنْ فِعْلِ أهلِ مكّةَ، قال: يا رسول اللَّه هلْ تُحبُّ أنْ نُريَكَ آية؟ قال: نعمْ. فنَظَرَ إلى شَجرةٍ منْ ورائِهِ فقال: ادعُ بها، فدَعا بها، فجاءتْ فقامَتْ بينَ يَدَيْهِ، فقال: مُرْها فلترجِعْ، فأمرَها فرجعَتْ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: حَسْبي حَسْبِي"(2).

4641 -

وقال ابن عمر رضي الله عنه: "كُنَّا معَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فأقبَلَ أعرابيٌّ، فلمَّا دَنا قالَ لهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: تشهدُ أنْ لا إله إلَّا اللَّه وحدَهُ لا شَريكَ لهُ وأنَّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ. قال: ومَنْ يشهدُ على ما تقولُ؟ قال: هذِهِ السَّلَمَةُ. فَدَعَاهَا (3) رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وهوَ بشاطِئِ الوادِي، فأقبَلَتْ تَخُدُّ الأرضَ حتَّى قامَتْ بينَ يَدَيْهِ (4)، فاستَشْهَدَها ثلاثًا، فشهِدَتْ ثلاثًا أنه كما قالَ، ثمَّ رجعَتْ (5) إلى مَنْبِتِها"(6).

(1) أخرجه أحمد في المسند 1/ 254، 268، والدارمي في السنن 1/ 11 - 12، المقدمة، باب ما أكرم اللَّه به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن، قوله:"ثعَّ ثعَّة" أي قاء قيئة واحدة. والجِرْو: هو ولد الكلب.

(2)

أخرجه الدارمي في السنن 1/ 12، المقدمة، باب ما أكرم اللَّه به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن. والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 154، جماع أبواب المبعث، باب مبتدأ البعث والتنزيل وما ظهر عند ذلك من تسليم الحجر والشجر. . .

(3)

تصحفت في المطبوعة إلى (فدعا بها) والتصويب من المخطوطة، وسنن الدارمي، وموارد الظمآن.

(4)

كذا في المطبوعة وسنن الدارمي وموارد الظمآن والعبارة في المخطوطة: (بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم).

(5)

تصحفت في المخطوطة إلى: (رجع).

(6)

أخرجه الدارمي في السنن 1/ 9 - 10، المقدمة، باب ما أكرم اللَّه به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن. وابن حبان في "صحيحه" أورده الهيثمي في موارد الظمآن، ص (519 - 520)، كتاب علامات نبوة نبيّنا صلى الله عليه وسلم (35)، باب شهادة الشجر وانقيادها له (9)، =

ص: 119

4642 -

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنه قال: "جاءَ أعرابيٌّ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال (1): بِمَ أعرِفُ أنّكَ نبيٌّ؟ قال: إنْ دَعَوْتُ هذا العِذْقَ منْ هذهِ النَّخْلَةِ يشهدُ أنِّي رسول اللَّه (2). فدَعاهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجعلَ يَنزِل منَ النَّخْلَةِ حتَّى سقطَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: ارجِعْ. فعادَ، فأسلَمَ الأعرابيُّ"(3). (صحيح)(4).

4643 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: "جاءَ ذِئبٌ إلى راعِي غَنْمٍ فأخذَ منها شاةً، فطلبَهُ الراعِي حتَّى انتزَعَها منهُ، قال: فصَعِدَ الذِّئبُ على تَلٍّ فأقْعَى واستثْفَرَ (5) وقال: عَمَدْتُ إلى رِزْقٍ رَزَقَنِيهِ اللَّه أخذتهُ ثُمَّ انتزَعْتَهُ منِّي؟ فقالَ الرجلُ: تالله إنْ رأيتُ كاليومِ ذِئبٌ يَتكلَّم! فقالَ الذِّئبُ: أعجَبُ منْ هذا رجلٌ في النَّخَلاتِ بينَ الحَرَّتَيْنِ يُخْبِركُمْ بما مَضَى وما هوَ كائِنٌ بعدَكُمْ، قال: وكانَ الرجلُ يَهوديًّا، فجاءَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأخبرَهُ وأسلَمَ، فصدَّقَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّها أماراتٌ بينَ يَدَي الساعَةِ، فقدْ أَوْشَكَ الرجلُ أنْ يَخرجَ

= الحديث (2110)، والسَّلَمَة: شجرة من البادية وورقها القَرَظ الذي يدبغ به، وبها سمي الرجل سَلَمَة وقوله:"تَخُدّ الأرض" أي تشقها أخدودًا.

(1)

تصحفت في المخطوطة إلى: (قال).

(2)

كذا في الأصل وفي المشكاة 3/ 1666، والمرقاة 5/ 475، لكن اللفظ عند الترمذي والحاكم:". . . أتشهد أني رسول اللَّه؟. . . ".

(3)

أخرجه الترمذي في السنن 5/ 594، كتاب المناقب (50)، باب في آيات إثبات نبوَّة النبي صلى الله عليه وسلم (6)، الحديث (3628)، وقال:(حسن غريب صحيح)، وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 620، كتاب التاريخ، باب نزول العِذْقِ من النخلة، وقال:(صحيح على شرط مسلم) وأقرّه الذهبي، والعِذْق: بكسر العين وهو العرجون بما فيه من الشماريخ وهي بمنزلة العنقود من العنب، وبالفتح -العَذْق-: النخلة، والمراد به الأوَّل.

(4)

كذا في المطبوعة، واللفظ في المخطوطة (صحَّ).

(5)

كذا في الأصل، وفي المشكاة 3/ 1666، والمرقاة 5/ 475:"واستثفر" بالمثلثة فالفاء أي أدخل ذنبه بين رجليه وقيل بين ألييه، واللفظ فى كتاب الجامع لعمر بن راشد:"فأقعى واستقر".

ص: 120

فلا يَرجِعُ حتَّى تُحدِّثَهُ نَعْلاهُ وسَوْطُه بما أحدَثَ أهلُهُ بعدَهُ" (1).

4644 -

عن أبي العَلاء (2) عن سَمُرة بن جُنْدَب رضي الله عنه أنّه قال: "كُنَّا معَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَتَداوَلُ منْ قَصعَةٍ منْ غُدْوَةٍ حتَّى الليل، تقومُ عَشَرةٌ وتَقْعُدُ عَشَرةٌ. قُلنا: فَمَا (3) كانتْ تُمَدُّ؟! قال: منْ أيِّ شيءٍ تَعْجَبُ، ما كانتْ تُمَدُّ إلَّا منْ ها هنا وأشارَ بيدِهِ إلى السماءِ"(4).

4645 -

عن عبد اللَّه بن عَمْرو رضي الله عنه "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرجَ يومَ بَدْرٍ في ثَلاثِمائةٍ وخمسةَ عَشَرَ، فقال: اللَّهُمَّ إنَّهُمْ حُفاةٌ فاحْمِلْهُمْ، اللَّهُمَّ إنَّهُمْ عُراةٌ فاكْسُهُمْ، اللَّهُمَّ إنَّهُمْ جِياعٌ فأَشْبِعْهُمْ. ففَتحَ اللَّه لهُ، فانقَلَبوا وما منهُمْ رجلٌ إلَّا وقدْ رجعَ بجَمَلٍ أو جَمَلَيْنِ، واكْتَسُوا وشَبِعوا"(5).

(1) أخرجه معمر بن راشد في كتاب الجامع (المطبوع بآخر المصنَّف لعبد الرزاق) 11/ 383، باب أشراط الساعة، الحديث (20808)، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر أخرجه أحمد في المسند 6/ 302، والبغوي في شرح السنة 15/ 87، كتاب الفتن، باب كلام السباع، الحديث (4282)، قوله:"فأقعى" أي جلس مقعيًا بأن قعد على وركيه ونصب يديه، والحَرَّتين: تثنية حرّة وهي أرض ذات حجارة سود بين جبلين من جبال المدينة. وأمارات: أي علامات.

(2)

هو يزيد بن عبد اللَّه بن الشِّخّير العامري، أبو العلاء البصري، ثقة، من الثانية، مات سنة إحدى عشرة ومائة أو قبلها، وكان مولده في خلافة عمر رضي الله عنه، وروى له الستة (الحافظ ابن حجر، تقريب التهذيب 2/ 367، الترجمة (280)).

(3)

كذا في المخطوطة، وهو الموافق للفظ الترمذي، واللفظ في المطبوعة:(فمِمَّا)، وعند الدارمي:(أما)، وعند ابن حبان:(أكانت).

(4)

أخرجه الدارمي في السنن 1/ 30، المقدمة، باب ما أكرم النبي صلى الله عليه وسلم بنزول الطعام من السماء. والترمذي في السنن 5/ 593، كتاب المناقب (50)، باب في آيات إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم (5)، الحديث (3625)، وقال:(حسن صحيح)، وصححه ابن حبّان، أورده الهيثمي في موارد الظمآن، ص (527)، كتاب علامات نبوة نبيّنا صلى الله عليه وسلم (35)، باب بركته في الطعام (18)، الحديث (2149)، والحاكم في المستدرك 2/ 618، كتاب التاريخ، باب كثرة الطعام في قصعته صلى الله عليه وسلم، وقال:(صحيح على شرط الشيخين) وأقرّه الذهبي. وقوله: "نتداول" معناه نتناوب أخذ الطعام وأكله. والقصعة: هي الصحفة الكبيرة، وغدوة: أي أوَّل النهار.

(5)

أخرجه أبو داود في السنن 3/ 180 - 181، كتاب الجهاد (9)، باب في نفل السرية تخرج من العسكر (157)، الحديث (2747)، والحاكم في المستدرك 2/ 145، كتاب قسم الفيء، باب إنَّ الجنّة لا تحلّ لعاص، وقال:(صحيح على شرط مسلم) ولم يورده الذهبي في التلخيص. =

ص: 121

4646 -

عن ابن مسعود رضي الله عنهما، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّكُمْ مَنصورونَ ومُصيبونَ ومَفتوحٌ لكُمْ، فمَنْ أدركَ [ذلكَ] (1) منكُمْ فليَتَّقِ اللَّه ولْيأْمُرْ بالمعروفِ ولْيَنْهَ عن المُنكَرِ"(2).

4647 -

وعن جابر رضي الله عنه "أن يَهوديةً منْ أهلِ خَيْبَرَ سَمَّتْ شاةً مَصْلِيّةً، ثُمَّ أهدَتْها لرسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأَخذَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الذِّراعَ فأَكلَ منها وأكلَ رَهْطٌ منْ أصحابِهِ معهُ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ارْفَعوا أيْديَكُمْ. وأرسلَ إلى اليَهودية، فدَعاها فقال: سَمَمْتِ هذِه الشاةَ؟ فقالت: مَنْ أخبَرَكَ؟ فقال (3): أخبَرَنِي هذِه في يَدِي [يَعني] (4) الذِّراعَ قالتْ: نعمْ قلتُ إنْ كانَ نَبِيًّا فلنْ يَضُرَّهُ، وإنْ لمْ يكُنْ نبيًّا اسْتَرَحْنا منهُ، فعفَا عنها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولمْ يُعاقِبْها"(5).

4648 -

عن سَهْل بن الحَنْظَلِيَّة (6) "أنهُمْ سارُوا معَ رسولِ اللَّه

= وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة 3/ 38، جماع أبواب مغازي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بنفسه، باب ذكر عدد أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا معه إلى بدر.

(1)

ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، وهي عند جميع الأئمة الذين خرّجوا الحديث في ألفاظهم.

(2)

أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند، ص (44 - 45)، الحديث (337)، وأحمد في المسند 1/ 389، 436، والترمذي في السنن 4/ 524، كتاب الفتن (34)، باب (70)، الحديث (2257)، وقال:(حسن صحيح)، وعزاه للنسائي: المزي في تحفة الأشراف 7/ 75، الحديث (9359)، وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 159؛ كتاب البر والصلة، باب ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء، وقال:(صحيح الإسناد) وأقرّه الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 180، كتاب الجمعة، باب ما يستدل به على أن عدد الأربعين له تأثير فيما يقصد به الجماعة.

(3)

كذا في المطبوعة، واللفظ في المخطوطة:(قال).

(4)

ساقطة من المخطوطة، وليست عند أبي داود، ولا عند الدارمي، ولفظ أبي داود:(للذراع).

(5)

أخرجه الدارمي في السنن 1/ 33، المقدمة، باب ما أكرم النبي صلى الله عليه وسلم من كلام الموتى. وأبو داود في السنن 4/ 648 - 649، كتاب الديات (33)، باب فيمن سقى رجلًا سمًّا. . . (6)، الحديث (4510)، وقوله:"مَصْليَّة" أي مشويّة.

(6)

نقل القاري في المرقاة 5/ 477 عن الخطيب التبريزي قوله: (الحنظلية هي أم جدّه وقيل أمّه =

ص: 122

صلى اللَّهُ عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عَشِيَّة، فَجَاءَ فَارِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي طَلَعْتُ على جَبَلَ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ بِظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ، اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ (1): أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ارْكَبْ. فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ فَقَالَ: اسْتَقْبِلْ هَذَا الشِّعْبَ حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلَاهُ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُصَلَّاهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: هَلْ حَسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَسَسْنَاهُ، فَثَوَّبَ بِالصَّلَاةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصلي يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ: أَبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلَالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ طَلَعْتُ الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: لَا إِلَّا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لا تَعْمَلَ بَعْدَهَا" (2).

= وإليها ينسب وبها يعرف، وكان سهل ممّن بايع تحت الشجرة، وكان فاضلًا معتزلًا عن الناس كثير الصلاة والذكر، وكان عقيمًا لا يولد له، سكن الشام ومات بدمشق في أوَّل أيام معاوية).

(1)

نقل القاري في المرقاة 5/ 478 عن الخطيب التبريزي قوله: (شهد أنس بن أبي مرثد فتح مكة وحنينًا، ومات سنة عشرين، وله ولأبيه وجدّه وأخيه صحبة، واسم أبي مرثد كَنّاز).

(2)

أخرجه أبو داود في السنن 3/ 20 - 21، كتاب الجهاد (9)، باب في فضل الحرس في سبيل اللَّه تعالى (17)، الحديث (2501)، وعزاه للنسائي: المزي في تحفة الأشراف 4/ 95، الحديث (4650)، وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 83 - 84، كتاب الجهاد، باب حرمت النار على عين سهرت في سبيل اللَّه، وقال:(صحيح على شرط الشيخين، غير أنهما لم يخرّجا مسانيد سهل بن الحنظلية لقلة رواية التابعين عنه، وهو من كبار الصحابة) وأقرّه الذهبي وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/ 149، كتاب السير، باب فضل الحرس في سبيل اللَّه. وقوله:"فأطنبوا السير" أي أطالوا وبالغوا فيه. وهَوازن: اسم قبيلة كبيرة. وقوله: "بكرة أبيهم" أي كلهم مجتمعين. وقوله: "بظُعُنهم" أي جماعة الرجال والنساء الذين يظعنون أي يرتحلون =

ص: 123