الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في المِعْرَاجِ
[مِنَ الصِّحَاحِ:]
4577 -
عن قتادة رضي الله عنه، عن أنس بن مالِك رضي الله عنه، عن مالِك بن صَعْصَعَة رضي الله عنه، أنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم حدّثهم عن ليلة أُسرِيَ به: "بينما أنا في الحَطِيمِ -وربّما قال: في الحِجْرِ- (1) مُضطجِعًا إذْ أتانِي آتٍ فشقَّ ما بينَ هذِه إلى هذِه -يَعني: منْ ثغْرةِ نَحْرِهِ إلى شِعْرَتِهِ- (2) فاستخرجَ قَلبِي، ثمَّ أُتيتُ بطَسْتٍ منْ ذَهبٍ مملوءٍ إيمانًا (3)، فغُسِلَ قَلبي، ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُعيدَ -وفي رواية (4): ثُمَّ غُسِلَ البطنُ بماءِ زَمْزَمَ، ثمَّ مُلِئَ إيمانًا وحِكْمةً- ثُمَّ أُتيتُ بِدابّةٍ دُونَ البَغلِ وفوقَ الحِمارِ أبيضَ، يَضَعُ خَطْوَهُ عندَ أقصَى طَرْفِهِ، فحُمِلتُ عليهِ، فانطلقَ بي جِبريلُ حتَّى أتَى السماءَ الدُّنيا، فاستفتَحَ، قيلَ مَنْ هذا؟ قالَ: جِبريلُ، قيل: ومَن معكَ؟ قال محمّدٌ، قيل: وقدْ أُرسِلَ إليه؟ قال: نعم، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المجيءُ جاءَ، ففُتِحَ، فلمَّا خَلَصْتُ (5) فإذا فيها آدمُ، فقال: هذا أبوكَ آدم فسلِّمْ عليه، فسلَّمتُ عليهِ، فردَّ السلامَ ثمّ قال: مَرحبًا بالابنِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ. ثمّ صَعِدَ بي حتَّى أتَى السماءَ الثانيةَ، فاستفتَحَ، قيل: مَنْ هذا؟ قال: جِبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمّدٌ قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟ قال: نعمْ،
(1) الحطيم: حِجر، سمي حِجرًا لأنَّه حجر عنه بحيطانه، وحطيمًا لأنه حطم عنه جداره عن مساواة الكعبة.
(2)
قوله: "ثغرة نحره" أي الموضع المنخفض الذي بين الترقوتين، و"شِعرته" أي شعر العانة (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 7/ 204).
(3)
في المخطوطة زيادة: (وحكمة) وليست في المطبوعة، ولا في لفظ المؤلف في شرح السنة 13/ 337، ولا عند البخاري، وهي موجودة عند مسلم.
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 302، كتاب بدء الخلق (59)، باب ذكر الملائكة (6)، الحديث (3207)، ومسلم في الصحيح 1/ 151، كتاب الإيمان (1)، باب الإسراء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات (74)، الحديث (265/ 164).
(5)
قوله: "فلما خَلَصْت" أي وصلت ودخلت (القاري، المرقاة 3/ 427).
قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ، ففُتِحَ، فلما خَلَصْتُ إذا يَحيَى وعيسَى، وهُما ابنا خالَةٍ، قال: هذا يَحيَى وعيسَى فسلّمْ عليهِما، فسلَّمتُ، فردّا ثمّ قالا: مَرحبًا بالأخِ الصالح والنبيِّ الصالحِ. ثُمَّ صَعِدَ بي إلى السَّماءِ الثالثةِ، فاستفتَحَ، قيل: مَنْ هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمّدٌ، قيل: وقدْ أُرسِلَ إليهِ؟ قال: نعمْ، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ، ففُتِحَ، فلما خَلَصْتُ إذا يُوسُفُ، قال: هذا يُوسُفُ فسلِّمْ عليهِ، فسلَّمتُ عليهِ، فردَّ ثمّ قال: مَرحبًا بالأخِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ ثمَّ صَعِدَ بي حتَّى أتَى السماءَ الرابعةَ، فاستفتَحَ، قيل: مَنْ هذا؟ قال: جِبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمّدٌ، قيل: وقدْ أُرسِلَ إليهِ؟ قال: نعم، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ ففُتِحَ، فلمَّا خَلَصْتُ فإذا إدريس، قال: هذا إدريسُ فسلِّمْ عليهِ، فسلَّمتُ عليهِ، فردَّ ثمَّ قال: مَرحبًا بالأخِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ. ثُمَّ صَعِدَ بي حتَّى أتَى السماءَ الخامسةَ، فاستفتَحَ، قيل: مَنْ هذا؟ قال جبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمدٌ، قيل: وقدْ أُرسِلَ إليهِ؟ قال: نعمْ، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المَجيءُ جاءَ، فلمَّا خَلَصْتُ فإذا هارونُ، قال: هذا هارونُ فسلِّمْ عليهِ، فسلَّمت عليهِ، فردَّ ثُمَّ قال: مَرحبًا بالأخِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ. ثُمَّ صَعِدَ بي حتَّى أتَى السماءَ السادسةَ، فاستفتَح، قيل: مَنْ هذا؟ قال: جِبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمّدٌ؟ قيل: وقدْ أُرسِلَ إليهِ؟ قال: نعمْ، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاء، فلمّا خَلَصْتُ فإذا مُوسَى، قال: هذا مُوسَى فسلِّمْ عليهِ، فسلَّمتُ عليهِ، فردَّ (1) ثمّ قال: مَرحبًا بالأخِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ، فلمّا تجاوَزْتُ بكَى، قيلَ [لَهُ] (2): ما يُبكيكَ؟ قال: أبكي لأنَّ غلامًا بُعِثَ بعدِي يَدخل الجنّة منْ أمّتِه أكثرُ مِمنْ يَدخُلُها منْ أُمَّتي. ثمَّ صَعِدَ بي إلى
(1) في المطبوعة زيادة: (السلام) وليست في المخطوطة ولا عند البخاري.
(2)
ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة، والصواب إثباته كما في المخطوطة، وعند المؤلف في شرح السنة وفي صحيح البخاري.
السَّماءِ السابعةِ، فاستفتَحَ جِبريلُ، قيل: مَنْ هذا؟ قال: جِبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمدٌ، قيل: وقدْ بُعِثَ إليه؟ قال: نعمْ، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ، فلمَّا خَلَصْتُ فإذا إبراهيمُ، قال: هذا أبوكَ إبراهيمُ فسلِّمْ عليهِ، فسلَّمتُ عليهِ، فردَّ السَّلامَ ثمّ قال: مَرحبًا بِالابْنِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ. ثمَّ رُفِعْت إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى (1)، فإذا نَبِقُها مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ (2)، وإذا وَرَقُها مِثْل آذانِ الفِيَلَة، قال: هذا سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فإذا أربعةُ أنهارٍ: نَهرانِ باطِنان، ونَهرانِ ظاهرانِ، قلتُ: ما هذانِ يا جبريلُ؟ قال: أمَّا الباطِنانِ فَنهرانِ في الجنَّةِ، وأمّا (3) الظّاهِرَانِ فَالنِّيلُ (4) والفُراتُ. ثم رُفِعَ لي البيتُ المَعْمُورُ (5). ثمَّ أُتيتُ بإناءٍ منْ خَمْرٍ وإناءٍ منْ لَبَن وإناءٍ منْ عَسلٍ، فأخذتُ اللَّبَنَ، فقال: هيَ الفِطرةُ التي أنتَ عليها وأُمَّتُكَ ثُمَّ فُرِضَتْ عليَّ الصلاةُ خَمسينَ صلاةً كُلَّ يومٍ، فرَجَعْتُ فمَررْتُ على مُوسَى فقال: بِمَ أُمِرْتَ؟ قلتُ: أُمِرْتُ بخَمسينَ صلاةً كُلَّ يومٍ، قال: إنَّ أمَّتَكَ لا تَستطيعُ خَمسينَ صلاةً كُلَّ يومٍ، وإنِّي واللَّه قدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وعالَجْتُ بَني إسْرائيل أَشَدَّ المُعالَجَة، فارجِعْ إلى ربِّك فسَلْهُ (6) التخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، فرجَعتُ، فوضَعَ عنِّي عَشْرًا، فرجَعتُ إلى مُوسَى
(1) سدْرَة المنتهى: قال النووي (سميّت كذلك لأنَّ علم الملائكة ينتهي إليها، ولم يجاوزها أحد إلَّا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) وقال السيوطي: (إضافتها إلى المنتهى لأنَّها مكان ينتهي دونه أعمال العباد وعلوم الخلائق (القاري، المرقاة 5/ 429).
(2)
قوله: "فإذا نَبِقُها مثل قِلال هجر" النَبِقَ: هو ثمر السدر، قال الخطابي: القِلال بالكسر جمع قُلّة بالضم هي الجرار، يريد أن ثمرها في الكبر مثل القلال، وكانت معروفة عند المخاطبين فلذلك وقع التمثيل بها. وهَجَر بلدة (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 7/ 213).
(3)
تصحفت في المطبوعة إلى (فَأمّا) بالفاء، والتصويب من المخطوطة، وشرح السنة، وصحيح البخاري.
(4)
تصحفت في المطبوعة إلى (النيل)، والتصويب من المخطوطة وشرح السنة، وصحيح البخاري.
(5)
البيت المعمور هو بيت في السماء السابعة، حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض (القاري، المرقاة 5/ 430).
(6)
كذا في المطبوعة، وهو الموافق للفظ المؤلف في شرح السنة، واللفظ في المخطوطة:(فاسأله) وهو الموافق للفظ البخاري.
فقال مِثْلَهُ، فرجَعتُ فوضَعَ عنِّي عَشْرًا، فرجَعتُ إلى مُوسى فقالَ مِثْلَهُ، فرَجعتُ فوضَعَ عنِّي عَشْرًا، فرجَعتُ إلى مُوسَى فقالَ مِثْلَهُ، فرجَعتُ فأُمِرْتُ بعَشْرِ صَلواتٍ كُلَّ يوم [وليلةٍ، فرجَعتُ إلى مُوسَى](1) فقالَ مِثْلَهُ، فرجَعتُ فأُمِرْتُ بخَمس صلواتٍ كُلَّ يومٍ، فرجَعتُ إلى مُوسَى فقال: بِمَ أُمِرْتَ؟ قلت: أُمِرْتُ بخَمسِ صَلواتٍ كُلَّ يومٍ (2)، قال: إنَّ أُمَّتَكَ لا تَستطيعُ خَمسَ صَلواتٍ كُلَّ يومٍ، وإنِّي قدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وعالَجْتُ بَني إِسْرائيلَ أشَدَّ المُعالجَةَ، فارجِعْ إلى ربِّكَ فسَلْهُ (3) التخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، قال:[قلت](4) سألتُ ربِّي حتَّى استَحْيَيْتُ ولكنِّى أرْضَى وأُسلِّمُ. قال: فلمَّا جاوَزْتُ نادَى مُنادٍ: أمضَيْتُ فَريضَتِي وخفَّفْتُ [عن](5) عِبادِي" (6).
4578 -
وروى ثابِت عن أنس رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "أُتيتُ بالبُراقِ، وهوَ دابّةٌ أبيضُ طويلٌ فوقَ الحمارِ ودُونَ البغلِ، يقعً حافِرُهُ عندَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فركِبْتُهُ حتَّى أتيتُ بيتَ المَقْدِسِ فربَطْتُهُ بالحَلْقَةِ التي يَربِطُ بها الأنبياءُ. قال: ثُمَّ دخلتُ المسجِد فصلَّيْتُ فيهِ ركعَتَيْنِ، ثمَّ خَرَجْت فجاءَنِي جِبريل بإناءٍ منْ خمرٍ وإناءٍ منْ لَبَنٍ، فاخترتً اللَّبَنَ، فقال جِبريلُ: اختَرْتَ الفِطْرَةَ، ثُمَّ عَرَجَ بنا إلى السَّماءِ. وقالَ في السَّماءِ الثالثة:
(1) ما بين الحاصرتين زيادة من المطبوعة ليست في المخطوطة، ولا عند المؤلف في شرح السنة، وذكر البخاري (فرجعت إلى موسى) فقط.
(2)
في المطبوعة زيادة: (وليلة) وليست عند المؤلف في شرح السنة، ولا عند البخاري.
(3)
كذا في المطبوعة، وهو الموافق للفظ المؤلف في شرح السنة، واللفظ في المخطوطة:(فاسأله) وهو الموافق للفظ البخاري.
(4)
العبارة في شرح السنة بدون (قلت)، وكذا عند البخاري، وفي مخطوطة برلين:(قلت) بدون (قال).
(5)
ساقطة من المخطوطة.
(6)
متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 201 - 202، كتاب مناقب الأنصار (63)، باب المعراج (42)، الحديث (3887)، واللفظ له. وأخرجه مسلم في الصحيح 1/ 149 - 151، كتاب الإيمان (1)، باب الإسراء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات (74)، الحديث (264/ 164).
فإذا أنا بيُوسُفَ، إذا هوَ قدْ أعطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ، فرَحَّبَ بي ودَعا لي بخَيْرٍ. وقالَ في السَّماءِ السابعة (1): فإذا أنا بإبراهيمَ مُسْنِدًا (2) ظَهْرَهُ إلى البيتِ المَعْمُورِ، وإذا (3) هوَ يَدخُلُهُ كُلَّ يومٍ سَبعونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعودونَ إليهِ، ثمَّ ذهبَ بي إلى سِدْرَةِ المُنْتهَى، فإذا وَرَقها كآذانِ الفِيَلَةِ، وإذا ثَمَرُها كالقِلالِ، فلمَّا غشِيَها منْ أمْرِ اللَّه ما غَشِيَ تَغيَّرَتْ، فما أحدٌ منْ خَلْقِ اللَّه يَستطيعُ أنْ يَنْعَتَها منْ حُسْنِها وَأوْحى (4) إليَّ ما أوْحَى، ففَرضَ عليَّ خَمسينَ صلاةً في كُلِّ يومٍ وليلةٍ، فنزلتُ إلى مُوسى (5). وقال: فلمْ أَزَلْ أرجِع بينَ ربِّي وبينَ مُوسَى حتَّى قال: يا محمّدُ إنَّهُنَّ خَمسُ صَلواتٍ كُلَّ يومٍ وليلةٍ، لكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ، فذلكَ خمسونَ صلاةً، مَنْ (6) هَمَّ بحَسنةٍ فلمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ لهُ حَسنةً، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لهُ عَشْرًا، ومَنْ هَمَّ بسَيئةٍ فلمْ يَعْمَلْها لمْ يُكْتَبْ (7) شيئًا، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ سَيِّئةً واحِدةً" (8).
4579 -
عن ابن شِهاب، عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو ذرّ يُحدِّث أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "فُرِجَ عنِّي سَقْف بَيتي وأنا
(1) تصحفت في المخطوطة إلى (الرابعة) والتصويب من المطبوعة وشرح السنة 13/ 343.
(2)
تصحفت في المخطوطة إلى (مُسْنِدٌ) بالرفع، والتصويب من شرح السنة وصحيح مسلم.
(3)
تصحفت في المخطوطة إلى (فإذا) بالفاء، والتصويب من شرح السنة وصحيح مسلم.
(4)
كذا في المخطوطة وشرح السنة، والعبارة في المطبوعة (فَأوْحَى اللَّه) وكذا هي عند مسلم.
(5)
اختصر المؤلف لفظ الحديث بعد هذا الموضع في كتابه "المصابيح" وأسقط من لفظ الحديث مقدار (6) أسطر، لكنه ذكرها في كتابه شرحٍ السنة 13/ 344، وها هو السقط:"فقال: ما فرض ربُّكَ على أُمتِكَ؟ قلتُ: خمسين صلاةً. قال: ارجِعْ إلى ربكَّ فَسَلْهُ التخفيفَ، فإنَّ أُمتَكَ لا تُطيقُ ذلكَ، فإني قد بَلَوْتُ بني إسرائيل وَخَبَرْتُهُمْ. قال: فرجعتُ إلى رَبي، فقلتُ: يا رَبّ خفف على أُمَّتي، فَحَطَّ عَنّي خمسًا، فرجعت إلى موسى فقلت: حَطَّ عَني خمسًا. قال: إن أُمَّتَكَ لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربكَ فَسَلْهُ التخفيفَ".
(6)
كذا في المخطوطة وفي شرح السنة. والعبارة في المطبوعة (ومن) بزيادة واو، وكذا عند مسلم.
(7)
كذا في المخطوطة وفي شرح السنة، والعبارة في المطبوعة (تُكتب) بالتاء، وكذا عند مسلم.
(8)
أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 145 - 147، كتاب الإيمان (1)، باب الإسراء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات (74)، الحديث (259/ 162).
بمكّةَ، فنزلَ جِبريلُ ففَرَجَ صَدرِي (1)، ثمَّ غَسلَهُ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جاءَ بطَسْتٍ منْ ذَهَبِ مُمتلِئٍ حِكمةً وإيمانًا فأفرَغَهُ في صَدرِي، ثمَّ أطبَقَهُ، ثمَّ أخذَ بيدِي فَعَرَجَ بي إلى السَّماءِ، [فلمَّا جِئتُ إلى السماءِ] (2) الدُّنْيا قال جِبريلُ لخازِنِ السَّماءِ: افْتَحْ، فلمَّا فَتحَ عَلَوْنا السماءَ الدُّنْيا، إذا رجلٌ قاعِدٌ على يَمينِه أَسْوِدَةٌ (3) وعلي يَسارِهِ أسْوِدَةٌ، إذا نظرَ قِبَلَ يَمينهِ ضَحِكَ، وإذا نظرَ قِبَلَ شِمالِه بَكَى، فقال: مرحبًا بالنبيِّ الصالحِ والابنِ الصالحِ: قلتُ (4) لِجبريلَ: مَنْ هذا؟ قال: هذا آدمُ، وهذِه الأَسْوِدَةُ عنْ يَمينِه وعنْ شِماله نَسَمُ (5) بنيهِ، فأهلُ اليَمينِ منهُمْ أهلُ الجنَّةِ، والأسْوِدَةُ التي عنْ شِمالِه أهلُ النَّارِ، فإذا نظرَ عنْ يَمينِه ضَحِكَ، وإذا نظرَ قِبَلَ شِمالِهِ بَكَى". وقال ابنُ شِهاب رضي الله عنه: فأخبرَني ابنُ حَزْم (6) أنَّ ابنَ عبَّاسٍ رضي الله عنه وأبا حَيَّةَ الأنصارِيَّ (7) كانا يقولان: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ثمَّ عُرِجَ بي حتَّى ظَهرْتُ بِمُسْتَوًى أسمعُ فيهِ صَريفَ الأقلامِ"(8). وقالَ ابنُ حَزْمٍ وأنسٌ: قالَ النَّبيُّ صلى اللَّه
(1) فرج: أي فتح، وقوله:"ففرج صدري" أي شقَّهُ (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 1/ 460).
(2)
ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة وأثبتناه من المطبوعة وشرح السنة 13/ 345.
(3)
الأسْوِدَة جمع سواد كسنام وأسنمة وزمان وأزمنة، وقال أهل اللغة: السواد الشخص وقيل السواد الجماعات (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 218).
(4)
كذا في المخطوطة وشرح السنة، والعبارة في المطبوعة (فقلت) بالفاء.
(5)
النَّسَم: بفتح النون والسين والواحدة نَسَمة، قال الخطابي وغيره: هي نفس الإِنسان، والمراد أرواح بني آدم (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 218).
(6)
أي أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 1/ 462).
(7)
كذا في المطبوعة (أبو حيّة) بالياء، قال النووي في شرح صحيح مسلم 2/ 220 - 221:(أبو حبّة بالحاء المهملة وبالباء الموحدة، هكذا ضبطناه هنا، وفي ضبطه واسمه اختلاف، فالأصحّ الذي عليه الأكثرون "حبّة" بالباء الموحدة كما ذكرنا، وقيل "حيّة" بالياء المثناة تحت، وقيل "حنّة" بالنون وهذا قول الواقدي، وقد اختلف في اسم أبي حبّة، فقيل عامر، وقيل مالك، وقيل ثابت، وهو بدريّ باتفاقهم واستشهد يوم أُحد).
(8)
صريف الأقلام: تصويتها حال الكتابة، قال الخطابي: هو صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية اللَّه تعالى ووحيه وما ينسخونه من اللوح المحفوظ، أو ما شاء اللَّه تعالى من ذلك أن يكتب ويرفع لما أراده من أمره وتدبيره (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 221).
عليه وسلم: "ففَرَض اللَّه على أُمَّتي خَمسينَ صلاةً، فرجَعْتُ حتَّى مَرَرْتُ على مُوسَى، فراجَعَني، فوَضَعَ شَطْرَها. وقالَ في الآخر: فراجَعْتُهُ فقال: هِيَ خَمسٌ وهي خمسونَ، ما يُبَدَّلُ القولُ لَدَيَّ فرجَعْتُ إلى مُوسَى فقال: راجِعْ ربَّكَ، فقلتُ: اسْتَحْيَيْتُ منْ ربِّي. ثمَّ انطلق (1) بي حتَّى انتهى بي إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وغَشِيَها ألْوانٌ لا أدْرِي ما هِيَ، ثمَّ أُدْخِلْتُ الجنَّةَ فإذا فيها جنابذُ (2) اللؤُلؤِ، وإذا تُرابُها المِسْكُ"(3).
4580 -
عن عبد اللَّه قال: "لمَّا أُسرِيَ برسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم انتُهِيَ بهِ إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وهيَ في السَّماءِ السّادِسَة (4) إليها يَنتهِي ما يُعْرَجُ به مِنَ الأرضِ فيُقبَضُ منها، وإليها يَنتهي ما يُهْبَطُ بهِ مِنْ فوقها فيُقْبَضُ
(1) حصل خطأ في ترتيب صفحات مخطوطة برلين ابتداء من هذا الموضع، وقع به مُرَقِّمُ الصفحات بالأرقام الأجنبية، وقد أخذت هذه الصفحة الرقم (286/ ب).
(2)
الجَنابِذ: هي القباب واحدتها جنبذة. ووقع في كتاب الأنبياء من صحيح البخاري كذلك -أي جنابذ-، ووقع في أول كتاب الصلاة منه "حبائل" قال الخطابي وغيره: هو تصحيف، واللَّه أعلم (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 222 - 223).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 458 - 459، كتاب الصلاة (8)، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء (1)، الحديث (349)، وفي 6/ 374، كتاب الأنبياء (60)، باب ذكر إدريس عليه السلام (5)، الحديث (3342)، وأخرجه مسلم في الصحيح 1/ 148 - 149، كتاب الإيمان (1)، باب الإسراء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات (74)، الحديث (263/ 163).
(4)
تحرفت في المطبوعة إلى "السابعة" والتصويب من المخطوطة، وشرح السنة 13/ 349، ولفظ مسلم ". . . وهي في السماء السادسة. . . " قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 2:(كذا هو في جميع الأصول "السادسة" وقد تقدَّم في الروايات الأخر من حديث أنس أنها فوق السماء السابعة، قال القاضي: كونها في السابعة هو الأصح وقول الأكثرين وهو الذي يقتضيه المعنى وتسميتها بالمنتهى. قلت: ويمكن أن يجمع بينهما فيكون أصلها في السادسة ومعظمها في السابعة، فقد علم أنها في نهاية من العظم، وقد قال الخليل رحمه الله: هي سدرة في السماء السابعة قد أظلّت السماوات والجنة، وقد تقدَّم ما حكيناه عن القاضي عياض رحمه الله في قوله: إن مقتضى خروج النهرين الظاهرين النيل والفرات من أصل سدرة المنتهى أن يكون أصلها في الأرض، فإن سلم له هذا أمكن حمله على ما ذكرناه واللَّه أعلم).
منها، قال:{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} (1) قال: فَراشٌ منْ ذَهَبٍ، قال: فأُعطِيَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثًا: أُعطِيَ الصَّلواتِ الخَمسَ، وأُعطِيَ خَواتيمَ سُورَةِ البقَرَةِ، وغُفِرَ لمنْ لا يُشرِكُ باللَّه مِنْ أُمتِه شيئًا المُقْحِماتُ" (2).
4581 -
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لقدْ رأَيْتُنِي في الحِجْرِ وقريشٌ تسألُنِي عنْ مَسْرايَ، فسألَتْنِي عنْ أشياءَ منْ بيتِ المَقْدِسِ لمْ أُثْبِتْها، فكُرِبْتُ كَربًا ما كُرِبْت مِثلَهُ، فرفَعَهُ اللَّه [تعالى] (3) لي أنظُرُ إليهِ، ما يسألوننِي عنْ شيءٍ إلَّا أنبأْتُهُمْ، وَقَدْ (4) رأيْتُنِي في جَماعةٍ مِنَ الأنبياءِ، فإذا مُوسَى قائِمٌ يُصلِّي، فإذا رجلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كأنه [منْ] (5) رِجالِ شَنوأَةَ، وإذا عيسَى قائِمٌ يُصلِّي، أقربُ النَّاسِ بهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفيُّ، وإذا إبراهيم قائِمٌ يُصلِّي، أشْبَهُ النَّاسِ بهِ صاحِبُكُمْ -يَعني نفسَهُ- فحانَتِ الصَّلاةُ فأَمَمْتُهُمْ، فلمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلاةِ قالَ لي قائلٌ: يا محمّدُ هذا مالِكٌ خازِنُ النَّارِ فسلِّمْ عليهِ، فالتَفَتُّ إليهِ فبدأَنِي بالسَّلامِ"(6).
(1) سورة النجم (53)، الآية (16).
(2)
أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 157، كتاب الإِيمان (1)، باب في ذكر سدرة المنتهى (76)، الحديث (279/ 173)، والمُقْحِمات: أي الذنوب العظام الكبائر التي تهلك أصحابها وتوردهم النَّار وتقحمهم إياها، والتقحم: الوقوع في المهالك (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 3).
(3)
ليست في مخطوطة برلين.
(4)
تصحفت في المطبوعة إلى: (ولقد) والتصويب من المخطوطة، وهو الموافق للفظ مسلم.
(5)
ساقطة من المخطوطة.
(6)
أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 156 - 157، كتاب الإيمان (1)، باب ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجّال (75)، الحديث (278/ 172).