المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - باب المبعث وبدء الوحي - مصابيح السنة - جـ ٤

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌7 - باب صفة النار وأهلها

- ‌8 - باب خلق الجنّة والنار

- ‌9 - باب بدء الخلق وذكر الأنبياء عليهم السلام

- ‌[27 - كتاب الفضائل والشمائل]

- ‌1 - بابُ فَضَائِلِ سَيِّدِ الْمرْسَلِينَ صَلَوَات اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌2 - بابُ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ عليه السلام وَصِفَاتُهُ

- ‌3 - بابٌ في أَخْلاقِهِ وشَمَائِلِهِ عليه السلام

- ‌4 - بابُ المَبْعَثِ وَبِدْءِ الوَحْيِ

- ‌5 - بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ

- ‌فصل في المِعْرَاجِ

- ‌فصل في المُعْجِزَاتِ

- ‌6 - بَابُ الكَرَامَاتِ

- ‌7 - بَابُ الهِجْرَةِ

- ‌8 - باب

- ‌[28 - كتاب المناقب]

- ‌1 - بَابٌ في مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ وَذِكْرِ القَبَائِلِ

- ‌2 - بابُ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌3 - بابُ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه

- ‌4 - بَابُ مَنَاقِب عُمَرَ بنِ الخَطَّاب رضي الله عنه

- ‌5 - بابُ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌6 - بَابُ مَنَاقِبِ عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌7 - بابُ مَنَاقِبِ هؤلاءِ الثَّلاثَةِ رضي الله عنهم

- ‌8 - بابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبِ رضي الله عنه

- ‌9 - بابُ مَنَاقِبِ العَشرَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

- ‌10 - بابُ مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - بابُ مَنَاقِبِ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - بَابُ جَامِعِ المَنَاقِبِ

- ‌13 - بابُ ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّأْمِ وَذِكرِ أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌14 - بابُ ثَوَابِ هَذِهِ الأُمَّةِ

- ‌فهرس الأطوال والأوزان والمكاييل والنقود الإِسلامية

- ‌ثبت‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌(ج)

- ‌ح

- ‌(خ)

- ‌د

- ‌(ذ)

- ‌ز

- ‌ر

- ‌س

- ‌ص

- ‌(ش)

- ‌(ط)

- ‌ع

- ‌غ

- ‌(ف)

- ‌ك

- ‌ق

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌و

- ‌ه

- ‌ي

الفصل: ‌4 - باب المبعث وبدء الوحي

‌4 - بابُ المَبْعَثِ وَبِدْءِ الوَحْيِ

مِنَ الصِّحَاحِ:

4551 -

عن عِكْرِمة (1)، عن ابن عبَّاس رضي الله عنه قال:"بُعِثَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لأَرْبَعِينَ سنةً، فمَكثَ بمكّةَ ثلاثَ عشْرةَ سنةً يُوحَى إليهِ، ثمَّ أُمِرَ بالهِجرةِ فهاجَرَ عشْرَ سِنينَ، وماتَ وهو ابنُ ثلاثٍ وستّينَ (2) "(3).

4552 -

وعن عمّار بن أبي عمّار (4)، عن ابن عبَّاس رضي الله عنه قال:"أقامَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بمكّةَ خَمْسَ عشْرَة سنةً، يَسمعُ الصَّوْتَ ويَرَى الضَّوْءَ سبعَ سنينَ ولا يَرَى شيئًا، وثماني سِنينَ يُوحى إليهِ، وأقامَ بالمدينةِ عشْرًا"(5).

(1) هو أبو عبد اللَّه عكرمة مولى ابن عباس الهاشمي المدني، أصله بربري من أهل المغرب، وهو من كبار التابعين (النووي، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 341، الترجمة (421)). ذكره الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب 2/ 30، الترجمة (277)، وقال:(ثقة ثبت عالم بالتفسير، لا يثبت عنه بدعة، من الثالثة، مات سنة سبع ومائة، وقيل بعد ذلك).

(2)

في المطبوعة زيادة: (سَنَةً) في آخر الحديث، وليست في المخطوطة ولا عند البخاري ولفظ الحديث له من رواية عكرمة عن ابن عباس في روايته التي في كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهي موجودة عند مسلم في آخر حديثه من رواية أبي جمرة الضبعي عن ابن عباس.

(3)

متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنه، أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 162، كتاب مناقب الأنصار (63)، باب مبعث النَّبيّ صلى الله عليه وسلم (28)، الحديث (3851)، وفي 7/ 227، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة (45)، الحديث (3902) و (3903)، واللفظ له. وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1826، كتاب الفضائل (43)، باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة (33)، الحديث (117/ 2351) و (118/ 2351).

(4)

هو عمّار بن أبي عمار، مولى بني هاشم، أبو عمرو ويقال أبو عبد اللَّه، صدوق ربما أخطأ من الثالثة، روي له مسلم والأربعة (الحافظ ابن حجر، تهذيب التهذيب 2/ 48، الترجمة (447)).

(5)

أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1827، كتاب الفضائل (43)، باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة (33)، الحديث (123/ 2353).

ص: 62

4553 -

ويُروى عن ابن عبَاس رضي الله عنه "أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم تُوفِّيَ وهوَ ابنُ خَمْسٍ وسِتّينَ سنةً"(1).

4554 -

ويُروى (2) عن رَبِيعة (3)، عن أنس رضي الله عنه قال:"تَوفّاهُ اللَّه على رأْسِ سِتينَ سنةً"(4).

4555 -

وعن الزُّبَيْر بن عَدِيّ (5) رضي الله عنه، عن أنس رضي الله عنه قال:"قُبِضَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو ابنُ ثلاثٍ وسِتينَ سنةً، وأبو بَكْرٍ وهوَ ابنُ ثلاثٍ وسِتّينَ، وعُمَرُ وهوَ ابنُ ثلاثٍ وسِتّين"(6). قال محمّد بن إسماعيل (7): ثلاث وستين أكثر.

4556 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أوَّلُ ما بُدِئَ بهِ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم منَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصادِقةُ (8) في النومِ، فكانَ

(1) أخرجه مسلم في المصدر نفسه، الحديث (122/ 2353).

(2)

في المخطوطة: (ورُوِيَ).

(3)

هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، التيمي مولاهم، أبو عثمان المدني، المعروف بربيعة الرأي، واسم أبيه فرُّوخ، ثقة، فقيه مشهور، من الخامسة، روي له الستة (الحافظ ابن حجر، تهذيب التهذيب 1/ 247، الترجمة (60)).

(4)

هذه شطرة من حديث متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 10/ 356، كتاب اللباس (77)، باب الجَعْد (68)، الحديث (5900)، ومسلم في الصحيح 4/ 1824، كتاب الفضائل (43)، باب في صفة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنّه (31)، الحديث (113/ 2347)، وقد تقدم الحديث بطوله برقم (4501).

(5)

الزبير بن عدي الهمداني اليامي، ولي قضاء الري، ثقة من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين وماثة، ورى له الستة (الحافظ ابن حجر، تهذيب التهذيب 1/ 258).

(6)

أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1825، كتاب الفضائل (43)، باب كم سنْ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم قبض (32)، الحديث (114/ 2348).

(7)

أي البخاري، وقوله (أكثر) أي أكثر رواية من غيرها. وقال في التاريخ الكبير ق 1، ج 2، ص 255، في ترجمة دَغْفَل بن حنظلة النسّاب: وهذا أَصَحَّ.

(8)

كذا في المخطوطة والمطبوعة وفي لفظين للبخاري ولفظ مسلم، لكن لفظ المؤلف في شرح السنة 13/ 316:(الصالحة) وهو لفظ البخاري الذي في كتاب بدء الوحي وهو أقرب الروايات لفظًا من لفظ المؤلف هنا.

ص: 63

لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ (1)، ثمَّ حُبِّبَ إليهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلو بغارِ حِراءٍ فيَتحَنَّثُ (2) فيهِ -وهو التعبُّدُ- (3) اللياليَ ذَواتِ العددِ قبلَ أنْ يَنزِعَ إلى أهلِهِ ويتزوَّدُ لذلكَ، ثمَّ يَرجِعُ إلى خَديجةَ فيتَزوَّدُ لمثلِها، حتَّى جاءَهُ (4) الحقُّ وهوَ في غارِ حراءٍ، فجاءَهُ المَلَكُ فقال: اقْرَأْ، قال: ما أنا بقارِئٍ. قال: فأخذَنِي فغَطَّنِي حتَّى بلغَ مِنِّي الجُهْدَ (5)، ثمَّ أرسَلَني فقال: اقْرَأ، قلتُ: ما أنا بقارِئٍ. فأخذَنِي فغَطَّني الثانيةَ حتَّى بلغَ [مِنِّي](6) الجُهْدَ، ثُمَّ أرسَلَنِي فقال: اقْرَأْ، قلتُ: ما أنا بقارِئٍ. فأخذَنِي فغطني الثالثة، ثمَّ أرسَلَنِي فقال:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} (7) فرجَعَ بها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَرْجُفُ فُؤادُهُ، فَدخلَ على خَديجةَ فقال: زَمِّلونِي زَمِّلوني (8). فزَمَّلُوهُ حتَّى ذهبَ عنهُ الرَّوْعُ، فقالَ لخَديجةَ وأخْبَرَها الخبَرَ: لقدْ خَشيتُ على

(1) قال أهل اللغة: فَلَق الصبح وفَرَق الصبح بفتح الفاء واللام والراء هو ضياؤه، وإنما يقال هذا في الشيء الواضح البينّ (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 197).

(2)

التحنّث فسره بالتعبّد، وهو تفسير صحيح، وأصل الحنث الإثم، فمعنى يتحنّث يتجنب الحنث فكأنه بعبادته يمنع نفسه من الحنث (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 198).

(3)

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 1/ 23: (قوله: (وهو التعبد) هذا مدرج في الخبر، وهو من تفسير الزهري كما جزم به الطيبي ولم يذكر دليله، نعم في رواية المؤلف من طريق يونس عنه في التفسير ما يدل على الإِدراج).

(4)

كذا في المطبوعة، وهو الموافق للفظ المؤلف في شرح السنة، وللفظ البخاري الذي في كتاب بدء الوحي، لكن اللفظ في المخطوطة:(جاء)، وعند البخاري في روايتين وعند مسلم:(فَجِئَهُ).

(5)

قوله صلى الله عليه وسلم: "فغطّني حتَّى بلغ مني الجُهْد" أما غطنّي فمعناه عصرني وضمني. وأما الجُهد فيجوز فتح الجيم وضمها لغتان، وهو الغاية والمشقة (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 199).

(6)

ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة وهو من المخطوطة، وفي لفظ المؤلف في شرح السنة وفي ألفاظ البخاري ومسلم.

(7)

سورة العلق (96)، الآيات (1 - 5).

(8)

قوله صلى الله عليه وسلم: "زمِّلوني" معناه غطوني بالثياب ولفوني بها (النووي، شرح صحيح. مسلم 2/ 200).

ص: 64

نَفْسِي. فقالتْ خَديجةُ: كلَّا واللَّه لا يُخْزِيكَ (1) اللَّه أبدًا، إنّكَ لَتَصِلُ الرَّحمَ، وتَصْدُقُ الحديثَ، وتَحمِلُ الكَلَّ (2)، وتَكْسِبُ المَعْدومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ (3) وتُعينُ على نَوائبِ الحقِّ (4). ثُمَّ انطلقَتْ بهِ خَديجةُ إلى وَرَقَةَ بنِ نَوْفَلٍ، ابنِ عمِّ خَديجةَ، فقالتْ لهُ: يا ابنَ عمِّ اسمَعْ مِن ابنِ أخيكَ فقالَ لهُ وَرَقَةُ: يا ابنَ أخي ماذا ترَى؟ فأخبَرَهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم خَبَرَ ما رأَى. فقالَ وَرَقَةُ: هذا النامُوسُ (5) الذي أنزلَ اللَّه على موسى، يا لَيْتَني فيها جَذَعًا (6)، لَيْتَني أكونُ حيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قال: نعمْ، لمْ يأْتِ رجلٌ قطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ بهِ إلَّا عُودِي، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نصرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لمْ يَنْشَبْ (7) وَرَقَة أنْ تُوفِّيَ، وفَتَرَ الوَحْيُ (8) حتَّى حَزِنَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم -فيما بلغنَا (9) - حُزنًا غدا منه مِرارًا كيْ يَترَدَّى منْ رؤوسِ شَواهِقِ الجبالِ، فكلَّما أوْفَى بذِروَةِ جبلٍ

(1) تصحفت في المطبوعة إلى (يُحْزِنُكَ) والتصويب من المخطوطة. ولفظ المؤلف في شرح السنة (ما يخزيك) وكذا في رواية البخاري التي في كتاب بدء الوحي.

(2)

الكلّ: بفتح الكاف أصله الثقل (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 201).

(3)

تقري الضيف: تطعم النازل بك.

(4)

نوائب الحق: الحوادث الجارية على الخلق.

(5)

الناموس: صاحب سر الملك، وهو خاصّه الذي يطلعه على ما يطويه عن غيره من سرائره، وقيل: الناموس: صاحب سرّ الخير، والجاسوس: صاحب سرّ الشرّ، وأراد به جبريل عليه السلام لأنَّ اللَّه تعالى خصّه بالوحي والغيب اللذين لا يطلع عليهما غيره (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 5/ 119، مادة "نمس").

(6)

قوله "جَذَعًا" يعني شابًا قويًا (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 203).

(7)

لم ينشب: أي لم يلبث، وأصل النشوب: المتعلق؛ أي لم يتعلق بشيء من الأمور حتَّى مات (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 1/ 27).

(8)

إلى هنا يقف بعض رواة الحديث. وتتمة الحديث موجودة عند البخاري في روايته التي في أول كتاب التعبير، وليست محمد البخاري في سائر رواياته ولا عند مسلم ولا عند المؤلف في شرح السنة.

(9)

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 12/ 359: (إن القائل (فيما بلغنا) هو الزهري، ومعنى الكلام: إن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، وهو من بلاغات =

ص: 65

لكيْ يُلقي نفسَهُ منهُ تبَدَّى لهُ جِبريلُ فقال: يا محمّدُ إنَّكَ رسولُ (1) اللَّه حقًّا. فيَسكُنُ لذلكَ جأشُهُ وتقِرُّ نفسُهُ" (2).

4557 -

عن جابر رضي الله عنه، إنّه سمعَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُحدِّثُ عن فَترةِ الوَحْي قال:"فبَيْنا أنا أمشِي إذْ سمعتُ صوتًا مِنَ السَّماءِ، فرفعتُ بَصَري، فإذا المَلَكُ الذي جاءَنِي بحِراءٍ قاعِدٌ على كُرسيٍّ بينَ السَّماءِ والأرضِ، فَجَئِثْتُ منهُ رُعْبًا، حتَّى هَويتُ إلى الأرضِ، فجئْت أهلي فقلتُ: زمِّلوني زمِّلوني، فزمَّلوني، فأنزلَ اللَّه {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ -إلى قوله- فَاهْجُرْ} (3).ثمَّ حَميَ الوَحيُ وتتابَعَ"(4).

4558 -

عن عائشة رضي الله عنها: "أنَّ الحارِثَ بنَ هِشامٍ رضي الله عنه سألَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللَّه كيفَ يأتِيكَ الوَحْيُ؟ فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أحْيانًا يأْتِيني مِثْلَ صَلْصَلَةِ

= الزهري وليس موصولًا) أي من قوله: "حتَّى حزن النبي صلى الله عليه وسلم. . . " إلى آخره. وهذه الزيادة أخرجها البخاري في رواية له دون مسلم.

(1)

كذا في المطبوعة وعند البخاري، واللفظ في المخطوطة:"لَرَسُولُ".

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 22، كتاب بدء الوحي (1)، باب (3)، الحديث (3)، وفي 8/ 715، كتاب التفسير (65)، سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (96)، باب (1)، الحديث (4953)، وفي 12/ 351 - 352، كتاب التعبير (91)، باب أول ما بُدئ به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة (91)، الحديث (6982)، وأخرجه مسلم إلى قوله:". . . نصرًا مؤزرًا" في الصحيح 1/ 139 - 142، كتاب الإِيمان (1)، باب بدء الوحي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (73)، الحديث (252/ 160).

(3)

سورة المدَّثِّر (74)، الآيات (1 - 5).

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 27، كتاب بدء الوحي (1)، باب (3)، الحديث (4)، وفي 8/ 678 - 679، كتاب التفسير (65)، سورة المدَّثِّر (74)، باب {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (4)، الحديث (4925)، وباب {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (5)، الحديث (4926)، وأخرجه مسلم في الصحيح 1/ 143، كتاب الإِيمان (1)، باب بدء الوحي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (73)، الحديث (255/ 161)، وقوله:"فَجئِثْت" أي فزعت ورعبت (النووي، شرح صحيح مسلم 2/ 207) وزمِّلوني أي غطوني بثوبي.

ص: 66

الجَرَس وهوَ أَشَدُّهُ عليَّ، فَيَفْصِمُ عنِّي وقدْ وَعَيْتُ عنهُ ما قالَ، وأحْيانًا يَتمثَّل لي الملَكُ رجلًا فيُكلِّمُني فأعِي ما يقولُ. قالت عائشةُ رضي الله عنها: ولقدْ رأيتُهُ يَنزِلُ عليهِ الوَحْيُ في اليومِ الشديدِ البرْدِ فيَفْصِمُ عنهُ وإنَّ جَبِينَة ليَتَفَصَّدُ عَرَقًا" (1).

4559 -

عن عبادة بن الصامِت رضي الله عنه قال: "كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أُنزِلَ عَلَيهِ الوَحْيُ كُرِبَ لذلكَ وتَرَبَّدَ وجهُهُ"(2). وفي رواية: "نَكَسَ رأسَهُ ونَكَسَ أصحابُهُ رؤسَهُمْ، فلمَّا سُرِّيَ عنهُ (3) رفعَ رأسَهُ"(4).

4560 -

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "لمَّا نَزلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (5) خرجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى صَعِدَ الصَّفا، فجعلَ يُنادِي: يا بَني فِهْرٍ، يا بَني عَدِيّ لبُطونِ قريشٍ حتَّى اجتمعُوا، فجعلَ الرجل إذا لمْ يستطِعْ أنْ يَخرجَ أرسلَ رسولًا لينظرَ ما هوَ، فجاءَ أبو لَهَبٍ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 18، كتاب بدء الوحي (1)، باب (2)، الحديث (2)، واللفظ له، ومسلم في الصحيح 4/ 1816، كتاب الفضائل (43)، باب عرق النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في البرد وحين يأتيه الوحي (23)، الحديث (86/ 2333) و (87/ 2333)، والصلصلة: في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوت له طنين، وقيل هو صوت متدارك لا يدرك في أول وهلة. وقوله:"فيَفْصِم" بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة أي يقلع ويتجلى ما يغشاني، ويُروى بضم أوله من الرباعي، وفي رواية بضم أوّله وفتح الصاد على البناء للمجهول -فيفصم- وأصل الفصم القطع (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 1/ 20)، ويتفصّد عرقًا أي يتصبَّب.

(2)

أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1817، كتاب الفضائل (43)، باب عرق النبي صلى الله عليه وسلم في البرد وحين يأتيه الوحي (43)، الحديث (88/ 2334)، ومعنى كُرِبَ أي أصابه الحزن. وتربَّد: أي تغير وصار كلون الرماد.

(3)

كذا في المطبوعة، ولفظ مسلم:". . . فلما أُتْلِيَ عنه. . . " قال النووي في شرح صحيح مسلم 15/ 89: (هكذا هو في معظم نسخ بلادنا أُتلي، ومعناه ارتفع عنه الوحي).

(4)

أخرجه مسلم في المصدر السابق، الحديث (89/ 2335).

(5)

سورة الشعراء (26)، الآية (214).

ص: 67

وقريشٌ، فقال: أرأيتُم إنْ أخبرتُكُمْ أنَّ خَيْلًا تخرج منْ سَفْحِ هذا الجبلِ -وفي رواية (1): أنَّ خَيْلًا تخرجُ بالوادِي تُريدُ أنْ تُغيرَ عليكُم- أكُنتُمْ مُصَدِّقيَّ؟ قالوا: نعمْ ما جرَّبنا عليكَ إلَّا صِدقًا. قال: فإنِّي نذيرٌ لكمْ بينَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لكَ ألِهذا جَمعْتَنا؟ فنزلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} " (2).

4561 -

عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: "بَيْنما رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قائِمًا يُصلِّي عندَ الكعبةِ وجَمْعُ قريشٍ في مجالِسِهِمْ، إذْ قالَ قائِلٌ: أيُّكُمْ يقومُ إلى جَزورِ آلِ فُلانٍ فيَعْمِدُ إلى فَرْثِها ودَمِها وسَلاها، ثمَ يُمْهلُهُ حتَّى إذا سجدَ وضعَهُ بينَ كتِفَيْهِ؟ فانبعَثَ أشقاهُمْ، فلمَّا سجدَ وضعَهُ بينَ كتِفَيْهِ، وثَبَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ساجِدًا، فضَحِكوا حتَّى مالَ بعضُهم على بعضٍ مِنَ الضحِكِ، فانطلقَ مُنطلِقٌ إلى فاطِمةَ رضي الله عنها فأخبَرَهَا، فأقبلَتْ تسعَى، وثَبَتَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ساجِدًا حتَّى ألقَتْهُ عنهُ، وأقبَلَتْ عليهِمْ تسُبُّهُمْ، فلمَّا قضَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ قال: اللَّهمَّ عليكَ بقريشٍ. ثلاثًا، وكانَ إذا دَعا دَعا ثلاثًا، وإذا سألَ سألَ ثلاثًا. اللَّهمَّ عليكَ بعَمرو بن هِشامٍ، وعُتبةَ بن رَبيعةَ، وشَيْبَةَ بنِ رَبيعةَ، والوليدِ بن عُتْبةَ، وأُميّةَ بنِ خَلَفٍ، وعُقْبَةَ بنِ أبي مُعَيْطٍ، وعُمارةَ بنِ الوليدِ. قالَ عبدُ اللَّه: فوَاللَّه لقد رأيتُهُمْ صَرْعَى يومَ بَدْرٍ، ثمَّ سُحِبوا إلى القَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: وأُتبعَ أصحابُ القَلِيبِ لَعنةً"(3).

(1) أخرجه البخاري في الصحيح 8/ 501، كتاب التفسير (65)، سورة الشعراء (26)، باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (2)، الحديث (4770).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 8/ 737، كتاب التفسير (65)، سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (111)، باب (1)، الحديث (4971)، ومسلم في الصحيح 1/ 193 - 194، كتاب الإيمان (1)، باب في قوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (89)، الحديث (355/ 208).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 349، كتاب الوضوء (4)؛ باب إذا ألقي على ظهر =

ص: 68

4562 -

عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: "يا رسولَ اللَّه هلْ أتَى عليكَ يومٌ كانَ أشدَّ منْ يومِ أُحُدٍ؟ قال: لقدْ لَقيت منْ قومِكِ، وكانَ أشدُّ ما لَقيتُ منهُمْ يومَ العقبةِ، إذْ عَرَضْتُ نفسِي على ابنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبد كُلالٍ فلمْ يُجِبْني إلى ما أردْتُ، فانطلقتُ وأنا مَهمومٌ على وجْهِي، فلمْ أستَفِقْ إلَّا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فرفعتُ رأْسِي فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظلَّتْنِي، فنظَرْتُ فإذا فيها جِبريلُ فنادانِي فقال: إنَّ اللَّه قدْ سَمِعَ قولَ قومِكَ وما ردُّوا عليكَ، وقدْ بعثَ إليكَ مَلَكَ الجِبالِ لتأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهِمْ، قال: فنادانِي مَلَكُ الجِبالِ وسلَّمَ عليَّ ثمَّ قالَ: يا محمّدُ إنَّ اللَّه قدْ سَمِعَ قولَ قومِكَ، وأنا مَلَكُ الجِبالِ وقدْ بَعَثنِي ربُّكَ إليكَ لِتأْمُرَني بأمْرِكَ، إنْ شِئْتَ أنْ أطْبِقَ عليهِمُ الأخشَبَيْنِ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: بلْ أرجُو أنْ يُخرِجَ اللَّه منْ أصلابِهِمْ مَنْ يعبُدُ اللَّه وحدَهُ لا يُشرِكُ بهِ شيئًا"(1).

4563 -

عن أنس رضي الله عنه: "أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه

= المصلّي قذر. . . (69)، الحديث (240)، وفي 1/ 594، كتاب الصلاة (8)، باب المرأة تطرح عن المصلّي شيئًا من الأذى (109)، الحديث (520)، وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1418، كتاب الجهاد والسير (32)، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين (39)، الحديث (107/ 1794)، والجَزُور من الإبل ما يجزر أي يقطع، والسلَى مقصور بفتح المهملة: هي الجلدة التي يكون فيها الولد، يقال لها ذلك من البهائم، وأمّا من الآدميات فالمشيمة (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 1/ 350)، والفَرْث: السرجين ما دام في الكرش والجمع فُروث (الرازي، مختار الصحاح، ص (495) مادة ف ر ث) والقليب: البئر قبل أن تطوى.

(1)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 312 - 313، كتاب بدء الخلق (59)، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء. . . (7)، الحديث (3231)، ومسلم في الصحيح 3/ 1420، كتاب الجهاد والسير (32)، باب ما لقي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين (39)، الحديث (111/ 1795)، وقرن الثعالب: هو ميقات أهل نجد، ويقال له قرن المنازل أيضًا، وقرن كل جبل صغير منقطع من جبل كبير. والأخشبين: هما جبلا مكة (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 6/ 315 - 316).

ص: 69