المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: منهج المعتمدين على العد الوارد في بعض روايات حديث أبى هريرة رضي الله عنه - معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى

[محمد بن خليفة التميمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: في ثبوت الأسماء وتعيينها

- ‌المبحث الأول: في معرفة ضابط الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأول: في أهمية معرفة ضابط الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الثاني: تحديد ضابط الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الثالث: في الشرط الأول للأسماء الحسنى وهو ورود النص بذلك الإسم

- ‌المطلب الرابع: الشرط الثاني للأسماء الحسنى وهو: أن تقتضي الأسماء المدح والثناء بنفسها

- ‌المبحث الثاني: مناهج الناس في عدد الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأولى: القائلون بأن أسماء الله غير محصورة بعدد معين نعلمه

- ‌المطلب الثاني: القائلون بأن أسماء الله محصورة بعدد معين

- ‌المبحث الثالث: مناهج الناس في تعيين الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأول: منهج المعتمدين على العد الوارد في بعض روايات حديث أبى هريرة رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: منهج المقتصرين على ما ورد بصورة الاسم

- ‌المطلب الثالث: منهج المتوسِّعين

- ‌المطلب الرابع: منهج المتوسِّطي

- ‌المبحث الرابع: جهود أهل العلم في جمع الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأول: نماذج لاجتهادات أهل العلم في جمع الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الثاني: الأسماء التي ورد إطلاقها في النُّصوص وأدلَّتها ومن ذكرها من أهل العلم ومن أسقطها

- ‌المطلب الثالث: الأسماء التى لم ترد في النصوص بصورة الاسم وإنما أُخذت بالاشتقاق

- ‌المطلب الرابع: الأسماء المضافة

- ‌المطلب الخامس: الأسماء المزدوجة

- ‌الفصل الثاني: أحكام الأسماء الحسنى

- ‌المبحث الأول: أسماء الله غير مخلوقة أو ما يعرف بمسألة الاسم والمسمى

- ‌المطلب الأول: الجانب اللغوي للمسألة

- ‌المطلب الثاني: الجانب العَقَديُّ في المسألة

- ‌المبحث الثاني: أسماء الله كلها حسنى

- ‌المطلب الأول: الأدلة على كون أسماء الله كلها حسنى والمقصود بذلك

- ‌المطلب الثاني: وجه الحسن في أسماء الله:

- ‌المطلب الثالث: الأحكام المستفادة من كون أسماء الله حسنى

- ‌المبحث الثالث: أسماء الله الحسنى أعلام وأوصاف

- ‌المطلب الأول: بيان معتقد أهل السنة في المسألة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على أن أسماء الله أعلام وأوصاف

- ‌المطلب الثالث: الأحكام المستفادة من هذه المسألة

- ‌المبحث الرابع: إحصاء أسماء الله الحسنى

- ‌المطلب الأول: الحث على إحصاء أسماء الله والمقصود بذلك

- ‌المطلب الثاني: مراتب الإحصاء:

- ‌المطلب الثالث: ثمرات إحصاء أسماء الله الحسنى

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: منهج المعتمدين على العد الوارد في بعض روايات حديث أبى هريرة رضي الله عنه

‌المبحث الثالث: مناهج الناس في تعيين الأسماء الحسنى

‌المطلب الأول: منهج المعتمدين على العد الوارد في بعض روايات حديث أبى هريرة رضي الله عنه

المطلب الأول: منهج المعتمدين على العد الوارد في بعض روايات حديث أبى هريرة رضي الله عنه

سبق وأن أشرت في مبحث ضابط الأسماء الحسنى إلى اختلاف مناهج العلماء في طريقة تعيين الأسماء الحسنى، وانقسام تلك المناهج إلى أربعة أقسام هي:

1-

منهج المعتمدين على العد الوارد في بعض روايات حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

2-

منهج المقتصرين على ما ورد بصورة الاسم (أي ما ورد إطلاقه وترك ما يؤخذ بالاشتقاق أو الإضافة) .

3-

منهج المتوسعين الذين يذكرون المشتق والمضاف والمطلق من الأسماء، ولكنهم لا يفرقون بين صفة وصفة وفعل وفعل.

4-

منهج المتوسطين المعتدلين الذين يذكرون المشتق والمضاف مع المطلق، ولكنهم يفصلون بين ما يصح إطلاقه من الصفات والأفعال وبين مالا يصح إطلاقه.

وسأتطرق في هذا المطلب للمنهج الأول من تلك المناهج الأربعة، وسأخصص لبقية المناهج مطالب مستقلة بها.

أقوال أهل العلم في المنهج الأول:

انقسم العلماء في اعتماد العد الوارد في حديث الأسماء إلى قسمين:

ص: 75

القسم الأول:

من اعتمد العد الوارد في حديث الاسماء، وبالأخص العد الوارد من طريق الوليد بن مسلم.

ومن هؤلاء بعض المحدثين كالحاكم وابن حبان، وكذلك غالب شراح الأسماء الحسنى حيث عولوا في شروحهم على ذلك العد.

(وأهل هذا القسم هم ما بين معتقد لصحة حديث الأسماء، أو مقلد لمن صحح ومستأنس بمتابعة الأكثرعلى القبول)

القسم الثاني:

من اعترض على هذا العد ولم يسلم بصحة الروايات الواردة فيه، ويرى عدم التعويل المطلق على ذلك العد، وينتقد من يقول باعتماده بإطلاق ويرى قصر الناس عليه.

وممن ذهب إلى هذا القول عامة حفاظ الحديث وأهل المعرفة فيه، وجمع

من العلماء السابقين والمعاصرين.

رأي المعترضين على العد الوارد في حديث الأسماء:

رأيت أن أقدم رأي الناقدين لهذا المنهج على رأي المعتمدين له، نظرا لكون مدار النزاع بين الفريقين منصبا بالدرجة الأولى على تصحيح وتضعيف الحديث الوارد في عد الأسماء، الأمر الذي يستدعي بسط القول في هذا الحديث والكلام عنه رواية ودراية.

ونظرا لكون أصحاب الفريق الثاني هم من أهل المعرفة بهذا الفن وكلامهم فيه هو الأقوى صناعة والأجود عبارة فإن من الأصلح تقديم قولهم

1 العواصم والقواصم 7/ 257.

ص: 76

في المسألة على قول غيرهم.

هذا ويرتكز اعتراض الناقدين لهذا المنهج على نقاط رئيسية ثلاث هي:

1-

أن التسعة والتسعين اسما لم يرد في تعيينها-حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أشهر ما عند التاس فيها هو حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم وحفاظ أهل الحديث يقولون: إن هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه، فهي مدرجة في الحديث1.

2-

أنه من الخطأ التعويل على هذا العد وقصر الناس عليه، ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث مثل اسم "الرب" و"المنان"" و "السبوح " و "الوتر" و"الشافي" وغيرها كثير2.

3-

أن في العد الوارد في الحديث أسماء لم تثبت في النصوص وهي محل نظر3.

وأهم النقاط الثلاث هي النقطة الأولى، فهي التي عليها مدار النزاع بين المعتمدين لهذا المنهج والناقدين له.

فعمدة الآخذين بهذا المنهج هو تصحيحهم لرواية حديث الأسماء.

وعمدة الناقدين لهذا المنهج هو ردهم لتلك الرواية وقولهم بعدم صحة رفعها. ولذلك وسع الناقدون في هذه النقطة وبسطوها وشرحوها وبينوا جزئياتها وفصلوا كل ما يحتاج فيها إلى بيان وتوضيح، وكان من جوابهم في هذه المسألة وبسطهم لها ما يلي:

أن حديت أبي هريرة المتعلق بهذه المسألة قد جاء بسياقين:

1 مجموع الفتاوى 22/482

2 المصدر السابق 22/ 482، 485

3 فتح الباري 11/215

ص: 77

1-

السياق الأول: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة" وهذا السياق لم يرد فيه سرد الأسماء.

2-

والسياق الثاني: عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة ؤتسعين اسما من أحصاها دخل الجتة، فو الله الذي لآ إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن. " وسرد الأسماء. فقالوا: أولا: إن صدر الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة" متفق على صحته، فقد أخرجه البخاري1 ومسلم2 في صحيحيهما، وكذلك بعض أصحاب السنن وغيرهم.

ثانيا: مع التأكيد على صحة صدر الحديث إلا أن دعوى التواتر مردودة، فالحديث لم يصح إلا عن أبي هريرة رضي الله عنه3، وإن كان قد روي عن علي وسلمان وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم4، لكن إسناد كل منها مع غرابته ضعيف5

1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحد. انظر: فتح الباري 11/ 214!. 641

2 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها 4/ 63 0 2 رقم 2677.

3 تخريج حديث الأسماء الحسنى للحافظ ابن حجر ص 55.

4 هذه الأحاديث أخرجها أبو نعيم في جزء فيه طرق حديث: "إن لله تسعة وتسعين اسما" وهو مطبوع بتحقيق مشهور بن حسن، وهذه الأحاديث تحمل الأرقام 85، 87، 88

5 فتح الباري 11/ 214

ص: 78

قال الحافظ ابن حجر: "ولم يتواتر عن أبي هريرة أيضا، بل غاية أمره أن يكون مشهورا"1.

ثالثا: الرواية التي وقع فيها عد الأسماء الحسنى وسردها قد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن ذلك العد ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مدرج في الحديث، وتفصيل القول في هذه الرواية يتبين لك من خلال النقاط التالية:

النقطة الأولى: طرق هذه الرواية:

اهتم عدد من العلماء بجمع طرق هذا الحديث وأفردوا ذلك بأجزاء مسثقلة، منها على سبيل المثال جزء الحافظ أبي نعيم الأصبهاني، وجزء الحافظ ابن حجر وكلاهما مطبوع.

والذي يمكن استخلاصه من كلامهم عن طرق هذه الرواية هو أن لهذه الرواية ثلات طرق2.

الطريق الأولى: طريق الوليد بن مسلم:

وقد أخرجها كل من:

أ- الترمذي في سننه (كتاب الدعوات، باب 83 ح3506/5/ 53، 531) .

2-

وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن ح 2384) ، (والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ح 858) .

3-

والحاكم في المستدرك 1/ 16.

4-

وابن منده في كتاب التوحيد 2/205

5-

والبيهقي في السنن الكبرى 15/ 27، وفي الأسماء والصفات ص 15-16،

1 فتح الباري 11/ 215.

2 فتح الباري 11/ 214، 215

ص: 79

وفي الاعتقادص 50.

6-

والبغوي في شرح السنة 5/ 32. وغيرهم.

كلهم من طريق الوليد بن مسلم حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة، فو الله الذي لآ إله الرحيم، الملك، القدوس، السلام المؤمن، المهيمن الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض الباسط، الخافض الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ المعيد، المحيي المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم المؤخر، الأول الآخر، الظاهر الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور"

قال الحافظ ابن حجر: "وقد أخرجه الطبراني عن أبي زرعة الدمشقي عنصفوان بن صالح فخالف في عدة أسماء فقال: "القائم الدائم" بدل "القابض الباسط" و "الشديد" بدل "الرشيد" و "الأعلى المحيط مالك يوم الدين".بدل

ص: 80

"الودود المجيد الحكيم"

ووقع عند ابن حبان عن الحسن بن سفيان عن صفوان "الرافع " بدل

"المانع".

ووقع في صحيح ابن خزيمة في رواية صفوان أيضا مخالفة في بعض

الأسماء، قال "الحاكم" بدل "الحكيم"، و "القريب" بدل "الرقيب" و"المولى" بدل " الوالي" و "الاحد" بدل "المغني".

ووقع في رواية البيهقي وابن منده من طريق موسى بن أيوب عن الوليد "المغيث" بالمعجمة والمثلثة بدل" المقيت" بالقاف والمثناة1.

ووقع بين رواية الوليد عن زهير بن محمد وروايته عن أبي الزناد المخالفة في أربعة وعشرين اسما مع مخالفتها لها في الترتيب، فليس في رواية زهير "الفتاح، القهار، الحكم، العدل، الحسيب، الجليل، المحصي، المقتدر، المقدم، المؤخر، البر، المنتقم، المغني، النافع، الضبور، البديع، القدوس، الغفار، الحفيظ، الكيير، الواسع، الماجد، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام".

والأسماء التي ذكرت بدلها "الرب، الفرد، الكافي، الدائم، القاهر، المبين- بالموحدة-، الصادق، الجميل، البادىء، القديم، البار، الوفي، البرهان، الشديد، الواقي- بالقاف -، القدير، الحافظ، العادل، المعطي، العالم، الأحد، الأبد، الوتر، ذو القوة"2

1 فتح الباري 11 / 216

2 تخريج حديث الأسماء الحسنى للحافظ ابن حجرص 55، وفتح الباري 11/216

ص: 81

الطريق الثانية: طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني:

وقد أخرجها ابن ماجه في سننه، أبواب الدعاء، باب أسماء الله عر وجل (ح 3957- 2/ 347) قال: حدثنا هشام بن عمارة، قال: حدثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني، قال: حدثنا أبو المنذر زهير بن محمد التميمي، قال: حدثنا موسى بن عقبة، قال: حدثني عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، إنه وتر يحب الوتر، من حفظها دخل الجنة. الله، الواحد، الصمد، الأول، الآخر، الظاهر الباطن، الخالق، البارئ، المصور، الملك، الحق، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الرحمن، الرحيم، اللطيف، الخبير، السميع، البصير، العليم، العظيم، البار، المتعال، الجليل، الجميل، الحي القيوم، القادر، القاهر، العلي، الحكيم، القريب، المجيب، الغني، الوهاب، الودود، والشكور، الولي، الشهيد، المبين، البرهان، الرؤوف، الرحيم1، المبدئ، المعيد، الباعث، الوارث، القوي، الشديد، الضار النافع، الباقي، الواقي، الخافض الرافع، القابض الباسط، المعز المذل، المقسط، الرزاق، ذو القوة، المتين، القائم، الحافظ، الوكيل، الناظر، السامع، المعطي المانع، المحي المميت، الجامع، الهادي، الكافي، الأبد، العالم، الصادق، النور، المنير، التام، القديم، الوتر، الأحد، الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا"

قال زهير: فبلغنا عن غير واحد من أهل العلم، أن أولها يفتح بقول لا إله

1 يلاحظ تكرار اسم الرحيم في هذا العد.

ص: 82

إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى.

وأخرجه أبو نعيم في جزئه برقم (20) ، وابن حجر في جزئه رقم (36) و (37) ، وعزاه ابن حجر في الفتح (11/ 215) لابن أبي عاصم والحاكم من طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهير بن محمد به.

الطريق الثالثة: طريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان:

وقد أخرجها كل من:

1-

الحاكم في المستدرك 1/ 17.

2-

البيهقي في الأسماء والصفات ص 18-19، وفي الاعتقادص 50 من طريق خالد بن مخلد القطواني: حدثنا عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان حدثنا أيوب السختياني وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلمء قال: "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها كلها دخل الجنة: الله، الرحمن، الرحيم، الإله، الرب، الملك، القدوس، السلام، المؤمن المهيمن، العزيز، الجباز، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الحليم، العليم، السميع، البصير، الحي، القيوم، الواسع، اللطيف، الخبير، الحنان، المنان، البديع، الودود، الغفور، الشكور، المجيد، المبدئ، المعيد، النور، البادئ، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، العفو، الغفار، الوهاب، القادر، الأحد، الصمد، الوكيل، الكافي، الباقي، الحميد، المغيث، الدائم، المتعالي، ذو الجلال والإكرام، المولى، النصير، الحق، المبين، الباعث، المجيب، المحيي المميت، الجليل، الصادق، الحافظ، المحيط، الكبير، القريب،

ص: 83

الرقيب، الفتاح، التواب، القديم، الوتر، الفاطر، الرزاق، العلام، العلي، العظيم، الغني، الملك، المقتدر، الأكرم، الرؤوف، المدبر، القدير، المالك، القاهر، الهادي، الشاكر، الكريم، الرفيع، الشهيد، الواحد، ذو الطول، ذو المعارج، ذو الفضل، الخلاق، الكفيل، الجميل"1.

وعزاه ابن حجر في جزئه رقم (40) ، والشوكاني في تحفة الذاكرين (54) لابن مردويه في تفسيره من طريق خالد بن مخلد، وعزاه ابن حجر في فتح الباري (11/ 215) للفريابي في "الذكر" من طريق عبد العزيز بن الحصين.

النقطه الثانية: الحكم على أسانيدها:

1-

طريق عبد الملك بن محمد الصناني عند ابن ماجه2.

في إسناد الحديث، هشام بن عمار ثقة، ولكنه لما كبر صار يتلقن وعبد الملك لين الحديث، وزهير بن محمد له مناكير،، قد ضعف برواية أهل الشام عنه، لأنها غير مستقيمة، وهذه من روايتهم عنه، ومنهم من ضعفه مطلقا، قال البوصيري في الزوائد:"إسناد طريق ابن ماجه ضعيفة لضعف عبد الملك بن محمد"3.

ب- طريق عبد العزيز بن الحصين بن التزجمان:

قال الحاكم: "عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ثقة وإن لم يخرجاه"4.

فتعقبه الذهبي في تلخيصه بقوله: "بل ضعفوه"5.

1 هذا العد من كتاب الاعتقاد للبيهقي ص50.

2 سنن ابن ماجه 2. / 347

3 مصباح الزجاجة 3/ 208.

4 المستدرك 1/ 17.

5 المستدرك 1/ 17.

ص: 84

وقد ذكر من ضعفه في ميزان الاعتدال حيث قال: "قال البخاري: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن معين: ضعيف، وقال مسلم: ذاهب الحديث، وقال ابن عدي: الضعف على رواياته بين"1.

ونقل ابن حجر في اللسان تضعيفه عن أبي داود وأبي القاسم البغوي وأبي أحمد الحاكم وأبي زرعة الدمشقي وأبي مسهر، وقال في خاتمة ترجمته:"قلت: وأعجب من كل ما تقدم أن الحاكم أخرج له في المستدرك وقال: إنه ثقة"2.

وقال ابن حجر: "قال الحاكم بعد أن أخرج رواية عبد العزيز بن الحصين"عبد العزيز ثقة، وإن لم يخرجاه، وإنما جعلته شاهدا للحديث الأول"3 وفي كلامه مناقشات.

الأولى: جزمه بأن عبد العزيز ثقة، مخالفة لمن قبله، فقد ضعفه يحيى بن معين والبخاري وأبو حاتم وغيرهم، حتى قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.

الثانية: شرط الشاهد أن يكون موافقا في المعنى، وهذا شديد المخالفة

في كثير من الأسماء.

والثالثة: جزمه بأنها كلها في القرآن، ليس كذلك، فإن بعضها لم يرد في القرآن أصلا، وبعضها لم يرد بذكر الاسم4.

ج- طريق الوليد بن مسلم:

قال الترمذي بعد ذكره لهذا الطريق: "هذا حديث غريب، حدثنا به غير

1 ميزان الاعتدال 2/ 627

2 لسان الميزان 4/ 28، 29.

3 المستدرك 1/ 17

4 جزء فيه تخريح حديث الأسماء الحسنى ص 65، 66

ص: 85

واحد عن صفوان بن صالح، ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح، وهو ثقة عند أهل الحديث. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم في كثير شيئا من الروايات له إسناد صحيح ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث. وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه الأسماء، وليس له إسناد صحيح"1 انتهى كلامه.

قال ابن حجر: "ولم ينفرد به صفوان بن صالح كما قال الترمذي، فقد أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات2 من طريق موسى بن أيوب النصيبي وهو ثقة عن الوليد أيضا"3.

وقال الحاكم بعد تخريج الحديث من، طريق الوليد بن مسلم:"هذا حديث قد خرجاه في الصحيحين بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامي فيه، والعلة فيه عندهما أن الوليد ابن مسلم تفرد بسياقته بطوله وذكر الأسامي فيه ولم يذكرها غيره، وليس هذا بعلة، فإنني لا أعلم اختلافا بين أئمة الحديث أن الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجل من أبي اليمان وبشر بن شعيب وعلي بن عياش وأقرانهم من أصحاب شعيب4"5 انتهى كلامه.

قال ابن حجر تعقيبا على كلام الحاكم: "وليس العلة عند الشيخين تفرد

1 سنن الترمذي 5/ 531، 532.

2 كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ص 15.

3 فتح الباري 215/11.

4 يشير إلى أن بشرا وعليا وأبا اليمان رووه عن شعيب بدون سياق الأسماء، فرواية أبي اليمان عند البخاري ورواية علي عند الئسائي ورواية بشر عند البيهقي. فتح الباري 11/ 215.

5 المستدرك 1/ 16، 17.

ص: 86

الوليد فقط بل الاختلاف فيه والاضطراب وتدليسه واحتمال الإدراج"1. ويحسن هنا تفصيل هذه العلل التي أشار إليها ابن حجر رحمه الله:

فالعلة الأولى: الاختلاف فيه والاضطراب:

وقد وقع الاختلاف فيه من جهة السند ومن جهة المتن.

1-

أما جهة السند: فقال ابن حجر: "وقد اختلف في سنده على الوليد. فأخرجه عثمان الدارمي في "النقض على المريسي"2 عن هشام بن عمار

عن الوليد فقال: عن خليد بن دعلج عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، فذكره بدون التعيين.

(وعند الدارمي أيضا) 3 قال الوليد وحدثنا سعيد بن عبد العزيز مثل ذلك وقال كلها في القرآن (هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم..) وسرد الأسماء. وأخرجه أبو الشيخ ابن حبان من رواية أبي عامر القرشي عن الوليد بن مسلم بسند آخر فقال: حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة، قال زهير: فبلغنا أن غير واحد من أهل العلم قال: إن أولها أن تفتح بلا إله لا الله.. وسرد الأسماء4.

2-

أما من جهة المتن: فقد وقع اختلاف في سرد الأسماء وذلك بالزيادة والنقص بين رواية ورواية، وكذا تقديم وتأخير كما سبق الإشارة إلى ذلك عند ذكررواية الوليد، وإليك فهرسا يوضح الاختلاف الواقع في رواية الوليد.

1 فتح الباري 11/215

2 الرد على المريسي ص 369

3 الرد على المريسي ص 369

4 فتح الباري 11/ 215

ص: 87

العلة الثانية: تدليس الوليد:

الوليد مدلس تدليس التسوية، وهذا النوع من التدليس يسمى عند المتقدمين (تجويدا) فيقولون: جوده فلان، يريدون ذكر فيه من الأجواد وحذف الأنياء، وسماه المتأخرون (تدليس التسوية) وذلك أن المدلس الذي سمع الحديث من شيخه الثقة عن ضعيف عن ثقة، يسقط الضعيف من السند ويجعل الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيستوي الإسناد كله ثقات.

وهو شر أنواع التدليس وأفحشها، لأن شيخه- وهو الثقة الأول- ربما لا يكون معروفا بالتدليس، فلا يحترز الواقف على السند عن عنعنة وأمثالها من الألفاظ المحتملة التي لا يقبل مثلها من المدلسين، ويكون هذا المدلس الذي يحترز من تدليسه قد أتى بلفظ السماع الصريح عن شيخه، فأمن بذلك من تدليسه، وفي ذلك غررشديد. ولا يقال في مثل هذا النوع "قد صرح بالتحديث" إذ لابد من التصريح بالتحديث من قبل كل من فوق المدلس.

قال الدارقطني: الوليد يروي عن الأوزاعي أحاديث، هي عند الأوزاعي

عن ضعفاء عن شيوخ أدركهم الأوزاعي، كنافع وعطاء والزهري فيسقط أسماء الضعفاء مثل عبد الله بن عامرالأسلمي وإسماعيل بن مسلم.

وقال صالح بن محمد جزرة: سمعت الهيثم بن خارجة قال: قلت للوليد- قد أفسدت حديث الأوزاعي. قال: وكيف؟ قلت: تروي عن الأوزاعي عن نافع، وعن الأوزاعي عن الزهري وعن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي، وبينه وبين الزهري قرة وغيره، فما يحملك على هذا؟ قال أنبل الأوزاعي أن

ص: 89

يروي عن مثل هؤلاء الضعفاء، قلت: فإدا روى الأوزاعي عن هؤلاء الضعفاء مناكير فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات، ضعف الأوزاعي. قال: فلم يلتفت إلى قولي1.

واحتج البخاري ومسلم بالوليد، ولكنهما ينتقيان حديثه ويتجنبان ما ينكر له2.

وقال ابن الوزير: "الوليد مدلس مكثر من التدليس حتى عن الكذابين، وتعانى تدليس التسوية فلا ينفع قوله حدثنا ولا سمعت، لأن معنى تدليس التسوية أنه قد سمع من شيخه شعيب، ثم أسقط شيخ شعيب الذي بينه وبين أبي الزناد، فيحتمل أن يكون في الإسناد ساقط ضعيف بل كذاب، فكيف يحسن الحديث مع هذا، مع أنه قد رواه الثقات والحفاظ عن أبي الزناد بغير ذكر الأسماء.

وقد رواه البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عيينة، عن أبي الزناد بغير ذكر الأسماء.

ورواه البخاري والنسائي من حديث شعيب بغير ذكرها.

ورواه البخاري عن أبي اليمان الحكم بن نافع، والنسائي عن علي بن عياش كلاهما عن شعيب بغير ذكر الأسماء.

وأما قول الحاكم: إنه لا خلاف أن الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجل من أبي اليمان، وبشر بن شعيب و. علي بن عياش- فما يغني ذلك شيئا مع ما ذكرنا من التدليس الفاحش عنه وهوتدليس التسوية، فما يصح له مع ذلك

1 ميزان الاعتدال 4/ 348

2 هذا النقل من حاشية تخريج حديث الأسماء الحسنى ص 61، 62 بتحقيق مشهور ابن حسن

ص: 90

حديث إلا أن يخلو الإسناد عنه، وعمن فوقه من العنعنة ونحوها منه إلى الصحابي على أقل الأحوال، ولم يحصل ذلك"1

العلة الثالثة: احتمال الإدراج:

وهذه هي العلة الرئيسية في رد الحديث، فقد ذهب أكثر العلماء إلى أن

سرد الأسماء ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو مدرج في الحديث.

ويشهد لذلك ما يلي:

1-

خلو أكثر الروايات عن هذا العد.

2-

الاختلاف الشديد في سرد الأسماء والزيادة والنقص في تلك

الروايات.

3-

الفصل الذي وقع بين صدر الحديث وسرد الأسماء كما جاء التصريح به في بعض الطرق.

4-

بعض تلك الأسماء ليست في القرآن والسنة الصحيحة، وفي المقابل هناك أسماء في القرآن والسنة لم ترد في تلك الروايات.

ومن كلام العلماء في تقرير ذلك:

1-

قول البيهقي: "ويحتمل أن يكون التفسير وقع من بعض الرواة في الطريقين- يقصد طريق الوليد وطريق عبد الملك بن محمد معا- ولهذا الاحتمال ترك البخاري ومسلم إخراج حديث الوليد في الصحيح"2

2-

وقال ابن عطية في تفسيره: "في سرد الأسماء نظر، فإن بعضها ليس في القرآن ولا في الحديث الصحيح"3.

1 العواصم والقواصم 7/ 252، 253

2 كتاب الأسماء والصفات ص 19.

3 فتح الباري 11/215،217

ص: 91

3-

وقال ابن حزم: "والأحاديث الواردة في سرد الأسماء ضعيفة لا يصح منها شيء أصلا) 1.

4-

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين- أي رواية التزمذي وابن ماجه- ليستا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كل منهما من كلام بعض السلف، فالوليد ذكرها عن بعض شيوخه كما جاء مفسرا في بعض طريق حديثه. ولهذا اختلفت أعيانهما عنه، فروي عنه في إحدى الروايات من الأسماء بدل ما يذكر في الرواية الأخرى، لأن الذين جمعوها قد كانوا يذكرون هذا تارة وهذا تارة، واعتقدوا هم وغيرهم أن الأسماء الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة ليست شيئا معينا، بل من أحصى تسعة وتسعين اسما من أسماء الله دخل الجنة، أو أنها وإن كانت معينة فالاسمان اللذان يتفق معناهما يقوم أحدهما مقام صاحبه، "كالأحد" و "الواحد"، فإن في رواية هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عنه، رواها عثمان بن سعيد (الدارمي) 2"الأحد" بدل "الواحد" و"المعطي" بدل "المغني" وهما متقاربان.

وعند الوليد هذه الأسماء بعد أن روى الحديث عن خليد بن دعلج عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة.

ثم قال هشام وحدثنا الوليد حدثنا سعيد بن عبد العزيز مثل ذلك. وقال: كلها في القرآن (هو الله الذي لا إله إلا هو..) مثل ما ساقها الترمذي، لكن الترمذي رواها عن طريق صفوان بن صالح عن الوليد عن شعيب وقد رواها ابن

1 المحلى 8/

2 الرد على المريسي ص 369.

ص: 92

أبي عاصم، وبين ما ذكره هو والترمذي خلال في بعض المواضع، وهذا كله مما يبين لك أنها من الموصول المدرج في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الطرق، وليست من كلامه"1.

وقال رحمه الله: "إن التسعة والتسعين اسما لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة. وحفاظ أهل الحديث يقولون هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث"2.

5-

وقال ابن القيم رحمه الله: "والصحيح أنه- أي العد- ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم"3.

6-

وقال ابن كثير رحمه الله: "والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك ابن محمد الصنعاني عن زهير أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي أنهم جمعوها من القرآن، كما روى عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد الغلوي والله أعلم"4

7-

وقال الصنعاني: "اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردها إدراج من بعض الرواة"5.

8-

وقال ابن حجر: " وقد استضعف الحديث أيضا جماعة فقال

1 مجموع الفتاوى 6/379ـ380

2 مجموع الفتاوى 22/ 482.

3 مدارج السالكين 3/ 415.

4 تفسير ابن كثير 2/269

5 سبل السلام 4/108

ص: 93

الداودي: لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عين الأسماء المذكورة. وقال ابن العربي: يحتمل أن تكون الأسماء تكملة الحديث المرفوع، ويحتمل أن تكون من جمع بعض الرواة وهو الأظهر عندي"1.

وقال ابن حجر أيضا: "ورواية الوليد تشعر بأن التعيين مدرج"2

وقال في موضع آخر: "وإذا تقرر رجحان أن سرد الأسماء ليس مرفوعا

فقد اعتنى جماعة بتتبعها من القرآن من غير تقييد بعدد"3.

وقال البغوي: "يحتمل أن يكون ذكر هذه الأسامي من بعض الرواة"4.

وقال ابن الوزير: "وعادة بعض المحدثين أن يوردوا جميع ما ورد في الحديث المشهور في تعدادها، مع الاختلاف الشهير في صحته، وحسبك أن البخاري ومسلما تركا تخريجه مع رواية أوله، واتفاقهما على ذلك يشعر بقوة العلة"5 "وقد رواه الترمذي ولم يصححه ولم يحسنه أيضا، بل نص على أنه ليس له إسناد صحيح"6.

رأي المعتمدين على العد الوارد في الحديث:

مشى بعض العلماء على أن سرد الأسماء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن أولئك القرطبي صاحب التفسير، والنووي والشوكاني، وغيرهم.

فقد ذكر القرطبي في تفسيره أنه ذكر تصحيح الحديث في كتابه "الأسنى في

1 فتح الباري 11/217

2 فتح الباري 11/216

3 المصدر السابق 11/217

4 شرح السنة 5/35

5 إيثار الحق على الخلق ص 169

6 العواصم والقواصم 7/ 201.

ص: 94

شرح أسماء الله الحسنى" حيث قال: وذكرنا هناك. تصحيح حديث الترمذي"1. وكذلك النووي قال عن الحديث بعد أن أورده في كتابه الأذكار: "حديث حسن"2.

وقال الشوكاني بعد أن أشار إلى إخراج الحاكم للحديث في مستدركه وابن حبان في صحيحه، وتحسين النووي له في الأذكار قال عقب ذلك:"ولا يخفاك أن هذا العدد قد صححه إمامان وحسنه إمام، فالقول بأن بعض أهل العلم جمعها من القرآن غير سديد، ومجرد بلوغ واحد أنه رفع ذلك لا ينتهض لمعارضة الرواية، ولا تدقع الأحاديث بمثله"3.

وكلام الشوكاني يوضح حجة القائلين، بتصحيح الحديث، فقد عول هؤلاء في اعتقادهم صحة حديث الأسماء وتعدادها على مذهب المتساهلين في التصحيح. فهم استندوا على إخراج إلى الحاكم للحديث في مستدركه على الصحيحين، وكذلك ابن حبان في صحيحه وكذل هما من المتساهلين في التصحيح.

جواب الناقدين على حجة المعتمدين لتصحيح الحاكم وابن حبان:

1-

تصحيح الحاكم للحديث:

أخرج الحاكم الحديث من طريق الوليد بن مسلم، وقال:"هذا حديث قد خرجاه في الصحيحين بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامي فيه، والعلة فيه عندهما أن الوليد تفرد بسياقته بطوله وذكر الأسامي فيه ولم يذكرها غيره، وليس هذا بعلة، فإني لا أعلم اختلافا بين أئمة الحديث أن الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجل من أبي اليمان وبشر بن شعيب وعلي بن عياش وأقرانهم من أصحاب شعيب"4.

1 الجامع لأحكام القرآن 7/ 325.

2 1لأذكار 94

3 تحفة الذاكرين ص 65

4 المستدرك 1/ 16، 17.

ص: 95

وأخرجه كذلك من طريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان. وقال: "هذا حديث محفوظ من حديث أيوب وهشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مختصرا دون ذكر الأسامي فيها وكلها في القرآن. وعبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ثقة وإن لم يخرجاه، إنما جعلته شاهدا للحديث الأول"1. أما قول الحاكم عقب تخريجه للحديث من طريق الوليد بن مسلم فقد تعقب ابن حجر كلام الحاكم بقوله: "ليست العلة عند الشئيخين تفرد الوليد فقط بل الاختلاف فيه والاضطراب وتدليسه واحتمال الإدراج"2.

وقد شرحت هذه العلل عند ذكر طريق الوليد بن مسلم

وأما كلام الحاكم بعد ذكره لطريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان

فقد تعقبه ابن حجر بقوله: "وفي كلامه مناقشات:

الأولى: جزمه بأن عبد العزيز ثقة، مخالف لمن قبله، فقد ضعفه يحيى بن معين والبخاري وأبو حاتم وغيرهم حتى قال ابن حبان تروي الموضوعات عن الثقات.

الثانية: شرط الشاهد أن يكون موافقا في المعنى، وهذا شديد المخالفة

في كثير من الأسماء.

الثالثة: جزمه بأنها كلها في القرآن ليس كذلك، فإن بعضها لم يرد في القرآن أصلا، وبعضها لم يرد بذكر الاسم3.

ثم إن إخراج الحاكم للحديث في مستدركه على الصحيحين ليس بحجة في تصحيحه، إذا علم أنه قد اشتهر عند المحدثين أن الحاكم متساهل في تصحيحه في مستدركه فقد قال عنه النووي: "وهو متساهل، فما صححه ولم

1 المصدر السابق 1/17

2 فتح الباري 11/ 215.

3 جزء فيه تخريج حديث الأسماء الحسنى لابن حجرص 65، 66.

ص: 96

نجد فيه لغيره من المعتمدين تصحيحا ولا تضعيفا حكمنا بأنه حسن إلا أن يظهر فيه علة توجب تضعيفه"1.

وقال الذهبي: "في المستدرك شيء كثيرعلى شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب، بل أقل، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه وباقي الكتاب مناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المائة يشهد القلب ببطلانها وكنت أفردت منها جزء وبكل حال فهو كتاب مفيد قد اختصرته ويعوز عملا وتحريرا"2

وقال السخاوي: "أدخل فيه الحاكم عدة موضوعات حمله على تصحيحها إما التعصب لما رمي به من التشيع وإما غيره. فضلا عن الضعيف وغيره، بل يقال: إن السبب في ذلك أنه صنفه في أواخر عمره، وقد حصلت له غفلة وتغير، أو أنه لم يتيسر له تحريره وتنقيحه، ويدل له أن تساهله في قدر الخمس الأول منه قليل جدا بالنسبة لباقيه فإنه وجد عنده: إلى هنا انتهى إملاء الحاكم"3.

2-

تصحيح ابن حبان للحديث:

أخرج ابن حبان حديث الأسماء بسنده، من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة قال حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وذكر الحديث

وهذه الطريق هي طريق الترمذي التي تقدم الكلام عنها بالتفصيل، وقد

1 المنهل الراوي من تقريب النواوي ص 34، 35

2 سير أعلام النبلاء17/ 175، 176.

3 فتح المغيث ص 36.

ص: 97

ذكرنا هناك ما فيها من العلل بما يغني عن تكرارها هنا مع العلم (أن الترمذي لما أخرج هذا الحديث من هذا الطريق لم يصححه ولم يحسنه أيضا، بل نص على أنه ليس له إسناد صحيح"1.

ولا يكتفى بمجرد إخراج ابن حبان للحديث في صحيحه للاحتجاج بصحته، لأدت ابن جئان متساهل في صحيحه وذلك يقتضي التظر في أحاديثه، لأنه غير متقيد بالمعدلين، بل ربما يخرج للمجهولين2.

ويرجع بعض العلماء تساهله لأمرين:

أ- أنه يسمي الحسن صحيحا، وهذا راجع لمذهبه، وهو إدراج الحسن في الصحيح.

2-

خفة شروطه:

أ- فإنه يخرج في صحيحه ما كان راويه ثقة غير مدلس، سمع من شيخه وسمع منه الأخذ عنه ولا يكون هناك إرسال ولا انقطاع.

ب- وإذا لم يكن في الراوي جرح ولا تعديل وكان كل من شيخه والراوي عنه ثقة ولم يأت بحديث منكر، فهو عنده ثقة، وفي كتاب الثقات له كثير ممن هذه حاله3.

وقال العماد ابن كثير: "قد التزم ابن خزيمة وابن حبان الصحة وهما خير من المستدرك بكثير وأنظف أسانيد ومتونا، وعلى كل حال فلابد من النظر للتمييز"4.

1 العواصم والقواصم 7/ 201

2 فتح المغيث ص 37.

3 تدريب الزاوي 1/ 108.

4 فتح المغيث ص 37.

ص: 98