المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: بيان معتقد أهل السنة في المسألة - معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى

[محمد بن خليفة التميمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: في ثبوت الأسماء وتعيينها

- ‌المبحث الأول: في معرفة ضابط الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأول: في أهمية معرفة ضابط الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الثاني: تحديد ضابط الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الثالث: في الشرط الأول للأسماء الحسنى وهو ورود النص بذلك الإسم

- ‌المطلب الرابع: الشرط الثاني للأسماء الحسنى وهو: أن تقتضي الأسماء المدح والثناء بنفسها

- ‌المبحث الثاني: مناهج الناس في عدد الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأولى: القائلون بأن أسماء الله غير محصورة بعدد معين نعلمه

- ‌المطلب الثاني: القائلون بأن أسماء الله محصورة بعدد معين

- ‌المبحث الثالث: مناهج الناس في تعيين الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأول: منهج المعتمدين على العد الوارد في بعض روايات حديث أبى هريرة رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: منهج المقتصرين على ما ورد بصورة الاسم

- ‌المطلب الثالث: منهج المتوسِّعين

- ‌المطلب الرابع: منهج المتوسِّطي

- ‌المبحث الرابع: جهود أهل العلم في جمع الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأول: نماذج لاجتهادات أهل العلم في جمع الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الثاني: الأسماء التي ورد إطلاقها في النُّصوص وأدلَّتها ومن ذكرها من أهل العلم ومن أسقطها

- ‌المطلب الثالث: الأسماء التى لم ترد في النصوص بصورة الاسم وإنما أُخذت بالاشتقاق

- ‌المطلب الرابع: الأسماء المضافة

- ‌المطلب الخامس: الأسماء المزدوجة

- ‌الفصل الثاني: أحكام الأسماء الحسنى

- ‌المبحث الأول: أسماء الله غير مخلوقة أو ما يعرف بمسألة الاسم والمسمى

- ‌المطلب الأول: الجانب اللغوي للمسألة

- ‌المطلب الثاني: الجانب العَقَديُّ في المسألة

- ‌المبحث الثاني: أسماء الله كلها حسنى

- ‌المطلب الأول: الأدلة على كون أسماء الله كلها حسنى والمقصود بذلك

- ‌المطلب الثاني: وجه الحسن في أسماء الله:

- ‌المطلب الثالث: الأحكام المستفادة من كون أسماء الله حسنى

- ‌المبحث الثالث: أسماء الله الحسنى أعلام وأوصاف

- ‌المطلب الأول: بيان معتقد أهل السنة في المسألة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على أن أسماء الله أعلام وأوصاف

- ‌المطلب الثالث: الأحكام المستفادة من هذه المسألة

- ‌المبحث الرابع: إحصاء أسماء الله الحسنى

- ‌المطلب الأول: الحث على إحصاء أسماء الله والمقصود بذلك

- ‌المطلب الثاني: مراتب الإحصاء:

- ‌المطلب الثالث: ثمرات إحصاء أسماء الله الحسنى

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: بيان معتقد أهل السنة في المسألة

‌المبحث الثالث: أسماء الله الحسنى أعلام وأوصاف

‌المطلب الأول: بيان معتقد أهل السنة في المسألة

المطلب الأول: بيان معتقد أهل السنة في المسألة

من الأمور المتقررة في عقيدة أهل السنة والجماعة أن أسماء الله الحسنى متضمنة للصفات، فكل اسم يدل على معنى من صفاته ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر، فالعزيز متضمن لصفة العزة وهو مشتق منها، والخالق متضمن لصفة الخلق وهو مشتق منها، فأسماء الله مشتقة من صفاته وليست جامدة كما يزعم المعتزلة ومن وافقهم الذين ادَّعوا أنها أعلام جامدة لا معاني لها، فقالوا: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة، فسلبوا بذلك عن أسماء الله معانيها.

فالرب تعالى يشتق له من أوصافه وأفعاله أسماء ولا يشتق له من مخلوقاته، وكل اسم من أسمائه فهو مشتق من صفة من صفاته أو فعل قائم به.

ولمزيد من الإيضاح وإلقاء الضوء على هذه المسألة وبيان عقيدة أهل السنة أود طرح ذلك في النقاط التالية.

النقطة الأولى: أن أسماء الله الحسنى لها اعتباران:

أسماء الله الحسنى كلها متفقة في الدلالة على نفسه المقدسة، ثم كل اسم يدل على معنى من صفاته ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر1.

وذلك لأن أسماءه الحسنى لها اعتباران:

اعتبار من حيث الذات.

1 الإيمان لابن تيمية ص 175.

ص: 333

واعتبار من حيث الصفات.

فهي أعلام باعتبار دلالتها على الذات.

وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني.

وهي بالاعتبار الأول: مترادفة1 لدلالتها على مسمى واحد هو الله عز وجل، ف"الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم" كلها أسماء لمسمى واحد هو الله سبحانه وتعالى.

قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 2. فأسماء الله تعالى تدل كلها على مسمى واحد، وليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى يضاد دعاءه باسم آخر، بل كل اسم يدل على ذاته.

وهي بالاعتبار الثاني: متباينة3 لدلالة كل واحد منها على معناه الخاص، فمعنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا4.

النقطة الثانية: الوصف بها لا ينافي العلمية:

قال ابن القيم: "أسماء الله الحسنى هي أعلام وأوصاف، والوصف بها لا

1 الألفاظ المترادفة: هي ما اختلفت في ألفاظها واتحدت في مدلولها، ف "الرحمن- السميع- القدير" اختلفت في ألفاظها واتحدت في دلالتها على مسمى الله.

2 الآية 110 من سورة الإسراء. وقد ذكر ابن كثير في تفسيره سبب نزولها فقال: "روى مكحول أن رجلا من المشركين سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في سجوده: "يا رحمن يا رحيم" فقال. إنه يزعم أنه يدعو واحدا وهو يدعو اثنين، فأنزل الله هذه الآية" تفسير ابن كثير 3/68

3 الألفاظ المتباينة: هي ما اختلفت في ألفاظها ومعانيها، فالسميع ليس كالقدير لفطا ومعنى.

4 بدائع الفوائد 1/ 162، القواعد المثلى ص 8، جلاء الأفهام ص 138.

ص: 334

ينافي العلمية؛ بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم؛ لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة، بخلاف أوصافه تعالى"1.

وقال رحمه الله: "أسماء الرب تعالى، أسماء كتبه، وأسماء نبيه صلى الله عليه وسلم هي أعلام دالة على معان هي بها أوصاف، فلا تضاد فيها العلمية الوصف بخلاف غيرها من أسماء المخلوقين، فهو الله الخالق، البارىء المصور القهار؛ فهذه أسماء له دالة على معان هي صفاته

"2.

قال الدارمي: "لا تقاس أسماء الله بأسماء الخلق؛ لأن أسماء الخلق مخلوقة مستعارة وليست أسماؤهم نفس صفاتهم، بل مخالفة لصفاتهم، وأسماء الله وصفاته ليس شيء منها مخالفا لصفاته، ولا شيء من صفاته مخالفا لأسمائه.

فمن ادعى أن صفة من صفات الله مخلوقة أو مستعارة فقد كفر وفجر؛ لأنك إذا قلت: (الله) فهو (الله)، وإذا قلت:(الرحمن) فهو (الرحمن) وهو (الله) فإذا قلت: (الرحيم) فهو كذلك، وإذا قلت:(حكيم- عليم- حميد- مجيد- جبار- متكبر- قاهر- قادر) فهو كذلك هو (الله) سواء لا يخالف اسم له صفته ولا صفته اسما.

وقد يسمى الرجل حكيما وهو جاهل، وحَكَمًا وهو ظالم، وعزيزا وهو حقير، وكريما وهو لئيم، وصالحا وهو طالح، وسعيدا وهو شقي، ومحمودا وهو مذموم، وحبيبا وهو بغيض؛ وأسدا وحمارا؛ وكلبا وجديا، وكليبا؛ وهرا، وحنظلة، وعلقمة، وليس كذلك.

1 بدائع الفوائد 1/ 162.

2 جلاء الأفهام ص 133، 134.

ص: 335

الله تعالى وتقدس اسمه كل أسمائه، سواء، لم يزل كذلك ولا يزال، لم تحدث له صفة ولا اسم لم يكن كذلك، كان خالقا قبل المخلوقين، ورازقا قبل المرزوقين، وعالما قبل المعلومين، وسميعا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين، وبصيرا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة"1.

النقطة الثالثة: أقسام أسماء الله باعتبار معانيها:

ترجع أسماء الله الحسنى من حيث معانيها إلى أحد الأمور التالية:

ا- إلى صفات معنوية: كالعليم، والقدير، والسميع، والبصير.

2-

ما يرجع إلى أفعاله: كالخالق، والرازق، البارىء، والمصور، والوهاب.

3-

ما يرجع إلى التنزيه المحض ولابد من تضمنه ثبوتا؛ إذ لا كمال في العدم المحض: كالقدوس، والسلام، والأحد.

4-

ما دل على جملة أوصاف عديدة ولم يختص بصفة معينة، بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد: نحو: المجيد، العظيم، الصمد، فإن "المجيد" من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدل على هذا: فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة، كما في قوله تعالى:{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} 2 فالمجيد صفة للعرش لسعته وعظمه وشرفه.

و"العظيم"من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال.

وكذلك "الصمد" قال ابن عباس: هو السيد الذي كمل في سؤدده، وقال ابن وائل: هو السيد الذي انتهى سؤدده.

1 الرد على المريسي ص 365.

2 الآية 15 من سورة البروج.

ص: 336

وقال عكرمة: الذي ليس فوقه أحد.

وكذلك قال الزجاج: الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شيء.

وقال ابن الأنباريِّ: لا خلاف بين أهل اللغة أن "الصمد" السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم1.

النقطة الرابعة: أن الاسم من أسمائه تعالى له دلالاتٌ:

دلالة على الذات والصفة بالمطابقة.

ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم.

ويتضح ذلك بما يلي:

أولا: بيان أقسام الدلالات اللفظية: تنقسم الدلالات اللفظية إلى ثلاثة أقسام:

ا- دلالة المطابقة.

2-

دلالة التضمن.

3-

دلالة الالتزام.

وذلك لأن الكلام إما أن يساق ليدل على تمام معناه.

وإما أن يساق ليدل على بعض معناه.

وإما أن يساق ليدل على معنى آخر خارج عن معناه إلا أنه لازم له.

فدلالة اللفظ على تمام معناه تسمى دلالة "مطابقة"، وسُميت مطابقة للتَّطابق الحاصل بين معنى اللفظ وبين الفهم الذي استفيد منه.

ودلالة اللفظ على بعض معناه تسمى دلالة "تضمُّن"، وسميت دلالة تضمن لأن اللفظ قد تضمن معنى آخر إضافة إلى المعنى الذي فُهم منه.

1 بدائع الفوائد 1/ 159- 160.

ص: 337

ودلالة اللفظ على معنى خارج عن معناه إلا أنه لازم له تسمى دلالة "التزام"، وسميت دلالة التزام لأن المعنى المستفاد لم يدل عليه اللفظ مباشرة، ولكن معناه يلزم منه هذا المعنى المستفاد.

الأمثلة:

أ- مثال لدلالة المطابقة: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} 1 فلفظة "البقرة": اسم جنس سيق ليدل على تمام معناه وهو الحيوان المعروف، فأية بقرة كانت كافية لتنفيذ الأمر لو ذبحها بنو إسرائيل، ولكنهم شدّدوا على أنفسهم في طلب التعيين فشدّد الله عليهم.

ب- مثال لدلالة التضمن كأن يقول. إنسان: أنا عالم بالفرائض وتقسيم المواريث.

فنقول له: بين لنا إذن أحكام الجد مع الإخوة؟

فيقول: أنا لم أقل لكم إنني أعلم هذه الأحكام.

فنقول له: لقد تضمنت دعواك العلم بالفرائض وتقسيم المواريث أنك عالم بأحكام الجد مع الإخوة، وقد فهمنا هذا من كلامك عن طريق الدلالة التضمُّنية.

ج- مثال لدلالة الالتزام: قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 2.

فإن قاله: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الواقع في جواب الشرط يدل عن طريق الدلالة الالتزامية على أن الله يغفر لكم ويرحمكم إن أنتم عفوتم وصفحتم وغفرتم،

1 الآية 67 من سورة البقرة.

2 الآية 14 من سورة التغابن.

ص: 338

مع أن هذا المعنى غير مدلول عليه بمنطوق اللفظ، ولكن يلزم من كونه غفورا رحيما أن يكافىء أهل العفو والصفح والمغفرة بالرحمة والغفران؛ ولذلك حصل الاكتفاء في جواب الشرط بذكر هذين الوصفين دون التصريح للازمهما.

ثانيا: تطبيق الدَّلالات الثلاث على أسماء الله تعالى:

قال ابن القيم: "إن الاسم من أسمائه تبارك وتعالى كما يدل على الذات والصفة التى اشتق منها بالمطابقة، فإنه يدل عليه دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم.

فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن وكذلك على الذات المجردة على الصفة.

ويدل على الصفة الأخرى باللزوم.

الأمثلة:

أ- "الخالق":

ويدل على ذات الله وعلى صفة الخلق بالمطابقة يدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام كما في قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} 1 ذلك لأن العلم والقدرة لازمان للخلق.

مثال آخر: "السميع":

يدل على ذات الرب وسمعه بالمطابقة.

1 الآية 12 من سورة الطلاق.

ص: 339

وعلى الذات وحدها وعلى السمع وحده بالتضمن.

ويدل على اسم الحيّ وصفة الحياة بالالتزام.

وكذلك سائر أسمائه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فأسماؤه كلها متفقة في الدلالة على نفسه المقدسة، ثم كل اسم يدل على معنى من صفاته ليس هو المعنى الذي دل على الاسم الآخر، فالعزيز يدل على نفسه مع عزته، والخالق يدل على نفسه مع خلقه، والرحيم يدل على نفسه مع رحمتها، ونفسه تستلزم جميع صفاته، فصار كل اسم يدل على ذاته والصفة المختصة به بطريق المطابقة، وعلى أحدهما بطريق التضمن وعلى الصفة الأخرى بطريق اللزوم"1.

وقال الشيخ حافظ حكمي: "واعلم أن دلالة أسماء الله تعالى حق على حقيقتها مطابقة وتضمنا والتزاما.

فدلالة اسمه تعالى: "الرحمن" على ذاته عز وجل مطابقة وعلى صفة الرحمة تضمنا وعلى الحياة وغيرها التزاما،.

وهكذا سائر أسمائه تبارك وتعالى.

وليست أسماء الله تعالى غيره كما يقوله الملحدون في أسمائه، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

فإن الله عز وجل هو الإله، وما سواه عبيد.

وهو الرب، وما سواه مربوب.

وهو الخالق، وما سواه مخلوق.

وهو الأول فليس قبله شيء، وما سواه محدث كائن بعد أن لم يكن.

1 الإيمان ص 175، ط: المكتب الإسلامي.

ص: 340

وهو الآخر الباقي فليس بعده شيء، وما سواه فان.

فلو كانت أسماء الله تعالى غيره كما زعموا لكانت مخلوقة مربوبة محدثة فانية؛ إذ كل ما سواه كذلك، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا"1.

قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي: "الدلالة نوعان:

ا- لفظية 20- معنوية عقلية.

فإن أعطيت اللفظ جميع ما دخل فيه من المعاني فهي دلالة مطابقة؛ لأن اللفظ طابق المعنى من غير زيادة ولا نقصان.

وإن أعطيته بعض المعنى فتسمى دلالة تضمن؛ لأن المعنى المذكور بعض اللفظ وداخل في ضمنه.

وأما الدلالة المعنوية العقلية فهي خاص، بالعقل والفكر الصحيح؛ لأن اللفظ بمجرده لا يدل عليها، وإنما ينظر العبد ويتأمل في المعاني اللازمة لذلك اللفظ الذي لا يتم معناها بدونه وما يشترط له من الشروط، وهذا يجري في جميع الأسماء الحسنى، كل واحد منها يدل على الذات وحدها أو على الصفة وحدها دلالة تضمن، ويدل على الصفة الأخرى اللازمة لتلك المعاني دلالة التزام، مثال ذلك:"الرحمن" يدل على الذات وحدها وعلى الرحمة وحدها دلالة تضمن، وعلى الأمرين دلالة مطابقة، ويدل على الحياة الكاملة والعلم المحيط والقدرة التامة ونحوها دلالة التزام؛ لأنه لا توجد الرحمة من دون حياة الراحم، وقدرته الموصِّلة لرحمته للمرحوم وعلمه به وبحاجته.

وكذلك ما تقدم من استلزام "الملك" جميع صفات المُلْك الكامل، واستلزام "الرب" لصفات الربوبية و"الله" لصفات الألوهية، وهي صفات

1 معارج القبول 1/78

ص: 341

كمال كلها، وكثير من أسمائه الحسنى يستلزم عدة أوصاف كالكبير والعظيم والمجيد والحميد والصمد، فهذه قاعدة نافعةٌ"1.

1 الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين من الكافية الشافية ص 54، 55.

ص: 342