الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: منهج المتوسِّطي
ن
وهو منهج الوسط بين طرفي النقيض، فأصحاب هذا المنهج لم يحجروا تحجير ابن حزم الذي اقتصر على المطلق من الأسماء واستبعد المشتق والمضاف، ولاهم كذلك توسَّعوا توسُّع الذين أدخلوا في هذا الباب ماليس منه وخلطوا بين الأبواب الثلاثة ـ أعني باب الأسماء وباب الصفات وباب الإخبار ـ ولم يحفظوا لهذا الباب خصوصيّته، فباب الأسماء هو أخص الأبواب الثلاثة، ولذلك راعى أهل هذا المنهج هذه الخاصيّة، واشترطوا لصحة الإطلاق أن يكون الاسم في حالة إطلاقه مقتضيًا للمدح والثناء بنفسه، ولذلك أخذوا أسماءَ بطريق الاشتقاق والإضافة، وبما أن الأسماء جميعها مشتقة من الصفات، فإن من شرط إطلاق الاسم من الصفة، أن تكون الصفة، أن تكون الصفة في حال إطلاقها غيرَ منقسمةٍ إلى كمالٍ ونقصٍ ومدحٍ وذمٍّ أو خيرٍ وشرٍّ، فلابدّ في حال إطلاقها أن تكون مدحا مطلقا.
فليس كلّ الصفات تدلّ في حال إطلاقها على ما يُحمَدُ به الرّبُّ ويُمدَحُ، فالكلام، والإرادة، والاستواء، والنزول صفات، ولكن لايشتق منها الأسماء لعدم اقتضائها المدح والثناء في حال إطلاقها، وقد بسطنا القول في ذلك عند شرح ضابط الأسماء الحسنى فليرجع إليه.
وهذا النّهج ناصروه وعاضده أكثر العلماء الذين اهتمّوا بجميع الأسماء الحسنى وبخاصة المتقدّمين منهم، فمن خلال استقرائي لجميع العلماء وجدت أن الكثير منهم يراعي ذلك الشرط عند ذكره للأسماء فيأخذون بعض
الأسماء بطريق الاشتقاق ولكن مع التقيّد باالضابط الذي ذكرته، وإن كانت هناك بعض الفروقات بين جمع وآخر، لكنّها ترجع إلى طبيعة الاستقراء التي سار عليها البعض في جمعهم، فترى البعض تارة يرى صحّة الإطلاق في صفة بينما يرى آخرون عدم صحّة الإطلاق فيها.
فعلى سبيل المثالي لو نظرنا في الجمع الوارد في حديث الأسماء والذي هومن جمع الرُّواة وليس من قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم على القول الراجح.
فهذا الجمع حوى أسماء أُخِذَت بطريق الاشتقاق أو وردت في النَّصِّ مضافة، منها ما يلي:
الباعث، الباقي، البديع، الجليل، الجامع، ذو الجلال والإكرام، الرّافع، الرّشيد، النّور، النّافع، الهادي، الوارث. فهذه الأسماء لم يرد إطلاقها في النُّصوص.
وبهذا يتّضح الفارق الذي امتاز به أصحاب هذا المنهج عن منهج ابن حزم، فهم خالفوا ابن حزم في زعمه أن الأسماء يُقتَصَرُفيها على المطلق فقط، فابن حزم انفرد بهذا المنهج ولم يناصره فيه أحدٌ؛ بل كافَّةُ العلماء على خلافه، إذ أنّهم جميعًا يأخذون بطريق الاشتقاق أو بالإ ضافة.
كما أنه في الوقت ذاته يتّضح الفارق بين، أصحاب هذا المنهج ومنهج المتوسِّعين الذين لم يعتبروا شرط الإطلاق في صحَّة ثبوت الاسم.
وستتضح لك الصورة بشكل أكبر في المبحث الرَّابع الذي خصَّصته لجهود العلماء في جمع الأسماء الحسنى، فقد عقدت في المبحث الرّابع مطالب أوضحت فيها ما ورد إطلاقه من الأسماء وما أُخِذَ بطريق الاشتقاق أو ما ورد مضافًا وكذلك ما لا يثبت من الأسماء