الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: وجه الحسن في أسماء الله:
الحُسنُ في أسماء الله جاء من وجهين هما:
الوجه الأول: لدلالتها على مسمى الله، فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأجل وأقدس مسمى وهو الله عز وجل1.
الوجه الثاني: لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالا ولا تقديرا2.
قال الشيخ عبد العزيز السَّلمان: "فأسماء الله إنما كانت حسنى لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول"3.
وقال ابن القيم: "أسماؤه- سبحانه وتعالى كلُّها أسماء مدح وثناء؛ وتمجيد؛ ولذلك كانت حسنى"4.
وقال: "أسماء الرب تبارك وتعالى دالة على صفات كماله، فهي مشتقة من الصفات، فهي أسماء وهي أوصاف، وبذلك كانت حسنى؛ إذ لو كانت ألفاظا لا معاني فيها لم تكن حسنى ولا كانت دالة على مدح
1 الأسئلة والأجوبة الأصولية ص 51
2 القواعد المثلى ص 6.
3 الأسئلة والأجوبة الأصولية ص 51.
4 مدارج السالكين 1/ 125.
وكمال"1.
فأسماؤه عز وجل تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله، ومن حسنها ما فيها من معنى التعظيم والإجلال والإكبار لله سبحانه وتعالى.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} "هذا بيان لعظيم جلال وسعة أوصافه بأن له الأسماء الحسنى، أي كل اسم حسن، وضابطه أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة وبذلك كانت حسنى، فإنها لو دلت على غير صفة بل كانت علما محضا لم تكن حسنى، فإنها لو دلت على صفة ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أوصفة منقسمة إلى المدح والقدح لم تكن حسنى فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتُق منها، مستغرق لجميع معناها، وذلك نحو "العليم" الدال عليه أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء فلا يخرج عن علمه مثقال ذرَّة في الأرض ولا في السماء، و"الرحيم" الدال على أنه له رحمة عظيمة واسعة لكل شيء، و"القدير" الدال على أن له قدرة. عامة لا يعجزها شيء ونحو ذلك. ومن تمام كونها حسنى أنه لا يُدعى إلا بها، ولذلك قال:{فَادْعُوهُ بِهَا} وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة
…
"2.
والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده.
مثال ذلك: "الحيُّ": اسم من أسماء الله تعالى متضمن للحياة الكاملة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها.
1 مدارج السالكين 1/28
2 تيسير الكريم الرحمن 3/ 59.
مثال آخر: "الرحمن": اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته.
ومتضمن أيضا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} 1، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين:{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} 2.
وكما يكون الحسن في أسماء الله باعتبار كل اسم على انفراده فكذلك يكون باعتبار جمعه إلى غيره فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمالٌ فوق كمال.
مثال ذلك: "العزيز الحكيم" فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيرا، فيكون كل منهما دالا على الكمال الخاص الذي يقتضيه وهو: العزة في العزيز؛ والحُكمُ والحكمة في الحكيم.
والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظُلما وجورا وسوء فعل كما قد يكون من أعزّاء المخلوقين. فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم ويجور ويسيءُ التَّصرف.
وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعزِّ الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته، فإنهما يعتريهما الذُّلُّ3.
قال ابن القيم رحمه الله: "وهناك صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو: الغني الحميد، العفو
1 الآية 156 من سورة الأعراف
2 الآية 7 من سورة غافر.
3 القواعد المثلى ص 7- 8.
القدير، الحميد المجيد؛ وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن، فإن الغنى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغِنى مع الحمد كمال آخر، فله ثناء من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما، وكذلك العفوُّ القدير، الحميد المجيد، العزيز الحكيم، فتأمله فإنه من أشرف المعارف"1.
1 بدائع الفوائد 1/ 161.