الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير أهلها متمتعاً أو قارنا ناويا الإقامة بها بعد فراغ نسكه أو نوى الإقامة بعد فراغه من النسك، أو استوطن مكي بلداً كالمدينة والطائف وجدة، ثم عاد إلى مكة مقيماً متمتعاً أو قارناً لزمه دم، لأنه حال الشروع في النسك لم يكن من حاضري المسجد الحرام.
(فائدة) : قال المحب بن نصر الله البغدادي: لو ساق المتمتع أو القارن هديا تطوعاً من قبل الميقات فهل يجزئه عن الدم الواجب، أو لا بد من دم آخر؟ لم أجد من صرح بذلك وظاهر الأحاديث يجزئه، وظاهر كلامهم يلزمه غيره لأنه استحق لتعينه بالهدي فلم يجز عن واجب غيره انتهى كلامه، قلت: الصحيح أنه يجزئه عن هدي التمتع والقران لظاهر الأحاديث، ولا عبرة بظاهر كلامهم، والله أعلم.
--
فصل:
ويشترط في وجوب دم متمتع وحده دون القارن زيادة عما تقدم ستة شروط:
الشرط الأول: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج لقوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) . والاعتبار بالشهر الذي أحرم بها فيه لا بالشهر الذي حل منها فيه، فلو أحرم بالعمرة في شهر رمضان الذي ليس من أشهر الحج، ثم حل منها بأن طاف وسعى وحلق، أو قصر في شوال الذي هو من أشهر الحج لم يكن متمتعاً لأن الإحرام نسك يعتبر للعمرة أو من أعمالها فاعتبر في أشهر الحج كالطواف، وإن أحرم الأفقعي بعمرة في غير أشهر الحج، كرمضان مثلاً، ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحج من عامه
فهو متمتع نصاً، لأنه اعتمر وحج في أشهر الحج من عامه وعليه دم لعموم الآية، وهذا مبني على قول الموفق والشارح: إنه لا يشترط لوجوب الدم على المتمتع الإحرام بالعمرة من الميقات أو مسافة قصر، ويأتي في الشرط الخامس إن شاء الله تعالى، أما إن اعتمر بعد الحج فإنه لا يكون متمتعاً، لأن عمرته حصلت في غير أشهر الحج، وقال الحسن: من اعتمر بعد النحر فهي متعة. قال ابن المنذر: لا نعلم أحداً، قال بهذا القول. ذكره في المغني، وتقدم في صفة التمتع شيء من ذلك فليراجع.
الشرط الثاني: أن يحج من عامه، فلو اعتمر في أشهر الحج وحج من عام آخر فليس بمتمتع للآية، لأنه يقتضي الموالاة بينهما ولأنهم إذا أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج، ثم حج من عامه فليس بمتمتع فلئلا يكون متمتعاً إذا لم يحج من عامه من باب أولى، لأن التباعد بينهما أكثر وتقدم ذلك في صفة التمتع.
الشرط الثالث: أن لا يسافر بين الحج والعمر مسافة قصر فأكثر، فإن سافر مسافة قصر فأكثر فأحرم بالحج بعد حلة من العمرة فلا دم عليه، نص عليه أحمد لما روي عن عمر أنه قال:(إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ورجع فليس بمتمتع) ولأنه إذا رجع إلى الميقات أو ما دونه لزمه الإحرام منه، فإن كان بعيداً فقد أنشأ سفراً بعيداً لحجة فلم يترفه بترك أحد السفرين فلم يلزمه دم.
قلت: فعلى هذا إذا اعتمر في أشهر الحج ثم سافر إلى جدة أو الطائف ونحوهما مما يبلغ مسافة قصر عن مكة ثم رجع منهما محرماً بالحج في عامه سقط عنه دم التمتع، لأنه أحرم بالحج من مسافة قصر عن مكة هذا مقتضى كلامهم قال ناظم المفردات:
مسافة القصر لذي الأسفار
…
ما بينما الحج والاعتمار.
به دم المتعة والقران
…
سقوطه فواضح البرهان.
قال شارحها الشيخ منصور: يعني إذا أحرم بالعمرة وحل منها ثم سافر فأحرم بالحج من مسافة قصر فأكثر من مكة سقط عنه دم التمتع، وروي ذلك عن عطاء وإسحاق والشافعي إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه.
وقال أصحاب الرأي: إن رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا.
وقال مالك: إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت متعته وإلا فلا.
وقال الحسن هو متمتع وإن رجع إلى بلده، واختاره ابن المنذر لعموم (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) . ولنا قول عمر وذكر ما تقدم عنه ثم قال: وأما سقوط دم القرآن بالسفر المذكور فهو القياس ولكن كلامهم يقتضي لزومه لأن اسم القران باق بعد السفر بخلاف المتمتع، قال في الفروع: والصحيح أن اسم التمتع باق أيضاً انتهى.
قال النووي: وإنما يجب الدم على المتمتع بأربعة شروط: أن لا يعود إلى ميقات بلده لإحرامه الحج، وأن يكون إحرامه بالعمرة في أشهر الحج، وأن يحج من عامه، وأن لا يكون من حاضري المسجد الحرام وهم أهل الحرم؛ ومن كان منه على أقل من مرحلتين، فإن فقد أحد هذه الشروط فلا دم عليه وهو متمتع على الأصح، وقيل يكون مفرداً انتهى.
الشرط الرابع: أن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج، فإن أحرم به قبل حله من العمرة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم صار قارنا وليس بتمتع ولو بعد سعي العمرة لمن معه هدي، ولزمه دم قران لترفهه بترك أحد السفرين، هكذا ذكر في المنتهى والإقناع، وغيرهما في هذا الموضع بأنه يكون قارناً؛ وبيان ذلك أنه إذا لم يكن معه هدي وأحرم بالحج قبل الشروع في طواف العمرة فإنه يصير قارناً،
وإلا بأن كان الإحرام به بعد الشروع في طواف العمرة فإنه لا يصح كما تقدم، أما إذا كان معه هدي لزمه إدخال الحج على العمرة لأنه مضطر إلى الإدخال حيث كان ممنوعاً من التحلل لسوقه الهدي، وهل يكون متمتعاً حينئذ أو قارناً؟ تقدم البحث في ذلك فليراجع.
الشرط الخامس: أن يحرم بالعمر من ميقات بلده أو من مسافة قصر فأكثر من مكة، فلو أحرم من دون مسافة قصر من مكة كمن قرية المضيق أو لزيمة لم يكن عليه دم تمتع لأن حكمه حكم حاضري المسجد الحرام، وإنما يكون عليه دم مجاوزه الميقات بغير إحرام إن تجاوزه كذلك، وهو من أهل الوجوب، واختار الموفق والشارح أن الأفقي إذا ترك الإحرام من الميقات وأحرم من دونه بعمرة، ثم حل منها وأحرم بالحج من مكة من عامه فهو متمتع، وعليه دمان: دم المتعة، ودم لإحرامه من دون الميقات، وقال القاضي أبو يعلى: إذا تجاوز الميقات حتى صار بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر فأحرم منه فلا دم عليه للمتعة، لأنه من حاضري المسجد الحرام، قال الموفق: وليس بجيد فإن حضور المسجد الحرام إنما يحصل بالإقامة به ونيته ذلك وهذا لم تحصل منه الإقامة ولا نيتها.
قال الموفق: وإن أحرم الأفقي بعمرة في غير أشهر الحج ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحجم من عامة فهو متمتع نص عليه أحمد وعليه دم؛ وفي تنصيصه على هذه الصورة تنبيه على إيجاب الدم في الصورة الأولى بطريق الأولى انتهى.
قلت: ما ذهب إليه الموفق بناء منه على أنه لا يشترط لوجوب دم التمتع الإحرام بالعمرة من الميقات أو مسافة قصر وصححه في الإقناع ومشى على اشتراط ذلك في المنتهى. وما ذهب إليه الموفق هو الصحيح كما ذكره صاحب الإقناع.
قال في المغني بعد كلام سبق فأما إن خرج المكي مسافراً غير
منتقل ثم عاد فاعتمر من الميقات وحج من عامه فلا دم عليه، لأنه لم يخرج بهذا السفر عن كون أهله من حاضري المسجد الحرام انتهى. قلت كأهل مكة إذا رجعوا من مصيف الطائف إلى مكة وأتوا بعمرة من الميقات في أشهر الحج وحجوا من عامهم فإنه لا دم عليهم، لأنهم لم يخرجوا بذلك عن كونهم من حاضري المسجد الحرام، والله أعلم.
الشرط السادس: أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها ذكره القاضي أبو يعلى، وتبعه الأكثرون لظاهر الآية وحصول الترفه.
قال الشيخ مرعي بن يوسف: فلا تكفي نية عمرة فقط في وجوب الدم انتهى، واختار الموفق والشارح أنه لا يشترط نية التمتع لوجوب الدم وقدمه في المحرر والفائق، ومشى في المنتهى والإقناع على اشتراط ذلك، والصحيح ما اختاره الموفق والشارح لما يأتي من أن المفرد والقارن يسن لهما فسخ نيتهما بالحج وينويان بإحرامهما بذلك عمرة مفردة وأن من كان منهما طاف وسعى قصر وحل من إحرامه وأنه لا يمنع الفسخ إلا سوق الهدي أو الوقوف بعرفة، وأنه إذا فسخ يكون متمتعاً عليه دم التمتع، وقد يكون الفسخ بعد الطواف والسعي بمكة أو بعد خروجه منها إلى منى قبل الوقوف، ومع هذا كله فإنه لم ينو التمتع إلا حين الفسخ ووجب عليه دم التمتع، إذا تقرر هذا فيرد على من ذهب إلى اشتراط نية التمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها مسئلة الفسخ الآتية فإن الأصحاب أوجبوا عليه دم التمتع وإن لم ينو التمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها، والله أعلم.
قال في المنتهى وشرحه ولا تعتبر هذه الشروط جميعها في كونه أي الآتي بالحج والعمرة يسمى متمتعاً فإن المتعة تصح من المكي كغيره.
ورواية المروذي ليس لأهل مكة متعة: أي ليس عليهم دم انتهى، ومعناه في الإقناع وشرحه، ولا يعتبر لوجوب دم تمتع وقران وقوع