المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب جزاء الصيد: - مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام - جـ ١

[عبد الله بن جاسر]

الفصل: ‌ باب جزاء الصيد:

عندهم بعد الفراغ من العمرة وقبل الإحرام بالحج على الأصح، ولا يجوز قبل التحلل من العمرة على الأصح، وأما الصوم فلا يجوز تقديمه على الإحرام بالحج، ولا يجوز صوم شيء من الثلاثة في أيام التشريق، وهذا كله مخلف لمذهبنا كما تقدم، وعند المالكية إذا ذبح هدي التمتع والتطوع قبل فجر يوم النحر لم يجزه. قال في التلقين: الواجب لكل واحد من التمتع والقران هدي ينحره بمنى، ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر. وأما الصيام: فلا يجوز قبل أن يحرم بالحج ويكره تأخير الثلاثة إلى أيام منة، فإن أخرها صام أيام التشريق، وإن وجب عليه هديان أو أكثر لنقص في حج متقدم على الوقوف بعرفة صام عن كل هدي وجب عليه ثلاثة أيام قبل عرفة، فمن عليه هديان صام ستة عن كل هدي ثلاثة، وهكذا وصام سبعة أيام لكل هدي إذا رجع من منى، هكذا ذكر علماء المالكية، وهو موافق لمذهبنا ما عدا نفيهم جواز صيام الثلاثة قبل الإحرام بالحج لأنه عندنا يجوز صيامها بعد الإحرام بالعمرة كما تقدم.

--‌

‌ باب جزاء الصيد:

جزاؤه ما يستحق بدله على من أتلفه بمباشرة أو سبب من مثل الصيد ومقاربه وشبهه ولو أدنى مشابهة، أو من قيمة ما لا مثل له، وقد عقد فقهاؤنا رحمهم الله هذا الباب لبيان نفس جزاء الصيد.

وأما باب الفدية الذي تقدم فهو بيان لما يفعل بجزائه فلا تكرار كما قدم توهمه بعضهم والله أعلم، ويجتمع الضمان لمالكه والجزاء لمساكين الحرم إذا كان الصيد ملكاً لغير متلفه، وتقدم في السادس من المحظورات، ويجوز إخراج الجزاء بعد الجرح وقبل الموت ككفارة قتل الآدمي.

ص: 218

والصيد ضربان: أحدهما له مثل من النعم خلقة لا قيمة فيجب فيه مثله نص عليه الإمام أحمد للآية، والذي له مثل نوعان: أحدهما ما قضت فيه الصحابة ففيه ما قضت به لقوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) رواه أحمد والترمذي وحسنه ولأنهم أقرب إلى الصواب وأعرف بمواقع الخطاب، ففي النعامة بدنة، والمراد بالبدنة هنا البعير ذكراً كان أو أنثى حكم به عمر وعثمان وعلي وزيد وابن عباس ومعاوية وأكثر العلماء، لأنها تشبه البعير في خلقته فكان مثلاً لها فيدخل في عموم النص، وجعلها الخرقي من أقسام الطير لأن لها جناحين فيعايابها، فيقال: طائر يج فيه بدنة، ويجب في كل واحد من حمار الوحش بقرة، قضى به عمر وقاله عروة ومجاهد لأنه شبيهة به، ويجب في بقرة الوحش بقرة قضى به ابن مسعود، وروى عن ابن عباس وقاله عطاء وقتادة، وفي الوعل: بقرة، والوعل بفتح الواو مع فتح العين وكسرها وسكونها: تيس الجبل، قاله في القاموس، وهو الأروى قاله في الصحاح، يروى عن ابن عمر أنه قال: في الأروى بقرة، ويقال لذكر الأوعال إيَّل على وزن قِنَّب وخُلَّب وسيِّد: الأول بكسر القاف وتشديد النون المفتوحة، والثاني بضم الخاء المعجمة وتشديد اللام المفتوحة، والثالث بفتح السين المهملة وتشديد المثناة التحتية المكسورة، وفي الإبل بقرة قاله ابن عباس ويقال للمسن منه الثيتل بوزن جعفر وفيه بقرة لما تقدم، وفي الضبع كبش، لقول جابر (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الضبع؟ فقال: هو صيد، وفيه كبش إذا صاده المحرم) . رواه أبو داود، وروى أيضاً ابن ماجة والدارقطني عن جابر نحوه مرفوعاً، وقضي به عمر وابن عباس، وبه قال عطاء، والشافعين وأبو ثور، وابن المنذر، وقال الأوزاعي: كان العلماء بالشام يعدونها من السباع ويكرهون أكلها، وهو القياس إلا أن

ص: 219

اتباع السنة والآثار أولى انتهى.

قال الإمام (حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع بكبش) انتهى، الكبش: فحل الضأن. وفي المقنع أو شاة، وفي الظبي وهو الغزال عنز قضى به عمر وابن عباس، وروى عن علي وقاله عطاء. والعنز: هي الأنثى من المعز، وعن محمد بن سيرين (أن رجلاً جاء عمر بن الخطاب فقال: إني أجرت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ فقال عمر رضي الله عنه لرجل إلى جنبه تعال حتى نحكم أنا وأنت قال: فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلاً فحكم معه، فسمع عمر رضي الله عنه قول الرجل فدعاه فسأله هل يقرأ سورة المائدة؟ فقال لا، فقال هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضرباً، ثم قال إن الله عز وجل يقول في كتابه العزيز:(يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة) ، وهذا عبد الرحمن بن عوف. رواه مالك في الموطأ انتهى من الزركشي على الخرقي، قال في الشرح: وفي الثعلب شاة لأنه يشبه الغزال، وممن قال فيه الجزاء قتادة وطاوس ومالك والشافعي، وعن أحمد لا شيء فيه لأنه سبع انتهى. قلت: الصحيح من المذهب أنه لا شيء في الثعلب لأنه سبع مفترس بنابه فيحرم أكله على الصحيح من المذهب وليس صيداً، وفي الوبر بسكون الباء والأنثى وبرة، قال في القاموس: هو دويبة كحلاء دون السنور لا ذنب لها، وفي ضب جدي قضى به عمر وأربد، والوبر مقيس على الضب، قال الخلوتي، ولا ضرورة في إدراجه فيما قضت فيه الصحابة لأن قياس المذهب مذهب، ويصح أن يعزى لصاحبه على الصحيح عندهم انتهى، قال عبد الوهاب بن فيروز في حاشيته على شرح الزاد على هذا الموضع، قال ابن قندس: أربد براء، مهملة بعدها

ص: 220

باء موحدة أشار إليه شيخنا ابن حجر في الإصابة انتهى.

قال شيخنا يعني أباة محمد بن فيروز أربد التميمي تابعي انتهى كلام عبد الوهاب المذكور.

قلت ليس الأمر كما قاله ابن فيروز، فإن أربد المذكور ليس هو أربد التميمي بل هو أربد بن عبد الله البجلي، قال ابن حجر في الإصابة: أربد بن عبد الله البجلي أدرك الجاهلية وحكَّمه عمر في قصة جزاء الضب، قال عبد الرزاق عن ابن عيينة عن المخارق بن عبد الله: سمعت طارق بن شهاب يقول: (خرجنا حجاجاً فأوطأ رجل منا يقال له أربد بن عبد الله ضبا فأتينا عمر نسأله، فقال له عمر: احكم فيه. قال: أنت خير مني وأعلم، قال: أنا أمرتك أن تحكم، قال: قلت فيه جديٌ قد جمع الماء والشجر. قال: ففيه ذلك) إسناده صحيح ورواه الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق ولم يسم الرجل انتهى كلام ابن حجر. وقد ذكره في الإصابة في القسم الثالث المحتوى على المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا رأوه، سواء أسلموا في حياته أم لا، قال: هؤلاء ليسوا أصحابه باتفاق من أهل العلم بالحديث انتهى. وقال ابن حجر في التقريب: أربدة يسكون الراء بعدها موحدة مكسورة، ويقال أربد التميميم المفسر صدوق من الثالثة انتهى. قلت: والطبقة الثالثة على اصطلاح صاحب التقريب هي الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن، وابن سيرين، والله أعلم.

فاتضح مما تقدم حصول الوهم لمحمد بن فيروز حيث ظن أن صاحب قصة جزاء الضب القاضي فيه هو أرد التميمي مع أنه أربد بن عبد الله البجلي، والله أعلم.

والجدي الذكر من أولاد المعز له ستة أشهر، وفي اليربوع جفرة من المعز لها أربعة أشهر، قضى به عمر وابم مسعود وجابر، وفي الأرنب عناق، قضى به عمر، وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(في الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة) .

ص: 221

رواه الدارقطني، والعناق الأنثى من أولاد المعز أصغر من الجفرة، وفي واحدة الحمام: وهو كل ما عب الماء وهدر شاة، قضى به عمر وابنه وعثمان وابن عباس في حمام الحرم وقيس عليه حمام الإحرام، وروي أيضاً عن ابن عباس في الحمام في حال الإحرام وليس ذلك علة وجه القيمة، وقولهم: كل ما عب بالعين المهملة أي وضع منقاره في الماء فيكرع كما تكرع الشاة ولا يأخذ قطرة قطرة كالدجاج والعصافير، وهدر أي صوّت، وإنما أوجبوا فيه شاة لشبهة بها في كرع الماء، ومن هنا قال أحمد في رواية ابن القاسم: وسندي كل طير يعب الماء كالحمام فيه شاة، فيدخل فيه القطا والفواخت والوراشين والقمارى. والدباس جمع دبسي بالضم ضرب من الفواخت، وقال الفتوحي في شرح المنتهى: هو طائر لونه بين السواد والحمرة يقرقر والأنثى دبسية ونحوا كالسفانين جمع سفنة بكسر السين وفتح الفاء والنون ومشددة قاله في القاموس: طائر بمصر لا يقع على شجرة إلا أكل جميع ورقها لأن العرب تسميها حماماً، وقال الكسائي كل ما طوق حمام فيدخل في الحجل لأنه مطوق فهذا كله يخير فيه بين ذبح المثل المذكور أو تقويم المثل بنقود وأخذ طعام يجزئ في الفطرة بقيمته ويطعم كل مسكين مدَّ بُر أو نصف صاع من غيره أو يصوم عن كل إطعام مسكين يوماً وتقدم في باب الفدية.

النوع الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة وله مثل من النعم فيرجع فيه إلى قول عدلين لقوله تعالى: (يحكم به ذوا عدل منكم) ويعتبر أن يكونا من أهل الخبرة لأنه لا يتمكن من الحكم بالمثل إلا بها فيعتبران الشبه خلقة لا قيمة لفعل الصحابة، ويجوز أن يكون القاتل أحدهما نص علي أحمد ظاهر الآية، وروي أن عمر أمر كعب الأحبار أن يحكم علة نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم، وأمر أيضاً أربد بن عبد الله البجلي بذلك حين وطيء الضب فحكم علة

ص: 222

نفسه بجدي فأقره، وكتقويمه عرض التجارة لإخراج زكاته: ويجوز أن يكون الحاكمان بمثل الصيد المقتول القاتلين، وحمله ابن عقيل على ما إذا قتله خطأ أو جاهلاً بتريمه لعدم فسقه، وعلى قياسه إذا قتله لحاجة أكل لأنه قتل مباح لكن يجب فيه الجزاء.

قال في التنقيح: وهو قوي، قال منصور: ولعله مرادهم لأن قتل العمد ينافي العدالة انتهى، قال مرعي في غايته ويتجه عدم هذا، والمعتبر من العدالة حال الحكم فلو تابا قبله قُبل كالشهادة انتهى.

قال الخلوتي: أما إذا تابا هل يصح مهما بعد ذلك أم لا؟ الظاهر لا مانع من ذلك بدليل قوله تعالى: (عفا الله عما سلف) ، ومشى عليه شيخنا في شرحه انتهى، يعني بشيخه الشيخ منصوراً في شرح المنتهى، وعبارته بعد قول المنتهى لأن قتل العمد ينافي العدال إن لم يتب وهي شرط الحكم انتهى، ويضمن كل واحد من الكبير والصغير والصحيح والمعيب والذكر والأنثى والحائل والحامل بمثله للآية، وإن فدى الصغير بكبير والذكر بأنثى والمعيب بصحيح فهو أفضل لأنه زاد خيراً، ولو جني على الحامل فألقت جنينها ميتاً ضمن نقص الأم فقط كما لو جرحها. قال في شرح الإقناع: لأن الحمل في البهائم زيادة انتهى. قلت: لغير مريد اللحم، والله أعلم، وإن ألقت الجنين حياً لوقت يعيش لمثله ثم مات ففيه جزاؤه، وإن كان لوقت لا يعيش لمثله فكالميت جزم به في المغني والشرح، ويجوز فداء أعور من عين وفداء أعرج من قائمة بأعور وأعرج من أخرى، لأن الاختلاف يسير ونوع العيب واحد، ولا يجوز فداء أعور بأعرج ولا أعرج بأعور لاختلاف أنواع العيب، ويجوز فداء أنثى بذكر وذكر بأنثى لأن لحمه أوفر وهي أطيب فيتساويان.

الضرب الثاني: ما لا مثل له من النعم فيجب فيه قيمته مكان إتلافه كمال الآدمي غير المثلى وهو سائر الطيور ولو أكبر من الحمام كالإوز بكسر الهمزة

ص: 223

وفتح الواو وتشديد الزاي جمع إوزة ويقال وز جمع وزة كتمر وتمرة ذكره الحجاوي في حاشية الإقناع، وكالحبارى والحجل والكبير من طير الماء والكركي وغير ذلك لأنه القياس تركناه في الحمام لقضاء الصحابة رضي الله عنهم فيه، وإن أتلف المحرم أو من بالحرم جزءاً من صيد فاندمل أو تلف في يده جزء منه ثم اندمل والصيد ممتنع أي يمكنه الجري أو الطيران وله مثل من النعم ضمن الجزء المتلف بمثله لحماً من مثله من النعم لأن ما وجب ضمان جملته بالمثل وجب في بعض مثله كالمكيلات، والمشقة مدفوعة لجواز عدوله إلى عدله طعاماً أو صياماً كما سبق، وما لا مثل له إذا أتلف جزأه أو تلف جزؤه في يده ثم اندمل وهو ممتنع يضمن ما نقص من قيمته لأن جملته مضمونة بالقيمة فكذلك أبعاضه فيقوّم الصيد سليماً ثم مجنياً عليه فيجب ما بينهما ليشتري به طعاماً، وإن نفرّ المحرم صيدا فتلف بشيء ولو بآفة سماوية أو نقص في حال نفوره ضمن (لأن عمر دخل دار الندوة فعلق رداءه فوقع عليه حمام فأطاره فوقع على واقف في البيت فخرجت حية فقتلته، فسأل: من معه، فحكم عليه عثمان بشاة) . رواه الشافعي، ودار الندوة: هي دار قصي بن كلاب التي اجتمعت فيها قريش للمشورة في قتل النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، هي الموضع المسمى، الزيادة وفيها بابان أحدهما يسمى باب زيادة والآخر يسمى باب القطبي، وقيل هي موضع مقام الحنفي، والأول أصح والله أعلم.

وقد أزيل مقام الحنفي لأجل توسعة المطاف كما أزيل باب زيادة وباب القطبي لتوسعة الحرم ودخول عمر دار الندوة كان في خلافته وقد أتى مكة حاجاً، والله أعلم، وكذا إن جرحه فتحامل، فوقع في شي تلف به، لأنه تلف بسببه، ولا يضمنه إن تلف بعد نفوره في مكانه بعد أمنه، وإن رمى المحرم صيداً فأصابه

ص: 224

ثم سقط المرمى على آخر فماتا ضمنهما لتلفهما بجنايته، فلو مشى المجروح قليلاً ثم سقط على آخر فماتا ضمن المجروح لموته بجنايته فقط دون ما سقط عليه، لأن سقوطه عليه ليس من فعله، وإن جرحه المحرم جرحاً غير موح: أي غير مسرع إلى الموت فغاب ولم يعلم خبره فعليه ضمان ما نقصه فيقوّم صحيحاً وجريحاً غير مندمل ثم يخرج بقسطه من مثله إن كان مثلياً وإلا ما نقصه، قال الخلولتي أي يخرج من مثله لحماً يساوي ذلك اللحم القسط الذي نقص من الثمن انتهى، فإن نقص ربعاً أخرج ربع مثله أو سدساً أخرج سدس مثله وإن لم يكن له مثل فعل بأرشه ما يفعل بقيمة ما لا مثل له لأنه موجب جناته، وكذا إن وجده ميتاً بعد جرحه غير موح ولم يعلم موته بجرحه لأنه لا نعلم حصول التلف بفعله فلا يجب عليه جزاؤه كله، وإن وقع بعد جرحه في ماء يقتله مثله أو لا فمات ضمنه، أو تردى صيد جرحه من علو فمات ضمنه لتلفه بسببه وإن اندمل الجرح وصار الصيد غير ممتنع من قاصده فعليه جزاؤه جميعه لأنه عطله فصار كالتالف أو جرحه جرحاً موحياً لا تبقى معه الحياة غالباً فعليه جزاؤه جميعه كقلته لأنه سبب للموت، وكل ما يضمن به الآدمي يضمن به الصيد في الإحرام والحرم من مباشرة أو سبب كدلالة وإشارة وإعانة وكذلكما جنت دباته بيدها أو فمها فأتلفت صيداً فالضمان على راكبها أو قائدها أو سائقها المتصرف فيها، كما لو كان المتلف آدميا، وما جنته برجلها: أي نفحت بها فلا ضمان عليه فيه كذنبها بخلاف وطئها بها وتقدم في السادس من المحظورات، وإن انفلتت الدابة فأتلفت صيداً لم يضمنه كالآدمي إذا أتلفته لأن يده ليست

عليها إلا الضارية كما ذكروه في باب الغصب، وإن نصب المحرم شبكة أو نحوها فوقع فيها صيد ضمنه أو حفر المحرم بئراً بغير حق بأن حفرها في غصب أو طريق ولو واسعاً لنفع نفسه فوقع فيها

ص: 225

صيد ضمنه لعدوانه بحفرها، وإن نصب شبكة ونحوها كشَرك وفخ قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه لم يضمنه إن لم يتحيل، كما لو صاده قبل إحرامه وتركه في منزله فتلف بعد إحرامه وكذا إن حفر بئراً بحق فتلف بها صيد وأن نتف المحرم أو من بالحرم ريش الصيد أو شعره فعاد ما نتفه فلا شيء عليه فيه لأن النقص زال أشبه ما لو اندمل الجرح، فإن صار الصيد غير ممتنع بنتف ريشه ونحوه فكما لو جرحه جرحاً صار به غير ممتنع فعليه جزاؤه جميعه، وإن نتفه فغاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقصه، وإن اشترك جماعة في قتل صيد ولو كان بعضهم ممسكاً للصيد والآخر قاتلاً أو كان عضهم متسبباً كالمشير والدال والمعين والآخر قاتلاً فعليهم جزءاٌ واحد وإن كفروا بالصوم، روي عن عمر وابنه وابن عباس، لأن الجماعة إنما قتلوا صيداً واحداً فلزمهم مثله، وإذا اتحد الجزاء في المثل اتحد في الصوم لأنه بدله بخلاف ما إذا اشتركوا في قتل آدمي، وعن الإمام أحمد (على كل واحد جزاء) اختاره أبو بكر وفاقاً لأبي حنيفة، وقاله مالك في المشتركين ككفارة قتل الآدمي، والرواية الثالثة عن الإمام أحمد عليهم جزاءٌ واحد إلا أن يكون صوماً فعلى كل واحد صوم تام، ومن أهدى فبحصته وعلى الآخر صوم تام، نقلها الجماعة ونصرها القاضي أبو يعلى وأصحابه لأن الجزاء بدل لا كفارة لأن الله سبحانه عطف عليه الكفارة والصوم كفارة فيكمل ككفارة قتل الآدمي، والمذهب عليهم جزاء واحد وإن كفروا بالصوم، وإن اشترك حلال ومحرم في قتل صيد حرمى فالجزاء عليهما نصفان لاشتراكهما في التقل وإن تعددت جهة التحريم في أحدهما واتحدت في الآخر، وهذا الاشتراك الذي هذا حكمه هو الذي يقع فيه الفعل منهما معاً أو يجرحه أحدهما قبل الآخر ويموت منهما أي

من الجرحين بالسراية، فإن جرحه أحدهما وقتله الآخر فعلى

ص: 226