المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

النسكين عن واحد، فلو اعتمر لنفسه وحج عن غيره أو - مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام - جـ ١

[عبد الله بن جاسر]

الفصل: النسكين عن واحد، فلو اعتمر لنفسه وحج عن غيره أو

النسكين عن واحد، فلو اعتمر لنفسه وحج عن غيره أو اعتمر عن غيره وحج عن نفسه أو فعل ذلك عن اثنين بأن حج عن أحدهما واعتمر عن الآخر، وجب الدم بشرطه وهو على النائب إن لم يأذنا له في ذلك لأنه بسبب مخالفته، وإن أذنا فعليهما، وإن أذن أحدهما وحده فعليه النصف والباقي على النائب على ما ذكره في الشرح فيما إذا استنابه اثنان في النسكين فقرن بينهما لهما واستنابه واحد في أحد النسكين فقرن له ولنفسه، قال في الغاية وشرحها ويتجه، وكذا صوم وجب على نائب أحرم متمتعاً، فإن كان مأذونا له في التمتع فعلى مستنيبه، وإن كان بلا إذن فعليه، هذا إن كان نائباً عن واحد، وإن كان نائباً عن اثنين فأحرم متمتعاً بلا إذنهما فعليه أن يصوم العشرة أيام، وإن كان بإذنهما احتمل أن يصوم نائب الثلاثة وهما أي الآذنان السبعة، ويجبر الكسر فيصوم كل واحد أربعة أيام، لأن اليوم لا يتبعض في الصيام، واحتمل أن يصوم كل واحد منهما خمسة أيام لوجوب ذلك بسببهما وهو متجه انتهى.

--‌

‌ فصل:

ويلزم دم وتمتع وقران بطلوع فجر يوم النحر لقوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) أي فليهد، وحمله على أفعال الحج أولى من حمله على إحرامه كقوله (الحج عرفة) ، وعن الإمام أحمد رحمه الله تعالى رواية يجب الدم على المتمتع والقارن بإحرام الحج وفاقاً للحنفية والشافعية، وعن الإمام أحمد رواية بإحرام العمرة، قال ابن مفلح في الفروع: ويتوجه أن ينبني عليها ما إذا مات بعد سبب الوجوب يخرج عنه من تركته، وقال الشافعي في أظهر قوليه، وقال بعض أصحابنا: فائدة الروايات إذا تعذر الدم وأراد الانتقال إلى الصوم فمتى ثبت

ص: 113

التعذر ففيه الروايات، وأما وقت ذبحه فصرح أكثر الأصحاب أنه لا يجوز ذبحه قبل وجوبه.

قال في الفروع: وقال القاضي وأصحابه لا يجوز قبل فجر يوم النحر، وفاقا لأبي حنيفة ومالك فظاهره يجوز إذا وجب انتهى.

قال في الإنصاف هذا الحكم مع وجود الهدي أما مع عدمه فيأتي في كلام المصنف يعني الموفق في أثناء باب الفدية أن وقت وجوب صوم الثلاثة علة المتمتع والقارن وقت وجوب الهدي، ويجوز تقديمها بإحرام العمرة نص عليه وعليه أكثر الأصحاب انتهى.

قال الشيخ سليمان بن علي: ويلزمه بطلوع فجر يوم النحر، فإن طلع وهو موسر لزمه، وإن طلع وهو معسر فلا، ولو أيسر انتهى.

قلت صريح عبارة الأصحاب أن دم التمتع والقران يجب بطلوع فجر يوم النحر وعليه لا يلزم من وجوبه جواز ذبحه بطلوع الفجر لأن الأصحاب صرحوا في باب الهدي والأضاحي أن وقت ابتداء ذبح هدي التمتع والقران ونحوهما هو بعد صلاة العيد من يوم النحر أو بعد مضي قدرها في حق من لا صلاة في موضعه وذكروا أنه إن ذبح هديا أو أضحية قبل وقته المذكور لم يجزئه وصنع به ما شاء لأنه لحم وعليه بدل الواجب لبقائه في ذمته وهذا هو الصحيح، فإطلاق الأصحاب هنا يقيد بما هناك.

وعند الشافعية وقت وجوب دم التمتع إذا أحرم بالحج فإذا وجب جازت إراقته ولم يتوقت بوقت لكن الأفضل إراقته يوم النحر، ويجوز إراقته بعد الفراغ من العمرة وقبل الإحرام بالحج على الأصح عندهم ولا يجوز قبل التحلل من العمرة على الأصح عندهم، وأما الصوم فلا يجوز عندهم تقديمه على الإحرام بالحج ويأتي شيء من مذهبهم ومذهب غيرهم في باب الفدية إن شاء الله، ولا يسقط دم تمتع وقران بفساد نسكهما نص عليه لأن ما وجب الإتيان به في الصحيح وجب في الفاسد كالطواف وغيره، ولا يسقط دم تمتع وقران

ص: 114

أيضا بفوات الحج كما لو فسد ما لم يقضه على صفة أعلى وإلا سقط قال محمد الخلوتي.

قال في المنتهى وشرحه: وإذا قضى القارن قارنا لزمه دمان: دم لقرانه الأول ودم لقرانه الثاني انتهى.

قال الشيخ منصور في حاشيته على المنتهى: يعني إذا قضي القارن الذي فاته الحج قارنا لزمه دمان دم لقرانه الأول ودم لقرانه الثاني. وأما من أفسد قرانه فإنه يذبح فيه ما وجب به كالصحيح كما يعلم مما يأتي انتهى.

وإذا قضى القارن مفرداً لم يلزمه شيء لقرانه الأول لأنه أتى بنسك أفضل من نسكه فإذا فرغ من قضي مفرداً من الحج أحرم بالعمرة من أبعد الميقاتين اللذين أحرم في أحدهما بالقران وفي الآخر بالحج كمن فسد حجه ثم قضاه يحرم من أبعد الميقاتين، وإن لم يحرم بالعمرة من أبعد الميقاتين لزمه دم لتركه واجبا.

قال في المنتهى وشرحه: وإن قضى القارن مفرداً لم يلزمه شيء قال في حاشية المنتهى للشيخ منصور يعني لا لما فاته ولا لما أتى به لأنه انتقل إلى صفة أعلى وجزم بعضهم أنه يلزمه دم لقرانه الفائت لأن القضاء كالأداء قال في الفروع وهو ممنوع؛ فعلم أن قولهم لا يسقط الدم بفوات النسك ليس على إطلاقه ومقتضى كلامهم أن القارن إذا قضى متمتعاً لا يلزمه شيء للفائت لأنه انتقل إلى صفة أعلى، ولا للقضاء لأنه لا ترفه فيه بترك السفر إذ يلزمه بعد فراغ العمرة أن يحرم بالحج من أبعد الميقاتين، وأن المتمتع إذا قضى يلزمه دم لتمتعه الفائت على أي صفة قضاه لأنه لم يؤده على وجه أعلى، ودم آخر إن قضى متمتعاً أو قارنا لا مفرداً والله أعلم انتهى كلام الشيخ منصور في حاشيته، قلت لكن قوله وجزم بعضهم أنه يلزمه دم لقرانه الفائت لأن القضاء كالأداء غير وجيه؛ لأن هذا التعليل لا يطابق الواقع لأن القضاء هو الإفراد كالأداء غير وجيه؛ لأن هذا التعليل لا يطابق الواقع لأن القضاء هو الإفراد والأداء هو القران، ولو قال لأن الدم لا يسقط في الجملة بفوات النسك لصلح التعليل والتعبير والله أعلم.

ص: 115