المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بالحج من الميقات زيادة لا يستحق به شيئاً، وإن أمره - مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام - جـ ١

[عبد الله بن جاسر]

الفصل: بالحج من الميقات زيادة لا يستحق به شيئاً، وإن أمره

بالحج من الميقات زيادة لا يستحق به شيئاً، وإن أمره بالقران فأفرد أو تمتع صح ووقع النسكان عن الآمر ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام النسك الذي تركه من الميقات، وفي جميع ذلك إذا أمره بالنسكين ففعل أحدهما دون الآخر رد من النفقة بقدر ما ترك ووقع المفعول عن الآمر وللنائب من النفقة بقدره، وإن أمره بالحج فحج ثم اعتمر لنفسه أو أمره بعمرة فاعتمر ثم حج عن نفسه صح ولم يرد شيئاً من النفقة لأنه أتى بما أمر به على وجهه، وإن أمره بالإحرام من ميقات فأحرم من غيره

جاز لأنهما سواء في الأجزاء، وإن أمره بالإحرام من بلده فأحرم من الميقات جاز لأنه الأفضل، وإن أمره بالإحرام من الميقات فأحرم من بلده جاز لأنه زيادة لا تضر، وإن أمره بالحج في سنة أو بالاعتمار في شهر ففعله في غيره جاز لأنه مأذون فيه في الجملة انتهى. ويأتي في باب الإحرام مسائل في النيابة تناسب هذا الموضع وكذلك في الكلام عن رمي الجمار فلتراجع عند الحاجة.

--‌

‌ فصل:

ويشترط لوجوب الحج على المرأة شابة كانت أو عجوزاً مسافة قصر ودونها وجود محرم نصاً، قال الإمام أحمد، المحرم من السبيل، قال الشيخ محمد الخلوتي وهذا الشرط من قسم الاستطاعة لا شرط سادس، ويدل لذلك قول الإمام المحرم من السبيل انتهى، فمن لم يكن لها محرم لم يلزمها الحج بنفسها ولا بنائبها ويعايا بها فيقال: غني بالغ عاقل حر لا يجب الحج عليه. ويجاب عنها فيقال: هذا في المرأة إذا كانت غنية لكن ليس لها محرم فإن المقدم من الروايتين أنه لا يجب الحج عليها، ولا فرق بين حج الفرض والتطوع في اشتراط المحرم، ويعتبر

ص: 48

المحرم لكل ما يعد سفراً عرفاً، ولا يعتبر المحرم إذا خرجت في أطراف البلد مع عدم الخوف عليها لأنه ليس بسفر، والمحرم معتبر لمن لعورتها حكم وهي بنت سبع سنين فأكثر لأنها محل الشهوة بخلاف من دونها.

قال شيخ الإسلام: وإماء المرأة يسافرن معها ولا يفتقرن إلى محرم لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة ويتوجه في عتقائها من الإماء مثله على ما قاله شيخ الإسلام من أنه لا محرم لهن في العادة، ويحتمل عكسه لانقطاع التبعية وملك أنفسهن بالعتق، قال في الفروع: وظاهر كلامهم، أي الأصحاب، اعتبار المحرم للكل، أي الأحرار وإمائهن وعتقائهن لعموم الأخبار، وعدمه، أي المحرم للمذكورات كعدم المحرم للحرة الأصل فلا يباح لها السفر بغيره مطلقاً، ونقل الأثرم: لا يشترط المحرم في الحج الواجب قال أحمد لأنها تخرج مع النساء ومع كل من أمنته، وقال ابن سيرين تخرج مع مسلم لا بأس به، وقال الأوزاعي مع قوم عدول، وقال مالك مع جماعة من النساء، وقال الشافعي مع حرة مسلمة ثقة، وقال بعض أصحابه وحدها مع الأمن، والصحيح عندهم يلزمها مع نسوة ثقات ويجوز لها مع واحدة، وعند شيخنا تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال إن هذا متوجه في كل سفر طاعة وعنه لا يعتبر المحرم إلا في مسافة القصر وفاقاً لأبي حنيفة كما لا يعتبر في أطراف البلد مع عدم الخوف انتهى كلام صاحب الفروع ملخصاً، قال ابن المنذر: تركوا القول بظاهر الحديث واشترط كل واحد شرطاً لا حجة معه عليه انتهى كلام ابن المنذر.

قلت الصحيح من المذهب أن المحرم شرط للوجوب وعليه فلا يجب الحج على المرأة التي لا محرم لها كما قال الإمام أحمد رحمه الله: المحرم من السبل والمحرم المعتبر لوجوب النسك وجواز سفرها معه زوج، ويشترط فيه ما يشترط في غيره من العقل والبلوغ، وسمي الزوج محرماً مع حلها له لحصول المقصود من

ص: 49

صيانتها وحفظها به مع إباحة الخلوة بها، والمحرم أيضاً من تحرم عليه المرأة على التأبيد بنسب كالأب والابن والأخ والعم والخال، أو سبب مباح كزوج أمها وابن زوجها وأبيه وأخيها من رضاع لحرمتها، لكن يستثنى من سبب مباح نساء النبي صلى الله عليه وسلم فإنهن محمرات على غيره على الأبد ولسنا محارم لهن إلا من بينه وبينهن نسب أو رضاع محرم أو مصاهرة كذلك، وحكمهن وإن كان قد انقطع بموتهن لكن قصدنا بيان خصوصيتهن وفضيلتهن، وخرج بقولنا مباح أم الموطوءة بشبهة أو زنا وبنتها فليس الواطئ لهن محرماً لعدم إباحة السبب، وخرج بقولنا لحرمتها الملاعنة فإن تحريمها على الملاعن عقوبة وتغليظ لا لحرمتها فلا يكون الملاعن محرماً لها، ويعتبر أن يكون المحرم ذكراً فأم المرأة وبنتها ليستا محرماً لها، ويعتبر كونه بالغاً عاقلاً مسلماً فمن دون البلوغ والمجنون والكافر ليس محرماً لأن غير المكلف لا يحصل به المقصود من الحفظ، والكافر لا يؤمن عليها كالحضانة وكالمجوسي لاعتقاده حلها، قال في الفروع: ويشترط كن المحرم ذكراً مكلفاً مسلماً خلافاً لأبي حنيفة والشافعي انتهى، ولا تعتبر الحرية في المحرم فلو كان أبو المرأة أو أخوها من نسب أو رضاع أو ولد زوجها أو أبوه ونحوه عبداً لم يضر ذلك، والعبد ليس محرماً لسيدته نص عليه الإمام أحمد لأنها لا تحرم عليه أبداً، إذ لو أعتقته لجاز له أن يتزوجها ولأنه لا يؤمن عليها ولو جاز له النظر إليها، وعن الإمام أحمد رواية أن العبد محرم لسيدته، وقال صاحب المحرر ذكر القاضي في شرح المذهب أن مذهب أحمد أنه محرما وفقاً للشافعي، واختار

ابن عقيل ثبوت المحرمية بوطء الشبهة وهو ظاهر ما في التلخيص فإنه قال بسبب غير محمر، واختاره شيخ الإسلام وذكره قول أكثر العلماء لثبوت جمع الأحكام فيدخل في الآية بخلاف الزنا، قال الشيخ

ص: 50

يحيى بن عطوة التميمي المتوفى سنة 948 في بلد الجبيلة وهو تلميذ العسكري: يشترط في محرم المرأة أن يكون بصيراً انتهى. قلت لم أر من سبقه إلى ذلك من الأصحاب، وفي النفس من اشتراط ذلك شيء، والذي ينبغي القول به عدم اشتراط ذلك في المحرمية، والله أعلم.

ونفقة المحرم زمن سفره معها لأداء نسكها على المرأة لأنه من سبيلها، فيشترط لوجوب النسك عليها أن تملك زاداً وراحلة بآلتهما لها ولمحرمها، وأن تكون الراحلة وآلتها صالحين لهما على ما تقدم، فإن لمت تملك المرأة ذلك لها ولمحرمها لم يلزمها، قال الشيخ محمد الخلوتي في حاشيته على المنتهى ونفقة المحرم عليها زوجاً أو غيره لكن الذي يلزمها في جانب الزوج ما زاد على نفقة الحضر فيما يظهر فليراجع انتهى. قلت لا معنى لما ذكره الخلوتي هنا، والذي يظهر من إطلاقهم خلافه، وإنما يقال ذلك في مسألة أخرى وهي أن وجوب نفقة الزوجة على زوجها في السفر يكون بقدر نفقة الحضر وما زاد فعليها.

قال الشيخ منصور في شرح الإقناع: فيجب لها عليه بقدر نفقة الحضر وما زاد فعليها: أي إذا كان الذي معها زوجها وهذه مسألة أخرى. وتحقيق ذلك أن نقول: الزوجة تلزمها نفقة زوجها زمن سفره معها لأداء نسكها حيث كان محرماً لها سواء زادت على نفقة الحضر أم لم تزد، كما أن الزوج يلزمه نفقة زوجته بقدر نفقه الحضر لا غير وما زاد فعليها. إذا تقرر هذا اتضح لك أن عبارة الشيخ منصور في شرح الإقناع قد خرج فيها عن موضوع المسألة التي جرى التفريع عليها، وأن عبارة الشيخ الخلوتي في حاشيته على المنتهى قد فيها ما أطلقه الأصحاب من وجوب نفقة المحرم على المرأة في السفر زوجاً أو غيره، والله ولي التوفيق، قال في الغاية: ويجوز لها أن تتزوج من يحج بها انتهى، ولا يلزم المحرم مع بذلها الزاد والراحلة وما يحتاجه سفر معها للمشقة كحجة عن نحو كبيرة

ص: 51

عاجزة، قال المحب بن نصر الله: مفهوم كالمهم أنه إذا كان مسافراً معها وامتنع من صحبتها لزمه ذلك لعدم المشقة انتهى، وتكون إن امتنع محرمها من سفره معها كمن لا محرم لها فلا وجوب عليها وظاهر كلامهم لا يلزمها أجرة له. وفي الفروع: ويتوجه أن يجب له جرة مثله لا النفقة كقائد الأعمى ولا دليل يخص وجوب النفقة انتهى، والمذهب ما تقدم من وجوب نفقته عليها، قال في المنتهى وشرحه: ومن أيست منه أي المحرم استنابت من يفعل النسك عنها ككبير عاجز، فإن وجدت بعد فحكمها كالمعضوب، والمراد أيست بعد أن وجدت المحرم وفرطت بالتأخير حتى فقد لما قدمناه من نص الإمام انتهى.

قلت نص الإمام الذي أشار إليه هو قوله المحرم من السبيل وعليه ولا يجب الحج عليها ولو كانت غنية إذا لم تجد محرماً، وقوله فحكمها كالمعضوب: أي في إجزاء الحج عنها لأن المعضوب إذا استناب لعجزه ثم عوفى بعد حج النائب عنه يجزئه، وعلى القول المقابل للمذهب منن أن وجود المحرم شرط للزوم الأداء لا للوجوب فإنها إذا أيست من المحرم يلزمها أن تستنيب من يؤدي النسك عنها، سواء وجدت المحرم قبل ذلك وفرطت بالتأخير حتى فقد أو لم تجد محرماً أصلاً، ويعايا بها، فيقال: شخص صحيح قوي يستطيع الثبوت على الراحلة يجوز له أن يستنيب في حجة الإسلام، وجوابها أن يقال هذا في المرأة إذا أيست من المحرم، وقلنا إنه شرط للزوم الأداء على الرواية التي هي مقابل المذهب أو على المذهب من أن المحرم شرط للوجوب إذا كانت قد وجدته وفرطت بالتأخير حتى عدم، فإن عليها أن تستنيب من يؤدي النسك عنها، والله أعلم.

قال الشيخ محمد الخلوتي: قال في المنتهى: ومن أيست منه استنابت، حَمَله ولده الموفق على من وجدت المحرم أولاً ثم عدمته، وليس مبنياً على القول بأن المحرم شرط للزوم الأداء فإن المنصف يعني الشيخ

ص: 52

الفتوحي قد مشى سابقا على الصحيح من أنه شرط للوجوب لا للزوم الأداء وبيَّن في شرحه أن مما ينبني على هذا القول أن من لم تجد محرماً لا يلزمها الحج بنفسها ولا بنائبها، وعبارته هنا بدون هذا الحمل ظاهرة في القول بالقول الضعيف وعبارة شيخنا في حاشيته لا تخلو عن تعقيد انتهى كلام الخلوتي، وعبارة شيخه الشيخ منصور التي أشار إليها هذا نصها: قوله ومن أيست منه أي المحرم استنابت، هذا محمول على ما إذا وجدت المحرم ثم عدمت كما قال ولده الموفق، وإلا فمبني على أن المحرم شرط للزوم الأداء لا للوجوب كما يعلم من كلامه في أول الفصل في شرحه يعني شرح الفتوحي على المنتهى؛ وحكايته: نص الإمام انتهى كلام منصور، ومراده بنص الإمام هو قول أحمد المحرم من السبيل. قلت: ففي كلام الشيخ منصور نوع تعقيد كما قاله تلميذه ابن أخته محمد الخلوتي، ولو قال الشيخ منصور هذا محمول على ما إذا وجدت المحرم ثم عدمت، كما قال ولده الموفق، وكما يعلم من كلامه في أول الفصل في شرحه وحكايته نص الإمام، وإلا فهو مبني على القول بأن المحرم شرط للزوم الأداء لا للواجب، لسلم من التعقيد الذي أشار إليه الخلوتي والله أعلم.

وإن حجت امرأة بدون محرم حرم سفرها بدونه وأجزأها حجها وفاقاً للأئمة الثلاثة كمن حج وترك حقاً يلزمه من نحو دين فإنه يحرم عليه ذلك ويجزئه الحج، لكن على الصحيح من المذهب لا رخصة له فلا قصر ولا فطر لأن السفر محرَّم، وإن مات محرم سافرت معه بالطريق فإن كان مات قريباً رجعت لأنها في حكم الحاضرة، وإن كان مات بعيداً مضت في سفرها للحج، لأنها لا تستفيد برجوعها شيئاً لأنه بغير محرم ولو مع إمكان إقامتها ببلد، لأنها تحتاج إلى الرجوع ولم تصر محصرة إذ لا تستفيد بالتحلل زوال ما بها كالمريض، لكن إن كان حجها تطوعاً وأمكنها الإقامة ببلد فهو

ص: 53

أولى من السفر بغير محرم، وقال في المنتهى: وإن مات بالطريق مضت في حجها ولم تصر محصرة انتهى، وقال في الإقناع وإن مات المحرم قبل خروجها لم تخرج، وإن مات بعده، فإن كان قريباً رجعت، وإن كان بعيداً مضت ولم تصر محصرة انتهى، قال الشيخ عثمان بن قائد النجدي: فبين عبارة الإقناع والمنتهى تخالف بالإطلاق والتقييد، ولم ينبه الشيخ منصور في شرح المنتهى على ذلك انتهى. قلت لأن صاحب المنتهى أطلق مضيها إذا مات، وصاحب الإقناع قيده بما إذا كان بعيداً والله أعلم، وقد ذكر صاحب المنتهى والإقناع وغيرهما في باب العدد تفاصيل جيدة فيما إذا كان المحرم المتوفى زوجاً فليراجع في محله عند الحاجة إليه، وعلى القول برجوعها إذا مات محرمها قريباً فهو فيما إذا أمكنها الرجوع، وإلا بأن كانت في سيارة فيها ركاب سواها أو بابور بري أو بحري أو طائرة مثلاً، فإنها في هذه الحالة لا تتمكن من الرجوع في الغالب إذا مات محرمها، وحينئذ لا إثم عليها إذا لم ترجع للعذر، وكذلك فيما يظهر لو تمكنت من الرجوع، ولكنها خشيت في رجوعها بغير محرم انفراد فاسق بها في الطريق أو عدم الاهتداء إليه أو ضرراً يلحقها في بدنها أو مالها، فإنه لا يلزمها الرجوع ولو كانت دون مسافة قصر، والله أعلم.

(تتمة) يصح حج المغصوب على الحج وأجير الخدمة والمكاري والتاجر، قال بعض المفسرين في قوله تعالى:(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) هو النفع والربح في التجارة، وكان ناس من العرب يتأثمون أن يتجروا أيام الحج، وإذا دخلت عشر ذي الحجة كفوا عن البيع والشراء فلم يقم لهم سوق، ويسمون من يخرج للتجارة الداج، ويقولون هؤلاء الداج وليسوا بالحاج، وقيل كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية يتجرون فيها أيام الموسم،

ص: 54

وكانت معايشهم منها فلما جاء الإسلام تأثموا فرفع عنهم الجناح في ذلك وأبيح لهم، وإنما يباح ما لم يشغل عن العبادة، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال له إنا نكرى في هذا الوجه وإن قوما يزعمون أن لا حج لنا، فقال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما سألت عنه، فلم يرد عليه حتى نزلت:(ليس عليكم جناحٌ أن تبتغوا فضلا من ربكم) فدعا به فقال أنتم حجاج.

وعن عمر رضي الله عنه أنه قيل له هل كنتم تكرهون التجارة في الحج؟ فقال وهل كنت معايشنا إلا من التجارة في الحج. انتهى. قال في المصباح: عكاظ وزان غراب: سوق من أعظم أسواق الجاهلية وراء قرن المنازل بمرحلة من عمل الطائف، وقال أبو عبيد: هي صحراء مستوية لا جبل بها ولا علم، وهي بين نجد والطائف وكان يقام فيها السوق في ذي القعدة نحوا من نصف شهر، ثم يأتون موضعاً دونه إلى مكة يقال له سوق مجنة فيقام فيه السوق إلى آخر الشهر، ثم يأتون موضعاً قريباً منهن يقال له ذو المجاز فيقام فيه السوق إلى يوم التروية، ثم يصدرون إلى منى، والتأنيث لغة الحجاز، والتذكير لغة تميم انتهى كلام صاحب المصباح، قال في القاموس: وذو المجاز سوق كانت لهم على فرسخ من عرفة بناحية كبكب انتهى. قال الأزرقي: مجنة سوق بأسفل مكة على بريد منها وهي سوق لكنانة وأرضها من أرض كنانة وهي التي يقول فيها بلال رضي الله عنه.

وهل أردن يوما مياه مجنة: وذو المجاز سوق لهذيل عن يمين الموقف من عرفة قريب من كبكب على فرسخ من عرفة انتهى. وقد حصل في عكاظ أربعة أيام في الجاهلية بين قريش

ص: 55

وبين هوازن وهي: يوم شمطة ويوم العبلا ويوم يثرب ويوم الحريرة، وهذه المواضيع معروفة الآن وهي قريبة من مطار الطائف فيستدل على موضع عكاظ بهذه المواضع الأربعة، والله أعلم.

إذا تقرر هذا فإن الحج من المغصوب والأجير والتاجر صحيح ولا إثم، نص على ذلك الإمام أحمد وفاقاً للأئمة الثلاثة، قال في الفصول والمنتخب: والثواب بحسب الإخلاص، قال أحمد: ولو لم يكن تجارة كان أخلص انتهى.

ولهذا ذكر في الإقناع والمنتهى وغيرهما أنه متى نوع مع نية الصوم هضم الطعام مع نية الحج التجارة أو رؤية البلاد النائية أن ذلك ينقص من الأجر، وهذا مع عدم تمحض النية كلها لذلك فإن تمخضت لذلك فعبادة باطلة فيجب على كل مسلم أن يخلص أعماله لله جل وعلا، قال الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن رجب: الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض صلاة وصوم، وقد يصدر في نحو صدقة وحج، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وقال إن شارك الرياء العمل من أصله فالنصوص الصحيحة على بطلانه، وإن كان أصل العمل لله ثم طرأ عليه خاطر الرياء ودفعه لم يضر بلا خلاف، وإن استرسل معه فخلاف، رجح أحمد أن عمله لا يبطل بذلك انتهى، وإن حج على حيوان مغصوب ومثله سيارة مغصوبة أو بما مغصوب، عالماً ذاكراً لذلك وقت حجه لم يصح وإلا صح، وما أحسن ما قال بعض الفضلاء في هذين البيتين:

إذا حججت بمال أصله سحت

فما حججت ولكن حجت العير

ما يقبل الله إلا كل صالحة

ما كل من حج بيت الله مبرور

قال الشيخ مرعي في غايته: ولو تاب من ذلك في الحج قبل الدفع من عرفة أو بعده إن عاد فوقف في الوقت مع تجديد إحرام. إن حجة يصح لتلبسه بالمباح

ص: 56