المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

--‌ ‌ فصل: ووقت ذبج فدية الأذى واللبس ونحوهما كتغطية الرأس والطيب - مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام - جـ ١

[عبد الله بن جاسر]

الفصل: --‌ ‌ فصل: ووقت ذبج فدية الأذى واللبس ونحوهما كتغطية الرأس والطيب

--‌

‌ فصل:

ووقت ذبج فدية الأذى واللبس ونحوهما كتغطية الرأس والطيب وما ألحق بذلك من المحظورات حين فعل المحظور، وله الذبح قبله إذا أراد فعله لعذر ككفارة اليمين ونحوها، وكذلك ما وجب لترك واجب من واجبات الحج يكون وقته من ترك ذلك الواجب: ولو أمسك صيداً أو جرحه ثم أخرج جزاءه ثم تلف المجروح أو الممسك أو قدَّم من أبيح له الحلق فيدته قبل الحلق ثم حلق أجزأه، ودم الإحصار يخرجه حيث أحصر من حل أو حرم، نص عليه أحمد لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في موضعه بالحديبية وهي من الحل، ودل على ذلك قوله تعالى:(وصدوركم عن المسجد الحرام والهدي معكوفاً أن يبلغ محله) ولأنه موضع حله فكان موضع نحره كالحرم، وأما الصيام والحلق فيجزئه بكل مكان فلا يختص بالحرم لقول ابن عباس رضي الله عنهما: الهدي والإطعام بمكة والصوم حيث شاء، ولأنه لا يتعدى نفعه إلى حد فلا معنى لتخصيصه بمكان بخلاف الهدي والإطعام، والدم المطلق يجزيء فيه شاة كأضحية فيجزيء الجذع من الضأن وهو ما تم له ستة أشهر أم الثني من المعز، وهو ما تم له سنة، أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة لقوله تعالى في المتمتع:(فما استيسر من الهدي) .

قال ابن عباس رضي الله عنهما: شاة أو شرك في دم، وقوله في فدية الأذى:(ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) . وفسره صلى الله عليه وسلم في حديث كعب بن عجرة بذبح شاة، وما سوى هذين مقيس عليهما، وأما إذا قيد الدم بنحو بدنة تقيد بذلك فيجب بعينه، فإن ذبح من وجوب عليه دم مطلق بدنة أو بقرة، فهو أفضل مما تقدم لأنها أوفر لحماً وأنفع للفقراء، وتجب كلها لأنه اختار الأعلى لأداء فرضه

ص: 215

فكان كله واجباً كالأعلى من خصال الكفارة إذا اختاره، ولا يقال: إن سُبعها يكون واجباً فقط والباقي تطوع، له أكله وهديته كما قال في بعض العلماء، وقيل يلزمه سبعها فقط والباقي له أكله والتصرف فيه كذبحه سبع شياه، قال ابن أبي المجد: فإن ذبح بدنة لم تلزمه كلها في الأشهر، قال ابن اللحام في قواعده: وينبغي أن يبنى على الخلاف زيادة الثواب فإن ثواب الواجب أعظم من ثواب التطوع انتهى، قال مرعي في غايته: وتجب كلها ويتجه إن كانت كلها ملكه انتهى، ومن وجبت عليه بدنة أجزأته عنها بقرة لقول جابر:(كنا ننحر البدنة عن سبعة، فقيل له: والبقرة؟ فقال: وهل هي إلا من البُدن) ، رواه مسلم كعكسه، أي إجزاء البدنة عن البقرة، ولو كان ذبح البقرة عن البدنة أو بالعكس في جزاء صيد ونذر مطلق، فإن نوى شيئاً بعينه لزمه ما نواه، قال ابن عقيل، ويجزئه عن كل واحدة من البدنة والبقرة سبع شياه ولو في نذر أو جزاء صيد قدمه في الشرح، ويجزئه عن سبع شياه بدنة أو بقرة، سواء وجد الشياه أو عدمها في جزاء الصيد وغيره، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتمتعون فيذبحون البقرة عن سبعة، ولحديث جابر:(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة) . رواه مسلم، وذكر جماعة إلا في جزاء الصيد فلا تجزئ بدنة عن بقرة، ولا عن سبع شياه، والمذهب الإجزاء كما تقدم.

ووقت ذبح هدي نذر أو تطوع أو هدي متعة أو قران كوقت أضحية من بعد مقدار صلاة العيد فلا يجزئ قبل ذلك، وتقدم في باب الإحرام في فصل: ويلزم دم تمتع وقران بطلوع فجر يوم النحر الخلاف في ذلك فليراجع عند الحاجة. وسن أكله وتفرقته من هدي تطوع غير عاطب، ولا يأكل من هدي واجب

ص: 216

بفعل محظور في حرم أو إحرام كلبس ووطء، أو واجب لترك واجب من واجبات الحج أو لفوات حج ونحو ذلك غير دم متعة أو قران فله الأكل منهما نص عليه أحمد، لأن سببهما غير محظور فأشبها هدي التطوع، فإن أكل مما ليس له الأكل منه ضمن ما أكله بمثله لحماً ويعطيه إلى الفقراء، ويجوز لرفقته الأكل منه إذا كانوا فقراء بخلاف ما إذا عطب الهدي بالطريق واجباً كان أو تطوعاً أو عجز عن المشي صحبة الرفاق فإنه يذبحه موضعاً وجوباً ليأخذه الفقراء، ويحرم أكله وأكل خاصته منه ولو فقراء، وإنما منع المهدي ورفقته من الأكل من الهدي العاطب لئلا يقصروا في حفظه فيعطب ليأكل هو ورفقته منه فتلحقه التهمة في عطبه لنفسه ورفقته، قال في الإنصاف: وقد صرح الأصحاب بأن الرفقة: الذين معه ممن تلزمه مؤنته في السفر ويأتي الكلام على هذا مستوفى في باب الهدي والأضاحي إن شاء الله تعالى.

(فائدة) : قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكل ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فإنه هدي، سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم، ويسمى أيضاً أضحية بخلاف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنه أضحية وليس بهدي كما في سائر الأمصار، فإذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك إن اشتراه بالحرم فذهب به إلى التنعيم، وأما إذا اشترى الهدي من منى وذبحه فيها ففيه نزاع، فمذهب مالك أنه ليس بهدي، وهو منقول عن ابن عمر، ومذهب الثلاثة أنه هدي وهو منقول عن عائشة انتهى.

(تتمة) : وجوب دم التمتع عن الشافعة إذا أحرم بالحج فإذا وجب جاز إراقته عندهم ولم يتوقت بوقت، لكن الأفضل إراقته يوم النحر، ويجوز إراقته

ص: 217