الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحل على صيد بالحل فقتله أو غيره في الحل أو فعل ذلك سهمه، إلخ لأن سبب القتل وهو نهش الكلب أو إصابة السهم حصل بالحرم، وهو دفع لما عساه أن يتوهم من حل كل ما كان غير مضمون مع أنه ليس على إطلاقه بل ما كان منه سبب موته بالحرم لا يحل كما أن جميع ما كان مضموناً لا يحل فتدبر انتهى. وقال ابن مفلح في الفروع، ويحرم الصيد في هذه المواضع ضمنه أولا؛ لأنه قتل في الحرم ولأنه سبب تلفه انتهى.
قال في المغني والشرح: لو رمى الحلال من الحل صيداً في الحل فجرحه وتحامل الصيد فدخل الحرم فمات حل أكله ولا جزاء فيه لأن الذكاة في الحل فأشبه ما لو جرح صيداً ثم أحرم فمات الصيد بعد إحرامه ويكره أكله لموته في الحرم انتهى.
قال في شرح المنتهى: ويحل ما جرحه من بالحل في الحل ومات في الحرم كما في الإقناع انتهى، فأطلق في الإقناع وشرح المنتهى إباحة أكله من غير تقييد بكراهة، وهذه المسألة لا يشملها قولهم: ولا يحل ما وجد سبب موته بالحرم لأن سبب الموت في هذه المسألة وهو جرح الصيد حصل بالحل لا بالحرم، والله أعلم.
--
فصل:
ويحرم قطع شجر الحرم المكي حتى ما فيه مضرة كشوك وعوسج بفتح العين والسين المهملتين معروف ذو شوك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (ولا يعضد شجرها)، وقال أكثر الأصحاب: لا يحرم ما فيه مضرة كشوك وعوسج لأنه مؤذٍ بطبعه كالسياع ذكره في المبدع، ويحرم قطع حشيش الحرم لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يختلى خلاها) حتى شوك وورق وسواك ونحوه ويضمن القاطع ذلك كما يأتي إلا اليابس من شجر وحشيش وورق ونحوها
لأنه بمنزلة الميت، وإلا ما زال بفعل غير آدمي فيجوز الانتفاع به نص عليه لأن الخبر في القطع وإلا ما انكسر ومل يبن أي ينفصل فإنه كظفر منكسر، وإلا الإذخر لقول العباس:(يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم قال: إلا الإذخر) وهو بكسر الخاء والهمزة: نبت طيب الرائحة، والقين الحداد، وإلا الكمأة والفقع لأنهما ليسا بشجر ولا حشيس، والفقع نوع من الكمأة وهو الأبيض الرخو، وإلا الثمرة لأنها تستخلف، وإلا ما زرعه آدمي من بقل ورياحين وزرع وشجر غرس من غير شجر الحرم فيباح أخذه والانتفاع به لأنه مملوك الأصل كالأنعام وقوله صلى الله عليه وسلم:(ولا يقطع شجرها) المراد ما لا يملكه أحد لأن هذا يضاف إلى مالكه، ويباح رعي حشيش الحرم، لأن الهدايا كانت تدخل الحرم فتكثر فيه، ولم ينقل سد أفواهها، ولدعاء الحاجة إليه أشبه قطع الإذخر، بخلاف الاحتشاش لها فإنه لا يجوز.
قال الجوهري: الحشيش والهشيم: اليابس من الكلأ والخلا مقصور، والعشب: الرطب منه، قال ابن نصر الله البغدادي في حواشي المحرر: فكان ينبغي للمصنف أن يقول في رعي عشبه لأن الحشيش دخل في قوله إلا اليابس، وكأن المصنف أطلق اسم الحشيش على الرطب تجوزاً باعتبار ما يئول إليه انتهى.
ويباح انتفاع بما زال من شجر الحرم أو انكسر من أغصانه بغير فعل آدمي نصاً ولو لم يبن أي ينفصل لتلفه فصار كالظفر المنكسر وتقدم، ويجوز الانتفاع بالورق الساقط، وإذا قطع الآدمي ما يحرم قطعه من شجر الحرم وحشيشه ونحوه حرم انتفاعه به، وحرم انتفاع غيره به لأنه ممنوع من إتلافه لحرمة الحرم فإذا قطعه من يحرم عليه لم ينتفع به كصيد ذبحه محرم لا يحل له ولا لغيره، ومن قطع شجر الحرم وحشيشه ونحوه ضمن الشجرة الكبيرة والمتوسطة عرفا ببقرة وضمن الصغيرة عرفا بشاة لما روي عن ابن عباس
(في الدوحة بقرة وفي الجزلة شاة) وقاله عطاء، والدوحة الشجرة العظيمة والجزلة الصغيرة، ويخير من وجب عليه جزاء شجر الحرم وحشيشه وصيده بين الشاة أو البقرة فيذبحها ويفرقها أو يطلقها لمساكين الحرم وبين تقويم البقرة أو الشاة بدراهم ويفعل بقيمتها كجزاء صيد بأن يشتري بها طعاماً يجزئ في فطرة فيطعم كل مسكين مدبر أو نصف صاع من غيره، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً، ويضمن الحشيش والورق بقيمته نص عليه الإمام أحمد لأن الأصل وجوب القيمة ويتخير فيها كجزاء صيد لا مثل له ويفعل بالقيمة كما سبق، ويضمن الغصن بما نقص أصله كأعضاء الحيوان وكما لو جنى على مال آدمي فنقص، وبفعل بأرشه كما مر، فإن استخلف الغصن والحشيش والورق ونحوه سقط الضمان كما لو قطع شعر آدمي ثم نبت أو ريش صيد فعاد.
وكذا لو رد شجرة قلعها من الحرم إليه فنبتت فلا ضمان عليه لأنه لم يتلفها ويضمن نقصها إن نبتت ناقصة لتسببه فيه، وإن قلع شجرة من الحرم فغرسها في الحل لزمه ردها إلى الحرم لإزالة حرمتها فإن تعذر ردها أو يبست ضمنها لأنه أتلفها، أو قلعها من الحرم فغرسها في الحرم فيبست ضمنها فإن قلع الشجرة المنقولة من الحرم إلى الحل غير الغارس لها بالحل ضمنها القالع وحده لأنه المتلف لها.
قال في الغاية: فلو قلعها غيره من الحل ضمنها الغير، ويتجه مع إمكان رد لا بدونه وأنه ينتفع بها إذا انتهى، ويضمن من نفر صيداً من الحرم فخرج إلى الحل فقتله غيره فيه لتفويت المنفر حرمته بإخراجه إلى الحل ولا ضمان على قاتله بالحل، قال مرعي في الغاية: ويتجه مع قصد تنفير انتهى، يعني أن من نفر صيداً من الحرم إلى الحل فقتله غيره يضمن مع قصد التنفير. وهذا الاتاه وجيه لأنه إذا لم يقصد تنفيره لا يكون مؤاخذاً به، والله أعلم.
ويضمن من أخرج صيداً من الحرم إلى الحل إذا قتل به إن لم يرده إلى